34. لقد ثبت أن تأسيس و نشاط بامِه طوال هذه السنوات كان قراراً ذي أهمية كبيرة. حيث تأسست الجبهة بمبادرة من الشيوعيين الذين يطورون نشاطاً طليعياً في الحركة النقابية، وهي عبارة عن تجمع طبقي لاتحادات و مراكز عمالية و نقابات و نقابيين في صراع ضمن اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكار، و تشكل مكسبا كبيراً للحركة وفق تقديرنا المسجَّل في المؤتمر اﻟ20.
إن تطور مسارها ونطاقها مهم. فقد أصبحت نقطة مرجعية تعبر عن ضرورة إعادة التنظيم والهجوم المضاد للحركة النقابية العمالية، و عن ضرورة وجود قطب طبقي متميز في صراع مع نقابيي أرباب العمل والحكومة و خط التيار الانتهازي.
و عند تأسيسها عام 1999 حضر في اجتماع نقابيين أجري في استاد السلام والصداقة تمثيل 230 نقابة أولية و 18 منظمة ثانوية واتحاد ومركز عمالي.
و تضم بامِه اليوم بعد مؤتمرها الرابع المنعقد على المستوى الوطني عام 2016، 335 نقابة أولية و 25 منظمة ثانوية (9 اتحادات و 16 مركز عمالي). ومع ذلك، لا ينبغي أن يخلق هذا المسار الإيجابي أي اطمئنان، لأن هذا لا ينفي واقع تراجع جماهيرية النقابات والمشاكل المتواجدة في وظيفتها و نشاطها.
هذا و أنجزت خلال السنوات الماضية خطوات جادة لمواجهة رؤى و عادات و ظواهر تكتلية عفا عليها الزمن، مع توضيح خاصية بامِه في المقام الأول لدى القوى الحزبية، باعتبارها جبهة حشد لنقابات و نقابيين على المستوى الوطني على أساس إطار صراع تمت صياغته و يجري إثرائه وفق التطورات. هناك خبرة غنية ولكن المطلوب هو وجود توجه مستقر في جميع الهيئات الإرشادية و المنظمات الحزبية القاعدية و المجموعات الحزبية، لمواجهة الأخطاء والترددات والتأخيرات التي تحاصر الزخم الموجود نظراً لوضع الحركة العمالية النقابية ذاتها.
و على الرغم من حل مسائل تنظيمية مثل تحديد موقع إنشاء الأمانات المحلية للجبهة وما إذا كان سيتم تشكيلها، وأنها ليست بديلاً عن النقابات، فلا تزال هناك مشاكل في وجود و وظيفة الأمانات القطاعية التي تم إنشاؤها في السنوات السابقة. بإمكاننا اليوم مواجهة مثل هذه المشاكل بنحو أفضل.
إن مسؤولية كوادر و أعضاء الحزب الشيوعي اليوناني المنتخبين في هيئات النقابات العمالية و الناشطين فيها، تعزيز دور هذه النقابات المنضوية ضمن بامِه، من أجل ترسيخ و توسيع الجبهة باعتبارها تجمعاً طبقياً في الحركة النقابية وفق شروط عمليات جماعية، بمشاركة فاعلة من العاملين على ألا تقتصر على الإطار الخانق الذي تفرضه سيطرة الدولة على العمل الجماهيري. من أجل ضمان وظيفة و نشاط النقابات و لإنضاج و تأكيد انضمامها إلى بامِه من خلال نشاطنا الخاص و لتعميق اتفاقها مع خط الصراع في توجه مناهض للرأسمالية.
و يجب أن نأخذ في الاعتبار، واقعة وجود آراء مختلفة وبالطبع خلافات و مواقف مسبقة و التباسات لدى جميع أعضاء النقابة التي اتخذت قراراً جماعياً بالمشاركة في بامِه. و ذلك حتى هناك حيث يمتلك الشيوعيون موقع الأغلبية أو القوة الأولى، فليس من الصواب تفسير ذلك كوجود اتفاق كامل مع إطار و خط بامِه، و حتى لو كان النظام الداخلي للنقابة يعترف بمبدأ الصراع الطبقي ويقبل إلغاء الاستغلال باعتباره هدفاً معلناً له.
ضروري هو عمل الشيوعيين من أجل معالجة المواقف والشعارات في كل قطاع، في كل نقابة، و من أجل صياغة المطالب والحجج المناسبة وإطار الصراع و تخطيط النشاط، واختيار الأشكال المناسبة للصراع، أيضاً داخل النقابات المشاركة في بامِه. و هناك متطلبات أكبر في النقابات التي لا تنضوي ضمن بامِه، كما و في منظمات نقابية يشكل الشيوعيون أقلية بها أو ليس لديهم ممثلون وأكثر من ذلك بكثير في مواقع عمل ليس لها تمثيل نقابي. و ذلك من اجل إدراك وفصل النقد الممارس تجاه آراء العمال، عن النقد الممارس ضد قيادات نقابيي أرباب العمل و الحكومة أو حتى ضد خط القوى الانتهازية، لأنك في الحالة الأولى لا تتوجه نحو الخصم الطبقي، بل إلى عمال و عاملات لهم مصلحة في الصدام مع الرأسماليين و دولتهم و في الكفاح معنا من أجل إسقاط الرأسمالية.
ضروري بعد انقضاء 21 عاماً على تأسيس بامِه هو الاستمرار عبر مبادرات جديدة ذات أهداف و خطة، بنحو مركزي و على مستوى القطاعات، لكي نغدو و باضطراد أكثر قدرة من خلال العمل في الحركة النقابية العمالية، و لنسهم في جعل بامِه الحامل الرئيسي للحركة لتعبر عن قطاعات أوسع من الطبقة العاملة. أي لتتوسع عبر معارك لحيازة أغلبيات في نقابات جديدة و اتحادات و مراكز عمالية، مع خطة لإكساب النقابات طابعا جماهيريا و تأسيس نقابات جديدة، وتنظيم جماهير جديدة من الطبقة العاملة، وتعزيز نفوذ الجبهة بنحو أبعد مع جذب نقابات- لا يمتلك أغلبيتها الشيوعيون- نحو الكفاح المشترك. على أن يكون كل هذا في ترابط مع قيام التدخل الأيديولوجي السياسي للشيوعيين في موقع العمل و فرداً فرداً من أجل كسب قطاعات الطبقة العاملة بثبات مع سياسة الحزب الشيوعي اليوناني و فكاكها من الأيديولوجيا والسياسة المسيطرتين.
إن فهم هذه المسألة هو شرط لمواجهة خطر قائم، و هو وجود تهاون وتوافق في الهيئات الإرشادية و المجموعات الحزبية، تحت وطأة تراجع الحركة من أجل قيام خطوات صغيرة جداً في جمهرة النقابات و توسيع بامِه بانضمام نقابات جديدة.
35. اتخذت النقابات العمالية المشاركة في بامِه مبادرات أدت إلى قيام نشاط مشترك مع نقابات أخرى غير منضوية ضمنها، حول جبهات كبيرة للصراع، و هي واقعة أظهرت إمكانيات جديدة. و في إجمال المبادرات المتخذة، كان عدد النقابات من خارج بامِه التي قررت المشاركة في نشاط مشترك، 165 نقابة . هذا و وصل التنسيق الكفاحي إلى نقطة إجراء إضرابات عامة أربع مرات في السنوات الأخيرة، بقرارات نقابات و منظمات نقابية من الدرجة الثانية، مع التغلُّب على الموقف التقويضي السافر لكسر الإضراب من جانب أغلبية إدارة الكونفدرالية العامة لعمال اليونان. حيث تشكِّل هذه المحاولة و النشاط المشترك مع التجمعات الجذرية ضمن حركات المزارعين و العاملين لحسابهم الخاص و النساء و الشباب، عامل إيقاظ وضغط على النقابات العمالية التي تعارض فيها غالبية القوى ضرورة التوجه الطبقي أو لا تفهمها.
إن استمرار وجود طيف من نقابات و حوامل جماهيرية حول بامِه (دون أن تنضوي ضمنها) و الحفاظ عليه عبر قيام عمليات جماهيرية و صراع و محاولة مستمرة، و تخطيط حسب القطاع والمنطقة، هو أمر ضروري. حيث ستكون هذه النقابات أكثر و أقل أحياناً، مع سعينا جعل كل مبادرة للحركة الطبقية موضوع صراع مع القوى الأخرى من أجل خلق صدوع.
ومع ذلك، فهناك حالات مع نقابات تشكل القوى ذات التوجه الطبقي أقلية ضمنها، والتي لا يجري فيها أي عمل في هذا الاتجاه، و ذلك نظراً لوجود اعتقاد بإن اقتراح اللقاء مع بامِه سيلاقي الرفض أو إذا تم اتخاذ قرار إيجابي ذي صلة، فهو سوف يمنح اللقاء فرصة لتبييض سمعة قوى أرباب العمل و رفع مستواها و هي تلك المسؤولة عن وضع الحركة القائم. و في نهاية المطاف، فإن هذا الموقف يحجم الصراع و يضعفه ويضع عقبات من الناحية العملية أمام التنفيذ الموحد للتوجه القائل بتوجيه ضربة لنقابيي أرباب العمل والحكومة.
إننا نسعى عبر نشاط مخطط إلى حشد نقابيين و نقابات، حيثما أمكن، من خلال قرارات جماعية، ولكن أيضاً من أجل الكشف عن القوى التي تعرقل تنظيم صراعهم أو التي تحاول إخضاع محتواه وخوضه إلى مصالح رأسمالية. هذا هو الأسلوب الأكثر جوهرية من أجل استخلاص العمال لاستنتاجات من تجربتهم الخاصة، وهي عملية بالطبع لا تكفي وحدها لإنضاج وعي عمالي ثوري، ولكنه مقدمة هامة لذلك.
لكي يُخاض الصراع ضد خط أرباب العمل و الحكومة، ولكن أيضاً ضد الموقف الانتهازي، عبر إجراء عمليات جماعية في النقابات الأولية والقطاعية والمؤسساتية. و ألا نتراجع أمام المتطلبات الكبيرة لإجراء العمليات الجماعية للنقابات (اجتماعات الجمعيات العامة، المجالس، الاجتماعات) ، والتي تغدو قوانا أيضاً من خلالها أكثر خبرة وقدرة. و هنا تتواجد أرضية تغيير الوضع في النقابات وتدريب قوى جديدة من أجل الحركة.
إن هذا التوجه لم يُكتسب بعمق وبنحو موحد من قبل جميع الهيئات الإرشادية و المجموعات الحزبية المركزية. لقد قمنا بصياغة خبرة إيجابية مع بعض التدخلات القطاعية، كتلك في قطاع السياحة والمستشفيات، حيث لعبت النقابات ذات التوجه الطبقي دوراً طليعياً في تحقيق مواكبة و نشاط مشترك للعديد من النقابات في قطاعها. ومع ذلك، لا توجد خطة وتوجيهات مماثلة في جميع الاتحادات و المراكز العمالية حيث تشكل قواتنا أغلبية، و لا تحشد المبادرات التي تتخذ سوى القليل من النقابات مقارنة مع تلك التي هي أعضاء فيها.
على الرغم من سوء سمعة الكونفدرالية العامة لعمال اليونان، يسيطر نقابيو الحكومة و أرباب العمل و "الشراكة الاجتماعية" ضمن الاتحادات الرئيسية ونقابات قطاعات استراتيجية (الطاقة، البنوك، النقل، الاتصالات) والتي يستمدون منها قوتهم في الكونفدرالية العامة. إن ذلك هو عنصر سيؤثر على عملية إعادة التنظيم ويُثقلها في السنوات القادمة. حيث تتمظهر في هذه المواقع تقريباً جملة المشكلات المتعلقة بكيفية عملنا في النقابات من موقع الأقلية. و بالتأكيد، فإن للصعوبات الموضوعية ثقلها المعطِّل، لأن و على الرغم من التغيير الحاصل في تركيبة هذه المواقع و في علاقات العمل و تخفيض عدد الموظفين الدائمين الذين تم تعيينهم من قبل الفصائل النقابية للأحزاب الحكومية، فإن هذه المواقع لا تزال تمتلك أقسى قطاع من الأرستقراطية العمالية، التي حافظت على مستوى من الفوائد والدخل حتى خلال عقد الأزمة.
36. تعزز الصراع خلال السنوات التي تلت المؤتمر اﻠ20 للحزب، حول دور النقابات وتوجه الصراع، و صعود درجة التنظيم. و تمظهر ذلك في معارك تصدرها الشيوعيون في مؤتمرات المراكز العمالية والاتحادات، و في مؤتمر الكونفدرالية العاملة لعمال اليونان ذاتها، الذي أقيم في كالاماتا وروذوس وكافوري، حيث أسهموا في الكشف عن آليات وأساليب أرباب العمل و الدولة البرجوازية، من أجل التلاعب بالحركة العمالية النقابية، و شراء الذمم السافر و المتستر و عن التدخل العلني لأرباب العمل بها. و اشتدت المواجهة مع القوى البرجوازية والانتهازية التي تتوحد ضد الحزب، ولكن أيضاً ضد بامِه مع استخدام أشكال و وسائل حركية (احتجاجات، قرارات، مظاهرات، اعتصامات، دعاوى قضائية، مقابلات صحفية، نشر مقالات و إجراء مُسائلات برلمانية).
و برزت من خلال هذه المواجهات، أيضاً إمكانية مواكبة نقابيين- لا يتفقون مع سياستنا بجملتها - مع النقابيين الشيوعيين. حيث صمد بعضهم أمام ضغوط كبيرة، بنحو أكثر أو أقل و واكبوا الشيوعيين بشرف، معترفين لهم بطليعيتهم و بقدرتهم على تنظيم النضال باتساق و الدفاع عن مصالح العمال، و اعترفوا و وثِقوا بالمداخلة الجارية من أجل تغيير الوضع الرديء ضمن الحركة النقابية العمالية، والصراع ضد دور أرباب العمل الذي غرقت به القيادات النقابية.
و في جميع الحالات، خرجت قواتنا معززة من حيث الخبرة، و برزت كوادر جديدة، هي دعامة للسنوات القادمة. و صاغت التغييرات الإيجابية المسجلة في إدارات المراكز العمالية ظروفاً أكثر ملاءمة لتصعيد الصراع والجدل، و هي التي يمكن أن تسهم في المحاولة الرئيسية لرفع مستوى التنظيم في المنظمات النقابية الأولية، التي هي مسألة لا تحل تلقائياً، بل و بالتأكيد تتطلب توجها مستقراً و مبادرات مقابلة. ومع ذلك، هناك العديد من الاتحادات و المراكز العمالية التي ليس لنا بها مداخلة و ليس لنا مندوب منتخب.
و ليس الوضع هو نفسه من مدينة إلى مدينة ومن نقابة إلى أخرى، فيما يتعلق بالنقابات المنضوية ضمن بأمِه كما و فيما يخص تلك التي يشكل فيها الشيوعيون أقلية أو لا يوجد شيوعي منتخب. بمعنى آخر ، هناك نقابات لها مشاكل وظيفية و في القدرة على تحريك العمال.
إن قوة الحزب الشيوعي اليوناني التنظيمية و نفوذه في كل قطاع و موقع عمل هو عنصر حاسم لتغيير الوضع، فهو يتطلب إجراء التوقع الناجز، والتوجه المستقر والتخطيط من قبل الهيئات الارشادية والمجموعات الحزبية، و وجود روابط قوية مع الجماهير و تأهيلا سياسياً أيديولوجياً و قدرة على المناورة و شجاعة و مبادرة لإنجاز المهام.
37. إن وضع الحركة النقابية الأممية يُثقل وضع مسار تراجع الحركة النقابية في بلدنا، كما و هيمنة النقابات العمالية "الحرة" في جميع أنحاء العالم و أوروبا، و سيطرة ETUC (كونفدرالية النقابات الأوروبية) في أوروبا و التي تشكل جزءاً عضوياً في الاتحاد الأوروبي و تنضوي الكونفدرالية العامة لعمال اليونان.ضمنها بصفة عضو.
يدعم حزبنا عمل الاتحاد العالمي للنقابات. و تشارك بامِه به كجبهة التفاف لنقابات و نقابيين، كما و تشارك في المنظمات القطاعية للاتحاد العالمي للنقابات وفي رئاسته.
و طُوُّر خلال السنوات الماضية نشاط مهم للغاية عبر حملات إعلامية، وتنسيق للتحركات الكفاحية و للتضامن مع الإضرابات الكبيرة التي قادتها منظمات أعضاء في الاتحاد العالمي للنقابات، كمثال إضرابات الهند بمشاركة ملايين المضربين، و إضرابات جنوب إفريقيا و فرنسا و غيرها.
تم تعزيز الاتحاد العالمي للنقابات من خلال انضمام منظمات جديدة له من جميع القارات (كمثال COSATU من جنوب إفريقيا و نقابات من الهند وأوروبا)، هو تعزيز كان مطلوباً في السنوات السابقة، من خلال تطوير العمل المشترك مع منظمات نقابية ثانوية كحال مركز مرسيليا العمالي، ومراكز عمالية من دوائر باريس، و اتحاد عاملي البتروكيماويات المنضوية في CGT و نقابات عمالية من إيطاليا وإسبانيا.
إن الاعتراف ببامِه على المستوى الأممي هو عظيم. و نموذجي على ذلك هو مثال تجمع أول أيار العمالي لعام 2020 الذي جاب صيته العالم.
شُكِّل اتحاد النقابات العالمي بعد انتهاء الحرب الإمبريالية العالمية الثانية مباشرة، مع نصر الشعوب ضد الفاشية، في 3 تشرين اﻷول\أكتوبر 1945في باريس. و صمد الاتحاد أيضاً بعد قيام الثورة المضادة بإسهام من قوى الحزب الشيوعي اليوناني ومن نقابيين مناضلين آخرين على المستوى العالمي، و طوَّر نشاطاً جديداً مُظهراً إمكانيات جديدة للحشد والتنسيق المشتركين.
و يتطور الصراع الأيديولوجي السياسي أيضاً داخل خلجان اتحاد النقابات العالمي و ضمنه ينعكس وضع الحركة الشيوعية العالمية. حتى أن قوى برجوازية تسعى لاستغلال إيهان ردود الفعل المناهضة للرأسمالية و الالتباس الأيديولوجي المهيمن في القوى الشيوعية الناشطة في الحركة النقابية العالمية. ومع ذلك، فقد صيغت ظروف أفضل لتطوير نقاش حول تناسب القوى في كل المنظمات المشاركة ضمن اتحاد النقابات العالمي، و حول منظورها، وإطار صراعها و مداخلتنا.