Skip to content

موضوعات اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني نحو المؤتمر اﻠ20

Date:
ديسمبر ١٢, ٢٠١٦
20_ThesesEn

مقدمة

تنشر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني موضوعاتها للمؤتمر اﻠ20 للحزب الشيوعي اليوناني، الذي سيعقد من 30 آذار/مارس حتى 2 نيسان/أبريل 2017، أي بعد مضي أربع سنوات على انعقاد المؤتمر اﻠ20 كما ينص نظامنا الداخلي.

إننا نمتلك منذ المؤتمر اﻠ19 برنامجاً جديداً معبراً عن استراتيجية الحزب التي عولجت من أجل السلطة العمالية، و الاشتراكية، مانحاً التوجيهات من أجل نشاط الحزب الريادي في جميع الظروف.

لقد لاقى البرنامج الذي أقرَّ في المؤتمر اﻠ19 للحزب الشيوعي اليوناني كما و كافة مقرراته، قبولاً واسعاً في صفوف الحزب و الشبيبة الشيوعية، كما و ضمن أتباع وأصدقاء الحزب و على نطاق أوسع ضمن القوى العمالية الشعبية داخل المجتمع اليوناني.

حيث يؤكَّد هذا القبول عبر الممارسة من خلال النشاط الهام الذي طوره الحزب و الشبيبة الشيوعية على أساس قرارات المؤتمر اﻠ19.

و على الرغم من ذلك، فإن هذا الاتفاق القوي مع قراراتنا، كما و العمل الذي جرى تطويره في جميع مجالات نشاط الحزب في إطار محاولات تنفيذها، لا تقودنا نحو الرضا عن النفس و الاكتفاء الذاتي، و أكثر من ذلك، نحو عدم القلق حول أوجه الضعف و القصور، و كيفية و مدى استيعاب و خدمة برنامج الحزب و نظامه الداخلي على نحو أفضل عبر نشاطنا.

و أبعد من ذلك، فإن الحياة نفسها، و التطورات في الداخل والخارج، و مسار الحركة العمالية الأممية واليونانية، و نشاط الحزب و الشبيبة الشيوعية، بحد ذاته، و إجمالاً مسار الصراع الطبقي، "يخلقون" معاً و باستمرار عناصر جديدة يتوجب رصدها بمثابرة وأخذها بعين الاعتبار أثناء نشاط الحزب.

حيث باستطاعة هذه العناصر الجديدة أن تخلق مصاعب جديدة، ولكنها و بالتوازي مع ذلك، تخلق إمكانيات جديدة، على الرغم من عدم رؤية ذلك بالعين "المجردة".

و تحدد التطورات الدولية والمحلية الاقتصادية - السياسية التي وقعت في السنوات التي تلت المؤتمر اﻠ19 حتى اليوم، كما و الاستنتاجات والخبرة المستشفة منها والمهام المنبثقة من تحليلها و دراستها، إلى حد كبير، ماهية محتوى موضوع المؤتمر اﻠ20.

حيث نسعى ضمنه إلى إعطاء -أفضل ما بوسعنا- من إجابات، وتفسيرات، و تنبؤات، كما و توجيهات مبنية عليها خلال الفترة التالية.

إن الهدف الأساسي لموضوعات اللجنة المركزية للمؤتمر اﻠ20 و للنقاش الذي سيجري داخل الحزب عند نشرها، كما و هدف القرارات النهائية للمؤتمر، هو فولذة الحزب و شبيبته مع جميع  النواحي الأيديولوجية و السياسية و التنظيمية، باعتباره حزب الانقلاب الثوري.

إن هذه الفولذة هي عبارة عن مقدمة ضرورية لكي نتمكن من إنجاز المهام المعقدة من أجل إعادة تشكيل الحركة العمالية، والكفاح ضد الحرب الإمبريالية، وبناء التحالف الاجتماعي ضمن اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات، بهدف تحقيق السلطة العمالية.

و على عملية الفولذة هذه ستعتمد  قدرة الحزب على إعداد الجماهير العمالية الشعبية من أجل المهام المذكورة، عبر تطوير الحركة العمالية الشعبية وتعزيز تحالف الشرائح الشعبية ضمن توجُّه نحو القطع مع النظام الرأسمالي و إسقاطه.

و هو ما ينطبق على نحو أكبر على ظروف حيث تبدو كافة الأمور، إما ساكنة أو في تحرك ببطء أو حتى في تقهقر، تجاه هدف السلطة العمالية الشعبية.

إننا نحاول عبر الموضوعات، القيام بأكبر تفصيل ممكن لجوانب الإعداد المذكور أعلاه و للنشاط الذي يخدمه.

كما و نحاول أن نميز الصعوبات التي نواجهها اليوم، و التنبؤ أيضا بصعوبات جديدة محتملة ضمن عملية تطوير الصراع الطبقي في بلادنا ودوليا، و ضمن الحركة الشيوعية والعمالية الأممية.

و في الوقت ذاته نقوم بالطبع، بامتلاك ناصية القدرة و الجهوزية للاستفادة من أي إمكانيات صغيرة أم كبيرة تنشأ خلال منعطفات و منحنيات الأحداث التاريخية.

و نقوم بتحليل المقدمات اللازمة للمضي قدماً على نحو منظم و زاخم مع إقدام شيوعي و مسؤولية و يقظة عبر:

● بناء منظمات حزبية تعمل في "السراء والضراء" في مواقع العمل والقطاعات الاستراتيجية.

● تطوير شبكة من المنظمات الحزبية في كل مكان حيث"ينبضُ قلبُ" الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

● تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني و الشبيبة الشيوعية اليونانية من أجل لعب دورهما الطليعي.

● توسيع مدى نفوذ الحزب باضطراد في صفوف الجماهير الشبابية العمالية الشعبية المعبرة عن عدم الرضا تجاه النظام الرأسمالي و تجاه الفقر والبطالة الذي "يلدهما"، ولكن أيضا ضد جميع مديري الاقتصاد الرأسمالي، و النظام السياسي البرجوازي الفاسد والمتعفن، أي ضد الدولة البرجوازية.

● القيام بعمل رائد لإعادة تشكيل الحركة العمالية.

● تعزيز التحالف الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص والدولة مع المزارعين الكادحين وغيرهم من صغار الكسبة، مع إيلاج مضطرد لقوى شبابية و نسائية متحدرة من أصول شعبية ضمن صفوف التحالف.

وبالإضافة إلى المسائل ذات الصلة ﺒ"رسم خريطة" الوضع في الداخل والخارج، تتمحور مواضيع المؤتمر اﻠ20 حول استعراض نشاط اللجنة المركزية والحزب كله، و حول المهام الجديدة و برمجة النشاط حتى المؤتمر اﻠ21، كما و انتخاب لجنة مركزية و لجنة رقابة مالية مركزية، جديديتين.

حيث يتكثف المحتوى الرئيسي لموضوع المؤتمر اﻠ20 في ما يلي:

"تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني من كافة النواحي أمام مهمة إعادة تشكيل الحركة العمالية وتطوير التحالف الاجتماعي في توجه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات و في النضال ضد الحرب الإمبريالية، من أجل السلطة العمالية".

و تشكل 4 فصول كبيرة نص الموضوعات التي تحتوي أيضاً على عناوين و أقسام جانبية.

يتناول الفصل الأول التطورات الجارية في النظام الإمبريالي الدولي ويتضمن تقييمات التطورات الاقتصادية الاجتماعية في العالم في نهاية العقد الثاني من القرن اﻠ21.

و يميز مجالات تفاقم المزاحمات الإمبريالية البينية و زيادة الصدامات المحلية والإقليمية و مخاطر اندلاع حرب إمبريالية أكثر عمومية في ظروف تنامي تدفقات اللاجئين والهجرة من ضحايا الحروب.

حيث تتمظهر فوق هذه الأرضية، أيضاً، عمليات تكييف و عصرنة الآليات القمعية للدول البرجوازية و لاتحاداتها الدولية.

و يتناول الفصل الثاني موقع اليونان في النظام الرأسمالي الدولي، و موقعها داخل الاتحاد الأوروبي و علاقة العامل القومي و الدولي ضمن التطور الرأسمالي والصراع الطبقي.

ويتعلق الفصل الثالث بتقييم التطورات الحالية في اليونان، و على حد السواء، الجارية منها في الاقتصاد اليوناني، و في وضع الطبقة العاملة وغيرها من الشرائح الشعبية. ويُقيِّم سياسة الحكومة، كما و أيضا مسار إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي ضمن منحى تطورها، لا سيما في السنوات الأربع الماضية.

ويتناول الفصل الرابع استعراض النشاط الجاري اعتباراً من المؤتمر اﻠ19، كما و المهام الجديدة للحزب والشبيبة حتى المؤتمر اﻠ21 القادم.

و يركز على الاستعراض الإجمالي لعمل أربع سنوات في تعزيز الحزب و الشبيبة الشيوعية اليونانية و محاور مداخلة الحزب الأيديولوجية السياسية، وإعادة تشكيل الحركة العمالية، و مسار التحالف الاجتماعي.

حيث يُسعى من خلال هذا الاستعراض، إلى تسليط الضوء على نحو أفضل حول مسألة علاقة الحزب – الحركة. و ينشغل هذا الفصل على نحو خاص بمسار البناء الحزبي، و إعادة النشر التنظيمي للقوى الحزبية، ومسألة الكوادر، و مالية الحزب والوضع في الحركة الأممية الشيوعية و نشاط و تعاون الحزب الشيوعي اليوناني مع أحزاب شيوعية و عمالية أخرى في العالم. و يجري تقييما ملخصا شاملا لأداء اللجنة المركزية و لمقترحاتها حول الفعاليات الجديدة المبرمج لها حتى المؤتمر اﻠ21.

إن عام إجراء المؤتمر اﻠ20 يتزامن مع ذكرى اﻠ100 عام على ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى سنة 1917 في روسيا، التي ترأسها حزب لينين، و هي التي مهدت الطريق للطبقة العاملة وشعوب العالم للمطالبة بالسلطة و للظفر بها بأيديها.

و بمعزل عن الأخطاء ونقاط الضعف وأوجه القصور، و خاتمة الثورة المضادة و الانتكاس التاريخي، فالمهم هو أن الجليد قد كُسر وخط الملاحة قد فتح ومعالم الطريق قد بانت.

و يُكمل الحزب الشيوعي اليوناني، أيضاً في عام 2018، 100 عام من حياته و نشاطه منذ تأسيسه في بيرياس في تشرين الثاني/نوفمبر 1918. إننا بصدد مسار بقي الحزب خلاله، منتصب القامة و مثبتاً "حضوره" في جميع نضالات الشعب، منيراً لدرب الصراع من أجل مجتمع جديد، من أجل التحرير النهائي للطبقة العاملة، وإلغاء استغلال الإنسان للإنسان، من أجل الاشتراكية - الشيوعية.

وفي الوقت نفسه، فإن الحزب الشيوعي اليوناني يثبت عبر طابعه الثوري الخاص و نشاطه، أنه أكثر الأحزاب فتوة على الرغم من مساره المئوي:

لأن ما يعلنه الحزب حول علاقات الملكية، و جميع العلاقات الاجتماعية، والتنظيم الاجتماعي إجمالا، هو الجديد، و الضروري و التقدمي الوحيد من أجل مستقبل البشرية.

لأن أول مشروع تاريخي لبناء المجتمع الاشتراكي - الشيوعي، أي أول محاولة له، أثبتت هذا الإتجاه على الرغم من واقعة عدم امتلاكها لقوة داخلية وخارجية من أجل تحقيق الغلبة النهائية.

وتدعو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، أعضاء الحزب و الشبيبة الشيوعية لدراسة الموضوعات، و للإسهام في تحسينها عبر التفكر و طرح مقترحات و إملاءات، لكي تبلور القرارات النهائية الخبرة الغنية الفردية و الجماعية، التي جمعت على مر هذه السنين.

هذا و يشتمل حوار ما قبل المؤتمر، و بالضرورة، مناقشة الموضوعات بغرض جمع الآراء والتعليقات من أصدقاء الحزب و أتباعه، و من كل مناضل ومناضلة ممن يتفهمون ضرورة حزب شيوعي يوناني أقوى بكثير، بمعزل عن آرائهم الجانبية.

أي ضرورة حزب شيوعي يوناني ذي مواقف عولجت علمياً، حزب قوي في الكفاح من أجل إعادة التشكيل الضروري للحركة، و في النضال ضد الاستغلال والحروب الامبريالية والفقر، والنضال من أجل بناء تحالف اجتماعي في توجه مناهض للرأسمالية و الإحتكارات، من أجل تحقيق الإنقلاب الاجتماعي و السلطة العمالية.

الفصل الأول - التطورات الاقتصادية- الاجتماعية في النظام الامبريالي الدولي، وعواقبها

التطورات الاقتصادية-الاجتماعية في العالم في نهاية العقد الثاني من القرن اﻠ21

 1. في السنوات الأربع التي انقضت منذ المؤتمر اﻠ19، تواصل بوجه أساسي، ذات اتجاه إعادة ترتيب الاقتصادات الرأسمالية الذي تخلل السنوات الخمس عشرة الماضية، إجمالاً. حيث يتمثل تلخيص السمات الرئيسية للتطورات بالتالي:

 

أ) تعزيز الصين مقارنة مع الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، على أساس معيار حصصها في الناتج الإجمالي العالمي. حيث تتفاقم مزاحمة الصين للولايات المتحدة نتيجة الواقعة المذكورة، في وقت تواصل الولايات المتحدة حفاظها على الصدارة، على الرغم من اتجاه انحسار حصتها.

ب) تباطؤ وتيرة نمو اقتصاد الرأسمالي الدولي في السنوات الثلاث الماضية، مع عدم التنبؤ بقابلية أن يشكل أي مركز إمبريالي ما، قاطرة لزيادة وتيرة النمو المذكور. و يتمثل عنصر مهم في واقعة عدم تمكن بعض المراكز الإمبريالية (الاتحاد الأوروبي، اليابان) بعد و على نحو جوهري، من تجاوز مستويات ما قبل الأزمة عام 2008.

 

ج) ضخامة حجم فرط تراكم رأس المال وعدم القدرة على تخفيض قيمته على نحو مُدار(على سبيل المثال في صيغة الديون العامة المفرطة) عبر أسلوب مرضٍ من قبل الحكومات البرجوازية في كل المراكز الإمبريالية.

 

د) تفاقم التناقض الرئيسي، وتعزيز نزعة الإفقار المطلق والنسبي للطبقة العاملة، و في المقام الأول ضمن الإقتصادات الرأسمالية الأكثر تقدما، مع زيادة درجة الاستغلال و تفاقم كافة التناقضات الاجتماعية.

ه) تأثير النمو الغير متكافئ بين مختلف الدول الأعضاء في الإتحادات الإمبريالية كالاتحاد الأوروبي. حيث تزيد هذه الواقعة و بالترابط مع تزايد تمايزات مصالح الطبقات البرجوازية لهذه البلدان، من عدم اليقين حول تماسك هذه التحالفات.

و يتهدد الاقتصاد الرأسمالي العالمي من واقع التناقض التالي: فمن ناحية يتعزز التزامن الدولي لتمظهر أزمة فرط تراكم رأس المال نتيجة نزوع رأس المال نحو التوسع (سواء في شكل الاستثمار الأجنبي المباشر أم عبر حركة رأس المال المالي)، في حين، تُعيق مصالح مختلف المراكز الإمبريالية المتزاحمة و مثيلتها العائدة لدول برجوازية بذاتها، قيام إدارة مشتركة لعملية تخفيض قيمة رأس المال.

2. و على نحو أكثر عموما، تؤكد التطورات عجز النزوع الموضوعي نحو تدويل حركة رأس المال داخل السوق الرأسمالية، عن نقض تأثير قانون النمو الغير المتكافئ، و نقض حقيقة جريان إعادة إنتاج الرأس المال الاجتماعي بنحو رئيسي، في إطار صيغة الدولة القومية للاقتصاد الرأسمالي.

حيث لا تزال صياغة الجزء الأكبر من ظروف إعادة إنتاج رأس مال المجموعات الاحتكارية و الشركات المساهمة، تجري ضمن أطر الدول القومية و التحالفات الإمبريالية الدولية التي تشارك ضمنها تباعاً. حيث تبقى الدولة البرجوازية القومية، في المحصلة، الأداة الرئيسية لضمان الهيمنة الاقتصادية لرأس المال والاحتكارات، وتركيز وتمركز رأس المال ضمن مزاحمة جارية مع نظائرها من عمليات و استهدافات جارية في دول أخرى. و هي التي لا تزال ميداناً قوياً لصراع طبقي لا هوادة فيه، بين العمل ورأس المال.

و فوق أساس الحركة المتناقضة للاقتصاد الرأسمالي، أعلاه، تتفاقم التناقضات الإمبريالية البينية و الصراع البرجوازي البيني داخل كل دولة البرجوازية.

و يتعزز خلال الفترة التي نعيشها، مؤقتا تيار القومية البرجوازي كما و تيار الحمائية في الاقتصاد، على حد السواء في الولايات المتحدة و بريطانيا كما و في دول قوية في منطقة اليورو، كفرنسا وإيطاليا. و يتمظهر هذا التيار في الاتحاد الأوروبي، عبر مختلف أحزاب التشكيك البرجوازي بالإتحاد الأوروبي. حيث يتطور تيار الحمائية باعتباره خياراً دفاعياً لقطاعات من الطبقة البرجوازية في الولايات المتحدة و دول في الاتحاد الأوروبي، ضد تدهور ظروف التنافسية و في المقام الأول ضمن رأسمالها الصناعي، و على وجه خاص في ظروف تباطؤ الاقتصاد الرأسمالي الدولي.

إن تدخل السياسة البرجوازية تصدياً لتخفيض قيمة رأس المال، يؤخر جوهرياً، الدخول في مرحلة تعافٍ رأسمالي زاخم، و يزيد من مأزق النظام السياسي البرجوازي. إن التعزيز المستشف لسياسة الحمائية سيؤثر سلبا على تنمية التجارة الدولية التي تتحرك سلفاً بوتيرة بطيئة نسبيا. و في الوقت نفسه، تشتد المزاحمات والتناقضات الإمبريالية.البينية. و يزداد موضوعياً خطر اندلاع مواجهات حربية امبريالية، أكثر شمولاً و اتساعاً.

كما و يزداد احتمال وقوع عمليات إعادة ترتيب و زعزعة تماسك تحالفات إمبريالية، مثل منظمة حلف شمال الأطلسي.

و يكافح الحزب الشيوعي اليوناني إجمالاً و بثبات، على حد السواء ضد القومية البرجوازية و مسكونية رأس المال، الذين يشكلان وجهين لأيديولوجيا الطبقة الحاكمة. و يصطف الحزب في صالح الوحدة الأممية للطبقة العاملة وحركتها.

حيث يتوجب على كل حزب شيوعي و عمالي، و على الحركة الشيوعية الأممية، والطبقة العاملة و حركتها في جميع البلدان، أن تكون مستعدة لاحتمال نشوب حرب إمبريالية أشمل. و أن تعارض مختلف الصرخات القومية المفتعلة للحروب كما و خلق مناخ العداء لشعب ما ضد شعب آخر. كما و عليها، رسم خط صراعها الذي لا يفصل مسألة الدفاع عن الحدود و الحقوق السيادية -من وجهة نظر الطبقة العاملة و الشرائح الشعبية- عن الكفاح من أجل إسقاط سلطة رأس المال في كل بلد. حيث ليس للحركة الشيوعية العمالية، التي تمثل مصالح الطبقة العاملة، والشعوب، أية علاقة بالدفاع عن مخططات هذا القطب الإمبريالي أم غيره، أو بربحية هذه المجموعة الإحتكارية أم سواها.

عن الاقتصاد الرأسمالي العالمي، على نحو أخص

3. تواصل الولايات المتحدة احتلال المركز الأول من حيث مساهمتها في إجمالي الناتج العالمي، على الرغم من تسجيلها اتجاها نحو الانحسار. ومن المتوقع أن يختتم عام 2016 مع تباطؤ ضئيل في نمو الاقتصاد الأمريكي، مع عنصر مثبط رئيسي يتمثل في تقلص الصادرات، و هو المتعلق بارتفاع سعر الصرف الدولي للدولار و بتباطؤ التبادلات التجارية على المستوى الدولي.

و تظهر حصة منطقة اليورو اتجاهاً تنازلياً، في حين تزداد حصة بلدان بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا).

و تحتل الصين المركز الثاني من حيث الإسهام في المنتج الإجمالي العالمي. و يبقى معدل نموها عاليا(6.9٪) عام 2015، و على الرغم تراجعه الهام فهو يتواجد في أدنى نقطة له في عقدين من الزمن مع اتجاه تنازلي جديد. حيث تسبب هذه الواقعة قلقاً عاماً في مراكز الرأسمالية الدولية، نظراً للتأثير المحتمل الكبير الذي سيخلفه على الاقتصاد الرأسمالي العالمي، التراجع الكبير في معدلات نمو الاقتصاد الصيني. حيث تنبع هذه المخاوف من واقع ضخامة حصته في السوق الدولية (حصة كبيرة في التجارة الدولية و في الاستثمارات المالية و في السندات الأجنبية، وما إلى ذلك).

 وبالمثل، تركز التوقعات القائلة بحضور تعافٍ ضئيل في الاتحاد الأوروبي، على معدل إنتاجيته الأقل مقارنة مع الولايات المتحدة و على تبعات السياسة النقدية والمالية الانكماشية القاسية، التي تحافظ بدورها على معدل الاستثمارات الجديدة. و تشكل صعوبة إدارة مديونية دول و مجموعات مصرفية ذات نطاق دولي، كما و العجز الكبير في ميزانيات دول - أعضاء، أسباباً ﻠ"صداع" هيئات أركان دول و منظمات دولية.

هذا و ارتفعت إجمالاً، مديونية الدول عالمياً خلال الفترة 2007-2014، بمقدار 27 تريليون دولار. أي بزيادة لنسبتها مقارنة بالناتج الإجمالي العالمي، بقدر 20.8%(تقرير ماكينزي لعام 2015 ).

و سجلت كبرى المجموعات المصرفية الأوروبية (دويتشه بنك وكريدي سويس وباركليز ورويال بنك أوف سكوتلاند، مونتي دي باشي دي سيينا، و غيرها) انخفاضاً ملحوظاً في قيمة أسهم رأس مالها مع خسائر. حيث أعلن دويتشه بنك، أكبر البنوك الألمانية عن خسائر قدرها 6.8 مليار يورو مع امتلاكه لمشتقات مالية خطرة مكشوفة يصل حجمها 55 تريليون يورو. كما و مُثقل هو القطاع المصرفي في إيطاليا بقروض متعثرة "حمراء" تصل 360 مليار يورو، أي ما يعادل 16.7٪ من إجمالي القروض.

تتفاقم تناقضات الولايات المتحدة - الصين، و غيرها من دول الرأسمالية الكبرى

 

4. تتفاقم مزاحمة الولايات المتحدة-الصين و الولايات المتحدة-روسيا، على الصعيد الاقتصادي-العسكري.

و تشكل الصين سلفاً، أهم دولة مقرضة للولايات المتحدة. هذا و انخفضت الحصة النسبية الولايات المتحدة في الناتج الإجمالي العالمي من 31٪ في عام 2000 إلى 23٪ في عام 2015، في حين ارتفعت حصة الصين من 3،6٪ في عام 2000 إلى 14.9٪ عام 2015. و فيما يتعلق بالتبادل التجاري، فإن 8.95٪ من واردات الصين هو من الولايات المتحدة، في حين يأتي 21.8٪ من واردات الولايات المتحدة من الصين، وهي الواقعة التي تفسر الإشكالية الحالية الحاضرة في السياسة البرجوازية الأمريكية. هذا و ازدادت أيضاً، صادرات البضائع الصينية نحو الاتحاد الأوروبي. حيث زادت حصة الصين في واردات الاتحاد الأوروبي من 5.2٪ عام 2000 إلى 13.8% عام 2015، وفي الوقت نفسه انخفضت حصة الولايات المتحدة المقابلة، من 14٪ إلى 10 2٪.

و تحافظ الولايات المتحدة من حيث إجمالي القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية على المرتبة الأولى في هرم النظام الرأسمالي الدولي. إلى جانب هيمنتها في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث صاغت خلال فترة حكم أوباما، اقتراحين أساسيين لتعزيز وجودها في السوق الأوروبية والآسيوية.

ففيما يتعلق بأوروبا، طُرحت "اتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة و الإستثمار" (TTIP)، في حين اقترحت لآسيا "الشراكة عبر المحيط الهادئ" (TPP) التي استبعدت الصين منها. و كان اقتراح الولايات المتحدة ﻠTTIP قد وُصِّف بجدارة كمقترح إنشاء "ناتو اقتصادي". و هو إذا ما نفذ، كتطور يلاقي سلفاً في منظوره تناقضات رأسمالية بينية، فالمقدَّر بأنه سيغطي 50٪ من الإنتاج العالمي و 30٪ من التجارة العالمية و 20٪ من الاستثمار الأجنبي المباشر، عالمياً. و تمثلت بوادر الانطلاق ﻠ TTIP في ما يعرف ﺒ"الاتفاق الاقتصادي والتجاري الشامل" (CETA) الذي وقع مؤخرا بين الاتحاد الأوروبي وكندا.

و يعتقد قطاع من الطبقة البرجوازية الألمانية والفرنسية أن اقتراح الولايات المتحدة هو في جوهره "حصان طروادة" لضمان الهيمنة الأمريكية في أوروبا. حيث تتقدم المفاوضات بشكل مضني منذ عام 2013، مع ردود فعل مميزة من الرئيس الفرنسي هولاند، و نائب المستشارة الألمانية، غابرييل وعدد من قياديي التيار "المشكك بالإتحاد الأوروبي"، مثل لوبان.

هذا و دُمغ تعزيز تيار القومية البرجوازي و الحمائية في الاقتصاد، عبر سيطرة ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الذي يشير إلى إعادة النظر في مخططات الإدارة الأمريكية السابقة.

و كان ترامب قد تموضع قبل الانتخابات سلبا تجاه اتفاقات الولايات المتحدة، للتجارة الدولية في المحيط الهادئ  (ΤΤΡ)  و الأطلسي (TTIP)، متحدثا عن ضرورة حماية جمركية للإنتاج المحلي من أجل زيادة الإنتاج الصناعي الأمريكي. وفي الوقت نفسه، طرح مسألة مراجعة الاتفاقات الحالية لمنظمة التجارة العالمية. كما سلط الضوء على منظور إعادة تفاوض جذري حول الديون الخارجية الأمريكية، تاركاً الباب مفتوحا على إعادة جدولة ممكنة له، في حين، تحدث جوهرياً عن ضرورة مراجعة سياسة الولايات المتحدة الخارجية، مع سمات رئيسية تتمثل من جهة في التقارب مع روسيا ومن جهة أخرى في استهداف الصين كخصم رئيسي الولايات المتحدة. و بعد انتخابه، خفف سلفاً من بعض مواقفه عبر تصريحات أكثر اعتدالا مقارنة مع خطه المتشدد الذي سبق الانتخابات، و هو تخفيف يفرضه واقع كونه رئيسا الآن، يعكس المصلحة العامة للطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة. و على الرغم من ذلك، فقد أدلى و بوضوح انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق المحيط الهادئ للتجارة الحرة.

5. وفي المقابل، قدمت الصين عام 2014 مبادرة "الحزام، و الطريق» (OBOR) ، أي إنشاء منطقة للتجارة الحرة، و شبكة تربط الصين عبر اتفاقيات اقتصادية تفضيلية مع بقية دول آسيا وأوروبا و أفريقيا. و يتضمن المخطط مساراً برياً و بحرياً، يسميان "طريقي الحرير للقرن اﻠ21 البري والبحري". و في أواخر عام 2014 فُعِّل صندوق للدولة لتمويل البنية التحتية لطريق الحرير (Silk Road Fund)  برأسمال مبدئي قدره 40 مليار دولار (على سبيل المثال، لتمويل خطوط سكك حديدية عالية السرعة، وتحديث الموانئ، وغيرها).

و بالتوازي مع ذلك، تصدرت الصين تشكيل بنك التنمية الجديد (NDB) لبلدان البريكس، كما و البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB)، الذي يضم ضمن أعضائه اﻠ57: بريطانيا و فرنسا وألمانيا، دون الولايات المتحدة. إننا بصدد تحركين يشكلان "رداً اقتصادياً" على هيمنة الولايات المتحدة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وعلى الرغم من عدم اتفاق باقي بلدان البريكس (البرازيل وروسيا والهند و جنوب أفريقيا)، فرضت الصين دورها القيادي على بنك التنمية الجديد (NDB)، سواء من خلال ضمان مشاركتها كأكبر مساهم في رأس ماله الأولي، كما و من خلال اختيار شنغهاي مقرا له.

6. و يتمثل تطور هام على مستوى المزاحمة الاقتصادية، في اختبار المحافظة على تماسك الاتحاد الأوروبي و المستقبل المستشف لمنطقة اليورو، و خاصة بعد سيطرة اﻠBrexit في استفتاء بريطانيا. إن هذا الواقع يجعل من المزاحمات الإمبريالية البينية أكثر تعقيداً و يزيد من ميوعة التعاونات الدولية الحالية. حيث تؤثر تطورات الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر على التطورات والتناقضات في اليونان، وهي المسألة التي تُدرس تفصيلياً في الفصل التالي.

حيث يتزايد خطر اندلاع حرب إمبريالية أكثر شمولاً، من واقع الأزمة الاقتصادية الكامنة الجديدة و الأكثر تزامناً، و احتدام الصراع من أجل السيطرة على أسواق الطاقة و مواردها وطرق نقل النفط والغاز، و البؤر الحربية الحالية في الشرق الأوسط، وأوكرانيا، والتوترات في أوروبا الشرقية والوسطى القائمة تجاه روسيا، كما و في القطب الشمالي وبحر الصين الجنوبي.

عن توسع التفاوتات الطبقية في العالم

7. تتوسع التفاوتات الطبقية على المستوى العالمي باستمرار. حيث توسع التوزيع غير العادل للثروة العالمية بعد وقوع الأزمة الرأسمالية العالمية المتزامنة. وفقا للمسح السنوي للثروة العالمية (الجاري من كريدي سويس)، حيث يملك 90٪ من السكان حوالي 10٪ من الثروة و يملك أفقر 75٪ أقل من 3٪ من الثروة. حتى اﻠ 1% من 10٪ من السكان الذين يملكون 90٪ من الثروة يحتاز على يقرب من 50٪ من الثروة. وفي الوقت نفسه، فإن 71٪ من سكان العالم يعيشون بأقل من 8 يورو في اليوم الواحد.

وتنعكس نتائج هذه التفاوتات الطبقية في عدم الوصول إلى المياه النظيفة ﻠ780 مليون نسمة، و غياب خدمات الصرف الصحي ﻠ2.5 مليار نسمة، و غياب الكهرباء عن 1.3 مليار نسمة.

و يعتمد ما يقرب من 3 مليار شخص على الطهي عبر جمع الحطب ومخلفات الكتلة الحيوية، وهي ممارسة مرتبطة ﺒ 3.5 مليون حالة موت مبكر بسبب سوء نوعية الهواء في الأماكن المغلقة.

و ختاماً، تُسجل معاناة ما يقرب من 800 مليون شخص من سوء تغذية مزمن، كما و موت 3.5 مليون طفل كل عام نتيجة الجوع.

احتدام صراعات الحروب المحلية - الإقليمية وزيادة مخاطر تعميمها

8. إن المزاحمات الامبريالية البينية الشديدة الحدة والتناقضات الكبيرة لدول و مصالح رأسمالية، تقود اليوم نحو عمليات إعادة ترتيب مستمرة و ظواهر متتالية لولادة محاور و محاور مضادة على المستوى الدولي.

و لا يقود احتدام المزاحمات الإمبريالية البينية إلى زيادة في الإنفاق العسكري فحسب، بل أيضاً إلى إعادة ترتيب الدول الرأسمالية، من حيث قوتها العسكرية. حيث بلغ الإنفاق العسكري العالمي وفقا للمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم (SIPRI) عام 2015، 1.7 تريليون دولار، أي بزيادة قدرها 1٪ مقارنة مع عام 2014.

و تبقى الولايات المتحدة أعتى قوة عسكرية في العالم، مع إنفاق يتجاوز 600 مليار دولار سنوياً، يتجاوز ما تنفقه عشرة أكبر قوات مسلحة أخرى.

حيث تحتل روسيا موقع ثاني أقوى قوة عسكرية. و هي التي تسعى عبر تحديث وتعزيز قوتها العسكرية، إلى ضمان المصالح الإقتصادية لاحتكاراتها. و هكذا، فقد أنفقت عام 2015، 66.4 مليار دولار أي بزيادة نسبتها 7.5٪ مقارنة مع 2014، و 91٪ مقارنة مع 2006.

و جدير بالذكر هو"السباق" الجاري في هذه الفترة بين الصين والهند (القوة العسكرية الثالثة و الرابعة في العالم) لملء ثغراتهما ورفع مستوى قوتهما العسكرية لمستوى مماثل لقوتهما الاقتصادية و لمدى مجموعاتهما الإقتصادية.

كما و مركزت دول أخرى هي حليفة للولايات المتحدة قوة عسكرية عاتية، هي متواجدة إما داخل منظمة حلف شمال الأطلسي كفرنسا (في المرتبة الخامسة)، و بريطانيا(السادسة)، تركيا (الثامنة)، ألمانيا (التسعة)، إيطاليا (العاشرة) أو خارجه، كاليابان (السابعة)، كوريا الجنوبية (الحادية عشرة) وإسرائيل (السادسة عشرة).

و بالتأكيد لا تحدد القوة العسكرية فقط، عن طريق حساب الإنفاق العسكري، و إمكانيات التسليح والتحكم بالإنتاج العالمي وسوق السلاح، بل هي مسألة أكثر تعقيدا، تتعلق بالإمكانية الشاملة لكل طبقة البرجوازية في الدفاع عن مصالحها، سواء محليا أم دوليا عبر الوسائل العسكرية وقت عدم كفاية الوسائل الاقتصادية والسياسية الدبلوماسية.

وهكذا، وبصرف النظر عن الإنفاق العسكري السنوي، فإن القوة العسكرية تتعلق بحجم الجيش المكتسب تاريخيا، و بالتفوق التقني، و بوجود قواعد في الخارج في ترابط مع السيطرة على أراض ذات أهمية استراتيجية و مع التفوق في جمع المعلومات، والقدرة على شن حرب غير تقليدية . إن القوة العسكرية هيفي  ترابط وظيفي مع القوة الاقتصادية، على الرغم من أن الوجود الاقتصادي القوي لدولة ما ليس تبعة لواقع قوتها العسكرية. حيث تشترط هذه الأخيرة وجود صناعة حربية قوية، و إمكانية التدريب و إعادة الـتأهيل في فنون الحرب و تقنياتها الجديدة ذات الصلة، ومواصلة تحديث الوسائط العسكرية، و وجود مستوى عال من الخبرة في بعض صنوف الأسلحة، كالنووية، و هو الذي يتطلب قيام سنوات من البحث مع إنفاق كبير.

9. هناك أهمية كبيرة في عصرنا للأسلحة النووية. إن الدول التي تمتلك أسلحة نووية هي: الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وباكستان وشمال كوريا.

ومع ذلك، فهناك فروقات هائلة حتى بين هذه القوى النووية، ما دامت التميز في القدرات هو للولايات المتحدة وروسيا. و عدا عن هذين البلدين، الذين يملكان الآلاف من الرؤوس الحربية النووية الجاهزة للإطلاق، تمتلك بريطانيا وفرنسا فقط أسلحة نووية جاهزة للاستخدام، التي ربما تمتلكها إسرائيل.

و من المحتمل أن روسيا هي القوة العسكرية الوحيدة القادرة على الرد على الولايات المتحدة، في حال تلقيها ضربة نووية، مع التسبب بأضرار مدمرة. حيث يعتبر أن هذا الخطر يشكل رادعا لاستخدام الأسلحة النووية. ومع ذلك، فقد ثبت تاريخيا أن الدول الرأسمالية لا تتردد حتى عن استخدام أسلحة كهذه، في حال تفاقم المزاحمات الامبريالية البينية و تصعيدها نحو صراع عسكري.

و على أساس ما سبق يغدو مفهوماً كون كمون إحدى أهم مسائل المواجهة المعاصرة بين الولايات المتحدة – روسيا، في إقامة الولايات المتحدة ﻠ"درع" مضادة للصواريخ في أوروبا ومنطقة المحيط الهادئ. حيث تخدم هذه التحركات السعي نحو إعاقة رد روسيا المحتمل، إذا ما حاولت الولايات المتحدة و حلف الأطلسي  توجيه "الضربة النووية الأولى".

و هناك أهمية كبيرة أيضا لإمكانية القيام برد فعل عسكري سريع. حيث يلقي الناتو ثقلا كبيراً على تشكيل قوات رد فعل سريع عسكري، و هي التي ستحتاج بالطبع وسائل إسناد حديثة لتمكينها من تنفيذ عملها، كحاملات الطائرات والقاذفات الاستراتيجية، كما و أراضٍ جديدة باعتبارها دعائم جيوسياسية و هو ما يُخدم عبر التحالفات السياسية – العسكرية و عبر امتلاك القواعد في الخارج.

و سيتأثر التوازن العسكري في الفترة القادمة، بشكل حاسم من استغلال التكنولوجيا الجديدة، و طائرات الجيلين 5 و 6 و أسلحة الليزر و غيرها.

التحالفات السياسية والعسكرية والمواجهات

10. تسعى كل طبقة برجوازية لزيادة قوتها من خلال الأحلاف السياسية- العسكرية. حيث يبقى الناتو التحالف السياسي والعسكري الأعتى، على الرغم من اشتداد التناقضات داخله و النزوع المستشف نحو تشكيل الجهاز العسكري المستقل للاتحاد الأوروبي. و تعطي قرارات منظمة حلف شمال الأطلسي في وارسو "إيقاع" عزم الإمبرياليين الأمريكيين والأوروبيين الدفاع عن مصالحهم ضد طبقة روسيا البرجوازية، عبر استخدام الوسائل العسكرية المتواجدة في أيديهم في جملة محيط حدود روسيا مع الناتو.

هذا و كانت مخططات مماثلة لتعزيز الحضور، قد أعدت من قبل  الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، لمنطقة المحيط الهادئ (عبر استراتيجية «Pivot to Asia») كما و أيضا، لمناطق أخرى.

وفيما يتعلق بميادين المواجهات العسكرية القائمة أو المحتملة، تنفرد مناطق جنوب شرق المتوسط وجنوب شرق آسيا، و شمال أفريقيا والدائرة القطبية الشمالية، مع عدم استبعاد بؤر أخرى أو المناطق القابلة للاشتعال كالقوقاز والخليج ومنطقة عدن والبلقان.

و أيضا، فإن كلا من الصراعات العسكرية في أوروبا (جنوب شرق أوكرانيا و القرم) كما تعزيز الناتو في بحر البلطيق والبحر الأسود والبلقان وبحر إيجه، هي عوامل تشهد في صالح احتمال اندلاع مواجهات حربية على أراض أوروبية.

و بمعزل عن الناتو فقد ظهرت الآن، تحالفات أخرى سياسية-عسكرية (منظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعى و غيرها)، ممتلكة لذات السمات الطبقية، أي أنها تحالفات دول رأسمالية، على الرغم من كونها "فضفاضة" وأقل تطورا من الناتو، حتى الآن.

و في الوقت نفسه، تتشكل في سلسلة من المناطق، كأمريكا اللاتينية وأفريقيا تحالفات سياسية - اقتصادية مرتبطة بين غيرها بخيارات و شراكات سياسية عسكرية محددة، منها ما يرتبط على سبيل المثال مع الاتحاد الأوروبي، كما و تنخرط دول بمفردها في أمريكا اللاتينية (ككولومبيا وبيرو وتشيلي والمكسيك) كما و في مناطق غيرها (كأستراليا) ضمن خطة ترويج أشمل ﻠ"شراكات" حلف شمال الأطلسي.

و تشهد السنوات الأخيرة نموا كبيراً في جيوش المرتزقة، بمعنى العمليات العسكرية الخاصة الجارية بذرائع مختلفة (كالقرصنة وتهريب المخدرات، والتدريب العسكري، و "الإرهاب") التي تتعهد بمهام في عشرات مناطق الصراع كمبعوثي دول رأسمالية. حيث تنضوي هذه الجيوش ضمن مخططات الإمبريالية، في إطار ما يسمى بالحروب الغير تقليدية، موفرة للحكومات البرجوازية إمكانية إدارة أفضل للخسائر البشرية التي تلحق بها خلال مشاركتها في التدخلات.

11. إن موضوع الصراعات العسكرية هو:

• السيطرة على احتياطيات الطاقة وطرق نقل الموارد الطاقية (كالنفط والغاز، و غيرها).

• السيطرة على الممرات البرية و البحرية لنقل البضائع (مثلاً: طريق الحرير، و الممرات البحرية في المتوسط و البوسفور و القرن الأفريقي و غيرها).

• السيطرة على الموارد الباطنية في المنطقة القطبية الشمالية و على الثروة الباطنية و الأراضي النادرة، كما و احتياطات المياه.

• استخدام الفضاء لأغراض عسكرية.

• الصراع حول حصص الأسواق، حيث تستخدم ضمنه الوسائل العسكرية، ليس فقط للاستحواذ على حصص جديدة في السوق بل و أيضاً لتقليص حصص المنافسين.

و ضمن هذه الظروف، يشكل نشاط ما يسمى بجماعات "الإرهاب الإسلامي" أحد عناصر الحرب الإمبريالية في القرن اﻠ21. حيث قائم هو هذا الأمر، بمعزل عن درجة تشكل نشاط هذه المنظمات في ظل دعم أو تواطؤ المراكز الإمبريالية أو تجليه كعنصر استقلال هذه القوى عن أي مراكز عاتية، عززتها في الماضي.

حيث يستغل نشاط هذه المنظمات موضوعياً، إما باعتباره عنصر "حرب غير تقليدية" تشنها دولة ما أو بعض قطاعاتها، ضد مصالح دولة رأسمالية أخرى أو باعتباره ذريعة لقيام تدخل إمبريالي. ومن المُسلَّم به أنه و بالتوازي مع هذه الأهداف، استغلال نشاط هذه المنظمات من أجل تعزيز الآليات القمعية في سلسلة من الدول البرجوازية، و أيضا من أجل الإعداد الأيديولوجي للعمال أمام احتمال تورط بلدانهم في تدخلات امبريالية جديدة باسم مكافحة "الإرهاب».

و بالتأكيد جارية هي و بالتوازي مع المزاحمة الشرسة من أجل أرباح الاحتكارات، محاولات توافق و اتفاقيات تعليق مؤقت لأي تعميم للمواجهة القائمة، تصل حتى إعادة ترتيب التحالفات، كما تظهر التطورات الجارية في "المعسكر" الأوروأطلسي، بحد ذاته.

و تتصف التطورات في تركيا وسوريا بالميوعة و بحراك صياغة تحالفات بين مختلف الدول الرأسمالية كما و باحتمال إعادة ترتيب تحالفات. ومع ذلك، لا ينبغي تبني المُطلق، لا في اتجاه الحفاظ على التحالفات القديمة ولا في اتجاه تبدلها. إن الرصد المستمر لتفاعلات كهذه هو مهم، لأنه متعلق بعمليات إعادة ترتيب في ميزان القوى بين المراكز الإمبريالية والتحالفات، حيث متعلقة هي أيضاً، بأوروبا و بإمكانها إذكاء تطورات أشمل.

و على الرغم من أن منظمة حلف شمال الأطلسي تتطور و تزيد من انتشارها مع حفاظها دائماً على نواتها العاتية  من الدول الأوروأطلسية، فإننا لا نستطيع القول بأنها قد ضمنت إجمالاً، مساراً دائماً مستقراً و غير متزعزع، ما دامت صياغة التحالفات قائمة على خلفية التناقضات المحتدمة.

العلاقات اليونانية التركية ومخاطر الاشتباك الحربي

12. تروج الطبقة البرجوازية اليونانية والحكومة اليونانية، على نحو نشط لمخططات حلف شمال الاطلسي في المنطقة (أسطول حربي في إيجة و استخدام للقواعد و إسناد العمليات في البلقان و أوكرانيا، الخ).

و يتأثر احتدام التناقضات بين الطبقة البرجوازية اليونانية و التركية، على نحو مباشر بتطورات المنطقة الأشمل لشرق المتوسط والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و من الممكن أن يكون عاملا رئيسيا لتفعيل الاشتباك الحربي المباشر لليونان.

إن الطبقة البرجوازية لتركيا - التي تحاول دول رأسمالية عاتية أخرى إضعافها في الراهن- تحاول ترقية موقعها من خلال السيطرة والاستحواذ على أراضٍ جديدة و مناطق بحرية. وتواصل احتلالها العسكري وانتهاك حقوق الدولة القبرصية، كما و تشكيكها الاستفزازي بالحقوق السيادية للدولة اليونانية (تشكيك بالحدود، انتهاكات المجال الجوي و البحري، "إعتبار مناطق في بحر إيجه متنازعاً عليها"، بلغ ذروته في تصريحات أردوغان المتكررة مؤخراً، حول الطعن في معاهدة لوزان و ما إلى ذلك.). حيث تسعى في مخططاتها إلى استغلال الأقليات (الدينية والعرقية، وما إلى ذلك) في منطقة البلقان الأشمل.

و تشكل منطقتي بحر إيجه و تراقيا ميداني الصراع العسكري المحتمل، بين الطبقتين البرجوازيتين لدولتي اليونان و تركيا المتجاورتين، مع احتمال تشابك مخططات متخللة لها لألبانيا و جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة، اللتين تطوران في السنوات الأخيرة من تعاونهما الوثيق سياسياً و عسكرياً مع تركيا. حيث تنضوي ضمن هذا السياق، التصريحات الاستفزازية من قبل رئيس الوزراء الألباني (رفع مسألة التشام الغير موجودة وما إلى ذلك)، و أيضا رفع الشعارات التوسعية من قبل جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة. إن تعزيز النزعة القومية الألبانية ضد اليونان و ضد دول أخرى في المنطقة، يغذي الجماعات القومية في اليونان و في دول أخرى. و بالإجمال فإن "بصمة" التطورات في منطقة البلقان توضع عبر توسيع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وبالتالي توسيع اشتباكهما بنحو أكثر مباشرة في المخططات والمزاحمات الامبريالية في المنطقة.

و أبعد من دول البلقان المذكرة، تطور تركيا خلال هذه الفترة، تحركات تقارب و تعاون مع روسيا. إننا بصدد حركات تشكل عنصراً جديداً يتطلب رصداً مستمراً.

و يتعقد الوضع من واقعة كون كلا دولتي اليونان وتركيا،أعضاءً في منظمة حلف شمال الأطلسي. حيث من شأن التصعيد المحتمل بينهما أن يعني وقوع صدع داخل الناتو في منطقة حساسة لمصالحه، ولكنه يعني في الوقت نفسه إمكانية استغلال ذلك، من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لتعزيز دورهما في منطقة بحر إيجة وشرق المتوسط. وبالتأكيد، فإن التصدع الجاد داخل منظمة حلف شمال الأطلسي، سيكون في الأساس نتيجة انقسام عمودي ضد أي اتفاق أو توازن قائم بين مراكزه الإمبريالية الرئيسية، و ليس فقط بسبب وقوع التوتر أو المواجهة بين اليونان وتركيا.

كما و يتطلب موقف الطبقة البرجوازية اليونانية رصداً مستمراً، أمام احتمال نشوب صراع أكثر شمولاً بين روسيا و الولايات المتحدة أو حتى بين الصين و الولايات المتحدة في المستقبل. حيث تشارك الطبقة البرجوازية اليونانية اليوم من خلال سياسة حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين، على نحو نشط في مخططات الناتو الموجهة ضد روسيا. و تدعم القرارات المتخذة ضدها، وتسهل من زيادة حضور منظمة حلف شمال الأطلسي في منطقة بحر إيجه تحت ذريعة إدارة تدفقات اللجوء و الهجرة (ولكن مع هدف فعلي هو التحكم الأفضل بعبور الأسطول الروسي)، وتشارك في فعاليات جوية مشتركة في بلغاريا، موضوعها الأساسي هو ردع "التهديد الروسي" في البحر الأسود.

في الوقت نفسه، فإن الحكومة تسعى إلى صياغة علاقات خاصة مع روسيا والصين في إطار سعيها لترقية موقع الطبقة البرجوازية اليونانية من خلال الدور الخاص لليونان في ربط السوق الآسيوية مع الأوروبية.

هذا و روجت الحكومة اليونانية خلال الفترة السابقة، لدورها بوصفها "مشيدة جسور" بين روسيا و "الغرب"، وهو الدور الذي حاز تواطؤ الولايات المتحدة الذي وصل حد دعمه. و في أي حال، فإن الإحتدام المحتمل لتناقضات روسيا مع الولايات المتحدة و منظمة حلف شمال الأطلسي، سيغدو عامل مفاقمة لتناقضات و معضلات طبقة اليونان البرجوازية، ما دامت مشاركتها في السياق الأوروأطلسي مفيدة لها.

إن محور التعاون بين اليونان وإسرائيل ليست عاملا للسلام في المنطقة، و ذلك بمعزل عن تقدم التقارب التركي الإسرائيلي.

حول القضية القبرصية

13. تتطور مخططات سلبية على الشعوب، في سياق مزاحمات الطبقات البرجوازية لتركيا واليونان وقبرص، كما و الدور السلبي الذي يلعبه و لعبه تاريخياً حتى اليوم، كل من الولايات المتحدة و بريطانيا وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، في حل المشكلة القبرصية.

إن المشكلة القبرصية هي مشكلة دولية لغزو واحتلال الجزء الشمالي لقبرص من قبل تركيا. ويتجلى طابعها الدولي في قرارات مجلس الأمن الدولي.

و تقود التفاعلات الجديدة إلى وضع اللمسات الأخيرة على تقسيم قبرص، و على نحو جوهري نحو تشكيل كياني دولة منفصلين، يشكلان فدرالية فقط على نحو عرضي و شكلي.

إننا نعارض الآن- كما عارضنا بحزم خطة عنان التي رفضها الشعب القبرصي في نهاية المطاف- أي محاولات فرض حل يديم التقسيم و لا يعطي حلا موثوقاً و قابلا للحياة، لكل شعب قبرص، من قبارصة يونانيين و قبارصة أتراك و أرمن و لاتين و موارنة.

إن كفاحنا موجه نحو هدف قبرص موحدة ومستقلة، ذات سيادة و مواطنة وشخصية دولية، واحدة و خالية من القواعد و القوى الأجنبية، دون ضامنين وحماة أجانب.

14. إن الحرب إجمالاً، هي ظاهرة متأصلة في الرأسمالية كما و في كل مجتمع استغلالي. إن "السلم" الإمبريالي يُعد لحروب امبريالية جديدة. و إلى جانب ذلك، فإن "الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى"، وخاصة في ظروف أزمة عميقة لفرط تراكم رأس المال كما والتغيرات الهامة في ميزان القوى ضمن النظام الإمبريالي الدولي، حيث تشهد تجربة القرن اﻠ20 بأكمله بأن إعادة اقتسام الأسواق، نادراً ما تتم دون دماء.

و يقوم الحزب الشيوعي اليوناني، و على عكس الأحزاب الأخرى، بكشف مخاطر الحروب الامبريالية باستمرار أمام الشعب اليوناني، مسهماً على نحو حاسم في تعزيز الكفاح ضد مشاركة البلاد في المخططات الإمبريالية، و ضد القواعد الأجنبية، و عملية تغيير و إعادة رسم الحدود في المنطقة المرتب لها من قبل المراكز الإمبريالية. و يكافح بثبات من أجل فكاك اليونان من الإتحادات الإمبريالية و مسار التطور الرأسمالي اللذين هما سبب الحروب.

و يتدارس الحزب الشيوعي اليوناني التطورات على أساس معيار مصالح الشعوب، و ضرورة تنسيق كفاحها من أجل التصدي للنظام الذي يقود نحو وقوع كل غزو و احتلال. و هو يدمج هذا الكفاح ضمن هدف الإنعتاق الكامل من أصفاد الاستغلال الرأسمالي والهمجية الامبريالية.

عن ترقية وتحديث الآليات القمعية

15. يحتدم النقاش على مستوى الاتحاد الأوروبي وكل دولة برجوازية فيما يتعلق بما يسمى ﺒ"عقيدة الأمن الجديدة للأعضاء". حيث يُبرز "الأمن" باعتباره المسألة الأولى بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي. و يُستغل نشاط الجهاديين والتحكم بتدفقات اللاجئين، كمناسبة و ذريعة لذلك، إلى جانب مسائل أشمل متعلقة بالاستقرار الداخلي والتماسك كشروط ضرورية للانتعاش ومعالجة تبعات الأزمة.

حيث تتواجد خلف هذه الذرائع تطلعات الطبقة البرجوازية (الوقاية من احتدام محتمل للصراع الطبقي) و على الصعيد الخارجي (الدفاع عن مصالح الاتحاد الأوروبي و دوله الأعضاء من خلال التدخل الأكثر فاعلية في النزاعات الدولية). حيث مثالي على ذلك هو "الكتاب الأبيض حول الأمن" في ألمانيا، الذي يربط مباشرة بين مسألة الأمن الداخلي و سعي ألمانيا لزيادة دورها العسكري دوليا. هذا و شهدنا خلال الفترة الأخيرة، كلا من التطورات التالية:

• قرارات قمة حلف شمال الأطلسي في وارسو لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي في المسائل الأمنية.

• فرض "حالة الطوارئ" في فرنسا وبلجيكا و في مدن ألمانية، مع تفعيل أحكام ذات صلة، موجودة في الدساتير البرجوازية و في معاهدات الاتحاد الأوروبي.

• تعزيز الاتجاه لترقية مستوى جيش الاتحاد الأوروبي وتعزيز التشكيلات العسكرية للاتحاد الأوروبي مع إنشاء "الاتحاد الأوروبي الدفاعي".

• تشكيل آليات عسكرية- بوليسية جديدة (على سبيل المثال في بريطانيا).

• استدعاء المادة 42.7 من المعاهدة الوظيفية للاتحاد الأوروبي من قبل فرنسا، بعد الهجوم الإجرامي في باريس لإجراء عمليات قصف في سوريا بالتنسيق مع دول أوروبية أخرى.

• استبدال حرس الحدود الأوروبية فرونتيكس، بخفر السواحل مع إمكانية تدخلها المباشر، حيثما يُقر بغياب تدابير الأمن و وجود حدود ضعيفة.

• التشكيل المسبق ﻠ"شبكة التوعية بشؤون التطرف" من قبل الاتحاد الاوروبي، الذي يسعى للمساواة بين الإرهاب و أي نشاط موجه ضد النظام الرأسمالي، أو يطعن به. إن تشريعات الاتحاد الأوروبي الرجعية هي مرتبطة تماماً مع حماية "البنية التحتية الحيوية" (شركات الطاقة، والنقل، والاتصالات، وغيرها).

حيث تخدم الآليات واتجاهات المذكورة أعلاه، هدف الحماية الأبعد للدول البرجوازية على خلفية احتدام التناقضات الإمبريالية البينية و احتمال مشاركتها في صدامات أعم. و هي بالتوازي مع ذلك، تهدف إلى السيطرة على الشرائح العمالية الشعبية و الحد من الحريات و الحقوق الشعبية من خلال العسكرة و الرجعنة على نحو أبعد.

و بالتأكيد فإن إمكانية صياغة "سياسة أمنية مشتركة" للاتحاد الأوروبي تعتمد على درجة تماسكه و مسار التناقضات داخل الاتحاد بعينه، و هي التي لا تتمظهر بالتأكيد، حصراً في المستوى الاقتصادي.

حيث ينبغي على الحركة الشيوعية مواجهة هذه الشبكة القمعية الاستخباراتية المتنامية، عبر تعزيز الصراع الطبقي المنسق على المستوى الإقليمي والدولي.

عن تدفقات اللجوء و الهجرة. و موقفنا تجاه ضحايا الحروب الإمبريالية والاستغلال الرأسمالي

16. لقد قاد كل من التطور الرأسمالي الغير متكافئ كما و التدخلات الامبريالية والحروب كما و بنحو رئيسي، نشاط التشكيلات السياسية والدولية الرجعية الجديدة ( "كالدولة الإسلامية"، القاعدة، بوكو حرام) في منطقة تمتد من أوكرانيا والشرق الأوسط وشرق المتوسط حتى شمال أفريقيا و جنوب الصحراء الكبرى، إلى نشوء تدفقات هجرة و لجوء في المقام الأول و إلى احتدام مشكلة تدفق اللاجئين من بلدان المناطق المذكورة نحو أوروبا.

و شهد عدد من اللاجئين مع النازحين داخليا عام 2015، في جميع أنحاء العالم ارتفاعا جديدا، حيث بلغ 65,3 مليون نسمة. (أي 1/113 من سكان الأرض)، يشكل الأطفال 50٪ منهم. و تمثل سوريا وأفغانستان والصومال، البلدان التي يأتي منها نصف اللاجئين. و في الوقت نفسه، تحتل سوريا والعراق المرتبتين الثانية و الثالثة تباعاً من حيث عدد النازحين، داخلياً.

و خلال السنوات الأخيرة، غدت اليونان بلداً رئيسياً لولوج و عبور اللاجئين نحو الاتحاد الأوروبي، وخاصة في عام 2015، حيث دُفع ما يقرب من مليون لاجئ، معظمهم من السوريين، عبر الجزر اليونانية لبحر إيجه نحو الدول الأعضاء في وسط وشمال الاتحاد الأوروبي. وقد استخدم هؤلاء اللاجئون سياسة "الحدود المفتوحة" التي تبنتها لفترة قصيرة حكومات و قوى برجوازية في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بهدف تزويد مجموعاتها الاحتكارية بقوى عاملة و كوادر علمية رخيصة مع أدنى حد من الحقوق، من خزان اللاجئين. حيث سيطرت سياسة "الحدود المغلقة" عند اشتداد تدفقات اللجوء والهجرة. و على الرغم من كل التناقضات والصراعات الجارية، يكمن جوهر سياسة والاتحاد الأوروبي حول الهجرة و اللجوء، في تصنيف و اختيار عدد من اللاجئين المهاجرين من أجل احتياجات الاقتصاد الرأسمالي وفي فتح و إغلاق "صنبور"هذه التدفقات وفقا لهذه الاحتياجات.

إن أهم مقرارات الاتحاد الأوروبي في تنفيذ السياسة تجاه اللاجئين و المهاجرين هي: القرارات حول تصنيف و اختيار اللاجئين ضمن البقع الساخنة و برامج توزيعهم على الدول الأعضاء (إعادة توطين)، وتعديل لائحة دبلن وفق متطلبات التطبيق الأشمل لسياسة الاتحاد الأوروبي في مسألة اللجوء و الهجرة والتحكم بتدفقاتهما لصالح رأس المال، كما والتشريعات الجديدة الأكثر رجعية حول اللجوء، و اتفاقية الاتحاد الأوروبي - تركيا التي تنتهك صراحة القانون الدولي للاجئين- بالترابط مع إغلاق الحدود- و التي أدت إلى انحباس اللاجئين في اليونان و عملية الاتحاد الأوروبي البحرية «صوفيا» قبالة سواحل ليبيا، و عملية حلف شمال الاطلسي في بحر إيجه وإنشاء جسم خفر السواحل و الحدود الأوروبية المفوضة بإمكانية القيام بعمليات على حدود دولة عضو، حتى دون موافقتها، كما والتطورات حول معاهدة شنغن.

هذا و قامت حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين على الرغم من اختلاف خطابها عن سالفاتها من الحكومات، بدعم وتنفيذ جميع قرارات الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي التي تورط بشكل أكثر عمقا مسألة اللجوء و الهجرة في مزاحمات المراكز الإمبريالية الجارية في المنطقة. حيث كان لهذه القرارات تأثير كبير على العلاقات اليونانية التركية، كما يتضح من الضغط الممارس لتنفيذ اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا.

هذا و صاغت الحكومة ظروف احتباس دائم بالنسبة لغالبية اللاجئين والمهاجرين، و هي مسؤولة عن أوضاعهم المعيشية البائسة في معظم مخيمات اللاجئين، و عن تبعات ذلك على حياة السكان و نشاط منظمة الفجر الذهبي الفاشية و غيرها من القوى و الآليات الرجعية التي تقوم بإعداد الفتن ضد اللاجئين-المهاجرين و ضد السكان. حيث سلمت للمنظمات غير الحكومية مجال خدمات التعامل مع اللاجئين والمهاجرين. كما و تجاه المهاجرين الاقتصاديين القدامى، الذين يعاني منهم الكثير نظراً لعدم تجديد إقاماتهم، فقد اتخذت حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين تدابير مؤقتة، و ظرفية، و هي تتواجد في بعض الحالات، كمثال العمال الزراعيين، ضمن توجه أكثر مناهضة للعمال.

و على النقيض من سياسات الاتحادات الامبريالية ورأس المال والحكومات اليونانية، ناضل الحزب الشيوعي اليوناني للتخفيف من آثار المشكلة، و لفك احتباس للاجئين و نقلهم الآمن إلى بلدان وجهتهم و لضمان ظروف إقامة مؤقتة إنسانية لهم. حيث أسهم عبر قواه ضمن الحركة العمالية الشعبية في تنظيم التضامن الشعبي الفعلي، بعيدا عن الخيرية المسكونية. و أعطى ويعطي الأولوية لإبراز مسببات الهجرة الجماعية واللجوء، فضلا عن تنظيم نضال الشعب، بمعزل عن الأصل العرقي و القبلي و الديني ضد هذه المسببات، ضد الحرب الإمبريالية و ضد الرحم الذي يلدها و هي الرأسمالية. إن الصراع ضد الرأسمالية و ضد تداعيات الأزمة الرأسمالية والحروب الامبريالية هو صراع ضروري لاجتثاث الأسباب التي تعيق الشعوب من العيش بكرامة و أمان و أن تغدو أسياداً في أوطانها.

الفصل الثاني - عن اليونان ضمن النظام الامبريالي الدولي

عن الاتحاد الأوروبي و موقع اليونان ضمنه

17. تؤكد التطورات الواقعة بعد اندلاع الأزمة الدولية العالمية 2008-2009 أن الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو ليسا بتشكيلين ثابتيتن دائمين و متماسكين.

فقد تغير ميزان القوى في السنوات التي تلت الأزمة الدولية -على حد السواء أجمالاً في الاتحاد الأوروبي، كما و ضمن نواته القيادية- في صالح ألمانيا. حيث يتمظهر اتساع الفجوة على حساب فرنسا وإيطاليا في المقام الأول عبر متوسط المعدلات السنوية المحدودة في تغيير ناتجها المحلي الإجمالي ضمن العقد الواحد، في حين ينعكس ذلك، في ميزان حسابها الجاري و وضعها المالي.

فقد بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي لمنطقة اليورو،على مستوى عقد (2006-2016) 0.54٪، أي أنها تواجه ركوداً. و يتجلى تفوق ألمانيا في معدل نمو سنوي متوسط النمو يصل إلى 1.2٪ يقابله 0.6٪ في إيطاليا، و 0.7٪ في فرنسا.

حيث من المتوقع أن تَضعُفَ سلسلة من العوامل التي لعبت في تحقيق التعافي الهزيل لمنطقة اليورو، كالانخفاض الكبير في أسعار الوقود و تراجع قيمة اليورو. وفي الوقت نفسه، فإن عددا من التطورات (كمثال اﻠ Brexit، و اتجاه تعزيز الحمائية، و المشاكل الكبيرة في البنوك الأوروبية الكبرى) سوف تؤثر على منظور وتيرة النمو الرأسمالي في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو.

و تحاول المفوضية الأوروبية دعم عملية التعافي عبر تيسير السياسة النقدية، في حين يطبق البنك المركزي الأوروبي، من جانبه، سياسة تيسير نسبي للسياسة النقدية. و في ذات الوقت، تسوق جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، في وئام مع حكومات الدول الأعضاء، لعمليات إعادة هيكلة من أجل تأمين قوة عمل رخيصة للمجموعات الاقتصادية.

و مع ذلك تعجز سياسات الاتحاد الأوروبي عن تخفيف عدم التكافؤ داخل منطقة اليورو، وهو ما ينعكس في اتساع الهوة بين البلدان التي تسجل و باستمرار فوائض تجارية (ألمانيا، هولندا وغيرها) وغالبية الدول التي تسجل عجزاً مقابلاً. حيث جرى فوق هذه الأرضية، إيداع الاقتراح المعروف عام 2015 من قبل خمسة رؤساء (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي ومجموعة اليورو) ليكون بمثابة إطار للتفاوض من أجل "تكامل الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي". حيث يركز هذا الاقتراح على مسألة الاتحاد المالي و اتحاد الإدارة المالية و التعميق بهدف الاتحاد السياسي على أساس المعاهدات القائمة للاتحاد الأوروبي.

18. إن نتيجة الاستفتاء البريطاني وصعود التشكيك البرجوازي بالاتحاد الأوروبي  في فرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول أعضاء الاتحاد، يترك الباب مفتوحا أمام إمكانية تعزيز القوى النابذة و قيام استفتاءات جديدة و إضعاف جديد للاتحاد الأوروبي.

و تعكس نتيجة اﻠ Brexit إلى حد ما الموقف السلبي الأشمل للطبقة البرجوازية البريطانية تجاه عملية تعميق الاتحاد الاقتصادي والنقدي والاتحاد الأوروبي، و اتساقها المستمر مع الولايات المتحدة في مزاحمة ألمانيا، و وجود قطاعات من الرأسمال البريطاني والأمريكي ترغب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و حصر السخط الشعبي في تيار التشكيك البرجوازي بالإتحاد الأوروبي. و بالتوازي مع ذلك، يتمظهر حراك ما في اتجاه المطالبة بإعادة إجراء الاستفتاء.

و إجمالاً، فإن الاتجاه العام للمفاوضات على ما يبدو، سيكون في الحفاظ على "علاقة وثيقة" مع الاتحاد الأوروبي. و فوق هذه الأرضية تتعقد معضلات السياسة البرجوازية في ألمانيا وغيرها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. و ابتدائياً، يتحرك الخط المهيمن للطبقة البرجوازية الألمانية بين الحفاظ على الطابع الحكوماتي لقرارات الاتحاد الأوروبي وفرض الاتحاد الأوروبي المتعدد السرعات، عملياً، مع العديد من الدوائر المتحدة المركز و مع فرض قواعد صارمة على السياسة المالية. ومع ذلك، فإن الاشتراكية الديمقراطية الألمانية تتماشى إلى حد كبير مع اقتراحات تعميق التكامل الأوروبي الصادرة من جانب فرنسا وإيطاليا.

و تطالب حكومات فرنسا وإيطاليا، كما على الدول الأخرى التي تنتمي إلى ما يسمى "Club Med" التي شكلت عبر توقيع على ما سمي ﺒ"إعلان أثينا" بتخفيف السياسة المالية من جهة، من أجل استغلال أكبر لأدوات السياسة المالية لمساعدة الربحية الرأسمالية، و من جهة أخرى لتعميق تكامل منطقة اليورو ضمن السياق (برلمان واحد وميزانية واحدة لمنطقة اليورو، و حكم موحد، وما إلى ذلك) لكي تتحمل ألمانيا عملياً دور الضامن للأعضاء المثقلين بالديون وبنوك الاتحاد الأوروبي الكبيرة ذات المشاكل. وفي الوقت نفسه، يتعزز في فرنسا وإيطاليا تيار المعارضة المشكك بالإتحاد الأوروبي.

و تطالب بعض الدول الأعضاء ذات العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة، كمجموعة فيزيغراد (بولندا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا)، كما و دول كالسويد والدنمارك، بالحفاظ على الطابع الحكوماتي للاتحاد الأوروبي وتعزيز استقلالية السياسات القومية حول مختلف المواضيع (مثل مسألة الهجرة و اللجوء).

و يرتبط السجال حول خليطة السياسة المطبقة، بشكل موضوعي مع السجال الدائر حول التحالفات الدولية للاتحاد الأوروبي. حيث تتواجد هنا اختلافات كبيرة سواء بين الدول الأعضاء كما و داخلها، فيما يتعلق بالعلاقة بين الاتحاد الأوروبي و دول بعينها كالولايات المتحدة وروسيا كما و مع الصين.

حيث تتدخل والولايات المتحدة في تطورات الاتحاد الأوروبي، و تدعم إيطاليا وفرنسا بشأن مسألة التيسير المالي ومجموعة فيزيغراد و البلدان الاسكاندنافية.

و تتدخل روسيا بدورها، في المزاحمات داخل الاتحاد الأوروبي، و تدعم قوى سياسية و دولاً تعارض تعميق التكامل الرأسمالي في الاتحاد الأوروبي. حيث ازداد تعزيز هذا الموقف الروسي، من تفاقم وضع علاقات الاتحاد الأوروبي مع روسيا كنتيجة سعي الاتحاد لربط أوكرانيا معه، في تعارض مع مشاريع التكامل الروسية للاتحاد الاقتصادي الأوراسي. و تعارض روسيا أيضا مخططات الاتحاد الأوروبي للدمج التدريجي لبلدان غرب البلقان. حيث بوشرت سلفاً مفاوضات صربيا والجبل الأسود للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن وضعها لا يزال متقلبا.

ومن الجدير بالذكر أن هذه التناقضات المتعلقة بخليطة السياسات المتبعة في الاتحاد الأوروبي، تجري فوق خلفية قرار اﻠG-20 لتيسير السياسة المالية في صالح الاستثمارات العامة.

و ستتأثر العلاقات والمزاحمات داخل الاتحاد الأوروبي-و من المحتمل أن تحتدم- خلال الفترة القادمة نتيجة سلسلة من التطورات السياسية، كنتائج الاستفتاء الأخير على التعديل الدستوري في إيطاليا والانتخابات القادمة في فرنسا وألمانيا.

19. بناء على هذه المعطيات الموضوعية، تقوم الطبقة البرجوازية في اليونان بتكييف أهدافها و تراتبيتها، التي تدين المفاوضات بخدمتها بنحو أساسي كما والسياسة الاقتصادية العامة لحكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين. حيث تتمثل أولوياتها المهمة في:

أ) إعادة هيكلة الدين العام، و عموماً الشروط العامة لخدمة التمويل العام من الخارج، لتثبيت مسار خروج الاقتصاد اليوناني من مرحلة الأزمة الرأسمالية، و تسريعه.

ب) تنفيذ استثمارات كبيرة من شأنها الإسهام في إبراز البلاد كعقدة نقل للطاقة والبضائع في المنطقة.

ج) إعادة بناء الإنتاج الرأسمالي عبر تسويق تغييرات في الهيكل القطاعي الحالي للاقتصاد، لتعزيز التوجه نحو التصدير وإنتاج السلع والخدمات التنافسية المبتكرة. و في هذا السياق تعطى الأهمية لجذب الاستثمارات في القطاعات الصناعية لاستخراج النفط والنقل والخدمات اللوجستية (logistics) ومصادر الطاقة المتجددة، و شبكة الأغذية الزراعية الموجهة للتصدير، وكذلك نحو السياحة المتخصصة وتحديد أولويات فروع وقطاعات قادرة أن تكون بمثابة "قاطرة جديدة" للتنمية الرأسمالية، إلى جانب تعزيز الشحن البحري العابر للمحيطات.

د) تعزيز عمليات إعادة الهيكلة من أجل تأمين قوة عمل رخيصة (كعلاقات العمل، الضمان الاجتماعي) وفتح مجالات جديدة لربحية لرأس المال (كتحرير الأسواق، و عمليات الخصخصة).

ه) تحديث هيكل و وظيفة الدولة البرجوازية و بنيتها التحتية، للمساهمة في تعزيز أكثر فعالية لأهداف الطبقة الحاكمة (كتحسين قدرة الدولة على جني الضرائب عبر إنشاء سجل إلكتروني للممتلكات).

و في سبيل التسويق المشترك لهذه الأهداف، يقوم التوجه البرجوازي التفاوضي ﺒ:

• الإتساق مع الضغط الممارس من إيطاليا وفرنسا لتيسير السياسة المالية في منطقة اليورو.

• المشاركة بنشاط في تعزيز مخططات الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة.

• تطوير علاقات مزاحمة وتعاون مع تركيا، على نحو متناقض.

• محاولة ترقية مستوى العلاقات الثنائية مع الصين و على نحو أقل مع روسيا، في تنفيذ مشاريع استثمارية و مخططات نقل البضائع و الطاقة نحو الاتحاد الأوروبي.

و يعتبر الخط السائد للسياسة البرجوازية بقاء البلاد ضمن التحالفات الإمبريالية الاتحادية الأوروبية، كمعطى ثابت، في حين لا تزال وثيقة جداً علاقات رأس مال الشحن البحري التجاري اليوناني، مع الولايات المتحدة وبريطانيا، مع تعزيز علاقاته مع الصين.

الفصل الثالث - تقييم التطورات في اليونان

التطورات في الاقتصاد اليوناني

20. يتجه الاقتصاد اليوناني إلى الانتقال نحو التعافي الهزيل عام 2017. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الاتجاه يعتمد على معايير أخرى و لا سيما على تطورات الاقتصاد الدولي.

و عبر حساب الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010، تصل نسبة انكماشه خلال خمس سنوات 10.4٪، في حين بالمقارنة مع بداية مرحلة الأزمة عام 2008، فإن نسبة انكماش الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 26٪. هذا و انكمش الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 بنسبة 0.2٪، في حين يتوقع أن تصل نسبة انكماشه عام 2016، 0.3٪. و سجل مؤشر حجم الإنتاج الصناعي عام 2015 ارتفاعا هزيلاً بنسبة 0.7٪ منذ عام 2007، وهو اتجاه استمر في النصف الأول من عام 2016. و كانت الصناعات التحويلية الديناميكية قد تمثلت في صناعة النفط، والمنتجات الدوائية و المنتجات الكيماوية والمعادن الأساسية.

هذا و لم تتغير الهيكلية القطاعية للاقتصاد اليوناني بشكل كبير في السنوات الأربع الماضية. حيث لوحظت زيادة طفيفة في حصة القطاع الأولي من إجمالي الإنتاج الجديد من نسبة 3.7٪ عام 2012 إلى 4 ٪ عام 2015، والقطاع الثالث من 80.1٪ عام 2012 إلى 81،8٪ عام 2015، مع تراجع في القطاع الثانوي (الصناعات التحويلية والطاقة والبناء و الصناعة الاستخراجية) من 16.2٪ عام 2012 إلى 15.2٪ عام 2015.

و جدير بالذكر-بعيداً عن المشاكل المنهجية الأشمل للفصل بين القطاع الأولي والثانوي والثالث- فإن الأحجام المذكورة أعلاه تتأثر بحقيقة أن عددا من فروع الصناعة، كالاتصالات والنقل، تصنف حسب الإحصاءات البرجوازية ضمن القطاع الثالث. حيث تصبح المشكلة المنهجية المذكورة أعلاه، أكبر في اليونان، نظراً لأن الشحن البحري (الذي ينتمي إلى قطاع النقل) يشكل تاريخياً أقوى فروع الاقتصاد الرأسمالي اليوناني.

حيث احتل الشحن البحري المملوك من قبل يونانيين، عام 2015 المركز الأول عالميا، مع زيادة قدرة سفنه و حصصه الكبيرة في الأسطول العالمي لناقلات النفط و سفن شحن الصب، و هو على درجة عالية من استغلال عمال هذا الفرع.

واستمر خلال السنوات الأربع الماضية الاتجاه النزولي في عدد أرباب العمل و العاملين لحسابهم الخاص بسبب الأزمة، بينما كانت هناك زيادة هامشية في عدد العاملين بأجر. و على نحو أكثر تحديدا، انخفض عدد أرباب العمل من 261 ألفاً عام 2012 إلى 248 عام 2015، و انخفض عدد العاملين لحسابهم الخاص (الذي يضم المزارعين ضمنه) من 908 0ألفاً إلى 856 وارتفع عدد العاملين بأجر على نحو طفيف من 2.34 مليوناً إلى 2.35 مليون. كما و انخفض عدد الأعضاء المساعدين في الشركات العائلية الصغيرة من 185 ألفاً إلى 158.

إن هذه التغيرات لم تحول بشكل كبير النسب البينية و المعدلات في جملة المُشغَّلين: حيث انخفضت نسبة أرباب العمل من 7.7٪ إلى 6.9٪، ونسبة العاملين لحسابهم الخاص، من 24.6٪ إلى 23.7٪ وارتفعت نسبة العاملين بأجر من 63.4٪ إلى 65٪. و يتعلق ما تبقى بالأعضاء المساعدين الذين سجلت نسبتهم انخفاضاً طفيفاً. ويجب أن يؤخذ في الحسبان أن هذه النسب تختلف قليلا، من ناحية عدد السكان النشطين اقتصاديا الذي يشمل العاطلين عن العمل و الذين بمعظمهم كانوا عاملين بأجر، بالإضافة للعاملين لحسابهم الخاص.

21. خلال فترة الأزمة تعزز اتجاه تركيز و مركزة الاقتصاد الرأسمالي اليوناني. فبعد دورة من عمليات الاندماج والاستحواذ، حيت تجمع عملياً اﻠ4 بنوك الشاملة الكبرى جميع الأنشطة المصرفية.

و يسجل في قطاع التجارة نمو كبير في حصة المجموعات التجارية الكبيرة، في قطاع الاتصالات، حيث تتحكم 3 مجموعات عملياً تماما بالسوق (ΟΤΕ, Vodaphone, Wind) كما و وقعت ثاني أقوى المجموعات على شراكة استراتيجية مع ثالثها.

و تُهيمن على قطاع الطاقة ثلاث مجموعات كبيرة في مجال الوقود و هي التي تسيطر تماما على تكرير النفط، في حين تقدم على نحو حاسم تمركز صناعة البناء والتشييد، حيث تنشط مجموعاتها الرئيسية أيضاً، في تنفيذ المشاريع الصغيرة.

و في صناعة المعادن، تسيطر أكبر مجموعتان تقريبا على 2/3 من هذا القطاع. حيث تجري تطورات مماثلة في قطاعات السياحة و الإطعام و المواد الغذائية والمشروبات.

22. حيث تتوقع الاتحادات الإمبريالية الدولية (منظمة التعاون والتنمية وصندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوروبية)، كما و بنك اليونان، حضور تعافٍ في الاقتصاد اليوناني في الفترة 2017-2018، مع زيادة الاستثمار (باستثناء السكن)، و بإسهام من قانون جديد للتنمية مبني على التمويل الإتحادي الأوروبي، كما و من تسريع عمليات الخصخصة الهامة.

و تتوقع زيادة الصادرات السلعية نتيجة تحسين تنافسية الاقتصاد اليوناني، ونمو الخدمات (السياحة والشحن البحري)، وزيادة الاستهلاك المحلي نتيجة زيادة التشغيل والدخل وتحسين ظروف الائتمان.

إن عوامل اللايقين التي من الممكن أن تؤدي نحو نتائج أكثر سلبية، تتمثل في التدهور المحتمل في البيئة الاقتصادية الدولية و مسار الاتحاد الأوروبي بعد اﻠBrexit، و الأثر السلبي المحتمل على السياحة والتجارة من تفاقم مشكلة اللاجئين والوضع في منطقة شرق المتوسط، وتأثير السياسات الحكومية (زيادة الضرائب غير المباشرة، إثقال الشرائح الشعبية).

حيث تؤكد هذه الملاحظات عدم يقين التوقعات البرجوازية، ولا سيما إذا ما تفاقم وضع منطقة اليورو و تعزَّزت قواها النابذة.

ومن الجدير بالذكر أن ليس من السهل تنفيذ بعض الاستثمارات الكبيرة (مثل الموانئ و السكك الحديدية) في حال انتفاء و جود توافق متوسط الأجل بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و الصين و روسيا، في المنطقة.

عن وضع الطبقة العاملة والشرائح الشعبية وسياسة الحكومة

23. كان الترتيب قد جرى قبل الأزمة بكثير للتدابير التي أدت إلى انقلابات كبيرة في علاقات العمل والأجور والاتفاقات الجماعية والمعاشات والمزايا الاجتماعية، وما إلى ذلك، عبر معاهدة ماستريخت وبشكل أكثر تحديدا منذ عام 1993 عبر "الكتاب الأبيض". أي أنها كانت متعلقة بالتالي بجميع دول الاتحاد الأوروبي، وكان ذلك مستقلا عن مرحلة دورة إعادة الإنتاج الرأسمالي. حيث كانت عمليات إعادة الهيكلة الرأسمالية والإصلاحات المناهضة للعمال تخدم غرض تسهيل الربحية الرأسمالية على خلفية احتدام المنافسة الدولية. ومع ذلك، فإن من المسلَّم به هو زيادة راهنيتها بالنسبة للنظام الرأسمالي في أوقات الأزمات.

هذا و سُوِّق لهذا التخطيط الاستراتيجي على نحو هادف و منهجي وعلى المدى الطويل من قبل الاتحاد الأوروبي والحكومات البرجوازية في كل بلد. حيث وجدت هذه التدابير تطورها السريع والكامل، وخاصة في اليونان ابتداء من عام 2010، عبر ثلاث رزم (مذكرات) وعشرة قوانين تطبيقية لها، حيث تمثل منها حصراً ما هو تعلق بإعادة هيكلة حقوق العمال في (4 قوانين عام 2010، 2 عام 2012، و قانون واحد في أعوام: 2013، 2014، 2015، 2016 تباعاً).

حيث يجري الترويج في إطار استراتيجية موحدة ﻠ:

• سياسة موحدة نحو تخفيض حاد في الرواتب والأجور وتعزيز أشكال تشغيل بديلة وغير كاملة. إلغاء وقت العمل اليومي الثابت إلى حد كبير، و العمل الدائم في القطاع الحكومي وبعض أشكال التشغيل الأكثر استقرارا في القطاع الخاص، مع تغييرات واسعة النطاق في علاقات العمل، من خلال تعزيز مرونتها و مطاطيتها. إننا بصدد سياسات مندمجة في استراتيجية تحرير سوق العمل مع مرور الزمن و ضمن اتجاه تعديل رواتب و أجور العمل نحو مستويات منخفضة جدا تتشكل ضمن السوق الرأسمالي الدولي.

• سياسة موحدة للحد من الإمدادات الصحية والاجتماعية، و في المقام الأول فيما يتعلق بأنظمة الضمان الاجتماعي، عبر توسيع الخصخصة.

• تبني سياسات لإضفاء الشرعية على مكاتب النخاسة واستغلال المهاجرين باعتبارهم قوة عمل رخيصة و عتلة ضغط من أجل تحقيق تقليص إجمالي للرواتب والأجور.

• فرض قيود جديدة على الحق في الإضراب وعلى النشاط النقابي.

• زيادة مطردة في الضرائب غير المباشرة، مما يؤدي إلى زيادة في السلع الاستهلاكية الشعبية (كالكهرباء والغذاء والنقل، وما إلى ذلك).

و تشكل "استراتيجية أوروبا 2020"، التي تبناها المجلس الأوروبي في حزيران/يونيو 2010، تعميقاً لكامل الإطار المناهض للعمال الذي تم تشكيله. إن تلك التدابير، التي تهدف إلى جعل الاحتكارات الأوروبية و من بينها اليونانية، أكثر تنافسية، لا يعني قدرة هذه التدابير التغلب على تناقضات النظام، والتنمية الغير متكافئة، والتناقضات الإمبريالية البينية. و هو ما يظهر بوضوح في الاتحاد الأوروبي اليوم، حيث يطبق "الحكم الاقتصادي- و نصف العام الأوروبي" و يجري إعداد "الكتاب الأبيض" الجديد، التي سيتم الإعلان عنه في ربيع عام 2017، و الهادف جعل الاتحاد النقدي الأوروبي أكثر تحملاً ﻠ"هزات المستقبل".

هذا و سببت تداعيات الأزمة الاقتصادية و التدابير المناهضة للعمال، التي أدرجت ضمن المذكرات المعروفة و قوانينها التطبيقية، انقلابات عميقة أكثر رسوخاً، في ظروف معيشة و عمل الطبقة العاملة وتشكيلتها كما و في قطاع كبير من العاملين لحسابهم الخاص وصغار الملاكين في المدينة، و الريف. و توسعت صفوف الطبقة العاملة نحو أجزاء جديدة نظراً لخراب الشرائح الوسطى في المدينة والريف. حيث قاربت قطاعات أكثر من الشرائح الوسطى الطبقة العاملة، و تزايد عدد أشباه البروليتاريين. و في التوازي مع ذلك، تبدت زيادة في الهجرة، و لا سيما هجرة الشباب.

و قلصت إعادة هيكلة والأزمة من شريحة الأرستقراطية العمالية في القطاعين العام و الخاص كما و تقلص عدد موظفي الدولة. حيث لا يعني هذا تخلي البرجوازية عن الحفاظ على آليات تضليل الحركة العمالية و عن تجديدها وإنشاء آليات جديدة. كما و يتنامى تمايز هام، و تقسيم طبقي داخل الطبقة العاملة و على نحو أشمل ضمن العاملين بأجر، وهو ما يشكل القاعدة المادية للأرستقراطية العمالية.

24. و تؤكد البيانات الأخيرة الاتجاه التصاعدي للبؤس المطلق للطبقة العاملة. بعد الانخفاض الحاد في أجور العمل العام في الفترة من 2009-2012 من 85 مليار يورو إلى 66.1 مليار، و في الفترة 2012-2015 انخفض ليبلغ 59 مليار مسجلاً مزيداً من الانخفاض بلغ نسبة 10.7٪، في حين تجاوزت نسبة الانخفاض الإجمالي مقارنة بمستوى ما قبل الأزمة نسبة اﻠ30٪. و بالإضافة إلى انخفاض الأجور، فإن هذا الانخفاض الحاد في إجمالي رواتب العمال و الموظفين يعكس بطبيعة الحال ارتفاع البطالة خلال فترة الأزمة.

و استنادا إلى بيانات بنك اليونان، فقد انخفض دخل كل موظف بنسبة 7٪ عام 2013 و 2.1٪ عام 2014 و 2.7٪ عام 2015. و انخفض الراتب الإسمي لكل موظف من 24.3 ألف يورو عام 2012 إلى 21.8 ألفاً عام 2015، أي بانخفاض قدره 10.3٪، و هو ما يضاف للتخفيضات المطبقة في فترة 2010-2012 التي أوصلت متوسط الراتب الاسمي السنوية من 26.1 ألفاً إلى 24.3. و يتجاوز انخفاض متوسط الرواتب عند احتسابه بالأسعار الثابتة (بعد احتساب التضخم) أكثر من 20٪. واستنادا إلى بيانات مؤسسة الضمانات الاجتماعية، يصل انخفاض الحد الأدنى للأجور منذ عام 2010 نسبة 35٪.

و كانت القوة الشرائية لمتوسط الراتب الإجمالي في اليونان بالكاد تصل في عام 2014 نسبة 66٪ من متوسط القوة الشرائية لبلدان الاتحاد الأوروبي اﻠ15 الأكثر تقدما، مقارنة مع نسبة 82٪ عام 2009. و تتعاظم خسائر القوة الشرائية للعاملين بأجر، إذا ما أخذ في الإعتبار استنزافها الضريبي الجاري في السنوات الأخيرة. و مع الأخذ بعين الاعتبار لكل هذه العوامل، يمكننا التقدير بأن إجمالي خسائر مستوى معيشة العمال، يقارب و يلامس نسبة اﻠ50٪ خلال فترة الأزمة.

هذا و أسفر الهجوم على الحد الأدنى للأجور (تخفيض بنسبة 22٪ لمن تجاوز سن اﻠ25 و 32٪ للشباب تحت سن 25 عاما) عن إيصال مستوى أجور عام 2014 لتكون أقل بكثير من بدايات عقد اﻠ 1990.

و تفاقم قوانين السنوات الأخيرة و باستمرار من مستوى الراتب والدخل، الشعبيين، و معيشة الأسر العمالية الشعبية. وتعكس البيانات المقدمة، الصعوبات التي يواجهها العمال، كما و وضع الأجور وعلاقات العمل.

و يشكل العاملون براتب منخفض حوالي 60٪ من العمال. و على وجه محدد، وصلت نسبة العاملين براتب "صافٍ" تحت عتبة اﻠ1000يورو، 63.17٪. و يلاحظ في الوقت نفسه وجود انتقال نحو المستوى الأدنى في ما يتعلق بتصنيف العاملين على مختلف المستويات. حيث زادت نسبة العاملين براتب من 501 إلى 600 يورو بنسبة 13.24٪ 501- وبنسبة 10.56٪ للعاملين براتب من 601 إلى 700 يورو.

وفيما يتعلق ﺒ"حراك و مرونة" سوق العمل الناجم عن القوانين الأخيرة و الأزمة الرأسمالية، فنموذجي هو التالي: تجاوز في عام 2015 عدد عقود العمل التي أنهيت من جانب أرباب العمل مع " المغادرة الطوعية" و عقود العمل المؤقت المنتهية، إجمال عدد العاملين بأجر في العام ذاته.

إن علاقات العمل تتفاقم بوتائر شديدة السرعة. ففي عام 2015 تجاوزت نسبة "علاقات العمل المرنة" (العمل الجزئي والمتناوب) 55٪ من الوظائف الجديدة، في حين كانت تبلغ عام 2009 نسبة 29٪ و نسبة 45% عام 2012. و يشتغل حوالي 30٪ من العاملين في القطاع الخاص في عمل جزئي، بينما يعمل 20٪ منهم أقل من 20 ساعة في الأسبوع. و في أي حال، فإن أكثر من نصف التوظيفات التي تجري اليوم يتعلق بهذه الأشكال المرنة للتشغيل، مما يؤثر بطبيعة الحال على مستوى متوسط الأجور.

وقد انخفض متوسط استهلاك الأسر في اليونان بنسبة 25٪ في الفترة 2010-2014 ويصل حد اﻠ 1.460 يورو مقارنة مع 1.950 عام 2010. وخلال الفترة ذاتها لوحظ تباين واضح في سلوك تغذية الأسرة المتوسطة اليونانية. حيث تباينت على وجه التحديد كميات الأغذية المستهلكة (على سبيل المثال، انخفض استهلاك اللحوم و الأسماك بنسبة 12٪). و في عام 2015 تواجد 40٪ من السكان في وضع حرمان مادي، و هو ما يزيد بشكل ملحوظ مقارنة مع نسبة اﻠ24٪ المسجلة عام 2010.

و انخفض معدل البطالة الإجمالي بنحو طفيف خلال السنوات الأربع الماضية، مع بقائه مرتفعاً للغاية. حيث بلغ عام 2015 نسبة 24.9٪ مقارنة ﺒ27.5٪ عام 2013 و 26.5٪ عام 2014. و لا يزال عدد العاطلين عن العمل مرتفعا جدا، ويصل اﻠ1.2 مليون. في حين مرتفع جداً هو معدل البطالة في الفئات العمرية الأصغر سنا (15-29) حيث يتجاوز نسبة اﻠ40٪. و في الوقت نفسه ازدادت على نحو كبير نسبة العاطلين لفترات طويلة (أي العاطلين عن العمل لأكثر من 12 شهرا). في عام 2015 كان عدد العاطلين عن العمل على المدى الطويل 875 ألفاً، أي 73.1٪ من مجموع العاطلين عن العمل، في حين كانت النسبة ذاتها في عام 2012، تصل 59٪ من العاطلين عن العمل. هذا و تسجل النساء معدلات بطالة أعلى من الرجال. حيث بلغت نسبة البطالة بين النساء عام 2015، 28.9٪ مقابل 22٪ من الرجال. و ازداد معدل البطالة بين النساء مقارنة بنسبتها عام 2012 التي كانت 28.1٪، ليصل عددهن إلى 618 الفاً.

25. و يؤكد التقرير الأخير لبنك اليونان موقف الحزب الشيوعي اليوناني أن تحسين التنافسية وسياسة لخروج من مرحلة الأزمة استندا و سيستندان على "تكاليف الأجور المنخفضة و على الإطار المؤسسي الذي يدعم المرونة في سوق العمل " أي على قوة العمل الرخيصة.

و تبرز رابطة الصناعيين اليونانيين بثبات أولوياتها من أجل التنفيذ السريع والفعال لبرنامج المذكرة الثالثة وتسريع عمليات إعادة الهيكلة والخصخصة، و تقليص ما يسمى ﺒ"التكاليف الغير مباشرة"، وتوفير قدر أكبر من الحوافز الضريبية لجذب استثمارات خاصة. و إجمالاً، هناك اتساق بين البرجوازية المحلية (رابطة الصناعيين اليونانيين، اتحاد ملاك السفن اليونانيين، اتحاد بنوك اليونان) و بين صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي نحو اتخاذ تدابير تزيد من درجة استغلال الطبقة العاملة و من هدم حقوقها و دخلها.

وعلى الرغم من الخلافات القائمة بين مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، يجري تطبيق الخطوط الرئيسية لهذه السياسة بحزم في كل مكان، حيث نموذجية على ذلك، هي التدابير الأخيرة المتخذة في فرنسا وإيطاليا.

26. و تبرز حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين دعاية قائلة باتباعها اتجاهاً مختلفاً نحو إعادة بناء إنتاجي رأسمالي للبلاد، مقارنة مع الحكومات السابقة. و تُبرز مقترح "التنمية العادلة"، الذي يتضمن عناصر جديدة مزعومة في مجال الابتكار والجودة، واستخدام المعرفة العلمية والتكنولوجيا المتخصصة في صالح زيادة الإنتاجية، واستخدام الدولة البرجوازية المعاد بنائها كرافعة للتنمية و على نحو رئيسي في "تعزيز المجتمع والسوق".

حيث تخفي الحكومة أن استغلال كِلا المعرفة العلمية والابتكار لزيادة الإنتاجية، لا يُستخدم ضمن الرأسمالية لتحسين وضع العمال (زيادة الدخل و تقليص وقت العمل)، بل من أجل زيادة أرباح رأس المال. حيث يُثبت ذلك من واقع زيادة عدم المساواة في الدخل و على نحو سريع، حتى في الدول التي تتربع في مواقع قيادية في استغلال التكنولوجيا الجديدة في الإنتاج و لا تتواجد في مرحلة أزمة، كبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة.

إن الحقيقة هي أن سياسة الحكومة لن تقود إلى الانتعاش الجزئي من الخسائر الكبيرة التي أصابت الشرائح الشعبية خلال فترة الأزمة، بل أيضاً، ستفاقم من وضع الشعب. و في التوازي مع ذلك، تخفي الإعلانات الحكومية حول الحكم الناجز، بأن الدولة البرجوازية موظفة في صالح رأس المال وبالتالي، فإن التعديلات التي أدخلت عليها تعمل على زيادة فعالية الوظيفة المذكورة. حيث يُخدم هذا الهدف، من جهة عبر الإستنزاف الضرائبي الكبير للشعب و خفض إنفاق السياسة الاجتماعية، و من جهة أخرى عبر دعم الدولة للمجموعات الاقتصادية المحلية و للربحية الرأسمالية، إجمالاً.

إن الأمثلة النموذجية على تصعيد الهجمة المناهضة للشعب، هي زيادة الضرائب غير المباشرة، و تخفيض عتبة الإعفاء من الضرائب، والحفاظ على ضربية العقارات، والحد من المعاشات التقاعدية، وزيادة مساهمات العمال في نظام الضمان. أما بالنسبة للعاملين لحسابهم الخاص والمزارعين، فتترافق الزيادة الكبيرة في أعباء الضمان الاجتماعي مع انخفاض حاد في قيمة دورة أعمالهم، الذي أدى إلى تدهور كبير في موقعهم. و على النقيض من ذلك، تساهم المجموعات الإحتكارية بأقل من 5٪ من عائدات الضرائب السنوية، حيث تمهد الحكومة لمنح مساعدات جديدة لها من خلال "قانون التنمية".

حتى أن أي انتعاش سيسجل لن يقوم بامتصاص البطالة ولن يعيد مكاسب الطبقة العاملة و حقوقها الأساسية التي انتزعت في القرن اﻠ20، إلى مستوى ما قبل الأزمة.

و تحطم جملة التطورات الوهم القائل بإمكانية إدارة الرأسمالية على نحو صديق للشعب حيث تتسق زيادة ربحية رأس المال مع رفاه العمال و صغار الكسبة. و تثبت استحالة وجود سياسة في صالح الشعب "داخل جدران" سلطة رأس المال و داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

 

عن مسار إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي

 

27. تجري عملية إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي، تحت تأثير كبير للتطورات الدولية و للتناقضات  الإمبريالية البينية و صعوبات تماسك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي والنقدي، و تناقضات شبكة التحالفات الدولية التي تسعى لتحقيقها، طبقة اليونان البرجوازية في سياق محاولتها إدارة انتقالها نحو مرحلة التعافي بعد الأزمة التي استمرت لثمان سنوات في الفترة 2008-2016.

حيث تتوافق القوى الرئيسية في النظام السياسي البرجوازي حول الأهداف الاستراتيجية للطبقة البرجوازية، و هي المتعلقة و بإيجاز بالمسائل التالية:

• مسار تعافي الاقتصاد الرأسمالي.

• محاولة ترقية الموقع الجيواستراتيجي للبلاد باعتبارها عقدة للتجارة و للطاقة.

• زيادة دورها الفاعل في منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

• إعادة الإعتبار لمواقع الطبقة البرجوازية اليونانية، التي تلقت ضربة في جنوب شرق أوروبا وشرق المتوسط خلال السنوات السابقة ضمن الأزمة.

حيث لا تشكك الآراء المختلفة بين الأحزاب البرجوازية حول قضايا إدارية جانبية بعناصر أساسية، كضرورة الإسراع في عملية إعادة الهيكلة المناهضة للشعب، و المشاركة الأكثر عمقا في مخططات منظمة حلف شمال الأطلسي، و ضرورة التيسير المالي ودعم الدولة لمخطط استثمار رأس المال وما إلى ذلك.

و بالتأكيد، لا ينبغي أن تخفي هذه الأهداف الموحدة و التطابق الإستراتيجي، التناقضات المتواجدة داخل الطبقة البرجوازية و هي التي تتخلل جوهريا، كافة الأحزاب البرجوازية. إن هذه التناقضات -التي تتفاقم موضوعياً- هي متعلقة على حد السواء بأولويات دعم قطاعات الاقتصاد الرأسمالي، كما و بتراتبية أولويات التحالفات الدولية لرأس المال. و على هذا النحو، تتواجد قطاعات من البرجوازية اليونانية أقرب إلى المركز الألماني، و غيرها أقرب إلى الولايات المتحدة أو فرنسا (التي رقَّت من نفوذها في البلاد) و سواها إلى الصين وروسيا و غيرها.

عن القوى السياسية في اليونان

28. لقد ثبت خلال العامين الماضيين، بأن حكومة حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين، هي أكثر فعالية بالنسبة لرأس المال، و للطبقة البرجوازية إجمالاً، ولكن أيضا بالنسبة لحلفائها الدوليين الرئيسيين. إن ما تعترف به الطبقة البرجوازية و حلفائها الأجانب ، ليس فقط حزم حكومة تسيبراس التشريعي المناهض للشعب ضمن دعم الربحية الرأسمالية (ميزة هي في الواقع مشتركة بين جميع الأحزاب البرجوازية)، بل و قدرتها على تعميد "السمك كلحوم". إنهم يعترفون بقدرتها على التخفيف من حدة المقاومة الشعبية، عبر إبراز تمايزها الأيديولوجي عن حزب الجمهورية الجديدة، و على دمج الشرائح الشعبية ضمن النظام و تضليلها وخداعها على نحو جماهيري و متعاقب، و هو ما جرى بعد عام 1981 من خلال استلام حزب الباسوك للحكم لأول مرة.

هذه هي "الورقة" الأساسية التي تلعبها وتستغلها حكومة سيريزا في مواجهتها مع الأحزاب البرجوازية الأخرى. و من المؤكد، أن هذه المحاولة تفاقم من التناقضات داخل سيريزا، على الرغم من عدم تمظهرها بذات حدة تبديها في صيف عام 2015.

و في التوازي مع ذلك، يطور سيريزا محاولة توسُّع نحو حيز يسار الوسط، مستغلاً ورقة تعاونه مع الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية. ومع ذلك، تصطدم هذه المحاولة مع المزاحمات القائمة داخل الاشتراكية الديمقراطية وخاصة ضمن حزب الباسوك الذي كان حاملها الأساسي على مدى عقود في اليونان. فعلى سبيل المثال، تتغذى هذه المزاحمات من واقعة عدم تمكن سيريزا من امتلاك نفوذ نقابي و موطئ قدم قوي في العديد من المواقع، في حين، يحافظ حزب الباسوك، على العكس من ذلك، على موطئ قدم مماثل ضمن قطاعات من الأرستقراطية العمالية و من الفئات الوسطى. حيث وعلى الرغم من هذه المزاحمات، يجري الحفاظ على قنوات مختلفة ضمن منظور تشكيل حكومة في المستقبل، عبر توسيع الأغلبية الحاكمة نحو ما يسمى ﺒ"الوسط"، عبر وصمة أكثر وضوحاً ﻠ"يسار الوسط" مع التخلي عن التعاون مع حزب اليونانيين المستقلين.

هذا و خطِرٌ بشكل خاص هو تكتيك الحكومة الذي يتاجر بالتاريخ و بنضالات الحركة العمالية الشعبية، على نحو مبتذل، عبر ظهورها كقوة شيوعية تقريباً، و هو التكتيك الذي يُعزز بشكل منتظم من قبل باقي الأحزاب البرجوازية كما و من وسائل الإعلام. حيث تساعدها هذه العباءة الأيديولوجية على الإطباق على العمال الذين يشعرون كيساريين و لهم ميراث كفاحي. و يتمثل أحد عناصر هذه المحاولة في السعي للمتاجرة بمقاومة جبهة التحرير الوطني و بكفاح الآلاف من الشيوعيين واليساريين و غيرهم من الجذريين. و في الوقت نفسه، تسعى الحكومة، دون صدق منها إلى إجراء بعض عمليات التحديث البرجوازي، مع الدعاية لها على نحو مزوَّرٍ باعتبارها جذرية و انقلابية.

29.. يخوض حزب الجمهورية الجديدة، المعارض حالياً، معركة لكي يُعترف به كإقتراح حل حكومي ثابت ممتلك لقدرات الالتزام الأكثر ثباتاً بأهداف رأس المال. حيث يضع في قلب مواجهته مع الحكومة، الموقف من عملية إعادة الهيكلة و الإصلاحات، والتأخيرات الحاصلة فيها، كما وتسريع تنفيذها. ومع ذلك، يبدو أنه لا يزال غير ممتلكاً لإمكانية توظيفه كخيار بديل فوري لحكومة سيريزا.

هذا و تجري محاولة شديدة خلال الفترة الأخيرة لترسيخ ثنائية قطبية جديدة في النظام السياسي، حول نواة أساسها حزب سيريزا من جهة، و الجمهورية الجديدة من جهة أخرى، مع ما يلزمه من شركاء حكوميين مُتاحين يدورون في فلكي هذين القطبين. حيث يحتدم صراعهما حول ماهية من سيكون منهما المعبر الأصيل عن رأس المال، و ماهية من سينفذ على نحو ناجز أكثر، سياسة إعادة الهيكلة الرأسمالية و توجيهات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، واللجنة الرباعية إجمالاً، المناهضة للشعب.

وفيما يتعلق بالحيز الاشتراكي الديمقراطي، فإن ظهور سيريزا باعتباره ركيزته الأساسية في البلاد كما والاعتراف به من قبل الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية، يخلق صعوبات كبيرة في محاولات إعادة صياغة ما يسمى ﺒ"يسار الوسط"، الذي يحتوي على الاشتراكية الديمقراطية الكلاسيكية لحزب الباسوك، و حزب النهر وغيرها من التشكيلات السياسية الأصغر. ونظرا للصعوبة الحالية لهذا الحيز في لعب دور أكثر استقلالا، يجري ضمنه صراع و تذبذب حول ما إذا كان سيكون بمثابة قطب ثالث، كمحاور متميز لسيريزا أو لحزب الجمهورية الجديدة.

حيث يتواجد اتجاهان مختلفان:

• هناك من جهة اتجاه نحو تعاون مشروط مع سيريزا، تشترط قيام استدارة أكثر جوهرية للأخير تتجسد في اختيار الأشخاص. حيث يبدو أن هذا الاتجاه يُعزز من قبل دوائر الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية.

• ومن جهة أخرى هناك نزوع لصالح  ضرورة تحالف القوى الأوروبية والإصلاحية، التي تشمل حزب الجمهورية الجديدة تحت قيادة كيرياكُس ميتسوتاكيس.

30. يتواجد "التيار المشكك بالإتحاد الأوروبي" في اليونان حاليا قيد التشكُّل. إن المزاج المشكك بالإتحاد الأوروبي، و على الرغم من وجوده ضمن قوى شعبية أوسع و تمظهره في سلسلة عناصر اتجاهات تشكيكية بالاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي والنقدي (بما في ذلك خلال استفتاء تموز/ يوليو 2015) فهو لم يكتسب بعد سمات سياسية ثابتة، و يتسم بالتناقض.

و تتحرك في هذا الاتجاه قوى متواجدة، ضمن جملة الطيف السياسي للنظام السياسي البرجوازي. حيث يسعى حزب "إبحار الحرية" بقيادة زويي كونستاندوبولو دوراً رئيسياً، كما و الفضاء الانتهازي المعبر عنه في "الوحدة الشعبية" و أندارسيا مع بعض التشكيلات الأصغر التي تدور في فلكها. حيث تقوم هذه الأحزاب والجماعات بتمويه تشكيكها بالاتحاد الأوروبي -مع تدرج بينها- ببعض شعارات مناهضة للرأسمالية مسهمة في تعزيز التضليل و الإطباق على عناصر جذرية محتملة ضمن نسخة إدارة برجوازية. و إجمالاً، نحن بصدد قوى تسعى لتكون بمثابة ساتر في وجه تجذير القوى الشعبية و تماشيها مع الحزب الشيوعي اليوناني، و ذلك، عبر اعتمادها جوهرياً على مواقف و ممارسات امتلكها سيريزا سابقاً، عندما كان لا يزال في المعارضة. حيث كان العديد من هؤلاء في صفوف سيريزا، و ساعدوه على التسلق نحو سلطة الحكم، و خدموا من موقع وزراء في السلطة الحكومية أو كعوامل مؤسساتية منتخبة ساهمت بأسلوبها الخاص، في تقديم ذرائع لفرض السياسات القاسية المناهضة للعمال، زارعين للأوهام على نحو واسع.

31. وهناك أيضا القوى التي انشقت عن حزب الجمهورية الجديدة و التي تتحرك في فضاء "التشكيك بالإتحاد الأوروبي". حيث لا يجب الاستهانة بالتفاعلات الجارية ضمن ما يسمى باليمين المتطرف، على الرغم من سمتها الهامشية حالياً (على سبيل المثال تشكيل"الاتحاد اليوناني الوطني الشعبي" من قبل الكوادر السابقة في منظمة "الفجر الذهبي"، و حزب فايلوس كرانيذيوتيس "اليمين الجديد" و حزب" الوحدة القومية" ليورغوس كارانتزافيريس و بالتاكوس و "رابطة الوحدة القومية "من قبل فيلوبولوس و "الخط الأول" من قبل بلِفريس " و "الجبهة القومية "، و حزب أرتميس سوراس " تجمع اليونانيين " و غيرها).

إن هذا الفضاء متواجد في مرحلة تشكل، حيث ستعتمد نتيجتها النهائية على قرار محاكمة منظمة "الفجر الذهبي" الإجرامية النازية و على التفاعلات الجارية في قطاعات من حزب الجمهورية الجديدة.

و يستمر المتهمون المجرمون النازيون من أعضاء "الفجر الذهبي" باعتبارهم قوات إسناد للنظام، في بث السم العنصري و في تصدرهم ممارسة عداء بدائي للشيوعية. حيث يمتلكون ارتباطات متنوعة و مشبوهة مع مراكز ودوائر خارج اليونان، و مع دوائر مظلمة. و يتظاهرون داخل البرلمان بأنهم قوة معادية للنظام، و في نفس الوقت يطالبون بالمزيد من الامتيازات والإعفاءات لصالح قطاعات من رأس المال و يواصلون نشاطهم كنخاسين في صالح كبار أرباب العمل.

و يؤكد التناقض الظاهري، بين واقعة كون كامل قيادة "الفجر الذهبي" ملاحقة جنائياً و بين قبولها كحزب برلماني برجوازي محترم، أن الطبقة البرجوازية تريد نسخة احتياطية بخصائص "الفجر الذهبي"، ولكن على نحو أكثر اعتدالاً، ليتم استخدامها بشكل أكثر فعالية في ضرب الحركة العمالية و في العداء للشيوعية.

ومن السمات المشتركة بين النازيين والقوى السياسية القومية الأخرى هو الاستغلال الكبير لتدفقات اللجوء و الهجرة كما و للقلق الذي لحق بقطاعات من الشعب نتيجة ذلك، لإلهاء الشعب عن السبب الحقيقي للمشاكل و لنشر رؤاهم الرجعية.

32. و إجمال الخلاصة: هو أن هو مسألة مصيرية تتمثل في قيام مواجهة أكثر حسما للدعاية البرجوازية المصاحبة لمحاولة إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي التي تستهدف انتزاع الدعم الشعبي النشط لها.

كما و معالجة الأوهام و التوهمات التي غذيت بشكل منهجي، و هي القائلة بأن من خلال عملية إنشاء أحزاب جديدة وتحالفات حكومية، بالإمكان ظهور شيء إيجابي في صالح الشعب. حيث كل الأحوال، متواجدة هي الخبرة الغنية من عملية إعادة الصياغة الأخيرة التي جرت عبر عملية إبراز سيريزا كاحتياطي حكومي للنظام.

ومن الضروري أيضا معالجة الخوف المزروع في ما يتعلق بإمكانية عدم الاستقرار السياسي، والقلق حول وجود حكومات برجوازية مستقرة و أغلبية برلمانية، و الدعوات نحو التوافق والتماسك. إن كل هذه الأمور تستهدف إبداء العمال تسهيلاً في موقفهم- بذريعة الوحدة الوطنية- لمرور السياسة المناهضة للشعب، و ليقوموا و عن جديد "بإسناد" حتى تغييرات مؤسساتية في اتجاه رجعي.

 

حول التعديل الدستوري

 

33. في ذروة عملية التعديل الدستوري، قدم سيريزا سلسلة من مقترحات الإصلاحات المؤسسية للدولة البرجوازية، مع عناصر أساسية حول تغيير القانون الانتخابي وزيادة سلطات رئيس الجمهورية بالتوازي مع إمكانية انتخابه مباشرة من قبل الشعب. إننا بصدد مداخلات تُلبس لبوساً مزوراً و بدعاية ﻠ"توسيع الديمقراطية" في حين، مستهدفة هي حماية الدولة البرجوازية وضمان ظروف قيام التداول الحكومي على نحو سلس. كما و تهدف مقترحات الأحزاب البرجوازية الأخرى، أيضا إلى تعزيز السلطة البرجوازية، على الرغم من خلافاتها.

إن هذه التدخلات تُكيِّف النظام السياسي البرجوازي مع المعطيات الجديدة الناشئة عن الأزمة الرأسمالية، و عن صعوبات الإدارة والحاجة الملحة لتسريع وتسهيل مساعدة الدولة للربحية الرأسمالية على حساب الشرائح الشعبية. حيث أضعفت هذه الأخيرة من قدرة الأحزاب البرجوازية على احتواء الشرائح الشعبية جماهيرياً في ظل حكومات الحزب الواحد، و تزيد من ضرورة تحقيق إجماع أوسع بين الأحزاب البرجوازية لصالح إقامة حكومات ائتلافية. إن ما ذكر، متواجد إلى حد كبير خلف مسار طويل لعمليات إعادة ترتيب وتكييف للنظام السياسي البرجوازي ضمن الظروف الجديدة.

و في هذا الاتجاه، فإن زيادة درجة النسبية في قانون الانتخابات لا يخدم تعزيز الإرادة الشعبية، بل محاولة توظيفها كمسرع لتكييف النظام السياسي البرجوازي مع الحاجات الحالية لتشكيل حكومات ائتلافية، و ائتلافات كبيرة أو صغيرة، كتلك التي يتم تشكيلها في بلدان رأسمالية أخرى، كألمانيا وبلجيكا و غيرها. إن النسبية تزيد بموضوعية الضغط نحو توافق واسع و تعاون بين الأحزاب البرجوازية و للتخفيف من الاعتبارات و النوايا"الحزبية الضيقة".

وينطبق الشيء نفسه على اقتراح لتعزيز دور رئيس الجمهورية، وزيادة صلاحياته المعيارية في حالات صعوبة تشكيل الحكومات وتحويله إلى نقطة مرجعية للنظام السياسي البرجوازي ستنظم الأغلبية الحكومية والإجماع البرلماني. و على هذا النحو يُرقى رئيس الجمهورية نسبيا، كمصدر شرعنة السلطة التنفيذية و كأحد ثوابت الحكم البرجوازي، دون فقدان البرلمان لدوره الأساسي.

و في كل الأحوال، سيغدو النظام السياسي البرجوازي أكثر عدوانية باضطراد، ليخدم حاجات رأس المال و تنافسيته و ربحيته على نحو أكثر نجاعة. 

على نحو خاص فيما يتعلق بفصل الدولة عن الكنيسة

34. تغيب حتى الآن عن التعديل الدستوري المقترح من قبل سيريزا، تماماً، مسألة فصل الدولة عن الكنيسة. حيث تفتح الحكومة -ذراً للرماد في أعين الناس الراديكاليين- مسائل مواجهة جانبية مع قيادة الكنيسة، التي تنزلق خلال هجومها المضاد نحو مواقف ظلامية تنتمي لفترات السابقة من وجود الدولة البرجوازية اليونانية.

يعتقد الحزب الشيوعي اليوناني بأن مسألة الفصل بين الدولة و الكنيسة هي شديدة النضوج في اليونان، مع كل ما يترتب على ذلك في مجالات التعليم والإجراءات الطقسية في المؤسسات العامة، والزواج المدني، و الجنازة المدنية، و إمكانية حرق الموتى، و قضية ممتلكات الكنيسة.

هذا و كان فصل الدولة عن الكنيسة وعلمنة الدولة و التعليم و جميع المؤسسات، قد أجري في العديد من البلدان من قبل الطبقة البرجوازية و دولتها، حتى قبل ثورة أكتوبر عام 1917 و قبل ظهور الدول الاشتراكية خلال القرن الماضي.

سيواصل الحزب الشيوعي اليوناني الكفاح و باستمرار ضد كل محاولات تقسيم الشعب على أساس المعتقدات الدينية. إن الوعي الديني هو شكل من أشكال الوعي الاجتماعي في المجتمعات الطبقية و في ظروف النظام الرأسمالي، و يبقى على قيد الحياة لفترة طويلة جدا في ظروف بناء الاشتراكية. و لا يمكن إلغائه عبر مرسوم أو قانون.

إن الموقف التاريخي للحزب الشيوعي اليوناني حول هذه المسائل، يكمن في البداية في حماية حق الحرية الدينية وعدم اضطهاد الإيمان الديني أو الإلحاد والمساواة في المعاملة بمعزل عن الديانة. و في الوقت نفسه، يدافع الحزب الشيوعي اليوناني عن ضمان إمكانية النقاش الأيديولوجي - الفلسفي حول القضايا ذات الصلة على حد سواء مع الدين كظاهرة اجتماعية كما و مع الأديان الأخرى وتاريخها. حيث يُداخل الحزب الشيوعي اليوناني في هذه المناقشة ممارساً كفاحاً منظماً ضد اللاعقلانية والتفكير الميتافيزيقي، مدافعاً عن التفسير الجدلية للطبيعة والمجتمع و عن المادية الجدلية التاريخية.

 

عن الإدارة المحلية والإقليمية

 

35. إن الإدارة المحلية والإدارة الإقليمية كمؤسسة للدولة البرجوازية، هي منظمة موضوعيا على نحو أقرب إلى الجماهير العمالية الشعبية، حيث لعبت طوال فترة الأزمة الرأسمالية دورا هاما في احتواء العمال ضمن حاجات النظام البرجوازي. حيث كيفت وظائفها وفق المعطيات الجديدة لربطها بالإدارة المركزية (الحكومة) بشكل يخدم على نحو موحد الاستراتيجية العامة لرأس المال مع دمج و احتواء الجماهير العمالية الشعبية من خلال مختلف البرامج والتدخلات. و ضمن هذه المحاولة استغل على نحو موسع محور السياسة الاجتماعية، ومختلف برامج الأخرى الاتحادية الأوروبية ﻠ"محاربة الفقر والبطالة". و شُكلت العديد من أنواع البنى، سواء بشكل مستقل أو بمؤازرة المنظمات غير الحكومية والمتطوعين و "التعاونيات الاجتماعية" و غيرها، المندرجة في "سياسة الاقتصاد الاجتماعي". حيث يلعب سيريزا، مع قواه الحكومية والحزبية، دورا قياديا في هذا الاتجاه.

حيث ساهمت الإصلاحات في الإدارة الإقليمية والمحلية في الانضباط المالي، وتوسيع الضرائب المناهضة للشعب و تسليع الخدمات والمنافع، و إسقاط العلاقات و الحقوق العمالية. و هي مدعومة إجمالاً من قبل الكادر السياسي البرجوازي الذي يديرها.

و لا تزال قائمة ضرورة تحسين رصد أعمق لنشاط السلطات البلدية والإقليمية والقوى السياسية البرجوازية ضمنها. حيث يتمثل أساس المواجهة مع سياسة الإدارة المحلية والإقليمية، في المشاكل الشعبية و حدتها المتجلية وقت هجمة رأس المال، و في إبراز السمة الطبقية للدولة و للمؤسسات المحلية.

عن "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل

36. يقوم النظام السياسي البرجوازي، بإبراز "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل"و التركيز عليه بصفة خاصة خلال السنوات الأخيرة، باعتباره "القطاع الثالث" للاقتصاد، بعد قطاع الدولة والقطاع الخاص، و هو الذي يُقدم على أنشطة يُزعم أن هدفها لا يتمثل بالربح بل بتغطية احتياجات الاجتماعية متفاقمة.

حيث يُسعى عبر "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل" ﻠ"تبرئة" مسار التطور الرأسمالي عبر إظهار إمكانية مزعومة لأنشطة اقتصادية تقوم في ظل الرأسمالية، يكمن هدفها الوحيد في تغطية الاحتياجات الاجتماعية. إنه مصطلح مضلل من جهة، لأن كلا قطاعي الدولة والقطاع الخاص يخدمان ضمن الرأسمالية حاجات إعادة الإنتاج الموسع لرأس المال الاجتماعي، و من جهة أخرى، لأن أي نشاط خاص غير مستهدف للربح فوق أرضية الرأسمالية، ليس ذي أية أهمية اقتصادية.

و يُستغل "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل" من قبل الدولة البرجوازية باعتباره آلية تقليص أبعد للمزايا الاجتماعية التي تقدمها الدولة، و لنقل المسؤولية عن سلسلة من الأنشطة نحوه. عبر مطية رئيسية تتمثل بالبلديات والأقاليم، حيث يُسهم "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل"في المقام الأول في تبرئة ريادة الأعمال. و يتطور بين أمور أخرى، في مجالات الخدمات الاجتماعية، ليحل محل ضرورة توظيف جماعي لكادر دائم، ولكن أيضا لتدابير الدعم الإضافية للعاطلين عن العمل. كما و يسهم في إزالة حقوق عمالية وغيرها من حقوق العاملين، وذلك باستخدام "التطوع" الذي لا يمت بصلة للتضامن الشعبي و للعطاء الطوعي الأصيل.

وفي الوقت نفسه، فإن "الاقتصاد الاجتماعي" ليس متعلقاً حصراً بالمنافع الاجتماعية، ولكنه يتوسع من خلال "الشركات التعاونية الاجتماعية" في العديد من قطاعات الاقتصاد (كالبناء)، ويستخدم كآلية مؤقتة لتنفيس معدلات البطالة المرتفعة. و في الجوهر فإن "الاقتصاد الاجتماعي" يوظف كرافعة إضافية لتقويض علاقات العمل وزيادة درجة الاستغلال، عبر العمل "التطوعي"، و ساعات العمل الطويلة مع أجورا متدنية للعاملين ضمنه، بذريعة "الطابع الاجتماعي" لهذه الأنشطة. و ضمن إطار الاتحاد الأوروبي يُشكل "جسم التضامن الأوروبي" الذي يضم 100 ألف متطوع ﻠ"مواجهة أزمات" الدول الأعضاء.

و إجمالاً، تتأكد موضوعة الحزب القائلة بأن النظام السياسي البرجوازي لا يزال ممتلكاً لقدرة رأب الصدوع، في تماثل مع درجة عدم تهديد الحركة له بتنظيمها على نحو موحد، و جماهيريتها و اتجاه صراعها. إن الاستنتاج الرئيسي هو وجوب التوجه المتكامل لصراع الحركة العمالية الشعبية ضد الطبقة البرجوازية و أحزابها، وليس فقط ضد كل أغلبية حاكمة، ظرفياً.

الفصل الرابع - استعراض نشاط الحزب و مهامه الجديدة و شبيبته حتى مؤتمره اﻠ21

استعراض عام لعمل أربع سنوات في محاولة تعزيز الحزب و الشبيبة الشيوعية اليونانية

 

37. لقد عمل الحزب بعد المؤتمر اﻠ19 ضمن ظروف معقدة وجديدة نوعا ما. فقد جلبت التطورات السياسية وإعادة ترتيب القوى السياسية البرجوازية، و المعارك الانتخابية المتكررة، و حكومة حزب سيريزا الاشتراكية الديمقراطية، نحو السطح مسائل جديدة تتطلب مواجهتها جهوزية سياسية و أيديولوجية و تنظيمية، مرتفعة للحزب، والمزيد من المتطلبات على جميع المستويات، اعتباراً من اللجنة المركزية و حتى المنظمات القاعدية الحزبية.

حيث كافح الحزب بثبات في ظل هذه الظروف المعقدة، متسلحاً بقرارات المؤتمرين اﻠ18 و اﻠ19، حول المحور الأساسي الذي يحدد سمته باعتباره الطليعة الأيديولوجية و السياسية المنظمة للطبقة العاملة. و حاول تحسين نشاطه لكي يُدرج و يُربط تنفيذ مهام التفاف وتطوير الكفاح الشعبي حول المشاكل اليومية الحادة مع عملية التخمير والصراع من أجل تحقيق المهمة التاريخية للطبقة العاملة، وإلغاء العلاقات الاجتماعية الاستغلالية واستبدالها بعلاقات اشتراكية - شيوعية. و حاول ربط كل نضال اقتصادي و سياسي و في ظل أي توازن قوى قائم، مع واجب سياسي أساسي متمثل في الصراع من أجل سلطة العمال الثورية و التصدي لهجمة العداء للشيوعية.

حيث يتأكد عدم كفاية مجرد النضال لحل المشاكل المحتدة، على الرغم من أنه لا يزال مهما. بل على العكس تتبدى على نحو أكثر وضوحا، ضرورة توجيه الصراع من أجل القطع و الانقلاب مع محتوى مناهض للرأسمالية.

حيث لا يزال مطروحاً للتحقيق هدف امتلاك حزب "السراء و الضراء". و يجري ضمن هذه المحاولة و على حد السواء، استغلال كلا التجارب الإيجابية التي اكتسبناها في جميع جوانب عملنا (الجماهيرية والأيديولوجية والتنظيمية)، كما و السلبية المقابلة لها.

هذا و حصلت في السنوات الأربع منذ المؤتمر اﻠ19 بعض التغيرات الجوهرية في النظام السياسي البرجوازي، و أكثرها نموذجية هو إبراز سيريزا كحزب حاكم بالتعاون مع حزب اليونانيين المستقلين. حيث قامت حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين الناتجة عن الانتخابات البرلمانية التي جرت في 25 كانون الثاني/يناير 2015، في نهاية المطاف بتوقيع مذكرة ثالثة مع الاتحاد الأوروبي و البنك المركزي الأوروبي و صندوق النقد الدولي، والتي شملت بالطبع تدابير مناهضة للعمال و الشعب. و كان "إنجازها" المذكور المناهض للعمال و الشعب قد طبق بموافقة ودعم حزب الجمهورية الجديدة من موقع المعارضة الرئيسية  كما وحزبي الباسوك و النهر.

وكان "الانجاز" الملحوظ لسيريزا مقارنة مع حكومات حزبي الجمهورية الجديدة و الباسوك،السابقة، قد تمثل في قدرته الأكبر على التلاعب بالقوى العمالية الشعبية من خلال تنمية التوقعات الزائفة جماهيرياً و من ثم دحضها. و ضمن محاولة سيريزا هذه، استغل رؤى تنتمي لفترات سابقة، و هي التي لا تزال قائمة في وعي جماهير عمالية شعبية واسعة. حيث تتعلق هذه الرؤى بطابع النضالات، ودور البرلمان البرجوازي والديمقراطية البرجوازية، ودور "القوى الأجنبية" مفصولاً عن خيارات الطبقة البرجوازية المحلية بعينها، و ما إلى ذلك.

38. و خلال كل هذه الفترة، قاوم الحزب الشيوعي اليوناني بقوة ضد الضغوط الهادفة لدعم هذه السياسة أو التسامح معها، وحذر، وكشف عن الطابع الحقيقي لسيريزا، وعلاقته مع الرأسماليين المحليين والأجانب، و مع مختلف المراكز الإمبريالية. و قد أحقت الحياة و بوضوح، تقديرات و مواقف الحزب الشيوعي اليوناني حول ضرورة توجيه الصراع الشعبي ضد رأس المال، والاتحادات الإمبريالية، والأحزاب البرجوازية من ليبرالية و اشتراكية ديمقراطية، ضد القديمة منها والجديدة.

و خاض الحزب الشيوعي اليوناني المعركة ضد طيف كامل من الانتهازية، و ضد قوى من داخل سيريزا وخارجه كان يضغط جوهرياً على الحزب الشيوعي اليوناني لاعتماد سياسة إدارة و حكم، لأنسنة النظام الرأسمالي المتعفن.

و طوال اﻠ4 سنوات استجاب الحزب الشيوعي اليوناني و بنجاح في الصراع الإيديولوجي والسياسي ضد:

• هدف تهميشه، كما و محاولات تصنيفه ضمن الأحزاب السياسية للنظام، و الرؤية القائلة "أن كل السياسيين متماثلون".

• هجمات "الصداقة" لينجر نحو خط "مناهضة المذكرات"، التي نفذت في البداية من قبل سيريزا وفي وقت لاحق من قبل حزب الوحدة الشعبية و قوى انتهازية أخرى بذريعة المطالبة زعماً ﺒ"توزيع أكثر إنصافا في ظروف التضحيات" .

• التشهير و تحريف دور الحزب الشيوعي اليوناني، في حركة جبهة التحرير الوطني وخاصة حول طابع جيش اليونان الديمقراطي.

• العداء للشيوعية و السوفيتية و ضد الفاشية و النازية، و رهاب الأجانب والعنصرية.

• الرؤية القائلة بأن الرأسمالية، على الرغم من المشاكل المتأصلة فيها والأزمة الاقتصادية والمزاحمة، وحتى الحروب، هي عبارة عن نظام أكثر تحملاً و هو الذي بالإمكان أنسنته و إكسابه سمة أخلاقية.

• الرؤية الانتهازية القائلة بأن التغيير في ميزان القوى (بين الطبقات المتناحرة وحلفائها) من الممكن أن يبدأ من خلال تغيير التوازن في البرلمان، عبر تسلق الحزب العمالي الشعبي نحو الحكم في ظل الرأسمالية، وعلى نحو مماثل على مستوى البرلمان الأوروبي و هيئات الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو.

لقد طور الحزب الشيوعي اليوناني عملاً أيديولوجياً و سياسياً داخلياً و عاماً، على نطاق واسع ضد الأوهام البرلمانية و سياسة الإصلاح (كما تتركز في الاعتراف و المطالبة ﺒ"مراحل وسيطة" بين الرأسمالية والاشتراكية الشيوعية)، التي سيطرت لعقود وما زالت تهيمن على الحركة الشيوعية عالمياً. حيث لم تخاض هذه المعركة الطليعية فقط ضمن صفوف الحزب و شبيبته و أتباعه، بل انتشرت أيضا نحو صفوف المتعاونين معه و بشكل أوسع داخل الحركة.

و على مدى هذا الصراع، تمثلت الأدوات الأيديولوجية والسياسية للحزب في "المجلة الشيوعية" و صحيفة "ريزوسباستيس" و منشورات دار"سيتخروني إبوخي"، و مجلة "أوذيغيتيس" و portal 902.

39. هذا و تبدى خلال عام 2015 عبر مختلف المؤشرات تحمل الحزب في ظروف ضغوط أيديولوجية سياسية كبيرة استهدفت تخليه عن استراتيجيته أو عزله عن الجماهير العمالية الشعبية. حيث تجددت القوى الحزبية و الشبيبية.

و ظهر اتجاه طفيف لتعافي الحزب من الآثار السلبية من عملية إعادة صياغة الاشتراكية الديمقراطية المستمرة منذ عام 2012 في صالح سيريزا، و من التبعات المتناقضة للأزمة الاقتصادية على مزاج الجماهير العمالية الشعبية. حيث ظهر الاتجاه المذكور في ظروف طفرة لكلا التيارين الإصلاحي والفاشي، و تراجع عالمي للحركة العمالية الثورية، و إسقاط معمم للبناء الاشتراكي وتآكل إنتهازي للحركة الشيوعية في العالم.

حيث تسلح الحزب بمعالجات و قرارات جديدة للعمل في صفوف الشباب، من خلال عملية "المؤتمر المنعقد على الصعيد الوطني حول موضوع الشبيبة و حركتها و نشاطنا ضمن الأعمار الصغيرة" (كانون الأول/ديسمبر 2013)، كما و عبر عملية انعقاد المؤتمر اﻠ11 للشبيبة الشيوعية اليونانية (كانون الأول/ديسمبر 2014).

كما و أجرى الحزب جلسة موسعة للجنته المركزية (كانون الأول/ديسمبر 2015) حول موضوع إعادة تشكيل الحركة العمالية، وعمل الحزب في الطبقة العاملة وبناء الحزب ضمنها، مع تحديث وتسليح الحزب والحركة عبر قرارات وأهداف النضال في الظروف الحالية.

و خاض معارك انتخابية متعاقبة: الانتخابات النيابية العامة (في كانون الثاني/يناير 2015 و أيلول/سبتمبر 2015)، و استفتاء تضليل و خداع الشعب (تموز/يوليو 2015)، وانتخابات البرلمان الأوروبي والانتخابات البلدية والإقليمية (أيار/مايو 2014). حيث طور خلال كل هذه المعارك نشاطاً تنويرياً مهماً، مع إيصال الاقتراح السياسي للحزب الشيوعي اليوناني ومواقفه، نحو الجماهير الواسعة من العمال و الموظفين، وغيرهم من الشرائح الشعبية.

و نمى التفاف القوى حول جبهة النضال العمالي "بامِه"، كما و نفوذ الحزب ضمن قوى مناضلة ضمن صفوف صغار و متوسطي المزارعين، و صغار الكسبة. و كُثف من نشاط المرأة ضمن الحركة النسائية الجذرية. و ازداد النفوذ السياسي للحزب والشبيبة الشيوعية ضمن الجامعات والمعاهد التقنية.

و بعد عامين على انعقاد المؤتمر اﻠ19، ناقشت اللجنة المركزية على نحو مخصص "مسائل تحسين التثقيف الحزبي الداخلي وترقية العمل الأيديولوجي"، مؤكدا على العلاقة بين النظرية الثورية والنشاط السياسي الثوري كعنصر في هوية الحزب، الشيوعية. حيث نظمت المزيد من مدارس التثقيف الماركسي، على مستوى المنظمات الإقليمية والقطاعية للحزب و الشبيبة الشيوعية. و سجل ارتفاع في تداول الكتاب الأيديولوجي - السياسي - التاريخي من إصدارات"سينخروني إبوخي"، و بشكل رئيسي كانت هناك زيادة ثابتة في تداول"المجلة الشيوعية". و تكاثفت زيارات وسائل إعلام الحزب على الانترنت (Portal 902، و مواقع الحزب و الشبيبة الشيوعية و صحيفة "ريزوسباستيس، و غيرها). حيث وضعت اللجنة المركزية أهداف زيادة تبادل المنشورات حتى عام 2018 تكريماً للذكرى اﻠ100 للحزب، باعتباره مؤشراً معصوماً عن الخطأ، في فولذة الوعي الشيوعي.

و انشغلت اللجنة المركزية خلال اجتماع مخصص، بضرورة زيادة التوزيع اليومي و أيام الأحد للسان حال الحزب صحيفة "ريزوسباستيس" كرفيق إرشادي لا غنى خلال النشاط اليومي لكل عضو و كادر في الحزب الشيوعي اليوناني و الشبيبة الشيوعية.

مصيرية هي عملية مطابقة النشاط التوجيهي مع الحاجات اليومية. حيث تتمثل حلقتها بالهيئات القطاعية

 

40. على الرغم من هذا الاتجاه التصاعدي الطفيف، تصر اللجنة المركزية على تقييم نشاطها التوجيهي، ومستوى تدخل الحزب والمنظمات الحزبية و الشبيبية، على أساس الحاجات الموضوعية للصراع الطبقي المتعدد الأوجه.

حيث كان القرار السياسي للمؤتمر اﻠ19 قد ذكر في تقديره: "ينبغي على الهيئات الحزبية بدءاً من اللجنة المركزية و حتى المنظمات القاعدية أن تطابق نشاطها مع احتياجات الصراع الطبقي، و أن تغدو أركان معارك فعلية و أن تستغل كل معقل مقاومة من القاعدة مع تعميم تجربة الصراع. و ينبغي أن تتزايد مبادرات المنظمات الحزبية في حشد وتنظيم الجماهير، و أن يجري إعلام أتباع الحزب بصورة منتظمة وبشكل دائم مع تقييم ودمج اقتراحاتهم المنبثقة عن تجربة النضال الطبقي، في مخططاتنا".

إن هذا الهدف، الذي يلخص المتطلبات الحالية للنضال لا يزال هدفاً مطروحاً -على الرغم من الخطوات الهامة التي أنجزت- اعتباراً من اللجنة المركزية و حتى المنظمات القاعدية. و هو مرتبط ارتباطا مباشرا مع تعزيز قدرة الحزب ليكون بمثابة "حزب السراء و الضراء" لحشد القوى في جميع الظروف، و على حد السواء في ظروف انتصار الثورة المضادة، و تراجع الحركة، و الأزمة الاقتصادية و اختطاف مكاسب سنين مضت، والصدامات الإمبريالية المحلية أو الحرب الأكثر تعميماً، كما و في ظروف صعود حاد للصراع الطبقي، و انتفاضة الجماهير، و تشكُّل حالة ثورية موضوعياً.

إن بناء مثل حزب مماثل اليوم، قادر على التأثير أيديولوجياًَ و سياسياً على نحو أكثر حسماً و على تحريك الجماهير، هو عبارة عن مسؤولية رئيسية للفترة المقبلة للجنة المركزية للحزب، بعينها، وللجان المنطقية والمجلس المركزي للشبيبة الشيوعية اليونانية. و على الرغم من ذلك، فإن الحلقة التي ينبغي تعزيزها على نحو أكثر حسما هي الهيئات القطاعية، و هو ما يتطلب بالتأكيد تحسين و تفصيل العمل التوجيهي لهذه الهيئات.

إن مفهوم التفصيل يُفهم في كثير من الأحيان على نحو شكلي بحت، عبر النزوع نحو استنفاد الإشارات نحو الجهات الفاعلة المحلية و المصانع المحلية والبلدية المحلية، وما إلى ذلك. و مع ذلك، إن تخصيص و تفصيل النشاط يعني تقديم المساعدة من اللجنة المركزية و لجان المنطقيات لكي تتمكن الهيئات القطاعية من اكتساب القدرة على تكييف التوجهات العامة، لا مجرد تكرارها، مع الوقوع في تنظيمية عقيمة و تفتيش شكلي- في معطيات حيز نشاطها، مع الأخذ بعين الاعتبار عددا من العوامل (التركيبة الاجتماعية، مستوى المعيشة الفعلي، الرؤى المتواجدة و ما إلى ذلك). و من ثم أن تقوم بتعميم خبرتها الخاصة، مغذية بالتالي عبر مادة جديدة عملية صياغة التوجيهات و المعالجات المركزية الجديدة. إن اكتساب هذه القدرة يشترط وجود قدرة دراسة تأثير التطورات العامة في مجالها الخاص. إن عملية التفصيل تعني وضع تراتبية الأهداف على أساس الأهداف الرئيسية لإعادة تشكيل الحركة العمالية، وتعزيز التحالف الاجتماعي، و الإنضاج الفكري والسياسي للكوادر و الأعضاء، و خوض صراع أيديولوجي مستقل كما و داخل الحركة. إننا بصدد فعاليات تخدم ذات توجه الصراع، دون أن تكون متطابقة بينها فيما يتعلق بعمق و غرض الصراع الطبقي.

إن تدابير الهيئات القطاعية و رصدها اليوم، لم يكتسب هذا التوجه. و نتيجة لذلك، يصعب عليها دراسة التطورات في مجال نشاطها واستخلاص الاستنتاجات من الخبرة، و في العديد من الأحيان تقتصر عملية الرصد حصراً على النتائج العددية للعمل. إن المسألة ليست فقط على وجه الحصر أو كلياً، تنظيمية. بل هي على هذا النحو فيما يتعلق بشق اتخاذ التدابير ورصد تنفيذها حتى امتلاك هذه القدرة. و غني عن القول أن هذا يتطلب أيضا استخدام دراسة عبر النقد والنقد الذاتي الجماعي لتاريخ الحركة الثورية المحلية والأممية والبناء الاشتراكي، بمعنى أن الخبرة الفردية و حتى الجماعية ليست بكافية.

و في عدم تطابق العمل الإرشادي مع متطلبات اليوم، تؤثر الإستهانة بواقعة عجز حتى أكثر النشاط طليعية في النضال عن قدرة المعالجة والتعميم و أن يسهم بحد ذاته بشكل ناجز في التوعية السياسية الطبقية و إنضاجها. في هذه المسألة لا بد من طرد الرؤى الخاطئة التي تؤثر علينا باعتبارها قوة عطالة من الماضي. حيث بإمكان الكفاح اليومي الطليعي و امتلاك روابط وثيقة و صلبة في مواقع العمل، أن يُسهم بشكل حاسم في التوعية السياسية حصراً إذا ما ترافق مع مداخلة الحزب الأيديولوجية والسياسية.

وبعبارة أخرى، من المطلوب -إلى جانب رد الفعل الطبقي، والمزاج الشيوعي العفوي و موقف الحياة- وجود مستوى معين من الفكر المادي الجدلي. و من المطلوب وجود معرفة جيدة للخلاصات التي عولجت بشكل جماعي و المتعلقة بتاريخ الحزب والحركة الشيوعية الأممية في ترابط مع حد أدنى ولكنه مرضٍ، لاستيعاب موضوعات الفلسفة الجدلية المادية، والتحليل الماركسي للاقتصاد الرأسمالي، وحتميات المجتمع الاشتراكي الشيوعي في ترابط مع الاستنتاجات من البناء الاشتراكي في القرن اﻠ20. و من المطلوب وجود معرفة جيدة لمواقف و معالجات الحزب لسلسلة من المسائل الاقتصادية و الاجتماعية السياسية.

و عبر حيازة السمات المذكورة حصراً، سيمتلك العمل التوجيهي الذي يرشد الهيئات و المنظمات القاعدية، محتوى جوهرياً، ضمن رصد المسائل العامة والخاصة للصراع، و في معالجة و تفصيل مداخلتنا، وتعميم تجربة هذا التدخل. إن المسألة الرئيسية التي يجب أن تشغلنا، لا تكمن فقط في إذا كنا نعمل أم في كمية عملنا بل في كيفيته.

إن محاولة الإسهام المحددة للهيئات في الصراع الإيديولوجي السياسي باعتباره عنصرا أساسيا في تخطيط و رصد عملها، يساعد بموضوعية على استيعاب معالجاتنا، و يعطي دفعاً لدراسة  نظريتنا الكونية، و الاستفادة من صحيفة "ريزوسباستيس" و "المجلة الشيوعية" و الكتاب السياسي، في حين يزود بمواد (وقائع، أسئلة آراء و موضوعات) للمعالجات و الاتجاهات المركزية.

إن إحدى العقبات الأخرى التي نواجهها في محاولتنا المذكورة، هي واقعة تأثير الاتجاه العام الملحوظ في المجتمع لإحلال المعلومة في موقع المعرفة داخل الحزب. لقد تصدعت إلى حد كبير علاقة الشيوعي بالقراءة والدراسة. حيث يخلق هذا-عدا الصعوبات الأخرى- مخاطر حضور فجوة و تباين في المستوى، ينجم عنها تبعات متعددة فيما يتعلق بالسمة الجماعية وفي السيطرة.

إن معيار تقدم العمل التوجيهي هو زيادة قدرة قوانا على عرض استراتيجية الحزب في تعارض مع الخيارات الاستراتيجية والتعديلات المرافقة للسياسات البرجوازية، في صياغة ظروف تساهم في إعادة صياغة الحركة العمالية وتعزيز التحالف الاجتماعي، و في التفاف و حشد و إعداد قوى عمالية شعبية في الصراع من أجل السلطة. و معيار التقدم هو قدرة قواتنا على إثبات تفوق الاشتراكية، و توجيه السخط الشعبي على نحو فعال ضد الخصم الفعلي، و التصدي للمحاولات البرجوازية لاحتوائه ضمن قنوات غير خطرة على النظام. حيث ينبغي بالطبع أن تأخذ هذه المحاولة في اعتبارها، المستوى الفكري والسياسي للجماهير، لا من أجل الرضوخ له و التحجُّم ضمنه، بل باعتبار ذلك لكن شرطاً أساسياً للنهوض به.

إن الاستحواذ على المستوى الأيديولوجي والسياسي الذي تتطلبه الظروف الراهنة هو عملية مستمرة صعبة جدا و ذات مطالب كبيرة، و هي التي ينبغي أن تطور على المستوى الجماعي والفردي إلى جانب العمل الطليعي في النضالات العمالية الشعبية.

41. إن الخلفية الأيديولوجية للهيئات الحزبية هي عبارة عن مقدمة أساسية لوظيفتها، باعتبارها أركان التوجيه الفعلي للمعركة، و من أجل تعزيز مبادرة المنظمات الحزبية في حشد وتنظيم الجماهير الشعبية، و من أجل دمج و استغلال المقترحات المنبثقة من خبرة الصراع الطبقي ضمن تخطيط العمل الحزبي. وهي مقدمة لتطوير جبهة أيديولوجية سياسية صائبة في قطاعات الصناعة و غيرها ضمن الاقتصاد الرأسمالي، و في جميع مستويات التعليم و مجال الثقافة والرياضة، و مسألة إنصاف و إعتاق المرأة، و حركة المزارعين و صغار الكسبة في المدن.

إن مواصلة العمل على تطوير الخلفية الأيديولوجية للهيئات، و لكل عضو بشكل مستقل، هي عبارة عن مقدمة لتنمية قدرات الحزب في التنوير الجماهيري و تحسين وسائل الإعلام و الدعاية و التنوير التي يملكها الحزب و لتخصيص كوادر في هذا المجال الخاص و المُتطلِّب.

و يتعين على الهيئات القطاعية إجراء مناقشة على نحو مخطط في المنظمات القاعدية حول مواضيع أوسع، واستخلاص الخبرة من هذا النقاش، و أن تحاول أن تعممها على مستوى الهيئة. و لا ينبغي أن تقود أولويات مناقشة هذه المسائل من قبل الهيئات إلى "تأجيل إلى أجل غير مسمى" لقضايا أخرى تشغل الأسرة العمالية الشعبية يومياً، و التي تمتلك والسلطة البرجوازية لها آليات و وكالات متعددة الأشكال، تفعِّلها في مواقع العمل، و الإقامة و الدراسة مع تدخلها الفاعل (كالبلديات والمنظمات غير الحكومية، والكنيسة، و مختلف الوكالات الحكومية، قوى القمع و ما إلى ذلك).

42. تتمثل بعض المسائل الأخرى في العمل الإرشادي و التي ينبغي أن نركز اهتمامنا عليها فوق أساس استعراض عمل الحزب، في:

• الاستخدام اليومي للصحافة الحزبية كأداة للإرشاد المباشر و الناجع، و من أجل التمرير الأسرع للخط التوجيهي دون إجراء العديد من الإجراءات المستهلكة للوقت. و ترتبط هذه المسألة مباشرة مع زيادة تداول صحيفة "ريزوسباستيس"، و أيضا لغيرها من المنشورات الحزبية.  إننا بصدد الالتزام شخصي لكل عضو من أعضاء الحزب، كشرط لا غنى عنه لينشط بشكل موجه في موقع العمل والسكن والتعليم.

• الإرشاد على أساس أهداف إعادة صياغة الحركة العمالية وإقامة تحالف اجتماعي. حيث ترتبط هذه المسألة بتنظيم وتحريك القوى العمالية الشعبية و بوظيفة و نشاط حوامل الحركة، في حين هو معقد للغاية وخاصة في الهيئات القيادية الجغرافية، دون أن يعني ذلك بأنها مسألة محلولة في الهيئات القطاعية. حيث ينبغي أن يخدم تقسيم عمل الهيئات و انتشارها المحاولة المذكورة، إجمالاً. و تتمثل مسألة مصيرية في التعبير عنها في كل حي سكني في المراكز الحضرية الكبيرة كما و في الأصغر منها في الريف، وتنظيم العمال في النقابات و فروعها في جميع فروع القطاع الخاص و قطاع الدولة، وتنظيم صغار الكسبة في المدينة والريف، و التلاميذ و الطلاب و نساء الأسر الشعبية. و من المطلوب في وقت واحد مع ما سبق، بذل محاولة تنظيم النشاط المشترك للقوى الشعبية من خلال اللجان الشعبية وغيرها من أشكال التجمعات، لتعميق مضمون النضال من أجل تعزيز التحالف الاجتماعي في توجه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات بهدف الظفر بالسلطة العمالية. حيث ينبغي أن يكون هذا الموضوع الأساسي في توجيه الهيئات.

• حشد قوانا و نشرها وفق معيار البناء في القطاعات الرئيسية (الصناعية و ذات الأهمية الاستراتيجية، وما إلى ذلك)، و تنظيم للعمال، و لا سيما الأصغر سنا ضمن الحركة. وعلى الرغم من الخطوات الهامة التي جرت في هذا الاتجاه، من المطلوب قيام تحول أكثر جرأة في التوجه نحو الأعمار الإنتاجية و نحو نشر قوانا المقابل لذلك.

• القدرة والجهوزية أمام المنعطفات الحادة للصراع الطبقي. وهما متعلقتان بالجهوزية الايديولوجية و السياسية و و الاستعداد المقابل لهما. و يتعلق بتدابير من الواجب اتخاذها اليوم في عدد من المجالات وبالتوجيه والتدريب و المداخلة و البناء في سلسلة من المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية المرتبطة بالقدرة و الإمكانية على النشاط ضمن ظروف متطورة على نحو مفاجئ.

محاور التركيز التدخل الإيديولوجي للحزب

 

43. لا تزال نواة العمل الفكري بالنسبة للفترة القادمة حتى المؤتمر اﻠ21، متمثلة باستيعاب العميق لبرنامج الحزب، وللاستنتاجات المستخلصة من بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، وأيضا من تلك المنبثقة من دراسة تاريخ الحزب، اعتباراً من تأسيسه و حتى أزمته عام 1991، كما و من تاريخ الحركة الشيوعية الأممية.

لقد وصلت قوى حزبية و شبيبية كما و دائرة نفوذ الحزب إلى درجة كبيرة من استيعاب جوانب البرنامج المتعلقة بالطابع الاشتراكي للتغيير الثوري والميزات الأساسية للمجتمع الاشتراكي الشيوعي، القادرة موضوعياً على تقديم منفذ للمسائل الاجتماعية المتفاقمة، و للحاجات المعاصرة للطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

ومع ذلك، فهناك حاجة إلى تعميق استيعاب تلك الجوانب من البرنامج المتصلة بالعلاقة بين الظروف الموضوعية والذاتية المطلوبة لكي يتخذ الصدام الطبقي طابع انقلاب ثوري. حيث موجود هو خطر الاستهانة بضرورة تطوير العامل الذاتي في ظروف غير ثورية، نظراً للواقع الشديد السلبية في ميزان القوى عالمياً. و على المقلب الآخر، حاضر هو خطر الاستهانة بالعنصر الموضوعي في تطور التوازن بين الطبقات المتناحرة، ضمن محاولة التغلب على احتمال الاستهانة المذكورة أعلاه. حيث تتطلب الرؤية الصحيحة لهذه العلاقة، و في المقام الأول، إدراك التناقضات الداخلية للرأسمالية التي تؤدي إلى وقوع أزمات اقتصادية عميقة متزامنة و أزمة في الأحزاب البرجوازية و تفاقم التناقضات داخل التحالفات الإمبريالية و لتصعيد عسكري محتمل لهذه التناقضات و لغيرها.

إن الحزب الشيوعي مدين -كحزب موجود على طرف نقيض مع أحزاب الإدارة البرجوازية- برصد هذه التطورات، لكي يتمكن من مفاقمتها قدر استطاعته و استغلالها لمنفعة الانقلاب الثوري.

حيث ينبغي أن يكون مفهوما واقع الميوعة الكبير في تطورات و تفاعلات النظام الرأسمالي العالمي، و في الاقتصاد الرأسمالي. حيث بالإمكان أن يتحول و على نحو سريع في الغد، ما يبدو اليوم لنا ساكناً و غير قابل للتغيير. و أكثر من ذلك بكثير، حيث تتراكم الآن عناصر قادرة على إحداث  تغييرات و تحولات فجائية. و بهذا المعنى، فما من أحد قادر على تنبؤ خلاصة مسار الأحداث، واحتمال تفتح صدوع، و خلق فرص و مقدمات لانقلابات مفاجئة في ميزان القوى. و من هذا المنطلق هناك حاجة لجهوزية أيديولوجية - سياسية - تنظيمية متنامية يوميا ضمن ظروف غير ثورية.

و يتمثل جانب آخر لهذه المسألة في الفهم الأفضل للعلاقة الجدلية بين ميزان القوى المحلي والإقليمي والدولي للصراع الطبقي. حيث لا تلغي حقيقة إعطاء كل حزب شيوعي الأولوية لتوجيه الصراع الطبقي في بلاده بهدف إلغاء الاستغلال، أهمية توازن القوى الإقليمي -على الأقل- في مسار تطور الصراع الطبقي في بلد أو مجموعة من البلدان.

حيث يُثبت تاريخ فترات الصعود الثوري للحركة العمالية والثورات العمالية، أن الصعوبة الرئيسية التي واجهت القوى الثورية، تمثلت في غياب المقدمات الذاتية لانتصار الثورة خلال اندلاع الحالة ثورية، لا في سيطرة ظروف استقرار رأسمالي في المنطقة المحيطة كافية لخنق انتفاضة تقوم في بلد ما أو في مجموعة بلدان.

44. و تتمثل مسألة رئيسية من أجل تحقيق الاستراتيجية الثورية، في العلاقة بين الحرب الإمبريالية وزعزعة استقرار السلطة البرجوازية في جميع صيغها. حيث من الممكن أن يقود تفاقم الأزمة الاقتصادية واحتمال تصاعد التناقضات الإمبريالية البينية نحو صراعات عسكرية أو حتى إلى حرب إمبريالية معممة، و أن تنشأ ظروف زعزعة استقرار السلطة البرجوازية، كالمذكورة، أسواء في اليونان أو في بلدان أخرى في المنطقة.

و في حال الإشتباك الحربي لليونان في حرب و تدخلات إمبريالية، يجب على الحزب- -مع دفاعه عن مصالح الطبقة العاملة و الشعب اليوناني- أن يقود تنظيم الصراع العمالي الشعبي لإخراج اليونان من الحرب الإمبريالية. و هو ما لا يتطلب فحسب هزيمة أي امبريالي محتمل غازٍ –بمعزل عما إذا كان "حليفاً" أو "خصماً مؤقتاً لطبقة البلاد البرجوازية- بل من أجل الهزيمة الناجزة للطبقة لبرجوازية المحلية بعينها. و على هذا النحو حصراً، سيكون بالإمكان انتقال السلطة إلى الطبقة العاملة كما و تحقيق المنفذ من همجية النظام الرأسمالي، الذي يجلب و بالتناوب، تارة للحرب و طوراً ﻠ"السلم" الإمبريالي المفروض مع المسدس في رأس الشعوب، ما دام مسيطراً كنظام و مُعملاً في تعفنه.

و في حالة اندلاع حرب كهذه، ينبغي على اللجنة المركزية و عبر جهوزية مماثلة، أن تقيِّم خطوة بخطوة مسار الحرب الإمبريالية، لكي تتدخل على نحو ناجز و صائب، لإعداد القوى العمالية الشعبية. حيث بالإمكان وجود فترة طويلة لمشاركة البلاد في الحرب الإمبريالية دون حضور حالة ثورية، و خاصة في حالة تعرضها للغزو و الاحتلال. و بالتأكيد، مطلوب هو قيام عمل مخصص للغاية في ظروف غير الثورية من أجل النجاح في إيجاد مقدمات هزيمة الطبقة البرجوازية المحلية والأجنبية. إننا بصدد عمل يتسم بصعوبات خاصة لا تُحلُّ ببساطة عبر بعض الشعارات العامة لإدانة الحرب الإمبريالية أو للخروج منها، في حين يشمل قضايا متعددة، تنبغي دراستها باستمرار من قبل الطليعة السياسية.

و إجمالاً، يُحسم إنضاج العامل الذاتي في الظروف الثورية، من خلال عملنا القائم في الوقت الحاضر: من النضوج الأيديولوجي والسياسي، و استيعاب برنامج الحزب، والقدرة على العمل في كافة الظروف، ولكن أيضا من تربية الجماهير العمالية الشعبية على النشاط اليوم، في اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات.

و من المطلوب بالتوازي مع الفهم الأعمق لهذه المسائل في علاقة جدلية للعوامل الموضوعية و الذاتية للثورة، وجود الصمود الشيوعي، لكي يكافح الشيوعي في ظروف غير الثورية دون أن يُدمج في فترة "الشرعية" و "السلمية"، نسبياً.

إن هذه هي المسألة الرئيسية التي ستواجه الشيوعيين، أيديولوجياً كما و باعتبارها موقف حياة وخاصة لجيل الشباب منهم. لقد كان لمجمل الفعاليات التي أقيمت حتى الآن، ضمن مسار الاحتفال بمرور اﻠ100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي اليوناني، تأثير إيجابي مضاعف على القوى الحزبية وخصوصا على الشبيبية الشيوعية، من رفاق و رفيقات. وتشمل الأهداف التي وضعت للعامين المقبلين لتكريم هذه الذكرى، إنضاج القوى المنظمة في الشبيبة الشيوعية اليونانية و تلك المتواجدة في محيطها و تربيتها وزيادة كفاحيتها و معنوياتها.

45. و أمام النشاط الأيديولوجي و السياسي للذكرى اﻠ100 للحزب والذكرى اﻠ50 للشبيبة الشيوعية اليونانية، ينبغي أن يمتلك التنوير حول الطابع الاشتراكي للثورة و السلطة والاقتصاد عمقاً أكبر من ناحية المحتوى كما و تفسير أسباب و سمة انقلابات الثورة المضادة. حيث تتمثل مقدمة أساسية لذلك، في محاولة التصدي للهجمة البرجوازية و الانتهازية من مواقع معرفة حتميات المجتمع الرأسمالي كما و نظيراتها للاشتراكي الشيوعي.

و لا تزال هناك مكامن ضعف كبيرة من ناحية فهم هذه الحتميات. حيث تنعكس مكامن الضعف هذه في الرؤى عن "اجتثاث التصنيع" بسبب الأزمة الاقتصادية و "نزع السمة اليونانية"بسبب تعزيز آليات الرقابة الاتحادية الأوروبية أو نتيجة عمليات الدمج والاستحواذ على مجموعات احتكارية كبيرة، كما و الكلام عن "الخصوصية اليونانية" فيما يتعلق بالحصص الكبيرة للأنشطة الاقتصادية التي تصنف من قبل الهيئات البرجوازية باعتبارها "خدمات" و الكلام عن "نقص الاستهلاك" أو "الإفراط في الاستهلاك" أو عن أسلوب إدارة الديون المالية باعتبارها أسباباً للأزمة الاقتصادية الرأسمالية و ما إلى ذلك.

و تتمثل مشكلة مماثلة أخرى في الربط الخاطئ بين مؤسسات الدولة الرأسمالية و وحدة الإنتاج الاشتراكية.

و بمعزل عن مواقف الحزب ذات الصلة، ينبغي أيضاً أن تساعد أهداف نضال الحركة النقابية في تشديد الصراع ضد هذه الرؤية، و إبراز التباين الكامل لهاتين الصيغتين من أشكال تنظيم الإنتاج. حيث لا ينبغي أن تخفي أوجه التشابه الموجودة في مسائل كمحاولات إلى خفض تكاليف العمل أو المواد الخام، الفرق الجوهري بينهما، و هو الذي ينبع من علاقات ملكية مختلفة جذريا و يصب في مصلحة قوى اجتماعية مختلفة.

كما و ينبغي أيضا زيادة عرض أهداف نضال الحركة العمالية في مواقف الحزب، و على حد السواء للحاجات الشعبية المعاصرة التي تحددها الإمكانيات الحالية للعلم والإنتاج، كما و إبراز شروط و مقدمات تلبيتها.

و كما يتبدى بسهولة، فإن كل هذا يتطلب فهما أعمق لحتميات حركة الاقتصاد الرأسمالي و للسمات الخاصة لكل مرحلة و ظرف، كما و تفسير التطورات الاقتصادية والسياسية الجارية (البطالة وتخفيض الأجور، وتداول الحكومات، وما إلى ذلك) في ضوء هذه الحتميات والمقارنة بينها وبين حتميات الإنتاج الاشتراكي وعواقبها على منتجي الثروة.

46. من المطلوب استيعاب موضوعة كون الطبقة العاملة هي الطبقة الثورية موضوعياً، و كونها بانية المجتمع الاشتراكي الشيوعي، و كونها و بالتالي قوة قيادية مقارنة مع القوى الشعبية الأخرى. إن الحركة العمالية وحدها هي القادرة على اتخاذ ملامح ثورية، و التطور لتغدو حركة ثورية وفية، في حين تعجز حركات القوى الشعبية الأخرى أن تغدو حوامل وفية لرفض الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. وفي الوقت نفسه، من المطلوب استيعاب الأطروحة القائلة بأن الدور القيادي للطبقة العاملة في الثورة، يفيد موضوعياً صغار الكسبة الحاليين (الأفراد منتجي السلع) مقدماً لهم منفذاً من مشاكلهم الحالية عبر منظور دمجهم ضمن العمل الاجتماعي المباشر. و يضمن الحزب الشيوعي اليوناني باعتباره الطليعة الأيديولوجية والسياسية العمالية في اليونان، إبراز ضرورة العمل المشترك لصغار الكسبة مع الطبقة العاملة في ظل الرأسمالية، كما و تكاملهم السلس في الإنتاج الاجتماعي المباشر ضمن الظروف الاشتراكية الشيوعية.

هذا و ستواجه محاولات تطوير الكفاح ضد الرأسمالية و من أجل السلطة العمالية، باستمرار، ضغوطاً متجددة تمارسها  قوى انتهازية و برجوازية أو حتى جماهير عمالية شعبية مضللة، من أجل حلول سياسية لإدارة "داخل جدران الرأسمالية" تحت يافطة الوحدة الوطنية.

و تقوم هذه النداءات بإخضاع مصالح الأغلبية الشعبية الكبرى لمصالح أقلية الطبقة البرجوازية المُستغِلَّة. حيث تتنامى مخاطرها في ظروف إعادة تراتبات الهرم الامبريالي وزعزعة التحالفات الإمبريالية وظهور جديدة منها، و ظروف أزمة أحزاب برجوازية حكومية و ظهور جديدة منها، و ظروف إعادة تسخين المواجهة بين الليبرالية البرجوازية و الاشتراكية الديمقراطية، وبين البرلمانية البرجوازية و الديكتاتورية الفاشية أو العسكرية، و بين التحديث البرجوازي و بين المخلفات الدينية و العرقية و غيرها.

و لا تزال مسألة أساسية للكفاح الإيديولوجي والسياسي للحزب، متمثلة في قدرة الحزب على مكافحة الأوهام القائلة بإمكانية الإنتقال نحو الإشتراكية من خلال الإصلاحات البرلمانية والتحسين التدريجي للتوازنات الانتخابية، كما و قدرة كشف الدور الموضوعي الذي تضطلع به كل حكومة برجوازية، و إبراز و استغلال الخبرة التاريخية الأقدم كما والمعاصرة من عدد من بلدان أوروبا وأمريكا اللاتينية و سواها، ضمن هذا الاتجاه.

حيث تثبت كلٌّ من نظرية وتاريخ الحركة الشيوعية، بأن إعلان الطابع الاشتراكي للثورة والسلطة هو ركيك، حينما تتخلله في الممارسة أهداف حكومية انتقالية في ظل الرأسمالية، تحت ذريعة الأزمة الاقتصادية المديدة، و تشديد عنف الدولة و أرباب العمل، و الإرهاب السافر الممارس بحق الحركة العمالية و الشيوعية، والعنف النازي الفاشي، و تعليق الإجراءات البرلمانية و تهديد الحرب الإمبريالية أو خوضها.

حيث لا ينبغي أبداً فصل النضال السياسي اليومي الجاري حول جميع المسائل، عن المهمة السياسية الثورية الرئيسية في الكفاح من أجل السلطة العمالية.

هذا و ستخلق مشاكل تماسك الاتحاد الأوروبي و منطقة اليورو، وتعزيز بريكس، و تدخلات الولايات المتحدة لترسيخ مواقعها في أوروبا وآسيا، في الفترة القادمة، ظروفاً من شأنها و عن جديد إثبات راهنية الأهمية-المصيرية للحركة الثورية- في ربط الصراع ضد الحرب الإمبريالية مع النضال من أجل السلطة العمالية.

47. و يتسم تعميق محاججة التباينات الجذرية بين الديمقراطية البرجوازية ومؤسسات السلطة العمالية، بأهمية خاصة. حيث تتعارض و على نحو مباشر، السمة الشكلية للمشاركة، ضمن الديمقراطية البرجوازية مع سمتها الجوهرية في ظروف السلطة العمالية. إن السلطة العمالية تشكل صيغة أرقى للديمقراطية، لأن من سماتها الأساسية هي المشاركة الفاعلة للشعب في تشكيل المجتمع الاشتراكي، حيث يتمثل أساسها في وحدة الإنتاج و الخدمات الاجتماعية و الوحدة الإدارية و التعاونية الإنتاجية.

هناك اليوم حاجة -أكثر مما مضى- لتعزيز الصراع من أجل الكشف عن الديموقراطية البرجوازية باعتبارها صيغة ممارسة السلطة البرجوازية، أي ديكتاتورية رأس المال. حيث ضروري هو نقض أساطير أدوات الديموقراطية البرجوازية (كانتخابات البرلمان و انتخابات الإدارة المحلية و البرلمانية الأوروبية) عبر الحجج، و إبراز الطبيعة الطبقية لكل دستور برجوازي ضمن الرأسمالية وما إلى ذلك. و ينبغي ضمن هذه المحاولة استغلال إظهار التغيرات الرجعية المعاصرة المتعلقة بالدولة البرجوازية والنظام السياسي البرجوازي، كتحديث الآليات القمعية، والتغييرات في الدستور و ما إلى ذلك.

و ينبغي أيضا، أن تعزز المحاولة لكي تنبذ الطبقة العاملة والشرائح الشعبية نظرية "الطرفين" الرجعية التي تحجب "الطرفين" الفعليين في المجتمع الرأسمالي، واللذين ليسا سوى الطبقة الرأسمالية المستغِلة والطبقة العاملة المستغَلة. حيث هناك حاجة لخوض صراع حاد مع الأوهام القائلة بوجوب مواجهة التيار الفاشي من قبل الحركة العمالية، تحت راية الديموقراطية البرجوازية و إبراز حقيقة أن الاشتراكية الديمقراطية والفاشية شكلتا تاريخيا "طرفي" سلطة رأس المال.

على وجه الخصوص بالنسبة لصحيفة "ريزوسباستيس" و portal 902

 

48. و فيما يتعلق بما ذكر أعلاه، ستلعب وسيلتا الإعلام الحزبيتان: "ريزوسباستيس و" و portal 902 دوراً هاماً.

قامت اللجنة المركزية بمحاولة رامية إلى تحسين محتوى لسان حالها اليومي، أيضاً عبر دفع تعزيز كوادر طاقمه العامل. وعلى الرغم من كل المحاولات الإيجابية التي بذلت، و على الرغم من واقعة أن صحيفة "ريزوسباستيس" تجاوبت عموماً مع مهمتها العامة كوسيلة إيصال الخط السياسي للحزب يوميا نحو أعضائه و أصدقائه و أتباعه، و لكننا لا نزال بعيدين عن ضرورة تكريسها كدليل يومي للعمل. هناك حاجة لقيام المزيد من الخطوات لتحسين محتواها، و قدرتها يوميا على تقديم الصراع الأيديولوجي والسياسي على نحو صائب، و على عرض سياسة الحزب والترويج لها، و تقديم المعارك الصغيرة والكبيرة التي يخوضها العاملون بأجر والشرائح الشعبية ضد العدو الطبقي، على نحو حي. حيث ينبغي عليها إتمام كل هذه المهام مع الأخذ بعين الاعتبار لتوجهها بشكل رئيسي نحو الأعمار الإنتاجية للطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

و لا تزال مشكلة كبيرة تتمثل في التداول المنخفض للصحيفة وبفارق كبير عن الإمكانيات الفعلية مع استمرار اتجاهها النزولي. حيث ينبغي معالجة هذه القضية في الفترة المقبلة. و تتمثل نواة هذه المشكلة في استخدام الأداة اليومية للحزب، مع مسؤولية الهيئات القيادية ذاتها اعتباراً من اللجنة المركزية و حتى الهيئات القطاعية، و إدماجها كعنصر من وظيفة الحزب اليومية باعتباره عنصر عمل توجيهي.

هذا و شكل إنشاء بوابة 902 كوسيطة إخبارية للحزب الشيوعي اليوناني خطوة هامة ضمن تدخل الحزب في مجال الانترنت و الإعلام المباشر. و جرت محاولة هامة لتحسينها، منذ إنشائها حتى اليوم، وبحلول عام 2015 تم نشر إصدارها الجديد. و ينبغي إدخال المزيد من التحسينات في مواضيعها ومظهرها من أجل ضمان أكبر دائرة قراء يوميين. وينبغي معالجة هذه المسألة ضمن منظور ذكرى اﻠ100 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي اليوناني، عام 2018، في ترابط مع رفع مستوى موقع صحيفة "ريزوسباستيس".

و في أي حال، فإن وجود وتشغيل بوابة 902، و أي موقع بوابة آخر أو موقع للحزب لا يمكن أن تحل محل قراءة واستخدام "ريزوسباستيس"، سواء بالنسبة للتسلح وكما و لنشر مواقف الحزب الشيوعي اليوناني و سياسته. في هذا الاتجاه ينبغي عبر الإرشاد اليومي تقديم شرح كافٍ حول الفرق كبير بين المعرفة والإعلام الفعلي من جهة و بين الإعلام البسيط والخبر من جهة أخرى.

و في ذات الوقت، ينبغي إبراز الدور الخاص ﻠ"المجلة الشيوعية" التي تجمع المعالجات الحديثة للحزب، والنصوص ذات الأهمية الدائمة للحركة الشيوعية الأممية. و إبراز دور دراسة الكتاب، و ضرورة إثراء كل مكتب حزبي و بيت شيوعي المنزل بالكتاب الماركسي، و المنشورات السياسية و الكتب الأدبية و ما إلى ذلك. 

عن الصراع من أجل إعادة تشكيل الحركة العمالية

 

49. يكتسب اليوم مسار الحركة بعينها، أهمية حاسمة، كما وتطوير النضالات، والصراع من أجل إعادة تشكيل الحركة العمالية وتعزيز التحالف الاجتماعي.

إن المسائل التي نواجهها، وخاصة ضمن الطبقة العاملة والحركة العمالية، تتواجد إلى حد ما في مرحلة جديدة، كما ذكر سلفاً في الفصل المتضمن للتطورات السياسية والاقتصادية المحلية والدولية. حيث لم يتغير تقييم أوضاع الحركة العمالية، ودرجة تطور الوعي السياسي للطبقة العاملة، و مزاج و كفاح حلفائها الطبيعيين (المزارعين الفقراء، و صغار الكسبة) و هو يلامس حد العمر الإنتاجي الشبابي. حيث مألوفة لنا هي صورة التقهقر العام، و الانتكاس و عدم اليقين المعمم و القدرية، و نلاقيها خلال كل خطوة لنا.

ومع ذلك، هناك بؤر مقاومة جديدة كما و يجري تطوير نضالات. حيث اتسمت التحركات التي بدأت بمبادرة الحزب و الشيوعيين ضمن الحركة النقابية للطبقة العاملة، على جبهة الضمان الاجتماعي الكبيرة، بجماهيرية هامة و هي تشكل مرجعية لتطوير الحركة. إن الاستنتاج الرئيسي يكمن في وجود الإمكانيات، على الرغم من كل الصعوبات الموضوعية والذاتية التي لا تزال سارية المفعول.

على الرغم من كون العمل لتطوير النضالات في جبهات الصراع الجانبية المختلفة للتعامل مع جميع المشاكل الصغيرة والكبيرة للطبقة العاملة في المواقع و القطاعات، فإن تحقيق صعود حاسم للحركة العمالية هو غير ممكن على مدى عدم توسع طليعة عمالية مقتنعة بضرورة إسقاط النظام، و ملهمة من المنظور الاشتراكي، لا سيما في المصانع والمؤسسات و مواقع العمل.

إن هذا يتعلق بشكل رئيسي بالعمل المستقل للحزب، وعمل الشيوعيين في مواقع العمل، و المنظمات النقابية. حيث يساعد الصراع داخل الحركة النقابية، والخبرة من المشاركة ضمنه، كما و العمل عبر خط مناهض للرأسمالية، في تيسير عملية كهذه، و لكنه يعجز عن تقديم إجابة شاملة.

هذا و أعطت التحركات التي جرت عام 2016 أمثلة حية حول القوة التي يمكن أن تكتسبها الطبقة العاملة، و أهمية التحالف الاجتماعي. حيث تعزز النفوذ السياسي و هيبة الحزب كما وتأثير التجمعات الجذرية التي ينشط ضمنها أعضاء الحزب، ضمن الحركة.

و يؤكد الاستنتاج الأساسي: بأن من المطلوب امتلاك تفوق أيديولوجي و تنظيمي خلال ممارسة تدخل الحزب وأعضائه وأنصاره من العمال والجماهير الشعبية، لكي نجد أنفسنا متواجدين مع قوى متينة على الجبهات الرئيسية و لتحسين قدرتنا على العمل وتأثيرنا القوى الشعبية المكافحة و المتسمة بمستويات مختلفة من الوعي.

هذا و ينبغي أن يكون المعيار الرئيسي لعملنا الإرشادي هو الحفاظ على الروابط الكفاحية مع جميع أولئك الذين يريدون المقاومة، بمعزل عن مستوى تفهمهم الحالي وقبولهم لجميع مواقفنا. إن هذا بالطبع لا يعني التراجع عن واجب إبراز الأسباب الحقيقية للمشاكل، و إبراز اتجاه حلها موثقاً بالقرائن المحددة و الذي هو بحكم الأمر الواقع، اتجاه مناهض للاحتكارات و الرأسمالية. و من ذات الأمور بعينها، سيزداد تفاقم الصراع الأيديولوجي السياسي داخل الحركة، لكنه سيحتاج تيقظاً و تأهباً و قدرة على خوضه في ظروف الحركة.

و يمتلك الحزب الشيوعي اليوناني القدرة على قيادة نضالات كبرى. حيث تواجدت ضمن دائرة التحركات التي طورها، معالجة موضوعات وأهداف للنضال من أجل المشاكل الاجتماعية الكبرى، و هي التي لاقت إلى حد قبولاً أوسع. حيث كان هناك خطة عمل و تحضير. وبالتأكيد، لا تزال آراء الخصوم (البرجوازية و الإصلاحية و الانتهازية) تثقل الوضع إلى جانب الآراء القائلة بعدم جدوى النضالات كما والأوهام والخوف مع جملة شبكة العوامل المتصدية لنفوذ مواقفنا.

وليس من قبيل المصادفة ترافق تعزيز و تطوير الحرب السياسية والأيديولوجية لتقسيم و تضليل الجماهير العمالية الشعبية و احتوائها، مع الحرب الاقتصادية من أجل زيادة استغلالها. حيث متعدد الأشكال هو التدخل الأيديولوجي لأرباب العمل، وخاصة في مواقع العمل الكبيرة. و لا يقتصر هذا التدخل على زراعة منطق "الشريك" و "شركتنا"، بل يتخذ تعبيراً عملياً متقدماً من خلال مبادرات مثل ما يسمى ﺒ"المسؤولية الاجتماعية للشركات" وغيرها من النشاطات (على سبيل المثال"معا نستطيع") أو حتى عبر مبادرات الدعم النفسي في مواقع العمل من قبل أركان إدارة شؤون الموظفين.

50. و تتمثل مشكلة رئيسية لصعود الصراع الطبقي في تفوق القوى الإصلاحية- الانتهازية في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، في المصانع و مواقع العمل الكبيرة حيث لدينا قوى قليلة. حيث يشكل ذلك عائقاً قوياً للتجذير. وقد تأكد هذا الاستنتاج خلال التحركات الأخيرة حول نظام الضمان الاجتماعي. حيث ثبُت خلال هذا النضال، و لمرة أخرى، مدى خطورة دور الإصلاحيين، و الانتهازية، كدعائم مفيدة للنظام خلال اللحظات المصيرية، كما و ودور القيادات النقابية التي تشكل أغلبيات قيادتي كونفدراليتي نقابات القطاع العام و الخاص كما و ضمن الاتحادات والنقابات الكبيرة.

إن هذه القوى هي المسؤولة عن تعطيل الحركة النقابية، و إعاقة تجذير الحركة النقابية ضمن ظروف أزمة مديدة. و تقع عليها مسؤوليات تاريخية هائلة، لأنها تبعثر الالتباس و التضليل عبر طيف آرائها و ممارساتها الإيديولوجية والسياسية. حيث ساهمت في احتجاز العمال والجماهير الشعبية ضمن آراء مريحة للنظام عبر مطية أساسية تمثلت في رؤية التعاون الطبقي، و رفض الوحدة و التضامن، الطبقيين.

حيث تسيطر رؤىً كالمذكورة أعلاه، في قطاعات ذات أهمية استراتيجية، كالطاقة، والبنوك والنقل والاتصالات والإدارة العامة والصحة والتعليم، و أيضا في قطاعات أخرى. و على الرغم من امتلاك القوى التي يدعمها الحزب أغلبية مجالس إدارات الاتحادات و النقابات الكبيرة في بعض القطاعات، لا يزال حضور الحزب و المداخلة الحزبية و التنظيم الحزبي، أساساً، صغيراً جدا وضعيفاً في مواقع العمل الكبيرة التي تغطيها هذه المنظمات الجماهيرية.

حيث تمكن الخصم الطبقي فوق أرضية سيطرته الأيديولوجية والسياسية، و بمساعدة من الإصلاحيين والانتهازيين، من تمرير رؤية على نحو واسع ضمن الوعي العمالي و الشعبي، بأن الأزمة هي تبعة لسوء إدارة اقترفته الأحزاب الليبرالية و الاشتراكية الديمقراطية، و بأنها عبارة عن انحراف عن نظام رأسمالي رشيد مزعوم، وبالتالي، فمن الممكن تصحيح النظام والاتحاد الأوروبي، عبر خليطة سياسة أفضل.

و بعد عامين على حكم سيريزا، الذي زرع الإحباط على نطاق واسع في قطاعات عريضة من الطبقة العاملة وغيرها من الشرائح الشعبية، يتبدى على نحو أكثر شدة، رأي يقول:"بغير الإمكان فعل أي شيء، ليس هناك أية جدوى"، و "القوى الخارجية هي من تقرر" و ما إلى ذلك. و لهذا، فمن المهم أن تفسر تفسيرا وافيا خلاصة نضالات و موازين القوى المتشكلة منذ عام 2009 وحتى اليوم، كما و سبب وجوب تغيير اتجاه الحركة. و في التوازي مع ذلك، ينبغي علينا إبراز مختلف الهوامش التي يمتلكها النظام الرأسمالي بعينه، خلال مختلف فتراته ومراحله.

حيث تبرز هنا مهمة أيديولوجية سياسية جادة للحزب بأكمله. و هي دمج مسار الحركة و النضالات و التطورات الجارية على مدى ثماني سنوات من الأزمة، بجملتها، في الخبرة العمالية الشعبية الكفاحية. هذا و مدركون نحن جيداً، ب أن كل هذه الأمور تؤثر على نحو متناقض في الغالبية العظمى من الطبقة العاملة.

حيث من المهم اليوم توضيح طبيعة النزعة الإصلاحية المعاصرة، التي يتمثل حاملها الأساسي في قوى الانتهازية ضمن الحركة النقابية العمالية. و يمتلك الخط الإصلاحي اليوم على نحو سافر أكثر، ضمن الحركة النقابية سمة اقتراح إداري للنظام، في حين يقوم بتبني مطالب وأهداف للنضال، ليست منفصلة ببساطة عن النضال من أجل الانقلاب الثوري، بل و مدمجة على نحو كامل في استراتيجية رأس المال. فعلى سبيل المثال، يتطابق مضمون شعار إعادة البناء الإنتاجي، الذي يُعرض في إطار مجموعة واسعة من البرامج الانتقالية، في الواقع مع هدف الانتعاش الرأسمالي وتغيير نموذج الإنتاجي، و ذلك، على الرغم من واقعة تمويهه بشعارات تبدو كجذرية (كالديمقراطية المباشرة، والخروج من اليورو، وما إلى ذلك). إننا بصدد أهداف لنضال الحركة - مدمجة في برامج انتقالية مختلفة وغيرها من الاقتراحات السياسية المباشرة المزعومة- التي تستخدم من أجل الإنحباس ضمن نسخ مختلفة للسياسات البرجوازية وخط السيطرة الحكومية.

و بالتالي، فإن المواجهة مع الخط الانتهازي الإصلاحي ضمن الحركة، هي متعلقة بالصراع حول المطالب والأهداف، كما و حول وجهة الصراع نفسه. حيث ينبغي أن تمتلك معالجة خط الصراع في كل مرة، عناصر الثبات والمرونة التي تسهل انفكاك قوى عمالية و شعبية جذرية -وخاصة الشبابية منها مقارنة- و التي تنجر و تحتبس ضمن مختلف المقترحات الإدارية.

حيث ينبغي أن يتصدر الشيوعيون هذه المعركة السياسية الأيديولوجية، مع استخدامهم خلال المواجهة لميزة تأكيد صوابية تقديرات الحزب في المسائل الرئيسية المذكورة أعلاه.

و تطرح واقعة عدم تراجع الحزب أيديولوجياً وتنظيميا على الرغم من الضغط القوي جداً، كما و تصدره لنضالات كبيرة و فتح جبهات فكرية وسياسية كبيرة، أسساً موضوعية جديدة للتواصل مع الطبقة العاملة والشرائح الشعبية. حيث ثبُت وعلى وجه الخصوص، بأن موقف الحزب في عدم المشاركة في حكومات برجوازية، هو سلاح قوي في المعركة من أجل إعتاق الطبقة العاملة، و كان قد شكل درعاً واقية لقوى الحركة العمالية من الخضوع والتوافق مع المخططات البرجوازية.

عن تطور ميزان القوى في الحركة النقابية وتأثير الحزب

 

51. إن المعدل العام لمشاركة العمال في النقابات، كما هو مسجل في معطيات مؤتمري كونفدراليتي القطاعين العام و الخاص كما و في انتخابات نقابات القطاعات، لا يتجاوز حاليا اﻠ25٪، بينما هو في تناقص مستمر. كما و هناك تراجع في تنظيم ومشاركة المرأة (وخاصة الأصغر سنا) والمهاجرين. و هو إحدى المشاكل الرئيسية التي نواجهها.

و نظراً لأسباب مختلفة، فإن الوضع الفعلي هو أسوأ من ما يتبدى عبر البيانات والإحصاءات الرسمية. إن أحد الأسباب هو تدخل أرباب العمل و نقابييهم و النقابيين الحكوميين من أجل تغيير النتائج في سلسلة من الانتخابات من خلال تقديم قوائم عضوية مزدوجة أو مزيفة و ما إلى ذلك.

و على نحو أسوأ من ذلك هو وضع درجة التنظيم في نقابات و اتحادات حركتي العاملين لحسابهم الخاص والمزارعين.

لقد حافظ الحزب على قواه ضمن الحركة النقابية العمالية كما و استحوذ على بعض المواقع و القوى الجديدة ضمن سلسلة من القطاعات و المجالات. و كما يتضح من البيانات ذات الصلة، فإن الخسائر الرئيسية للحزب تتحدد في القطاعات التي تلقت ضربة قوية، على حد السواء قبل الأزمة و خلالها، بسبب تقلص القوة العاملة (في البناء و النسيج، والملابس، و الألبسة و الأحذية، والتبغ، وما إلى ذلك) و الخروج للتقاعد.

هذا و عززت تحركات السنوات الأخيرة النفوذ السياسي للحزب، وتأثير التجمعات التي يعمل من خلالها أعضائه بنشاط. و نظراً لتقوية الرأس مال الاحتكاري علينا أن نتوقع مزيدا من احتدام تناقض رأس المال مع العمل المأجور، كما و تفاقم كل التناقضات الاجتماعية فوق هذا الأساس.

من هنا تنبع حاجة كما وإمكانيات قيام المزيد من العمل المخطط لمنظمات الحزب والحزب بأكمله، في صفوف الطبقة العاملة وحركتها من أجل تعزيز الصراع الطبقي ضد الرأسماليين، و أحزابهم و حكوماتهم، و عموما ضد السلطة الرأسمالية، ضمن منظور الصدام معها و إسقاطها من أجل إقامة سلطة العمال الثورية.

حيث بإمكان الحزب مجهزاً باستراتيجيته و معالجاته حول مختلف المسائل التي تنشأ في مجرى الصراع الطبقي، و مسلحاً بالخبرة المدروسة من الفترة الأخيرة، كما و بخبرة ما يقارب اﻠ100 عاماً، أن يؤثر بشكل حاسم لتعزيز و ترسيخ التوجه الضروري للصراع ضد الرأسمالية.

وتؤكد التجربة الأخيرة بأن قوى سياسية لا تعد ولا تحصى وستخرج للاحتجاج تحت وطأة تفاقم المشاكل، على الرغم من حقيقة أنها لا تتفق معنا على كل شيء، و سوف تتسم بصمود محدود في وجه صعوبات و منعطفات النضال. حيث ثبتت عمليا قدرة الحزب على التقييم الناجز و الموضوعي لمزاج للجماهير، و على التدخل على نحو مخطط و منظم كطليعة في سياق الصراع، و في أشكال التنظيم والنضال، و الكفاح، عبر تصدره الإجراءات الجماعية ضمن الحركة مع امتلاكه للانتباه والمرونة خلال توسيع عمله، دون إضعاف عنصر اليقظة و السجال.

إن القيام بتدخل كهذا، لا يجري يحدث فجأة و بشكل متقطع فهو يشترط وجود عمل حزبي طليعي-فردي و جماعي- على مدى أعوام. إن هذا العمل هو ما يجلب في الوقت المناسب من حيث الظروف، الهيبة والاعتراف ومن خلالهما، يجلب القدرة على حشد قوى لا تتبع حزباً سياسياً معيناً، أو تتبعه على نحو ظرفي وعاطفي. من المطلوب رفع جاهزية القوى الحزبية، و استخدام أصدقاء الحزب على نحو أكثر، من أجل تحسين القدرة على التواصل مع قوى كهذه والتأثير على اتجاه نضالها.

عن المهام المنبثقة من أجل إعادة تشكيل الحركة

52. يتحدد محتوى عملية التشكيل في قرار الاجتماع الموسع للجنة المركزية المنعقد في كانون الأول/ديسمبر 2015، في :".. تجهيز وتطوير حركة عمالية قادرة على خوض مواجهة بحزم وفعالية و ضمن تحالف مع الشرائح الشعبية من العاملين لحسابهم الخاص والمزارعين، ضد استراتيجية رأس المال المدروسة و الموحدة و ضد السلطة الرأسمالية". إننا بصدد مهمة تتطلب قيام عمل أيديولوجي و سياسي و تنظيمي أكثر تعقيدا من قبل الحزب، و على حد سواء ضمن خطوطه وخطوط الحركة، على محور الحاجات المعاصرة للقوى العمالية القوى الشعبية، و يتطلب إدراج المطالب الجانبية في مخطط لحشد القوى و للصراع عبر محتوى مناهض للرأسمالية.

حيث سيستند مخطط إعادة التشكيل في المقام الأول على منظمات حزبية قوية في المصانع والشركات في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية. و سيكافح من أجله مع رصد مستمر و دراسة نقدية للتجربة و إبراز الصعوبات الموضوعية، كما و أوجه الضعف الذاتية، على نحو موحد و على الصعيد الوطني بثبات و دون هوادة، مع إبداء التعديلات والتخصصات اللازمة في كل قطاع.

وبالتالي، ينبغي أن يشمل توجهنا نحو تطوير وإعادة تشكيل الحركة، كل مدينة ومنطقة، متمحوراً حول المجموعات الاحتكارية والمصانع ومحطات الطاقة الكهربائية، والاتصالات، والنقل العام، و المراكز التجارية، و الوحدات الصحية و مؤسسات الرعاية الاجتماعية. و في الوقت نفسه، حول العاملين لحسابهم الخاص في المدينة والمزارعين في الريف، و مواقع تعليم الشباب، و أمكنة تجمع شباب الأسر العمالية الشعبية.

و تكمن مسألة مركزية ينبغي معالجتها، في درجة تشكل رؤية موحدة ضمن القوى الحزبية بعينها، فيما يتعلق بمضمون إعادة التشكيل والواجبات المنبثقة عن دفعها.

على الرغم من الخطوات التي جرت، لا تزال هناك تأخيرات في التغلب على نمط المواجهة المجزأة و ترسيخ رؤيتنا حول مهام الشيوعيين على أساس ما ذكر أعلاه. إن الظروف الناشئة عند اندلاع الأزمة الرأسمالية جلبت صعوبات جديدة نحو السطح. وعلى الرغم من تنبؤنا النسبي، لم نكن مستعدين بما فيه الكفاية لإجراء تكيفات سريعة مع الظروف الجديدة التي خلقتها أزمة عميقة وطويلة، حيث لم نكن قد درسنا القيود أو الصعوبات الجديدة في استيعاب و تنفيذ تخطيط إعادة التشكيل.

و هناك حاجة لاتخاذ تدابير في الفترة القادمة بمزيد من التصميم، لرفع نجاعة ترويج هذه المهمة المركزية في الحزب بأكمله و في الشبيبة الشيوعية، وصولا لكل منظمة قاعدية حزبية و شبيبية و مجموعة حزبية نقابية.

عن ضرورة تطوير رؤية موحدة لمحتوى عملية إعادة تشكيل الحركة العمالية

 

53. هناك حاجة إلى ترسيخ الرؤية -كما أسلفنا أعلاه- بأنه مهما شكلت مشاكل ظروف عمل و حياة الطبقة العاملة، أساساً للنضال و هي التي ينبغي تطويرها دائما بمساهمة الشيوعيين الطليعية، فهي بحد ذاتها لا تقود نحو تطوير الوعي السياسي الطبقي. من هنا تنبثق أيضاً، مهام الصراع الأيديولوجي والسياسي للشيوعيين ضمن الحركة، من أجل تعزيز توجهها المناهض للرأسمالية. حيث تشمل هذه المهام معالجة مطالب الصراع واختيار أشكال التنظيم والتحالف مع القوى الشعبية، وتشترط معرفة جيدة لبنية الطبقة العاملة وللتفتت الذي يميزها، كما و لآليات الطبقة البرجوازية و أساليبها الجديدة للتلاعب بالحركة العمالية التي لا تتخلى البرجوازية عن هدف احتوائها.

من المطلوب قيام الهيئات الإرشادية باحتكاك يومي و تدريب و قلق و رعاية من أجل صعود مبادرة الشيوعيين و نشاطهم اليومي، وخاصة للشباب منهم. و من المطلوب قيام توجيه و رصد خلاق من أجل الحصول على معرفة واضحة حول التطورات في كل قطاع، و على تقييم دقيق وموضوعي لموازين القوى، و مزاج الجماهير و تكتيك أرباب العمل والقوى الأخرى، فضلا عن تأثيره. و من المطلوب يوميا قيام عمل فردي دؤوب لتشكيل روابط يومية مع الطبقة العاملة -حتى في فترات التي لا تتبدى فيها نتائج واضحة على الفور- و هي التي ستتحول في ظل شروط معينة، إلى زيادة هيبة ونفوذ الشيوعيين.

إننا بحاجة إلى حيازة توجه ثابت كما وقدرة أكبر على تعزيز خط الصراع من المستوى الأدنى-اعتباراً من موقع العمل بعينه و النقابة- الذي يركز على استرداد الخسائر في ترابط مع الحاجات المعاصرة للأسرة العمالية الشعبية. و لامتلاك القدرة على إبراز حقيقة أن معوق تلبية الحاجات المعاصرة و المطالب المعبرة عنها هي الملكية الرأسمالية بعينها والربح الرأسمالي. . كما و القدرة على التبيان المقنع- من خلال الصراع المُطور في نضالات صغيرة و كبيرة- لآليات الاستغلال و بشكل أساسي لظروف لإلغائها. و قدرة الحزب و الشيوعيين على نحو فردي للعمل مع هدف و تخطيط و استمرارية في صفوف الجماهير العمالية الشعبية، للمساعدة في تنظيمها وحشدها  و تنويرها من أجل تجذير وعيها، وصعود مطلبيتها و كفاحيتها من أجل إرضاء حاجاتها المعاصرة.

حيث موضوعي هو اتجاه ازدياد الحاجات المعاصرة. حيث يعود ذلك إلى المستوى المعاصر من تطور القوى المنتجة وارتفاع الإنتاجية، ومنجزات العلم وتطبيقاتها في جميع المجالات (الصحة، التعليم، المعوقين و ما إلى ذلك). وترتبط الحاجات المعاصرة بالحد من ساعات العمل، وزيادة وقت الفراغ والإجازات والترفيه. و بعوامل متصلة بمستوى المعيشة، كنوعية وكمية الاحتياجات الغذائية، وظروف السكن و العمل، ودور التربية البدنية و الرياضة، والصحة مع التركيز على الوقاية ومعالجة المشاكل البيئية والأمراض المهنية، و ارتفاع متوسط العمر المتوقع، والثقافة و ما إلى ذلك. و ترتبط أيضاً، بالبنى التحتية والوسائل اللازمة لتغطيتها.

إن تغطية الحاجات الشعبية المعاصرة ممكن في اليونان اليوم، من الناحية الموضوعية، حيث تمتلك اليونان إمكانيات تنموية مصدَّقة (وسائط تكنولوجية، قوة عاملة مختصة، أساليب التنظيم الحديث للإنتاج، الخ) و بالطبع مزايا طبيعية، كإمكانية الاكتفاء الغذائي واستخدام جبالها  و بحارها، و بنيتها التحتية لحاجات نقاهة الأسر الشعبية.

إن خلافنا مع الأحزاب البرجوازية لا يتواجد فقط في كمية ونوعية الخدمات الاجتماعية العامة المجانية، بل هو على نحو أعمق، و يصل حتى منظومة ومحتوى هذه الخدمات. و هكذا، على سبيل المثال، فإننا في مجال الصحة لا نطالب فحسب بخدمات مجانية أفضل، بل و أيضا ًبأولوية الوقاية وإعادة التأهيل الناجز، أو في مجال التعليم حيث لا نطالب فقط بكتاب مجاني لجميع المستويات التعليمية، بل و في المقام الأول بمحتوى مختلف جذريا لهذه الكتب، و أساليب وأشكال للتعليم مختلفة جذرياً بهدف إنجاز التربية الشاملة للأطفال.

وبالمثل، فيما يتعلق بالجبهة ضد البطالة، و على نحو أبعد من عرض مطالب حماية العاطلين عن العمل، فإننا نؤكد على مطالب العمل الثابت مع حقوق و مع إمكانية الحد من وقت العمل وأخيرا ضمن مقدمات القضاء على البطالة. إننا بصدد جبهة نضال مستمر، نظراً لوجود عدد كبير من العاطلين عن العمل، و خاصة في سن الشباب و لوجود مشاكل خاصة بمشاركتهم في الحركة النقابية العمالية.

حيث يتواجد جوهر رؤيتنا للحاجات الشعبية المعاصرة في كل ما ذكر أعلاه على نحو موحد، مع علمنا بالطبع، بأنه و الرغم من حقيقة تشكيلها اليوم لموضوع مطلبي، إلا أن إطار الرأسمالية لا "يتسع"لإرضائها بالكامل، بل يشترط قيام التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج الممركزة وإدراجها في تخطيط مركزي علمي للإنتاج.

حيث يتعلق على نحو خاص، إبراز أهمية تطوير الصراع والمطالب على أساس الحاجات العمالية الشعبية المعاصرة، بالشباب والعاطلين عن العمل، وخاصة بأولئك الذين دخلوا إلى الإنتاج أو ولجوا سن الإنتاج بعد عام 2009. حيث لم تعايش هذه القطاعات تلك الحقوق والمكاسب التي كانت متواجدة قبل الأزمة الاقتصادية الرأسمالية، و أكثر من ذلك بكثير تلك المتواجدة قبل إسقاط الاشتراكية.

ومع ذلك، ينبغي الحذر حين عرض مطالب استرداد الخسائر، لكي لا تضفى سمة مثالية على فترة ما قبل عام 2009، بل لإبراز واقعة تدهور ظروف الاستغلال مقارنة مع الأجيال السابقة، في تناقض مع الحاجات والإمكانيات الحالية الفعلية. و للإجابة على المحاججة التي "تعيد" التراجع الحالي لسبب وجود "امتيازات غير معقولة" سابقاً. و من المهم بمكان هو تفهم أن ظرف التطور الرأسمالي الذي سمح ببعض "الفوائد"، والحقوق والمكاسب، في ظل ظروف مختلفة للتطور الرأسمالي، وتوازن مختلف للقوى و صراع الحركة العمالية بحد ذاته، هو ظرف قد وَلَّى مع جميع جوانبه. و أن هناك حاجة لربط الصراع حتى من أجل الحد الأدنى، مع مجمل الصراع والمواجهة، الجاريين ضد استراتيجية رأس المال.

عن تعزيز النشاط النقابي المنظم بوصفه عنصرا من عملية إعادة التشكيل

 

54. ينبغي استغلال الخبرة الموجودة من نشاط المنظمات، على نحو أكثر منهجية مع رفع مستوى نشاطها على أساس الأهداف التالية:

• إكساب النقابات الموجودة سلفاً سمة جماهيرية، و في المقام الأول في مواقع امتلاكنا لقوى. ينبغي أن يشكل ضم العمال الشباب للنقابات و الجمعيات مصدر اهتمام دائم ومعياراً لمحاولة عملية إعادة التشكيل، مع الإصرار على أهمية الصراع الجماعي المنظم و حشد القوى ضد العدو الطبقي.

• تغطية جميع المواقع عبر فروع للنقابات القطاعية، كما و عبر نقابات مؤساساتية أو عبر تأسيس نقابات جديدة عند الضرورة، اعتماداً على ماهية ما يساعد على نحو أفضل لعملية انتظام الطبقة بحد ذاتها. مع تطوير شبكة متكاملة من هذه النقابات في جميع أنحاء البلاد.

• قيام عمل مستقر للنقابات باعتباره معياراً أساسياً لعملية إعادة التشكيل. حيث يشمل ذلك على حسن سير عمل مجالس إداراتها، و إبراز أهمية الجمعية العامة و الحفاظ عليها، باعتبارها عملية فحص و تدارس جماعي لوضع مواقع العمل والقطاعات، و لتخطيط  وتنظيم الصراع. مع القيام بالإعلام المستمر و أيضا مع إيجاد سبل وأشكال لتسهيل مشاركة العمال. حيث نتجت تجربة إيجابية من مختلف أنواع الأنشطة (على سبيل المثال التثقيفية و الثقافية والرياضية) التي تم تطويرها في العديد من الحالات عبر إنشاء لجان ذات الصلة المرتبطة بجوانب حياة الطبقة العاملة، و هي التي ينبغي استغلالها. حيث ينبغي أن تشكل النقابات التي تمتلك قوانا الغالبية فيها، أنموذجاً للعمل في هذا الاتجاه.

• الرصد المنتظم للانتخابات، و لتغيير ميزان القوى لصالح القوى الطبقية. حيث هناك تجربة إيجابية من التدقيق الأوثق و الأكثر انتظاما من قبل الهيئات والإستعداد الناجز و محاولة حشد قوى جديدة. هذه هي بعض العناصر التي ينبغي أن تشكل أسلوب عمل لكل المجموعات الحزبية.

• تعزيز التضامن والمساعدة المتبادلة و الدعم الطبقي نحو الأسرة العمالية الشعبية و كل عامل. حيث ثبتت تاريخيا إمكانية أن يشكل هذا التعزيز و خصوصا خلال الظروف الحرجة والأزمات والفقر الجماعي، والبطالة، والحروب، عنصرا أساسيا في تفعيل و حشد جماهير جديدة. حيث يُستهان بأمره في كثير من الأحيان و يكتسب طابعاً إجرائياً تحت ضغط الصعوبات الناجمة عن غياب الروابط و عدم استخدامه كأداة لتحسين تلك الروابط. حيث كانت أشكال وأساليب للتعبير عن هذا التضامن قد استخدمت عدة مرات وتحتاج لمنهجتها و تعميمها في الفترة القادمة. هذا و ينبغي أن يُدرك بأننا لسنا بصدد وسيلة جذب، بل أساسا بصدد وسيلة صياغة توجه و معايير و تربية كفاحية. حيث هناك أهمية خاصة للعمل المحدود نسبياً الذي جرى مع العاطلين عن العمل و مع مهاجرين استقروا بشكل دائم في بلدنا. و هناك بحاجة إلى دمج المزيد من المبادرات ذات الصلة، عضويا في توجهنا، من أجل منهجتها في كل نقابة وتحويلها لعناصر عضوية في عملها.

عن مسيرة جبهة النضال العمالي "بامِه" باعتبارها عنصرا حاسما في عملية إعادة التشكيل

 

55. تشكل "بامِه" مكسبا كبيراً للحركة العمالية، و كانت قد تبعت مساراً عظيماً و رائعاً حتى الآن. و تشكل مرجعية على نطاق واسع ضمن المجتمع اليوناني والحركة.

أنشئت بمبادرة من الشيوعيين المشاركين بنشاط في الحركة و هي عبارة عن جبهة لالتفاف النقابات و المراكز و الاتحادات العمالية واللجان الكفاحية و للنقابيين. حيث من الممكن أن يكون الشيوعيون مع القوى الملتفتة حولهم أغلبية في النقابات المنضوية في الجبهة- و هي واقعة تعكس لدرجة ما اعتراف العمال بدور الحزب- و مع ذلك، فضمن صفوف الجبهة متباينة هي درجة الوعي و الاتفاق السياسي، العماليين.

و تحافظ قطاعات واسعة من الطبقة العاملة ممن ترغب بالتفاعل و التواصل مع هذه النقابات، على التباسات و مخاوف، وحتى على أحكام مسبقة ذات صلة. حيث ينطبق هذا حتى على النشطين نقابياً، و بنحو أكثر على العمال غير المنتظمين نقابياً. و على هذا النحو، معقد هو عمل الشيوعيين من أجل إنضاج الوعي العمالي الثوري، حتى ضمن صفوف "بامِه"، و بنحو أكثر بكثير ضمن النقابات الغير منضوية ضمنها، أو في مواقع خالية تماماً من التنظيم النقابي. و كما كنا نوهنا سلفاً، إن خبرة العمال من النضالات ليست بكافية، و ذلك على الرغم من كونها مقدمة مهمة.

هناك خبرة غنية من نشاطنا على مدى كل هذه السنين، ومع ذلك، و في حين أننا متفقون حول المسائل الرئيسية، فليس من الصعب ظهور الأخطاء أثناء الممارسة. إن "بامِه" ليست "ذراعاً للحزب الشيوعي اليوناني" أو فصيلاً للحزب ضمن الحركة النقابية، كما يزعم الانتهازيون و نقابيو الحكومة و أرباب العمل. و هي ليست ببساطة عبارة عن نقاباتها الأعضاء أو المتماشية معها. إن "بامِه" عي عبارة عن تجمع لمنظمات نقابية ضمن اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات، هي تجمع طبقي وفي و مميز و على حد السواء تجاه نقابيي أرباب العمل والحكومة، كما و تجاه خط التيار الإصلاحي و الانتهازي. و هي تعبر في الظروف الحالية، عن ضرورة الصراع حول توجه الحركة العمالية. و من مسؤوليتنا أيضاً هو تعزيز دور النقابات المتواجدة ضمن صفوفها. و أن تعمل باستقلالية و أن تُنضج من عملنا ضمن صفوفها و يؤكد على انضوائها ضمن "بامِه" و على تبني خط الصراع الذي ترسمه الجبهة.

هناك ضرورة ملحة اليوم لتخطيط محدد لتوسُّع "بامِه" نحو قوى جديدة في كل قطاع و منطقة. و موجودة هي قوى كهذه ضمن الحركة. و تتمثل في النقابات والنقابيين الذين طوروا في الفترة السابقة عملاً مشتركاً مع "بامِه" مع تبني جوانب من مواقفها. حيث هناك شريحة أوسع-مقارنة مع ما مضى- تقوم بمراقبة نشاطها و مواقفها. و كانت هذه الإمكانيات قد تبدت بشكل واضح خلال مؤتمر "بامِه" اﻠ4 المنعقد على الصعيد الوطني. يجب أن نضع في اعتبارنا بأننا لن تجد قوى جاهزة للانضمام ﻠ"بامِه"، و بأن من واجبنا هو تشكيل هذه القوى عبر نشاطنا و عملنا التنويري كما و عبر الصراع ضد نقابيي أرباب العمل و الحكومة.

و يغدو دور "بامِه" ضرورياً على نحو أكبر في ظل الظروف الراهنة، ونظرا للإفلاس الأبعد لكونفدرياليتي القطاعين العام و الخاص و نظراً لوضع الحركة النقابية بحد ذاته، كما و بسبب مخططات إعادة تنظيم القوى الإصلاحية و النقابية الحكومية.

ينبغي على قوى الحزب الناشطة ضمن "بامِه" الإسهام في تنفيذ الخطة الموحدة التي أقرت في مؤتمرها المنعقد على المستوى الوطني في تشرين الثاني/نوفمبر 2016. حيث تتضمن هذه الخطة فعاليات كثيرة، من أجل تعزيز تنظيم الطبقة العاملة في النقابات، و حشد النقابات و النقابيين على نحو أبعد، وتطوير النضالات و التحركات على أساس أهداف ومطالب محددة، مع تعزيز وحدة الطبقة العاملة، و ترسيخ التحالف الاجتماعي.

و تتمثل جبهة مميزة و معقدة بوجه خاص، في تنظيم و تحريك العاطلين عن العمل، بجانب النقابات و المراكز العمالية و اللجان الشعبية في الأحياء السكنية. ويشترط هذا العمل قيام رصد و تسجيل مستمر و محاولة منهجية و مصممة من أجل تشكيل روابط وثيقة تصمد أمام الضغوط و الصعوبات و تؤمن استمرارية للنضال. حيث من غير الممكن قيام هذه المحاولة خارج تعزيز المبادرات الجارية على أساس أهداف محددة للصراع.

و ينبغي استغلال مبادرة بلدية باترا التي جرت في الفترة السابقة حول مسيرة العاطلين عن العمل نحو أثينا، باعتبارها أسلوباً للعمل يتخلل عمل النقابات و اللجان الشعبية مع مراعاة النسب المماثلة. و ذلك في تزامن مع توسيع المبادرات في الأحياء السكنية.

هذا و إيجابية هي الخبرة من نشاط اللجان الشعبية و إقامة هياكل تضامن و غيرها من الفعاليات (على سبيل المثال: معاهد شعبية، سينما شعبية، تضامن في مجالات الصحة و الرعاية الإجتماعية و ذوي الحاجات الخاصة وإطعام المعوزين و ما إلى ذلك).

عن مسار التحالف الإجتماعي

لقد تأكدت ضمن النضالات ضرورة التحالف الاجتماعي و قيمته

 

56. ضمن نص برنامج الحزب الذي أقر خلال مؤتمره اﻠ19 يُشدَّد على ما يلي: "سوف تمر عملية تحشيد و التفاف أغلبية الطبقة العاملة و جذب القطاعات الطليعية من الشرائح الشعبية حول الحزب الشيوعي اليوناني، بمراحل عدة. حيث تُشكِّل جبهات النضال - و على رأسها العمالية منها- مع صيغة تحالفها ذات الأهداف المعادية للإحتكارات و الرأسمالية و مع العمل الطليعي لقوى الحزب الشيوعي اليوناني الجاري في ظروف غير ثورية، مشكِّلة بذلك صياغة لنموذج أساس الجبهة العمالية الشعبية الثورية في الظروف الثورية. حيث تقتنع الجماهير العمالية و الشعبية من خلال خبرة مشاركتها في تنظيم النضال ضمن توجه صدام مع استراتيجية رأس المال، بضرورة اكتساب تنظيمها سمة شاملةً و عبر كافة أشكال صدامه مع سيطرة رأس المال الاقتصادية و السياسية".

و تذكر قرارات المؤتمر اﻠ19 مسألة التحالف الاجتماعي على نحو محدد و مفصل. وقد جُمعت سلفاً تجربة مفيدة، إيجابية و سلبية. و ينبغي أن تستخدم هذه التجربة، و أن تشكل أساسا لخطة جديدة لكي يكتسب بناء التحالف أساساً أكثر ثباتاً و منظوراً، و أن تجري موائمته باستمرار و اضطراد مع متطلبات الصدام مع الاحتكارات و الرأسمالية.

إن مرجعية التحالف الاجتماعي في اتجاه مناهضة الاحتكارات و الرأسمالية هي القوى الاجتماعية، أي الطبقة العاملة وغيرها من الشرائح الشعبية، بغض النظر عن الجنس والعمر والتعليم والأصل القومي. حيث أساسي هنا هو دور الحركة العمالية النقابية، و لا سيما النقابات ذات التوجه الطبقي المنضوية ضمن جبهة النضال العمالي "بامِه".

و حاسم هو أيضا دور أعضاء الحزب كطليعة سياسية للطبقة العاملة في النضال من أجل تعزيز وتعميق التحالف الاجتماعي للطبقة العاملة و صغار الكسبة في المدن والمزارعين في الريف، مع التركيز على مشاركة شباب و نساء هذه القوى الاجتماعية. حيث تتصاعد مهام الشيوعيين داخل هذه الحركة وخاصة نحو سلخ القطاعات الأكثر فقرا ضمن الشرائح الشعبية عن فكر و سياسة الطبقة البرجوازية و عن نفوذ القطاعات الأعلى اقتصادياً ضمن الشرائح المذكورة.

و يشكل الولوج الجماعي لشرائح البرجوازية الصغيرة في النضال و الإضراب العام، و في مسيرات مشتركة مع الطبقة العاملة بمناسبة المعركة الرئيسية ضد التدابير المضرة بنظام الضمان، خبرة قيمة من الفترة السابقة. حيث تظهر هذه الخبرة و على حد السواء، إمكانيات العمل المشترك وتعبئة قوى شعبية أوسع ضمن بيئة حيث يستخدم العدو كل وسيلة إخضاع و تلاعب، كما و صعوبات الحفاظ على الخطوات الجارية لصياغة ظروف استمرارية وتصعيد الصراع المشترك، و توسيعها، من أجل إدراك الطابع الاستراتيجي للتحالف بين الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

هذا و يتخلف اليوم إطار الصراع المشترك لجبهة النضال العمالي "بامِه" و التجمع الوطني للتجار و المهنيين المناهض للإحتكارات و تجمع المزارعين الكفاحي و الاتحاد النسائي اليوناني و جبهة النضال الطلابي، الذي صيغ عام 2010 و شكل نقطة انطلاق لتنسيق أفضل للعمل، عن الحاجات الحالية و هو بحاجة للتحديث.

و لا ينبغي أن تخفي أي خطوات إيجابية جرت في العمل المشترك، واقعة أن ترويج هدف التحالف الاجتماعي في توجه مناهض للاحتكارات و الرأسمالية هو في مرحلة جنينية بعد. و عدا الصعوبات الموضوعية ضمن هذه المحاولة، فإننا نقوم بالتركيز على ما يمر من يدنا من أوجه القصور والتأخير الجاد في عمل الشيوعيين والشيوعيات ضمن الحركة. حيث تظهر أوجه الضعف الذاتية هذه، الفهم الناقص للأهمية الاستراتيجية للتحالف الاجتماعي، كما و الاستهانة بتعقيدات و صعوبة هذه المهمة.

و من المطلوب من الشيوعيين في الحركة النقابية العمالية إظهار رعاية أكبر من أجل التفاف الشرائح الشعبية الوسطى (المزارعين و التجار و المهنيين) ضمن صراع مشترك مع الحركة العمالية. و أن يسعوا إلى العمل على ظروف أفضل للتفاهم بين الحركات، و إلى الإقناع عملياً بطليعية الطبقة العاملة.

و ينبغي إبداء حذر خاص تجاه الصياغة الشكلية للتحالف الاجتماعي "عبر القمم"، كما ينعكس ذلك على أنه "برعم" و عبر أشكال مختلفة اعتمادا على المرحلة المحددة من مراحل الحركة، و موازين القوى، و ترسيخ التحالف وتعميقه من ناحية أهدافه المناهضة للرأسمالية و الاحتكارات. من المطلوب قيام رصد مستمر لتطور التحالف بعينه، كما هو من المرجح تقدمه و تعززه، حيث سيعيد نشر قواه على أساس حركي، كتحرك فعلي لجماهير عمالية و حليفة مع احتمال تمظهره عبر أشكال أخرى.

التحالف الاجتماعي فيما يتعلق بالمزارعين العاملين لحسابهم الخاص

 

57. اتسمت تحركات المزارعين بالجماهيرية و تنوع الأشكال عام 2014، حيث كانت رد فعل أولي على تدابير ضريبية وبعد ذلك (في 2015-2016) عبرت عن مناهضتها لتدابير مضرة بنظام الضمان الاجتماعي. حيث قادت الإجراءات الحكومية التي تفاقم أوضاع معيشة المزارعين العاملين لحسابهم الخاص، إلى تمظهر الاستياء المتراكم بنحو كفاحي، حتى و على نحو مباشر بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في أيلول/سبتمبر 2015، مع خلق شروخ في مناخ الوفاق السياسي.

حيث تجلت في الممارسة قوة عملهم المشترك مع الطبقة العاملة، كما ظهرت عبر نزول الجرارات نحو أثينا، و دعم تحركها لمدة يومين من قبل الاتحادات العمالية والنقابات المنضوية ضمن "بامِه".

و كان لتجمع المزارعين الكفاحي "باسي"إسهام كبير في الصراع ضد قيادات اتحادات الجمعيات الزراعية المنحطة و ضد السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي، و تصدرت صياغة إطار للصراع من أجل فصل المزارعين عن كبار المزارعين و في تنشيط بعض الجمعيات الزراعية وبعض اتحاداتها و توجيه حركتها نحو العمل المشترك مع الطبقة العاملة.

و أحضرت نضالات المزارعين إلى الواجهة شكل التفاف تنظيمي جديد للتنسيق على الصعيد الوطني لحركة المزارعين عبر هيئة تنسيق الحواجز على الصعيد الوطني، التي تتمركز في حاجز نيكيا على أساس اتحادات الجمعيات الزراعية والعديد من اللجان والحواجز المستندة على اتحادات محلية أخرى وجمعيات زراعية ينشط ضمنها أعضاء وأصدقاء للحزب. حيث لعبت هيئة التنسيق المذكورة دورا في هذا الالتفاف و تنسيق حركة المزارعين المنظمة على الصعيد الوطني. و تصدر الشيوعيون إعداد الإطار الأساسي و أشكال النضال والتنظيم، التي هي متبناة اليوم من قبل اتحادات نقابات المزارعين والجمعيات الزراعية التي لم تحسم بعد انضوائها في تجمع المزارعين الكفاحي "باسي"، من عدمه.

إننا مدينون بأن نحاول في المرحلة الجديدة التي تنتقل إليها حركة المزارعين، بأن تعمِّق هذه القوى من توجه التفافها المناهض للاحتكارات. حيث ينبغي على الشيوعيين أن يتجاوبوا مع الصراع كما و مع خطر الانحباس الجديد لهذه القوى.

يجب علينا أن نصر على أن تعبر المشاركة في اجتماعات الحركة وعملياتها الأخرى، عن مجالس إدارة الاتحادات والجمعيات الزراعية لا عن مشاركة فردية ﻠ"شخصيات". كما و ينبغي أن نجدد باستمرار إطار التنسيق على الصعيد الوطني، مع تطوير السجال ضمن الحركة و استبعاد قوى "الفجر الذهبي" و غيرها من القوى المؤيدة للاتحاد الأوروبي و سياسته الزراعية المشتركة.

و ينبغي علينا استغلال المناخ الإيجابي بنحو أكثر نشاطا، لتشكيل الجمعيات والاتحادات مع امتلاكنا ليقظة متزايدة، و أيضاً، بهدف توسيع الالتفاف المحرز أو لتعميق التوجه المناهض للاحتكارات بالنسبة للمسار الآخر لتطوير الإنتاج الزراعي وربط الإنتاج التعاوني مع الصناعة الاشتراكية، و التجارة الحكومية وما يترتب على ذلك في مجال الأسعار، والبنية التحتية، و الحماية من الظواهر الطبيعية و ما إلى ذلك.

و في نفس الوقت علينا المساهمة في تنظيم فقراء وصغار المزارعين الذين يخوضون كفاحاً من أجل البقاء كمزارعين ما داموا قد انتقلوا نحو وضع العامل الزراعي أو العامل لحسابه الخاص في قطاع آخر، أو العامل بوقت جزئي. إننا بصدد قطاعات من أشباه البروليتاريين و قطاعات عمالية محضة و لا تهتم بحركة المزارعين بشيء، حيث يجب تخطيط مداخلتنا من أجل تنظيمهم نقابياً.

و خلال السنوات القليلة المقبلة يجب أن تحقق نتائج في بناء الحزب، عبر تكثيف تدخلنا الأيديولوجي السياسي المستقل.

هناك حاجة لرصد منتظم لجميع التطورات في مجال الزراعة و حركة المزارعين، و للتجمعات المصاغة. و ينبغي على اللجنة المركزية الجديدة دراسة هذه التطورات من خلال جسم على المستوى الوطني، و لا سيما لمسار التحالف الاجتماعي في اتجاه مناهضة الاحتكارات و الرأسمالية وتحديد أهداف الشيوعيين و نشاطهم داخل المزارعين العاملين لحسابهم الخاص في الريف اليوناني.

The integration of the self-employed of the urban centres intoعن إدراج العاملين لحسابهم الخاص المراكز في الحضرية ضمن التحالف الاجتماعي the Social Alliance

 

58. تمظهرت خلال الفترة السابقة -بعد مرور أعوام كثيرة- مشاركة للعاملين في حسابهم الخاص في تحركات كفاحية بلغت ذروتها ضمن تلك المتعلقة بنظام الضمان الاجتماعي. و مع ذلك، فقد تبدَّى ضمن هذه التحركات النفوذ الحاسم الذي تمارسه قيادات نقاباتهم في مستوها الثالث كما و مختلف والجمعيات المهنية و العلمية- عبر سيطرة مطالبها- التي تحتبسهم ضمن مصالح وتطلعات الشرائح الوسطى العليا اقتصادياً.

إن ما يحدث في جوهره هو أن مصالح الشرائح الوسطى العليا- يعاد إنتاجها بنحو متقطع مع جزء من الشرائح الأدنى التي تحيط معاً بشركات احتكارية قوية- تُنسب باعتبارها مصلحة مشتركة و ثابتة لجمهور العاملين لحسابهم الخاص. وليس من قبيل المصادفة دعم قطاعات واسعة من العاملين لحسابهم الخاص طوال الفترة السابقة لما يسمى بخط "إعادة إعمار الإنتاج الوطني"، على أمل الحفاظ على حصتها في السوق، ضمن سياق النمو الرأسمالي.

و فيما يتعلق بدرجة تنظيم العاملين لحسابهم الخاص، لا تزال خارج التنظيم النقابي، قطاعات كبيرة ممن هم في ضائقة مالية وخيمة، بينما يسيطر في صفوفهم منطق التوافق و الحل الفردي. حيث مطلوب قيام عمل أيديولوجي وسياسي خلال النشاط لفصل هؤلاء عن الشرائح الوسطى العليا المتسقة و المصطفة مع الطبقة البرجوازية.

إن تجمع المهنيين و التجار المناهض للاحتكارات على المستوى الوطني، يحاول عبر إطاره المطروح التعبير عن مصالح أفقر قطاعات العاملين لحسابهم الخاص في صراعهم ضد الاحتكارات ودولتها، وعلى النقيض من مصالح الشرائح الوسطى العليا -وعلى الرغم من الخطى الصغيرة الإيجابية- فهو ذو تأثير محدود على الجمهور الكبير الغير منظم من العاملين لحسابهم الخاص. و تتمثل مقدمة ولوج نقابات و قوى جديدة لصفوفه، في قيام مواجهة أيديولوجية سياسية أكثر صواباً و إقناعاً، كما و اقتدار الشيوعيين أنفسهم على تشكيل ظروف تواصل و التفاف لقطاعات متذبذبة في الأساس و لا تتفق على كل الأمور معنا.

كما و تتمثل مقدمة حصول خطوات في تغيير ميزان القوى من أجل تمهيد الطريق لتعزيز التحالف الاجتماعي، في قيام نشاط أيديولوجي و سياسي جماهيري للشيوعيين في صفوف قطاعات البرجوازية الصغيرة عينها و في حركتها، و في تعزيز قدرتنا على التدخل في القطاعات و صياغة الظروف لانتزاعها من الخصم.

عن نساء و شباب الشرائح العمالية و الشعبية ضمن التحالف الاجتماعي

عن نشاط الحركة النسائية الجذرية والتحالف الاجتماعي

 

59. تفاقم و باضطراد ضمن السنوات اﻠ25 الماضية وضع دعم الأمومة من قبل الدولة، وتكثيف العمل، وساعات العمل غير المستقرة والبطالة و عموماً مجمل العوامل العامة التي تزيد من سوء وضع المرأة العاملة و الشابة. حيث روجت الرأسمالية و الاتحادات الإمبريالية الدولية، كالاتحاد الأوروبي، باسم مساواة المعاملة بين الرجال والنساء و"تسوية التزامات العمل و الأسرة" لتدابير مناهضة للعمال و الشعب و تواصل ذلك، من أجل إلغاء المكاسب وزيادة درجة استغلال كِلا الجنسين. و في اليونان، استغلت و بمسؤولية جميع الحكومات مسألة"المساواة" بين الجنسين للقضاء على ترتيبات إيجابية كانت في صالح المرأة، على سبيل المثال، عبر مساواة سن تقاعد النساء و الرجال، وإلغاء حظر العمل الليلي للمرأة و غير ذلك. إن البعد الجندري لقضية المرأة لا يتعلق ليس فقط بالتمييز المامرس في حق النساء في إطار المجتمع الاستغلالي، بل يتعلق أيضا بالحاجات الاجتماعية المحددة للمرأة نظراً لدورها الإنجابي.

حيث تُستغل ضمن الرأسمالية علاقة المرأة بالأمومة للترويج لأهداف رجعية. فعلى سبيل المثال، يتم استخدامها كوسيلة لجذب النساء إلى برامج عمل لشهور قليلة بأجور سيئة، كما و نحو أشكال للعمل التطوعي لتعويض مسؤولية الدولة في الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية لدعم الأسرة (وخاصة الأطفال وكبار السن والمعوقين، أي في مجالات: الصحة والرعاية الاجتماعية و التعليم و غيرها). و في الاتجاه نفسه، يُسعى خلال الفترة القادمة نحو إدماج المرأة (العاطلة عن العمل و شبه العاطلة عن العمل)، في "الاقتصاد الاجتماعي المتكافل" في ظروف تشديد لاستغلالهن و التلاعب بهن. و في ذات الوقت، تسيطر الرؤى القائلة بأن تعليم الطفل و تربيته الشاملة هي قضية فردية للمرأة و "مسألة عائلية". حيث تتفاقم مشكلة غياب وقت الفراغ مع عواقب سلبية على إعلام المرأة و ثقافتها و على قرار انضمامها للصراع الطبقي المنظم.

و تتمثل ضرورة أكثر إلحاحاً في قيام نشاط محدد من قبل الحزب في صفوف النساء المتحدرات من أصول عمالية شعبية، سواء بشكل مستقل أو من خلال صفوف الحركة العمالية الشعبية بهدف رفع مستوى مشاركة المرأة في النضال ضد الرأسمالية و الاحتكارات. حيث لا يزال اعتبار هذا العمل بدرجة ما أمرا زائداً، ضمن هيئات الحركة العمالية النقابية ذات التوجه الطبقي و حركة المزارعين و العاملين لحسابهم الخاص، المناهضة للاحتكارات.

و ينبغي على الهيئات الحزبية وصولاً حتى المنظمات القاعدية مع اضطلاع الجنة المركزية بالمسؤولية الرئيسية، أن توجه الكوادر النسائية وأعضاء الحزب، والمتعاونين معه، والنساء الطليعيات ضمن الحركة، بمعزل عن مهامن و مسؤولياتهن لمراقبة تطورات التعبير المعاصر لعدم إنصاف المرأة. وفي الوقت نفسه، من المطلوب مشاركتهن في نشاط الحركة النسائية الجذرية من خلال جمعيات ومجموعات الاتحاد النسائي اليوناني و في تطوير تحركات كفاحية، لتوجيه المواقف المعالجة و المطالب الكفاحية للنساء نحو موقع العمل و القطاع الإنتاجي و كليات المعاهد و الجامعات والتدريب المهني و التعليم إجمالاً.

إن الأمر الأساسي هو تعزيز مشاركة المرأة و مبادرتها في الحركة. و بمسؤولية الشيوعيات بالإمكان تأمين قيام العمل المشترك والتواصل، بين الاتحاد النسائي اليوناني و الحركة النقابية ذات التوجه الطبقي، و مع المنظمات الجماهيرية لصغار الكسبة في المدينة والريف. كما و تخمير السمة الطبقية لقضية المرأة و تطوير المطالب لحماية الأمومة و الجسد الأنثوي  والأسرة، عبر عمل النساء المتخصص.

و في نفس الوقت، تتطلب المحاولات الجارية لزيادة مشاركة المرأة تكثيف الصراع ضد الأشكال الحديثة من التلاعب بالنساء من خلال الآراء البرجوازية و البرجوازية الصغيرة و الانتهازية عن أسباب اضطهاد المرأة، أي النظريات المحدثة عن "المجتمع الأبوي" و عن "حكم الرجال المعاصر" كما و النظريات الغير علمية الجديدة حول" النوع الإجتماعي". حيث تتمظهر هذه النظريات في دعوات السياسة البرجوازية وعناصرها الفاعلة (حتى في الحركة النقابية) لضرورة زيادة مشاركة المرأة في سلسلة من المؤسسات، دون أي إشارة إلى السمات الطبقية، مع تقديم هذه المشاركة باعتبارها عنصرا من عناصر المنافسة بين الرجل و المرأة. حيث يُبرز على وجه الخصوص، ظهور النساء في إدارات الشركات والمجموعات الاقتصادية والمراكز المؤسسية، كعنصر مساواة بين الجنسين. و يقترح تخصيص حصة للمرأة في "مراكز صنع القرار". و في الواقع، يبقى حق "الانتخاب و الترشيح" شكلياً إلى حد كبير، بالنسبة لغالبية النساء اللواتي ينتمين إلى الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، أو بالأحرى يتواجد هذا الحق ضمن تلاعب السلطة الرأسمالية الجاري.

حيث ينبغي على قوى حزبنا و على تلك الواقعة ضمن تأثيرنا أن يواجهوا ذلك، عبر إبراز الرؤية العمالية الشعبية حول مشاركة النساء. و حتى المؤتمر القادم ينبغي تنفيذ جميع التدابير اللازمة- التي عالجها الحزب سلفاً- من أجل سياسة منهجية لإبراز نساء من الطبقة العاملة والشرائح الشعبية الفقيرة في هيئات الحركة. إن هذا عبارة عن مقدمة لتشكيل طليعة نسائية جذرية واسعة أكثر استقرارا، قادرة على جذب المزيد والمزيد من النساء نحو صفوف الحركة و هيئاتها و نحو النشاط الكفاحي.

عن شباب الأسر العمالية الشعبية في جميع مستويات التعليم والتحالف الاجتماعي

 


60. تتسم التعديلات البرجوازية في مجال التعليم منذ فترة المؤتمر اﻠ19 بخروق متعلقة ببنيته و محتواه، و بربطه على نحو أكثر مباشرة مع حاجات إعادة الإنتاج و الربحية، الرأسماليين، وتحديثه من ناحية إعادة إنتاج السيطرة الأيديولوجية للطبقة البرجوازية.

هذا و في ظروف الأزمة الرأسمالية، تم جمع هذه التوجهات مع تدابير لخفض التكاليف، و نقص حاد في المعلمين و مشاكل في وصول التلاميذ للمدرسة، و نواقص في البنية التحتية، و مع عمليات دمج وإغلاق المدارس و غير ذلك.

و مهد تخفيضات التمويل الحكومي في الجامعات ومعاهد التعليم العالي، الطريق لمزيد من خفض تكاليف رعاية الطلاب (التغذية - الإسكان). و طرح باعتباره شرطاً لا ينتهك، ما يسمى "قابلية حياة" الفروع الجامعية، أي تأمين موارد خاصة لمتابعة جوانب عملها، وخاصة في مجال البحوث. حيث كبيرة كانت تبعات ذلك على محتوى التعليم في حد ذاته، مع تمظهر متفاقم له في المعاهد التقنية العليا- و تخفيضات في الدورات والساعات المعتمدة والمناهج و ضغط البرامج لإدارة الخسائر المسجلة في الكوادر التعليمية.

و خلال هذه الفترة تكشف نشاط أيديولوجي سياسي جماهيري للحزب، مترابط مع المساعدة المقابلة من الشبيبة الشيوعية، عبر :

• الترويج لمعالجة الحزب الاستراتيجية عن المدرسة الموحدة ذات اﻠ 12 عاما للحاجات الشعبية المعاصرة و إمكانيات عصرنا، وتحديث اقتراحنا حول التعليم العالي الموحد.


• مواجهة البدع الكلاسيكية والمعاصرة للقوى البرجوازية و البرجوازية الصغيرة الناشطة في مجال التعليم مع الدفاع الكفاحي عن الحقيقة التاريخية.


• تطوير المقاومة و توجيه النضالات ضد سياسة الحكومة بالترابط  مع الجهود الرامية إلى تعزيز التجمعات التي يشارك الشيوعيون ضمنها.

إن المهمة الرئيسية للحزب في مواقع التعليم هو تعزيز المحاولة التثقيفية الأيديولوجية، من خلال محور متنوع الأشكال ومتعدد المواضيع مع التركيز على تعميم اقتراح الحزب حول التعليم في الاشتراكية، وإبراز إمكانيات الإنجازات العلمية الجديدة، التي تستغل ضمن الرأسمالية وفق معيار الربحية الرأسمالية لا الرفاه الشعبي. حيث ينبغي أن تدشن عملية تنوير في جميع المراحل، حول علاقة التربية مع الأيديولوجيا المسيطرة والتربية مع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة. و نظراً لموقعهم الخاص، فإن للتربويين موضوعياً، مسؤولية خاصة في جميع المراحل.

على نحو أكثر تحديدا فيما يتعلق بالحركة الطلابية

 

61. يتمثل سلاح مهم لنشاطنا ضمن الحركة الطلابية في التجمع الجذري المصاغ عبر الجمعيات الطلابية ولجان النضال و لجان الأعوام الجامعية و آلاف الطلاب الملتفين ضمن جبهة النضال الطلابي "ماس". إن أي أسهام كان ﻠ"ماس" في التفاعلات التي تمظهرت في الجامعات والكليات التقنية في السنوات السابقة كان مهماً جدا. و في السنوات السبع التي أعقبت تأسيس "ماس" جرت خطوات مهمة في ترسيخه. حيث بإمكاننا أن نقول اليوم أن قطاعات واسعة من الطلاب يعترفون بحضور الجبهة في جميع أنحاء البلاد.

و مع ذلك، لا يزال هناك مجال كبير لتحسين عملنا في هذا الاتجاه. و تتمثل المقدمة الأساسية لذلك في تعزيز الشبيبة الشيوعية والحزب الشيوعي اليوناني داخل الجامعات والكليات، وتعزيز العمل الفكري والسياسي والتنظيمي للشبيبة الشيوعية مع التعاون والتخطيط والتنسيق مع المنظمات الحزبية المقابلة. حيث حاسم هو دور أعضاء و كوادر الحزب والشبيبة الشيوعية داخل الحركة، و أسلوب العمل داخل الجمعيات، سواء في تلك المنضوية ضمن "ماس" و بالتأكيد في غيرها. وتتطلب هذه المهمة معالجة جيدة لأهداف الصراع وأشكاله من أجل ضمان النشاط الطليعي في الجمعية الطلابية، و القدرة على حشد جماهير أوسع حولنا من طلبة الجامعات الذين لا يمتلكون خبرة من النضالات و لا وضوحاً حول وجهة الصراع.

وعلى الرغم من واقع المشكلة المهمة المميزة في غياب وجود بنية منظمة في الحركة الطلابية، فإن المشكلة الرئيسية تكمن في ماهية الخط المسيطر، حيث يسود الخط التوافقي والتوفيقي مع السياسة السائدة. ولذلك، فإن تركيز عملنا ينبغي أن يكون على إعادة تشكيل الحركة الطلابية كفاحياً، وهو ما يعني بشكل رئيسي أن يكسب خط الصراع ضد الاحتكارات و الرأسمالية مساحات جديدة و تعزيز النضال ضد استراتيجية الاتحاد الأوروبي ورأس المال في مجال التعليم العالي وغيره من جوانب حياة الشباب، كما و تشكيل بؤر نشاط للمطالبة بحاجاته المعاصرة. و ليست "ماس" فصيلاً للشبيبة الشيوعية و ليست بيافطة نضعها عندما نريد تنظيم نضالات الحركة الطلابية. هي عبارة عن تجمع لهيئات طلابية مع أهداف و طالب تتعارض مع سياسة الحكومة، ورأس المال، والاتحاد الأوروبي، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى وعي الشباب الملتفين ضمنها. حيث بالإمكان قيام تجمع بالسمات المذكورة عبر العمل الرائد للشبيبة الشيوعية اليونانية مع وظيفة حيوية وغنية مطلبية خلاقة للجمعيات، و اللجان النضالية الملتفة ضمن "ماس". أي أن ذلك يشترط إحياء وظيفة منظمات الحركة الطلابية لا استبدالها.

و موجودة هي اليوم بعض المقدمات للمضي بتدخلنا في الحركة الطلابية خطوة واحدة نحو الأمام. حيث سيتواصل الاعتراف ﺒ"ماس" وفق درجة تشكيل و عمل و كفاح الجمعيات الطلابية وفق هذا التوجه، و في المقام الأول هناك حيث برزت قائمة "بانسبوذاستيكي" كقوة في المرتبة الأولى. و ينبغي أن تغدو هذه الجمعيات أنموذجاً للعمل والنشاط بالنسبة للأخرى، جنبا إلى جنب مع صعود تدخلنا في الجمعيات التي لا يزال ميزان القوى سلبياً ضمنها.

عن النشاط في المدارس الثانوية، و الثانويات المهنية، و كليات التلمذة الصناعية

 

62. كما هو الحال في الجامعات والمعاهد التقنية العليا، هناك مسؤولية كبيرة للشبيبة الشيوعية أيضاً في المدارس (الإعدادية، و الثانوية و الثانويات المهنية، و مدارس التلمذة الصناعية) نظرا للتركيز العالي لحضور الشباب، لتخصيص ودراسة و جمع الخبرة، مما سيساعد الهيئات القيادية في معرفة أفضل للمشاكل.

حيث من المطلوب قيام تنسيق أكبر بين الشبيبة والحزب، وذلك للاستفادة من جميع القوى المتواجدة في حوزتنا لتشكيل خلايا و مجموعات من التلاميذ و الأهالي و التربويين على أساس المنطقة أو الوحدة المدرسية، و هم الذين من الممكن أن يشكلوا أساسا لبدء محاولة جديدة في حركة التلاميذ.

و على الرغم من ترسيخ حالة من التدهور في مجالس التلاميذ، هناك حاجة إلى قيام عمل معالج و أكثر إصراراً لإثراء محتوى المجالس بمبادرات "من الأسفل". حيث حاسم هنا هو دور المنتخبين فيها من أعضاء و أصدقاء الشبيبة الشيوعية، في تنظيم الفعاليات والأنشطة المتنوعة (المسرحية والموسيقية و الرياضية، و إصدار منشورات صغيرة و غيرها) من أجل تشديد الصراع مع الأيديولوجية السائدة المتبدية في الكتب المدرسية، و مع حالة تدهور مجالس التلاميذ، و مع تبعات البربرية الرأسمالية الأشمل على حياة التلاميذ.

يجب أن تشكل المجالس هيئات كفاحية تجمع التلاميذ و التلميذات في صراع المشاكل المتفاقمة و حول حاجاتهم. و مع الانطلاق من عمل كهذا، سنكون بحاجة للعودة لمعالجة مقترح للصراع من أجل تنظيم حركة التلاميذ على نحو أبعد من الوحدة المدرسية، أي على مستوى المدن وعلى الصعيد الوطني. و هناك حاجة إلى استغلال الخبرة المقابلة، من بلدان أخرى.

إن العمل مع منظور متجه نحو الطبقة العاملة، وإعادة تشكيل الحركة العمالية يتطلب حشد المزيد من القوى، كما و مزيدا من المحاولات أيضا في مجال التعليم المهني والتلمذة الصناعية، بالتركيز على الأقسام و الإختصاصات والمحاولة الهادفة لصياغة مزاج و تربية كفاحيين للشباب مع ربطهم مع الحركة النقابية.

هذا و بإمكان مداخلة النقابات الجاري على أساس الاختصاصات، أن يمهد طرق تواصل و التفاف عدد أكبر من التلاميذ. حيث بإمكان تنسيق الهيئات النقابية للتلاميذ على أساس فئة المدرسة و التخصص القطاعي والمنطقي، أن يشكل أساسا لتدخلنا ورصد التطورات والتغيرات الجارية في مجال التعليم الفني و المهني.

حيث مباشرة و مستقلة هي مسؤولية الحزب في هذا العمل. و ينبغي تنظيم عملنا في التعليم المهني بالتعاون مع الجماعات الحزبية في الاتحادات والنقابات القطاعية. و ينبغي أن يكون الأساس في التنسيق بين الحزب و الشبيبة الشيوعية. و ينبغي أن يدرج تخطيط البناء الشبيبي ضمن التخطيط الحزبي المقابل مع قيام مراقبة ودعم محدد.

و ينبغي أيضا ترقية تدخلنا في أكاديميات الشحن البحري التجاري في كل اليونان، كما و في المدارس الليلية.

عن التحالف الاجتماعي في مستوى الحي السكني و المدينة و القرية، و في أماكن السكن

 

63. إن خلاصة الأمر هي في أن دور الشيوعيين هو مصيري لإعادة تشكيل الحركة العمالية وتطوير التحالف الاجتماعي في اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات. و في هذا الصدد، هناك حاجة للتغلب على التأخير والالتباسات التي لا تزال قائمة. و عبر قيامنا بخطوات في هذا الاتجاه مع العمل بنحو موحد لصياغة مقدمات تعزيز النشاط المشترك و تحالف العمال و الموظفين و العاملين لحسابهم الخاص و المزارعين الفقراء، سنسهم عبر ظروف أفضل في إبراز المصالح المشتركة للقوى الشعبية في النضال ضد الاحتكارات و سلطتها، و للتغلب على نقاط الاحتكاك المتواجدة موضوعياً بين هذه القوى.

و تؤكد خبرة نشاط الفترة السابقة، بأن الأرضية التي تتشكل مقدمات كهذه فوقها، تتمثل في الصراع من أجل الحاجات المعاصرة للأسرة العمالية الشعبية مع مطالب منضوية ضمن خطة حشد للقوى عبر أهداف ومطالب نقيضة لأهداف رأس المال، تضيء بدورها منظور المنفذ نحو حلٍ في مصلحة الشعب، و تغيير الطبقة المتواجدة في السلطة في تعارض مع التداول الحكومي المتواصل داخل إطار النظام.

و مع ذلك، تقتصر الخطوات المشتركة القائمة اليوم أساسا، على بعض المبادرات المركزية المشتركة لمختلف التجمعات المناهضة للرأسمالية و الاحتكارات التي يعمل الشيوعيون ضمنها، و هي التي تكتسب بصعوبة استمرارية على مستوى القطاع و المنطقة. حيث من المطلوب للتغلب على هذه المشاكل قيام المزيد من المبادرات ومعالجة أفضل للمحتوى و لإطار الصراع، كما و أيضا للمطالب والشعارات في كل مرحلة من مراحل تطور الصراع المشترك ضد الاحتكارات و الرأسمالية.

إيجابية هي تجربة اللجان الشعبية في بعض الحالات، ويجب أن تدرس على نحو أفضل، للتغلب على المشاكل التي رُصدت و للتغلب على الالتباسات التي لا تزال قائمة. إن اللجان الشعبية ليست عموماً "حركات مواطنين" في الحي السكني. بل تشكل تعبيراً محلياً عن التحالف الاجتماعي و النقابات أو فروعها المحلية و جمعيات المهنيين و التجار و المزارعين والجمعيات و الفرق النسائية و الطلابية كما يعبر عنها من خلال مشاركتها في التجمعات الجذرية المناهضة للرأسمالية و الاحتكارات، التي يعمل الشيوعيون ضمنها.

حيث تكتسب اللجان اليوم أهمية إضافية، في حين تدفع و بسرعة "البنى لجديدة" على المستوى المحلي في سياق "الاقتصاد الاجتماعي والتضامن". حيث تتمثل مسألة حاسمة في دراسة هذه البنى و مواجهتها لأنها ستشكل حقلاً متميزاً جديداً لكسب الجماهير من قبل النظام، و التلاعب بالحركة و نزع عقلانية الوعي، خاصة في حالات الفقر والبطالة الواسعة.

و لا ينضج اتجاه صراع اللجان الشعبية و منظورها، باعتبارها شكلا من أشكال التحالف الاجتماعي في الأحياء، على نحو تلقائي و لا يُفرض من الأعلى، لا سيما في صفوف القوى الشعبية الملتفة ضمنها، و هي المتسمة موضوعياً بانخفاض درجة الوعي السياسي الطبقي.

إن تعزيز العمل المستقل لمختلف المكونات والمنظمات الجماهيرية و لجان الكفاح الملتفة ضمنها، بحد ذاته في الاتجاه المذكور أعلاه، سيساعد مع عمل الشيوعيين على إنضاج ضرورة العمل المشترك بينها، و أن تكسب هيبة في الأحياء السكنية من خلال المبادرات والأنشطة التي تطورها.

و من المطلوب قيام تنسيق جيد وخطة لاكتساب مكانة و"دعائم" ضمن الطبقة العاملة و العاملين لحسابهم الخاص و المزارعين و لمشاركة شباب و نساء الشرائح الشعبية، بنشاط في هذه اللجان. لكي تشكل تعبيرا عن التحالف على مستوى الحي السكني.

وتبين التجربة أن تعزيز مهمة التحالف الاجتماعي في قطاعات الإنتاج هو قضية معقدة، لها المزيد من الصعوبات، حيث يتمظهر هنا و بوضوح نفوذ الطبقة البرجوازية وحلفائها على أفقر قطاعات العاملين لحسابهم الخاص في المدينة والريف، كما و التأخيرات في إعادة تشكيل الحركة العمالية نفسها.

و من المطلوب قيام عمل أيديولوجي سياسي أكثر جوهرية لتفهم المنظور المشترك والعدو المشترك في شخص الاحتكارات و سلطتها. و بإمكان الحركة العمالية عبر مبادراتها و ثباتها، جذب قطاعات كهذه نحو الصراع  ضد الاحتكارات. حيث مطلوب هو قيام خطة و تنسيق جيد، لصياغة مقدمات النشاط المشترك.

من أجل توضيح أفضل لمسألة علاقة الحزب بالحركة

 

64. إن الصراع على أساس برنامجنا و الاستراتيجية الثورية على نحو وفي، أي على أساس هدف حشد الطبقة العاملة و إنضاجها و تنظيمها، باعتبارها القوة الاجتماعية القيادية للعملية الثورية، يعني أن هذا الصراع هو سارٍ أيضاً ضمن الظروف اللا ثورية .

و يُخاض هذا الكفاح من قبل الحزب على نحو مستقل، دون تراجعات أمام الضغوط الممارسة إما من قبل القوى الانتهازية أو البرجوازية الأخرى أو حتى من قبل الجماهير العمالية الشعبية بعينها، التي تسعى لحلول إدارة فورية للمشاكل المتفاقمة التي يلدها يوميا النظام الرأسمالي و طاقمه السياسي في الحكومات المتعاقبة والأحزاب السياسية التي تشكله أو تسانده.

وهو ما يعني وجوب عدم فصل، النضال السياسي الجاري عن المهمة السياسية الثورية الرئيسية. و ألا يوضع جانبا هدف السلطة العمالية لحساب أهداف حكومة انتقالية أخرى فوق أرضية الرأسمالية.

حيث ينبغي أن يكون هذا عنصرا من عناصر عنايتنا في عملنا الإرشادي اعتباراً من "القمة" و حتى "القاعدة". مع زيادة اليقظة حتى لا يبتعد عملنا عن مساره تحت أي ظرف من الظروف: كالتدهور المأساوي لوضع الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، و تهديد أو وقوع حرب إمبريالية تشارك فيها طبقة البلاد البرجوازية، إرهاب علني و قمع، و عمل قوى فاشية نازية أو حتى تعليق الإجراءات البرلمانية عبر انقلاب و غيرها.

إن التجربة التاريخية ودراستها بشكل جماعي من قبل اللجنة المركزية و الحزب بأكمله و الشبيبة الشيوعية، قد سلحتنا ﺒ"مناعة" قوية ينبغي علينا تفعيلها في جميع الظروف.

و ينبغي أن نعي تماما أن كل هذه الرؤى والممارسات الإشكالية و أي انحرافات، لا تنمو في فراغ. حيث واقع هو تناقض موضوعي يتخلل كل حزب شيوعي، و كل حركة عمالية ثورية، ناشطة في ظروف غير ثورية. إن هذا التناقض يكمن في واقعة أن الحزب الشيوعي هو حزب الانقلاب الثوري، و أنه لا ينشط في ظروف مؤاتية للإنقلاب الثوري.

65. في مثل هذه الظروف يعمل اليوم حزبنا. و هو يعمل لأكثر من 4 عقود في ظل الشرعية البرجوازية "السلمية" نسبياً و البرجوازية البرلمانية، فمن الممكن أن تنشأ في صفوفنا و محيطنا عموما، و على نحو أكبر ضمن شرائح عمالية شعبية أوسع، أوهام شرعية و أن تترسخ رؤية خاطئة قائلة بإمكانية حصول التغيير الثوري الشامل من خلال المعارك الانتخابية المتعاقبة وزيادة النسبة الانتخابية كما و من خلال التغييرات الصغيرة والإصلاحات.

و بالتأكيد، يغيب اليوم المصدر الرئيسي لتنمية انحرافات والأوهام كهذه، و هو المتمثل في عدم وجود استراتيجية ثورية مدروسة. و لكن هذا، لا ينبغي في أي حال من الأحوال أن يقلل من ضرورة اليقظة، والقلق الإبداعي المستمر.

هذا و تعلمنا التجربة التاريخية أن أحزاباً شيوعية كيفت نشاطها و حجمته، بمعزل عما إذا كان هذا التكييف و التعديل جرى أو يجري خلال كفاحها الجاد ضد تمرير قانون مناهض للشعب، و كفاحها من أجل اتفاق عمل جماعي وزيادة المرتبات، وتحسين ظروف العمل و ما إلى ذلك. حيث ليست بقليلة تاريخيا هي المرات حيث قاد التناقض بين النشاط الطليعي الكفاحي والتضحية ونكران الذات و من جهة أخرى التحصين الأيديولوجي الضعيف ضد غزو أيديولوجية البرجوازية، و التطوير الضعيف للنظرية و التأخيرات الاستراتيجية البرامجية هذه الأحزاب في الممارسة للتحول إلى أحزاب اشتراكية ديمقراطية.

و مما لا شك فيه، هناك حاجة إلى إدخال تعديلات ضمن الظروف الناشئة، هناك حاجة لنشاط الشيوعيين الطليعي اليومي للشيوعيين من أجل إعاقة التدابير المناهضة للشعب، و المطالبة بتدابير لاغاثة الأسر الشعبية و ما إلى ذلك. و مع ذلك، لا ينبغي أن تفصل هذه التكييفات اللازمة و تصعيد النضال الشعبي الجاري في ظروف غير ثورية، عن الاستراتيجية الثورية. حيث لا يقل خطر فصلها عن خطورة عدم احتساب مستوى وعي الجماهير العمالية الشعبية، و الصعوبات الناجمة عنه والتدابير المتخذة لتشكيل الوعي الطبقي.

و تتمثل مسألة مصيرية في كيفية نشاط و وبناء الحزب ليكون بمثابة مرشد للصراع الطبقي، كمرشد لحركة   الجماهير الشعبية من أجل المسائل اليومية الجانبية، كما و أيضا في مسائل المنظور العام، أي إجمالاً لتشكيل الظروف الذاتية للنضال المناهض للرأسمالية و الاحتكارات من أجل الاشتراكية - الشيوعية.

و هو ما لا يتحقق دون ربط محور الصراع من أجل الانقلاب الثوري مع الصراع من أجل الحاجات والمطالب الفورية وقضايا المداخلات اليومية في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في ظروف غير ثورية. و مع امتلاكنا لوضوح بأن النضال الاقتصادي في حد ذاته لا يقود إلى الصراع السياسي الثوري، علينا خلال النضال من أجل حل المشاكل اليومية التي تواجه الطبقة العاملة وحلفائها الاجتماعيين، ألا نفقد الأمر الرئيسي، و هو خوض صراع أيديولوجي سياسي مخطط و عازم على الفهم الأعمق لضرورة الإلغاء التام للاستغلال وبناء مجتمع لا طبقي.

و مع تسلحنا بقرارات المؤتمر اﻠ19 و برنامج الحزب الجديد، والدراسة الجماعية للتجربة، فإن إحدى القضايا الهامة التي تتواجد أمامنا هي مسألة علاقة الحزب مع الحركة النقابية، كما و المسألة الصعبة و المعقدة أيضاً، حول علاقة الحزب مع حركات حلفاء الطبقة العاملة  من مزارعين و عاملين لحسابهم الخاص في المدن.

66. حيث تنبع صعوبة علاقة الحزب مع الحركة النقابية العمالية على حد السواء في الممارسة السياسية كما و كمسألة نظرية، من حقيقة أن الحزب الشيوعي بعينه هو صيغة التعبير الأرقى و الواعي عن الحركة العمالية. و بالتالي، فعند الإشارة إلى حركة الطبقة العاملة، لا يسعنا إلا أن نشير إلى الحركة الشيوعية التي تكافح بوعي و على نحو طليعي ومخطط، من أجل الثورة والسلطة، الاشتراكيتين، من أجل التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج الممركزة و تخطيط مركزي علمي لإنتاج و توزيع المنتجات والخدمات لتلبية الاحتياجات الاجتماعية الموسعة.

و مع ذلك، تتواجد و ستتواجد صيغ أدنى لتنظيم الطبقة العاملة من ناحية تشكيلها و وحدتها الأيديولوجية و البرنامجية و التنظيمية، في الظروف اللاثورية و ظروف الصعود الثوري و خلال فترة البناء الإشتراكي. حيث يشكل وجود حزب شيوعي قوي و منظم مع عمل أيديولوجي و سياسي و تنظيمي واسع، حتمية لكي تنجز الطبقة العاملة مهمتها التاريخية.

و تلعب النقابات دوراً و تؤثر عموماً أشكال التنظيم الأدنى، في تشكيل الوعي الطبقي للطبقة العاملة. و لذا، فإن قيام التدخل المتواصل و الحاسم لقوى الحزب الشيوعي في الصراع من أجل توجه الحركة العمالية النقابية ضمن أية ظروف، أثورية كانت أم سوى ذلك.

و على نحو موضوعي، ليس من نقابات حيادية سياسياً. حيث يسيطر ضمن هذه، إما خط التعاون الطبقي لنقابيي أرباب العمل و الحكومة، أو خط التيار الإصلاحي الانتهازي أو خط الصراع المناهض للرأسمالية و الاحتكارات. و بالتالي، فإن للصراع الأيديولوجي السياسي داخل الحركة، أهميته من أجل تحقيق هدف تنظيم قطاع مهم من الطبقة العاملة في توجه مناهض للرأسمالية و لتعميق و توسيع روابط الطبقة مع الحزب.

و نظراً لكل ما ذكر أعلاه، فإن علاقة الحزب بالمنظمات العمالية الجماهيرية هي من ذات الأمور، معقدة للغاية. حيث أضنت محاولة توصيف هذه العلاقة الحركة الشيوعية الأممية، و ترافق ذلك في كثير من الأحيان مع تبني أخطاء و رؤى مطلقة، على مستوى التعميم النظري و ضمن الممارسة، أيضاً.

و يسلحنا الخط الذي عالجه حزبنا بتوجهات صائبة، و بالتالي، فإن استيعاب هذا الخط لا يزال مشكلة العمل الإرشادي، الأساسية.

و بالتأكيد، ينبغي علينا أن نأخذ في اعتبارنا الظروف القائمة و موازين القوى و ما إذا كنا متواجدين في صعود ثوري أم لا. و أن يُدرك عدم وجوب قيام أدنى تراجع في الصراع مع خط الاشتراكية الديمقراطية في النقابات، أثناء ظروف الانحسار الثوري، و أكثر من ذلك بكثير، ألا تترجم وحدة الطبقة العاملة الضرورية و الصراع من أجل تنظيمها و وظيفة النقابات و النشاط و النقاش ضمن الحركة حول مطالب الصراع و أشكاله، باعتبار ذلك مقدمة أو نتاجاً للتعاون- تحت ضغط مقولة "معاً جميعاً"- مع قطاع من الاشتراكية الديمقراطية.

67. إن علاقة الحزب مع حركات الكادحين من المزارعين والمهنيين والتجار العاملين لحسابهم الخاص، هي موضوعياً أكثر تعقيدا وصعوبة، نظراً لأننا بصدد حركات قوى تعجز أن تكون حواملاً للمجتمع الجديد نظراً لموقعها الاجتماعي الخاص. و مع ذلك، فإن جزءا كبيرا منها له مصلحة في الكفاح من أجل هذا المجتمع الجديد، عبر انضوائه ضمنه إما كمنتجين تعاونيين أو كعمال في الإنتاج أو الخدمات الاجتماعية المباشرة. حيث له مصلحة في ذلك، لأن السلطة العمالية الجديدة قادرة على تلبية حاجاته المتنوعة في مجال العمل والسكن، والصحة، والتعليم، والمعاشات التقاعدية، و الوقت الحر من أجل الراحة والمشاركة في بنى السلطة العمالية و ما إلى ذلك.

و عبر وقوفهم فوق هذا المنظور، يكافح الشيوعيون اليوم، حتى في ظل ظروف غير ثورية، لكي تتقارب هذه الحركات مع الحركة العمالية ذات التوجه الطبقي، دون أن تفقد انتباهها عن حقيقة أن عنصر التذبذب المستمر ضمن هذه الحركات هو دائما أقوى-مقارنة مع الحركة العمالية- كما و الأوهام البرجوازية والإصلاحية، و مختلف الأفكار و التيارات البرجوازية الصغيرة.

و تتمثل قضية خصوصية في علاقة الحزب مع الحركة النسائية الجذرية، لإعتاق النساء المتحدرات من أصول عمالية أو غيرهن من الأصول الشعبية و في صفوف حلفاء الطبقة، الاجتماعين المحتملين.

إن عدم الإنصاف والتمييز الواقع بحق المرأة في جميع المستويات، في الحياة و العائلة و العمل و النضال و الصراع السياسي، هو ذو جذر طبقي عميق، وهو أمر يعني أن هذه المشكلة تلامس الحركة العمالية.

وحده الحزب الشيوعي هو القادر و باستمرار عن التعبير بوفاء عن تطابق الصراع من أجل التحرر والإنصاف مع الصراع من أجل تحرير الرجال والنساء الكامل، من الاستغلال. و مع ذلك، فإن هذا يشترط قيام نشاط طليعي للمنظمات و الشيوعيات العاملات و النقابيات والمفكرات، اللواتي تستطعن من خلال عملهن ضمن صفوف الحركة النسائية، تجذير الحركة في اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات.

حيث لا يمكن اعتبار عمل الشيوعيات في الجمعيات النسائية والجماعات موحداً ولا درجة إدراك مشكلة عدم إنصاف المرأة، و لا الوعي الطبقي و السياسي للنساء الملتفة ضمنها.

هذا و تتعلق الالتباسات من ناحية ضرورة و محتوى عمل الحزب المتخصص ضمن صفوف النساء و نشاط الشيوعيات في الحركة النسائية الجذرية، بهيئات الحزب و بشكل خاص بكوادر نسائية حيث يبدو بعد الحكم على موقفها، بأنها لا تدرك الصعوبات الموضوعية التي تحد بنحو إضافي من النشاط السياسي والاجتماعي للمرأة، وحتى لبعض النساء ممن هن أعضاء في الحزب و الشبيبة الشيوعية و لا سيما ضمن فترات تغيير ظروف حياتهن. إن الرفيقات المذكورات تتعاطفن بصعوبة مع خصوصية العمل التحضيرى لتجنيد النساء وغالبا ما تتسمن بحمل أكبر من العادات الرجعية و النكوصات، حتى أن مشاركتهن في النقاش، داخل الحزب أو في مواقع العمل القطاعية و المنظمات القاعدية الحزبية،هو أمر أكثر صعوبة.

حيث تتأكد ضرورة التصحية المزدوجة للنساء، أي التوعية الطبقية السياسية من جهة، و من جهة أخرى، إدراك واقعة أن التصحية السياسية للمرأة تتسم بصعوبة إضافية، حيث ينبغي أن تتغلب على عقبات موضوعية إضافية وبالتالي، فهناك حاجة إلى قيام عمل متخصص إضافي وليس فقط داخل الحركة، بل في طليعته بعينها، أي ضمن الحزب الشيوعي.

هذا و تواصَل القيام ببعض الخطوات حتى بعد مؤتمر الحزب اﻠ19، في محاولة تخصيص سياسة الحزب ضمن النساء، سواء بشكل مستقل أو في إطار من الحركة العمالية الشعبية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن حركة تحشُد نساء من صفوف القوى العمالية الشعبية على نحو أوسع من حدود النفوذ السياسي للحزب و الشبيبة الشيوعية.

و تنطلق المحاولة التنويرية الضرورية داخل الحزب- لا سيما ضمن أعضاء الحزب النساء في القطاعات و في الشبيبة الشيوعية- من محاولة استيعاب رؤيتنا لمسألة المرأة، التي تشترط في جملة أمور، استخدام مطبوعات الحزب ذات الصلة. حيث من المطلوب من الهيئات الحزبية و المنظمات القاعدية، تطوير نشاط مستقل حول مسألة إنصاف و إعتاق المرأة في ظروف بناء الاشتراكية، و عن أهمية تحرير العلاقات الشخصية، والعلاقات بين الجنسين داخل أو خارج مؤسسة الأسرة من كافة أشكال الإكراه الاقتصادي والاجتماعي والإيديولوجي.

إن استيعاب جوهر مسألة المرأة هو ضروري و على حد السواء لإدراك ضرورة وجود الحركة النسائية الجذرية، أي الحركة من أجل إنصاف و إعتاق النساء المتحدرات من أصول عمالية شعبية (من الكادحات و المزارعات و العملات لحسابهن الخاص في المدن)، كما و لضرورة عمل أعضاء الحزب النساء، و بمعزل عن قطاع عملهن، لمقاربة النساء العاملات والعاطلات عن العمل، و العاملات لحسابهن الخاص والمزارعات والأمهات الشابات العاملات، والطالبات والمتقاعدات والمهاجرات، و النساء المبعدات عن العمل الاجتماعي، مثل ربات البيوت.

هذا و جمع الحزب الشيوعي اليوناني خلال السنوات السابقة تجربة غنية وهامة من عمله في ظروف مختلفة. و هو يدرس خاصة علاقة الحزب بالحركة و الجماهير بوصفها و على حد السواء كعنصر من عناصر تنمية معرفتنا النظرية حول هذا الموضوع، كما و للعمل التوجيهي الجاري. و يستغل الحزب استنتاجاته باعتبارها دليلاً في النشاط العملي اليومي، و كوسيلة لتعزيز القدرة الثورية للهيئات الحزبية و المنظمات القاعدية، و للحزب بأكمله.

عن مسار بناء الحزب

 

68. إن العامل الرئيسي الذي يحدد دور الحزب و نجاعته ضمن الحركة العمالية والصراع الطبقي، هو بناء الحزب ضمن القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، في ترابط مع تنامي قوته و نفوذه في الجمهور الكبير من الطبقة العاملة ولا سيما في قطاعاتها الأكثر فتوةً. و في هذا السياق، هناك أهمية خاصة للتغلغل في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية و القطاعات الحيوية الصاعدة في الاقتصاد.

هذا و كبيرة كانت تداعيات الأزمة الرأسمالية الاقتصادية على الطبقة العاملة والشرائح الشعبية في المدن والريف. و جرت تغييرات كبيرة في قطاعات العمل. حيث أغلقت مصانع و شركات و سُرِّح آلاف العمال و بقي كثيرون عاطلين عن العمل أو غيروا مهنتهم و أحيل بعضهم إلى التقاعد. ولم تقدم العديد من الشركات على تجديد موظفيها، و قامت غيرها بذلك من خلال توظيف الشباب من خلال العديد من البرامج الممولة من الدولة. وكانت غيرها رابحة أو قامت باستثمارات في الخارج. حيث كان لهذه التطورات بالطبع، تأثيرها الخاص على قوتنا الحزبية، فقد تواجد العديد من أعضاء الحزب و أتباعه خارج مواقع العمل، إما نتيجة التسريح أو التقاعد عن العمل. و لا يزال العاطلون عن العمل يشكلون نسبة هامة ضمن صفوفنا.

و قام حزبنا في الفترة الممتدة منذ المؤتمر السابق، بمحاولة جادة للتغلب على الصعوبات عبر عمليات تجنيد و تعويض خسائره في إجمالي القوى الحزبية. حيث أفضت عن نتائج معينة، المحاولة المضنية الهادفة لاسترداد التواصل مع مواقع العمل و للدخول لمواقع جديدة و لتعويض بعض الخسائر، و لتشكيل محيط حزبي جديد حول المنظمات و بجانبها، كعمل يشكل الخميرة اللازمة لتطوير الحزب وتشكيل منظمات حزبية و شبيبية جديدة.

و كان لدينا تحسن بنسبة 2٪ في التركيبة الاجتماعية للحزب ضمن العاملين في القطاع الخاص و قطاع الدولة نتيجة قيام معالجة أفضل قامت بها المنظمات الحزبية، لمخطط التجنيد والبناء في مواقع العمل.

و تحتاز الهيئات القيادية عبر خطى بطيئة ولكنها ثابتة، على رؤية مشتركة لمحتوى بناء الحزب. حيث تتفهم أن ذلك ليس مرادفا للتجنيد، بل هو عبارة عن تدخل مترابط أوسع للحزب سياسياً و تنظيمياً و أيديولوجياً، في جملة المشاكل التي تعاني منها الأسرة شعبية.

حيث يُدرك بدرجة أكبر أن من المطلوب انشغال أكثر للكوادر، و فحص مستمر للتجربة والتدابير والأشكال التي تستخدم لتحقيق الأهداف. و اتخذت خطوات لتنسيق العمل بين المنظمات الحزبية القطاعية والإقليمية و فهم وتطبيق واجب عمل جميع القوى الحزبية و الشبيبية في أي مكان عبر ذات المضمون، سواء أكانت منظمة على أساس قطاعي أم إقليمي.

و مع ذلك، لم تعالج المشكلة المركزية لبناء الحزب، التي هي تأخير تطور الحزب في الصناعات الكبيرة والقطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية. إننا إزاء مسألة تحول دون تطوير العمل الإجمالي للحزب ضمن الطبقة العاملة. حيث لا يعود التأخير فقط لصعوبات موضوعية. إن هذه موجودة لكنها لا تستطيع إخفاء المشكلة الإرشادية الكامنة في عدم تمكننا دائما على نحو كاف في الجمع بين مهام تنظيم الصراع مع أهداف البناء، في حين أننا لم نتخلص بعد -و إلى حد كبير- من رؤية نقابية تتخلل عملنا في الطبقة العاملة.

إن انضمام أعضاء جدد للحزب في ظروف الأزمة هو قضية أكثر تعقيدا، ويتطلب تواصلاً مخططاً و استخداماً منهجياً للمناضلين و المناضلات المتميزين في مواقع العمل و يخوضون المعركة ضمن الحركة العمالية الشعبية، متماشين مع الشيوعيين خلال النضالات اليومية. و يتطلب إعداد المرشحين للتجنيد، قيام المزيد من العمل المنهجي السياسي و الأيديولوجي المتنوع الأشكال في سياسة الحزب و برنامجه و مع أيديولوجية الحزب و تجربته التاريخية و مع القيم الشيوعية. هذه هي المقدمات اللازمة ليكون المرشح قادراً على شرح أسباب المشاكل والصعوبات الإضافية التي تلدها الأزمة عبر البطالة الجماعية و إغلاق الشركات و الإفقار الجماعي، والالتباسات التي تسببها مختلف القوى الإصلاحية والانتهازية بشأن المنفذ من الوضع الحالي.

69. إذا ما بحثنا على نحو أعمق سنرى بأن تدخل الحزب المستقل ضمن العمال حول برنامج الحزب و دراسته لهذا القطاع، ليس ذي أولوية مماثلة في عملنا. حيث لا نصر على مناقشتها في الهيئات و المنظمات القاعدية بالأهمية و الجدية الواجبة لمؤشرات ونتائج عملنا المخطط ضمن الطبقة العاملة، لإنضاج الوعي السياسي، بالالتفاف حول الحزب وسياسته، و المشاركة في النضالات، وهو ما نسميه نتائج التدخل السياسي للمنظمة القاعدية الحزبية في موقع العمل. ولذلك، تبقى المهمة الرئيسية "لتحقيق قفزة في بناء الحزب وتعزيزه أيديولوجياً و سياسياً ضمن الطبقة العاملة" التي وضعناها ضمن البلاغ أمام الاحتفال بذكرى اﻠ100 عام للحزب، تبقى قائمة برمتها ويمكن تلخيصها في الأهداف التالية المشار إليها و المرتبطة بالتنافس بين المنظمات الحزبية في بناء الحزب:

• تحسين نسبة العمال و العاملات، الصناعيين وعدد المنظمات القاعدية في الشركات ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة.

• تعزيز التركيبة الاجتماعية للحزب عبر زيادة نسبة العمال والعاملات.

• تحسين التركيبة العمرية من خلال زيادة التجنيد من الشبيبة الشيوعية وأعمار 18-40 عاما.

• زيادة تجنيد النساء وتعزيز نسبتهن الإجمالية في الحزب بأكمله و هيئاته القيادية.

إن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن أن يكون خارج تطوير النشاط السياسي المخطط الطليعي، للشيوعيين حول المشاكل المتفاقمة في مواقع العمل، و في القطاعات و حي السكن (في المدينة و القرية). حيث يتمحور هذا العمل السياسي حول خط مناهضة الرأسمالية و الاحتكارات، في حين تفصيله أيضاً مع أهذاف مطلبية تقرِّبنا من العمال وأسرهم.

و يتمثل مفتاح النجاح في الإشراف على العمل من قبل كل هيئة، اعتباراً من اللجنة المركزية و حتى المنظمة القاعدية و كل كادر حزبي بشكل فردي. و يشترط هذا العمل استخدام الخبرة المكتسبة و الرصد الناجز للصعوبات و النقاش الجماعي لمواجهتها مع متابعتها المستمرة و مناقشة جماعية للتصدي لها، و التوجه نحو تدابير تساعد على التنمية الجماعية و تعزيز تيار الأفكار الشيوعية في مواقع العمل و الدراسة، لكي يتكثف تعزيز الحزب بدماء جديدة. إن هذا العمل مرتبط بنحو وثيق مع النشاط من أجل تشكيل نقابات جديدة و إضفاء السمة الجماهيرية على غيرها وإنشاء لجان نقابية و لجان نضالية و لجان للعاطلين عن العمل و المهاجرين وفقاً لتركيبة و إمكانية كل موقع عمل. و هي مرتبطة في ذات الوقت، مع النشاط من أجل الإنتظام الجماعي للعمال و الموظفين و العاملين لحسابهم الخاص من المزارعين و المهنيين و التجار و شباب و نساء الأسر الشعبية ضمن التجمعات الجذرية و غيرها من التجمعات التي ننشط ضمنها كشيوعيين، كما و عبر المشاركة في اللجان الشعبية و غيرها من اللجان و الجمعيات ذات النشاط الثقافي و الرياضي و ما إلى ذلك، في كل الأحياء و المدن و القرى.

و عبر احتكاك مماثل مع الجماهير ستصعد قدرة قوانا على عرض خطنا في تعارض مع الخيارات الاستراتيجية للطبقة البرجوازية، و أن تثبت عبر القرائن تفوق مسار التطور للسلطة الشعبية و أن توجه السخط الشعبي ضد الخصم الفعلي، ضد الطبقة البرجوازية و الاتحادات الامبريالية و أن تشرح بنحو مقنع أن نجاعة الصراع هي مستحيلة دون قيام جبهة حاسمة ضد رؤى الإصلاحية و الانتهازية.

إن الحزب يمتلك اليوم كافة الأسلحة و المدد لكي ينخرط في معركة تعزيزه سياسياً و أيديولوجياً و تنظيمياً.

و هي تتمثل في برنامجه و نظامه الداخلي المقرين في مؤتمره اﻠ19، كما و الاستنتاجات من أسباب الإنقلابات ضد الإشتراكية و معالجاته الجماعية للمجلد الثاني لتاريخه، و المؤتمر المنعقد على الصعيد الوطني حول عملنا ضمن الشباب، و الإجتماع الموسع للجنة المركزية حول إعادة تشكيل الحركة العمالية و مناقشة الخبرة من النشاط الجاري في سياق الاحتفال بذكرى اﻠ100 عام على تأسيس الحزب و ما إلى ذلك. و أيضاً في مطبوعات الحزب في جريدة ريزوسباستيس و المجلة الشيوعية و إصدارات دار "سينخروني إبوخي" التي تشكل دعامة من أجل قيام عمل مخطط و دائم  و متعدد الأشكال، كما و تعميم الخبرة و نقلها نحو جماهير أوسع.

حيث بإمكان كل منظمة قاعدية حزبية، و عبر استخدامها المخطط للأدوات المذكورة و وسائل التواصل، صياغة مناخ للإلتفاف حول الحزب الشيوعي اليوناني من أجل قيام تغييرات و انقلابات، و لتوسيع الدائرة المتفهمة لأهمية معنى حزب شيوعي يوناني قوي.

عن التركيبة الاجتماعية والعمرية للحزب

 

70. من دون وجود حزب قوي ضمن الطبقة العاملة، يمتلك منظمات قاعدية متينة و ذات توجه جماهيري تؤمن الترويج الثابت و الممنهج لسياسته، لن تقوم أية خطوة ضمن مهمة إعادة تشكيل الحركة.

و بالتالي، يتميز بناء منظمات حزبية جماهيرية و متينة ضمن المجموعات الاحتكارية، و في المصانع، في المراكز الرئيسية الاقتصادية والصناعية، والتجارية، باعتباره مهمة أساسية ينبغي أن يتركز عليها انتباه الهيئات القيادية والمنظمات الحزبية. حيث طرحت أهداف البناء من قبل المنظمات الحزبية، مع التركيز على العمر الإنتاجي و القوى الشبيبية النشطة، مع إعطاء الأولوية على وجه الخصوص ﻠ:

• الموانئ والمطارات والنقل إجمالاً.

• الطاقة و الاتصالات و المعادن

• الصناعات الكيماوية و الدوائية و الغذائية

• المشروعات الكبرى و الإنشاءات.

• المراكز التجارية الكبرى.

و تتبدى خلال الممارسة مواجهتنا لصعوبات في تنفيذ واجب اعتبار البناء معياراً رئيسياً لقياس نجاعة عملنا في كل فِعل و تحرك و فعالية. حيث تحت ثقل المهام و متطلبات الصراع الجاري، يُفقد هذا العمل المحدد في هذا الاتجاه و يُنقل نحو خطة ثانية، في حين، متواجدة حولنا هي قوى قريبة من الحزب و تتسم بدرجة عالية من الاتفاق مع مواقفه و تمتلك خبرة من مشاركتها في الحركة. و مع ذلك، هناك حاجة إلى تعزيز رصد مسار البناء في جميع الهيئات القيادية و المنظمات الحزبية القاعدية.

و تتمثل المقدمة من أجل حصول خطى في نفوذ الحزب وقوته التنظيمية، في قيام عمل أيديولوجي و سياسي جماهيري للحزب في المصانع و مواقع العمل، بهدف النشر المنهجي لمواقف الحزب و سياسته، باعتباره مقدمة لتشكيل بيئة حزبية. حيث ينبغي أن تتواجد هذه المقدمة في صميم عمل كل منظمة قاعدية حزبية و كل شيوعي-عبر جميع الأساليب و الأشكال المتاحة- باعتبارها مقدمة أساسية للبناء الحزبي. و ضمن هذا المحور ينبغي أيضاً، توسيع مناهج التنوير لكي لا تقتصر على الحملات الدعائية الكبيرة و على الانتخابات ضمن أشكال ظرفية للعمل. و هناك حاجة إلى تعزيز تداول صحيفة ريزوسباستيس و المجلة الشيوعية والكتاب الماركسي، كما و للتخمير الواسع ومناقشة موضوعات الحزب و تقديراته للحزب على أساس الأمور الراهنية، في كل منظمة حزبية قاعدية.

و من المطلوب في الوقت نفسه، قيام عمل منهجي وإعداد، لكي يتخلل و باستمرار، نشر وتعميم سياسة الحزب المنبثقة عن برامجه، و عن استراتيجية السلطة العمالية والثورة الاشتراكية، و بثبات و على نحو مقنع، كل جوانب نشاط و دعاية الشيوعيين و عملهم. لكي يكون قائماً فوق أرضية خبرة موقع العمل ذاته، و التفكُّر المتطور ضمن الشرائح الشعبية تجاه سياستنا، تحت تأثير سياسة و دعاية الطبقة البرجوازية و أحزابها و نقابيي الحكومة و أرباب العمل و أجهزة هؤلاء بعينها.

حيث هناك حاجة للتقدم بشكل أسرع في دراسة و تعميم هذه الخبرة، ضمن كل الهيئات القيادية اعتباراً من اللجنة المركزية و حتى المنظمات القاعدية الحزبية والجماعات الحزبية. وبالمثل، هناك حاجة إلى زيادة وتحسين العمل الفردي المحدد، لا سيما في المواقع الحاسمة والصعبة، مع اعتماد تنسيق جيد و مثابرة و رصد. و ذلك من أجل دمج منهجي في هذه المهمة للمزيد من كوادر الحزب و أعضائه، و لنشر قوى مناسبة على نحو أكثر حسماً، لكي تتمكن من الإسهام في تحقيق هذه المهمة، حيثما يعتبر ذلك ضروريا.

من أجل حزب قادر على توجيه الشبيبة الشيوعية لكي تنتقل نحو مرحلة تطوير كبير لقواها

 

71. يتطلب هدف تحقيق خرق في البناء الحزبي، قيام تجديد سريع،و زيادة القوى الحزبية بأعمار أصغر، وخاصة من صفوف الطبقة العاملة و من ورديتها الجديدة.

حيث يتعزز هذا الاتجاه من قرار المؤتمر المنعقد على الصعيد الوطني للحزب، للعمل ضمن الشباب (كانون الأول/ديسمبر 2013) والتدابير المحددة التي تضمنها. و يجري التمييز بين مسؤولية الحزب المستقلة لجذب الأعمار الشابة نحو النضال من أجل التغيير الثوري، و بين مسؤوليته في إرشاد الشبيبة الشيوعية اليونانية.

و يمثل تنفيذ قرارات المؤتمر المذكور، مهمة ضرورية و عاجلة، خاصة أمام الاحتفال بذكرى اﻠ100 عام للحزب والذكرى اﻠ50 للشبيبة الشيوعية اليونانية، من أجل التركيز بحزم أكثر للجزء الرئيسي من عمل الحزب في شباب الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، ليغدو رفد الحزب بدم شبابي، أكثر يقيناً.

لقد جرت خطوات معينة على مدى السنوات، حيث كسب الآلاف من أعضاء الشبيبة الشيوعية لقب عضو في الحزب، و انتقل العديد من أعضاء الحزب الذين برزوا ككوادر في الشبيبة للعمل في الحزب، حيث حسنوا و جددوا التركيبة العمرية لهيئات الحزب. ومع ذلك لا تزال هناك تأخيرات جادة.

و تشكل الشبيبة الشيوعية اليونانية مانح الدم الأساسي للحزب. حيث يشكل انتقالها نحو مرحلة تطوير كبير لقواها وقدرتها على التربية الشيوعية، بلا شك عنصراً لا يتجزأ من الاستمرارية الثورية للحزب الشيوعي اليوناني و للبناء الحزبي وعلى هذا النحو ينبغي أن يواجه من قبل هيئات الحزب. فهو  عبارة عن شرط لتعزيز الحزب كميا ونوعيا.

و مصيري من أجل البناء ضمن صفوف الطبقة العاملة، هو العمل ضمن الأعمار الأصغر حتى قبل خروجها لعملية الإنتاج، أي في مجالات التعليم، و التثقيف، وأماكن التدريب المهني، وخاصة في الثانويات المهنية و المعاهد التقنية و معاهد التدريب المهني و أكاديميات الشحن البحري التجاري كما و في الكليات الجامعية و المدارس الإعدادية و الثانوية. إن الغالبية العظمى من الشباب تتمركز أو ستتمركز في صفوف العمل المأجور، وبالتالي، ينبغي أن يكون مضمون عمل الحزب ملتزماً بقوة في هذا الاتجاه. و ذلك، عبر خطة موحدة و برنامج عمل، اعتباراً من هيئات الحزب و الشبيبة الشيوعية، حتى على مستوى المنظمات القاعدية الحزبية و الشبيبية، مع التركيز على التسليح الأيديولوجي و السياسي، والتربية الشيوعية كأسلحة رئيسية من أجل عمل التنوير والنشاط. حيث ستقف هذه الخطة على نحو جيد فوق أرضية المشاكل المتفاقمة وفق تتمظهرها في الأعمار المحددة، في عدم اليقين بشأن المستقبل والبطالة، و غابة العمل و التنقل و العقبات أمام محاولة امتلاك ثقافة مهنية عامة. كما و فوق و نشاط مبني بثبات فوق أساس الثقافة والرياضة، و المواجهة الكفاحية لمسائل أيديولوجية و سياسية، كانتشار و تعاطي المخدرات.

و يتحمل الحزب مسؤولية فتح الطريق أمام الشبيبة الشيوعية اليونانية لتحقيق غرض وجودها و نشاطها. عبر معالجة خطة في كل حلقة و تقديم مساعدة جوهرية لها، لتسهم في حشد القوى في النضال من أجل حاجات الشباب المعاصرة والنضال الايديولوجي والسياسي و في بناء الشبيبة الشيوعية. و ذلك مع امتلاك توجه نحو التواصل و النشاط المشترك مع التلاميذ و طلاب التدريب المهني و التقني و طلاب الجامعات ذوي الأصول العمالية الشعبية، لنقل القيم و الأغراض الثورية للحزب و الشبيبة الشيوعية إليهم و لجذبهم نحو الحركة العمالية.

حيث ينبغي تطوير هذا النشاط بالتزامن مع الإعداد الأيديولوجي لأعضائها والتثقيف الماركسي، و استيعاب برنامج الحزب و دراساته والاستنتاجات من دراسة تاريخ الحركة الشيوعية و العمالية، ونقل التجربة الحزبية الحية، و تقديم المساعدة من أجل المشاركة الفعالة في الحياة الداخلية للشبيبة الشيوعية، وإعداد ودعم جميع أعضائها ليغدون ضمن المسار أعضاءً في الحزب.

عن ربط الحزب مع أكثر القطاعات طليعية في صفوف العاملين لحسابهم الخاص في المدينة و الريف

 

72. إن مداخلة الحزب في شرائح البرجوازية الصغيرة في المدينة والريف، هي عبارة عن قضية معقدة موضوعياً، نظراً لموقع هذه الشرائح بعينها، في الإنتاج. إن تحشيد تلك القطاعات الممتلك لمصالح موضوعياً، من المنظور الذي حدده برنامج الحزب، هو عبارة عن مهمة رئيسية مرتبطة بتطور ميزان القوى إجمالياً و يجري حسماً اعتباراً من حاضرنا.

إن تشكيل خلايا شيوعية قوية من العاملين لحسابهم الخاص في جميع المدن الكبرى والقطاعات ذات التركيز العالي لصغار الكسبة، هو عبارة عن مقدمة أساسية لربط الحزب مع القطاعات الأكثر طليعية من هؤلاء، و أيضا للحد قدر الإمكان من التأثير الموضوعي لأيديولوجيا الطبقة البرجوازية و دولتها و لسياسة تحالفاتها. و هو يشترط قيام عمل أيديولوجي و سياسي محدد وتقديم دعم لكي تستوعب القوى الحزبية بعينها و على نحو أعمق، و لكي تتمكن من التأثير على نحو أوسع عبر سياسة الحزب، لكي يكسب توجه حركتهم المناهض للإحتكارات مساحات أوسع.

وبالمثل، في الريف وفى الأقاليم التي يحظى الإنتاج الزراعي بثقل معين، من الضروري تعزيز مداخلة المنظمات الحزبية، والتخطيط لتكثيف صفوف الحزب بالمزارعين، و تشكيل منظمات حزبية قاعدية في القرى الكبيرة أو في مجموعات القرى المتجاورة. و في ترابط مع ما سبق هو التخطيط لامتلاك العديد من النقابيين الزراعيين المقتدرين من المزارعين الشباب البارزين خلال التحركات. إن إبراز نقابيين مماثلين هو ضروري لتقديم شرح أكثر كفاءة على حد السواء، لمنظور خراب الكثيرين نظراً لمزاحمات المجموعات الاحتكارية والتركُّز في مزارع رأسمالية، كما و منظور حياتهم في مجتمع ذي طراز أرقى في تنظيم الإنتاج، حيث يُربط الإنتاج الزراعي التعاوني مع الإنتاج المملوك اجتماعيا.

و يؤكد على أنه من المطلوب للتغلب على الصعوبات الإضافية، قيام خطة مداخلة أيديولوجية و سياسية و تنظيمية أكثر تكاملاً بغرض البناء، كما و بالمقابل، نشر و تدريب كوادر ستتخصص بمتطلبات التوجيه المعقدة لهذا المجال و لحركاته.

من أجل حزب قادر على حشد الشعب و تحريكه عبر قوة الأفكار الشيوعية والفن الطليعي

 

73. لقد خلقت بعد المعطيات الهامة ضمن مداخلة الحزب في مجال الثقافة. حيث رفعت المؤتمرات العلمية، ومهرجان الشبيبة الشيوعية اليونانية و مجلتها أوذيغيتيس، و الإهدائات والمعارض و الإنتاجات الفنية، من المستوى الثقافي للحزب و الشبيبة الشيوعية. و شارك جزء كبير من الناس الذين يتخصصون في سلسلة من القطاعات أو ساعدوا في كل هذه الفعاليات.

ومع ذلك، و على الرغم من التقدم المحرز في السنوات الأخيرة على المستويين المركزي والمحلي لتنمية المداخلة الثقافية للحزب لم تكتسب رؤية موحدة حول أهميته، باعتباره جزءا عضويا لا يتجزأ من وظيفة وعمل الحزب بأكمله. إن الرؤية الأكثر شيوعا في صفوفنا هو أن العمل الثقافي يحتاج ببساطة إلى إضافات ليجعل نشاطنا الحزبي السياسي أكثر جاذبية بالنسبة لقوى شعبية أوسع. ولكن الخاصية الأكثر أهمية، فيما يتعلق بالفن المجند لغرض الاشتراكية الشيوعية، هو إسهامه في التكوين العام للشخصية، و في المقام الأول في شخصية الشيوعيين بعينهم.

إن الفن هو عامل هام لتنمية المشاعر الإنسانية، والخيال، والإحساس، والازدهار، والطفرة كما و للرغبة في إحداث التغيير الاجتماعي. حيث نحن بصدد خصائص ضرورية لتشكيل طليعة سياسية ثورية و قدرتها على حشد وإلهام النضال من أجل إلغاء المجتمع الاستغلالي. وليس من قبيل المصادفة إعطاء الحزب الشيوعي اليوناني-في السجن و المنفى، و ظروف العمل السري، و على نحو أكثر خلال أوقات احتدام الصراع الطبقي، كما و خلال مقاومة جبهة التحرير الوطني و الجيش الشعبي لتحرير اليونان وخصوصا في الظروف القاسية للغاية خلال الكفاح الذي خاضه جيش اليونان الديمقراطي- لثقل كبير للفن كوسيلة للاستنهاض الروحي وتنظيم المشاعر الاجتماعية، كوسيلة تربوية سياسية و أخلاقية.

هذا و ألهم الكفاح الحزب الشيوعي اليوناني، البطولي، عدداً كبيراً من الكتاب والفنانين، وخلق إرثاً ثميناً وجد له استمرارية لحد ما، خلال الظروف اللاحقة.

و في الظروف الراهنة، بعد الإنقلابات في البناء الاشتراكي، يغدو من الضروري أن يُلهم الحزب- عبر تطوير الأيديولوجية الشيوعية الثورية و زخم الصراع الطبقي من أجل الإشتراكية- مفكرين وفنانين و أن يطور علاقات كفاحية معهم و يحشد جميع أولئك المهتمين بالحاجات الشعبية و يقاومون الأنانية و تعفن الرأسمالية و يؤمنون بإمكانية وجود طراز إنساني أرقى لتنظيم الإنتاج الاجتماعي والحياة الاجتماعية على نحو عام.

إن تحقيق هذا الهدف يشترط قيام عمل أكثر انتظاما و تطلباً، لزيادة استخدام العلماء والمفكرين والفنانين من وأعضاء وأصدقاء الحزب، لحثهم على وضع أعمالهم الإبداعية في خدمة الطبقة العاملة و المثل العليا للتحول الثوري للمجتمع.

عن عملية إعادة النشر التنظيمي للقوى

 

74. لقد قدمت عملية إعادة النشر التنظيمي للقوى الحزبية، دفعاً كبيراً في توجيه عملها نحو الطبقة العاملة. حيث بوشر تركيز القوى المخطط له والتغيرات في الهيكل التنظيمي للحزب و الشبيبة الشيوعية اليونانية، مع إنشاء المنظمة المنطقية في أتيكي و نظيرتها في مقدونيا الوسطى خطوة بخطوة مع دراسة التجربة في المنظمات المنطقية الأخرى خلال السنوات الأخيرة.

حيث إيجابية كانت هي الخبرة مع عملية إعادة نشر قوى الحزب.

• كان ذلك إجراءاً ضرورياً و إيجابياً، ساعد في البناء الحزبي، عدا توجيه وتركيز القوى الحزبية نحو العمل ضمن الطبقة العاملة.

• جُمعت و طبعت صورة أفضل وأكثر موضوعية عن مواقع العمل الكبيرة. حيث جرى في جميع المناطق تسجيل مواقع العمل وتحديد الأولويات، والقطاعات الأساسية و المجموعات الاحتكارية التي تتركز الطبقة العاملة فيها.

• اكتسبت خطة التدخل و البناء سمة أكثر تحديداً في مواقع العمل الكبيرة، في المناطق الصناعية، كذا و المهام المُناطة بالمنظمات القاعدية القطاعية والإقليمية. حيث برزت تجربة غنية من العمل المنسق وخصوصا من تشكيل و نشاط فرق مشتركة من القوى الحزبية القطاعية والإقليمية بالتعاون مع قوى الشبيبة الشيوعية. و تقدمت مهام التجنيد و إنشاء خلايا ضمن إطار الفرق المشتركة المذكورة، في مصانع و شركات محددة و مراكز تجارية و غيرها، و في مناطق صناعية، وما إلى ذلك. ينبغي مواصلة دراسة هذه التجربة على نحو أبعد من أجل منهجتها على مستوى المنظمات المنطقية.

• جرت على نحو أفضل مواجهة مسائل إعداد و تنفيذ وتوجيه الحركات الكبرى، على مستوى قطاعي وغيره عموما، كما و معارك الانتخابات النقابية.

و ينبغي على اللجنة المركزية القيام برصد ودراسة منتظمين للتجربة الناتجة عن إعادة نشر المنظمات القاعدية الحزبية و الشبيبية المقابلة لها. حيث يجب أن تتركز هذه العملية في كبرى المراكز الحضرية (أثينا و ثِسالونيكي وباتر و لاريسا و إيراكليو و فولوس و إيوانِّنا و كورنثوس و كالاماتا و كافالا و كوزاني و سِرِس)، حيث تتجمع المناطق الصناعية متضمنة كتلة من القوى العاملة والشرائح الشعبية. و يتواجد هناك تركيز كبير للقطاعات الصناعية (صناعات تحويلية، نقل، بنية تحتية، إنشاءات كبرى)، كما و لمراكز تجارية، ومرافق إطعام و سياحة، و خدمات إدارية و مستشفيات و مدارس و كليات، مع تركيز هام لقطاعات شبابية و نسائية.

ينبغي أن تُدرس على نحو جوهري و منهجي خبرة القطاعات و الأحياء السكنية و بنائها و نشاطها  مع تنسيق النشاط القطاعي مع مواقع السكن (الحي و القرية). حيث يتمثل الهدف والمعيار في تطوير كل عضو في الحزب لنشاطه و تطوره من جميع النواحي. و هو ما يشترط على حد السواء قيامه بالتدخل الأولي الأهمية في موقع عمله كما و تدخله المقابل في مكان سكنه. حيث تنضوي ضمن هذا الأخير، المشاكل المتعددة الأشكال للأسرة والمدرسة وتعليم الأطفال، والاستخدام الخلاق لوقت الفراغ. حيث هامٌة هنا هي المشاركة في أنشطة الجمعيات واللجان الثقافية والرياضية و متابعتها مع و غيرها و التجمعات حول مشاكل الصحة و السكن، و التحصين ضد الفيضانات والزلازل و النار و مشاكل الماء و الري و المنتزهات و رفع المطالب نحو البلديات والمقاطعات و ما إلى ذلك.

إن توجهاً نحو محتوى عمل كهذا، مترابط و متعدد الأوجه، حيث تدق كل المطارق نفس الهدف، سيساعد، من بين أمور أخرى، على "فولذة" الكوادر الأحدث على نحو أكثر فورية و تكاملاً ضمن العمل الحزبي المعقد. و لكي "تدوس" فوق أرضية واقع الصعوبات كما و الإمكانات الناتجة عن التدخل في مواقع العمل والتواصل المباشر مع العمال. و لكي تحاول الكوادر ذاتها الإجابة على البدع التي يطرحها أرباب العمل و غيرهم من القوى النقابية و السياسية.

عن موضوع الكوادر

 

75. خلال السنوات الأخيرة رقيت المئات من الكوادر الجديدة في كل حلقات الهيئات القيادية للحزب. حيث جُنِّد العديد من هؤلاء في الحزب ليس فقط بعد الانتكاس المتمثل بالثورة المضادة، بل خلال اﻠ15 عاما من بداية القرن اﻠ21. إننا بصدد الكوادر التي في حين انتظمت و كافحت و ترقت مع الرؤية الاستراتيجية المعاصرة للحزب التي اكتملت في مؤتمره اﻠ19 عبر اعتماد برنامجه ونظامه الداخلي، من جهة، فهي تتطور ضمن فترة الانتصار الكامل للثورة المضادة التي هي حتى الآن "عاقرة" من نهضات طبقية، من جهة أخرى.

و بالتأكيد، من المهم بمكان هو واقع تربية و تطوير جيل جديد من كوادر الحزب و الشبيبة وفق معايير، خارج النزعة البرلمانية كأساس لقياس النفوذ السياسي وتعزيز الحزب. ولكن يجب علينا ألا نقلل من عناصر عدم الخبرة و أحادية الجانب و الفصل و الإلتباسات والفصل بين المهام السياسية، التي تتسم بها العديد من الكوادر الجديدة.

إن تطوير هذه الكوادر، وتعزيز واستغلال أفضل خصائصها، و تربيتها على مبادئ وظيفة الحزب و نشاطه، مع دراسة ومعرفة سنوات خبرة الحزب المديدة، يتطلب تقديم مساعدة إرشادية تدريبية هادفة مديدة الأجل. حيث ينبغي أن تشجع هذه المساعدة على المبادرة و تبني الموقف المسؤول والصمود تجاه أي مشاكل و على التدريب على أسلوب عمل شيوعي صلب و امتلاكه. إننا أمام مسألة تتعلق و في المقام الأول بمسؤولية اللجنة المركزية للحزب.

إن تجربة الحزب ضمن تاريخه المتماوج تكشف بأن الحكم على الكوادر ينبغي أن يجري ضمن فترة زمنية أطول نوعاً ما، حين يمتلكون شخصية أكثر اكتمالا كشيوعيين. ينبغي أن يكونوا قد "مروا" بمواقع مسؤوليات مختلفة في الحزب والحركة، و أن يختبر تحملهم خلال صعود الصراع الطبقي و انحداره، و أيضا، أسلوب مواجهتهم لمشاكل الحياة والعمل و تربية الأولاد، وغيرها من المشاكل والصعوبات الطارئة. و هو ما ينطبق على نحو أكثر اليوم، حيث أصبحت ظروف الحياة و النضوج الإجتماعي أكثر صعوبة وتعقيدا، حيث يأتي امتلاك تجربة اجتماعية متعددة الجوانب على نحو متأخر جداً، وغالبا ما تنتشر على نحو مشوه نتيجة مجموعة متنوعة من العوامل التي لم تكن موجودة في العقود السابقة.

و في مستوى الممارسة لم نتغلب لحد الآن-لا على مستوى الإعلان- على مواطن ضعف أساسية في تخطيط تشكيل الهيئات، و التقسيم ضمنها، و في إبراز و تطوير الكوادر، وموضوعات النقاش في الهيئات القائمة على أساس ضرورة تعزيز العنصر الأيديولوجي، بالترابط مع تخطيط المداخلة في النضالات العمالية الشعبية.

و على الرغم من حقيقة رصد ضرورة تطوير كوادر متعددة الأوجه، خلال المؤتمر اﻠ19، فنحن لم نتمكن بعد من التغلب على التقسيم القائم بين الكوادر التنظيمية و الأيديولوجية و الجماهيرية النقابية، ضمن ممارسة وظيفتنا.

إن الكوادر تتطور على نحو جوهري و أفضل بكثير، وفقاً لدرجة وجود تداول في المهام ضمن تقسم العمل بشكل متكرر. حيث من المرجح أي يقود التخصص في موضوع واحد لسنوات عديدة إلى الروتينية، حيث لا تتطور كامل جوانب الكوادر، و يتأخر نضوجها و اكتساب الشمولية اللازمة لعملها، و إعدادها لتولي مهام أكثر صعوبة و أهمية باضطراد، ضمن تقسيم العمل من أجل قضية الحزب والحركة، و الانقلاب الثوري.

إن الهدف اليوم، هو إبراز الكثير من الكوادر من صفوف الطبقة العاملة و من أصول عمالية شعبية، و هي التي ستتلقى مساعدة من أجل على اكتساب قدرات متعددة الجوانب، والتخصص في مجالات العمل، ومستوى أيديولوجي سياسي جيد، و قدرة على التوجيه، و تواصل مع الجماهير، و لكن مع توجه ثابت نحو إعادة تشكيل الحركة، وتعزيز التحالف الاجتماعي والالتفاف حول الحزب وتنظيم قوى جديدة ضمنه.

و من أجل إنجاز هذه المهمة الهامة، من المطلوب وضع خطة و القيام بعملية رصد و إعداد ناجز و محدد في قوى الشبيبة الشيوعية اليونانية. و بالتوازي مع ذلك، من المطلوب قيام توظيف أكثر انتظاما للعلماء والفنانين من أعضاء الحزب عبر وضع عملهم في خدمة الطبقة العاملة وأهداف التغيير الثوري.

علينا الإصرار في تقديم المساعدة نحو الكوادر المسؤولة عن توجيه المنظمات القاعدية الحزبية و الشبيبية. حيث ينبغي أن تكتسب جميع الكوادر و بمعزل عن توزيعها في المجالات (التنظيمية والجماهيرية والأيديولوجية)، خبرة شخصية مباشرة في تنوير العمال والتواصل معهم ضمن الحركة، والنقابات، والمنظمات الجماهيرية، و النضالات، لكي تقوم على نحو محدد و حيٍّ بتحديد المهام في الحركة و "الإحتكاك" مباشرة مع متطلبات الصراع الأيديولوجي السياسي.

و علينا أن نكافح على نحو أكثر حسما أوجه الضعف المتعلقة بالإستهانة بقيمة العمل الأيديولوجي، فضلا عن فصل العمل الجماعي للكوادر عن العمل السياسي والتنظيمي، كما و أيضا ضد روح إدارية عقيمة متواجدة لدى كوادر تنظيمية. حيث تنبع هذه الأخيرة و بشكل رئيسي من عدم قدرة هذه الكوادر على النشاط كموجهين سياسيين و أيديولوجيين، للمساعدة على نحو ناجع و محدد في موقع و جبهة نشاطهم، و أيضا في التوجيه الفردي والتعاون من كل عضو حزبي و شبيبي و صديق للحزب. كما و ماسة هي الحاجة أيضا لمكافحة انفصال الكوادر الشابة المتواجدة في مجالات العلم والبحث، عن النشاط الجماهيري، و عن مشاركتهم المباشرة في العمل الأيديولوجي السياسي و التنظيمي للمنظمات الحزبية.

عن مالية الحزب

 

76. أجبر حزبنا خلال السنوات الأربع الماضية على اتخاذ قرارات مؤلمة ولكنها ضرورية، في ظل الخلاصات الهامة التي وصل إليها مؤتمره اﻠ19 والقرارات - التوجيهات التي اتخذت.

و عبر وقوفنا فوق أرضية خبرة ثمينة من أعوام مديدة منذ ما بعد الدكتاتورية-وخاصة بعد عام 1991 – اتخذنا إجرائات تدبير أفضل للمالية مع رقابة صارمة على سير تنفيذ الميزانيات السنوية، سواء في شق إيرادات الحزب كما و مصاريفه، اعتباراً من اللجنة المركزية و حتى المنظمات القاعدية الحزبية.

بعد إغلاق محطة 902 التلفزيونية والإذاعية، وإغلاق شركة تيبوإكذوتيكي، والتخفيض الفاعل لصفحات جريدة "ريزوسباستيس"، و التخفيضات الفاعلة في نفقات مقر اللجنة المركزية والمنظمات المنطقية -مع تغطية جميع الالتزامات للموظفين داخل حزب (الرواتب والتعويضات، وصناديق التأمين وغيرها)، فقد تمكننا -على الرغم من كل ما ذكر- و بأقصى قدر من الكفاءة من تغطية حاجات الحزب الأساسية. و هي التي تشمل العمل التنويري السياسي و إعلام الشعب حول التطورات، وعرض مواقف الحزب تجاوباً مع مهام تطوير النضالات العمالية الشعبية (مع مساهمة كبيرة لصحيفة "ريزوسباستيس" و بوابة 902 التي أنشئت خلال هذه الفترة، و المطبوعات الغنية لدار "سينخروني إبوخي"، وما إلى ذلك). حيث حاسمة في تحقيق كل ما ذكر، كانت تضحية الشيوعيين و الشيوعيات الفعلية بالنفس و بطولتهم، كما و أعضاء الشبيبة الشيوعية و كثر من أصدقاء الحزب.

لقد غطى الحزب مالياً نشاطه السياسي في المواجهات الانتخابية المتعاقبة (انتخابات برلمان أوروبي، والانتخابات البلدية والإقليمية، استفتاء، و انتخابات برلمانية عامة لمرتين متتاليتين) كما و وظيفة نشاطه و تواصله الثابت يومياً مع الشعب و تظاهراتها الهامة في المسار نحو ذكرى مرور 100 عاماً على تأسيس الحزب و 70 عاماً على جيش اليونان الديمقراطي و غيرها، كما والأنشطة الثقافية ومهرجان الشبيبة الشيوعية اليونانية و مجلتها أوذيغيتيس ، والتزاماته تجاه الحركة الشيوعية والعمالية، الأممية.

و تشعر اللجنة المركزية بالفخر الفعلي لمئات الآلاف من العمال في جميع أنحاء البلاد، الذين يدعمون الحزب الشيوعي اليوناني من مدخراتهم، غبر مبالغ أصغر -سواء خلال حملات الدعم المالي كما و على مدار العام- كما و الآلاف من أعضاء وكوادر الحزب و الشبيبة الشيوعية الذين يخوضون يوميا معركة الدعم المالي للحزب، لكي يتمكن الأخير من تحقيق الأهداف النبيلة لصالح العمال، و كل الشرائح الشعبية.

لقد مررنا و لا نزال نمر بفترة صعبة للغاية بالنسبة للطبقة العاملة كلها، و للشعب اليوناني. حيث تواصل عواقب الأزمة إضناء الأسر الشعبية. حيث تتجلى علاقات العمال السياسية الرفاقية و الكفاحية الوثيقة مع الحزب منذ  100 عام، حتى في منعطفات الكفاح الصعبة، أيضاً عبر المساعدات المالية، كما و عبر مع مواصلة تطوير الروابط الحزب و الشبيبة الشيوعية مع أتباع الحزب و أصدقائه.

هذا و لنمو إيرادات من العمل المالي والمساعدات، وزيادة تداول صحيفة"ريزوسباستيس" و "المجلة الشيوعية" و " أوذيغيتيس" و مطبوعات "سينخروني إبوخي"، عدا أهميتها العامة في المداخلة الأيديولوجية والسياسية، إمكانيتها للإسهام بشكل كبير في تعزيز مالية الحزب.

حيث يُفرض على الحزب خلال تلقيه الهجمة المتصاعدة للعدو الطبقي وأحزابه، و آليات دولته وحكوماته، أن يمتلك جهوزية أكبر، و كفاية، و اكتفاءاً في موارده المالية من أجل تحقيق فعالية سياسية و أيديولوجية و إصدارية جادة، لتصل سياسة الحزب على نحو أكثر حسماً و جماهيرية و اتساعاً نحو الشعب اليوناني.

عن وضع الحركة الشيوعية الأممية و نشاط الحزب الشيوعي اليوناني

 

77. تشكل إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الأممية و تطويرها، مهمة دائمة لحزبنا. هي نابعة من الطابع العالمي للصراع الطبقي.

حيث ساء وضع الحركة الشيوعية الأممية، بعد الثورة المضادة في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الوسطى والشرقية، و رسملة الصين كما و تعزيز العلاقات الرأسمالية في البلدان التي تسعى للبناء الاشتراكي كفيتنام وكوبا.

إن الحركة الشيوعية متواجدة إجمالاً في تراجع، و تجد صعوبة في الرد على هجوم العدو الطبقي، الذي يجمع بين القمع و بين وسائل أيديولوجية سياسية. حيث تمكن الخصم في كثير من الحالات من "الاستحواذ" على الأحزاب الشيوعية من داخلها.

و يجري تأثير الانتهازية على الحركة الشيوعية من خلال قوى الاشتراكية الديمقراطية (القديمة منها والجديدة) والأحزاب الانتهازية الجديدة، التي تنسق في المقام الأول من خلال "مركز" أقيم في أوروبا هو ما يعرف ﺒ"حزب اليسار الأوروبي". حيث تنشط الأحزاب الشيوعية المشاركة ضمنه باعتبارها "رأس حربة" في عملية نزع السمات الشيوعية، أي في زيادة فقدان السمات الشيوعية ضمنها هي، و أيضاً ضمن الأحزاب الشيوعية الأخرى.

و من خلال عملية معقدة وطويلة تسجَّل و على نحو شاقٍ، خطوات تقوم في اتجاه إعادة تشكيل أحزاب شيوعية، وسط تناقضات و صعوبات، حيث تُطرح على نحو ضعيف حتى الآن، مهمة العمل في صفوف الطبقة العاملة والحركة العمالية النقابية.

و قد اتخذ حزبنا ضمن هذه الظروف، مبادرات هامة لجمع قوى شيوعية من جميع أنحاء العالم لتطوير العمل المشترك، هي:

أ‌-        إصدار "المجلة الشيوعية الأممية" (م ش أ) باعتبارها أول محاولة لتشكيل قطب شيوعي: إن الغرض من م. ش. أ، هو قيام محاولة عبر مناقشة المقاربات المختلفة، من شأنها أن تعطي زخما لقضية الإستراتيجية المشتركة للأحزاب الشيوعية، سواء من خلال تداول المجلة كما- و في منظور ما- عبر أشكال أخرى تخدم هدف محاولة خلق قطب مميز للأحزاب الشيوعية يدافع عن الماركسية اللينينية.

ب‌-     محاولة الحفاظ على السمات الشيوعية في اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية. حيث تمتلك الأحزاب الشيوعية التي يتجاوز عددها اﻠ120 التي تشارك وفق الحالة، على مدى العقدين الماضيين في اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية والعمالية (ل. أ.أ.ش.ع)، موقعاً مشتركاً على شبكة الانترنت، هو موقع اﻠsolidnet، حيث بإمكانها نشر أخبارها ووثائقها، في حين مدمَّج ضمن اﻠsolidnet هو نظام تبادل مشترك سريع لإعلام الأحزاب الشيوعية. و تصدر إلكترونيا "نشرة إعلامية" تحتوي مواد لقاءات الأحزاب الشيوعية. حيث يشكل تشغيل موقع solidnet و إصدار "النشرة الإعلامية" التزامين تعهد بهما الحزب الشيوعي اليوناني تجاه الأحزاب الشيوعية المشاركة في "ل. أ.أ.ش.ع". إن الوضع المذكور، الذي يشتمل على خطى تنسيق مقارنة مع السنوات الأولى لعقد اﻠ90، لا ينبغي أن يصرفنا عن الجوهر، الذي ليس هو سوى واقعة بقاء الحركة الشيوعية مجزأة تنظيميا وأيديولوجيا مع صراع شديد جارٍ ضمن صفوفها، تفاقم خلال في السنوات الأخيرة حول مسائل استراتيجية. إن التزايد المضطرد لتدخلات متصلة بمصالح جيوسياسية لدول معينة، يخلق ضغوطاً إضافية داخل اللقاءات الأممية، و هو الذي مضافاً إلى تعزيز الرؤى الإصلاحية الحكومية الإدارية -البرجوازية و الإنتهازية- في إطار الرأسمالية واتحاداتها الإمبريالية، يزيد من عدم اليقين حول مسار هذه اللقاءات. لذا، مطلوب هو قيام رصد منهجي و محاولات مكثفة للحفاظ على بعض سماتها الشيوعية المكتسبة في بدايات اللقاء في أثينا، و من ثم في عواصم أخرى في العالم و حتى اليوم.

ت‌-     إقامة لقاءات إقليمية للأحزاب الشيوعية والعمالية: تُجرى في منطقتنا بمبادرة من الحزب الشيوعي اليوناني، ثلاثة لقاءات إقليمية للأحزاب الشيوعية والعمالية. نحن بصدد اللقاءات الشيوعية الأوروبية، و لقاءات الأحزاب الشيوعية لمنطقة شرق المتوسط، البحر الأحمر والخليج و لقاءات الأحزاب الشيوعية لمنطقة البلقان. إن هذه اللقاءات المكرسة تشكل مجالاً لتبادل الآراء و الخبرات بين الأحزاب.

ث‌-     تشكيل "المبادرة الشيوعية الأوروبية". إن "المبادرة" التي تم إنشاؤها في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2013، هي صيغة جديدة للتعاون الإقليمي للأحزاب الشيوعية، التي يشارك ضمنها 29 حزباً شيوعياً. و هي المستندة على مبادئ أيديولوجية سياسية تحدد سمتها الشيوعية، و على مناهضتها للاتحادات الإمبريالية و لحزب اليسار الأوروبي. هذا و قامت "المبادرة" في غضون عامين بإصدار سلسلة من البيانات حول المسائل السياسية المهمة الجارية و هي تمتلك موقعها على الانترنت و لها شعارها المشترك و اجتماعاتها المكرسة.

إن الواجب الأممي في تعزيز الصراع من أجل إعادة تشكيل الحركة الشيوعية، يفرض تأمين أدق تقييم موضوعي للوضع قدر الإمكان.

و في ظل في ميزان القوى الدولي السلبي الأشمل، تعجز معظم الأحزاب الشيوعية عن الرد على هجمة رأس المال و هجمة الرأسمالية الدولية. حيث يتخلف المستوى النظري الذي تمتلكه، كثيراً عن المتطلبات التي يفرضها وضع البلدان التي تنشط ضمنها. فقد أدى مستوى حيازتها للماركسية اللينينية و غياب البنية التحتية، إلى تأخير كبير في معالجاتها الجماعية لمسائل حاسمة ضمن المواجهة الأيديولوجية، بما في ذلك، الأسباب التي أدت إلى الثورة المضادة. حيث تعجز هذه الأحزاب، عن دراسة تاريخها واستخلاص الاستنتاجات الضرورية.

إن الشرعية البرجوازية المديدة الأعوام، أثرت سلبا في بعض الحالات، و كثفت من ظواهر فساد قيادات عمالية. حيث يتواجد ربط النظرية الثورية مع النشاط الثوري، في مستوى منخفض جدا، و تؤثر هذه الصعوبات بنحو حاسم على البناء الحزبي، و على العمل في صفوف الطبقة العاملة والشباب، وخاصة في صفوف النساء المتحدرات من أصول عمالية شعبية.

78. و لا تزال الحركة الشيوعية إجمالاً، تواجه مشاكل أيديولوجية سياسية جادة. حيث تقف كل هذه الأمور عقبة أمام إعادة تشكيلها. و من المطلوب تعزيز النقاش لفهم وتعزيز التغييرات البرامجية اللازمة، ومواصلة الصراع مع أحزاب شيوعية، تعتمد على نحو مباشر أو غير مباشر استراتيجية "إصلاحية" (و عبر أي صيغة مرحلية لها) عبر عرض قرائن، و تعزيز المواجهة مع تلك الأحزاب الشيوعية التي تجرم الاستراتيجية الرافضة للتعاون الطبقي والتصالح و المتجهة نحو حل تناقض رأس المال - العمل، نحو الاشتراكية، باعتبارها "استراتيجية انعزالية".

إن عملية إعادة التشكيل الثوري ستكون بطيئة الحركة و شديدة العناء و عرضة للانحرافات والنكسات، وخاصة ضمن منحنيات التطورات، كما هي الحرب الإمبريالية. و لهذا الأمر أهميته الكبيرة اليوم، لصياغة الظروف التي من شأنها أن تقود إلى خلق أسس قوية قدر الإمكان، و هي التي ستستند إليها عملية إعادة التشكيل.

إننا نواجه الصراع من أجل إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الأممية كواجب ذي أهمية حاسمة و كعنصر هو مكون للصراع الطبقي و مرتبط بامتلاك قدرة تعزيز الأحزاب الشيوعية من جميع النواحي:

• الأيديولوجية السياسية و تجاوز مواقف خاطئة سيطرت ضمن الحركة الشيوعية الأممية خلال العقود الماضية.

• التنظيمية، كيما تمتلك قواعد قوية في مؤسسات و قطاعات ذات أهمية استراتيجية، و مداخلة حاسمة في الحركة العمالية الشعبية.

إن الهدف هو تحقيق الإعداد الضروري عبر الصراع المنهجي المذكور، ليتمكن كل حزب شيوعي في بلده حين اندلاع الحالة الثورية، من التجاوب مع مهمته التاريخية، ليخوض المعركة من أجل إسقاط الرأسمالية، من أجل الاشتراكية، و ذلك بالتوازي مع صياغتها سلفاً لآلية فعالة تمنحه الدعم والتضامن، الأمميين.

إن خط الصراع الجاري اليوم بين القوى الثورية وقوى الإصلاح (داخل الحركة الشيوعية وخارجها) يكشف باضطراد عن جبهة أيديولوجية سياسية واسعة.

حيث تتمثل بعض مسائلها، في:

• الاعتراف براهنية وضرورة الاشتراكية.

• الدفاع عن مكتسبات ثورة أكتوبر.

• استخلاص الدروس من عملية إسقاط الاشتراكية.

• حتميات الصراع من أجل الإطاحة الثورية بالرأسمالية و حتميات البناء الاشتراكي.

• الصراع ضد المشاركة في الحكومات البرجوازية وضد المحاولة العبثية لأنسنة الرأسمالية و دمقرطة الاتحادات الإمبريالية.

• مسألة أسباب الأزمة الرأسمالية والانزلاق نحو سياسات دعم إصلاحات (اشتراكية ديمقراطية) إدارية للنظام.

• دراسة التركيبة الاجتماعية والطبقية للمجتمع الرأسمالي المعاصر، مع إبراز دور الطبقة العاملة ومهمتها التاريخية.

• مسألة تحالفات الأحزاب الشيوعية، التي تتطور ضمنها آراء خاطئة حول "وحدة اليسار" و "التعاون مع الاشتراكية الديمقراطية اليسارية" و "الجبهات الجديدة المناهضة للفاشية"، وغيرها.

• مسألة الحرب في عصر الإمبريالية والصراع لكي لا تنجر الحركة الشيوعية إلى جانب هذه القوة إمبريالية أم سواها، و لتدافع بثبات عن المصالح الطبقية للطبقة العاملة في صدام مع الطبقة البرجوازية، دون اختيار "رايات أجنبية " تحت ضغط قوى البرجوازية الصغيرة و الضغوط القومية، الممارسة على القوى العمالية.

• مسألة اللاجئين والمهاجرين، التي تنبثق منها مهام فورية و مهمة للأحزاب الشيوعية، في وقت تتنامى آراء تتأثر بالقوميين و بالمسكونية (الكوسموبوليتية) البرجوازية، حتى داخل هذه الأحزاب

• الصراع ضد الاتحادات الإمبريالية، و في المقام الأول ضد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي، كما و ضد تحالفات مثل بريكس وغيرها التي تشكل الآن، و ضد المقاربة اللاطبقية للاتحادات الامبريالية الدولية، و ضد الدعم السياسي لخيارات برجوازية للانسحاب من اتحاد إمبريالي ما.

• مسألة "التبعية"، التي تُفصل عن موقع كل بلد رأسمالي في النظام الإمبريالي ولا تعتبر التطور الرأسمالي الغير متكافئ باعتباره عاملاً يحدد أيضاً، علاقات اللاإنصاف القائمة في إطار التبعية المتبادلة المعاصرة للدول الرأسمالية، ضمن النظام الإمبريالي الدولي.

• مسألة علاقة الصراع على المستوى القومي بالأممي والرؤية القائلة باختفاء الصراع على المستوى القومي.

• الصراع ضد بدعة "العالم متعدد الأقطاب" و ضد ما يقال عن "قوانين وقواعد القانون الدولي" و يتفهم هذه القوانين والقواعد، كمنتج فوق طبقي لتسويات سلمية، لا باعتبارها انعكاساً لميزان قوى معين، و ما إلى ذلك.

حيث سيحتدم الصراع حول هذه المسائل و حول غيرها، خلال المرحلة المقبلة.

79. إن حزبنا مدعوٌ إلى تعزيز نشاطه الأيديولوجي السياسي المستقل، وكذلك، لتعاونه مع أحزاب شيوعية أخرى من أجل تحقيق نجاعة أكثر لمحاولته ضد الرؤى البرجوازية الانتهازية على المستوى الأممي. و على هذا الأساس، يواصل حزبنا العمل بهدف خلق قطب ماركسي لينيني في الحركة الشيوعية الأممية.

و تتمثل عناصر هذه المحاولة في"المجلة الشيوعية الأممية" و "المبادرة الشيوعية الأوروبية". حيث ساهمت هاتان الصيغتان إلى حد ما في محاولة حزبنا، و هما مع ذلك، لا تخلوان من تأثير العدو الطبقي و التخلف المديد لأحزاب شيوعية عن معالجة استراتيجية ثورية معاصرة على المستويين، القومي والأممي.

يجب على حزبنا مواصلة المحاولة، سواء في "المجلة الشيوعية الأممية"، و المبادرة الشيوعية الأوروبية، مع العمل على ترسيخهما و توسيعهما نحو قوى شيوعية جديدة، ولكن أيضا مع فك ارتباط قوى "كابحة" تقع تحت نفوذ الطبقة البرجوازية والانتهازية، و قيام الحزب حتى بإعادة بناء هذه الصيغ واستبدالها بأخرى، حين حكم الضرورة.

و ستعتمد أيضاً، الأشكال المحددة الأخرى الأبعد، التي من الممكن أن تتخذها صياغة قطب ماركسي لينيني لقوى شيوعية، أكثر دقة، على الخطوات التي ستخطوها أحزاب شيوعية أخرى في معالجة و صياغة استراتيجية ثورية لها-أيضاً عبر استخلاص استنتاجاتها من التاريخ- و على تغلبها على معالجات قديمة و خاطئة، وعلى قيام خطاها الثابتة في بناء الحزب واكتسابها لعلاقات مع قطاعات من الطبقة العاملة و غيرها من الشرائح الشعبية،و تعميق هذه العلاقات. حيث سيسهم حزبنا عبر كل أسلوب متاح، على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف، ضمن هذه المحاولة.

و يحافظ الحزب الشيوعي اليوناني على علاقات مع عشرات الأحزاب الشيوعية و العمالية، و يتناقش معها و يتبادل الآراء، ساعياً نحو العمل المشترك، و سيعزز من محاولته هذه خلال الفترة القادمة، بمعزل عن مستوى الاتفاق أو الخلاف حول مسائل جانبية أم أكثر شمولية. و هو يواصل إسهامه على المستوى الأممي في إطار اتحاد النقابات العالمي، و مجلس السلم العالمي، والاتحاد العالمي للشباب الديمقراطي، والاتحاد العالمي للنساء الديمقراطيات.

تقييم ملخص شامل حول أداء اللجنة المركزية السابقة

 

80. عملت اللجنة المركزية المنتخبة من قبل المؤتمر اﻠ19، إجمالاً فوق أساس مقرراته و قرارات البرنامج الجديد والنظام الداخلي للحزب، و القرار السياسي للمؤتمر والمهام المنبثقة عنه. و قامت بمحاولة لتحقيق استيعاب استراتيجية الحزب و برنامجه من خلال العمل اليومي و التجربة العملية للنضالات والتطورات.

و بناءً على تخطيط المؤتمر اﻠ19، عملت اللجنة المركزية في الكشف عن طبيعة الأزمة الاقتصادية الرأسمالية، و عن توافق جميع الأحزاب البرجوازية في استغلال الأزمة العميقة كنقطة انطلاق لتوسيع عمليات إعادة الهيكلة المناهضة للشعب، لزيادة درجة الاستغلال، و تسريع تمركز رأس المال، مع إبعاد العاملين لحسابهم الخاص في المدينة وفي الإنتاج الزراعي عن الإنتاج، على نحو أبعد وتوسيع المشاريع الرأسمالية.

حيث كشفت و بنجاح عن كِلا المحاولات والجهود المنهجية الجارية لإعادة صياغة النظام السياسي، سواء في الفترة الأولى لحكم ائتلاف -حزب الباسوك و الجمهورية الجديدة (2013-2014) كما و خلال الفترة التالية عبر ائتلاف حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين(2015-2016).

و أسهمت في تسليح القوى الحزبية و أصدقاء الحزب الشيوعي اليوناني وناخبيه، و قوى شعبية أوسع في المجتمع اليوناني، أيديولوجياً و سياسياً لمواجهة الأوهام الجديدة التي خلقتها كل من الحكومة الجديدة و أحزاب المعارضة القديمة والجديدة. و أبرزت واقعة التهجين الحكومي التدريجي لحزب سيريزا نحو حزب برجوازي اشتراكي ديمقراطي بحت، مع خصوصية تشكُّله من قبل قوى انتهازية كانت قد انشقت عن الحركة الشيوعية، في حين كشفت عن نحو ناجز محاولة إعداد سواتر جديدة بعد شهر تموز/يوليو 2015 من قبل قوى انشقت عن سيريزا، في تعاون مع غيرها القوى من خارج البرلمان.

و خاضت اللجنة المركزية بنجاح خلال هذه السنوات ستة معارك انتخابية، مع استغلالها لصالح التنوير السياسي الواسع للشعب و لعرض المقترح السياسي للحزب: حيث جرت انتخابات البرلمانية لمرتين، تحققت ضمنهما إعادة إلتفاف ضئيلة مع نسب 5.45٪ و 5.54٪. و الاستفتاء المسخرة، حيث كافحت اللجنة المركزية للكشف عن خداع حزب سيريزا الحكومي و احتباس اليساريين و الجذريين تحت رايات الأوهام والآمال الكاذبة بصدد سياسة وفية مناهضة المذكرات، و انتخابات البرلمان الأوروبي (محققا نسبة 6.1٪)، و الانتخابات البلدية و الإقليمية ضمن جولتين حيث انتخب 5 رؤساء بلديات شيوعيين في باترا و كِسرياني و خايذاري و بتروبوليس و إيكاريِّا، مع المئات من المستشارين البلديين والإقليميين في جميع أنحاء البلاد.

و كافحت ضد النشاط الإجرامي لمنظمة "الفجر الذهبي" النازية الفاشية وخاصة بعد مقتل بافلوس فيساس في كِراتسيني والهجمات القاتلة ضد النقابيين الشيوعيين في بيراما و ضد الصيادين المصريين. و تقوم على نحو واسع في المجتمع اليوناني بثبات و استمرارية،  بالكشف عن الدور الإجرامي لهذه المنظمة.

و تحملت عبء الكشف عن التناقضات الامبريالية البينية الكبرى، وانتشار التدخلات والحروب، و قامت عبر مواقف الحزب الشيوعي اليوناني الموجهة ضد أحلاف الذئاب كمنظمة حلف شمال الأطلسي و الاتحاد الأوروبي، بإنارة ضرورة فك الإرتباط عن هاتين المنظمتين. و عملت على إعداد الحركة العمالية الشعبية لكي لا تنضوي تحت لراية أجنبية، في حال نشوب حرب الإمبريالية، كما و لتنظيم صراعها المستقل و ربط المقاومة مع الصراع من أجل الهزيمة الكاملة و النهائية للطبقة البرجوازية المحلية و الأجنبية الغازية. و أسهمت في تطوير الحركة اليونانية المناهضة للحرب، من خلال الهيئة اليونانية للسلم و الوفاق الدوليين، وغيرها من الهيئات والنقابات و تجمعات الحركة الأممية المناهضة للإمبريالية، من خلال مجلس السلم العالمي. هذا و متعددة الأشكال كانت أنشطة إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الأممية، من أجل تشكيل قطب مميز للحركة الشيوعية من خلال المجلة الشيوعية الأممية و المبادرة الشيوعية الأوروبية.

و بناءاً على قرار المؤتمر اﻠ19، أقامت اللجنة المركزية و بنجاح مؤتمراً على الصعيد الوطني حول عمل الحزب ضمن الشباب و مساعدة الشبيبة الشيوعية اليونانية. و أقامت اجتماعاً موسعاً للجنة المركزية حول موضوع إعادة تشكيل الحركة العمالية، و تعزيز التحالف الاجتماعي وبناء الحزب ضمن صفوف الطبقة العاملة.

وتابعت بحث الحزب التاريخي للفترة 1918-1949، و شرعت في تأليف و مناقشة المجلد الأول المعدل من تاريخ الحزب، المتواجد في مراحله الأخيرة. كما و واصلت إلى حد ما، بحث فترة الدكتاتورية 1968-1974 عن طريق إصدار مجموعة من المقالات.

و قامت باتخاذ تدابير تحسين محتوى صحيفة "ريزوسباستيس" و "المجلة الشيوعية" و بوابة 902. وناقشت بالتفصيل وقررت تحسين أنظمة التثقيف الحزبي الداخلية، و مدارس الندوات، و دورات الدروس الخاصة للشبيبة الشيوعية، و تلك المخصصة للأعضاء الجدد، و غيرها.

و عالجت أطروحتنا حول المدرسة الموحدة ذات اﻠ12 عاماً، و حول المدرسة خلال الاشتراكية، و عن مجال التربية البدنية في التعليم، وحدثت مواقفنا حول مكافحة كافة أنواع المخدرات.

كما و واصلت الأنشطة الثقافية عبر ورش عمل و نقاشات و مؤتمرات علمية في مجال الثقافة، عبر إهدائات إلى برتولت برِخت وناظم حكمت.

و عبر بلاغ لها عالجت عبر مخطط منظم، فعاليات على مدى 5 أعوام (2013-2018) للاحتفال بالميلاد المئوي للحزب الشيوعي اليوناني. حيث أجريت مئات التظاهرات في جميع أنحاء اليونان، منظمة من قبل اللجنة المركزية و الهيئات المنطقية و المجلس المركزي للشبيبة الشيوعية، بمشاركة عشرات الآلاف من أصدقاء الحزب الشيوعي اليوناني، أكان بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس جيش اليونان الديمقراطي، أو الذكرى اﻠ70 لنصر الشعوب العظيم على الفاشية، أو في مناسبات أخرى من عمل الحزب. كما و نظمت إهدائات و تظاهرات و منشورات لشامخي الصراع الطبقي و قامت بتشييد نصب تذكارية و تظاهرات موضوعاتية في مواقع المنفى والسجون والتعذيب والإعدام والمعارك البطولية.

81. وعلى الرغم من كل إيجابيات نشاط اللجنة المركزية، هذه، كما والكم الهائل من العمل الذي أنجزته، لا تزال قائمة هي مشاكل رئيسية في عدم التناسب بين الأهداف الاستراتيجية الكبيرة التي رسمناها و بين مستوى عملنا ومساعدتنا الإرشادية، على حد السواء نحو الهيئات و المنظمات القاعدية الحزبية.

إن اللجنة المركزية لم تتمكن حتى الآن-على الرغم من الجهود التي بذلت لنقل الخبرة الكلي والجوهري من نشاط المنظمات الحزبية- من الإنشغال بشكل أكثر منهجية و إظهار عناية أكبر لتسليح الكوادر الناشطة إما في مجالات عمل داخل الحزب أو ككوادر نقابية منتخبة داخل الحركة، وإكسابها قدرات متعددة الأوجه

حيث لا تزال النزعة التجريبية و المقاربة أحادية الجانب، سمات سلبية في عملنا اليومي. إن إجراء النقاش الجماعي الصحيح داخل الهيئة القيادية العليا للحزب وفي جميع الهيئات القيادية لمنظمات الحزب و الشبيبة الشيوعية، يساعد في الرقابة الصارمة على تنفيذ القرارات، و يساهم إلى حد كبير في الإجابة حول كيفية العمل، و عن كيفية موائمة النظرية مع الممارسة، و عما إذا كان قد جرى استيعاب و ترسيخ استراتيجية و برنامج الحزب وما إذا كان العمل الحزبي قد توائم معهما، و ما إذا كان ترقى مستوى التوجيه الحزبي.

و لم تتمكن اللجنة المركزية من مركزة العمل في هيئة أركان وتعزيز أركان توجيه فروع و قطاعات اقتصادية و مناطق صناعية ذات أهمية استراتيجية للحزب.

إن تحسين عمل اللجنة المركزية متعلق مباشرة بتحسين أداء و إسهام أقسام اللجنة المركزية. وعلى الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك مشاكل متعلقة بالتنسيق الأفضل وتخصيص التوجهات العامة من أجل مساعدة أكثر فعالية لمنظماتنا و كوادرنا الناشطة ضمن الحركة الجماهيرية من خلال المجموعات الحزبية. وعلى الرغم من توظيف كوادر كافية نسبيا، في بعض الأقسام، لا تزال الحاجة موجودة إلى مزيد من التعزيز بالكوادر لجميع الأركان الرئيسية و أقسام اللجنة المركزية عبر رفاق جدد، ممن سيتم تدريبهم بجانب الكوادر الأقدم.

هذا و ساهمت اللجنة المركزية إجمالاً في إبراز و تطوير كوادر، وهو ما يعتبر شرطاً ضرورياً لاستمرارية الحزب و لتطويره. و من المطلوب أيضاً، قيام محاولة أكبر اليوم لترقية الكثير من الكوادر من الطبقة العاملة. حيث يتمثل مانح الكوادر الرئيسي في الشبيبة الشيوعية اليونانية، التي واصلت خلال الأربع سنوات هذه، رفد الحزب بكوادر جديدة في العديد من مجالات العمل المختلفة، مسهمة في تحسين وتجديد عمل الهيئات. حيث من الضروري اتخاذ تدابير من أجل إيصال مساعدة أيديولوجية و سياسية متواصلة ومتنوعة و تمرير الخبرة في أسرع وقت ممكن، لأننا بصدد كوادر جديدة متسمة بنقص خبرة عمالية اجتماعية.

و على الرغم رصدها باعتبارها قضية و موضع ضعف و هي التي لم نتمكن بعد من التغلب عليها و تقع مسؤوليتها على اللجنة المركزية، و هي المسألة المتمثلة في عدم تمرير أعضاء اللجنة المركزية و الهيئات المنطقية على نحو دوري في نظم التثقيف الماركسي المنظمة، و في عدم قدرتهم على وضع المقالات و مواجهتهم لصعوبة في معالجة المواد الدعائية، بما في ذلك كتابة التقارير الموضوعية، و أكثر من ذلك بكثير، إرشاد الحركات كحركة المزراعين، و سواهم من العاملين لحسابهم في المدن، و الحركة النسائية الجذرية، أو في جبهات الصراع، كجبهات التعليم والصحة و المخدرات و غيرها.

و تقع المسؤولية في المقام الأول على عاتق اللجنة المركزية والمكتب السياسي و سكرتارياه، في عدم مناقشة معالجات اللجنة المركزية و أقسامها بشكل منهجي. فعلى سبيل المثال، لم تناقش في أي من الهيئات المنطقية دراسة قسم الإقتصاد بشأن تطورات الإنتاج الزراعي حتى عام 2009، على أساس المُنتج وحسب المنطقة، مع نتائجها المقابلة تجاه عملية التمركز، و تجاه معايير التقسيم الطبقي للمزارعين وتحديد الشرائح الحليفة للطبقة العاملة، طبقياً موضوعياً، ومعايير تحديد العمال الزراعيين والتفكر حول تنظيمهم النقابي. إن النتيجة الطبيعية لما ذكر أعلاه هي استحالة وجود مداخلة منتظمة و مدروسة، في مستوى المنظمات و القطاعات و المنطقيات، في تحركات قوى المزارعين، على نحو أوسع من إطار تجمع المزارعين الكفاحي. هذا و انشغلت الهيئات الحزبية و الشبيبية القيادية، على نحو ضئيل بداراستنا المتعلقة بالمدرسة الموحدة ذات اﻠ12 عاماً، و حول الرياضة والتربية البدنية ضمن التعليم، وموقفنا المحدث ضد كافة أنواع المخدرات و غيرها.

ينبغي على اللجنة المركزية أن تسهم بقوة أكبر في إيجاد مناخ مبادرة للكوادر والهيئات القيادية، استنادا إلى التوجهات والقرارات والمهام التي تقر بشكل جماعي من قبل كل هيئة منطقية وصولاً لكل منظمة قاعدية.

كما و تعزيز النقد و النقد الذاتي، رفاقياً، في إطار العمليات الحزبية، مما يساعد على التغلب على أوجه الضعف و القصور، وتعزيز روح الجماعية والمسؤولية والرقابة الفردية والجماعية، على نحو تربوي.

و تخلفت اللجنة المركزية عن تقديم المساعدة المباشرة لصحيفة "ريزوسباستيس" و "المجلة الشيوعية"، كما و إلى بوابة 902، و ذلك فيما يتعلق بكتابة المقالات حول العديد من القضايا التي كان بإمكانها نقل خبرة المنظمات المتراكمة على نحو حي، إلى الصحيفة المركزية و المجلة النظرية والسياسية للحزب الشيوعي اليوناني.

هذا و كان إسهام اللجنة المركزية إيجابياً إجمالاً في تحسين توجه الحزب لاتخاذ المبادرات، وتحسين وضع الحزب عموماً ضمن التطورات و النضالات.

و لا يزال يتمثل جانب ضعف في عمل اللجنة المركزية في الدراسة الناقصة للخبرة ومراقبة كيفية تنفيذ سياسة حشد القوى، على الرغم من واقعة كونها ضمن التوجه الأساسي للمكتب السياسي و في عدة حالات في ترابط مع المسائل الراهنية و مع التطورات بعينها.

و إجمالاً لا تزال اللجنة المركزية متأخرة في سياسة إبراز الكوادر و رسم إعداد سياسي ثابت و مستمر لها، مع رصدها و تقديم المساعدة الواجبة.

و لا تزال اللجنة المركزية متأخرة، على الرغم من قيام بعض الخطوات الصغيرة في صياغة بنية تحتية في مواضيع الدعاية، و التدخل على شبكة الانترنت، و في كل هذا التنوع من وفرة الوسائط التكنولوجية المتاحة في عصرنا الحاضر.

هذا و لم تتمكن اللجنة المركزية بعد من وضع الأسس لعمل قوي ومستقر في الفئات العمرية الصغيرة، بناء على قرار مؤتمر المنعقد على الصعيد الوطني حول مسألة الشباب (كانون الأول/ديسمبر 2013) والمؤتمر اﻠ11 للشبيبة الشيوعية اليونانية (كانون الأول/ديسمبر 2014).

حيث هناك فيما يتعلق بما ذكر أعلاه حصة من المسؤولية الخاصة، تقع على المكتب السياسي و سكرتارياه في سياق العمل الجماعي للجنة المركزية وخاصة في ما يتعلق بأي تأخير حاصل في إعادة تشكيل الحركة، و في تعزيز وفهم الأهمية الاستراتيجية للتحالف الاجتماعي في الاتجاه المناهض للرأسمالية و الاحتكارات و في بناء الحزب ضمن صفوف الطبقة العاملة، و تقديم مساعدة حاسمة نحو الشبيبة الشيوعية اليونانية و في تنسيق وتعزيز الأقسام المساعدة للجنة المركزية.

مقترحات اللجنة المركزية لتنفيذ فعاليات حتى المؤتمر المقبل

 

82. تقترح اللجنة المركزية إقرار المؤتمر اﻠ20 لما يلي:

• عقد مؤتمر على الصعيد الوطني حول موضوع رصد تنفيذ قرار إعادة تشكيل الحركة النقابية العمالية، وتعزيز التحالف الاجتماعي، وتحديث إطار نشاط التجمعات الذي يعمل ضمنه الحزب في التحالف الاجتماعي والحركة العمالية الشعبية، و عملية البناء إجمالاً، وخاصة ضمن صفوف الطبقة العاملة وفي المواقع ذات الأهمية الإستراتيجية.

• إقامة جلسة موسعة للجنة المركزية أو مؤتمر لدراسة وضع العاملين لحسابهم الخاص في المدن، وخاصة في الكبيرة منها. و لحركتهم.

• إقامة جلسة موسعة للجنة المركزية أو مؤتمر لدراسة المسألة الزراعية، و للحركة و التجمعات في مجال صغار و متوسطي المزارعين، و لعمل الحزب ضمنها.

• استكمال دراسة البنية الطبقية للمجتمع اليوناني.

• مواصلة العمل التنويري الواسع، حول اقتراحنا للمدرسة الموحدة ذات اﻠ 12 عاما، كما و استكمال سلسلة من المعالجات المتعلقة بأطروحة الحزب حول التعليم ما قبل المدرسي والمهني و حول التعليم العالي.

• تحديث الأطروحات في مجال الصحة و الضمان الاجتماعي و الرعاية الاجتماعية.

• إقامة مؤتمر على الصعيد الوطني لإقرار المجلد الأول المعدل من تاريخ الحزب، المتعلق بسنوات ما قبل تأسيسه و حتى عام 1949. متابعة الانتهاء من دراسة سنوات الديكتاتورية حتى إعادة الحكم المدني عام 1974. وفي الوقت نفسه مواصلة الجهود للمضي في استكمال البحث التاريخي من أجل التأليف الأخير لتاريخ الفترة 1974-1991.

• و يضطلع اجتماع موسع للجنة المركزية بمسؤولية الرصد المستمر والمنتظم لمسار التظاهرات والمطبوعات والأنشطة الثقافية والسياسية الأخرى، والخطى الأخيرة نحو الذكرى الكبرى لمرور 100 عاما على تأسيس الحزب عام 2018، و بمهمة أساسية هي إقرار البلاغ المتعلق بهذه الذكرى.

• توظيف كوادر مناسبة في أقسام اللجنة المركزية من أجل مواصلة دراسة البناء الاشتراكي في القرن اﻠ20، على نحو أبعد.

• تعزيز حاسم لمدارس التثقيف الماركسي واستكمالها على مستوى المنظمات القطاعية، و خاصة لدورة الدروس المتعلقة ببرنامج الحزب، على مستوى المنظمات القاعدية الحزبية و الشبيبية.

• تنظيم نقاش في اللجنة المركزية حول الدعاية وأشكالها، وخاصة لتطوير العمل و تداول صحيفة ريزوسباستيس، و وسائل الإعلام الحزبية على الانترنت ورفع مستوى تدخلنا في وسائل التواصل الاجتماعي.

 

اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني

12 كانون الأول/ديسمبر 2016