Skip to content

مقالٌ لِقسم العلاقات الأممية للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني:نستقبل عام 2026 بتفاؤل واقعي نضالي من أجل حَقِّ نضالنا

Date:
ديسمبر ٢٣, ٢٠٢٥
Thumb_49_Fest_me_to_kke_gia_to_sosialismo.jpg_991593706

 

يوشكُ عام 2025 على الاكتمال، وفي اليونان تتواجد جماهير غفيرة من القوى الشعبية على درب النضال و تخوض معارك ذات أهمية كبيرة. هذا و خرج فقراء المزارعون إلى محاور الطرقِ المركزية والإقليمية للبلاد، مكافحين من أجل بقائهم في وجه الاحتكارات، والسياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي، وسياسة الحكومة التي تخنقهم. و أغلقوا الطرق في عشرات المواقع، حيث تتولى اللجنة الوطنية لحواجزهم تنسيق هذا النضال الذي يخوضه 58 حاجزاً، من تراقيا ومقدونيا إلى كريت، مع وجود "قلب" هذا النضال في محافظة ثِساليِّا، حيث نُصبت 3 حواجز جماهيرية تضم آلاف الجرارات.

تَقِفُ الطبقة العاملة إلى جانب فقراء المزارعين، حيثُ كانت اﻷخيرة قد خاضت نضالاتٍ هامة من أجل الحقوق العمالية و الاجتماعية ضمن الأشهر الأخيرة، كالإضرابات الشاملة التي نُفِّذت في 1 و 14 تشرين الأول\أكتوبر احتجاجاً على تشريع يوم عمل مدته  13 ساعة، والتظاهرات الحاشدة التي أقيمت ضد ميزانية الحكومة التي تُلقي بأعباء ضريبية هائلة على كاهل الشرائح الشعبية، من أجل اقتصاد الحرب والتحضير لها، وتعميق تورط اليونان في الحروب الإمبريالية.

و  لم تخمد جذوة الصراع و لا للحظة واحدة ضد حلف الناتو والقواعد الأمريكية، وضد مشاركة البلاد كقاعدة انقضاضية للمخططات الإمبريالية، ومن أجل عودة جميع وحدات القوات المسلحة اليونانية من مهامها الإمبريالية في الخارج، ومن أجل التضامن مع شعب فلسطين، و مع جميع الشعوب المناضلة. حيث بالعشرات كانت التحركات و التظاهرات الجماهيرية، مثل التحرك الذي قام به أهالي مدينة إلِفسينا ضد الخطط الخطيرة للحكومة و اﻷمريكيين لتحويل المنطقة إلى عقدة للتورط مستغلين مينائها، في مواجهة ميناء بيرياس الذي مُنح لشركة COSCO الصينية. حيث تحرك عمال المنطقة مع نقاباتهم المنطقة بشعار: «نرفض أن نغدو ضحايا المزاحمات والتورط في الحروب».

وليس من المبالغة أن نذكر أن روح النضالات الشعبية في اليونان تمثَّلت ولا تزال في الحزب الشيوعي اليوناني، الذي و على الرغم من تواجده في فترة تسبق مؤتمره، وفي خضم نقاش داخلي و عام مطول حول موضوعات اللجنة المركزية لمؤتمره اﻟ22 المزمع عقده في الفترة من 29 إلى 31 كانون الثاني\يناير 2026، لكنه يُنفِّذُ انفتاحاً سياسياً واسعاً، ويتواجد في كل مكان في مواقع العمل و نضالات العمال. ما من دليل أقوى على ذلك، من واقعة مكافئة الحزب الشيوعي اليوناني لأول مرة من قبل موظفي القطاع العام الذي هو قطاع نقابي صعب، يخضع لرقابة صارمة من الطبقة البرجوازية،  نظراً لدوره المحوري في الآليات الأيديولوجية والسياسية والقمعية المتاحة للدولة البرجوازية. حيث و على الرغم ذلك، احتل فصيل "ذاس" النقابي المدعوم من قبل الحزب الشيوعي اليوناني المرتبة اﻷولى محققا نسبة 25.57%، خلال مؤتمر كونفدرالية نقابات موظفي القطاع العام، و هو الفصيلُ المؤلف من نقابيين ينضوون ضمن جبهة النضال العمالي "بامِه" . وكما حدث هذا العام (هو الرابع على التوالي)، تصدّر فصيل الشبيبة الشيوعية اليونانية انتخابات الاتحادات الطلابية في الجامعات العامة محققاً نسبة 35%.

و مع ذلك فإن ما هو أكثر إثارة للدهشة هو أن كل ما سبق لم يجد الصدى الواجب في مختلف وسائل الإعلام الدولية، حتى في تلك التي تُصنّف على أنها "يسارية" و"شيوعية". بل على العكس، لم تخلو و لا هذه الفترة من الهجمات الموجهة ضده، في الوقت الذي يقود فيه الحزب الشيوعي اليوناني الصراع الشعبي ضد حلف الناتو والولايات المتحدة والحرب الإمبريالية. هي هجماتٌ كانت تارةً مباشرة عبر مزاعم لا أساس لها من الصحة، كتلك التي وجّهها الحزب الشيوعي البيلاروسي، وتارةً أخرى كنت "متعرجة"، من خلال طرح علامات استفهامٍ، كتلك التي طرحتها مقالة في صحيفة "Junge Welt" الألمانية، والتي تساءلت بخبث وعمدٍ عمّا إذا كانت التظاهرة الأممية للحزب الشيوعي اليوناني، التي كرَّمت ثورة أكتوبر الاشتراكية، هي "مؤشرٌ على انقسامٍ جديد".

بدايةً، نود أن نُسجِّل أن جميع مواد التظاهرة الأممية للحزب الشيوعي اليوناني، كالتموضع الافتتاحي الذي ألقاه ذيميتريس كوتسوباس، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، وجميع كلمات الأحزاب الشيوعية اﻠ26، المشاركة والبيان المشترك بمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر، بالإضافة إلى كلمة الختام التي ألقاها يورغوس مارينوس، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب، متاحة على الموقع الألكتروني الجديد المُحدَّث للحزب باللغات الأجنبية، ويمكن لأي شخص دراستها.

هذا و تُجيب موضوعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني على سؤال مجلة "Junge Welt" حول "مؤشر على انقسام جديد"، حيث تُسجِّل في سياقها ما يلي: «أثَّرت الحرب الإمبريالية في أوكرانيا على صيغ التعاون الأممي التي يشارك فيها حزبنا. كان على المجلة الشيوعية الأممية أن تمر بمرحلة إعادة تشكيل، بينما تم تشكيل صيغة النشاط الشيوعي الأوروبي، بدلاً من المبادرة الشيوعية الأوروبية التي تم حلها. و تعزز الصراع الأيديولوجي السياسي في إطار اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية والعمالية، التي أقيمت  في هافانا (2022) وإزمير (2023)، حيث أعربَ عنه في تموضعات الأحزاب الشيوعية وفي قرارات منفصلة.

إشكاليٌ للغاية هو وضع اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية والعمالية، فقد ضعفت بنحو هام مسائلُ العمل المشترك والتضامن، مع وجود حالات نموذجية كتلك المحيطة بالحزب الشيوعي الفنزويلي والتضامن مع شعوب الشرق الأوسط. و يتشكَّل وضعٌ يُهدد استمراريتها، في حين تنشأ و بمشاركة أحزاب شيوعية صيغ ("منصات" و"منتديات") تغسلُ و تُبيض مخططات إمبريالية وتسعى إلى جرّ الحركة الشيوعية نحو خدمة المحور الإمبريالي الأوراسي المتواجد قيد التشكل، على غرار حزب اليسار الأوروبي، الداعم للاتحاد الأوروبي الإمبريالي».

إن الوضع الذي تشكِّلَ ضمن الحركة الشيوعية الأممية ليس وليد الصدفة. و وفقاً لما ورد في سياق قرار صدر مؤخراً عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بعنوان "تصعيد الحرب الإمبريالية، وتفاقم المزاحمات الإمبريالية، وإعداد الحزب": «لقد تسببت الحرب الإمبريالية في أوكرانيا في ظهور انقسامات أيديولوجية وسياسية جديدة و في تعميق الانقسامات القديمة، ضمن صفوف ما نسميه "الحركة الشيوعية الأممية"، التي أفاد بشأنها تقييم مؤتمرنا اﻠ21: «يُخاض ضمن صفوف الحركة الشيوعية الأممية صراع أيديولوجي - سياسي شديد حول سلسلة من المسائل، كتحليل - تفسير الظواهر المعاصرة للرأسمالية و النظام الإمبريالي الدولي».  

و على هذا النحو تَضمَّن الاصطراع المتطور على مدى الأعوام الماضية مسائل بشأن:

  • ماهية اﻹمبريالية،
  • لموقف تجاه التناقضات الإمبريالية البينية،
  • الموقف تجاه قوى الاشتراكية الديمقراطية والحكومات "التقدمية"،
  • طابع عصرنا،
  • طابع ودور الطبقة العاملة،
  • مبادئ البناء الاشتراكي،
  • أُضيفت، أكثر من ذي قبل، مسائل الحرب الإمبريالية وموقف الأحزاب الشيوعية من طبقة بلادها البرجوازية وتحالفاتها الإمبريالية.

وبالطبع، ترتبط المسائل الأيديولوجية والسياسية السابقة بنحو مباشر بالاصطراع الذي نشأ حول مسائل الحرب.

وذلك لأن الأحزاب الشيوعية، التي كانت تُطابق الإمبريالية سابقاً بالسياسة الخارجية العدوانية للولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الرأسمالية الأوروبية العاتية، و تُجمِّلُ دور دول رأسمالية أخرى، ترى الآن في روسيا أو الصين أو إيران "قوى مناهضة للإمبريالية" أو حتى "محوراً مناهضاً للإمبريالية". و على هذا النحو فإن هذه القوى، تتجاوز بنحو تعسفي و لا علمي التناقضات والمزاحمات الإمبريالية البينية التي تُشكل السبب الرئيسي للحروب الإمبريالية، و تُقدّر أن عالماً "عادلاً" و"مسالماً" و"متعدد الأقطاب" سيتشكل عاجلاً أم آجلاً، حيث يدعمُ بعض هذه اﻷحزاب الاتحاد الرأسمالي، الاتحاد الأوروبي، أو الصين أو روسيا الرأسماليتين باعتبارها "أقطاب جديدة" و"نداً" للولايات المتحدة، و تُطابق هذه اﻷحزاب القوى المذكورة بدرجات متفاوتة مع مصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية في بلدانها.

و في الحقيقة كان الحزب الشيوعي اليوناني قد عالج مقاربة مختلفة تماماً، مكّنته من تصدُّر الصراع ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وضد تورط اليونان في الحرب الإمبريالية، فضلاً عن تصدره صراع الشرائح العمالية والشعبية من أجل حقوقها، وحشد القوى من أجل القطيعة مع النظام الرأسمالي والتحالفات الإمبريالية، دون أن ينجرّ إلى "مستنقع" التعاون مع القوى والحكومات البرجوازية تحت عباءة "مناهضة للفاشية" زائفة و"مناهضة الإمبريالية" مزعومة. وهكذا، حافظ الحزب الشيوعي اليوناني على استراتيجيته المستقلة، ولم ينجرّ إلى خدمة الكتلة الإمبريالية الأوروأطلسية التي تروج للصراع ضد ما يُزعم أنه "مراجعة للقانون الدولي"، أو لخدمة الكتلة الأوراسية التي دخلت مدار صياغتها مع اقتراحها ﻠِ"هندسة عادلة جديدة للعلاقات الدولية" و"عالم متعدد الأقطاب".

لقد تمكَّن الحزب الشيوعي اليوناني من ذلك لأنه يمتلكُ جذوراً في الطبقة العاملة و خبرة تاريخية مديدة اﻷعوام، يدرسها ويستخلص منها استنتاجات من أجل صراعه المعاصر. وهكذا، و من خلال دراسة تاريخه وتاريخ الحركة الشيوعية الأممية، وتجربة البناء الاشتراكي والثورة المضادة في القرن اﻠ20، صاغ برنامجاً ثورياً. وقد تحصَّن الحزب عبر الاستنتاجات المستخلصة من تجربة استراتيجية المراحل الخاطئة، و من الجبهات المناهضة للفاشية بالاشتراك مع القوى البرجوازية، و من أسباب الإطاحة بالاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، ودافع عن حتميات البناء الاشتراكي. أي أنه تحصَّن بكل هذا، الذي  يبدو أن الحزب الشيوعي البيلاروسي يتجاهله خلال انتقاده للحزب الشيوعي اليوناني، مع تمسكه و اجتراره لمقاربات قديمة للحركة الشيوعية الأممية عفا عليها الزمن، من أجل تبرير تماهيه السياسي مع قيادة جمهورية بيلاروسيا البرجوازية، وصولاً لتبنيه تقييماً ركيكاً مفاده أن "الاشتراكية البيلاروسية"... تُبنى هناك اليوم. وهو تموضعُ يتعارض مع المبادئ الماركسية اللينينية ولا يملكُ أي أساس علمي، إذ من المعروف أن بناء الاشتراكية يتطلب عمليات ثورية، وسحق الدولة البرجوازية، وتشكيل مؤسسات ثورية جديدة للسلطة، و تملكاً اجتماعياً لِوسائل الإنتاج، و تخطيطاً علمياً مركزياً للاقتصاد، لا مجرد وجودِ  قطاع اقتصاد قوي مملوك من الدولة.

و في العام الماضي، قدَّم الحزب الشيوعي اليوناني نماذج من نشاطه داخل وخارج حدود البلاد. و عزز من تدخله النضالي، وازدادت قوته بنحو أبعد بفضل مواكبة قوى جديدة و اكتسابه خبرات قيّمة من المعارك التي خاضها. و لهذا السبب، فإننا نستقبل عام 2026 والمؤتمر اﻠ22 للحزب الشيوعي اليوناني بروح من المسؤولية والفخر، وتفاؤل واقعي نضالي، من أجل حقِّ نضالنا و الترويج لبرنامجنا، من أجل حياة خالية من الاستغلال والحروب الإمبريالية، مع كرامة ورخاء اجتماعي، وفق ما يليقُ  بالحاجات المعاصرة للطبقة العاملة و باقي القوى الشعبية والشباب، وفق ما يليق بالقرن اﻠ21.

نتمنى الصحة والعزم لجميع رفاقنا في البلدان الأخرى مع نجاحات في نضالاتهم، لكي يتعزز الصراع من أجل الاشتراكية الشيوعية في جميع أنحاء العالم!

عاشت الماركسية اللينينية والأممية البروليتارية!