جردة حساب اللجنة المركزية و تخطيطها الجديد

نستقبل المؤتمر اﻠ22 للحزب الشيوعي اليوناني بروح من المسؤولية والفخر، وتفاؤل واقعي نضالي، من أجل حقِّ نضالنا و الترويج لبرنامجنا، من أجل حياة خالية من الاستغلال والحروب الإمبريالية، مع كرامة ورخاء اجتماعي، وفق ما يليق مع الحاجات المعاصرة للطبقة العاملة و باقي القوى الشعبية والشباب، وفق ما يليق بالقرن اﻠ21.
قبل عام، ومع دخول اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني المرحلة النهائية قبل المؤتمر اﻠ22، كانت قد قدَّمت و بنحو ناجز قراراتها إلى الحزب بأكمله من أجل نقاشها، وهي المتعلقة بالتطورات على جبهات الحرب الإمبريالية ومهامنا، و بمسار بناء الحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية، والعمل الأيديولوجي والسياسي للحزب، ومسار صحيفة "ريزوسباستيس"، بالإضافة إلى استنتاجات عملنا في الحركة العمالية النقابية ونضالات الشعب. حيث شكلت هذه القرارات عناصر استعداد جوهري، و استيعاب أعمق لتقييمات واستنتاجات حاسمة لكي تُدرك بنحو أفضل ظروف نشاطنا، لكي نتجاوب مع غرض وجود الحزب. باعتبارنا طليعة أيديولوجية وسياسية، نرشد الطبقة العاملة لتحقيق رسالتها التاريخية، وهي تحريرها من قيود الاستغلال الرأسمالي، وبناء مجتمع اشتراكي- شيوعي جديد.
إن الموضوعات من أجل المؤتمر اﻠ22، التي ننشرها، تُرمِّز وتُدمج النقاش الغني الذي سبق إجرائه، من خلال الإجتماعات العامة المتكررة للمنظمات القاعدية الحزبية في جميع أنحاء اليونان والخارج. حيث نطمح، مع النقاش السابق للمؤتمر و أعمال مؤتمرنا ذاتها، إلى أن يتخذ الحزب خطوة أخرى كبيرة و راسخة في تطوير جميع خصائصه الثورية العصرية.
إن الموضوع المركزي للمؤتمر اﻠ22 هو الحزب. الحزب الذي يجب أن تكون وظيفته بالكامل، وحالة قواته، منسجمة بنحو كامل وبوتائر أسرع وأكثر نجاعة مع برنامجه الثوري ونظامه الداخلي، ليكون فعلاً "حزب السراء و الضراء"، "حزباً جاهزاً لكل شيء"، لا كشعار أو كهدف عام، بل هدفاً ينطبعُ في عمله و عطائه اليومي، موقظاً لضمير العمال والشعب، و مرشداً لصراع شعبنا من أجل الاشتراكية. تتعلق قدرة حزبنا وإعداده بكل من الاستعداد البرنامجي الاستراتيجي المقابل، و أيضاً بسياسته التنظيمية الحالية وعمله في الظروف الحالية، ضمن وحدة لا تنفصم.
حاسمة هي مسألةُ الجمع بين برنامجنا الثوري والنشاط اليومي الثوري في جميع القطاعات، في كل حلقات العمل الإرشادي. و خلاف ذلك، فحتى في وضع غير ثوري، كالحالي، ينبغي علينا القيام بعمل تحضيري ثوري وفق المنظور. يجب علينا القيام بعمل منهجي، وإقناع المزيد والمزيد من العمال و العاملات، من العاملين في القطاعين الخاص والعام، وكذلك ضمن الشرائح الشعبية الأوسع، بالقطع نهائياً عن الأيديولوجيا البرجوازية بكل صيغها (الليبرالية، الاشتراكية الديمقراطية، إلخ)، والانتهازية، وجميع الأحزاب البرجوازية، مهما كانت عباءتها و تكثيف و تعزيز نضالاتهم ومطالبهم وتحركاتهم الإضرابية والمظاهرات والحركة الثورية بكل قوتهم، دون ندم على التضحيات، ودون حدود لعطائنا من خلال تنظيم استعداد مواظب مديد اﻷعوام .
يستند التقييم الشامل لمسار الحزب و إسهام هيئاته الإرشادية وكوادره وأعضائه في هذا المسار، إلى ما إذا كان عملنا الإرشادي يتوافق مع الطابع الثوري الذي اكتسبه الحزب في برنامجه و نظامه الداخلي، وهي مسألة يجب تأكيدها باستمرار في كل مؤتمر، و بالتأكيد مع إثرائه بالتطورات نفسها وتعميم تجربة الصراع الطبقي. إن الخطوات الإيجابية الشاملة التي لا يُشكك بها، المسجلة في العديد من مجالات عملنا يجب ألا تُخفي أوجه الضعف والثغرات والنقائص، بهدف المواءمة الكاملة للحزب بمجمله مع برنامجنا الثوري.
إن السؤال الذي يُطرح ويجب أن يبقى ضمن انتباهنا باستمرار هو كيفية امتلاك الطابع الثوري الطليعي للحزب ضمن أدائه. حيث نركز على مسألة أداء المنظمة الحزبية القاعدية، لأن جميع أوجه الضعف الإرشادي تتجلى في هذا المستوى. حيث من المُثبت أن استعداد كل شيوعي و شيوعية وقدرتهم، وإرادتهم، وعملهم المتفاني، أينما كان، وفي جميع الظروف، هي عناصر عامة وإلزامية وموحدة. حيث الضروري أن يبرزوا كقادة شعبيين في موقعهم وفي بيئتهم، وأن يتركوا بصماتهم في كل مكان، مستعدين لمواجهة كل صعوبة.
و بالتالي، فإن المطلوب هو تنظيم العمل اليومي للحزب إجمالاً بنحو نوعي أفضل. لكي ننشط بين مئات الآلاف من العمال، والمزارعين الفقراء، والعاملين لحسابهم الخاص في المدن، الذين يعانون من النظام الرأسمالي، ومن ويلات الحروب والاستغلال والنهب الضريبي وغيرها الكثير من المشاكل، والتي، بعبارة أخرى، لا سبيل لهم للتحرر منها إلا بإسقاط الطبقة البرجوازية وتأسيس سلطة العمال، مع شرح ذلك بنحو محدد وبسيط ومفهوم للجماهير العريضة، لملايين جماهير الشعب. لكي نتحدث مبرزين خصائص المجتمع الاشتراكي الذي نخطط ونسعى لبنائه، مع شروط التخمير والإعداد اعتباراً من اليوم. و لكي نُعدَّ القوى العمالية الشعبية الحليفة الطليعية لاكتساب خبرة صدامات قاسية للصراع الطبقي.
ينشط الحزب الشيوعي اليوناني في اليونان، وأوروبا، وفي المنطقة الأشمل، في ظروف صعبة للغاية و تناسب قوى سلبي إجمالي، في النضال من أجل الإطاحة النهائية بالرأسمالية، من أجل بناء الاشتراكية - الشيوعية، النظام الوحيد القادر على وضع حد للحروب الإمبريالية والفقر والاستغلال واللجوء والاضطهاد.
2. التنمية غير المتكافئة واحتدام المزاحمة
3. مسار الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو
6. بؤر صراع وتوتر مهمة أخرى اليوم
7. التوجهات الاستراتيجية لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي
8. موقف الحركة الشيوعية الأممية في الحروب الإمبريالية
ب. اليونان في العالم الرأسمالي المعاصر
3. التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
4. التناقضات البرجوازية البينية
5. التدهور الإجمالي لوضع الشعب
6. تعاظُم عدوانية الطبقة البرجوازية اليونانية و تَعمق تورط اليونان في الحروب الإمبريالية
7. مسار العلاقات اليونانية التركية
ج. التفاعلات الجارية في النظام السياسي اليوناني البرجوازي
1. ضمن أية ظروف تُصاغ هذه التفاعلات
2. ما هي العناصر الأساسية للتفاعلات الجارية في النظام السياسي
3. تطورات رجعية في العدالة البرجوازية و مداخلة الحزب بها
4. خاصة فيما يتعلَّق بالإدارة المحلية والإقليمية
بعد انقضاء 35 عاماً على انقلابات الثورات المضادة، لا يزال تناسب الصراع الطبقي سلبياً على مستوى العالم، رغم مشاكل الرأسمالية وتفاقم تناقضاتها. حيث تمكَّنت السلطة الرأسمالية ليس فقط من احتواء قطاعات من الطبقة العاملة، والحركة النقابية العمالية، والشرائح الوسطى الشعبية، بل و أيضاً من احتواء أحزاب شيوعية. ومع ذلك، فإن التطورات نفسها تُظهرُ و بنحو متزايد، نظاماً هَرِماً، متعفناً، عفا عنه التاريخ الآن.
اتسعت الهوة القائمة بين الثروة المتركزة لدى المجموعات الاحتكارية والفقر النسبي والمطلق الذي تعاني منه الغالبية العظمى من العمال، خلال في الفترة التي نفحصها منذ المؤتمر اﻠ21 للحزب.
و بدلًا من استغلال الإمكانات التكنولوجية الجديدة والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي المتواجدة في أيدي رأس المال، من أجل إرضاء كامل الحاجات الاجتماعية المتوسعة، فهي تُسخَّرُ من أجل زيادة الربحية وتركيز رأس المال، وزيادة درجة الاستغلال، و التلاعب بالطبقة العاملة والشعب بنحو أشمل. حيث يقود تسخيرها الرأسمالي إلى تَعملقِ تناقضات النظام الرأسمالي نفسه.
إن تعزيز اتجاه الإفقار النسبي والمطلق والبطالة طويلة الأمد، وإلغاء استخدام الإمكانات العلمية والتكنولوجية الحديثة لحماية صحة الشعب، وتلبية حاجاته التعليمية، وحماية البيئة، يُبرز تفاقم التناقض الأساسي بين رأس المال والعمل، و بنحو أكثر إجمالاً، تفاقم مجموع التناقضات الاجتماعية في إطار النظام الرأسمالي.
يُبرز تباطؤ الاقتصاد العالمي في السنوات الثلاث الماضية، مقارنةً بالمعدل الوسطي الطويل الأجل المسجل خلال الفترة 2000-2019، الحجم الكبير لرأس المال المفرط تراكمه، والذي من غير الممكن إعادة رسملته واستثماره بنحو يضمن نسبة ربح مُرضية. و يُشكِّلُ الركود الاقتصادي في منطقة اليورو، خاصةً في ألمانيا، وكذلك في اليابان في آسيا، والتباطؤ الطفيف في الولايات المتحدة الأمريكية، وتراجع زخم النمو في الصين والهند، أوجهاً مميزة للوضع الفعلي للاقتصاد الرأسمالي الدولي.
ينشأ كِلا فرط تراكم رأس المال وظهور الأزمات دورياً، نتيجةً الأداء الطبيعي للاقتصاد الرأسمالي. ولا يشكلان انحرافاً عنه، وفق ما تريد إبرازه التحليلات البرجوازية. و يولدان من التناقض المتواجد في نواة وظيفة النظام الرأسمالي في مجال الإنتاج.
ثّبُتَ أيضاً في الفترة السابقة و عن جديد، أن ما من مقترح للإدارة البرجوازية، سواءً أكان كينزياً أم نيوليبرالياً، توسعياً أم انكماشياً، هو بقادرٍ على إلغاء حتميات الإنتاج الرأسمالي، عن إلغاء التناقض بين الطابع الاجتماعي للإنتاج والاستحواذ الرأسمالي على نتائجه، و هو الذي يُشكل التناقض الأساسي لنمط الإنتاج الرأسمالي والسبب الرئيسي لأزماته الاقتصادية.
أُعيد اختبار جميع خيارات الإدارة (كزيادة أسعار الفائدة ثم خفضها من قبل البنوك المركزية في المراكز الإمبريالية، وحزم المساعدات الحكومية الكبيرة ﻠ"التحول الأخضر")، وتأكّد لمرة أخرى، أنها لا تُخفّف من حدة التناقضات إلا مؤقتاً، ولا يُمكنها مواجهة التناقضات المتأصلة و المتعاظمة في النظام الرأسمالي.
في هذا الإطار، ومع التسليم بتفاقم التناقضات الإمبريالية البينية، يُروّج للانعطاف نحو اقتصاد الحرب والتحضير لحرب إمبريالية واسعة النطاق، بهدف تأجيل الأزمة الرأسمالية الكبرى القادمة عبر الاستثمار في اقتصاد الحرب، من جهة، وتهيئة الظروف لعملية منضبطة لخفض قيمة وتدمير رأس المال على نطاق واسع في مختلف بؤر الحرب، من جهة أخرى. ويُرفق هذا الانعطاف مع زيادة درجة استغلال العمال، و تخفيض الإنفاق على السياسات الاجتماعية، و تشديد الاستبداد والقمع في جميع المراكز الإمبريالية.
يَثبُتُ و لمرة أخرى أن ما من جريمة يتورع رأس المال الكبير عن ارتكابها، من أجل الحفاظ على سلطته وزيادة أرباحه.
ولنفس الأسباب التي تدفعه إلى تصعيد هجومه على دخل العمال وحقوقهم في فترة السلم الإمبريالي، فهو يخطط لجر الشعوب إلى ساحة المواجهات الحربية.
تؤكد جملة التطورات أن الرأسمالية هي نظام عفا عليه الزمن تاريخياً. و تضيء واقعة كون المنفذ التقدمي الوحيد لعصرنا هو الانتقال الثوري نحو الاشتراكية – الشيوعية.
تؤثر التنمية غير المتكافئة على تحول تناسب القوى، و يفاقم حدة التناقضات بين التحالفات الإمبريالية، و داخل التحالفات الحالية، و يُفاقمُ كذلك، التناقضات البرجوازية البينية في الدول الرأسمالية.
هذا و تسبَّبت المزاحمة الإمبريالية من أجل السيطرة على الثروات الباطنية، ومصادر الطاقة، والأراضي الخصبة، وموارد المياه، وطرق نقل الطاقة والسلع، وتأمين الركائز الجيوسياسية، وحصص الأسواق، في نشوبِ حربين إمبرياليتين إقليميتين، في أوكرانيا والشرق الأوسط، يتورط بهما بهذا الشكل أم سواه، عدد كبير من الدول الرأسمالية في العالم. إضافةً إلى ذلك، هناك عشرات البؤر الساخنة في جميع القارات، التي تسفك دماء شعوبها من أجل مصالح الاحتكارات والطبقات البرجوازية. و يجري ترتيب للتحالفات الإمبريالية وإعادة ترتيبها، و تحتدم التناقضات داخل صفوفها.
إن التشكيك في صدارة الولايات المتحدة الأمريكية و كتلة قوى الناتو والاتحاد الأوروبي في النظام الإمبريالي الدولي هو عنصر أساسي في الصراع على المستوى الدولي.
و مقابل التحالف الأوروأطلسي يبرزُ التحالف الأوراسي المتواجد قيد التشكُّل، و هو المطالب بموقع الصدارة من الولايات المتحدة الأمريكية في النظام الإمبريالي الدولي مع الصين ضمن قواه الرئيسية، وروسيا، التي لا تزال ثاني أعتى القوى الحربية. و على الرغم من تنوع الصيغ التي يتخذها هذا التحالف، فهو أقل "تبلوراً" من التحالف الأوروأطلسي (الولايات المتحدة الأمريكية - الناتو - الاتحاد الأوروبي)، حيث تُؤثر في ذلك أيضاً، التناقضات المتمظهرة في صفوفه وتدخلات التحالف الأوروأطلسي.
حيث تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تزال تحافظ على الصدارة، التصدي لاتجاه تحوُّل التناسب لصالح الصين. و ينطبعُ هذا الاتجاه في تراجع حصة الولايات المتحدة في الناتج الإجمالي العالمي والزيادة الكبيرة في حصة الصين في الفترة 2000-2025، وفي الفارق الكبير في معدل النمو بين الولايات المتحدة والصين، وفي العجز التجاري الأمريكي الكبير في التجارة الثنائية مع الصين والاتحاد الأوروبي، وفي الزيادة المذهلة في مديونية الدولة الأمريكية. حيثُ بدأت مؤسسات رأس المال المالي الدولية سلفا في خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.
و في هذا اﻹطار، تُعزز إدارة ترامب الجديدة بنحو هام الإجراءات الحمائية التي اتخذتها الإدارات الأمريكية السابقة، بزيادة التعريفات الجمركية، وتهدد بتصعيد الحرب التجارية، حتى مع حلفائها في المعسكر الأوروأطلسي. كما أنها تتخلى عن التزاماتها الدولية تجاه "التحول الأخضر"، وتُعزز استخراج احتياطات الهيدروكربونات. وتُسهّل تخفيضاً نسبياً في قيمة الدولار من اجل تعزيز الصادرات الأمريكية مع زيادة الضغط على الصين، بهدف منع توسع نفوذها وتعزيز تدفق رؤوس الأموال نحو الولايات المتحدة.
تسعى إلى تقويض نفوذ الصين في تحالف البريكس المتواجد قدر التشكُّل، من خلال محادثات ومفاوضات خاصة مع روسيا والهند، وإضعاف مشروع "طريق الحرير" الصيني، الذي يعزز روابط الصين الاقتصادية مع الدول الآسيوية والأوروبية.
تُفاقم السياسة الأمريكية التناقضات داخل المعسكر الأوروأطلسي، وتُؤدي إلى تدهور علاقات الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا. و تُفاقم التناقضات الأمريكية البرجوازية البينية، التي تنعكس أيضاً في التفاعلات الجارية ضمن النظام السياسي البرجوازي. و تزيد من احتمالات إضعاف الدولار كعملة دولية. و تُؤثر سلباً على التجارة الدولية معززة اتجاه تباطؤ الاقتصاد الرأسمالي الدولي.
و بالتوازي، اتخذت الصين سلسلة من الإجراءات لمواجهة ضغط السياسة الحمائية الأمريكية. فقد قللت من اعتمادها على السوق الأمريكية في صادراتها، وموّلت بسخاء تطوير التكنولوجيا الجديدة المحلية والاستهلاك المحلي. كما أنها تستفيد من مكانتها المتميزة في الإنتاج الصناعي وسلاسل التوريد، وخاصةً في مجال التحكم في العناصر اﻷرضية النادرة التي تلعب دوراً مهماً في قطاعات مهمة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كصناعة السيارات، والصناعة العسكرية، والديناميكا الهوائية. و هي تعزز تحالفها الاستراتيجي مع روسيا و زخم مجموعة البريكس، التي تضم الآن 10 دول و10 دول أخرى كشركاء متعاونين. ولهذا السبب، تضطر الحكومة الأمريكية على الرغم من تصريحاتها العدوانية في الحرب التجارية، إلى تقديم تنازلات - اتفاقيات مؤقتة مع الصين.
تُعدّ جمهورية الصين الشعبية اليوم المثال الأبرز على عملية إعادة تنصيب الرأسمالية بقيادة حزب شيوعي اندمج في السلطة الرأسمالية، مستغلاً إمكاناته لتوسيع تدخل الدولة في الاقتصاد، إلا أن تلك الواقع لم تُخفّف إطلاقاً من التفاوت الاجتماعي والاستغلال الطبقي في الصين، كما يجري في سائر أنحاء العالم الرأسمالي.
تتفوق دول البريكس الآن بنحو كبير على مجموعة الدول السبع الكبرى من حيث حصتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي والقوى العاملة. وقد أنشأت هذه الدول بنكاً تنموياً (NDB) وصندوقاً مشتركاً للاستجابة للطوارئ (CRA)، و تقدمُ على خطى من أجل تعزيز معاملاتها الثنائية بالاعتماد على عملاتها الوطنية لا على الدولار، إلا أن هيكلها لا يزال فضفاضاً، دون التزامات صارمة، ويشهد تناقضات داخلية (خاصة بين الصين والهند).
بإمكان احتدام التناقضات الإمبريالية البينية توسيع التصدعات القائمة في المحور الأوروأطلسي خلال السنوات القادمة. وتُسجَّل سلفاً اختلافات جوهرية، وتتزايد التباينات في المواقف تجاه الحرب في أوكرانيا، وبشكل أعم تجاه روسيا والصين والتعريفات الجمركية التجارية، والإنفاق العسكري، و تجاه "التحول الأخضر".
و يتراجع الاتحاد الأوروبي، ويشهد تراجعاً في مكانته ضمن المزاحمة الدولية مقارنةً بالولايات المتحدة والصين.
في ظل هذه الظروف، يتضاءل و باطراد احتسابُ الوسائل الدبلوماسية بالنسبة للدول البرجوازية، وتُعطى الأولوية للحروب التجارية والاقتصادية، وكذلك للجهوزية الحربية. ويُلاحَظ وجود نزوع أشمل نحو ما يُسمى باقتصاد الحرب.
يتواجدُ اقتصاد منطقة اليورو في ركود نسبي خلال السنوات الثلاث الماضية، بمعدل نمو لا يتجاوز 0.5%. تشير أكثر التوقعات تفاؤلاً إلى إمكانية الوصول إلى 1.1% عام 2025.
و يُسجَّلُ تراجعٌ في تنافسية الاتحاد الأوروبي مقارنةً بالولايات المتحدة الأمريكية والصين، ويعود ذلك إلى عدد من الأسباب: تكاليف طاقة أعلى، تأخر في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة عموماً، درجة أعلى في الانفتاح الاقتصادي مما يجعله أكثر عرضة للحرب التجارية، واعتماده الكبير على واردات المواد الأولية الأساسية (كالعناصر اﻷرضية النادرة).
إن التصعيد المحتمل للحرب التجارية من قبل الحكومة الأمريكية في ترابط مع الارتفاع النسبي لقيمة اليورو مقابل الدولار، والارتفاع النسبي في أسعار الطاقة، سيؤثر سلباً على صادرات السلع من منطقة اليورو.
و فوق هذه اﻷرضية، تتفاقم التناقضات البرجوازية البينية داخل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (كفرنسا وألمانيا وهولندا) وبين الدول بسبب الاختلاف الموضوعي في وضع مالياتها العامة، واختلاف عواقب تطبيق "التحول الأخضر" والانعطاف نحو اقتصاد الحرب، ومعاملة مسألة الهجرة، و بنحو أشمل نظراً لتأثير التنمية الرأسمالية غير المتكافئة. هذا و تجاوزت تسع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، سلفاً حدود ماليتها العامة (كفرنسا وإيطاليا وبلجيكا). وتتعلق الخلافات أيضاً بالموقف تجاه سياسة ترامب، وكذلك تجاه روسيا والصين (كالمجر وسلوفاكيا وبولندا).
و في أي حال، فإن الاتحاد الأوروبي يسير على طريق الرجعنة اﻷبعد. حيث يشترطُ تنفيذ توجهات الاتحاد الأوروبي تصعيد الهجمة على دخل الشعب وحقوقه، وتوسيع علاقات العمل المرنة وحدود سن التقاعد، وتخفيضات جديدة في الإنفاق على السياسات الاجتماعية (مثل: مجال الصحة)، وزيادة الفقر النسبي والمطلق للعمال.
و في الوقت نفسه، تُبرز قيادة الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي تصعيد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، باعتباره فرصة لتسريع محاولات تامين "الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي". و على وجه التحديد: يحاول الاتحاد الأوروبي تحسين مكانة اليورو كعملة دولية، وعكس تدفقات رأس المال (من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي) وتوسيع تحالفاته الدولية.
حيث ينضوي ضمن هذا اﻹطار الانعطافُ نحو اقتصاد الحرب وتعزيز القوى العسكرية للاتحاد الأوروبي. و يترافقُ هذا التحول مع زيادة كبيرة في تمويل الاتحاد الأوروبي وإعادة توزيعه في اتجاه تكييف العديد من قطاعات الاقتصاد والبحث العلمي مع اقتصاد الحرب (مشروع "ReArm Europe" لاستخدام ما يصل إلى 800 مليار يورو، والأداة المالية SAFE، وغيرها).
وبالتأكيد، فإن الانعطاف نحو اقتصاد الحرب ينطوي على تناقضات، ما دام موقف الاتحاد الأوروبي في التناقضات الإمبريالية البينية، و كون الغالبية العظمى من دوله الأعضاء أيضاً أعضاءاً في حلف الناتو (باستثناء أيرلندا وقبرص ومالطا)، يقودانه إلى شراء أنظمة أسلحة أمريكية و إلى تعزيز الصناعة الحربية الأمريكية. و بالتوازي، فإن هذا الانعطاف يُفاقم تناقضات تتعلق بالتوزيع الجديد لأموال الاتحاد الأوروبي (مثلًا فيما يخص القطاع الزراعي، و"التحول الأخضر")، وكذلك حول أسلوب التمويل (كمثال أشكال الاقتراض المشترك) وتوزيعها.
أبرز حزبنا بنحو ناجز الطابع الإمبريالي للحرب في أوكرانيا على كلا الجانبين. و سجَّلَ أن شعب أوكرانيا يدفع ثمن مزاحمات وتدخلات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، اللذين يدعمان حكومة زيلينسكي من جهة، وروسيا الرأسمالية من جهة أخرى. و أن ذلك هو ذروة عملية بدأت مع الإطاحة بالاشتراكية و اشتدت على الأقل خلال السنوات العشر الماضية، عقب أحداث ساحة "ميدان" السيئة الصيت، التي أسندت من جانب قطاع من القوى البرجوازية الأوكرانية و كذلك من جانب الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ودول رأسمالية أخرى، وأدت إلى إسقاط الحكومة الأوكرانية، و إلى وقوت اعتداءات على الشيوعيين والسكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا، و إلى حظر سائر الأحزاب السياسية التي لا تدعم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
هذا و عرض الحزب الشيوعي اليوناني للشعب كيفية تراكم "وقود" الحرب. مبرزاً مسؤوليات الطبقات البرجوازية لجميع القوى المتورطة و رافضاً ذرائعها، مع تقديمه الردود ضد تشويه التاريخ الجاري بنحو مناهض للشيوعية والسوفييت، هو تشويهٌ ينخرطُ ينخرط فيه كلا الجانبين المتحاربين. وشدّد على ضرورة الصراع المشترك للشعوب، واصطدم بالتورط المتعدد الأوجه لليونان في الحرب، الجاري بمسؤولية من حكومة حزب الجمهورية الجديدة و سائر الأحزاب اﻷوروأطلسية.
خلال السنوات الثلاث والنصف لهذه الحرب، فقد مئات الآلاف من الأوكرانيين والروس من كلا الجانبين حياتهم، يأتي معظمهم من شباب الطبقة العاملة و الشرائح الشعبية الفقيرة. و نزح ما يقارب 25 مليون شخص من ديارهم. حيث هائلٌ هو تدمير المساكن والبنية التحتية العامة، و تتزاحم الدول الرأسمالية والاحتكارات فوق الأنقاض من أجل "إعادة بناء" أوكرانيا باعتبارها "فرصة استثمارية" ستصل كلفتها مئات المليارات من اليورو، سيدفع الشعب ثمنها باهظاً.
تمكنت البرجوازية الروسية من الاستيلاء على 20% من أراضي أوكرانيا، وتسعى إلى دمج أوكرانيا بهذا اﻷسلوب أم سواه في تحالفاتها الإمبريالية، رادعة انضمام اﻷخيرة إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي. وكهدف وسيط، تُبرزُ القيادة الروسية حالياً نزع سلاح أوكرانيا وعدم انضمامها إلى الناتو، مع اعترافها في الوقت نفسه بخسارة الأراضي التي استولت عليها روسيا في ساحات المعارك.
وتسعى الطبقة البرجوازية الأوكرانية وحلفاؤها الأوروأطلسيون إلى انسحاب روسيا من جميع الأراضي الأوكرانية، مع ترويجها لِمشاركة الناتو بنحو أعمق في الحرب في توازٍ مع دعوة أوكرانيا إليه.
تدعو رئاسة ترامب إلى تسوية الصراع، دون حل أسبابه، بل من خلال بناء "سلام" مؤقت يمنح اﻷراضي من أجل ربحية الاحتكارات من إعادة الإعمار، ويسمح للولايات المتحدة بتوسيع تعاونها السياسي والاقتصادي مع روسيا، مع إحداثِ شرخٍ في الكتلة الأورواسية المتواجد قيد التشكُّل، سعياً منها إلى تركيز قواها في المواجهة مع الصين، وإعادة ترتيب التوازنات العالمية التي تحكم علاقات التبعية المتبادلة غير المتكافئة في "الهرم" الإمبريالي. هي إعادة ترتيب ينبغي بناءاً على الخطة الأمريكية أن تُفضي إلى عكس اتجاه تقليص نفوذها الحالي.
تُعارض هذه الخطة الدوائر المهيمنة في الاتحاد الأوروبي، التي ترى أن مصالحها الخاصة لا تُؤخذ في الاعتبار. كما و تعارضها قطاعات من رأس المال الاحتكاري و الطبقات البرجوازية لدول أخرى، لها مصالح في استمرار الصراع العسكري وسياسة العقوبات ضد روسيا. إنها مسألة تُفاقم أيضاً من حدة المواجهات داخل اﻹتحاد.
إن تأجيج التناقضات وإعادة ترتيب التحالفات الإمبريالية، على أساس تطور الصدام الإمبريالي والتناقضات الإمبريالية الأشمل، بنحو يحوِّل أعداء الأمس إلى حلفاء والعكس صحيح، ليس شيئًا بمفارقة أو أمراً غير مسبوق، بل هو خاصية مشتركة للحروب الإمبريالية.
و سواء إذا ما استمرت الحرب أم تم التوصل إلى تسوية "سلمية" مؤقتة، فإن أسباب الصدام لا تزال حاضرة، حيث يقف التصعيد وخطر التعميم بالمرصاد، وتبقى الظروف مهيأة لكارثة إنسانية وبيئية كبرى، علماً أن القوى المتصادمة تستخدم أسلحة متطورة باطراد وأبعد مدى، و حتى في معارك تُخاض بالقرب من محطات الطاقة النووية. و يشتدُّ خطر الكارثة النووية أيضاً لأن روسيا، وكذلك الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي المتورطة في الصراع إلى جانب أوكرانيا، كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، تندرجُ ضمن أعتى القوى النووية في العالم.
بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبذريعة هجوم حماس، شنّت آلة الحرب الإسرائيلية عمليةً ضخمة ضد قطاع غزة، أسفرت عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من الأبرياء والعُزّل، من أطفال ونساء وشيوخ.
وقف حزبنا باتساق إلى جانب الشعب الفلسطيني، مُنظّمًا تحركات جماهيرية، مطالباً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ما قبل حزيران\يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. و خضنا معركةً حاسمةً في المواجهة الأيديولوجية مع ذريعة مكافحة "الإرهاب" أو ما يُشاع عن "حق الدفاع عن النفس" لإسرائيل، وغيرها من الذرائع التي استدعتها الدعاية البرجوازية المهيمنة، بدعم من الحكومة والأحزاب البرجوازية الأخرى، و كذلك ضد الحجج التي يستخدمها الطرف الداعم للمحور الإمبريالي الأوراسي المتواجد قيد التشكل.
لقد استنكرنا وحاربنا موقف الحكومة اليونانية التي ترفض تنفيذ قرار البرلمان اليوناني الذي أقرَّ بالإجماع عام 2015 للإعتراف بالدولة الفلسطينية و"تغسل" جرائم إسرائيل، في تنفيذٍ لاستراتيجية الطبقة البرجوازية للبلاد، التي كانت قد رسمت خطاً للتعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري مع إسرائيل، منذ عهد حكومة حزب الباسوك و رئيس وزرائها يورغوس باباندريو، و توسيع اتفاقيات التعاون لاحقاً من قبل حكومة أندونيس ساماراس (ائتلاف حكومي لأحزاب: الجمهورية الجديدة، الباسوك و اليسار الديمقراطي). هذا و فاوضت حكومة سيريزا – اليونانيين المستقلين و رئيس وزرائها ألِكسيس تسيبراس واتفقت على شروط توقيع اتفاقية التعاون الدفاعي مع إسرائيل، والتي جرى إقرارها في نهاية المطاف من قبل حكومة حزب الجمهورية الجديدة و رئيس وزرائها/ كيرياكوس ميتسوتاكيس.
إن تعزيز التضامن مع الشعوب التي تناضل ضد الخطط الإمبريالية للولايات المتحدة وحلف الناتو، كشعب فلسطين، هو مسألة ذات أهمية أيديولوجية وسياسية.إن الطابع الإمبريالي للحرب في منطقة الشرق الأوسط، والطابع البرجوازي لمنظمة حماس والسلطة الفلسطينية، لا يُلغي حق الشعب الفلسطيني وسائر شعوب المنطقة في الصراع، و هي الشعوب التي تقاوم و تكافح ضد الاحتلال الأجنبي والمخططات الإمبريالية الأخرى، و باستطاعتها في إطار هذا النضال صياغة المقدمات من أجل التحرر النهائي من نظام الاستغلال والحروب. إن الدفاع عن نضال الفلسطينيين وحقهم في امتلاك وطنهم هو مسألة تضامن أممي، و هو يتطلب قيام جبهة ضد تهم ما يُشاعُ عن "الإرهاب" و"الإرهابيين" التي تطلقها الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي وإسرائيل، وكذلك، ضد البدعة التي تُطابقُ أي انتقاد ضد دولة إسرائيل بمعاداة السامية.
و عدا احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، فهي تحتل أراضٍ للبنان وسوريا، تسمح لها بين أمور أخرى، بالسيطرة على جزء كبير من موارد المنطقة المائية واستغلالها بنحو تفضيلي.
وتهدف إلى فرض تخطيط أوسع في المنطقة، إما من خلال اتفاقيات اقتصادية على غرار "إبراهام" أو من خلال "سوط" العدوانية العسكرية، من أجل إبرازِ إسرائيل قوة رئيسية في منطقة شرق المتوسط و الشرق الأوسط بأكملها، بما يتفق مع أهداف الطبقة البرجوازية الإسرائيلية ومصالح الولايات المتحدة. ويرتبط هذا المسعى برسم "طريق التجارة الهندي"، الذي سيمر عبر الموانئ الإسرائيلية وصولاً إلى اليونان وأوروبا، مُسهِّلا على الولايات المتحدة خططها الرامية إلى إشراك الهند بنحو كامل في مزاحماتها مع الصين وإيران.
تتغطى قوى إقليمية أخرى (إيران وتركيا) نفسها بعباءة "حماية" الشعب الفلسطيني، ممتلكة تخطيطها الخاص، كالمطالبة بحصة من "فطيرة" طرق شحن البضائع والطاقة من آسيا إلى أوروبا.
و تتستر مصالح مماثلة لرأس المال وراء مواقف الطبقات البرجوازية الأخرى في المنطقة (لمصر، السعودية، الإمارات، قطر، و غيرها).
أدت مزاحمات هذه القوى إلى تبادل ضربات بين إسرائيل وإيران واليمن، وإلى الغزو الإسرائيلي للبنان واحتلاله أراض له، و كذلك، إلى إسقاط نظام الأسد في سوريا من قبل الجهاديين الذين دربتهم وسلحتهم تركيا. و تتشابك مع هذا التطور أيضاً مسألة الكرد، التي تجري محاولات لتسخيرها في تخطيط متباين على حد السواء من جانب إسرائيل وتركيا، حيث تعزز اﻷخيرة حضورها في سوريا، وتواصل الأعمال العدوانية لطبقتها البرجوازية عبر مطية "العثمانية الجديدة".
و يبقى تدخل الولايات المتحدة قوياً، داعماً لإسرائيل وممالك الخليج، و ساعياً إلى ترتيب للمواجهة الإسرائيلية التركية في سوريا و لمسألة البرنامج النووي الإيراني، مع تحويل المسألة الكردية لأداة في خدمة أهدافها.
تُظهر جميع هذه المعطيات أن المنطقة لا تزال "رمالاً متحركة" للمزاحمات الإمبريالية، مع صياغة ظروف للمزيد من تصعيد الحرب في الشرق الأوسط والمنطقة اﻷشمل. في هذا اﻹتجاه سار العدوان الجوي والصاروخي المُخطط له من قِبل إسرائيل على إيران في 13 حزيران\يونيو 2025، الذي تبعه عدوان الولايات المتحدة التي استخدمت قاذفات ثقيلة وقنابل عالية الطاقة ضد إيران في 22 حزيران\يونيو 2025، بذريعة برنامجها النووي، ولكن بهدف حقيقي يتمثل في الترويج لِمشروع "الشرق الأوسط الجديد" والسيطرة الخانقة على المنطقة اﻷوسع.
ينتقلُ ثقل الولايات المتحدة الذي ترميه في مزاحمتها مع الصين إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ و بحر الصين الجنوبي، الذي يعتبر شرياناً ملاحياً هاماً يمر عبره ثلث الشحن البحري، و إلى مضيق تايوان و تشكل هذه المنطقة بؤرة توتر أساسي.
كما و تُشكِّلُ الممرات البحرية في بنما وغرينلاند والقطب الشمالي بؤراً للتوتر.
كما و يتخذ الصدام بين باكستان والهند، وهما دولتان تمتلكان ترسانات نووية، أبعاداً أوسع.
هذا و تدورُ على مقربة من بلدنا حربان أهليتان مسلحتان، في ليبيا والسودان، أوديتا بحياة عشرات الآلاف وجعلتا حياة ملايين آخرين غاية في الصعوبة. تتداخل في هذه الصدامات الطبقات البرجوازية لدول رأسمالية مجاورة و متاخمة، بالإضافة إلى قوى إمبريالية أعتى. و يتمثل الموضوع هنا أيضاً، في اقتسام الثروة الباطنية (كمثال النفط واليورانيوم والذهب)، وطرق شحن السلع (كالموانئ)، والركائز العسكرية (كالقواعد العسكرية الأجنبية)، بينما يتمثل عامل قويٌ في الصدام الدائر في السودان، في السيطرة على مياه النيل.
هذا و لا تُستثنى أية منطقة من المزاحمات الشرسة، كما يتضح من تحركات ترامب ضد كندا والمكسيك وبنما وفنزويلا، في الوقت الذي تُقدّم فيه الأخيرة على مطالبات إقليمية ضد غويانا بشأن منطقة إسيكيبو المنتجة للنفط.
تشتدُّ تناقضات الطبقات البرجوازية أيضاً في كل من البلقان والقوقاز، مع تورط دول إمبريالية أعتى، مما قد يُسبب سفك دماء الشعوب.
تعكس استراتيجية الناتو احتدام المزاحمات بين الولايات المتحدة والصين والولايات المتحدة وروسيا، ومتطلبات الحرب الجارية في أوكرانيا. ويجري تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لحلف الناتو 2030، وتشكيل وحدات عسكرية متعددة الجنسيات جاهزة للحرب، مع تحديث ترسانتيه التقليدية والنووية، وإعادة تخطيط أنشطته في اتجاه تشكيل "حلف شمال أطلسي عالمي" سيكون قادراً على التدخل في جميع أنحاء العالم. وتتعزز علاقاته مع اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية والهند. و يجري تعزيز الجناح الجنوبي الشرقي (البحر المتوسط و الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلخ)، وتوسيع "شراكاته" مع دول هذه المناطق، وتحسين "قدرته على الحركة" من أجل نقل قوات الناتو وأسلحته إلى جبهات الحرب أو جبهات الحرب المحتملة. وتتمثل عناصره استراتيجيته الرئيسية في:
من أجل إرضاء حاجات ومصالح الاحتكارات الأوروبية في ظل المزاحمة الرأسمالية الدولية، و من أجل تعزيز مكانته في النظام الإمبريالي العالمي، ينشطُ الاتحاد الأوروبي في تعاون مع حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية، و بنحوٍ مستقل أيضاً في الحروب والتدخلات الإمبريالية. و على أساس "السياسة الخارجية والأمنية المشتركة" و"السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة"، يواصل المضي في إنشاء بعثات وعمليات عسكرية ومدنية في مناطق عديدة من العالم. وفي ظل مناخ من التناقضات الداخلية، تُرسى أسس ما يسمى بالاستقلال الاستراتيجي، مما يضيف أسلحة جديدة إلى ترسانة الاتحاد الأوروبي.
و على أي حال، فإن العنصر اﻷساسي لهذه الفترة هو انعطافُ الاقتصاد الرأسمالي الأوروبي نحو الحرب، أي اقتصاد الحرب، و تعزيز الصناعة العسكرية في إطار ذلك. حيث حاسمٌ هو تحويل مساعدات الاتحاد الأوروبي من "النمو الأخضر" نحو الصناعة العسكرية، وهو تحول يتعلق و على حد السواء بحدود "النمو الأخضر" كمجالٍ لتنفيس رأس المال المفرط في التراكم، و بالاستعداد لتورط حربي مستقبلي. و يُسجَّل أن هذا التحول لا يعني بالطبع "التخلي" عن سياسة "النمو الأخضر"، بل بالأساس إعادة تكييف المساعدات والاستثمارات في الفترة المقبلة. في إطار الاقتصاد و الاستعداد الحربيين، يجري بين أمور أخرى تطبيق ما يُسمى بالكتاب الأبيض الذي يحتوي على لائحة Safe للاتحاد الأوروبي، التي تنص على إقراض بقيمة 150 مليار يورو، لصالح الصناعة العسكرية في الدول الأعضاء ودول أخرى، مما يخلق مجالاً جديداً للمزاحمات التي تؤثر أيضاً على العلاقات بين اليونان وقبرص وتركيا.
سبَّبت الحرب الإمبريالية في أوكرانيا انقسامات أيديولوجية وسياسية جديدة وعمَّقت انقسامات قديمة. ترى الآن أحزاب شيوعية كانت في السابق تُطابِق الإمبريالية فقط بالسياسة الخارجية العدوانية للولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الرأسمالية العاتية في أوروبا، مع تجميلها دور دول رأسمالية أخرى، في روسيا أو الصين وإيران ما يُزعم أنها "قوى معادية للإمبريالية" أو حتى "محوراً معادياً للإمبريالية" وهمياً.
تتجاوزُ هذه القوى بنحو تعسفي وغير علمي التناقضات الإمبريالية البينية والمزاحمات المقابلة لها، والتي تُشكل السبب الأساسي للحروب الإمبريالية، وتُقدّر أن هناك تشكُّلٌ لعالم "عادلٍ" و"سلمي" و"متعدد الأقطاب" عاجلًا أم آجلًا، و يدعم بعضها الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي، معتبراً هذه القوى "أقطاباً جديدة" و"نداً منافساً" للولايات المتحدة الأمريكية، مع مُطابقة تطلعات الطبقات البرجوازية لهذه الدول أو الاتحادات مع مصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية في بلدانها.
هناك مسألتان بالغتا الأهمية:
أ) طابعُ الصين: إن اﻷحزاب الشيوعية التي لا ترى طابع الصين الرأسمالي - نظراً لاتساع قطاع الدولة في اقتصادها و لاسم الحزب الحاكم - تواجهُ تناقض الصين مع الولايات المتحدة الأمريكية على موقع الصدارة في النظام الرأسمالي العالمي باعتباره صراعاً بين "الاشتراكية والرأسمالية".
ب) إن الأحزاب التي تحتوي استراتيجيتها على منطق المراحل في العملية الثورية، و التي ترى تدخل ما يُفترض أنه مرحلة مؤيدة للشعب قبل الاشتراكية، وتنظر إلى الفاشية على أنها "انحراف عن الديمقراطية البرجوازية" وليست وليدة الرأسمالية و ربيبتها، هي أحزابٌ ميالة نحو خطاب "مناهض للفاشية" يُترجم في رؤى "جبهات مناهضة للفاشية" و"حرب مناهضة للفاشية"، تُستغل من قبل قوى و حكومات برجوازية من أجل الترويج لأهدافها المناهضة للشعب، و لِتحالفاتها السياسية، وحتى لِعملياتها الحربية. إن الحفاظ على استراتيجية المراحل يقود هذه الأحزاب إلى اعتبار خاطئ لسلسلة من الحكومات البرجوازية ذات التوجه الاشتراكي الديمقراطي، حكومات "تقدمية - مناهضة للإمبريالية".
أثرت الحرب الإمبريالية في أوكرانيا على صيغ التعاون الأممي التي يشارك فيها حزبنا. كان على المجلة الشيوعية الأممية أن تمر بمرحلة إعادة تشكيل، بينما تم تشكيل صيغة النشاط الشيوعي الأوروبي، بدلاً من المبادرة الشيوعية الأوروبية التي تم حلها. و تعزز الصراع الأيديولوجي السياسي في إطار اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية والعمالية، التي أقيمت في هافانا (2022) وإزمير (2023)، حيث أعربَ عنه في تموضعات الأحزاب الشيوعية وفي قرارات منفصلة.
إشكاليٌ للغاية هو وضع اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية والعمالية، فقد ضعفت بنحو هام مسائلُ العمل المشترك والتضامن، مع وجود حالات نموذجية كتلك المحيطة بالحزب الشيوعي الفنزويلي والتضامن مع شعوب الشرق الأوسط. و يتشكَّل وضعٌ يُهدد استمراريتها، في حين تنشأ و بمشاركة أحزاب شيوعية صيغ ("منصات" و"منتديات") تغسلُ و تُبيض مخططات إمبريالية وتسعى إلى جرّ الحركة الشيوعية نحو خدمة المحور الإمبريالي الأوراسي المتواجد قيد التشكل، على غرار حزب اليسار الأوروبي، الداعم للاتحاد الأوروبي الإمبريالي.
يتدخَّلُ حزبنا في هذا الوضع الصعب والمعقد، داعماً الأحزاب الشيوعية التي نتعاون معها، ناشراً مواقفه بشأن الحرب الإمبريالية وسلسلة من القضايا الحاسمة الأخرى، من أجل فتح نقاش ضمن صفوف الأحزاب الشيوعية و منظمات الشباب الشيوعي.
إلى جانب الأحزاب التي نتعاون معها بشكل وثيق، هناك أحزاب شيوعية في جميع القارات، نحافظ معها على علاقات جيدة، و ترصد معالجات حزبنا و تقيّم نشاط الحزب الشيوعي اليوناني بإيجابية.
المطلوب:
و بنحو خاص نسعى نحو العمل والتعاون المشترك مع الأحزاب والقوى الشيوعية التي تستوفي المعايير التالية:
أ - تدافع عن الماركسية - اللينينية والأممية البروليتارية و عن حاجة تشكيل قطب مماثل.
ب - تكافح الانتهازية والإصلاحية، و ترفض إدارة يسار الوسط للرأسمالية و كافة أشكال اﻹدارة البرجوازية و المشاركة و دعم الحكومات البرجوازية و كافة تلاوين استراتيجية المراحل.
ج - تدافع عن حتميات الثورة و البناء الاشتراكيين. و وفق هذه الحتميات تحكم على مسار البناء الاشتراكي، و تسعى في نفس الوقت إلى البحث في مشاكله و أخطائه وإدراكها و إلى استخلاص الدروس منها، و ترفض الأطروحات بشأن "الاشتراكية مع سوق" أو إنكار حتميات البناء الاشتراكي بسبب الخصوصيات الوطنية.
د – تدين الحرب اﻷمبريالية و تبرز مسؤوليات كل أطرافها الطبقات البرجوازية. و تمتلك جبهة أيديولوجية ضد الرؤى الخاطئة عن الإمبريالية، و خاصة ضد تلك التي تفصل العدوانية العسكرية - الحربية عن المحتوى الاقتصادي للإمبريالية، و تقيم جبهة ضد سائر التحالفات الامبريالية و لا تقوم بالاختيار بين أحد طرفي الصدام اﻹمبريالي.
ه - تُطوِّر روابط مع الطبقة العاملة، و تحاول أن تنشط في الحركة النقابية و حركات القطاعات الشعبية من الشرائح الوسطى وتسعى إلى دمج الصراع اليومي من أجل الحقوق العمالية الشعبية في استراتيجية ثورية عصرية من أجل السلطة العمالية.
و - لا تفصل الصراع ضد الحرب والفاشية عن الصراع ضد الرأسمالية، التي تلدُ الحرب والفاشية. و ترفض "مناهضة الفاشية" الزائفة و مختلف "جبهات مناهضة الفاشية" التي تستخدمها القوى البرجوازية والانتهازية لإيقاعهم في فخ مخططاتها.
أسهمت منظمات الحزب في الخارج بعطاء كبير في دعم و ترويج سياسة الحزب الشيوعي اليوناني في البلدان التي تناضل فيها، ويمكنها اليوم أن تُسهم بنحو أكثر جوهرية في تطوير الحركة الشيوعية والعمالية. إن الأساس الموضوعي لهذا التوجه السياسي هو أن أعضاء الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية اليونانية في الدول الأجنبية يواجهون نفس المشاكل، أو مشاكل مشابهة، التي تواجهها بقية القوى العمالية الشعبية في البلدان التي يقيمون ويعملون ويدرسون فيها.
يتواجدُ الاقتصاد المحلي في مرحلة نمو بعد الأزمة الرأسمالية العميقة التي تمظهرت بين عامي 2008 و2015، وفترة الركود التي تلتها، والأزمة الأصغر بين عامي 2020 و2021. ومع ذلك، و رغم ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض معدل البطالة على مدى السنوات الأربع الماضية، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي لا يزال أدنى من نظيره لِعام 2008، وكذلك إجمالي عدد العاملين. و بالتوازي، لا يزال النمو الرأسمالي غير ذي يقين على المدى المتوسط و الطويل، نظراً لارتباط الاقتصاد المحلي بنحو وثيق باقتصادات بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث من المتوقع أن يكون لأي ركود اقتصادي جديد في الاتحاد الأوروبي نتائجه السلبية على الاقتصاد الرأسمالي المحلي.
و على الرغم من نمو الاقتصاد اليوناني بوتيرة أسرع من المعدل المتوسط للاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي، إلا أنه لا يزال في المركز الأخير في الاتحاد الأوروبي من حيث إنتاجية العمل ومؤشر الاستثمار كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. حيث تتركز الاستثمارات في السياحة والإطعام، وفي استبدال رأس المال الذي يتعلق بتغيير علاقات العمل وممارساته، وخاصة فيما يتعلق ببطاقة العمل الرقمية ومكافحة العمل المعلن عنه بنحو ناقص أو غير المعلن عنه. اتسع عجز الحساب الجاري، وخاصةً عجز الميزان التجاري. وتعززت الاتجاهات الأساسية لزيادة العمل المأجور وتوسع المجموعات الاحتكارية خلال السنوات الأربع الماضية.
هذا و قادت السياسة البرجوازية والنمو الرأسمالي في السنوات الأخيرة إلى تحول نسبي في هيكلة قطاعات الاقتصاد المحلي، مقارنةً بهيكلته في الفترة 2000-2008. إن تعزيز قطاع السياحة وتراجع قطاع البناء - على الرغم من نموه الكبير أيضاً - هي أهم التحولات التي تنعكس على الاقتصاد إجمالاً، مع تكيفات في جميع القطاعات ذات الصلة.
حيث يشكِّلُ قطاع السياحة الآن، القطاع الأكثر إسهاماً في الناتج المحلي الإجمالي، و هو الذي يجرُّ العديد من القطاعات الأخرى (الأغذية والمشروبات، والنقل)، في حين يشكِّلُ قطاع التصدير الرئيسي للاقتصاد المحلي. هذا و تتعلق النسبة المئوية الحاسمة للوظائف الجديدة في السنوات الخمس الماضية، بقطاع السياحة الأوسع.
كما سجل قطاع مشتقات البترول صادرات كبيرة. كما و تعزز قطاعا الكهرباء والاتصالات بنحو كبير، مما يعكس سياسة التحول الرقمي الأخضر، في حين يبدو أن قطاع المعادن الأساسية قد تعزز أيضاً، ويرجع ذلك أساساً إلى علاقته بالطاقة (الكابلات والأنابيب).
هذا و يظل النقل البحري للبضائع (الشحن) عماداً أساسياً للاقتصاد اليوناني.
كما يظل قطاع الإنتاج الزراعي هاماً للاقتصاد الرأسمالي المحلي، و على عكس مساره في معظم دول الاتحاد الأوروبي، يبقى قطاع التجارة - خاصة في أشهر الشتاء - أكبر جهة توظيف.
لا يقتصر تورط البلاد في الحرب والاستعداد لها بشكل عام على الصناعة الحربية بذاتها (الأسلحة، الذخيرة والحرب الألكترونية)، ولا على نطاق أوسع على طيف الشركات التي تنتج سلعاً مفيدة للحرب (كالإطعام والبناء وما إلى ذلك). يتعلق اقتصاد الحرب في نهاية المطاف بالإعداد العام و ﺑ"إلحاق" العديد من القطاعات بالحرب. تشارك البلاد بنشاط في حرب الطاقة والتجارة وفي العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، والتي لها تأثير سلبي كبير على أسعار الطاقة، بينما تشارك في الدعم الاقتصادي والمادي لأوكرانيا.
و بالتوازي، وبصفتها عضواً في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، تتورط البلاد بنحو أعمق في المواجهة الدولية الشاملة بين الكتلتين الرئيسيتين الولايات المتحدة الأمريكية - حلف شمال الأطلسي / الصين - روسيا، والتي تمتد من العناصر اﻷرضية النادرة والتفوق التكنولوجي وصولاً إلى إعطاء الأولوية لطرق الشحن. و يتميز تفاقم التناقضات المتعلقة بالسيطرة على الموانئ المحلية (كمينائي ثِسالونيكي و فولوس) و حول تنفيذ مسارات الطاقة من الشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي (كمشاريع البحر الكبير، و غريغي، وشرق المتوسط) أيضاً داخل الاتحاد الأوروبي (كالممر العمودي). و بنحو أعم فإن الاستخدام المزدوج (السياسي-الاقتصادي والعسكري) لبعض البنى التحتية (النقل، والموانئ، والاتصالات، وخطوط أنابيب الطاقة، إلخ) إلى جانب أهميتها الجيوسياسية، يُعيدان ترتيب أولويات الترويج لهذه البنى، مع إثقال كاهل الطبقة العاملة والطبقات الشعبية بتكاليفها في كل الحالات.
رُوِّجَ في السنوات الخمس الماضية لرقمنة سريعة بذات القدر لجوانب في الاقتصاد و التجارة الإلكترونية، وكذلك في إدارة الدولة، حيث تمثل الدولة البرجوازية الرقمية رأس حربة. باستطاعة الدولة البرجوازية الرقمية أن توظف بفعالية أكبر لصالح رأس المال، على حساب القوى الشعبية، مما يُسهّل الترويج لتحولات رجعية، على سبيل المثال في مجال الضرائب (myData). و بالتوازي، يتسع نطاق تنازلات الدولة البرجوازية واستغلالها للبيانات من أجل صالح المجموعات الاقتصادية المحلية والأجنبية.
تُستغل التقنيات الجديدة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، من قبل سلطة رأس المال - دولياً وفي اليونان - كوسيلة لزيادة الاستغلال و للسيطرة على الشعب والتلاعب به و قمعه. تستغل الرأسمالية أحدث التقنيات للوصول نحو الإخضاع الكامل للعمل لأهداف رأس المال.
تؤكد خطط وإطار عمل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لتطوير الذكاء الاصطناعي، والتي تدعمها الحكومة اليونانية، هذا التوجه الرجعي.
تُلغي الرأسمالية الإمكانية التي يتيحها تعميق الطابع الاجتماعي للإنتاج، وتطوير الذكاء الاصطناعي والأتمتة، والعمل العلمي العام، من أجل تقليل ساعات العمل اليومية القسرية، وتوسيع نطاق ساعات الوقت الحر وتحسين محتواه في جميع جوانب الحياة الاجتماعية. و هي تُلغي الإمكانيات الهائلة من أجل إرضاء حاجاتنا العصرية، وجعل العمل إبداعياً، وتوفير تعليم جوهري، وحماية صحتنا، مع وقت حر ذي محتوى ثريّ. وهكذا، فإن دخول عصر الذكاء الاصطناعي يُفاقم اليوم التناقض الأساسي بين رأس المال والعمل.
و في كل اﻷحوال، فإن الطبقة العاملة المعاصرة هي القوة الإنتاجية الرئيسية، والعامل الحاسم في مواجهة آليات نظام الاستغلال الحديثة، من أجل إسقاط الرأسمالية وبناء الاشتراكية-الشيوعية. فالرأسمالية المتعفنة ليست منيعة ولا شديدة البأس.
في ظل هذه التحولات التقنية، يتمظهر الآن اتجاهٌ لمزيدٍ مع تعملق المجموعات الاقتصادية الكبيرة ذات الأهمية الحاسمة في عملية الإنتاج، والتي غالباً ما تكون ذات طابع "على المستوى الوطني"، سواءاً من حيث هيكلة إنتاجها أو من حيث تأثيرها على شرائح الطبقة العاملة.
تُغذّي التحولات المذكورة آنفًا في بنية الاقتصاد والسياسة الحضرية سلسلة من التناقضات البرجوازية البينية، التي تعاظمت في الآونة الأخيرة. ترتبط هذه التناقضات – بين أمور أخرى - بالطاقة وارتفاع كلفة الطاقة الخضراء في الصناعة، وبالهيكلة الأشمل للقطاعات، و ﺒ"الإهتمام اﻷحادي" بالسياحة، مما يؤثر بنحو تنافسي على قطاعات الاقتصاد الأخرى، و يتخذ شكل نقاشات حول ما يُسمى نموذج الإنتاج للاقتصاد المحلي، وتوزيع أموال الدولة و الاتحاد الأوروبي بين قطاعات وفروع الاقتصاد، وتحديد تراتبية الدعم.
ومن الجوانب الخاصة لهذه التناقضات مسألة ما يُسمى باكتظاظ السياحة، أي التدفق المفرط للسائحين إلى مناطق البلاد. إننا بصدد مسألة معقدة تتعلق بين جملة أمور، بحجم السياحة مقارنةً بالقطاعات الأخرى، وتوزيع دخل السياحة بين رأس المال السياحي و شرائح البرجوازية الصغيرة، والآثار السلبية الكبيرة التي يخلقها هذا الوضع على الشرائح الشعبية التي تسكن منطقة ما نتيجة التدفق السياحي الكبير (كاستخدام البنية التحتية والموارد الطبيعية، إلخ).
لم يُؤدِّ النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة إلى تحسُّن مستوى معيشة العمال، بل إلى انكفاء هام. يُعَدُّ الراتب في اليونان ثاني أدنى راتب في الاتحاد الأوروبي بعد بلغاريا، بينما تحتل البلاد المرتبة الأولى من حيث ساعات العمل شهرياً. ارتفع الأجر الاسمي، ولكنه من جهة، لا يزال - من حيث قيمته الاسمية - أدنى من مستويات ما قبل الأزمة، في حين هو أقل بكثير إذا ما حُسِبَت مستويات الأجر الاسمي مع الزيادات التي كانت تنص عليها الاتفاقيات الجماعية في فترة ما قبل الأزمة. ومع ذلك، فقد انخفض الراتب الفعلي بنحو رئيسي خلال الفترة قيد الدراسة، رغم ارتفاع الأجر الاسمي، نتيجةً للتضخم الهائل الذي يعودُ إلى عوامل عديدة، منها السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، والزيادات الهائلة في أسعار الطاقة، وفرض أسعار مرتفعة من قِبل مجموعات اقتصادية دولية ومحلية ذات موقع حاسم في السوق (تسيطر مجموعتان على المشتقات النفطية، وثلاث أو أربع مجموعات تسيطر على تجارة الأغذية، وثلاث مجموعات تسيطر على الاتصالات، وثلاث مجموعات تسيطر على الشحن البحري، و غيرها)، والهجمة الضريبية للحكومة من خلال ضريبة القيمة المضافة الضخمة، بالإضافة إلى الهجمة الضريبية الجارية على العاملين لحسابهم الخاص، مما يزيد موضوعياً من كلفة السلع. و تُستكمل هذه الهجمة على الدخل العمالي بتوسيع تسليع فئة كاملة من الخدمات، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعارها، مثال نموذجي على ذلك هو في مجالي الصحة والتعليم، بالإضافة إلى الزيادة المفروضة على الإيجارات و قروض الإسكان. كما و يُسجَّلُ أيضاً انخفاض في الادخار الشعبي، في حين تتسع الفجوة بين أسعار الفائدة على الودائع والقروض و تبقى من أكبر الفجوات في الاتحاد الأوروبي.
و في الوقت نفسه، تمنح مرحلة التطور الرأسمالي الحالية للنظام الرأسمالي هوامش تطبيق سياسات تحالفية مع الشرائح الوسطى من القوى الشعبية. كما أن خفض معدلات البطالة وزيادة ساعات العمل يُهيئان الظروف لدمج فئات العمال مع زيادات معينة في الرواتب، وما إلى ذلك.
و على مسار السنوات التي ندرسها، نجد أن جميع القوى السياسية البرجوازية متواطئة تماماً تجاه المآل الحالي. إن "التحول الرقمي الأخضر"، وأشكال الطاقة "البديلة" باهظة الثمن، و الرقمنة، هي جوانب من سياسة موحدة، بدءًا من "دنمارك الجنوب" التي يتبناها حزب الباسوك، وصولًا إلى الترويج المكثف لمصادر الطاقة المتجددة والأجندة الرقمية وبطاقات الاعتماد التي يتبناها سيريزا، وصولًا إلى فترة حكومة حزب الجمهورية الجديدة. فجميعهم متواطئون في فرض الضرائب على العمال والعاملين لحسابهم الخاص، و بنحو رئيسي في فرض ضريبة القيمة المضافة و أيضاً بشأن مشكلة الإسكان. إن التوافق العام للأحزاب البرجوازية على سياسات الاتحاد الأوروبي المركزية بشأن "النمو الأخضر"، والتنافسية من أجل الترويج للسوق الموحدة، وفي نهاية المطاف، فإن طبيعة هذه اﻷحزاب كمديرة للسلطة الرأسمالية، تكمن خلف مسؤولياتها المشتركة بشأن مسار الإفقار النسبي للعمال.
إن الهجمة على دخل العمال وحقوقهم يشكِّلُ طريقاً ذي اتجاه واحد لاستراتيجية رأس المال. إن الانعطاف نحو زيادة جديدة في الإنفاق الحربي، وإنهاء صندوق الإنعاش عام 2026، والضغط من أجل جذب استثمارات كبيرة في السنوات الثلاث المقبلة، بالإضافة إلى هدف السداد المسبق لقروض الاتحاد الأوروبي، سيؤدي إلى تصعيد الهجمة المناهضة للشعب، لا سيما فيما يتعلق بحدود سن التقاعد، وتوسيع علاقات العمل المطاطية، والحفاظ على ارتفاع أسعار مرتفعة للأغذية والطاقة.
تدافع الطبقة البرجوازية اليونانية بعدوانية خاصة، عن مصالحها الاستراتيجية وتعززها، بنحو مستقل و كذلك من خلال التحالفات الإمبريالية، كحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، كما و من خلال تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف ترقية موقع اليونان في النظام الإمبريالي الدولي والمنطقة، كمركز قوي للطاقة و الشحن، مُطالبة بحصة أكبر من غنائم الحروب والتدخلات الإمبريالية.
تُنفذ حكومة حزب الجمهورية الجديدة هذه الأهداف حالياً بدعم من حزبي سيريزا و الباسوك و سائر الأحزاب البرجوازية، مُورطة البلاد في تخطيطات حلف شمال الأطلسي و التخطيط الأوروأطلسي، و في دور المعتدي على شعوب أخرى، حيث تضعُ الشعب اليوناني في خطر كبير و في مِهدافِ ضربات انتقامية لتحالفات إمبريالية مُنافسة.
هذا و تتواجد في خلجان الطبقة البرجوازية اليونانية أيضاً، مصالح اقتصادية عاتية تتضرر من التطورات وتشعر بالاستياء، وتسعى نحو "حركات تصحيحية"، وتعرب عن مخاوفها تجاه المشاركة "غير المشروطة" - كما تصفها هي نفسها - في تخطيط الناتو، وتدعو إلى الحفاظ على العلاقات مع روسيا. هذا و لا تنعكس في الفترة الحالية التناقضات البرجوازية البينية المتعلقة بالسياسة الخارجية للدولة اليونانية، في وجود قوة سياسية برجوازية موحدة من شأنها التشكيك بتوجه البلاد المستقر نحو المعسكر الإمبريالي اﻷطلسي و اﻷوروأطلسي.
و تتخلل سياسة تورط الدولة البرجوازية اليونانية جميع الحكومات و النظام السياسي البرجوازي إجمالاً، و تكتسب عاماً بعد عام خصائص نوعية وخطيرة، حتى أنها تُنذر بالمشاركة المباشرة للقوات المسلحة اليونانية على الجبهة في صدامات حربية.
إن عناصر توصيف سياسة التورط هي:
يُدين الحزب الشيوعي اليوناني من موقع مبدئي، سياسة التورط ويعارضها، ضمن تطابقٍ تامٍ مع مصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية وحقوق الشباب، في مواجهة مختلف الذرائع التي تستخدمها الطبقة البرجوازية والسياسة السائدة من أجل اﻹطباق على الشعب سواءاً عبر التذرع بالمصلحة الوطنية المزعومة أو من خلال اجترار ما يُقال عن "الالتزامات التعاقدية التحالفية" وما إلى ذلك.
يتصفُ مسار العلاقات اليونانية التركية بتعاون ومواجهة الطبقات البرجوازية للدولتين الرأسماليتين – الحليفتين في الناتو. إن ما يُسمى بإعادة تحريك العلاقات اليونانية التركية، التي أُطلقت في قمة الناتو في فيلنيوس، ليتوانيا، في تموز\يوليو 2023، و"خارطة الطريق"، التي أُعدّت ورُوّج لها بإشراف الولايات المتحدة وحلف الناتو من خلال "الحوار السياسي" و"تدابير بناء الثقة" وما يُسمى بالتدابير الإيجابية (الاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي تُركّز على مصالح مجموعات الأعمال)، تُحقق أهدافاً مُحددة تتعلق بما يلي:
و على الرغم من خطط التعاون للاستغلال والإدارة المشتركة لمنطقتي بحر إيجه وشرق المتوسط، لن تختفي المزاحمة بين الطبقتين البرجوازيتين. بل تضاف مسائل جديدة تتعلق بالتخطيط المكاني البحري والحدائق البحرية.
تُصرّ الدولة التركية على طرح رزمة من المطالبات غير المقبولة، التي تُشكك في سيادة الجزر اليونانية في بحر إيجه وحقوقها السيادية، مُعيدةً إنتاج المطالبات المتعلقة بـ"المناطق الرمادية" (الجزر والجزر الصغيرة) ونزع سلاح الجزر. و تُبرز عقيدة "الوطن الأزرق" بمطالبات في منطقة أوسع (بحر إيجه، شرق المتوسط، البحر الأسود)، وتستغل "الاتفاق التركي الليبي"، مُهددةً بالتنقيب عن الطاقة في منطقة بحرية لا تعودُ إلى تركيا، في حين تُوصِّفُ الأقلية الدينية المسلمة في تراقيا بأنها تركية، في تناقض مع معاهدة لوزان. هذا و تتدخل القنصلية التركية وقوى النزعة القومية في المنطقة لتقسيم الشعب و اﻹطباق عليه.
تسعى الحكومة عمداً إلى تغذية مناخ من الطمأنينة، لكن الشعب مدعوٌّ إلى التيقُّظ، لأن "مساومة" المفاوضات اليونانية التركية تتضمن على أي حال، مسائل سيادة و حقوق سيادية.
تتمثَّلُ مسألةٌ حرجة القضية الجوهرية في تعزيز الصداقة والصراع المشترك للشعبين التركي واليوناني، ضد الطبقات البرجوازية ومصالحها وتحالفاتها، و ضد سياسة الدول والحكومات البرجوازية المناهضة للشعب. يخدم الحزب الشيوعي اليوناني هذه القضية، بالتعاون مع الحزب الشيوعي التركي، واضعاً هدف "عدم تغيير الحدود والمعاهدات الناظمة لها"، وهو هدفٌ راهني وضروري.
على الرغم من التطلعات الباطلة التي رُوّج لها بهدف تعزيز مكانة قبرص كعقدة للطاقة في المنطقة، يستديمُ الاحتلال التركي لـ 37% من الأراضي القبرصية، وتتفاقم المشكلة القبرصية ضمن تعقيدات المزاحمات الإمبريالية. يُروَّج لترتيبات خطيرة فوق أرضية ترقية الجزيرة ضمن التخطيط الأوروأطلسي، نظرًا للتطورات في المنطقة.
هذا و انهارت المزاعم التي أفادت بأن انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي وتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، سيكون ذي تأثير إيجابي على إيجاد حل "عادل". و يترقى دور الدولة الزائفة في استراتيجية تركيا، ويُستخدم كقاعدة عسكرية ووسيلة للمطالبة بموارد الطاقة في المنطقة. و تُبذل محاولات لتمهيد الطريق من أجل "تجارة مباشرة ورحلات جوية واتصالات"، في ظل موقف متواطئ يبديه العامل الأوروأطلسي نحو التوجه نوح الاعتراف الدولي.
قد يترسخ تقسيم الدولة في قبرص، باعتبارها ميدان مزاحمات إمبريالية شديدة وتحت تأثير التناقضات البرجوازية اليونانية التركية.
هذا و ضعفت مواجهة مشكلة قبرص باعتبارها مشكلة غزو واحتلال دولية. إن اقتراح "اتحاد ثنائي لمنطقتين و مجتمعين"، الذي تحول من أطروحة توافق إلى موقف مبدئي، على أساس "الدولتين التأسيسيتين"، يُشكل حلاً كونفدرالياً، ويُسهّل موضوعياً المساعي التقسيمية و يقود نحو "شرعنة" عواقب الغزو والاحتلال. إن هذا الخط يتناقض مع ضرورة تطوير صراعٍ عمالي وشعبي منسق للقبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك من أجل إعادة توحيد قبرص وشعبها، و تشييد جدار مقاومة في وجه نزعتي رأس المال: القومية و الكوسموبوليتية، من أجل قبرص مستقلة موحدة، أي دولة واحدة لا دولتين، ذات سيادة واحدة، ومواطنة واحدة، وشخصية دولية واحدة، وطناً مشتركاً للقبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك والموارنة والأرمن واللاتين، خالية من قوى الاحتلال و من كافة أشكال القوات والقواعد الأجنبية، دون ضامنين أو حماة، مع شعبها سيداً.
تزداد مسألة الهجرة واللجوء تعقيداً في الظروف الراهنة. حيث يتسبب تصاعد الحرب الإمبريالية، والاستغلال الجائر للبلدان، وتدمير البيئة بفعل نشاط جماعات الأعمال دون ضوابط، والمزاحمة الشرسة في تقسيم العمل العالمي، بنحو مستمر و متعاظم في حركة هجرة و لجوء البشر. و تتفاقم تناقضات القوى البرجوازية في إدارة مزيج القمع وجذب القوى العاملة. وتتضح جلياً المآزق المستعصية لنظام الاستغلال الرأسمالي.
تتجلى هذه التناقضات في ميثاق الاتحاد الأوروبي الجديد للهجرة واللجوء، الذي يُعدّ جزءاً لا يتجزأ من اقتصاد الحرب والتحضير لها، ويُشكّل بوصلة الاستراتيجية البرجوازية في مسألة الهجرة واللجوء في جميع الدول الأعضاء. ويُولي الميثاق الأولوية لتشديد القمع، منتهكاً سائر مفاهيم "القانون الدولي" الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية و تأثير الاشتراكية. هذا و تتعلق مراقبة الحدود بالحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، كما تسمى، و أيضاً بالحدود الداخلية بين الدول الأعضاء، مما يقود إلى تعليق جزئي لمعاهدة شنغن. ولا تزال ما تسمى دول الاستقبال الأولى، كاليونان، مضطلعة بدور "الشرطي" و بوظيفة الاحتجاز. في الوقت نفسه، يجري الترويج لشبكة من الاتفاقيات مع دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي، والتي تتعهد مقابل تدفق رؤوس الأموال الاستثمارية، بمنع دخول المهاجرين واللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، من خلال القمع الوحشي، وإنشاء مراكز احتجاز للمهاجرين واللاجئين على أراضيها ("مراكز العودة")، بالإضافة إلى توفير قوى عاملة رخيصة يُعاد تدويرها ("الهجرة القانونية الدائرية"). وتترافق سياسات جذب القوى العاملة مع نقاش حول المشكلة الديموغرافية و شيخوخة السكان.
ولا تزال مسألة اللجوء والهجرة تُسخَّرُ ﻛ"أداةٍ" في المساومات الجيوسياسية الكبرى (كالمعاملة التفضيلية للاجئين الأوكرانيين مقارنةً باللاجئين من بلدان متحاربة أخرى، و علاقات تركيا مع بلدان أفريقية كليبيا وتونس، والمسألة الفلسطينية، و ما شاكلها).
و بالتوازي، تتواجد هذه المسألة هذا النظام في صميم التفاعلات السياسية البرجوازية في العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي، و تُسخَّرُ من أجل إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي. حيث تُغذّى الكراهية العنصرية لرُهاب الأجانب، وتُعزّز قوى يمينية متطرفة و فاشية. و تندرجُ الإجراءات القمعية ضد المهاجرين واللاجئين في شبكة أشمل للقمع والاستبداد و ترهيب الشعوب في ظروف الاستعداد للحرب. حيث تُخدمُ أهدافٌ أكثر شمولًا من إخضاع شرائح عمالية وشعبية أوسع لتخطيطات إمبريالية خطرة.
هذا و لا تزال الطبقة البرجوازية اليونانية وفيّةً للبوصلة المذكورة أعلاه بشأن مسألة الهجرة واللجوء. حيث تُقدّم حكومة حزب الجمهورية الجديدة استمرارية لعمل سالفتها، حكومة حزبي سيريزا – اليونانيين المستقلين، خدماتٍ قيّمة في الترويج لتوجهات الاتحاد الأوروبي. و يفتح القانون العنصري واللاإنساني الأخير الذي أقرَّته حكومة حزب الجمهورية الجديدة (قانون بلِفريس) بشأن ترحيل المهاجرين واللاجئين وسجنهم مساراتٍ خطيرةً للغاية. و في الوقت نفسه، و بفضل الاتفاقيات الدولية لاستيراد القوى العاملة (حتى الآن مع مصر وبنغلاديش) وإطار ما يُسمى بنقل العمال والعمال الموسميين، تُخدم مصالح رأس المال في قطاعات هامة من الاقتصاد اليوناني (البناء، والسياحة، والقطاع الأولي، و غيرها). و تُدرج مسألةُ الهجرة واللجوء بثبات في أجندة السياسة الخارجية، وترتبط بمواجهات و تفاعلات جيوسياسية أشمل، كما هو حال العلاقات اليونانية التركية، والعلاقات مع ليبيا ومصر، و غيرها.
في ظل هذه الظروف، يضطلعُ الحزب بمسؤولية إرشادية كبيرة في تصعيد النضالات المشتركة لليونانيين والعمال المهاجرين واللاجئين، وفي تعميق العمل الأيديولوجي من أجل فهم ظاهرة الهجرة، و التصدي للبدع البرجوازية و سم العنصرية و رهاب الأجانب. و لا تزال المهمة التي طرحناها في المؤتمر اﻠ21 قائمة من أجل تطوير النشاط من أجل الدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين، سواءاً على مستوى التضامن ضد تكثيف القمع أو في مواجهة سعي رأس المال لاستغلالهم من أجل مزيد من تقليص قيمة قوة العمل إجمالاً. وتبقى المهمة قائمة من أجل العمل بنحو أكثر منهجيةً، من أجل انضمامهم إلى النقابات والنضال جنباً إلى جنب مع العمال اليونانيين، سواءً من أجل مشاكلهم الخاصة التي يَلدها نظام الاستغلال، و من أجل المسائل الإجمالية للطبقة العاملة. تكتسب هذه المهمة اليوم سمات جديدة، في مواجهة محاولات استيراد قوة عمل رخيصة عبر اتفاقيات دولية، والتي وصفناها بحق بأنها اتفاقيات نخاسة معاصرة.
إن التطورات في الاقتصاد، وتفاقم التناقضات الإمبريالية البينية وتصعيد الصدامات الحربية، والمزاحمات بين قطاعات رأس المال، بالإضافة إلى الاستعدادات للحرب، تشكِّلُ الأرضية التي تتطور فوقها أيضاً التفاعلات الجارية في النظام السياسي البرجوازي.
يؤكد التقييم الذي أجريناه كحزب منذ زمن طويل، أن هناك استياءاً يتنامى داخل الطبقة العاملة و القوى الشعبية بنحو واسع، نتيجةً سلسلة من التطورات في الاقتصاد الرأسمالي. حيث يُستشعر بالممارسة "نضج" علاقات العمل المرنة "الجديدة"، والأساليب الجديدة لتكثيف الاستغلال الرأسمالي، وتقليص الدخل الفعلي العمالي الشعبي، وزيادة الغلاء، بل وتفاقم سلسلة من المشاكل، كمشاكل اﻹسكان و خدمات الصحة، وغيرها. وفي الوقت نفسه، تعزز عدم الثقة في بعض "مؤسسات" ووظائف الدولة البرجوازية، وتوسع عدم اليقين والقلق بشأن المستقبل والخوف من الحرب، على الرغم من استمرار عدم تقييم خطر الحرب باعتباره قائماً بالنسبة للبلاد.
و على الرغم من أن هذا الاستياء الأوسع نطاقًا كان قد تجلى بنحو جماهيري ونضالي في التحركات الأخيرة بمناسبة مرور عامين على جريمة تِمبي، إلا أنه لا يزال سطحياً ومحدوداً سياسياً بدرجة كبيرة، حيث يركز بنحو رئيسي على مسائل جانبية قائمة تتعلق بالمسؤولية الفردية لبعض الشخصيات السياسية، وعلى الفساد المستشري، وكذلك على غياب "دولة القانون"، باحثاً عن منفذ فقط في إسقاط حكومة حزب الجمهورية الجديدة أو استقالة ميتسوتاكيس، أو في إدخال بعض المذنبين السجن، و ما شاكلها. و تُسهِمُ قوى برجوازية و مصالح اقتصادية أيضاً، في تعزيز هذا الاستياء والمعارضة لسياسة الحكومة، و تحاول التدخل في توجهه، و هي التي لديها حسابات مفتوحة مع حكومة حزب الجمهورية الجديدة وقيادتها الحالية، وفي هذا الاتجاه، قامت بتحريك آليات ووسائل إعلام، و غيرها.
ورغم تبني شعارات مثل "إما أرباحهم أو حياتنا" وما إلى ذلك إلى حد ما، تحت تأثير قوانا الخاصة، والاعتراف بالمسؤوليات الدائمة لجميع الحكومات البرجوازية، إلا أن هذا الاستياء لا يشير إلى تشكيك إجمالي بالنظام الرأسمالي والملكية الرأسمالية و سلطة رأس المال. حيث تشير كل هذه اﻷمور إلى تناسب قوى سلبي كل و تُثبت أن تطور الصراع الطبقي هو أدنى مع حاجات هذه الفترة.
مع ذلك، تتجه اﻷنظار من زاوية الطبقة البرجوازية نحو المستقبل. تتجه نحو احتمال التشكيك الجماهيري بالنظام السياسي البرجوازي في ظروف تعميم الحرب الإمبريالية وأزمة اقتصادية عميقة جديدة، وتفاقم كبير للتناقضات البرجوازية البينية. حيث يختلفُ اليوم النقاش الجاري حول إعادة صياغة النظام السياسي عن النقاش المماثل الذي يدور منذ نحو عشرين عاماً.
أ. في الوقت الراهن، لا تزال قطاعات واسعة من الطبقة البرجوازية تدعم حكومة الجمهورية الجديدة باعتبارها أفضل مُدير لمصالح رأس المال.
على الرغم من ذلك و في الوقت ذاته، يُعبّر عن استياء إزاء أولويات "خطط التنمية"، التي يعتبر قطاع من رأس المال نفسه "مُضاماً" منها، بالإضافة إلى إبداء تحفظات تجاه قطع جميع العلاقات مع روسيا، وكذلك تجاه التطورات والتوافقات في العلاقات اليونانية التركية.
إن تعديل الدستور التي يجري العمل عليه بمبادرة من الحكومة، هو مسألة خاصة. هذا و تشير التحليلات البرجوازية إلى وجوب فتح نقاش أوسع بمناسبة الذكرى اﻠ50 لاعتماد دستور 1975 ، حول ضرورة تحديث جذري للدستور البرجوازي، ليكون أكثر تناغما مع الحاجات الحالية والمستقبلية للإدارة الرأسمالية. تشكِّلُ مسألة تعديل الدستور أيضاً مجالًا يُسعى فيه إلى تحقيق تقارب وتوافق أوسع بين الأحزاب البرجوازية. و من ناحية أخرى، يحتمل أن يُشكّل أيضاً مجالًا للمواجهة وتشكيل خطوط فاصلة زائفة من جهة بين من سيدافعون عن إصلاحات تقدمية مزعومة للدستور الحالي أو من سيقترحون إصلاحات رجعية أخرى تحت هذا الغطاء ، و بين الحكومة "النيوليبرالية" التي تسعى إلى تغيير هذه الاصلاحات، من جهة أخرى. مع ذلك، لا تزال الحكومة و حزب الجمهورية الجديدة يُظهران تماسكاً، على الرغم من جميع ميول و حركات التشكيك في قيادتها والتي تتجلى داخلها.
ب. يُعرب عن القلق إزاء ما يُسمى بالفراغ الموجود في النظام السياسي البرجوازي، فيما يتعلق بتشكيل اقتراح حكومة برجوازية بديلة، من أجل دمج الاستياء الذي يتشكل موضوعياً في النظام السياسي البرجوازي، نتيجة تطبيق الخيارات الاستراتيجية لرأس المال.
يركز هذا القلق بنحو خاص على وضع القوى السياسية الفاعلة في الاشتراكية الديمقراطية: الميل إلى انحسار سيريزا والقوى المنبثقة عنه، وخاصة "اليسار الجديد". والصعوبة الكبيرة التي يواجهها حزبال باسوك في البروز كقوة مهيمنة للحكم البديل. و على واقعة ظهور قوى عمالية و شعبية أوسع كانت قد شكلت الأساس التقليدي للاشتراكية الديمقراطية غير راضية و شاعرة بالخيانة من مسار هذا الفضاء، نتيجةً للسياسة التي اتبعتها الاشتراكية الديمقراطية خلال السنوات السابقة، سواءً كقوة حكومية أو معارضة. و في الوقت نفسه، تُعرب قطاعات عاتية من الطبقة البرجوازية عن تحفظاتها تجاه دعم قوى تعتبرها بالية وإلى حد كبير غير ذات أهل ثقة كحل حكومي بديل. و في هذا الإطار، تجري و تتطور ضمن التفاعلات الجارية، أيضاً سيناريوهات مختلفة من اجل إعادة صياغة الفضاء الاشتراكي الديمقراطي الأشمل، و كذلك الدور الذي يمكن أن تلعبه شخصيات مختلفة (كالرئيس السابق لحزب سيريزا، ألِكسيس تسيبراس)، أو حتى تشكيل حوامل سياسية جديدة.
و في ذات الوقت، تصطدمُ جميع الخطط البديلة لإعادة صياغة الاشتراكية الديمقراطية مع الواقع الموضوعي للاقتصاد الرأسمالي، و الذي يرجع إليه أيضاً عجز الحوامل السياسية للاشتراكية الديمقراطية عن صياغة مقترحات إدارة برجوازية تدمج قوى عمالية وشعبية أوسع على غرار ما كان يجري في الماضي.
ج. لا يعني وضع الحوامل السياسية للاشتراكية الديمقراطية انحسار التيار "الاشتراكي الديمقراطي" و"الإصلاحي"، حتى وإن لم يجد في الوقت الراهن "تعبيراً حزبياً كافياً". تمتلك الاشتراكية الديمقراطية قاعدة اجتماعية عاتية داخل قطاعات من الطبقة العاملة، وكذلك في قطاعات من القوى الشعبية المتضررة من سياسة الإدارة الرأسمالية المُتبعة اليوم. ولهذا السبب، ورغم الضربات التي تلقتها، فهي لا تزال محافظة على ركائز قوية في الحركة النقابية للطبقة العاملة، وكذلك في العديد من منظمات الشرائح الوسطى. كما و تحتفظ بركائز قوية في الإدارة المحلية (البلديات والمحافظات) تستخدمها أيضاً بنحو أشمل من أجل إعادة صياغة الفضاء السياسي. لا يزال التطلُّعُ قوياًَ نحو حل حكومي "بديل تقدمي" داخل أسوار النظام، و نحو "إدارة اقتصادية وسياسية أقل مناهضة للشعب". و تحت شعار "العدالة" و"دولة القانون" تُرعى أوهامٌ و تخيلات تفيد بإمكانية وجود "إدارة أكثر عدلاً" للنظام الرأسمالي، و"وظيفة أكثر عدلاً" للدولة البرجوازية. ورغم الاستخفاف النسبي بالاتحاد الأوروبي – مقارنة بالماضي - باعتباره تحالفاً رأسماليا، لا يزال اعتقاد قائم و يعاد إنتاجه و هو القائل بأن اليونان تشكِّلُ استثناءاً عن "الوضع الطبيعي الأوروبي"، وأن الاتحاد الأوروبي لا تزال عامل "أمن" للبلاد. و تُعتبر التجربة السلبية للمسار الحكومي للاشتراكية الديمقراطية، سواءاً لحزب الباسوك أو سيريزا، نتيجة حنثٍ بالوعود و نتيجة خيانة و خداع، لا باعتبارها نتيجة حتميات النظام الرأسمالي واستراتيجية رأس المال، التي تخدمها الاشتراكية الديمقراطية دون انتقاص أيضاً، و نتيجة أوهام مفادها إمكانية الجمع بين مطاردة أقصى أرباح مجموعات الأعمال و بين مصالح القوى الشعبية. هذا و لا يزال قائماً احتمالُ تشكيل تيار إصلاحي جماهيري في الفترة القريبة. وفي هذا الاتجاه، تلعب قوى الانتهازية دوراً خاصاً داخل الحركة، حيث تُركز رأس حربة نشاطها على الهدف المُجتزء القائل ﺑ"إسقاط حكومة ميتسوتاكيس"، و هي تُسندُ جوهرياً في تعزيز أوهام و سرابِ الإصلاحية مما يُسهم في اﻹبقاء على قوى عمالية شعبية أسيرة هذه اﻷوهام.
د. عبر مداخلة مباشرة و غير مباشرة من قطاعات من رأس المال، يتشكل داخل النظام السياسي قطبٌ يُوصف زوراً ﻛ"قطب مناهض للنظام". إن العناصر الأساسية لهذا القطب هي:
إننا بصدد منطق رجعي وخطير على الشعب والشباب إجمالاً، يقودُ في نهاية المطاف إلى الدفاع عن هذا النظام، ما دام اعتبار المشكلة التي تُبرز هو "خلل في أداء مؤسساته"، مما يُقلب الواقع رأساً على عقب.
على الخط المذكور يتحركُ حزب "إبحار الحرية" الذي يعودُ لزويّ كونستاندوبوّلو، والقوى الملتفة في "حركة الديمقراطية" بزعامة ستِفانوس كاسِلاكيس، و حزب "الحل اليوناني" القومي بزعامة فيلوبولوس، و غيرها. و تحظى هذه المحاولة بدعم مباشر من وسائل إعلام برجوازية مملوكة لمصالح اقتصادية كبيرة. و في هذا الإطار يُعادُ إحياء تعايش قوى منبثقة من "الانتهازية" وكذلك من اليمين المتطرف، كما حدث سابقاً في "حركة الساحات" خلال فترة الأزمة. إن غرض هذا القطب هو الاصطياد في المياه العكرة، و اﻹطباق على السخط الشعبي، والإسهام في صياغة حوامل سياسية جديدة من أجل بدائل للنظام في اتجاه رجعي.
و يُشكِّل تسخيرُ التحركات الجماهيرية الضخمة ضد الجريمة المرتكبة في تِمبي، احد جوانب محاولة صياغة قطب مماثل. و تخفَّت و تختفي خلف الدعوات إلى "حركة غير حزبية دون ولي أمر"، و خلف محاولة خلق تضاربٍ مع الحركة العمالية الشعبية المنظمة، وشعارات "العدالة"، بعض المصالح الاقتصادية والسياسية الكبرى، التي تسعى إلى تسخير مختلف "المتاحين"، الذين يتحدثون باسم قتلى تِمبي وأقاربهم. في هذا الاتجاه، تلعب بعض قوى الانتهازية دوراً خاصاً، حيث تحاول - كما فعلت خلال فترة المذكرات - تجميل التوجه الرجعي لمثل هذه الخطط أو مطابقة مناهضة النظام بتأليه أشكال الصدام مع قوى القمع.
هـ. في مواجهة محاولة إعادة تشكيل النظام السياسي البرجوازي، يطور الحزب الشيوعي اليوناني تدخله الأيديولوجي السياسي، مُبرزاً مآزق الشعب الناجمة عندما يصبُّ إضعاف قطاع من القوى السياسية البرجوازية في دعم قوى أخرى.
و يُبرز الطابع الطبقي - وبالتالي المناهض للشعب - للنظام السياسي البرجوازي، و للتفاعلات البرلمانية والحكومية فوق أرضية الرأسمالية، و المؤسسات البرجوازية إجمالاً، كالعدالة و وغيرها.
ويكشف عن الدور التقويضي التاريخي للاشتراكية الديمقراطية في اﻹطباق على القوى العمالية الشعبية، مستعينًا بأمثلة من الماضي القريب والتاريخي. هذا يتقارب قسم من القوى العمالية الشعبية ذات رؤى اشتراكية ديمقراطية مع قوى الحزب في الحركة النقابية العمالية و يواكبها على جبهات صراع معينة، و يتمظهر بنحو نقابي في انتخابات النقابات في قوائم مدعومة من الشيوعيين ويتابع الحزب باهتمام. ومن الواضح هو تشكُّل إمكانيات لفكاك قوى مع مقدمة أساسية تتمثلُ في تعميق الصراع الأيديولوجي السياسي و إبراز برنامج الحزب الشيوعي اليوناني، من أجل لتخفيف الأوهام وكسر خداع النفس، مع تسخير الخبرة المكتسبة من المشاركة في النضالات وعمليات الحركة. و يكافح الحزب ضد رؤى ضارة تزعم بأن الانتخابات البرلمانية البرجوازية كل أربع سنوات، تُشكل أرفع صيغ الديمقراطية، وأن ما يُسمى بقابلية الحكم و المشاركة في الحكومات البرجوازية أو دعمها في إطار الرأسمالية أيضاً باسم "الاستقرار السياسي" تشكل خطوات نحو منفذاً مؤيداً لمصالح الشعب.
يتمثَّلُ أحد المؤشرات الحاسمة لهذه المحاولة بأكملها في هو توسيع اتفاق قوى عمالية شعبية طليعية مع برنامج الحزب و التفافها حوله، أي اتفاقها مع الصراع الجاري حالياً من أجل حشد القوى في اتجاه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات، وفق منظور الاشتراكية. و خلاف ذلك فإن هذا يشكِّلُ أيضاً شرطاً مسبقاً - كما علمتنا التجربة – من أجل مواجهة الضغوط الانتهازية التي تتشكل موضوعياً نتيجة التطورات و الهادفة إلى انكفاء الحزب أمام تيار إصلاحي واشتراكي ديمقراطي. إن نشاط الحزب هذا يُسهمُ في عرقلة هذه التفاعلات الجارية داخل النظام السياسي البرجوازي، و في عدم رأب الصدوع المتشكلة في الوعي العمالي الشعبي و في الثقة بالسياسة البرجوازية.
يُبرزُ الحزب الشيوعي اليوناني أن المناهضة الفعلية للنظام تكمن في التشكيك بالنظام الرأسمالي والدولة البرجوازية والنظام السياسي البرجوازي و في مواجهتها إجمالاً، لا في الدفاع عن المؤسسات البرجوازية، والعدالة والدستور. وأن النشاط الفعلي المناهض للنظام لا يكمن في الاستعراضات البرلمانية، بل في تطوير الصراع الطبقي والنضال من أجل المصالح العمالية الشعبية، من أجل حشد القوى في اتجاه مناهض للرأسمالية والاحتكارات، أي في طريق التغيير الجذري لتناسب القوى على حساب رأس المال و لصالح الطبقة العاملة وحلفائها.
في الفترة الممتدة منذ المؤتمر اﻠ21، لم تتسارع فحسب سلسلة من الإصلاحات الرجعية في مجال العدالة، بل و طرحت في صميم المواجهة السياسية مسائل "دولة القانون" البرجوازية و"استقلالية العدالة" محورًا للمواجهة السياسية، وبلغت ذروتها إما في فضيحة التنصت عام 2022، أو في جريمة تِمبي وفضيحة "منظومة التمويل و الدعم الأوروبي للمزارعين" الأخيرة.
تُبرزُ الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الدفاع عن "دولة القانون في الاتحاد الأوروبي" كخط أساسي لمواجهة حكومة حزب الجمهورية الجديدة، و"استقلالية العدالة" و"السلطات المستقلة" المختلفة كضمانات ﻠ"الرقابة على السلطة التنفيذية". و ذلك في حين يتدخل الاتحاد الأوروبي والمحاكم الأوروبية ومؤسسات أوروبية مختلفة ﻛ(مكتب المدعي العام الأوروبي) بنحو فاعل في التطورات، و يُصوَّرون انفسهم ﻛ"ضامنين" ضد الفساد و كأنهم سند منيع للعمال والشرائح الشعبية.
في ذات الوقت، يتمثَّلُ التوجه الأساسي للاتحاد الأوروبي وشرط مُسبق لصندوق الإنعاش، في تنفيذ الإصلاحات الرجعية المستمرة في مجال العدالة، والتي تروج لها حكومة حزب الجمهورية الجديدة بهدفين رئيسيين: أولهما هو دعم أكثر نجاعة وسرعة لمشاريع الاستثمار و لتلبية الحاجات الأشمل لرأس المال، و ثانيها هو تشديد القمع ضد "الشعب العدو" و الحركة العمالية الشعبية المنظمة. إن التعديل الدستوري المقبل سيخدم أيضاً تحقيق هذين الهدفين.
وبالطبع، استندت الحكومة على إجراءات الحكومات السابقة، وخاصة حكومة سيريزا، حيث كانت إعادة الهيكلة الرجعية في نظام العدالة مطلبًا رئيسيًا للمذكرات (كالمزادات الأكترونية و"قانون عرفي" ضد من كانوا يتحركون، والقوانين الجنائية، إلخ).
ومن جانب نظر حكومة حزب الجمهورية الجديدة، فُردت طيات محاولة شديدة مع التركيز على "التسريع" و"الانتقال الرقمي في مجال العدالة" من أجل شرعنة و قبول التحولات من قبل العمال و الشرائح الشعبية. حيث عارض الحزب الشيوعي اليوناني بشدة هذه المحاولة، مُبرزًا المضمون الفعلي لهذه الإصلاحات، باعتبارها مكونات أساسية لـ"دولة الأركان" من أجل دعم ربحية المجموعات الاحتكارية، و الإصلاحات المناهضة للشعب وحقوقه.
و باﻹجمال في مواجهة هذه التطورات، كشف الحزب و بنحو ناجز من خلال الفعاليات و أيام العمل والمنشورات عن الطابع الطبقي لتدابير الحكومة، و"دولة القانون" البرجوازية والديمقراطية البرجوازية، و عن الدور الخاص للدستور و"استقلالية القضاء" في الدفاع عن مصالح رأس المال.
أضاء الحزب محاولة تعزيز الإطار القمعي بـ"رأس حربة" يتمثل في ودمج وتفعيل أحكام "قانون الضرورة" في ظل ظروف "الوضع الطبيعي".
وفي الاتجاه نفسه، كشف الحزب عن التدابير المقابلة التي أُطلقت ويجري تعزيزها داخل البلاد، والتي تهدف إلى:
أ. تعزيز وتطوير المراقبة والتوثيق الإلكتروني والرقمي والتقليدي من قبل الدولة البرجوازية، وفي اتجاه التدخل الوقائي للدولة ضد العامل الشعبي.
ب) تعزيز التشريعات القمعية وشرعنتها دستورياً.
ج) تشديد إجراءات القبول الأيديولوجي لقمع الدولة: من خلال استحضار مفاهيم عامة مطاطية (ﻛ "الأمن القومي" أو "مكافحة الإرهاب" وما إلى ذلك)، واستغلال المشاكل الحادة التي يلدها النظام نفسه والسياسات المناهضة للشعب.
في الوقت نفسه، ومن خلال إظهار الاستهداف الحقيقي لمشاريع قوانين، كتعديلات قانون العقوبات، والإجراءات القمعية في الجامعات، واستخدام منشورات مثل "تعلم - ناضل من أجل حقوقك"، أبرز الحزب أهمية أن تعرف الحركة العمالية والشعبية نفسها حقوقها وحرياتها وتدافع عنها، وأن تعيق تشديد القمع، وأن تكسر في الممارسة محاولات الإرهاب من جانب الدولة والحكومة البرجوازية.
و بالمقابل، تصدَّر الحزب العمل من أجل فهم واسع بأن التغييرات المُروَّجة في مجال العدالة البرجوازية تُهمّ العمال والشرائح الشعبية في المقام الأول، لأنها تُعزِّز العقبات التي تحول دون نفاذهم إليها، وتُضيِّق الخناق من أجل إصدار قرارات رجعية ومعادية للشعب بنحو متزايد (مثل تسهيل نفاذ الصناديق من أجل الاستيلاء على منازل الشعب، و"دفن" المدفوعات بأثر رجعي التي يستحقها عشرات الآلاف من المتقاعدين، والموافقة على إنشاء جامعات خاصة، و غيرها). و بذل قواه لكي تكافح النقابات والحوامل وآلاف جماهير الشعب تنفيذ و تطبيق مشاريع القوانين غير المقبولة، التي كان آخرها قانون الخريطة القضائية، و قانون المسخ الضريبي، و غيرها.
وفي هذا الاتجاه، شق طرقاً من أجل نشاط الحزب لحشد قوى أوسع وتغيير تناسب القوى، و لتشديد محاولة إبراز رِفعة السلطة العمالية، كطراز أسمى للديمقراطية، حيث يكون للعمال دورٌ فاعل في اتخاذ القرارات وتنفيذها و ممارسة الرقابة عليها.
ارتبط تفصيل هذه المحاولة في مجال العدالة منذ المؤتمر اﻠ21 بتعزيز تدخلنا في الحركة عبر عدة خطوات:
تؤكد التطورات موقفنا من دور الإدارة المحلية والإقليمية باعتبارها جزءاً من آلية الدولة وعاملاً فاعلاً في تنفيذ التخطيط البرجوازي.
إنّ إطار الاستقرار المالي، والتناقضات بين قطاعات الاقتصاد، والانعطاف نحو اقتصاد الحرب، والصعوبة الأشمل للنظام السياسي، والوضع التنظيمي والأيديولوجي والسياسي للأحزاب البرجوازية، وانخراط الإدارة المحلية و إدارة المقاطعات في إدارة الدولة البرجوازية المناهضة للشعب والعمال، وما يُحدثه ذلك من ردود فعل شعبية يومية مباشرة، في ترابط مع قرب الإدارة المحلية و إدارة المقاطعات من الشرائح الشعبية، ستخلق بجملتها صعوبات في تنفيذ التخطيطات البرجوازية.
على أي حال، تُستشفُّ إمكانيات للتدخل والتواصل مع ما يُشكّل كتلة عمال و عاملين لحسابهم الخاص في المدينة والريف، ممن يتواجد معظمهم خارج نقاباتهم ومطالبهم الجماعية.
هناك متطلبات خاصة في البلديات الست التي تولّينا إدارتها، وفي المقاطعات بنحو عام، وفي العديد من البلديات حيث حققنا نسباً عالية. إنه واقع جديد نسبياً بالنسبة لمنظمات و هيئات الحزب و الشبيبة الشيوعية والقوى الحزبية المُكلفة بالعمل ضمن "التجمع الشعبي". لقد انجزنا خطى في تحسين وظيفة المجموعات والأركان الحزبية، لكننا لا نتمكن بعد من تزويد الهيئات بعناصر الصراع الحي والتفاعلات السياسية. هذا و شكَّلت التجمعات و التحركات المحلية التي جرت خلال الأشهر الأربعة الأولى من تولي السلطات البلدية مهامها في البلديات الست، مبادرة مهمة، ويرجع ذلك أساساً إلى أنها أشارت إلى أسلوب عملنا وما نعنيه بـ "معارضة شعبية من موقع السلطة البلدية". و بُذلت محاولة، وتخصص الإطار السياسي بالمطالب، وفي الدعاية، قمنا بترميز عناصر تكشف بنحو أفضل عن مسألة "التنمية من أجل مصالح من".
إن الخبرة المكتسبة ليست كافية، لكن الخبرة الموجودة لم تصبح جزءًا لا يتجزأ من عملنا الإرشادي في المنظمات القاعدية الحزبية وفي المجموعات الحزبية و الهيئات، ولم تصبح موضوعاً للتعاون مع قطاع العاملين في الإدارة المحلية من أجل تنمية عناصر التضامن أيضاً، و التي ستكون ضرورية في الفترة المقبلة. و من المطلوب من هيئات الحزب دعم العمل التنظيمي والأيديولوجي والسياسي للمجموعات الحزبية بنحو منهجي، وأن تكون أكثر صرامةً لتعكس و تطبع بنحو أفضل تدخلها في مجال مسؤوليتها، و عملها على تعزيز وتوسيع الروابط والتواصل مع المنظمات الجماهيرية والحركات المحلية والمجموعات التطوعية. يتحمل كل رفيق مسؤولية فردية للمساهمة في تعزيز القدرة الشاملة لقوى الحزب في بلدية أو مقاطعة، وفي الصراع المباشر، وفي الترويج الشعبي والتسجيل والكشف، وفي اتخاذ المبادرات التي من شأنها تسهيل حركة الجماهير.
2. محاور التدخل في ظروف الحرب الإمبريالية
3. إعداد مصيري متكامل الجوانب للحزب
ب. نستعدُّ في ظروف صعبة، لاحتمال حدوث تحولات فجائية و منعطفات في الصراع الطبقي
1. بناء الحزب كمسألة تتأثر بعوامل عديدة
2. فلنربُط بنحو أفضل أهداف التعزيز التنظيمي بأهداف تعزيزه الأيديولوجي، باعتبارها مهمة واحدة
ج. فلنُقدم على خطى جريئة في بناء الحزب، في التجنيد و تجديد وتنمية صفوف الحزب
1. الوضع التنظيمي الحالي للحزب وتركيبته
2. فلنُقدم على خطى جريئة في بناء الحزب
1. فلنُقدم على خطى أكثر حسماً في عمل وظيفة المنظمات القاعدية الحزبية
2. الوظيفة المستقرة والثرية للمنظمات القاعدية الحزبية، هي عامل مصيري
3. هامٌ هو دور سكرتير و مكتب المنظمة القاعدية الحزبية
4. نشر المنظمات الحزبية القاعدية
7. تحسين وظيفة الهيئات الإرشادية للجان القطاعية هو مسألة حرجة
8. دور لجان و مكاتب المنظمات المنطقية
9. بالنسبة للجان المساعدة للهيئات الإرشادية
11. العناية بتدريب الكوادر وترقيتها
هـ. العمل النظري الأيديولوجي في الحزب والشبيبة الشيوعية، هو معيارٌ أساسي لِصعود التدخل الطليعي للحزب
2. نسخِّر و نوسِّع كل ما حققنا من إنجازات هامة من المؤتمر اﻠ21 إلى المؤتمر اﻠ22
3. "ريزوسباستيس" الواجب الأول لكل عضو في الحزب
5. تحسين جوهري في تشكيلة و وظيفة و استخدام اللجان اﻷيديولوجية و غيرها و تفصيل مهام الصراع
6. من أجل ترقية نظام التثقيف الداخلي الحزبي ومدارس أنصار الحزب
7. من أجل الدعم الأيديولوجي للشبيبة الشيوعية اليونانية والعمل الأيديولوجي بين الشباب
و. من أجل ترقية العمل و تربية الشبيبة الشيوعية اليونانية
من أجل تدخل الحزب في أعمار الشباب الأصغر
على أساس برنامج الحزب، يبرز الحزب الشيوعي اليوناني عملياً كقوة إرشادية داخل العملية الثورية، شريطة أن يضمن خطه الثوري وقدرته على امتلاك منظمات في وحدات الإنتاج الكبيرة، وفي قطاعات و خدمات تلعب دوراً حاسماً في الإطاحة بالسلطة البرجوازية.
هذا و تسري الاستقلالية التنظيمية والأيديولوجية والسياسية للحزب الشيوعي اليوناني على جميع الظروف وفي كل اﻷحوال. إن وجود منظمات متينة للحزب و الشبيبة الشيوعية يضمن تنشئة أعضاء حزبيين و شبيبييين قادرين على بث و نشر المواقف الأيديولوجية والسياسية للحزب، وإلهام الثقة، و أن يكونوا أنموذجاً للنشاط الطليعي الأريحي المتفاني، و أن يستفيدوا من مبادرة القوى في العمل، مناهضين الإصلاحية - الانتهازية والنشاط النازي - الفاشي. يكافح الحزب من أجل وحدة الطبقة العاملة في اليونان، بمعزل عن العرق أو الأصل القومي واللغة أو الإرث الثقافي أو الديني. و ليس الدور الإرشادي للحزب في حشد القوى من أجل الثورة بعمل من مشهد واحد، ولا عملية تتطور بسلاسة، بل سيكون ذي مراحل تصاعدية وتنازلية، وسيتجلى في إدراك غالبية الطبقة العاملة، وفي انفصال أشباه البروليتاريين والمزارعين الفقراء وغيرهم من العاملين لحسابهم الخاص عن الطبقة البرجوازية و عن تأثيرات الانتهازية.
مع دخولنا العام الأخير من السنوات اﻠ25 الأولى للقرن اﻠ21، فإن من واجبنا تفقُّد قوانا، وتعميق تفكيرنا وسياستنا بنحو متزايد بشأن مواضيع وظيفة الحزب و إرشاده وبنائه. إدراكاً منا أن من المطلوب قيامُ خطوات أسرع و أكثر ثباتاً بنحو رئيسي من أجل تطوير قدرة واستعداد الحزب بأكمله، و في المقام اﻷول في الهيئات الإرشادية، من أجل الترويج الفعال وإبراز استراتيجية الحزب من أجل الاشتراكية - الشيوعية ومهام الصراع الطبقي في التدخل والنشاط اليومي لمنظمات الحزب.
يكتسبُ تنفيذ هذه المهمة أهميةً مُلحة في فترةٍ تطوراتٍ سريعةً ومعقدةً، حيث تتزايد المتطلبات من أجل التجاوب مع الظروف الصعبة والتغيرات المفاجئة التي يُرجَّح خلالها - مقارنةً بغيرها - أن تقود المزاحمات الإمبريالية والمواجهات الحربية والأزمة الاقتصادية الرأسمالية إلى تجذير جماعيٍّ للقوى العمالية والشعبية، وإلى احتدام الصراع الطبقي، بل وحتى إلى زعزعة استقرار السلطة الرأسمالية. حيث من الممكن أن يقود احتدام جميع تناقضات النظام الرأسمالي المتفاعلة إلى حالةً حركة جماهيرية هائلة، بل و حتى إلى احتمال وقوع انتفاضات و ظروف حالة ثورية، و هي التي تنشأ بطبيعة الحال بنحو موضوعيٍّ وفي وقتٍ غير مُتوقع. و دون استبعاد أيِّ احتمال، فقد تأكَّد تاريخياً على المستويين الأوروبي والعالمي، أنَّ هذه الظروف تحكمُ على الجاهزية الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية للحزب الشيوعي، و على قدرته للتجاوب مع متطلبات الصراع الطبقي، و هي التي تتطلبُ إعداداً و صراعاً مديدي اﻷعوام. و ينطلق هذا اﻹعداد في الظروف الراهنة حيث يتعزز السخط الشعبي، وتتزايد إمكانيات تعزيز جمهرة وتوجه تيار التشكيك.
و بالتالي، فإننا مدينون مع نشاطنا في وضع غير ثوري، بل وفي ظل تفاقم التناقضات والمزاحمات، بأن نتأهبَ و منذ اليوم لمعارك الغد، مع ضمان الاستقلالية الأيديولوجية والسياسية المتواصلة للحزب، عن كافة نسخ السياسة البرجوازية. معززين بنحو متواصل قدرته على ربط البرنامج الثوري بالنشاط اليومي في جميع القطاعات و جميع حلقات العمل الإرشادي.
من المطلوب الاستعداد لأي تطور، إيجابيٌ كان أم سلبياً قد يؤدي إلى احتدام للصراع الطبقي أو إلى انتكاسة جديدة له، في حين سيكون هناك تكيُّف وفي كلتا الحالتين للتدخل الأيديولوجي والسياسي للخصم و لآليات الدولة البرجوازية ورأس المال، التي تسخِّرُ أيضًا الإمكانيات العلمية والتكنولوجية الجديدة في السعي إلى استيعاب السخط الشعبي وقمع الحركة. و على أي حال، فإن الإنسان هو العامل الحاسم في استخدام هذه الآليات ومواجهتها.
و على أي حال، كانت و لا تزال مقدمة تجاوبنا مع المتطلبات المعاصرة للصراع الطبقي متمثلة في الجهوزية النظرية والبرنامجية التي تتطور من خلال دراسة الخبرة والاستنتاجات من تاريخ النضالات الطبقية، والتي ينبغي أن تتجلى مع ذلك، في القدرة اليومية على تحليل التطورات الطبقية و إرشاد العمل، في الصراع السياسي والأيديولوجي للحزب و في الحياة الحزبية الداخلية. مع التمييز في هذه المرحلة بأن احتدام المزاحمات وتطور الحرب الإمبريالية يحددان بنحو حاسم الإطار الإجمالي للنشاط، والأرضية التي يتطور فوقها الصراع الطبقي في اليونان.
لقد حدد برنامج الحزب بوضوح موقفنا من الحرب الإمبريالية وخط نشاطنا. حيث جرى تأكيد صوابية قرارات مؤتمراتنا اﻠ19 واﻠ20 واﻠ21، و التي تشكِّلُ إلى جانب القرار الأخير للجنة المركزية جزءاً من الترسانة السياسية للحزب. حيث أرسينا أسساً أسهمت في تحقيق جاهزية الحزب ودوره المتصدِّر في الصراع الطبقي، وفي الصراع من أجل خروج اليونان من مجزرة الحرب.
هذا و حددنا محاور تدخل الحزب في الظروف الراهنة، والتي يجب أن تستهدف المسائل التالية:
أ. إبراز الطابع الإمبريالي للحرب، وعلاقة الحرب بالرأسمالية، وتفكيك سائر حجج طرفي الصدام الإمبريالي البيني، مع التركيز على دحض الدعاية البرجوازية المحلية و الأطلسية الزاعمة ﺒ"فوائد" مشاركة اليونان في الحرب. مع توضيح أن الجانب الصحيح من التاريخ يتحدد بالصراع من أجل مصالح الشعب و من الصراع المشترك للشعوب من أجل إسقاط النظام الاستغلالي.
ب. العمل على تعزيز التشكيك و انعدام الثقة بالحكومة البرجوازية والدولة المعادية للشعب، و زرع رؤية انعدام وجود مصالح وطنية مشتركة بين العمال والرأسماليين في ظروف الحرب. ليس فقط وفق شروط تخمير أيديولوجي و سياسي، بل و أيضاً من زاوية التدخل في الحركة العمالية الشعبية.
ج. تعزيز الجبهة ضد اقتصاد الحرب وعواقبه على حساب الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.
د. تطوير العمل داخل صفوف الشباب المُجنَّد، وتعزيز مناخ التشكيك وعدم الانضباط تجاه أوامر الحكومة البرجوازية و سياسة التورط في الحرب الإمبريالية و أوامر حلف الناتو.
هـ. صياغة جميع الشروط والمقدمات، والاستعداد من أجل العمل الحزبي في جميع الظروف، للتناوب بين العمل الشرعي و السري. مع ضمان المعالجة المستمرة للتخطيط، لكيما يستند إلى رصد دقيق للتطورات و يتنامى عبر التصعيد المقابل للتدخل الأيديولوجي والسياسي، و لشعارات الصراع والأفعال المقابلة، مع الجمع بين المهام الاستراتيجية العامة و تفصيلها. و خلاف ذلك، فإننا لا نتوقع حضور "يوم مفترض" في وقت يُروج للتورط يوماً بعد يوم و خطوة بخطوة، و عندما يرتبط التورط بنحو وثيق بخطط أخرى في المنطقة، ليست عسكرية بحتة بل ذات أهمية حربية استراتيجية.
تُكتسبُ بنحو متواصل خلال الظروف الراهنة، قدرة الحزب على التجاوب مع دوره الإرشادي كطليعة ثورية للطبقة العاملة، و بنحو عملي خلال إعداد الحركة العمالية، و حركات القوى الشعبية الحليفة، في كفاح صدامي مع أهداف استراتيجية الطبقة البرجوازية والدولة الرأسمالية والتحالفات الإمبريالية التي تُشارك بِها. و بهذا النحو فقط، باﻹمكان تسخير التناقضات والاحتكاكات التي ستنشأ داخل الدول الرأسمالية والتحالفات الإمبريالية من أجل زعزعة استقرار النظام الرأسمالي وإسقاطه. لذا، فإن معيار قدرة و نجاعة تدخل الحزب هو عملية الانعتاق السياسي الطبقي وتوسيع القوى الطليعية في نضال الحزب من أجل الثورة الاشتراكية.
قد لا تكون هذه لحظة نفير "الاقتحام" الفوري، و مع ذلك فإن التنوير بشأن غرض وهدف وشروط الانقلاب الثوري هو ضروري و لازم. إنها فترة عمل تحضيري منهجي ذي منظور، مع اهتمام وتوجُّه خاصين نحو إرشاد الحركة و الكفاح حتى تنفصل قطاعات أوسع من الطبقة العاملة والقوى الشعبية الحليفة عن كل سياسة برجوازية، ليبرالية كانت أم اشتراكية ديمقراطية، و عن الانتهازيين، و لكي تشدد مطالبها و نضالاتها بكل قوتها و تحركاتها الإضرابية والتظاهرات والمسيرات، من أجل تعزيز توجه الحشد و الصراع المناهض للرأسمالية والاحتكارات و للحركة الثورية إجمالاً. من أجل إعداد قوى عمالية شعبية لاكتساب خبرة صدامات و تضحيات قاسية للصراع ضد الاضطهاد الرأسمالي اليومي.
و من أجل إنجاز ذلك، فإننا نحتاج إلى تشكيل ثوري أعمق وأرقى للقوى المنظمة للحزب وشبابه، وفق شروطٍ تعزز الموقف الكفاحي الثابت، والصمود والثبات الاستراتيجي، والقدرة على العمل في جميع الظروف، بالإضافة إلى طليعة أوسع من القوى العمالية والشعبية الملتفة حول برنامج الحزب.
فلتتحوَّل كل منظمة حزبية إلى خلية – حامل لإنجاز هذه المهام، مع مواجهة ناجحة لضغوط تكييف عمل الحزب مع العمل البرلماني والنقابي البرجوازي - النظامي – الانتهازي.
و عبر تعزيز القدرة الأيديولوجية والسياسية للحزب ككل، ليكون نشطًا و كفاحياً في مواجهة الأحداث، ومستعداً للمعركة في اتجاه كل حدث غير متوقع، و إزاء كل تباطؤ أو تسارع في مسار الأحداث.
لكي يمتلك في أي لحظة القدرة على التكيفات الفورية بين أكثر الظروف تنوعاً وسرعة في التحول، مع توجه ثابت هو معالجة خط الحشد و الصراع ضد الاحتكارات و الرأسمالية. بهدف التعبير المنظم عن السخط و الصراع العمالي الشعبي و توجيهه نحو اتجاه تطويره – ضمن المسار – إلى حركة موحدة منسقة على الصعيد الوطني، بمعنى طرح أهداف و مطالب مشتركة، هي حركة ذات توجه مناهض للاحتكارات و للرأسمالية، ضد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، مع مطالب موحدة على المستوى الوطني.
إننا لا نتناول قضية بناء الحزب بنحو ضيق، فقط فوق أساس العناصر الكمية للنمو، بل باعتبارها مسألة متعددة العوامل تتعلق بمستوى التدخل والإرشاد الأيديولوجي والسياسي للمنظمات، و بمستوى أدائها وتدخلها في الحركة العمالية النقابية، وفي حركة المزارعين و المهنيين العاملين لحسابهم الخاص، ومسار تطور الشبيبة الشيوعية اليونانية، و تحول تناسب القوى في الحركة و باقي المعارك السياسات، و بنشر قوى الحزب وكوادره ونوعية العمل الإرشادي، والتركيبة الاجتماعية والعمرية والجنسية، للمجندين في الحزب، وما إلى ذلك.
هناك حاجة إلى معالجة مجتمعةً موحدةً لهذه المسائل، دون تجزئة، من أجل ضمان التعزيز الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي المتكامل الأوجه للحزب الشيوعي اليوناني في الظروف المعاصرة. وذلك من خلال تركيز اهتمامنا و صياغة رؤية موحدة لمواجهة المشاكل الجديدة الناشئة، ضمن محاولة تعزيز الحزب كمرشدٍ للحركة العمالية الثورية، وللتحالف الاجتماعي في الصراع من أجل الاشتراكية - الشيوعية.
هذا و كنَّا قد سجَّلنا في تقرير المؤتمر اﻠ21 أن بناء الحزب ثبت باعتباره مهمة بالغة الصعوبة في ظروف الضغط والأوهام التي زُرعت على نطاق واسع بين القوى الشعبية، في ترابط مع الانهزامية والقيود الناجمة عن الوباء. و بعد انقضاء ما يقرب من أربع سنوات، ازدادت بنحو أكثر المتطلبات من أجل تنفيذ مهمة بناء الحزب، بينما أُضيفت عناصر جديدة إلى الصعوبات.
و باعتباره ضرورة، يبقى هدف أن نغدو أكثر اقتداراً على إرشاد ربط تدخلنا الأيديولوجي والسياسي والثقافي الغني، أيضاً ضمن الحركات مع مهمة بناء الحزب والشبيبة الشيوعية.
و باعتبارها مشكلة لا تزال واقعة انفصال أهداف التعزيز التنظيمي إلى حد كبير عن التعزيز الأيديولوجي السياسي، بل تُشكل "مهمة موازية أخرى". ويتجلى ذلك في التخطيط السياسي للمنظمات، حيث يضيع تسلسل التراتبية والأولويات في كثير من الأحيان تحت ضغط حجم النشاطِ العملي. وتتعلق هذه الملاحظة بكل من أشكال التدخل، ومعالجة المحتوى والمواضيع وغيرها من المسائل ذات الصلة بما يجعلها صائبة. ويتجلى ذلك أيضاً في النشاط الشكلي إلى حد ما على برنامج الحزب ونظامه الداخلي. يتجلى ذلك في واقعة صعوبة تقديم صورة لدى العديد من المنظمات القاعدية الحزبية عن الصراع الأيديولوجي والسياسي في نطاق مسؤوليتها على أساس برنامج الحزب (محتوى الاشتراكية، طريق الظفر بها).
إن أرضية الصراع و النضالات هي أساسيةٌ، و على الرغم من ذلك، فإن تطوير و إنضاج الوعي السياسي لا يُروَّجُ فقط فوق هذه الأرضية، دون الربط والمساعدة الضروريين للصراع الأيديولوجي، وتطوير المنسوب الأيديولوجي السياسي للحزب، و ما إلى ذلك. حيث نأخذ في الاعتبار أن الطبقة البرجوازية، مع حيازتها خبرتها اليونانية والدولية المديدة اﻷعوام، ودور العلم والتكنولوجيا في خدمتها داخل عملية الإنتاج، و مع مدى وعمق دعايتها المتقنة، تمارس دوراً سلبياً متعدد الأوجه، و تقود إلى نزوع محافظ مستمر للوعي الاجتماعي والسياسي إجمالاً.
لا تزال هناك رؤى تقول بأن هذا العمل المتطلب يتعلق في جوهره فقط، بدائرة محدودة من المرشحين للتجنيد و بأتباع ثابتين للحزب أو أن باﻹمكان تركه لوقت لاحق، لأنه قد يضعف توسيع روابطنا، مما يقود إلى إبقاء جزء كبير من نفوذ الحزب في الممارسة العملية فقط باعتباره نفوذاً نقابياً. و يتجلى هذا عملياً بدرجة كبيرة، نتيجةً للضغط الشديد الممارس على قوى كوادر الحزب و على صفوفنا إجمالاً، نتيجةً للرؤية السائدة حالياً في المجتمع و داخل الطبقة العاملة والشرائح الشعبية والشباب، و مفادها: "إن ما تقولونه غير قابل للتطبيق"، أو "لقد جُرِّب وفشل"، أو "العالم لا يفهم"، أو "إن هذا العالم لن يتغير أبداً"، وما إلى ذلك. هي آراء تأتي نتيجة الثورة المضادة، والنكسة التاريخية التي حدثت قبل 35 عاماً، ولكن أيضاً، نتيجة التناسب السلبي الإجمالي على الصعيد الدولي، هي مسائل تؤدي للأسف إلى تراجع أعضاء الحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية، و جوهرياً إلى التخلي عن المحاولة بإصرار وصبر لنشر مقترحنا السياسي الاستراتيجي بشأن الاشتراكية - الشيوعية وكيفية الوصول إليها على أساس نظريتنا، ولكن أيضاً على أساس التجربة التاريخية الغنية للحركة الشيوعية والعمالية اليونانية والأممية. تهدف هذه الملاحظات والتقييمات إلى ترسيخ ضرورة تشديد العمل الإرشادي الأيديولوجي وعمل الهيئات و المنظمات الحزبية القاعدية. و على الرغم من وجود اتفاق أيديولوجي وسياسي مع استراتيجيتنا في منظمات الحزب، إلا أن تجلي ذلك ينبغي أن يتمظهر بمزيد من التفصيل:
يجب علينا البحث عن أحد الأسباب الرئيسية لأوجه الضعف والتأخير في ما سبق في واقعة تنظيم حجم العمل الأكبر "من الأعلى". و من هذا الرأي، فمن مسؤولية اللجنة المركزية و أقسامها و مكاتب المنظمات المنطقية مسؤولية منح ثقل أكبر لتعزيز العمل و التخطيط و النشاطات "من الأسفل" من قبل المنظمة الحزبية القاعدية نفسها، مع المساعدة بنحو حاسم في هذا الاتجاه، بنحو يوعي جميع الأعضاء بنحو أكثر بواجباتهم، و في "الانفتاح" على محيطهم، والالتزام بأن يؤدي هذا النشاط إلى تجنيد أعضاء جدد وبناء منظمات حزبية. تتجلى هنا العديد من الصعوبات، موضوعياً، ولكن بشكل رئيسي مسائل عدم الفهم والاستيعاب وحتى الالتباس التي يجب أن نواجهها. مع الإشارة إلى ذلك، لا نعني أن تحلَّ اللجنة المركزية أو الهيئات الإرشادية الأخرى محل عمل الهيئات الأدنى و المنظمات الحزبية القاعدية مع تنظيم العمل بذاتها أو التدخل إدارياً، بل المساهمة في المساعدة الجوهرية، أيديولوجياً وسياسياً وتنظيمياً، مع الإطلاع بروح رفاقية على جميع المشاكل التي تشغل منظمات وكوادر وأعضاء حزبنا، الذين يخوضون معركة صعبة للغاية كل يوم في العديد من مجالات حياتهم وعملهم.
إن العمل الأيديولوجي مع البرنامج والنظام الداخلي للتجنيد في الحزب ليس عملية شكلية. إن هذين النصين هما الأساس الذي يجيب على ما إذا كان العالم يتغير وكيف، و يوضح لماذا تشكل الطبقة العاملة القوة الثورية الوحيدة، و عن ماهية الحزب الشيوعي اليوناني، ولماذا لديه مبادئ محددة للتشكيل والوظيفة. و من هذه الزاوية، لا يمكن للنقاش الجوهري مع المرشحين لعضوية الحزب أن يكون تفقداً شكلياً، عما إذا كانوا قد قرءوا هذين النصين وما إذا كانوا يتفقون معهما. بل هو موضوع نقاش منهجي وفهم عميق وإعداد فردي، بل و أيضاً، موضوع مشاركة منظمة في أنشطة تعزز مقدمات التنظيم الصحيح والاستيعاب بسهولة أكبر في الحياة و العمل الحزبيين.
من الضروري أن نجعل مسألة عدد الأشخاص الذين نوزع برنامج الحزب عليهم موضوعاً للتفكُّر في المنظمات القاعدية الحزبية، ونفتح نقاشًا معهم، بنحو مستقل حوله، وخاصةً حول عناصره الأساسية الثلاثة، كالثورة، و حشد القوى من أجلها، والاشتراكية وبنائها. لا يمكن حل هذه المناقشة من خلال المعالجة التي تقوم بها هيئة ما بناءاً على استراتيجيتنا، حول قضية خاصة ضرورية للغاية ولا غنى عنها، كالحماية من الفيضانات، والطاقة، والبنى التحتية. إن كل هذا ضروري للغاية لدعم محاولة معالجة أهداف الصراع بناءاً على موقفنا الاستراتيجي العام، لإبراز تفوق نمط الإنتاج الاشتراكي، من أجل حل المشكلات الأساسية. يجب علينا، في الوقت نفسه وبالتوازي، أن نتفكَّر أكثر في كيفية جعل الحركة المطلوبة في صميم النقاش ضمن عملنا اليومي، من أجل الإطاحة بتأثير الاشتراكية الديمقراطية والتحديث البرجوازي، لكي يسيطر الانعتاق الأيديولوجي والسياسي الطبقي في مواجهة آليات السلطة الرأسمالية، ولإدراك ضرورة الثورة الاشتراكية و مقدماتها. إن هذا يتطلب محاولة يومية متواصلة ومنهجية بدءاً من المسائل الحرجة المتعلقة بالصراع الطبقي وتجربته. أي أننا يجب أن ننشغل بكيفية مناقشة المنظمات الحزبية القاعدية غالباً، على الأقل مع محيطها لتجربة النضال الذي جرى، ومدى إبرازنا لحدوده الموضوعية في إطار الرأسمالية، وكيف لا نتعامل مع مسائل وفق شروط دعاية بنحو ضيق، بل نطرح في الوقت نفسه أسئلة حول معنى انتصار الطبقة العاملة الفعلي في النضال، والمقدمات المتاحة لذلك اليوم، وما إلى ذلك، أي أن نعمل في نهاية المطاف بنحو أكثر على جوهر برنامج الحزب.
شهدت قوة الحزب على الصعيد الوطني بين المؤتمرين اﻟ21 واﻟ22 زيادة طفيفة لكنها ملحوظة. و هناك تحسن جوهري في التركيبة العمالية العامة للحزب، حيث تحقق هدف المؤتمر اﻟ21، وهو أن يشكل العاملون بأجر الأغلبية المطلقة في التركيبة الاجتماعية للحزب. تبلغ اليوم نسبة العاملين بأجر 50.80% من أعضاء الحزب، مقارنة بـ 46.64% في المؤتمر اﻟ21.
إن هذه النتيجة الإيجابية لا تجعلنا مطمئنين. من الأهمية بمكان الآن تحسين تركيبة اﻟ50.8% للطبقة العاملة مع وضع ثقل خاص على البروليتاريا الصناعية و شركات التكنولوجيا الجديدة المبتكرة.
إن التقدم المسجل في تركيز قوى الحزب في قطاعات و مواقع عمل حيوية معينة هو نتيجة للتدخل الحزبي والجماهيري المترابط، لا سيما في قطاعات معينة من الصناعات التحويليلة والمستشفيات والمطارات والتقنيات الحديثة، إلخ. ومع ذلك، فإن التقدم الذي أحرزناه لا يتناسب مع حاجات بناء الحزب وامتلاك منظمات قوية وجماهيرية في المجالات والقطاعات الحيوية ذات الأهمية الكبرى. حيث لا يزال عديدنا قليلًا في قطاعي النقل والطاقة. حيث لا نزال خارج المصانع والمجموعات الكبيرة في قطاعي المعادن والصناعات الغذائية، وكذلك في الفنادق الكبيرة وسلاسل المتاجر الكبرى.
ومن الإيجابي هو تحسُّنُ التركيبة العمرية للحزب. فأكثر من نصف قوة الحزب متواجد في سن الإنتاج حتى سن الخمسين، بينما تم تجنيد ما يقرب من ثلثي أعضاء الحزب بعد عام 1991.
كما زادت نسبة النساء المنظمات في الحزب. ويعزى هذا التحسن إلى انضمام فتيات شابات من الشبيبة الشيوعية اليونانية، وكذلك من الحركة النسائية الجذرية، إلى الحزب. ومع ذلك، فإن النسبة العامة هي أقل من نسبة مشاركة المرأة في السكان النشطين اقتصادياً، وخاصة بين العاملين بأجر. كما يُخفي هذا الأمر التباين الكبير من منطقة لأخرى. و يؤكد أن هناك حاجة مستمرة لدى الهيئات الإرشادية لتقييم تدخل المؤسسات البرجوازية والآليات الأيديولوجية في صفوف النساء، بهدف تنظيم المواجهة الأيديولوجية-السياسية الصائبة. ويتعلق الأمر أيضاً بتقييم تدخل المجموعات الاحتكارية في صفوف العاملات بأجر، والذي ازداد في مرتكز حاجة رأس المال إلى زيادة مشاركة المرأة في العمل.
لم نحرز أي تقدم في تنظيم العاملين لحسابهم الخاص و المزارعين الكادحين في الحزب خلال الفترة التي نفحصها. واجهنا هنا صعوبات أكبر وبرزت أوجهُ ضعف أكثر في معالجة أهداف التجنيد والبناء، على الرغم من تحسن عمل الحزب ونفوذه السياسي العام في هذه الشرائح. من المطلوب معالجة أفضل لخطة كل منظمة حزبية منطقية، مع تسلسل تراتبيات و نشر القوى مع تدابير مقابلة.
تحتوي "صورة" قوى الحزب هذه في طياتها على عناصر واعدة بالأمل، لكنها تلدُ أيضاً متطلبات جديدة وكبيرة لتعزيز و فولذة السمات الشيوعية الثورية في صفوفنا، من أجل أهداف أكثر جرأة في بناء الحزب.
بناءاً على الخبرة التي جمعناها، وعمل الحزب والهيبة التي اكتسبها في قطاع طليعي من الطبقة العاملة، والشرائح الشعبية، والشباب، بإمكان الحزب، بل يجب عليه، أن يُقدمَ على خطوات أكثر جرأة في بنائه الحزبي، مع أعضاء طليعيين شباب في الحزب والشبيبة الشيوعية، في جميع مواقع العمل الكبيرة في كِلا القطاعين الخاص والعام، هم أعضاء مندمجون في المنظمات القاعدية الحزبية و الشبيبية، ليصبحوا مرشدين فعليين، وقادة في مواقعهم.
يمكننا أن نعالج بنحو أفضل أهداف التقرُّب والتواصل والتجنيد والبناء، و أن نحدد العقبات والصعوبات ونتجاوزها، مع استخلاص الاستنتاجات، أيضاً على أساس الخبرة المكتسبة في السنوات الأخيرة من الخرق المسجَّل في قطاعات رئيسية و حرجة لبناء الحزب، مع عمل دؤوب و منضبط على الأهداف التي نضعها في كل مرة.
هذا و لا ينبغي أن نستهين بتأثير الدعاية البرجوازية على جزء من محيطنا، وخاصة على الأصغر عمراً، مما يُشكل عاملاً مثبطاً لتنظيمهم في الحزب. إن الأهم هو إقناعهم على قاعدة أيديولوجيتنا من أجل انتظامهم في الحزب. حيث تتعلق مقدمات تجاوز الصعوبات الذاتية في بناء الحزب، بالمعالجة اللازمة لخطة نشاط أيديولوجي وسياسي جماهيري، قائمة على دراسة التطورات والرصد الجيد للاتجاهات في قطاعات الإنتاج، وفي الشركات الكبرى و جميع مستويات التعليم، و معالجة خط الصراع ضد أرباب العمل، و ضد القوى السياسية والنقابية الأخرى والحكومة والاتحاد الأوروبي، وجميع الآليات (الأيديولوجية والثقافية والقمعية) التي تؤثر على التلاعب بالوعي الطبقي، حتى نصبح أكثر قدرة على تفصيل النشاط في القطاع الإنتاجي و موقع العمل، وخاصة في كيفية رؤيتنا للقطاع المحدد في مقترحنا السياسي بشأن السلطة العمالية. كما و هناك أهمية كبيرة لنشاط الحزب في الجامعات ومعاهد التدريب في صياغة بنية تحتية حزبية، هناك حيث يجري تدريب القوى العاملة الجديدة التي ستلجُ عملية الإنتاج.
على أساس ما ذكر أعلاه، هناك حاجة لتركيز اهتمامنا في كافة مستويات الحزب، من القمة إلى القاعدة، على ما يلي:
و تبقى هذه اﻷمور باعتبارها عنصراً للصراع، بمعزل عن وجودها في المشهد الراهن من عدمه، ما دام التشكيك يتخلل سائر الأنشطة الاجتماعية والبنية الفوقية بأكملها.
وباعتبارها مجالاً خاصاً في صياغة الوعي الشيوعي، برز الصراعُ ضد رؤى برجوازية و انتهازية قديمة و جديدة حول الطبيعة الطبقية لعدم إنصاف النساء، ونظريات "عدم تحديد، و ميوعة النوع الاجتماعي"، و تيارات المثالية الذاتية المعاصرة. أُنجزت محاولة مُعينة ليتخلل هذا الصراع عمل الهيئات الإرشادية خلال فترة مناقشة قرار اللجنة المركزية بشأن قانون "المساواة في الزواج والرعاية الأبوية المشتركة للأزواج من نفس الجنس". حيث أبرز النقاش الجماعي التأخر، لا سيما في المنظمات القاعدية الشبيبية للطلاب و التلاميذ في شحذ جبهتنا الأيديولوجية ضد "نزعة الحقوق الفردية"، باعتبارها مطلباً يلغي الحدود بين الطبقات والجنس والتعبير الجنسي، إلخ. حيث كانت هناك حاجة بنحو ناجز أكثر لِتطوير سجال ضد ما يُسمى بالشمولية، أي ضد الرؤية العدمية التي تُنكر جوهرياً ليس فقط استغلال الطبقة العاملة، بل أيضاً الحاجات الخاصة وفقاً للعمر والجنس ونوع العمل والإعاقة، و ما شاكلها. حيث انعكس ما ذُكر في العجز عن إدراك أكثر شمولية لتغلغل "نظريات عدم تحديد الجنس" ليس فقط في الجامعات اليونانية، بل أيضاً في مستويات التعليم الأخرى. و في الوقت نفسه، فقد كان النقاش ذو الصلة في الهيئات التوجيهية و المنظمات القاعدية الحزبية قد أثار تعاطفاً جزئيا لدى أولياء الأمور والمعلمين وأعضاء في الحزب و أتباع له، وإن كان بنحو متأخر.
إن الإبراز الإيجابي للموقف النضالي تجاه الحياة، وتنمية الاهتمام بجميع الفنون والثقافة والمعرفة والقراءة، تُشكل عناصر أساسية للتدخل المستمر ومجال نشاط لمنظمات الحزب لا مبادرات مناسبات سنوية مجزأة. هي عناصر تُبرز قيمة الانتظام في صفوف الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية، والتفوق الأيديولوجي والسياسي والأخلاقي للحزب الشيوعي اليوناني. إن المبادرات الإيجابية التي طُوّرت على مر السنين تُلزمنا بإدراك أن ما نقوم به لا يزال ضئيلاً للغاية مقارنة بالثروة التي ينبغي أن نستغلها و"الفقر" الذي لا يزال يُميّز العديد من المنظمات في هذا المجال.
كما و يتمثَّلُ عنصر هامٌ للتأثير الإيجابي والتحفيز على الانضمام إلى الحركة الشيوعية في موقف الشيوعيين أثناء سيرورة العمل، واهتمامهم بتدريبهم في قطاعات إنتاجية جديدة، واجتهادهم، وسعيهم للعمل في مواقع عمل كبيرة ذات أهمية استراتيجية، وتضامنهم مع الزملاء، وموقف المعلم والطبيب والعالم الشاب الشيوعي بنحو إجمالي، تجاه القضايا المتعلقة بمحتوى عملهم، وكذلك تجاه تطورهم العلمي المهني، من زاوية الخدمة الشاملة للعمال والشعب والحركة الشعبية، لا من زاوية المنفعة الفردية والمهنية. و بنحو أشمل، فإن مسائل الأخلاق الشيوعية التي تميز عضو الحزب الشيوعي اليوناني، ليس فقط عن "أعضاء" الأحزاب الأخرى، بل في موقفه ومحيطه، ترى صوراً من المستقبل، من المجتمع الاشتراكي الشيوعي الجديد، من الإنسان الشيوعي.
و على أي حال، فإن موضوع التربية الشيوعية يتطلب عملاً إرشادياً مركباً، يشمل عملاً أيديولوجياً تثقيفياً منهجياً و تربية على أساس الإلمام الجيد بتاريخ الحزب البطولي، وصولاً إلى المحاولة اليومية لتعزيز النزعة الكفاحية والموقف الثابت و صياغة الخبرة من الصدام مع الخصم. لذلك، فهي تتطلب قيام جبهة متواصلة ضد عناصر التراخي والليبرالية. وتتطلب الحفاظ على مبادئ وقواعد وظيفة الحزب، وتنمية الجهوزية واليقظة الثوريين، و الموقف الذي لا يهادن تجاه آليات أرباب العمل والدولة. وتتطلب جبهة مستمرة ضد الفردانية التي تزرعها - بين أمور أخرى - وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتطور اليوم إلى أداة أساسية للتأثير البرجوازي والتلاعب بالعمال، وخاصة بالأعمار الشابة.
هناك أهمية كبيرة اليوم لإدراك وجود مسافة كبيرة – و تناقض بين الحاجات العصرية المتطورة والواقع الذي تعيشه الطبقة العاملة وحلفاؤها الاجتماعيون. و هو ما يشكِّلُ في الوقت نفسه، عامل تصحية و إنضاج، ولكنه أيضاً عامل للإحتواء و التعب وخيبة الأمل. من واجبنا أن نساهم في إبرازه أيضاً كعنصر تربوي، عبر مكافحة المعايير المشوهة التي تُزرع في صفوف الشعب، بشأن معنى الحاجة الفعلية المعاصرة، في مواجهة مختلف المعايير الاستهلاكية، دون أوجه مبالغة، بل وفق منظور فريد حول كيفية فهم الشيوعيين و الشيوعيات لها، وكيف تؤثر على النشاط الفردي في الإطار الجمعي.
إلى جانب كل ما سبق، من الضروري الحفاظ على جاهزية عالية لتخطيط الحزب، من أجل تنظيم التضامن ضمن صفوف الطبقة العاملة، و بنحو أوسع، ضد كبار أرباب العمل والدولة البرجوازية.
إننا مدينون باﻹشارة إلى أن النجاح الكبير الذي حققه الحزب بأكمله في تجديد صفوفه بأعضاء جدد في ظل ظروف معادية للثورة، مع الإسهام الحاسم للشبيبة الشيوعية اليونانية التي كانت ولا تزال وستبقى حاضنة للشيوعيين الجدد، ونتيجة لعمليات التجنيد الجديدة، التي تتعايش مع جزء من أعضاء الحزب الذي لا يتجاوب، مما يُصعِبُ وظيفة و نوعية عمل المنظمة القاعدية الحزبية، و يؤثر سلباً على الخصائص الشيوعية، ويعزز عدم النجاعة ويقلل من منسوب الكفاحية.
و تُشكِّلُ الفولذة الشيوعية لكوادر الحزب وأعضائه مهمة مستمرة تتطلب عناية و حفاظاً على قواعد الأداء و النشاط الثوريين، مع تطوير و تنمية الشخصية الشيوعية العصرية ذات المستوى الثقافي والأيديولوجي العالي، والثبات في المبادئ والتصلب في الدفاع عنها.
بإمكان كل ما سبق أن يُشكِّل عوامل تنظيم المزيد من العمال و العاملات في الحزب.
لم يكن من الممكن إنجاز خطى التقدم التي سجلها الحزب منذ مؤتمره اﻠ21 وحتى اليوم لولا التقدم المحرز في وظيفة منظماته ونشاطها. ومع ذلك، فإن المتطلبات الكبيرة خلال الظروف الراهنة، من أجل حزب ثوار واعين، كالحزب الشيوعي اليوناني، هي كبيرة، وكذلك مسؤوليات كل منظمة قاعدية حزبية للحزب الشيوعي اليوناني في امتلاك و ترسيخ الطابع الثوري الطليعي عملياً، أيضاً من خلال الأداء الحزبي.
إننا نركز على مسألة أداء المنظمات القاعدية الحزبية، لأن سائر أوجه الضعف الإرشادية تتجلى في هذا المستوى، مع تركيز النظر على متطلبات الصراع الطبقي وفقاً للتطورات.
إن المعيار الرئيسي لتحسين وظيفة المنظمات القاعدية الحزبية هو زيادة قدرة المنظمة القاعدية جماعياً و سائر أعضاء الحزب فردياً، على تنظيم وتنفيذ التدخل الأيديولوجي والسياسي الجماهيري في نطاق مسؤوليتهم، على أساس برنامج الحزب، والمواقف والاستنتاجات الأساسية، والمعايير والتسلسلات التراتبية المنبثقة عنه. أي كيف يُسهم أداء كل منظمة قاعدية حزبية لكي ينشط أعضاء الحزب عملياً كثوار طليعيين في مجال مسؤوليتهم، ليروجوا لاستراتيجية الحزب، وينظموا الصراع، و يمارسوا التنوير، ويبنوا و يتيقظوا. حيث تعلق هذا أيضاً بالمسألة التي طرحناها بطرق مختلفة، وهي أن المنظمة القاعدية وعضو الحزب هما "الحزب في مجال مسؤوليتهما".
على الرغم من الأمثلة الإيجابية، يُمكن القول إن هذه المهمة الحاسمة لم يروج لها بنحو حاسم وموحد و متكامل. و في هذا الصدد، هناك حاجة إلى اﻹشارة إلى بعض المسائل الرئيسية التي يجب مواجهتها بنحو رئيسي، مثل:
إن كل هذا مهم، لكي يُجسّد الاتفاق القائم جوهرياً وعملياً، أيضاً في عمل منظمات الحزب وأعضائه.
في الفترة الماضية، أجريت جولات عديدة من الاجتماعات العامة للمنظمات القاعدية الحزبية بمناسبة نقاش مواضيع مُختلفة، وقرارات للجنة المركزية، والدروس الأيديولوجية، وغيرها. حيث أنجزت خطوات هامة لتثبيت الالتزام بالنظام الداخلي بعقد اجتماع للمنظمة القاعدية الحزبية خلال كل شهر و عدد كبير منها. إن هذه العملية برمتها هي مكسب هام وشرط أساسي للأداء السليم.
و على الرغم من أن الأداء الحزبي الداخلي لا يقتصر على انعقاد الاجتماعات العامة للمنظمات القاعدية الحزبية، ينبغي زيادة الاهتمام بإعدادها وتنفيذها بشكل جوهري. لمعالجة ظواهر الإهمال، كاقتصار عملية الإجتماع على إحاطة إعلامية بالتطورات (والتي ينبغي حلها بقراءة صحيفة "ريزوسباستيس" يومياً) أو المهام الحالية، وعدم وجود توصيات مفصلة أو نقل توصيات الهيئات الأعلى كما هي دون تفصيلها على مستوى نشاط المنظمة القاعدية الحزبية وما إلى ذلك.
يجب أن نهتم أيضاً بواقعة كون المشاركة في اجتماعات المنظمات القاعدية ليست دائماً بالمستوى المرغوب. حيث لا تُؤخذُ ورديات و ساعات العمل غير المستقرة في الاعتبار، بنحو يتجنب عدم تغيب الأعضاء من أكثر الأعمار إنتاجية عن الإجتماعات العامة أو يتجنب الغياب السهل ودون أي سبب وجيه.
يجب أن تستند وظيفة الحزب الداخلية إلى تطوير العمل الأيديولوجي والسياسي داخل الحزب. و لا تتعلق مع ذلك هذه المسألة، كما طرحناها فقط أو بنحو رئيسي بالبرنامج الضروري للدروس الأيديولوجية للمنظمة الحزبية القاعدية. بل تتعلق في المقام الأول بكيفية تطور النقاش الأيديولوجي السياسي مع التركيز على العمل اليومي للمنظمة الحزبية القاعدية، و تتعلق بكيفية دراسة المنظمة الحزبية القاعدية للصراع ومعالجته في نطاق المسؤولية، وفي الهيئات الجماهيرية التي "ترشدها". و هي تتعلق أيضاً بضرورة إثراء النقاش الأيديولوجي السياسي للمنظمة الحزبية القاعدية بمسائل ترتبط برصد التطورات الجارية من خلال الصحافة الحزبية. و بضرورة ترافق استكمال النقاش في المنظمة الحزبية مع مهام محددة واضحة للأعضاء، مع تقسيم محدد للمسؤوليات والرعاية الإرشادية المقابلة من أجل تنفيذها.
و في الوقت نفسه، لا يمكن حل كل شيء في الاجتماعات العامة للمنظمات الحزبية القاعدية. يجب تخصيص المزيد من الوقت والمحتوى للتعاون، ولاجتماعات الأعضاء "لحل" مسائل، لضمان الإعداد المستقر والدائم لقواتنا، وتنظيم عمل المنظمة الحزبية القاعدية عملياً، وتحديد المهام مع الخطة الفردية لأعضاء الحزب.
حيث يثبت أن متطلبات المناقشة والمساعدة والدعم أثناء التوجه نحو المنظمة الحزبية القاعدية هي في تعاظم. لذلك، يجب معالجة الممارسة التي غالباً ما تؤدي إلى المحتوى الثري الموجود في الهيئات نحو التضييق و الجفاف أثناء التوجه نحو المنظمة الحزبية القاعدية. دون أن يعني هذا، بالطبع، نقل المهام غير المُعالجة، التي لم تُحلها الهيئات أو تُخصصها، إلى المنظمة الحزبية القاعدية.
و بقدر تحوُّل هذه الممارسة، سيرتقي أيضاً مستوى المسؤولية و العطاء الفرديين، ومساهمة أعضاء الحزب ومبادرتهم، و تجندهم الكفاحي و تضحيتهم، وسيُسهم كلٌّ منهم عبر بصمته الخاصة في المحاولة المشتركة لتنظيم و تحريك الجماهير العمالية الشعبية في الصراع ضد الخصم. حيث ستحارب الفكرة القائلة "هذا مقدار مستطاعهم و هذا هو عطائهم" و التي لا تتماشى مع اﻷغراض العظيمة للحزب و مع مسؤوليتنا تجاه الطبقة العاملة.
للأسباب المذكورة أعلاه، مصيريٌ يُعد دور سكرتير المنظمة الحزبية القاعدية ومكتبها. كحلقات وصل بإمكانها منح نبرة جوهرية للأداء الشيوعي للمنظمة الحزبية القاعدية.
هناك حاجة للتصدي بحزم للظواهر التي تحصر عملياً دور سكرتير و مكتب المنظمة، في إخطار أعضاء الحزب وتنسيقهم أو في كتابة التوصيات. هناك حاجة جوهرية للدعم لكي يتمكنوا من أداء دورهم الإرشادي في إطار المنظمة الحزبية القاعدية. وذلك من خلال ضمان انعقاد اجتماعات المكتب و جلسات التعاون و التشاور، و إجراء النقاش الأيديولوجي السياسي المنظم و معالجة خطة النشاط، وتوزيع مسائل الصراع وخط تدخلنا في الهيئات الجماهيرية التي تقع تحت مسؤولية المنظمة القاعدية الحزبية.
و أن يتمكن مكتب المنظمة القاعدية الحزبية من ترميز ما يواجهه خلال نشاطه، وأن يسعى بقواه الذاتية للإجابة عليها، بينما ينبغي أن تُسهم مساعدة المكتب القطاعي في رفد المعالجات - نحو اﻷركان الأعلى و الأسفل. حيث تشكلُ هذه اﻷمور متطلبات مسبقة و ليست ترفاً، بل هي ضرورة وأمر لا بد منه.
إن هذه المسألة ينبغي أن تجابه الصعوبات الموضوعية القائمة في تخصيص الوقت والأولويات، نظرا لأن جزءاً كبيراً من أمناء و أعضاء مكاتب المنظمات الحزبية القاعدية يعمل في القطاع الخاص، وفق ساعات عمل مختلفة، غالباً ما تكون غير مستقرة، حيث ينصرفُ العديد منهم من أعمالهم في وقت متأخر بعد الظهر. أمرٌ يُصعّب تنظيم العمل الحزبي، حيث يحتاج هؤلاء الرفاق تحديداً إلى مزيد من المساعدة. و ينبغي على مرشديهم من المكاتب القطاعية أن يكونوا أكثر قرباً منهم، وأن يتنبؤوا بالثغرات و يقدموا الحلول.
وفي الوقت نفسه، نحتاج إلى اتخاذ تدابير بشأن كيفية إشراك أعضاء مكاتب وأمناء المنظمات القاعدية الحزبية بنحو مباشر في النشاط السياسي، من خلال مشاركتهم في الاجتماعات كمتحدثين، وكذلك ضمن الحركة العمالية الشعبية. إن هذه المسألة محلولة نسبياً في المنظمات القطاعية، إلا أن من الواجب غالباً مواجهة الخلط بين دور النقابي ودور الكادر الحزبي، و كذلك وجوب مواجهة مسألة وجود نقابيين منتخبين يخفون انتمائهم الحزبي بحجة "عدم التحزب"، ولا يوزعون المناشير، أو صحيفة "ريزوسباستيس" أو غيرهم ممن ينسون أنهم رؤساء أو أعضاء في مجلس إدارة منظمة جماهيرية، لها متطلبات وإجراءات في أدائها المنفصل، و جلسات إحاطة إعلامية واجتماعات، وما إلى ذلك.
أما في المنظمات الحزبية الإقليمية فالمسألة أكثر تعقيداً، ولن تُحل إلا بضمان توجه و إجراءات مناسبة. و خاصةً في المنظمات الإقليمية في المراكز الحضرية الكبرى، هناك حاجة إلى تأمين رفاق و رفيقات سنختبرهم، مع منحهم الوقت والمساعدة للتعرف على نطاق مسؤولياتهم جيداً. وينطبق الأمر نفسه على المنظمات الحزبية القاعدية، الريفية الكبيرة حيث يحتوي نطاق مسؤوليتها سكاناً منتجين و أعماراً شبابية، وغيرهم.
إن نشر و ترتيب المنظمات الحزبية القاعدية ينبغي أن يخدم التوجه اﻷفضل لقوى الحزب، فوق أساس تسلسل اﻷولويات الطبقية الاجتماعية الموجودة في الطبقة العاملة، وفي القوى الحليفة من عاملين لحسابهم الخاص و مزارعين. إن أيُّ نشر و ترتيب للمنظمات ليس حلاً سحرياً، دون أن تُلغى الأحكام المنصوص عليها في النظام الداخلي و المتعلقة بتركيز القوى في مواقع العمل. ولكي يعمل النشر و الترتيب الصحيح للقوى المنظمة، يجب أن يكون مصحوباً بمحتوى مقابل، يخدمه ويُسهّل النشاط الشيوعي الموحد مع القوى العمالية الشعبية، وبالتالي، أيضاً منح الدعم الإرشادي المناسب. كما يجب أن يُنفَّذ ذاك النشاط في المقام الأول من خلال تخطيط طويل الأجل، يشمل معرفة التطورات الاقتصادية، وتركيز القوى العاملة، و إتاحة الكوادر و نشرها، واختيار شكلٍ تنظيمي مناسب، من أجل تنفيذ مهمتها الأساسية، في التجنيد والبناء الحزبي في نطاق مسؤولياتها.
حيث أنجزت في السنوات الماضية خطى في هذا الاتجاه، لكننا و مع ذلك بحاجة إلى المثابرة في معالجة بعض المسائل مثل:
يمكن دعم هذا التوجه أيضاً من خلال أداء أقسام المنظمة الحزبية القاعدية مع توزيع مماثل للمسؤولية في هذه التكليفات.
ينبغي أن يُشكّل تطوير عناصر اليقظة والحراسة والإعلام السياسي عنصراً حاسماً في أداء المنظمات الحزبية القاعدية، لا سيما في الظروف الراهنة. فهي عناصر يجب تعزيزها، لأن العمل المديد اﻷعوام في ظروف سلمية وبرلمانية للشرعية البرجوازية غذى حالة من العطالة و التوافق المعين، وتسامحاً مع التراخي في الأداء الحزبي.
إنّ التطبيق الصارم للنظام الداخلي، ومبادئ وظيفة الحزب، وخاصةً إجراءات تربية الشباب والأعمار اﻷصغر حزبيا و حياتياً على سمات مماثلة، هي مسائل ينبغي تطويرها في أداء الحزب بمسؤولية الهيئات الإرشادية. و هو يَشمل حاجة تعزيز النقاش من أجل فهم الآليات المتنوعة لتدخل الخصم الطبقي و نشر قواه في مواجهة الحزب، مع الاستفادة من التجربة التاريخية القيّمة. و في الوقت نفسه، لا تزال هناك قوى حزبية ضئيلة مندمجة رسمياً، تظهر عليها علامات التسرُّب، و تتابع سياستنا عن بُعد، ولم تستوعب استراتيجيتنا بنحو جوهري، أو تمتلكُ تحفظات أو حتى خلافات معها. تلزمُ مواجهتها على أساس مبادئ النظام الداخلي لوظيفة حزبنا، مع مواجهة التوافق والتراجعات في مثل هذه الحالات.
إن تقييم مسار العمل المتخصص للحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية بين النساء، اللواتي تهمنا من الناحية الاجتماعية الطبقية، يُبرز بنحو رئيسي لزوم المواجهة الحاسمة للتأخيرات في هذه المهمة المعقدة.
إن المسألة الرئيسية التي ينبغي امتلاك ناصيتها، هو التوجه المستقر للهيئات الإرشادية، بنحو يبثُّ محتوى العمل التخصصي في صفوف النساء ضمن تخطيط التدخل الأيديولوجي السياسي الجماهيري للحزب، و ضمن تعزيزه التنظيمي وفي إرشاد قوى الحزب في الحركة العمالية والنقابية، وحركة العاملين لحسابهم الخاص و المزارعين و الطلاب والتلاميذ، وكذلك في إرشاد عمل الشيوعيات في الحركة النسائية الجذرية.
هذا و سُجِّلت بعض الخطى في الهيئات الإرشادية للحزب خلال فترة المعارك الانتخابية المتعددة، للنقاش بشأن محتوى وأشكال التدخل الحزبي المتخصص في صفوف النساء. حيث ينبغي ترسيخ هذه الخطى، و تثبيت تعميم تجربة التواصل السياسي مع النساء، على أساس معايير عمرية و طبقية اجتماعية، مع احتسابِ تأثير الظروف المادية للعمل والمعيشة، وصيغ عدم إنصاف النساء المعاصرة، إلى جانب عدم إرضاء حاجاتهن المعاصرة، و كذلك تأثير الرؤى البرجوازية والانتهازية، على وعي نساء الطبقة العاملة والقوى الشعبية.
أساسيةٌ لا تزال مسألةُ تخطيط محتوى و صيغ العمل الأيديولوجي المتخصص من أجل التحسين الجوهري للخلفية الأيديولوجية الماركسية والمستوى التثقيفي والثقافي لأعضاء الحزب وأتباعه. يتعلق الأمر بصياغة خطة متعددة الجوانب تحتوي مضمون الدراسات الأيديولوجية والسياسية للحزب. و هي تعودُ إلى صياغة خطة متعددة اﻷشكال يحتوي معالجات الحزب اﻷيديولوجية السياسية. و تتعلق بنحو رئيسي بالعرض الدؤوب والمستمر لاستراتيجيتنا بنحو مخصص للنساء، مع دمج استنتاجات استراتيجية من تاريخ الحركة الشيوعية، ومسار البناء الاشتراكي في القرن اﻠ20، و إضاءة جوانب لمشاركة المرأة في الصراع الطبقي، لا سيما في ظروف الحرب الإمبريالية. يجب أن تنمي هذه المبادرات الصمود و الروح الكفاحية لدى عضوات الحزب وكوادره، وكذلك لدى نساء المحيط الحزبي، مع إبراز القيم التي تُحدد الموقف الشيوعي الكفاحي تجاه الحياة، على نقيض أسلوب الحياة البرجوازي السائد.
و خلال الفترة التي ندرسها تحديداً، كان تأثير الرؤية البرجوازية السائدة للمسؤولية الفردية والأسرية في تربية الأطفال أشد وطأةً على تفكير وسلوك النساء في البيئة الحزبية، بل و حتى على القوى الحزبية. ولعل فترة الوباء كانت ذات تأثير، إذ تعززت خلالها المسؤولية الفردية للمرأة، لا سيما في رعاية الأطفال وغيرهم من أفراد الأسرة المعالين، في ظروفٍ تُسلّع بِها رعاية الأفراد باستمرار. و بالتالي، هناك حاجة لعناية إرشادية جوهرية للآباء والأمهات الشيوعيين الشباب، مع تدابير أيديولوجية وسياسية وتنظيمية متعددة الجوانب لدعمهم. حيث يتعلق الأمر بنحو رئيسي بإعداد القوى الحزبية الشابة، المستندة إلى استيعاب أعمق لرؤيتنا للأسرة وتطورها ومهامها في ظل الظروف الاجتماعية التاريخية ذات الصلة، و لمضمون المسؤولية الوالدية.
ميَّزنا في المؤتمر اﻠ21 الدور الحرج للجان القطاعية باعتبارها الهيئات المسؤولة مباشرةً عن إرشاد المنظمات الحزبية القاعدية. و نذكرُ تحديداً لزوم تركيز المحاولة برمتها على دعم دورها الإرشادي في المنظمات القاعدية.
جليٌ هو وجود خطوات تحسُّن في أداء اللجان القطاعية وتشكيلها. حيث بُذلت محاولة لدعم ترقية كوادر جديدة، ولإيجاد تقسيم للواجبات يضمن تغطية سائر المسائل الإرشادية التي تقع ضمن نطاق القطاع، مع الجمع بين التكليفات الإرشادية ومجالات العمل، دون أن يظل هذا التقسيم مستقراً في كثير من الحالات، تحت ضغط الحاجات والتطورات. و في الخطوط العامة، تتكون اللجان القطاعية من أكثر الكوادر طليعية في القطاع، التي تتصدر في تخطيط المهام وتنفيذها، وهم إلى حد كبير أمناء أو أعضاء في مكاتب المنظمات الحزبية القاعدية أو مرشدون لها.
إن امتلاك نقاش أيديولوجي- سياسي مستقر في الهيئات القطاعية ومكاتبها هو مسألة حرجة. إن المحاولة المبذولة - حيثما بُذلت – بنحو منظم لمناقشة المواضيع تؤتي ثمارها، مُسهمةً في رفع المستوى الأيديولوجي-السياسي للهيئة. وفي الوقت نفسه، يمرُّ عدد من أعضاء الهيئات القطاعية عبر أنظمة التثقيف الذاتي. و مع ذلك، تبقى المسألة الرئيسية قائمة، وهي ترسيخ و رفع النقاش الأيديولوجي السياسي حول القضايا "الجارية" للهيئة، وخاصةً تلك المتعلقة بنقل تجربة الانفتاح على العمال، وتجربة التدخل السياسي والنقابي، ومناقشة الاستنتاجات. ينبغي أن تُعزز هذه العملية ترقية المنسوب الأيديولوجي السياسي، وبالأخص ترقية المحتوى الموجه إلى المنظمات الحزبية القاعدية. حيث لا يُجرى النقاش الأيديولوجي السياسي المنظم في المكاتب القطاعية أو الهيئات فقط أو بنحو رئيسي من أجل "التطوير الذاتي" للهيئة أو الكوادر، بل يُجرى لكي يساعد هذا النقاش و يدعم المساعدة اﻹرشادية نحو المنظمة الحزبية القاعدية. إذا لم يتخلل هذا النهج الأداء اليومي للهيئات الإرشادية مع إعداد جيد و تخصيص الوقت المناسب له، فلن نتمكن من المضي قدماً نحو الخطوة المهمة التالية، وهي توسيع نطاق النقاشات المواضيعية لتشمل المنظمات الحزبية القاعدية فوق أساس أكثر منهجية. من أجل إنزال معالجات مركزية وكذلك معالجات الهيئات الإرشادية، نحو كل منظمة قاعدية، لا بنحو شكلي وببساطة من أجل التسليح، بل بهدف إجراء نقاش جوهري، وفتح تفكير أعضاء الحزب وجعلهم يشعرون بالحاجة إلى الإسهام بأفكارهم في المعالجة، واختبارهم في محاولة تفصيلها، والمشاركة بكفاءة ونضالية أكبر في النشاط السياسي الجماهيري للحزب، من خلال تولي المزيد من المهام و رفع منسوب عطائهم.
و في ذات الوقت، تنبغي مواجهة ظواهر إما التكبُّر في مواجهة الصعوبات القائمة على مستوى المنظمة القاعدية الحزبية، مع ابتعاد قوى كادر الهيئات المنطقية و القطاعية عن محاولة المواجهة العملية للصعوبات الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية في تنفيذ تخطيط المنظمات القاعدية الحزبية، أو من جهة أخرى، استبدال الأمناء ومكاتب المنظمات القاعدية ببعض الكوادر الطليعية ونواة من الأعضاء. مع تحديد مشكلات "ثقة" للكوادر تجاه المنظمات القاعدية الحزبية وأعضائها، والتي تتجلى إما بخفض مستوى المتطلبات والقدرات بنحو كبير، أو باللجوء إلى النقد والإدارة "من الأعلى". إن هذه المشكلة ليست "تنظيمية"، بل غالباً ما تُعبر عن تراجع الكوادر وتهاونها أمام الصعوبات، و عن استخفاف بالإمكانيات التي تملكها لقوى الحزب اليوم، وخاصة الكوادر الشابة، وغالباً ما تنقادُ إلى البحث عن أعضاء للحزب "مثاليين" و منظمات قاعدية حزبية "مثالية" لا وجود لها إلا في الخيال، وتُضفي طابعاً موضوعياً على أوجه ضعف العملية اﻹرشادية.
و مع التسليم بأن عدد كبير من أعضاء الهيئات القطاعية يمتلك خبرة اجتماعية وسياسية صغيرة - نظراً لصغر سنهم الحزبي والعمري، و لخبرتهم أحادية الجانب من خلال عمل الشبيبة الشيوعية، وما إلى ذلك - فليس من الصعب ترسيخ وجود مثل هذه المشكلات. لذلك، يجب معالجتها بشكل منهجي، عبر الجمع بين تدابير الدعم الأيديولوجي والسياسي و تطوير طريقة إرشاد محددة وفق معيار ضرورة قيام أعضاء الحزب بإعداد أنفسهم جماعياً وفردياً، أيديولوجياً وسياسياً، ليتم تضمينهم في تخطيط المنظمة الحزبية القاعدية، و ليُشرف عليهم و ليُمنحوا المساعدة في الصعوبات التي يواجهونها. مع تمييز ضمن هذه العملية للعمل الأكثر طليعية، والذي يمكن أن يوظف أنموذجاً يجري إبرازه وتعميمه. بهذا النحو حصراً، يمكن مواجهة الصعوبات.
هذا و تتكون المكاتب القطاعية التي تم تشكيلها من رفاق، يتواجدون في غالبيتهم العظمى في الإنتاج، و يواجهون مشاكل في ساعات و علاقات عملهم والالتزامات تجاه الأطفال، وما إلى ذلك، مع حد أدنى من وقت الفراغ خلال اليوم.
يؤدي هذا الواقع إلى وجود عدد كبير نسبياً من أعضاء المكاتب القطاعية لتغطية جميع التكليفات، مما ينتج في بعض الحالات ثقل حركة هذه الهيئات وضعف إشرافها. حيث لهذا اﻷمر تبعاته أيضاً على الاجتماع نفسه. لذلك، من الضروري الالتزام بالتدابير التي ناقشناها عبر قرارات خاصة، من أجل للتحضير الجيد للاجتماع، مع مواضيع قليلة، و توصيات صيغت مسبقاً، كانت قد دُرست و أعدَّت من قبل أعضاء الهيئة، و مسائل عملية أو مسائل الرقابة التي سيتم تناولها في عمليات التشاور و التعاون، بحيث يركز النقاش في الاجتماع على التبادل الجوهري للخبرات والاستنتاجات، وعلى وضوح المهام التي تنشأ من أجل تخطيط عملنا، وعلى مهام الإرشاد التي تنشأ. كما ينبغي الاستفادة من أشكال الإرشاد الأخرى بنحو أكثر منهجية، كاجتماعات المرشد مع أمناء و مكاتب المنظمات القاعدية على مستوى البلدية، على سبيل المثال. ليصبح كل كادر أكثر إلماماً بكل الجوانب مع خبرة متطورة في مجال التكليف. من الضروري أيضاً تداول المهام، لإثراء الخبرة واكتساب دفع جديد في تقسيم المهام الجديد.
على الرغم من الخطوات المتخذة، لا تزال مشكلة التقسيم غير المكتمل لمجالات العمل داخل المكتب القطاعي قائمة، وهي واقعة يجب مواجهتها في سائر مستويات المنظمات القطاعية. و بدرجة كبيرة لا يزال وقت الكوادر المخصص لإرشاد المنظمات الحزبية القاعدية ضئيلاً مع اعتبار مسؤولية وتنظيم العمل في المجال الذي قد يكون مسؤولاً "أمراً ثانوياً". لن يتحسن هذا إلا بقدر ما تنظر الهيئة إلى كل مجال عمل بنحو أكثر منهجية مع إدراج تدخلاته والمبادرات التي سيتخذها في خطة طويلة الأجل، مع مراقبة نتائجها وفحصها. وبالطبع، مع مسؤولية رئيسية لسكرتير المنظمة من أجل تحسين تقسيم المهام، ومراعاة ميول الرفاق لمجالات محددة، والقدرات والاهتمامات والخبرة التي تراكمت لديهم، و أيضاً مع الحاجة إلى تداول المهام، مما يساعد على التطوير المتكامل لكل كادر. تتعلق هذه المهمة المحددة بضرورة تعزيز النقاش الأيديولوجي السياسي في الهيئات و المنظمات القاعدية الحزبية، بالقدر الذي تُغذّى فيه الهيئات الإرشادية من هيئاتها المساعدة، مع صعود العمل الجماعي في إعداد و تفصيل وتخطيط التدخل الأيديولوجي السياسي الجماهيري في مجال المسؤولية.
هناك محاولة أفضل لكسب رؤية مفادها أن المنظمة القطاعية تقوم بإرشاد مجال مسؤوليتها، وليس مجرد بعض المنظمات القاعدية الحزبية. و أن تمتلك رؤية بشأن نطاق مسؤولية تدخلها، بصفتها الحزب الشيوعي اليوناني في مجالها. وقد تجلت هذه المحاولات من خلال التوصيات المقدمة في المؤتمرات، مع تسجيل "الخريطة التنظيمية"، إلا أنها لا تُشكّل عنصراً من عناصر الأداء المستقر لجميع القطاعات.
هناك خطوات واضحة لتحسين أداء لجان المنظمات المنطقية كهيئات إرشادية تخضع مباشرةً لإرشاد اللجنة المركزية. تمتلك لجان المنظمات المنطقية قوى كوادر هامة للحزب، مع تركيبة حزبية وخبرة هامة نسبياً. وقد أنجزت خطوات في محاولات لجان المنظمات المنطقية و مكاتب المنظمات المنطقية لدراسة نطاق مسؤولياتها بنحو منهجي، والتطورات الاقتصادية، وتدخلات و نشاط القوى الأخرى، و الطبقة البرجوازية عموماً، وأرباب العمل، ومجموعات الأعمال، والمراكز الإمبريالية.
ويصوغُ هذا العمل خلفية مهمة ساعدت الحزب على تفصيل مواقفه في عدة حالات بمساعدة ودعم مماثلين من جانب اللجنة المركزية و أقسامها، وهي واقعة ذات تأثير على فتح طيات التدخل الأيديولوجي والسياسي والجماهيري للحزب. ومع ذلك، هناك حاجة إلى بذل جهد أكبر هنا أيضاً، حتى لا توضع هذه المعالجات على الرف، بل ليجري إثراؤها لِتشكل دليلاً ثابتًا في محاولة تطوير تدخل الحزب في مجالات و قطاعات استراتيجية للاقتصاد، ضمن مواجهة خطط التنمية البرجوازية، إلخ.
هذا و ارتفع المنسوب الأيديولوجي والسياسي والتثقيفي لأعضاء لجان المنظمات المنطقية مقارنةً بالماضي، على الرغم من أن استخدام صحافة الحزب وكتب "سينخروني إبوخي" لا يزال متأخراً بنحو جلي على مستوى لجان المنظمات المنطقية. ومع ذلك، ورغم هذا الصعود الأيديولوجي والتثقيفي، غالبا ما تسود التجريبية والبراغماتية في صياغة الرؤية والممارسة الإرشادية، مما يعني أن الخلفية الأيديولوجية والسياسية غير مدمجة في العمل الإرشادي الحالي، دون فحص التجربة وفقاً للمعايير الأيديولوجية والسياسية التي نطرحها.
و على مستوى لجان المنظمات المنطقية ، كما هو الحال في الهيئات القطاعية، هناك اتفاق مطلق مع قرارات الحزب وبرنامجه واستراتيجيته ومواقفه. هناك كوادر تتمتع بالقدرة، من خلال تموضعاتها، على إبراز وتوضيح وتأكيد صوابية سياستنا من خلال تجربة عمل الحزب. ومع ذلك، لا ينبغي أن يؤدي هذا إلى الاطمئنان، لأن هناك غالباً مسافة كبيرة بين الاتفاق وكيفية التعبير عنه عمليا. إن واقعة نشاطنا في ظروف تناسب قوى سلبي هي ذاتُ تأثير هام، يتجلى بهذا اﻷسلوب أم سواه فيما نسميه انفصال العمل اليومي الجاري عن الاستراتيجية، أمر لا تنبغي الاستهانة به. بل على العكس، يجب أن ننمي مطلبية لدى الكوادر لكي يُسهموا بنحو مبدع و مبتكر في دراسة المواضيع و المسائل و معالجتها، لكي تُحل هذه المسائل في الممارسة، بنحو رئيسي لكي تُهيمن هذه المعايير على تخطيط عملنا وتنفيذه وتقييمه.
و من اللازم صعود جانب النقد و النقد الذاتي في تقييم عملنا بنحو إبداعي و تربوي. و بلا لا شك فإن كوادر الحزب على مستوى لجان المنظمات المنطقية يتحملون عبئاً كبيراً في عمل معقد ومتطلب، مع نجاحات كبيرة في إقامة التظاهرات و خوض المعارك السياسية أو النقابية. ومع ذلك، في كثير من الأحيان لا تُقيّم النتيجة الإيجابية بنحو متكامل الجوانب، حيث يُقلل بسهولة من شأن أوجه الضعف المتعايشة والتي غالباً ما تكون حرجة. أو من ناحية أخرى، حيث تحضر ظاهرة تجميل الأوضاع. إن السعي للحفاظ على معتقد و معنويات عالية في ظروف الثورة المضادة الراهنة، لا يعني الاستهانة بأوجه الضعف الخطيرة والكبيرة الموجودة، بل على العكس، ينبغي تعزيز روح النقد والنقد الذاتي لدى كوادر الحزب.
كثيراً ما تُقدم الكوادر في مستوى لجان المنظمات المنطقية استنتاجات صحيحة حول الوضع السائد في الحزب، وحول صعوبات ومشاكل العمل الإرشادي، مع إضاءة مختلف جوانبها. إلا أن هذه الاستنتاجات الصحيحة لا تُصاحب دائماً بإسهامٍ لمواجهة هذه المسائل في الممارسة. إن هذه المشكلة مهمة، لأنها غالباً ما تنقل مسؤولية الحل نحو الأدنى، نحو لجان المنظمات المنطقية و المنظمات الحزبية القاعدية، دون أي تحمّل للمسؤولية من جانب لجان المنظمات المنطقية و كوادرها من أجل تقديم الدعم الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي المقابل في حل المسائل الإرشادية.
هناك حاجة إلى إيلاء تنبه أكبر للحفاظ على مبادئ وظيفة الحزب، فالعديد من قضايا التسامح والتراخي تجاه الانتهاكات التنظيمية تتعلق بمسؤوليات الاستهانة من لجان المنظمات المنطقية و مكاتبها و كوادرها. في الوقت نفسه، لا ينبغي الاستهانة بضرورة إسهام الكوادر من سائر المستويات وأعضاء لجان المنظمات المنطقية في مواجهة ظواهر الإدارة الاستبدادية، وتقبّل النقد، وتجنب زرع الريبة والشك تجاه الهيئات الإرشادية، وهو ما سيستغله الخصم بالتأكيد ودائماً من أجل تعزيز مناهضة اﻹرشاد.
و لتتدرَّب كوادرنا أجمالاً بدءاً من اللجنة المركزية نفسها، لكي لا يتحول موقف الدفاع عن أيديولوجيتنا وبرنامج الحزب ومبادئ وظيفته إلى عائق في وجه تطوير النقد الموجه من القاعدة و الملاحظات، أو حتى اقتراحات تصحيح أو إضافة مسائل جانبية، خاصةً عند مناقشة مسائل جديدة. و بنحو أعم، يجب أن تشمل القدرة على الإرشاد المرونة من أجل إرشاد رفاق ذوي قدرات و معارف أوسع و أكثر تخصصاً أو حتى أكثر شمولاً، بمعزل عن التراتبية الإرشادية الرسمية. و بنحو مقابل، من المطلوب تنمية التواضع الشيوعي، ورفض الإرشاد المتعالي والاستهانة بصعوبات الكوادر الأخرى، والتسلُّح بالصبر والمثابرة في شرح المسائل الجديدة التي تنشأ بنحو رئيسي.
توجد اليوم لجان مساعدة أكثر رسوخاً في لجان المنظمات المنطقية، و بنحو أقل اللجان القطاعية. و حاسمٌ هو دور اللجان المساعدة، لكي تتمكن معالجة المسائل من الاستناد إلى الهيئات الإرشادية نفسها. ولا يُعد تشكيلها ترفاً، بل ضرورة قصوى. ولا يعني تشكيلها ضمان استمرار عملها بشكل دائم ومستقر. و تبقى حيازة إرشاد متكامل لها هدفاً للتحقيق، بمسؤولية مكاتب المنظمات المنطقية والمكاتب القطاعية و رؤساء هذه اللجان، مع تحديد حاجات لجنة المنظمة المنطقية والمنظمة القطاعية وتكليفها بالمهام، حتى تتمكن من الارتقاء بدورها كهيئات مساعدة لدعم عمل الهيئات الإرشادية من خلال رفدها بالمعالجات، و تفصيل المواقف، و صياغة أطر الصراع، وتعميم الخبرة.
يجب على كل لجنة مساعدة، تحت مسؤولية الهيئة المعنية، أي المكتب القطاعي أوالمكتب المنطقي، أن تصوغ برنامج عملها، وأن تخضع للرقابة بشانه، وأن تُكلَّف بالعمل. وفي الوقت نفسه، فإن رفدها بالكوادر هو مسألة لا تُحَل دائمًا بالطريقة الأنسب. في كثير من الأحيان، تُرفد هذه اللجان برفاقٍ مُثقلين بالمهام، بدلاً من محاولة استخدام كوادر قد تكون ذات أوجه ضعف في تكوينها، ولكن باﻹمكان الاستفادة منها في دعم اللجنة المساعدة، ممن لديهم الوقت والإمكانية. مع ذلك، فإن الأهم هو أن يكون رؤساء اللجان المساعدة كوادراً تستوفي المتطلبات الأساسية لمستوى الكادر.
و ينضوي ما سبق في التخطيط الأشمل لسياسة ترقية وتطوير الكوادر. إنها مسألةٌ مصيرية تتعلق بتخصص الكوادر وتثقيفها وتطويرها، وتنمية ميولها وقدراتها على التخصص في مجال عمل معين. بالإضافة إلى رعاية تمريرهم عبر أنظمة التثقيف الداخلي للحزب.
لم نتخلص بعد من مشاكل تشكيل الفرق الحزبية، وخاصةً في النقابات الأساسية وفي محتواها و وظيفتها. في كثير من الحالات، تكون الفرق الحزبية غير فعّالة أو لا تعمل على الإطلاق. غالباً ما يتداخل عملها في برمجة ومحتوى نشاطها مع عمل مجلس إدارة النقابة، للبت في تفاصيل يمكن حسمها في مجلس إدارة النقابة أو جمعيتها العامة. إن هذه الواقعة في جوهرها تستهين بأهمية المحتوى الأيديولوجي-السياسي الأسمى الذي ينبغي أن تمتلكه الفرق الحزبية. و هو الذي يتعلق بصياغة أطر الصراع، و نشاط النقابة أو الحامل الجماهيري الآخر، والصراع الأيديولوجي-السياسي الأشمل في القطاع، ودراسة تطورات القطاع ومنظوره، و نشاط القوى الأخرى، وتدخل أرباب العمل، و مسائل بناء الحزب، إلخ.
تضطلع الفرقة الحزبية بمسؤولية خاصة تجاه جمهرة النقابة، و صياغة خطة لإنشاء أجسام نقابية جديدة، و استقرار أداء النقابات (مجالس الإدارة، وعقد الجمعيات العامة والاجتماعات) كمعيار أساسي لإعادة تنظيم الحركة والرصد المنهجي، والتنظيم الناجز و الجوهري للانتخابات، مع تشديد النشاط الأيديولوجي والسياسي، واتخاذ التدابير التنظيمية المناسبة التي من شأنها اﻹسهام في تغيير تناسب القوى لصالح القوى ذات التوجه الطبقي. و أن تعالج أهدافاً مشتركة للصراع على مستوى القطاع الاقتصادي والمجال الأوسع، للعاملين بأجر و العاملين لحسابهم الخاص في هذه القطاعات، والمزارعين، ضد العدو المشترك، الاحتكارات ومجموعات الأعمال. و أن تعالج أهدافاً مخصصة للنساء والشباب في القطاع، أو لفئات أخرى مثل المهاجرين، مع تطوير مبادرات لفتح عمل النقابات في القطاعات التي تهم حياة أسرة الطبقة العاملة بجملتها. حيث ينبغي تكليف جميع أعضاء الفرق الحزبية بمرشحين للتجنيد، للمساهمة في الخطة المقابلة للفرقة الحزبية لبناء منظمات حزبية قاعدية في المصانع والشركات الكبرى. كذلك، يجب إيلاء عناية خاصة لترقية كوادر نقابية شابة. يجب الترويج لهذه المسائل المذكورة أعلاه في آنٍ واحد، بنحو موحد، لا مجتزء. ويجب أن تتضمن خطة تنفيذها أهدافاً ذات تراتبية أولوية، مع مراحل وسيطة.
_________________________________________
[1] الفقرة 38 من النظام الداخلي للحزب: بغرض تنفيذ أكثر فعالية لمهمة الحزب ضمن المنظمات الجماهيرية العمالية و الشعبية، تقوم هيئات الحزب القيادية بإنشاء فرق حزبية مُشكِّلة من أعضاء الحزب المنتخبين في إدارات النقابات و غيرهم من أعضاء الحزب، الذين ينشطون تحت قيادتهم من أجل تخصيص و تعزيز و دفع أهداف الحزب.
استمر التوجه المُسجَّل في السنوات الأخيرة نحو ترقية كوادر شابة، في الأساس من الشبيبة الشيوعية اليونانية و التي تنتقل إلى الحزب. هي كوادر تمنح دفعاً لِعمل الحزب، و تساهم في الهيئات الإرشادية في جميع المستويات، وأقسام اللجنة المركزية، و تضطلع بالعمل ضمن الحركة. حيث يستمر تجديد الكوادر بنحو هام في معظم الهيئات الإرشادية، وخاصةً في المراكز الحضرية الكبرى. وقد تولَّى العديد من الكوادر مسؤوليات إرشادية هامة، وأظهرت مقدورات، و تحتاجون إلى فترة كافية من الوقت للتطور و تنمية قدراتها.
يبدأ تطوير الكوادر بالمعرفة الأفضل لِسماتها الشخصية وقدراتها الخاصة في استخدامها وتطويرها وفقًا لمعايير الحزب. هناك حاجة اليوم إلى تطوير كوادر متعدد الأوجه، دون معايير عدمية، مع مراعاة أعمارها وخبرتها وما إلى ذلك. ومع ذلك، يجب أن يكون للإعداد خصائص موحدة، كصياغة مستوى معين من التثقيف النظري، ومعرفة مواقف الحزب و معالجاته، والتي تشكل أيضاً عاملاً للوحدة الأيديولوجية والسياسية والاتفاق الواعي. في الوقت نفسه، من المهم بمكان من أجل تطوير الكوادر المتكامل الأوجه، التناوب في توزيع المهام على فترات، لا التثبيت الدائم في العمل التنظيمي لإرشاد المهام العامة، بل مع التناوب أيضاً في المهام في الحركة الجماهيرية، و في المجال الأيديولوجي، في مجالات النشاط الأخرى.
بالتزامن مع عناصر النجاعة المباشرة للعمل بناءاً على المؤشرات التي نقيسها، ضروريٌ هو إجراء التقييم الأعمق والأشمل للكوادر. بالطبع، يُحكم على الجميع وسيتم الحكم عليهم، خاصة في الظروف الأكثر صعوبة للصراع الطبقي المتواجدة أمامنا. و مع ذلك، لا ينبغي إغفال أو التقليل من أهمية ضرورة امتلاك الكوادر لجبهة فكرية تجاه ظواهر الليبرالية، كالاستخدام الفردي لوسائل التواصل الاجتماعي، والتسامح مع الظواهر التي لا تتوافق مع وقفة الشيوعي تجاه الحياة (كسائر أشكال الإدمان، والنرجسية، إلخ)، و ألا تتوافق مع منطق "هكذا تسير الأمور هذه الأيام"، إلخ. إن مسائل الأخلاق الشيوعية، و الموقف الملهم في الحياة، وعدم فصل الحياة الحزبية عن الحياة الشخصية، هي مسائل يجب تطويرها، ويجب على الكوادر تنميتها بمحاولتها الخاصة و تكوينها الشيوعي، وغرس الفضائل الشيوعية التي تُلهم في النشاط اليومي، مع وحدة القول والفعل. إن هذه المسائل تصوغ أرضيةً أفضل لتطوير البناء والتجنيد في الحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية.
في الوقت نفسه، لا ينبغي الاستهانة بوجود كوادر جديدة اليوم تُظهر علامات التعب والتراجع والانطواء. إن الملاحظة البسيطة لهذه الظواهر والاتجاهات لا تكفي. يجب أن نتمحص بنحو أعمق في هذه المسألة. حيث للتناسب السلبي الحالي للقوى تأثيره الهام، وانفصال النشاط الحالي عن المنظور، والخوف وعدم اليقين بشأن التطورات المستقبلية. و تتجلى بنحو مباشر أو غير مباشر في خيار فردي يرتبط بضعف الإيمان بطريق الثورة.
من الضروري أن يدعم تخطيط الهيئات الإرشادية بنحو متعدد الأوجه لمحاولة تطوير الكوادر النسائية. حيث هناك حاجة لثبات أكبر في انشغال الهيئات الإرشادية بتقدير مشاركة المرأة في هيئات الحزب والحركة، و كذلك بتدريبها على محتوى العمل التخصصي للحزب والشبيبة الشيوعية في صفوف النساء، بمعزل عن التكليف الحزبي. إننا نعاني من أوجه ضعف في محاولة زيادة عدد الكوادر النسائية لدعم عمل الهيئات الإرشادية بنحو جوهري. إن التناوب المتكرر للكوادر النسائية في تقسيم المهام المحدد للهيئات الإرشادية يُصعّب التعرف على هذه المهمة المعقدة بنحو أعمق، ومواصلة محاولة المواجهة الحاسمة لنقاط الضعف والثغرات، بما يضمن التخطيط والرقابة وتقييم النتائج بوضوح.
و بنحو أكثر إجمالاً، تنطلق محاولة ترقية العمل من أعضاء كل هيئة بذاتهم. و تتعلق بالتوجه الثابت لتخطيط وتنفيذ النضال السياسي اليومي على أسس متينة، هي معالجاتنا و وثائقنا (قرارات المؤتمرات، والمؤتمرات الموضوعاتية، والقرارات الخاصة للجنة المركزية)، والاستنتاجات النظرية والتاريخية ذات الصلة.
و تتعلق بالمحاولة الدؤوبة و الحثيثة للاستفادة المترابطة من منشورات ومقالات مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي " و صحيفة "ريزوسباستيس"، ومحتوى الدورات الحزبية الداخلية في صياغة و تفصيل تدخل كل منظمة حزبية قاعدية في مجال مسؤوليتها. لكي تُشكل الأسئلة والثغرات والصعوبات التي تواجه قوانا عنصر تفكُّرٍ ثابت و معالجة لكل هيئة، و هي التي تبرز من خلال نظام التثقيف الحزبي الداخلي والنشاط اليومي. و لتُبحث و تواجه بالتحديد أيضاً الأسباب الأعمق للصعوبة، بل وحتى عدم تجرؤ جزء من قوانا على إبرازٍ موثق و مفصَّل شعبياً لمسألة المنفذ الاستراتيجي.
إن مقدمة أساسية لتنفيذ خطة متكاملة للتدخل الأيديولوجي والسياسي من قِبَل الهيئات، هو ترقية تدريب الكوادر، و نشرها بنحو مناسب، والتخطيط طويل الأمد لتطويرها. إننا بصدد مهمة معقدة، يجب أن تُراعى فيها السمات الشخصية والإمكانيات الخاصة للكوادر في تطويرها، وفقًا للمعايير الحزبية.
مع الاستفادة من الخبرة الجديدة التي اكتسبناها، يجب علينا في سائر الهيئات اﻹرشادية بدءاً من اللجنة المركزية، أن نواجه و بثبات على نطاق أوسع و بنحو أعمق، أوجه ضعف و تأخيرات محددة هامة، من أجل الصعود عملياً نحو عمل إرشادي أرقى نوعياً، وفقًا للمعايير التي وضعناها في المؤتمر اﻠ21، بنحو لا يفصل العمل في أي من مراحل تطور الصراع الطبقي يومياًُ عن الاستراتيجية.
لنُدرك بنحو موحد وجوهري أكثر أن أهداف التعزيز التنظيمي المتكامل والمتعدد الجوانب للحزب لا تزال منفصلة إلى حد كبير عن محاولة تعزيزه الأيديولوجي السياسي، وأن جملة العمل الإرشادي يجب أن تتحدد من استراتيجيتنا في سائر الظروف وأن تُسند بثبات و بنحو متعدد الجوانب من العمل التثقيفي الأيديولوجي الشيوعي. و في هذا الاتجاه، فلتتعزز إجمالاً القدرة على معالجة الصراع الأيديولوجي السياسي في كل حركة و موقع عمل ومجال مسؤولية أشمل، لكيما يخدم توسيع روابطنا والتغيير الضروري والحاسم لتناسب القوى داخل الحركة - في التحليل النهائي- استراتيجيتنا.
إننا بصدد مشكلة معقدة تنطبع فيها أوجه ضعف إرشادية من حيث نشر الكوادر وتطورها السياسي وتحديد أولويات المهام، وبالتالي ضمان وقت التحضير اللازم، من أجل نشر المعالجات المركزية ومحاور الصراع الأيديولوجي مع التيارات البرجوازية والانتهازية بثبات و بنحو متكرر من الأعلى إلى الأسفل. لكي يُستوعب بنحو جوهري من قبل المنظمات القاعدية الحزبية، تعميم تجربة الصراع على نطاق أوسع في كل قطاع وكل منطقة. و للآن لم يُستوعب في الممارسة إسهامُ الكوادر و الهيئات في ترقية المحتوى الأيديولوجي والسياسي للعمل، باعتباره معياراً أساسياً لتقييم عملها، في حين يُنظر عادةً إلى تقييم و تنظيم المهام بنحو منفصل عن الهدف المذكور أعلاه.
أ. تأكيد توقعات الحزب وتقييماته ومواقفه بشأن مسائل رئيسية، كتطور الحرب الإمبريالية والاقتصاد الرأسمالي في الاتحاد الأوروبي وفي بلدنا، وطابع الانعطاف نحو اقتصاد الحرب في إعادة هيكلة الدولة البرجوازية. استندت القدرة المحددة للحزب إلى تنفيذ جزء كبير من المهام البحثية التي حددها المؤتمر اﻟ21، كدراسة تطبيق التوجهات الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي وإعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي ودولة الأركان الرقمية في اليونان، ومواصلة بحث البناء الاشتراكي في القرن اﻟ20، و الصراع مع الانتهازية على الصعيدين المحلي والدولي.
ب. صعود النفوذ السياسي للحزب، الذي انطبع بدرجة ما في المعارك السياسية خلال الفترة التي ندرسها. و الخطوات الإيجابية في تنظيم وتطوير النضالات، وفي نضج العديد من الكوادر والهيئات، وفي صياغة كوادر قادرة على فهم الحاجة إلى تطوير العمل الإرشادي بنحو أفضل من ذي قبل، و دعم القدرة على التنوير والتفصيل الشعبي.
ج. الأثر الإيجابي للدروس التي أُجريت في المنظمات القاعدية الحزبية بناءاً على تخطيطها، بحيث تتماشى قدر الإمكان، مع التدخل والعمل الحزبي الحالي، وأن يكون هناك تكرار في تدريس المفاهيم والمواضيع الأساسية، وأن تتحسن القدرة على المواجهة الاستراتيجية و تخصيص الصراع. و بالطبع، هناك تدرُّجٌ وفقًا للإعداد الذي تم إجراؤه في كل منظمة حزبية قاعدية.
د. دعم الشبيبة الشيوعية اليونانية، على الرغم من التأخير، في الصراع ضد تيار تقرير المصير الفردي والنزعة الاستحقاقية، وإنكار ما بعد الحداثة للواقع الموضوعي، وتعدد الهويات، إلخ.
هـ. الخطوات المتخذة في دعم المعلمين وفي تطوير التدريس ومحتوى الدروس في نظام التثقيف الداخلي للحزب، وكذلك في توسيع مدارس أتباع الحزب.
و. توسيع وتطوير موضوعات مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي" و المنشورات، من خلال الاستفادة من العديد من مناسبات الذكرى السنوية والإهداءات، بالإضافة إلى الفعاليات ذات الصلة، وعروض الكتب، والمعارض، وما إلى ذلك.
فلنُقدم على خطوة حاسمة فوراً في التخطيط المتكامل ودمج العمل الأيديولوجي والتثقيفي ككل في العمل الإرشادي، نحو تناغم أكثر جوهرية مع برنامجنا. بمعنى آخر، يجب ألا يُصرف العمل الإرشادي العملي اليومي عن الاستراتيجية بحجة الصعوبات والعوامل الموضوعية القائمة، بل أن يُركز على تعميق الروابط الأيديولوجية والسياسية مع محيطنا وخاصة مع الطبقة العاملة، وبناء أسس المنظور، بحيث يمكن توسيع هذا التوجه وتعزيزه.
إن معيار الدمج المستمر والمستقر للعمل التثقيفي الأيديولوجي الشيوعي في برنامج الأداء الحزبي اليومي ونشاط الهيئات الإرشادية والمنظمات، سيكون اعتماد صياغة منهجية مادية جدلية لتحليل وحل المشكلات من قبل الكوادر والهيئات. وسينطبع في تحديد أكثر صواباً لأولويات المهام وتقسيم العمل في مواجهة التشتت، و في نشر القوى، بناءاً على متطلبات الصراع كل مرة. و كذلك في تطوير أسرع وأكثر استهدافاً لقوى الحزب، وفي درجة أعلى من إعداد قوى الشبيبة الشيوعية لولوج الحزب.
معيارهُ أيضًا هو تطوير وتعميم القدرة على رصد التطورات، و معالجة خط وإطار الصراع من أجل الترويج لاستراتيجيتنا في كل موقع عمل وقطاع وحركة وفي كل مرحلة من مراحل النضال، وفي المواجهة الأيديولوجية والسياسية المتخصصة و الصائبة، بنحو مستقل وداخل الحركة، ضد القوى الأخرى و توجهها. إن المعرفة الأيديولوجية السياسية واستيعاب المواقف هي مقدمة هامة لمساهمة كل عضو في الحزب في معالجة القرارات وتنفيذها.
لِتُسهم إجراءات تنفيذ التخطيط المتكامل طويل الأمد في التكامل العضوي مع العمل الإرشادي، لعكس اتجاه تراجع الاستفادة الجوهرية من مواقفنا و معالجاتنا الأيديولوجية بمقدار توجهنا نحو القاعدة.
إننا نركز تحديدًا على:
أ) تشديد العمل الأيديولوجي والسياسي من أجل فهم أعمق للطابع الثوري للحزب.
و هو ما يتعلق بفهم أهمية التدخل اليومي المبني على استراتيجيتنا، بالإضافة إلى تطبيق مبادئ عمل الحزب.
ب) نشر البرنامج الأيديولوجي في مجمل برنامج العمل تحت مسؤولية الهيئات الإرشادية.
و تحت مسؤولية الهيئات الإرشادية، فليُربط برنامج استيعاب المواقف والاستنتاجات والمعالجات بنحو أكثر استقراراً مع النشاط السياسي والحركي المباشر لقوانا، بنحو يُعمم ويُثبت المحاولة المبذولة لربط جوهري للعمل التثقيفي الأيديولوجي بمحتوى النشاط اليومي، ليتوقف برنامج العمل الأيديولوجي عن كونه "برنامجاً موازياً".
إن تحقيق هذا الهدف يشترط مسبقاً ترقية إسهام الهيئات الإرشادية في صياغة وتنفيذ ومراقبة خطة متكاملة للعمل الأيديولوجي والتثقيفي، وإعداد قواتنا وتدخلها في نطاق مسؤولياتها.
هي خطة تحتوي و تدمج بنحو مترابط في برنامج النشاط الحزبي اليومي جملة جوانب العمل الأيديولوجي والتثقيفي الشيوعي، أي نظام التثقيف الحزبي الداخلي، واستخدام مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي" و الترويج لها و صحيفة "ريزوسباستيس"، ومنشورات "سينخروني إبوخي"، والسعي إلى تفصيل الصراع.
خطة تُراقب باستمرار و بنحو متطلب بشأن التقدم المحرز في تنفيذها، مع الاستخدام المركب لجميع المؤشرات ذات الصلة (كمسار توزيع و اشتراكات صحيفة "ريزوسباستيس" و مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي")، بما يسمح باتخاذ تدابير إرشادية إضافية وتصحيحية بنحو ناجز.
فلتنفَّذ تدابير لإعادة الاعتبار للعلاقة بين كوادر الحزب الشيوعي اليوناني وأعضائه، مع صحيفة "ريزوسباستيس"، كشرط أساسي لمعالجة سلسلة من المشاكل اﻹرشادية. إن المسألة الرئيسية هي حيازة فهم موحد لنواة المشكلة، أي استعادة العلاقة اليومية بين كوادر الحزب الشيوعي اليوناني وأعضائه مع الصحيفة، وتوظيفها في النشاط الجماهيري الأيديولوجي السياسي. يجب أن تدخل هذه المسألة صميم مناقشات الهيئات، و جلسات التعاون مع أعضاء الهيئات الإرشادية، و مناقشات أمناء المنظمات الحزبية القاعدية مع أعضاء مكاتبها وأعضائها. فلنُصرّ على الأهداف التي تُطرح من المنظمات الحزبية. لا سيما على بعض الأهداف المتعلقة بتسجيل المشتركين (حيثما توجد شبكة اشتراكات) لجميع كوادر الحزب اعتباراً من الهيئات المنطقية و القطاعية و حتى نظيراتها لكوادر الشبيبة الشيوعية، بالإضافة إلى الاقتناء المخطط لصحيفة "ريزوسباستيس" يومياً في حال عدم وجود شبكة اشتراكات. وتُعتبر مسألة اقتناء واستخدام صحيفة "ريزوسباستيس" معياراً أساسياً لترقية الكوادر، وعنصراً للنقد والنقد الذاتي.
تتمثل مسألةٌ إرشادية في دراسة واستخدام مقالات مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي" و إصدارات معالجات الحزب، لكيما تواكب سائر جوانب الحياة الحزبية الداخلية (كالنقاشات المواضيعية في الهيئات و المنظمات القاعدية، وإعداد التوصيات والدروس، و معالجة الصراع بنحو مستقل و داخل الحركة)، وكذلك تدخّل الحزب في نطاق المسؤولية (كالفعاليات، وعروض الكتب، والمعارض).
لقد هيأنا الآن المقدمات التي تُمكّننا من خلال أدائنا و نشاطنا الحزبي، من تقديم دفع لِتطوير تيار تثقيفي في صفوفنا يُعنى على نطاق واسع بالكتب السياسية والأدبية والعروض المسرحية، والإبداع الثقافي بنحو عام، مع انعكاس على تحسين نوعية حياة الأعضاء والكوادر وفقًا لمعايير شيوعية.
و باعتباره روتيناً يومياً ينبغي اكتساب تخصيص وقت يومي لدراسة صحيفة "ريزوسباستيس" و مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي" و المعالجات. لكي يُفهم بنحو جوهري أن محاولة التثقيف الذاتي لا تقتصر على تجهيز التدخل الحالي، بل يجب أن تهدف إلى ضمان خلفية أيديولوجية سياسية متينة، تضمن وحدة الفكر والنشاط من أجل الترويج للسياسة الثورية بنجاعة.
إن مسؤولية ضمان التشكيل الناجز و الأداء الجوهري للجان الأيديولوجية، وكذلك أي لجنة مساعدة ضرورية أخرى، تقع على الهيئات. و هذا يعني أن الهيئات تعنى باستمرار في توفير الكوادر، والتقييم، والدعم، و إيلاء المهام، والاستخدام الجوهري لمعالجات اللجان الأيديولوجية وتقاريرها. كما تضمن إعادة التزويد والتفاعل المتبادل اللازمين بين الهيئة واللجنة الأيديولوجية من أجل تطوير العمل الإرشادي.
إن التسليم بأن اللجنة الأيديولوجية تُشكل بنية تحتية مهمة لتنفيذ التخطيط المتكامل للعمل الأيديولوجي والسياسي للهيئة، يجب أن تُترجم في الممارسة من خلال توفير الكوادر اللازمة لإنجاز مهمتها. عبر أداء و تقسيم جوهري للعمل لتفي بواجباتها.
وهذا يعني تشكيل اللجنة الأيديولوجية بكوادر لا تتعدد تكليفاتها، أو على الأقل بتكليفات تتكامل إلى حد كبير.
و يعني أيضاً تشكيل مجموعات للاقتصاد و التاريخ مع وظيفة مستقلة، على الأقل على مستوى اللجان المنطقية. حيث ضروريٌ هو أداء مجموعات الاقتصاد لفصل وتنفيذ المهام المختلفة المتعلقة بتفصيل تدخلنا و صراعنا، والتي تمتلك استقلالية نسبية. وفي هذا الاتجاه، سيساعد الإرشادُ المستمر على مستوى اللجنة المنطقية للعمل في مجال العلماء (المهندسين والاقتصاديين والمحامين، إلخ)، بحيث يتم بين أمور أخرى، ضمان شبكة من المتعاونين لدراسة التطورات في كل مجال من مجالات المسؤولية.
يجب أن تركز مجموعة الاقتصاد على تحليل المواضيع والظواهر المتعلقة بالأداء الاقتصادي للنظام، والتحولات في البنية الاجتماعية والطبقية لكل بلدية ومدينة ومنطقة وتأثيراتها على الحركات. كما يجب التركيز على السياسة الاقتصادية والاجتماعية، و معالجة خط للتدخل وإطار لأهداف الصراع، مثل معالجة خطة لاستصلاح وتغيير استخدام الأراضي في منطقة ما.
و في المقابل، ينبغي على مجموعات التاريخ بالتعاون مع قسم التاريخ في اللجنة المركزية، رصد وتطوير ليس فقط التاريخ المحلي للحركة العمالية والحزب، بل أيضاً رصد تدريس التاريخ في جميع مستويات التعليم، والتدخل البرجوازي والانتهازي الأيديولوجي والسياسي الجاري في مناسبات الأحداث التاريخية.
مع استنادنا إلى التجربة الإيجابية لدورة الدروس التي أقيمت في المنظمات القاعدية على مدى السنوات الأربع المنقضية، يمكننا الآن أن نضع كهدف متوسط اﻷجل، صياغة مستوى تعليمي جديد من المعارف الأساسية لجميع أعضاء المنظمات القاعدية. سيكون هذا المستوى متمايزاً عن مدارس الأعضاء الجدد والتجريبيين، وعن المدارس المتوسطة. حيث سيشارك جميع أعضاء المنظمات القاعدية بنحو إلزامي وجزئي، على فترات منتظمة. و ستُطلق كمشروع تجريبي في الجامعات والمنظمات القطاعية للمعلمين و عاملي مجال الصحة.
و بنحو انتقالي على مدى العامين المقبلين، حتى صياغة المقدمات للمستوى الجديد، نطرح هدف زيادة وتيرة الدروس في المنظمات القاعدية (درس كل أربعة أشهر)، مع الاستفادة من العناصر الإيجابية للتخطيط في السنوات الأخيرة، أي ضمان تكرار المفاهيم والموضوعات الأساسية، والعناية في أن تتماشى قدر الإمكان، مع التدخل الحزبي و الصراع الجاري، و إسهام الهيئات القطاعية في تخصيص المحتوى في نطاق مسؤوليتها، ودعم المعلمين عبر اجتماعات تأهيلية و مواد مساعدة.
جوانب رئيسية لمسؤولية الهيئات من أجل تحقيق أقصى مردودٍ ممكن للدروس:
تثبيت تقييم المكاتب القطاعية للدروس، مما سيقود إلى اعتماد تدابير إرشادية لسد الثغرات، ومعالجة الالتباسات والآراء الخاطئة، والبحث في أسباب تكرار الأسئلة التي تُبرز وجود مشكلة مزمنة في استيعاب المفاهيم الأساسية، أو تعكس تأخيرا في المعالجات المركزية.
تتمثَّلُ أولويةٌ في إدراك مسؤولية كافة مستويات هيئات الحزب، لمسؤوليتها تجاه دعم العمل الأيديولوجي والسياسي والتثقيفي في صفوف الشبيبة الشيوعية اليونانية، التي تُشكِّل مانح الدم الرئيسي للحزب.
إنّ الاضطلاع بهذه المسؤولية، جوهرياً - لا شكلياً و إعلانياً- هو شرطٌ ضروريٌّ لضمان الاستمرارية الثورية للحزب في المستقبل. و يشترط مسبقاً خوض نضال دؤوب ضدّ الرؤى، وخاصةً الممارسات التي تُؤدي إلى "الطلاق" مع محاولة اكتساب المعرفة، وضدّ الرؤى التي تُستهينُ بأهمية التثقيف الجوهري أو تحصره في اكتساب معلوماتٍ و إحاطة إعلامية آنية مجتزئة. ويتطلب ذلك نضالاً دؤوباً من أجل تعميق فهم كون الاستخدام الفرديّ لوسائل التواصل الإجتماعي يترك مساراً هاماً مفتوحاً لتنظيم التفكير على أساس توجه الخصم الطبقي، مما يُعزّز آلية التلاعب.
إن الواجب الأشمل المذكور أعلاه يُترجم في الممارسة في صياغة خطة موحدة لهيئات الحزب والشبيبة الشيوعية ومثابرة في تنفيذها، و هي التي تشمل جميع الأوجه الجانبية التي تم تطويرها سلفاً (كمثال استخدام الكتب وتداولها، و مجلة كومونيستيكي إبيثيوريسي، و أداء اللجان الأيديولوجية) وتتخصص في مستويات التعليم والتدريب المهني، في مجالات الشباب العامل، والبحث العلمي، والثقافة، والرياضة.
و يتمثل محور رئيسي لصياغة محتوى الخطة الموحدة و مراقبته، في التحسين الجوهري لاستيعاب برنامج الحزب القدرة على عرضه، و كذلك لمعالجاتنا المعاصرة الأساسية، واستنتاجاتنا التاريخية، و لرؤيتنا الأشمل للاشتراكية الشيوعية (حتميات الثورة الاشتراكية و البناء الاشتراكي الشيوعي).
في هذا الميدان تحديداً، سيُختبر في الممارسة الاستخدام الإرشادي لسائر صيغ التجهيز، بدءاً من صحيفة "ريزوسباستيس" و" مجلة كومونيستيكي إبيثيوريسي" و الكتاب، و ما إلى ذلك. حيث نشدد محاولتنا من أجل:
- خوض مواجهة أيديولوجية وسياسية متخصصة صائبة داخل الحركة، مع القوى الأخرى من أجل تحديد توجهها وأهداف الصراع التي تتبناها.
- دراسة التفاعلات الكفاحية على أساس مستقر، مع تقييم صحيح للأمزجة، واستخلاص خبرة و معرفة جديدة، مع استيعابها جماعياً في جميع المستويات.
- مواجهة نظريات ما بعد الحداثة، الرجعية التي تشكل جزءاً هاماً من الجبهة الأيديولوجية السياسية. إننا بصدد آراء مثالية لاعقلانية بشأن المصير و"نزعة الحقوق الفردية"، والتي تُفضي إلى مواقف إنكار الجنس البيولوجي، والقبول فقط بـ"النوع الاجتماعي"، و"ميوعة الهوية الجندرية"، وهي مواقف تؤثر على القوى الشعبية، وخاصةً على اﻷعمار الشابة. و ما من علاقة لهذه الآراء بالدفاع الجماعي الكفاحي عن سائر الحريات الفردية والاجتماعية و عن مكتسبات الطبقة العاملة و القوى الشعبية، ولا بالشباب والنساء من ذوي الأصول والانتماءات العمالية أو الشعبية. هذا و يتطلبُ إيرازُ البعد الاجتماعي الطبقي للقضايا المذكورة أعلاه، دراسة الإنجازات العلمية في علم الأحياء، وعلم الأعصاب، والأنثروبولوجيا، و نقداً ماركسياً مع استخدام إبداعي لنتائج العلوم الاجتماعية، وغيرها، و إبراز إدارتها من قِبل السلطة البرجوازية، ولكن أيضاًَ في الاتجاه المعاكس، في تطوير الخلفية الفلسفية الماركسية، وفي إثراء مواقفنا من منظور الاقتصاد الاشتراكي وسلطة العمال.
- موقف الحزب اﻷممي، الذي يتعلق بمسائل التضامن والحرب الإمبريالية، بالإضافة إلى معرفة المسائل المتعلقة بالحركات العمالية الشعبية في بلدان رأسمالية أخرى، والاستفادة من الخبرة الأممية، وما يحدث في الاتحاد الأوروبي والقارات الأخرى، لكيما تُفهمَ أيضاً على هذا الأساس، استراتيجية الرأسمالية المعاصرة وأهمية النشاط الأممي للحركات الجماهيرية والأحزاب الشيوعية، و ما شاكلها.
أسهمت الشبيبة الشيوعية اليونانية في النشاط الإجمالي للحزب، وفي رفد صفوفه بأعضاء شباب. و عالجت بنحو أبعد في مؤتمرها اﻟ13 تدخلها في صفوف شباب اﻷسر العمالية الشعبية، و تعزيز القدرة على التجاوب مع أغراضنا الثورية في جميع الظروف، إلى جانب الحزب. بذلت الشبيبة الشيوعية اليونانية محاولة هامة من أجل تجديد صفوفها في جميع المواقع و برزت كوادر جديدة، وغذّت صفوف الحزب بأعضاء وكوادر جدد. هذا أمر طبيعي وإيجابي، شريطة أن يجري ذلك بنحو مخطط مع ضمان عدم نشوء أية ثغرات في هيئات الشبيبة الشيوعية اليونانية.
و تتمثل مسألة أولية في منح المساعدة اﻹجمالية من أجل التربية الثورية لأعضاء وكوادر الشبيبة الشيوعية اليونانية، و ترقية جيل جديد من الكوادر الشيوعية في جميع القطاعات. و نقدِّرُ أن مشكلتنا، كهيئات إرشادية للحزب، تبقى في تحمل المسؤولية عملياً لمعالجة بطء معدلات التجنيد وصعوبة استيعاب عدد من الأعضاء الجدد في الشبيبة الشيوعية اليونانية في عدد من المناطق. يتعلق هذا بنحو خاص بالتلاميذ، حيث تظهرُ صعوبة في التجديد، و ضمن الطلاب، حيث توجد معدلات تجنيد منخفضة، وهي مسألة حاسمة من أجل تطوير الشبيبة الشيوعية اليونانية إجمالاً.
و في حين تزايد نفوذ الشبيبة الشيوعية اليونانية، وقدرتها على التواصل مع جماهير أوسع من الشباب، والمساهمة في تطوير وتوجيه نضالاتهم، ارتفعت بنحو كبير المتطلبات لخوض الكفاح الأيديولوجي السياسي من أجل فُكاك ضمائر الشباب من الأيديولوجيا البرجوازية، وكسب الشباب في صالح المنظور الاشتراكي والنشاط المنظم في الظروف الراهنة.
يبدأ الهجوم الأيديولوجي البرجوازي على وعي الشباب مبكراً جداً، منذ الطفولة، وهو مدروسٌ أكثر و متعدد الأوجه، يمس جميع جوانب حياتهم، و احتواء نضالاتهم، و تقبلهم للدعاية الأوروأطلسية و للمساعي البرجوازية، مع الاحتواء الإجمالي للقلق و التشكيك الشبابي، و لبحث الشباب الإبداعي عن الجديد والمبتكر، و عن مستقبلهم الخاص، ليُحصر في نماذج وقوالب برجوازية. و يتميَّزُ تأثير المثالية الذاتية على الشباب، وما يسمى بتقرير المصير الفردي و"نزعة الحقوق الفردية". و يستغل النظام التعليمي البرجوازي، والتقنيات الجديدة التي تسيطر عليها مجموعات احتكارية كبيرة، و تُؤثر على أسلوب تفكير الشباب وتواصلهم وإعلامهم وتنشئتهم الاجتماعية، من خلال عرض معايير وقيم فردية وما يقابلها من أخلاقيات. ويزرع التسامح و الإدمان تجاه المخدرات والمقامرة والإنترنت، وخاصةً وسائل التواصل الاجتماعي، و الإدمان على الكحول، مع كل هذه الظواهر المتأصلة في المآزق التي يلدُها النظام الرأسمالي العفن ويُعززها.
و يضطلع الحزب بمسؤولية تعزيز الدعم الإرشادي للشبيبة الشيوعية اليونانية، الذي يركز على استيعاب برنامج الحزب و على التربية الشيوعية لصفوفها. لكيما يتنامى التجنُّدُ الواعي والصمود والثبات في منعطفات الصراع الطبقي، المُستند إلى مواقفنا المثبتة نظرياً والمؤكدة عملياً بشأن التقسيم الطبقي للمجتمع، ودور الصراع الطبقي في التطور الاجتماعي، والثورة، والاشتراكية و بنائها، ودور الحزب كطليعة منظمة للطبقة العاملة. فليُسند بنحو منهجي و منتظم أعضاء وكوادر الشبيبة الشيوعية اليونانية، حتى يتمكنوا من تطوير معيار سياسي طبقي لفهم الواقع الموضوعي، وتفسير التطورات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، والعلاقات الاجتماعية التي تتحدد من التناقضُ الأساسي بين رأس المال والعمل و سيطرة علاقات الإنتاج الاستغلالية.
و تتمثل أولوية في إدراك مسؤولية هيئات الحزب الإرشادية من أجل تعزيز التيار الأيديولوجي والسياسي والتثقيفي في صفوف الشبيبة الشيوعية اليونانية، من خلال تحسين الأداء التنظيمي الداخلي، ولا سيما في الهيئات القطاعية و المنظمات القاعدية الشبيبية، وتعزيز الدروس الأيديولوجية وأنظمة التثقيف الحزبي الداخلي، وتوسيع نطاق دراسة "ريزوسباستيس" و"أوذيغيتيس" و"كومونيستيكي إبيثيوريسي" والكتاب السياسي، وتحسين الخلفية الأيديولوجية الماركسية، وعلى نطاق أوسع، المستوى التثقيفي والثقافي في الشبيبة الشيوعية اليونانية.
إن معيار نجاح هذا العمل هو صعود إعداد أعضاء الشبيبة الشيوعية اليونانية للالتحاق بالحزب، وتحسين استيعابهم لبرنامج الحزب الشيوعي اليوناني وقدرتهم على عرضه، و حيازة منهجية في تنظيم الشباب والتفاعل معهم. و في هذا الإطار، تستطيع الشبيبة الشيوعية اليونانية تعزيز وتنمية سماتها الثورية، وإيمانها بتفوق الاشتراكية، والثقة بقوة الطبقة العاملة ودورها الطليعي، وموقفها الكفاحي الأبيّ في الحياة، وموقفها الطليعي في اكتساب المعرفة و الصمود في وجه صعوبات الصراع والحياة، وخاصة في الفترات الانتقالية.
سيسهم تطوير هذه السمات في اقتدار الشبيبة الشيوعية اليونانية - عكس التيار - على التأثير على الشباب وجذبهم إلى النضال الثوري بقوة المثال الشخصي لأعضائها، الذي يُكتسب و يُستلهم من الموقف الشيوعي الطليعي لكوادر الحزب في نشاطهم اليومي وفي إرشادِ الشبيبة الشيوعية اليونانية.
و في الوقت ذاته، من المطلوب دراسة مسائل تنظيم أفضل على أساس تسلسلات أولوياتنا، و تنسيق أفضل بين الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية اليونانية، وتعزيز وتطوير كوادر مناسبة لعمل الحزب بين الشباب، وتخصيص عملنا بين الفئات العمرية الأصغر، وإعداد قوى الشبيبة الشيوعية اليونانية للعمل في مواقع و قطاعات حرجة ذات أهمية استراتيجية. مع إدراج تخطيط بناء الشبيبة الشيوعية اليونانية في تخطيط الحزب المقابل و الرقابة و الدعم.
و لتُطرح في أفق الذكرى اﻟ60 لتأسيس الشبيبة الشيوعية اليونانية، التي سنحتفل بها عام 2028، أهداف لتطوير انقضاضي لِقواها، و تشديد العمل الأيديولوجي و تحصين أعضائها، على أن يُقدم الحزب إما على عقد مؤتمر موضوعاتي بشأن الشباب أو اجتماعاً موسعاً للجنة المركزية، من أجل دراسة المسائل المستجدة الناشئة من أجل تدخُّلٍ أكثر نجاعة في صفوف الشباب اليوناني وحركته إجمالاً، وبنحو أكثر خصوصاً، بشأن تقديم الدعم الأنجع للشبيبة الشيوعية اليونانية.
على مر اﻷزمنة يولي الحزب الشيوعي اليوناني أولوية للجيل الجديد. و على مدى السنوات التي انقضت منذ المؤتمر السابق، طوّر الحزب العديد من المبادرات المتعلقة بالأطفال، و تصدّّر نضالات من أجل تحسين ظروفهم المعيشية. و بُذلت محاولة لدراسة ظواهر و ظروف معاصرة (كتشكيل مجموعة عمل معنية بجنوح الأحداث). واستمرت بوتائر أكثر حسماً محاولة تربية أطفال عائلات أعضاء الحزب وأصدقائه. هي محاولة تربويٌّة وثيقة الصلة بالعمل الجماعي، و تتناقض مع المعايير السائدة، تَزرعُ قيم الطبقة العاملة، وأسلوب التفكير والعيش والنشاط الشيوعي.
وتواصل إصدار مجلة "المنطاد الأحمر" و ترقيتها، وهي مجلة تصدر كل شهرين مع مادة متنوعة، موجهة لتلاميذ المرحلة الابتدائية والإعدادية من إصدار دار "سينخروني إبوخي". و بالتوازي تم إعداد إصدارات أخرى مع التركيز على تطورات تلك الفترة (تم نشر كتب منفصلة في الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، وحملة آسيا الصغرى وكارثتها عام 1922، بالإضافة إلى ملحقات متعددة الصفحات للمجلة حول الحرب في أوكرانيا ومجموعة مختارات من القصص القصيرة، والتدخل الإمبريالي في يوغوسلافيا عام 1999، والبيئة، والتعرف على ميكيس ثيودوراكيس. وتم التركيز بشكل خاص على إنتاج المواد التعليمية الأصلية وإنشاء خطط الدروس لمختلف المواضيع، المناسبات السنوية التاريخية والأحداث الجارية والأيام العالمية وما إلى ذلك). إننا بصدد حجم من المواد التي يستخدمها المعلمون سلفاً في الصفوف الدراسية، و أهالي التلاميذ في المنزل، وهو تدخل يمكن توسيعه بنحو هام.
و خلال الفترة المنقضية منذ المؤتمر السابق، اتضح بنحو أكثر أن نواة تدخلنا في الفئات العمرية الأصغر سنًا يتمثل في إنشاء و توظيف مجموعات "أصدقاء المنطاد الأحمر" في الحي السكني (لكل بلدية أو مدينة)، ودعم وتوجيه الأطفال من نفس الفئة العمرية من خلال اللقاءات المنتظمة والمستمرة مع قائد المجموعة، ومحتوى رئيسي هو المواضيع والأنشطة المقترحة على صفحات المجلة. إن هذه المجموعات تتلاقى أيضاً حسب المنطقة في المهرجانات والرحلات والزيارات، وعلى مستوى البلاد في مخيَّم الشبيبة الشيوعية المناهض للإمبريالية الذي يستمر لعدة أيام.
و في إطار المحاولة لتحقيق هدف إنشاء و توظيف مجموعة "أصدقاء المنطاد الأحمر" في كل بلدية\مدينة، برزت إمكانيات و متطلبات ذات صلة.
و من جهة، فإن هوامش وصول هذا النشاط إلى عدد أكبر من الأطفال هي واسعة جداً. و خلاف ذلك، تعترفُ مجموعة من العائلات التي لديها أطفال صغار (والتي نتواصل معها من خلال جمعيات أولياء أمور التلاميذ وجمعيات المرأة) بِرفعة مواقفنا بشأن الطفل، وتتواصل معنا وتتابعنا من هذا المنطلق. و من جهة أخرى، لكي يتضاعف نطاق هذا العمل، فإن من الضروري أن تشارك مجموعات التربية الحزبية بنحو أكثر نشاطاً، وأن يشارك المزيد من الرفاق والأتباع، لِنرفع كفاءة جميع المشاركين. لإلهام وتنمية المزاج المقابل لدى الأشخاص الذين يتعاملون مع الأطفال (مهنياً أو كهواية)، والتعرف والالتقاء في هذه المحاولة مع (معلمين و فنانين و مدربين وطلاب الكليات الجامعية المقابلة). لدعم ومضاعفة نطاق المبادرات المقابلة على مستوى الحركة (من النقابات العمالية إلى الجمعيات النسائية و هيئة السلم وما إلى ذلك).
يتم استخدام مجمل هذه المحاولة للارتقاء النوعي بأداء ومحتوى حياة وعمل منظمات التلاميذ القاعدية للشبيبة الشيوعية اليونانية، وخاصة في الصالات الرياضية، ويمكن أن يترك بصمة أكثر حسماً في التنمية التنظيمية للشبيبة الشيوعية اليونانية.
أ. بشأن الحركة النقابية العمالية و مسائل الصراع الأيديولوجي والسياسي
3. حاسمٌ هو دورُ الحزب في الصراع من أجل ماهية الحركة و النضال الطبقي المطلوب اليوم
4. تدخل الحزب ومسؤولية الحركة العمالية تجاه التحالف الاجتماعي في اتجاه مناهض للرأسمالية والاحتكارات
ب. مهام الحزب تجاه العاملين لحسابهم الخاص في المدينة وحركتهم
2. المشكلة الرئيسية للعمل الحزبي
ج. تقييم بشأن حركة المزارعين المكافحين من أجل البقاء و نشاط الشيوعيين ضمنها
1. وضع المزارعين المكافحين من أجل البقاء، وإعادة بناء الحركة مع تعزيز التوجه المناهض للاحتكارات
د. حول نشاط الشيوعيات في الحركة النسائية الجذرية (الاتحاد النسائي اليوناني)
الخطوات التي نحصي إنجازها منذ المؤتمر اﻠ21
2. عن نشاطنا في مجال الصحة – و بنحو أكثر تحديداً. بشأن مداخلتنا في مجالات الرعاية الاجتماعية
3. من أجل ضمان الإسكان الشعبي و الصراع ضد المزادات
يُشكل الحزب الشيوعي اليوناني، بصفته طليعة أيديولوجية وسياسية ومنظمة للطبقة العاملة، القوةَ المُرشدة للعملية الثورية من أجل إسقاط الرأسمالية، و بذات المقدار للسلطة العمالية الثورية نفسها أثناء بناء الاشتراكية. مع إحقاق دوره الثوري، ما دام يُعبر عملياً عن المصالح العامة للطبقة العاملة، ويقود التحالف والصراع ضد الرأسمالية والاحتكارات من أجل إسقاط الرأسمالية، ويُجسد حتميات بناء الاشتراكية بعد ذلك.
وتجلى تحسن التدخل الأيديولوجي والسياسي المستقل للحزب في الطبقة العاملة خلال السنوات الماضية، أيضاً في تحسين أهداف البناء، و صياغة روابط جديدة أعمق مع قطاعات العاملين في المجالات الحيوية أو في أماكن سكنهم، و في واقعة صعود النفوذ الانتخابي للحزب و التي لا جدال فيها، لا سيما في المناطق التي تتركز فيها قطاعات واسعة من الطبقة العاملة. ومع ذلك، لا تزال هذه المحاولة بعيدة عن المتطلبات الكبيرة اللازمة لتحقيق التفافٍ مستقر وموسع للعمال الطليعيين حول الحزب و برنامجه، وخاصةً الشباب منهم، أيضاً في القطاعات الاستراتيجية الحيوية.
هناك حاجة لمحاولة متعددة الجوانب لصقل المعيار الطبقي لدى قوى عمالية أوسع نطاقاً، فيما يتعلق بالتطورات السياسية، وسياسة الدولة البرجوازية، وموقف رأس المال، ومختلف المنظمات الإمبريالية التي تشارك بِها الدولة البرجوازية. و ينبغي أن يُسهم عمل الحزب في الطبقة العاملة في إبراز دوره الطليعي الموضوعي في المجتمع، كحامل لعلاقات الإنتاج الاشتراكية - الشيوعية الجديدة، كحامل للتنظيم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الجديد.
يجب أن تأخذ هذه المحاولة في الاعتبار أيضاً التحولات في تركيبة الطبقة العاملة، حيث أن جزءاً كبيراً منها، هو أكثر تعليماً مقارنةً بالماضي، بل و حاصل على دراسات جامعية، مما يجعله، في تزامن مع إمكانيات قيام عمل أيديولوجي أرقى، أكثر عرضة للرؤى والتأثيرات البرجوازية والبرجوازية الصغيرة. إنها مسألة تتطلب عملاً خاصاً من الحزب نفسه في صفوف الشباب، وخاصةً في الشبيبة الشيوعية اليونانية، لا سيما في وقتٍ تمتلك فيه رابطة الصناعيين اليونانيين علاقة وثيقة، مع الجامعات عبر اتفاقيات خاصة.
تتمثَّلُ مسألة أخرى يجب أن تُشغلنا في الحراك الكبير، حيث ينتقل عدد كبير من العمال، وخاصة الشباب، من قطاع إلى آخر، ومن مهنة إلى أخرى، وغالباً ما يبدو هذا خياراً. لا تؤثر هذه القضية على التنظيم النقابي للعمال فحسب، بل و أيضاً على كيفية تشكُّل وعيهم لموقعهم الطبقي. وعلى وجه الخصوص، يجب تعزيز الجزء الأيديولوجي من العمل الحزبي المتعلق بالمادية التاريخية، بشأن الطبقات والصراع الطبقي، وحركة التاريخ والمجتمعات، وما إلى ذلك.
و في الوقت نفسه، علينا أن نأخذ في الاعتبار أن جزءاً كبيراً من هذا الحراك هو من الجيل الأول أو الثاني للمهاجرين، وخاصةً في قطاعات اقتصادية معينة. و هي واقعة تصوغ متطلبات أكبر، مع التسليم بأن التدخل الأيديولوجي والسياسي للحزب – عدا كل شيء آخر – يواجه أيضاً صعوبات أخرى تتعلق بالرؤى الثقافية والدينية والرؤى المسبقة المتجذرة، وما إلى ذلك، ما داموا يأتون غالباً من بلدان ذات حركة عمالية أضعف و غياب للأحزاب الشيوعية، أو لديهم رؤية مشوهة بشأن الاشتراكية – الشيوعية.
يجب تكثيف مبادرات الحزب وتدخلاته الموجهة بنحو مستقل إلى الطبقة العاملة، مع أخذ هذه الظروف الحديثة نسبياً في اﻹعتبار، على الرغم من أننا كنا قد وجدنا مكمن العديد من هذه المسائل منذ سنوات. يجب على قوى الحزب استيعاب المسألة التي أثرناها في المؤتمرات السابقة بنحو أفضل، وهي أن عمل الحزب في الطبقة العاملة لا يقتصر على تدخل الشيوعيين في الحركة النقابية العمالية، التي تُشكل بلا شك مدرسة تدريب على التنظيم والنضال والصدام مع الخصم وفق منظور مستقبل الحركة. بل و يتعلق بالعمل المستقل وإيلاء الأولوية للطبقة العاملة مع جملة المسائل، وظروف معيشتها داخل الرأسمالية، و محاولة عدم فصل مجموع المشاكل التي تعيشها، عن مسألة الاستغلال الرأسمالي وتنظيم الإنتاج والمجتمع إجمالاً.
طرح لمؤتمر اﻟ21 بوضوح أولويات عملنا في اتجاه إعادة تنظيم الحركة العمالية النقابية، ومضمون عملنا فيها: «على أنه إعداد وتطوير قدرتها على النشاط من أجل المواجهة الحاسمة و الناجعة، و ذلك في تحالف مع القطاعات الشعبية للعاملين لحسابهم الخاص في المدينة و المكافحين من أجل البقاء في الريف، ضد الاستراتيجية المُعالجة بنحو موحد من قبل رأس المال و ضد السلطة البرجوازية».
لقد تعزز التقدير والثقة بالحزب لدى شريحة أوسع من العمال وداخل صفوف الحركة النقابية.
حيث كان للحزب إسهامٌ هامٌ في الطبقة العاملة والحركة النقابية، و في تشكيل تيار تشكيك بالسياسة السائدة. بدأ هذا التيار بالتعزُّز في ظروف الوباء مع الموقف الإجمالي للحزب وعملنا في الحركة، وتوسَّع خلال الفترة التالية حتى اليوم.
و بالطبع، لا يزال نهج الاندماج في النظام، والتعاون الطبقي، مهيمناً، لا سيما في الهيئات النقابية العليا (كونفدراليتي عمال القطاع العام و الخاص)، وفي غالبية هيئات المستوى الثانوي، وفي الاتحادات ومراكز العمل. و هي التي قامت على مدار هذه السنوات الأربع، بدعم حكومة حزب الجمهورية الجديدة لتمرير تدابير معادية للعمال ذات أهمية بالغة لرأس المال.
و لقي موقف هذه القوى اعترافاً من قبل حكومة حزب الجمهورية الجديدة، وأرباب العمل، والاتحاد الأوروبي، الذي يُثني على مساهمتها في إلغاء وقت العمل المكون من 8 ساعات و5 أيام في اليونان، و في عملقة نطاق المرونة.
في بعض الحالات، تتجلى لدى هذه القيادات ظواهر حرجة تتمثل في تفاقم التناقضات بين الفصائل والمجموعات التي تُشكل الأغلبية في الإدارات، و في ظواهر التعفن، والتعامل مع الدولة و أرباب العمل. حيث زادت هذه الظواهر من الازدراء والنفور لدى بعض قطاعات العمال.
ومع ذلك، وفي ظروف احتدام هجمة رأس المال على الطبقة العاملة، و تورط بلدنا في الحروب الإمبريالية والتفاعلات المكثفة، وخاصة في فضاء الاشتراكية الديمقراطية، فإن مواجهتنا مع قواها في كونفدراليتي عمال القطاع العام و الخاص هي ذات متطلبات أكبر.
إن هذا التعقيد يتعلق أيضاً بواقعة سعيها في هذه المرحلة إلى مواجهة قوانا، في المراكز الحضرية الكبرى وخاصة في محافظة أتيكي، متوقعة تعزز تيار عمل مشترك للنقابات والمنظمات الجماهيرية الملتفة حول مبادرات و جبهات الصراع التي فتحتها جبهة النضال العمالي "بامِه"، وأن قوانا تتعزز باستمرار في انتخابات النقابات. إنها تريد في الأساس، كآلية للنظام، كبح التيار المواكب للحزب الشيوعي اليوناني، الذي يتخذ في حالة بعض القوى خصائص أكثر وعياً. فهي تتوقع خطر نمو هذا التيار وتعمقه.
و لكي تتمكن من ذلك، ينبغي عليها أيضاًَ اﻷخذ في الاعتبار لبعض مطالب العمال؛ حيث بغير استطاعتها تماماً الانفصال عن المشاكل الفعلية، كإعادة العمل ببعض الاتفاقيات الجماعية أو ردّ الهدايا لموظفي القطاع العام. و خلاف ذلك، فإن تبني بعض مطالب العمال، و تسخيرها في الترويج للشراكة الاجتماعية والتعاون الطبقي والتناوب الحكومي، هي مقدمة لتحقيق مهمة الاحتواء. إن ما لا يتغير هو أنها تدعم باستمرار السياسة التي تُوسّع الهوة بين الحاجات الاجتماعية الجديدة وإرضائها، على الرغم من وجود الإمكانات المادية.
و تجري مواجهة هذه القوى على طول الخط، استراتيجياً، لا على أساس على مطالب معينة قد تهمس بها في ظلّ تفاقم مشاكل العمال وصدى الحركة ذات التوجه الطبقي. ومع ذلك، حتى في هذه المطالب الاقتصادية، ينبغي الكشف عن سياسة الاحتواء والتوافق الاستراتيجي التي تحتويها التطلعات البرجوازية، و كشف "حساسيتها و نفورها" من العمليات الجماعية والجماهيرية، وتقويض المطالب الطبقية، و الترويج للشراكة الاجتماعية، ومواجهتها المتسقة ضد الصراع الطبقي وعرقلته.
هذا و نُقدّر أننا حققنا نتائج إيجابية في المؤشرات الأساسية لإعادة التنظيم (النشاط الطليعي، جمهرة النقابات، تحوُّل تناسب القوى، وخط الصراع ضد الرأسمالية والاحتكارات) وفي النشاط العملي على جبهات واسعة النطاق من أجل التحالف الاجتماعي. هناك تحسن في تناسب القوى لدى جزء العمال المنظمين في النقابات. ومع ذلك، لا تزال درجة تنظيم الطبقة العاملة بشكل عام في خطوط النقابات ضئيلة، ولا يزال إنشاء نقابات جديدة يجري بطيئاً و بعد عناء. و منذ الوباء ولأول مرة منذ سنوات عديدة، تقلص الانخفاض العام في مشاركة العمال في النقابات، وشهدنا زيادة طفيفة في انتخابات النقابات، حوالي 4٪، والتي سيتم التعبير عنها في المؤتمرات القادمة لكونفدراليتي عمال القطاع العام و الخاص. هي زيادةٌ تعرب عن توجهات بعض قطاعات العمال نحو الاستناد إلى التنظيم الجماعي في ظل الهجمة الشاملة.
حققت القوائم التي تشكلها قوانا موقع اﻹدارة أو تصدَّرت انتخابات عشرات النقابات الأولية، وكذلك في نقابات المستوى الثاني الكبرى، ومراكز العمال (مثل: بيرياس، تريكالا، إيفيا، كِركيرا، ليفاذيا)، والاتحادات (مثل: موظفي القطاع الخاص، والمعلمين، وأطباء المستشفيات). إن المواقع التي نكتسبها في الحركة النقابية تتيح لنا إمكانية شروط أفضل من أجل تخطيط عملنا لإعادة تنظيم الحركة النقابية العمالية، والاستفادة من هذه المواقع في تعزيز الصراع الطبقي، وامتلاك زمام المبادرة لتنظيم النضال في إطار كفاحي طبقي مطلبي.
هذا و يُعربُ التحسن المسجَّلُ في تناسب القوى عن تفاعلات تجري في وعي العمال والشعب، وهو ثمرة عملٍ دؤوبٍ للشيوعيين لأعوام مديدة. و لا ينبغي أن يَخلق هذا حالةً من الطمأنينة أو يُشوّش معاييرنا بشأن تناسب القوى. فبالنسبة لنا، إن معيار التناسب هو التحول الجذري للوضع في المستويات الأولية، وفي المقام اﻷول في النقابية مع التفاف العمال حول أدائها ونشاطها، و صعود منسوب تنظيم العمال، وتأسيس نقاباتٍ جديدة، وتعزيز توجه الصراع المناهض للرأسمالية، والتأثير الأشمل لسياسة الحزب الشيوعي اليوناني، و لرؤيته بشأن دور الطبقة العاملة كقوة ثورية من أجل الاشتراكية.
هذا و لم ينعكس الوضع في القطاعات الحرجة ذات الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد التي نُوليها الأولوية، كالطاقة والنقل. حيث نشهد ركوداً و تراجعاً في نتائج انتخابات نقابات هذه القطاعات، تحت وطأة أوجه ضعف ذاتية.
و كان لنفوذنا النقابي صعود كبير في القطاع العام وفي الاتحادات الكبيرة المنضوية ضمن اﻹدارة العليا لاتحادات عاملي القطاع العام، والذي نجمَ عن الاستياء الكبير الذي تشكل بسبب الاعتداء على العديد من حقوق موظفي القطاع العام من قبل جميع الحكومات. و في مواجهة كل هذا، تصدَّرت قوانا ونظمت النضال بإطار صحيح من المطالب، وتم الاعتراف بها كالقوة الوحيدة التي حذرت من التغييرات الرجعية و كافحت ضدها. ومع ذلك، لا يتسع هذا المسار للطمأنينة. حيث لِجهاز الدولة قدرة كبيرة على الاحتواء. و لا يمكن اعتبار النتائج التي نحققها في الانتخابات، كمسلَّمات إذا لم يتم تعزيز التدخل الأيديولوجي والسياسي للحزب بنحو حاسم. و إذا لم يتم تعزيز القوى المنظمة للحزب داخل جهاز الدولة بنحو حاسم، فهناك دائماً خطر الانتكاس أيضاً في التناسب النقابي للقوى، وخاصة وفقاً لدرجة إعادة تنظيم الاشتراكية الديمقراطية. و في الوقت نفسه، فإننا نأخذ في الاعتبار مخاوف الحكومة وأرباب العمل والكوادر النقابية لأرباب العمل والحكومة، تجاه الخطى الإيجابية التي سجلتها جبهة النضال العمالي "بامِه". حيث من المؤكد أنهم سيتخذون تدابير إضافية، تهدف إلى حصار قوى تتقاربُ من الحزب الشيوعي اليوناني والنقابات الطبقية، و قطع الطريق أمامها.
لقد تعزز التوجه نحو "العمل من القاعدة"، و محاولة حشد القوى في تنظيم الصراع، ولكن أيضاً بشأن وجهته، كما حصل من خلال الجمعيات العامة والفعاليات الجماهيرية، وتنسيق عمل النقابات من خلال اجتماعات، كاجتماع 5 تشرين الأول\أكتوبر 2021، والمؤتمر العام لـ "بامِه" الذي أقيم على المستوى الوطني في تموز\يوليو 2022.
و يُشكِّلُ المؤتمر العام لـ "بامِه" الذي أقيم على المستوى الوطني في تشرين الثاني\ نوفمبر 2024 محطة فعلية، بمشاركة 663 نقابة ولجنة نضال بالإضافة إلى 80 جمعية للمتقاعدين عن العمل، وهو أكبر عدد إجمالاً منذ تأسيسها عام 1999. حيث توسع قوسُ النقابات المحيطة بـ "بامِه" التي تنشطُ في جميع هذه التحركات.
هذا و حضر المؤتمر العام لـ "بامِه" الذي أقيم على المستوى الوطني في تشرين الثاني\ نوفمبر 2024 لأول مرة 151 نقابة غير منضوية في الجبهة، بينما شاركت 66 نقابة مماثلة عام 2016. هذا و قمنا بالتنسيق مع أكثر من 230 نقابة غير منضوية في "بامِه" خلال مختلف التحركات على مدى السنوات الثلاث الماضية.
هذا و كان لتدخل الحزب و "بامِه" أهمية في تطوير المبادرات والتحركات النضالية التي جرت ضد أرباب العمل والدولة وحكومة حزب الجمهورية الجديدة و باقي أحزاب رأس المال الأخرى وقيادات كونفيدراليتي عمال القطاعين العام و الخاص. و أصبح إطار وتوجه الصراع الذي روّجنا له داخل الحركة أكثر تميُّزاً إلى حد كبير، وهو أمرٌ يؤثر على قطاعات أوسع من العمال.
و منذ المؤتمر السابق للحزب، أجريت ثلاثة إضرابات عمالية شاملة على مستوى البلاد دون قرار من كونفدرالية عمال القطاع الخاص. و في الواقع، حققنا في إضراب 28 شباط\فبراير 2024 اعتماد أكبر عدد من النقابات القطاعية الثانوية قرار المشاركة في الإضراب دون قرار من الكونفدرالية (هي 22 اتحاد للقطاع الخاص و37 مركز عمالي).
هذا و كانت جميع الإضرابات التي نفذت على المستوى الوطني خلال هذه السنوات الأربع، سواء بعد قرار من كونفدراليتي عمال القطاعين العام و الخاص أو دونه، قد نُفِّذت تحت الضغط الكفاحي لمبادرات "بامِه" والالتفاف الذي كان يتشكل مع الاتحادات ومراكز العمل والنقابات، وفق محتوى مدروس وإطار عمل جماعي للصراع من أجل رواتب ومعاشات تقاعدية أفضل، ومن أجل إعادة العمل باتفاقيات العمل الجماعية، و اتخاذ تدابير ضد الغلاء، وضد قانون يورغياذيس الذي فرض يوم عمل مدته 13 ساعة لدى أكثر من رب عمل واحد، والآن قانون كيراميوس من أجل يوم عمل مدته 13 ساعة لدى رب عمل واحد، إلخ، و أيضاً بسبب جريمة تِمبي، و ضد خط الدفاع عن استراتيجية وأرباح مجموعات الأعمال.
منحت جريمة تِمبي دفعاً كبيراً للصعود المفاجئ للاحتجاجات الجماهيرية ضد الحكومة. حيث تواجدت هبَّةُ غضب العمال والشعب والشباب إزاء جريمة تِمبي في ذروة سخط واستياء عمالي وشعبي أوسع نطاقاً، وقلق و تفكُّرٍ تجاه المستقبل، يتغذَّى إجمالاً من المآزق التي تواجهها معيشة العمال والشعب بأكملها. و هي ترجعُ إلى تشديد الاستغلال، والهجمة الجارية على دخل العمال والشعب، عبر الغلاء و الرواتب المتدنية وارتفاع الضرائب، والحالة المزرية للخدمات الاجتماعية والبنية التحتية الحرجة، كخدمات التعليم والصحة والحماية من الظواهر الطبيعية والكوارث، ولكنه يتغذى أيضاً من الحرج والخوف من التطورات الدولية و تورط بلادنا في جبهات الحرب. هذا و تتدخل الطبقة البرجوازية في التفاعلات الجارية في الإدراك الطبقي والسياسي للقوى الشعبية، بهدف التحكُّمِ بالسخط والاستياء، حتى لا يكتسب طابعاً أكثر جماهيرية و كفاحية و مناهضة للرأسمالية تحت التدخل المنظم للحزب الشيوعي اليوناني.
هذا و نُظِّمت على مدى هذه الفترة، تحركات قطاعية ومحلية كبيرة من أجل الدفاع عن حقوق العمل. و تتميَّزُ الإضرابات القطاعية العديدة لعمال البناء، الذين تمكنوا من توقيع اتفاقيتي عمل جماعيتين قطاعيتين خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى بعض الاتفاقيات على مستوى كبرى ورشات اﻹنشاء. و إضرابات عمال المعادن في منطقة بناء وإصلاح السفن من أجل توقيع اتفاقيتي عمل جماعيتين، والإضراب المنسق لعمال المعادن والبحارة وعمال الموانئ في ميناء بيرياس، مع التركيز على تدابير الصحة والسلامة. وشهدت عدة مواقع تحركات ذات المحتوى ذاته، خلال فترة شهدت ارتفاعاً في حوادث العمل، عقب مقتل وإصابة عدد من العمال. و هامةٌ كانت اتفاقيات العمل الجماعية الموقعة في نطاق شركات، بعد صراع خاضته النقابات في عدد من القطاعات (صناعات الأغذية والمشروبات، والمعادن، والصناعات الكيميائية، والقطاع المالي، وغيرها)، والنشاط الكفاحي الذي تطور ضد تسريح العمال، والتغييرات في علاقات العمل وساعات العمل، مع تحقيق انتصارات صغيرة ولكنها مهمة للعمال.
و نُظِّمت بمبادرة من قوانا في الحركة العمالية النقابية، أيضاًَ تظاهرات كبيرة للمتقاعدين، وسّعت التفاف جمعياتهم حول لجنة تنسيق النضال، الذي تحقق بمبادرة من اتحاد متقاعدي صندوق مؤسسة الـتأمينات الاجتماعية. أبرزت النضالات في شركات LARCO وCOSCO و"E-FOOD" و"مناجم خالكيذيكي" و"بِتريليا" و"كافالا للأسمدة" و"مالاماتينا"، قوة تنظيم العمال، ولاقت تضامناً كبيراً، وأصبحت مرجعاً للقوى الشعبية الأوسع.
و يُعترف على نطاق واسع بالنشاط الطليعي لأعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية اليونانية في الدفاع عن خدمات الصحة العامة والمجانية، وكذلك في مجال التعليم إجمالاً، ضد خط التسليع والخصخصة بأكمله. و تجلى تحوُّلٌ إيجابي في تناسب القوى لحركة نقابات العاملين في مجال الصحة في المستشفيات العامة، والمعلمين في التعليم العام، وفي الجمعيات الطلابية، وفي شدة ومضمون نضالات تلك الفترة.
إن كل ما سبق يؤكد الدور الحاسم لحزبنا، والطليعة الأيديولوجية السياسية المنظمة في موقع العمل، وبالتالي الأهمية الحاسمة للتنظيم. حيث تعززت قدرتنا على العمل بإطار مطلبي مدروس وخط مواجهة في بعض المواقع، حيث نُمثل أقلية في مجالس إدارة النقابات، وهو عنصرٌ ينطوي على هوامش عديدة، ما دمنا نتأخر في غالبية القطاعات عن العمل وفق توجه مماثل. و بنحو مقابل، نُفِّذ و بعد سنوات إضرابان قطاعيان في قطاع صناعة الأغذية والمشروبات، من أجل توقيع اتفاقية عمل جماعية قطاعية، مما يؤكد الحاجة إلى العمل بنحو أكثر حسماً لتطوير البنى التحتية الحزبية والنقابية مع التركيز على مواقع العمل. في الظروف الراهنة، لن تُقدم الحكومة وأرباب العمل على أدنى تنازل. حتى بالنسبة لأبسط المكاسب، كإلغاء عملية تسريح من العمل، حيث مطلوبة هي وحدة حاسمة للعمال و لنشاطهم. حاسمٌ هو دور الشيوعيين في مواقع العمل. لو لم يكن هذا النشاطُ موجوداً، ولو لم يكن هناك مساهمة حاسمة من جانب جبهة النضال العمالي "بامِه" والنقابات العمالية ذات التوجه الطبقي، لكان التراجع المسجل هو بنحو أكبر.
و لكيما يكون للنضال تأثير أوسع ويسهم في تغيير تناسب القوى، ويهيئ الظروف للانقلابات، يجب أن "يفتح" أفقه، ويتخذ خطوات في اتجاه الهجوم المضاد، ويعزز توجهه المناهض للرأسمالية، أي أن يساهم في إدراك شروط و مقدمات الصدام مع السلطة الرأسمالية، من أجل إعداد الجيش الثوري، وهي مهمة يروّج لها أيضاً في الظروف غير الثورية الحالية.
و لا يُروّج لهذا الهدف بنحو عفوي من قبل القوى العاملة الساخطة نفسها، حتى حين إبدائها أمزجة صاعدة للتحرك بنحو جماهيري أو حتى في أشكال الصراع. و هو يشترط مسبقاً قيام تدخل أيديولوجي سياسي مستمر للحزب من خلال منظمات متينة في جميع مواقع العمل الجماهيرية، وفي جميع القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية. و من المطلوب خوض صراع أيديولوجي سياسي قاسٍِ متواصل، حتى تغدو التحركات الجانبية أو اﻷشمل حلقةً في النضال من أجل الوعي وتركيز القوى من أجل الإطاحة الثورية، لا حلقةً في سلسلة الأوهام والضلالات التي تُفضي جوهرياً إلى الاندماج في النظام.
إن الترويج لهذا الخط في الحركة النقابية يتطلب من الشيوعيين القدرة على المعالجة المناسبة بأشكالٍ وأساليب مناسبة طوال العملية، بدءاً من التحضير للنضال و خوضه، بل وأكثر من ذلك بكثير في مناقشة الاستنتاجات. إن المطلوب هو صعود قدرة ومسؤولية وروح العمل الجماعي للهيئات الإرشادية والمجموعات الحزبية على جميع المستويات في معالجة أطر الصراع وتكتيكاتنا في الحركة النقابية العمالية. ليتجلى ذلك بنحو رئيسي، في القدرة على صياغة خطة متكاملة لتطوير جبهات صراع حاسمة من أجل حشد العمال و تحريكهم و كذلك لتوجيههم.
كما أننا نتدخل ونصوغ إطاراً للصراع في جميع المسائل التي تنشأ عن التطورات نفسها والتي تمس حياة العمال. و نفتح المسائل وفق شروط الهجوم المضاد لا الدفاع فقط، مسلطين الضوء على الخصم الفعلي، نظام الاستغلال الرأسمالي نفسه، والذي يتجلى في جميع جوانب حياة العمال.
إن عواقب تطبيق الخصخصة على مدى أعوام عديدة، و تقليصات الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى عواقب دعم الدولة اليونانية للحروب الإمبريالية، في ترابط مع المدة الطويلة نسبياً لحكم حزب الجمهورية الجديدة، و ترابطٍ مع عواقب الثورة المضادة والنكسة الإجمالية، تخلق أرضية لتعزيز "تيار" إصلاحي ترعاه قوى الاشتراكية الديمقراطية والانتهازية التي تسعى جوهرياً إلى جعل الحركة النقابية العمالية مطية لإعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي، و إسناد صعود هذه القوى إلى الحكومة البرجوازية التي ستحل محل حزب الجمهورية الجديدة. و تُعرضُ شعارات "إعادة الاستملاك من قبل الدولة"، و "تدابير مواجهة الغلاء ضد التربُّح"، والضغط من أجل "أنسنة الناتو"، وما إلى ذلك، باعتبارها سياسة حكومية "تقدمية" و"يسارية" بديلة، حتى مع دور انتقالي من أجل هزيمة الرأسمالية. في حين أننا متواجدون بصدد مطالب سياسية مُضللة بحتة، يصاحبها في الوقت نفسه هجوم على الحزب لـ"هيمنته" على الحركة أو بسبب "تسييسها".
و تبرزُ بعض قوى الاشتراكية الديمقراطية والانتهازية خط دعم روسيا والصين ضد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كوسيلة لـ"هزيمة حلف شمال الأطلسي" أو "هزيمة الاتحاد الاقتصادي والنقدي" أو حتى ﻠ"الخروج من الاتحاد الأوروبي"، مُغذّية بذلك أوهاماً حول طبيعة هذه الاتحادات الإمبريالية أو غيرها. وينطبق الأمر نفسه على الحرب الإمبريالية، ما دامت هذه القوى تدعو الحركة العمالية إلى التحالف مع جزء من القوى البرجوازية في اتجاه إحياء خط "الجبهات المناهضة للفاشية". حتى أن هذه المواقف تُطرح باعتبارها "صدامية"، في تعارضٍِ مع خط الحزب الشيوعي اليوناني الذي يتعرض للتشويه باعتباره "متوافقاً مع النظام"، والذي يُفترض أنه "يُحيل كل شيء إلى الثورة والاشتراكية".
إن تأثير هذه المواقف وضغطها على القوى الجذرية في الحركة العمالية يعني جوهرياً إعادة إحياء منطق المراحل والاقتراح الاستراتيجي الذي يستدعي "الوحدة حول المشكلة" كخطّ للالتفاف. هو خطٌّ أدانته الحياة نفسها وتجاوزته من تجربة الصراع الطبقي، ولذلك رفضه حزبنا في معالجته البرامجية، وفي قرارات مؤتمراته، وفي عملنا اليومي المبني على أساس استراتيجيتنا. حيث نطرحُ في صميم نقاشنا بأن الرد على السؤالَ المُلِحّ "ما الواجب عمله فوراً؟" هو ضرورة تعزيز النقاش والعمل من أجل حشد القوى، والصراع على الجبهات التي تُبرزها التطورات نفسها، بسياسة صدام طبقي تُنضِج وعي العمال، ليخوضوا بحزم المعركة من أجل إحداث تحولات جذرية في الاقتصاد والسلطة السياسية. و في هذا الاتجاه، فإن الأمر الرئيسي هو انتظام وتكثيف تدخلنا الأيديولوجي والسياسي تجاه العمال المنتظمين نقابيا و اللامنتظمين، وخاصةً تجاه أولئك الذين يلتفون ضمن الحركة، و تشديد الاصطراع في صفوفهم، و بنحو رئيسي تشديد النشاط المستقل للحزب. إن آلاف المناضلين يلتفون حول قوائمنا الانتخابية. حيث تُمنح الأولوية لكسب تأييد أغلبيتهم لاستراتيجية الحزب، و إنضاج الطليعيين منهم كشيوعيين، مع إيلاجهم بنحو مخطط إلى صفوف الحزب.
يشترط ذلك وجود استيعابٍ و ممارسة أفضل في عمل أكبر جزءٍ من كوادر الحزب وأعضائه، لِقرار اللجنة المركزية برفع منسوب الخلفية الأيديولوجية والسياسية، من خلال محاولة منهجية للتثقيف الذاتي، واستيعاب مواقفنا المُعالجة بنحو جماعي، وتطوير الجاهزية، والقدرة على العمل في جميع الظروف، التي ندين ضمنها بالقيام بِتدخل كفاحي ومتصاعد مع عرض منهجي لاستراتيجيتنا ومواقفنا بشأن جميع المسائل الرئيسية المتعلقة بحياة العاملين بأجر وأولادهم، وتنظيم الصراع و حشد المزيد من القوى.
إن تقييم مزاج الجماهير هو مسألة حرجة للعمل الإرشادي. و مع ذلك، فإن القدرة على تقييم الأمزجة بنحو صائب، وكيفية تفكير الطبقة العاملة والشرائح الشعبية على نطاق واسع، لا تكفي للتدخل الجوهري، ولضمان كل إمكانية لتوجيه الطبقة نحو مزاج التحرُّك. إن هيئات الحزب وكوادره ليسوا مراقبين ومقيّمين "للأمزجة"، بل من المطلوب أن يروا كيف يؤثر تدخلنا في صياغة تشكيلها وكيف يأخذونها في الاعتبار، لا أن يخضعوا لها، بل من أجل الارتقاء بها - قدر الإمكان - في اتجاه جذري محدد مناهض للرأسمالية والاحتكارات.
هذا و سيُصاحب التجلي الجديد للأزمة الاقتصادية، وخاصة في ظروف الانعطاف نحو اقتصاد الحرب، بعمليات إعادة ترتيب جديدة في هيكلية القطاعات، و بتبعات جديدة على العمال، و تدابير جديدة مناهضة للشعب بشأن حقوقهم في العمل والتأمين والنشاط النقابي، وزيادة النهب الضريبي و خطف احتياطيات صناديق التأمين، وزيادة حدود سن التقاعد، و فرض تخفيضات إضافية في الإنفاق على الصحة والتعليم والمزايا الاجتماعية، مع هجمة جديدة على حقوق الرواتب والاتفاقيات الجماعية، والمزيد من خصخصة البنية التحتية الحيوية والمياه والطاقة والنقل. مما سيصعِّب بنحو إجمالي إرضاء حتى أصغر الحاجات اليوم، مع المزيد من تخفيض سعر قوة العمل، دائماً في مقارنة مع الزيادات الهائلة في أسعار السلع والخدمات.مما سيخلق ويزيد بشكل كبير من الضرر الصحي الدائم، مع تشديد الاستغلال و زيادة ساعات العمل غير مدفوعة الأجر.
و في الوقت نفسه، سيترافق الانعطاف نحو اقتصاد الحرب مع الاستبداد، وقمع الدولة و اﻹرهاب الممارس من قبل أرباب العمل، وتقييد ومنع النشاط السياسي والنقابي، و ملاحقة العمال الطليعيين، بالإضافة إلى محاولة احتواء العمال وفق شروط مادية في أهداف الصناعة الحربية. حيث حرجةٌ هي مسألة كون الحزب مستعداً ويقظاً، من خلال نشاطه الطليعي، و نشاط الشيوعيين في الحركة العمالية الشعبية، لزرع روح التضامن والصراع الشعبي الجماهيري والمجابهة الكفاحية لعمليات الحظر، مع تعزيز هيبة الأنموذج الذي يلهم و يبدد الخوف ويحفز على النشاط.
إن ما هو رئيسيٌ لعمل الحزب في الحركة العمالية النقابية هو قيامُ خطى أكثر حسماً و أكبر على مسار إعادة تنظيم الحركة العمالية النقابية، في تعزيز خط الصراع المناهض للرأسمالية والاحتكارات. من أجل حركة لن تخضع لاستراتيجية رأس المال والحكومات البرجوازية والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. لن تخضع لِخطٍّ مفاده "فلنعمل دوح احتجاج" و لا لإسناد الأهداف "الوطنية" لرأس المال. ولن تصطفَّ مع مستغليها لكي يصبحوا أكثر قوة. هي حركة تُسهم في العمل والتضامن الأمميين، حتى لا ينقسم عمال العالم أجمع، ويصطفوا إلى جانب أحد ناهبي الثروة التي ينتجونها. ينبغي الإعرابُ عن ذلك أيضاً بتعزيز تدخلنا المخطط له بين المهاجرين، من أجل صعود مستوى تنظيمهم في النقابات، ومشاركتهم الفعالة، وترقيتهم، وانتخابهم في مجالس إدارة النقابات على جميع المستويات.
و ينبغي تسريع الخطوات المنجزة في عدد من القطاعات. مع إبراز الطابع الطبقي الفعلي والظالم للدولة البرجوازية، دولة لا تستطيع إلا حماية الأرباح و الاستغلال الرأسماليين. حيث ينبثق من هذا المسعى طابعها البربري والمعادي للشعب والقاتل، سواء في زمن الحرب أو السلم، و هو الطابعُ الذي لا يتغير ولا يُؤنسن، بل يُطاح به فقط. عبر حركةٌ ذات جبهة ثابتة ضد نقابيي أرباب العمل والحكومة في كونفدراليتي عاملي القطاعين العام و الخاص وغيرها من المنظمات النقابية، و ضد نهج التعاون الطبقي و"السلم الاجتماعي" الذي يعزز التلاعب بالعمال واستغلالهم.
و يكافحُ الحزب الشيوعي اليوناني، بكوادره وأعضائه، إجمالاً و بنشاط من أجل إعادة تنظيم الحركة العمالية النقابية، والدفاع عن حقوق العمال، وزيادة الرواتب و إبرام اتفاقيات العمل الجماعية، وخدمات اجتماعية عصرية، و خدمات تعليم و صحة و رعاية اجتماعية، فوق أساس الإمكانيات التي يصوغها تطور العلم، و من أجل وسائل نقل جماعي آمنة ومتطورة مملوكة للدولة حصرياً، موجهة نحو حاجات الشعب لا نحو الربح الرأسمالي، والمياه كخيرٍ اجتماعي لا باعتبارها سلعة، و من أجل الإسكان الشعبي لا لفرض مزادات على المساكن الأولية والمهنية، من أجل حياة كاملة لا بالتقسيط، مع وقت حرٍّ، للتربية البدنية والرياضة، للثقافة والترفيه، وإجازات لجميع العمال، من أجل فكاك بلدنا من التورط في الحرب الإمبريالية. هي حركة من شأنها أن تزرع عدم الانضباط المنظم والمواجهة النضالية مع كل من سياسات رأس المال و ضد المحاولة المبذولة لتصبح الحركة عتلة للتناوب الحكومي البرجوازي، و من أجل اﻹسهامِ في إنضاجِ العامل الذاتي للصراع من أجل الصدام الحاسم والقطيعة مع السلطة الاستغلالية. و في هذا الاتجاه، هامٌّ هو تعزيز وتوسيع جبهة النضال العمالي "بامِه"، باعتبارها قطباً طبقياً في الحركة النقابية، من أجل صياغة حركة منسقة وموحدة على الصعيد الوطني، ذات مواقف وأهداف مطلبية مشتركة، من أجل إرضاء الحاجات المعاصرة للعمال.
تبقى المشكلة والمهمة الإرشادية المركزية هي المساعدة الأيديولوجية والسياسية للكوادر والأعضاء الذين ينشطون في صفوف الحركة النقابية، ومساعدة المجموعات الحزبية. حيث شكليٌ هو أداءُ العديد من المجموعات الحزبية، التي تجتمعُ قبل فترة وجيزة من اجتماع مجلس إدارة النقابات وفي كثير من الأحيان بنفس المحتوى. إن عمل بعض المجموعات الحزبية، والطريقة التي نعمل بها مع العديد من المناضلين الطليعيين، الموجودين على قوائمنا النقابية، لا يتعمق في التوجه والمحتوى وفق برنامج الحزب، ويواجه صعوبة في تخصيص العمل وفي معالجة استراتيجيتنا في كل قطاع.
يجب أن يتجه إرشاد المجموعات الحزبية للنقابات العمالية والمراكز العمالية نحو تقييم مشاركة المرأة في الحركة العمالية النقابية، مع اتخاذ التدابير اللازمة لرفعها. و لا تزال مشاركة المرأة في الحركة العمالية النقابية أقل بكثير من نسبة العاملات من إجمالي عدد العاملين، على الرغم من بعض خطوات التحسُّن في انتخابات النقابات الأولية في بعض القطاعات. و على أساس الرصد المستمر، يجب أن تتوجه المجموعات الحزبية للمراكز العمالية والاتحادات والنقابات العمالية نحو تدابير تتعلق بتحسين المحتوى الوظيفي للنقابات، مع التركيز على جميع جوانب حياة المرأة العاملة وأسرتها (كالصحة، والتعليم، ومرحلة ما قبل المدرسة والتعليم الخاص، ورعاية المسنين، والاستغلال الإبداعي لوقت الفراغ، والثقافة). لكي تتخلل إطار الصراع من أجل اتفاقيات العمل الجماعية.
هذا و تعززت المطالبة بانخراط الهيئات القيادية بنحو أكثر منهجية وعمقًا في عمل الحزب في الحركة النقابية، ودعم كوادر الحزب المكلفة بها، لتوسيع وتعميق روابطنا مع القوى الجديدة التي انتزعناها في السنوات الأخيرة من النفوذ السياسي والنقابي لقوى أخرى. إن هذا ينطبق بالتأكيد على جميع الهيئات و المنظمات القاعدية الحزبية، و ليس فقط على المنظمات الحزبية القطاعية و منظمات الشركات، بل و أيضاً على المنظمات الإقليمية، وهو أمر لم نحققه للأسف حتى الآن. حيث يحتاج آلاف العمال المشاركين في قوائمنا، والكوادر المنتخبة حديثاً على جميع مستويات الحركة النقابية، إلى مساعدة إرشادية، من أجل امتلاك بنية تحتية أيديولوجية وسياسية متينة. هذا و ازدادت معايير ترقية الكوادر إلى مناصب المسؤولية، وخاصة في المجموعات الحزبية المركزية. مع عنصر حاسم يتمثَّلُ في الأداء الجوهري للمجموعات الحزبية وتعاونها مع مكاتب اللجان المنطقية.
أُنجزت خطوات لإدراك أن التحالف الاجتماعي ليس مجرد تنسيق لأشكال مختلفة تُنشأ لتسهيل صعود الحركة، بل هو تحالف لقوى اجتماعية في اتجاه إسقاط الرأسمالية وبناء الاشتراكية - الشيوعية.
إننا بصدد منظور يُفيد موضوعياً غالبية العاملين لحسابهم الخاص، سواء في المدن أو في الأرياف، والشرائح الشعبية التي تعاني من مزاحمة الاحتكارات و التي تُسحق من قبل الدولة الرأسمالية التي تخدمها.
و تضطلعُ الطبقة الطليعية، الطبقة العاملة، بمسؤولية تمهيد الأرضية في هذا الاتجاه. حيث تتخذ هذه المحاولة اليوم شكل التعبير عن التضامن والعمل المشترك والتنسيق بين هيئات الحركات المختلفة لمعالجة المشاكل الشعبية الملحة.
ومن هذه الزاوية، يجب تخطيط عمل الشيوعيين المحدد داخل النقابات، وتعزيز توجه النقابات المنضوية ضمن "بامِه" في هذا الاتجاه. وبمبادرة من مراكز العمل والاتحادات والنقابات، فليُطوَّر التواصل مع هيئات العاملين لحسابهم الخاص (المزارعين، و المهنيين و صغار التجار، وغيرهم) بالشكل والأسلوب المناسبين في كل مرة. وقد أثبتت التجربة أن تهيئة الظروف للحشد تتطلب عملاً تنويرياً منهجياً مُسبقاً، وأطر مُعالجة تُضيءُ الأسباب والمنظور.
و تتجلى نقطة مرجعية في التظاهرات المشتركة لمراكز العمال و منظمات المزارعين، والتي بلغت ذروتها في التجمع الكبير في وسط أثينا في شباط\فبراير 2024. ومع ذلك، فإن جميع الأنشطة التي تم تطويرها ذات طبيعة مؤقتة، ولدت وتطورت على أساس النضالات التي اندلعت من حدة المشاكل التي تتجلى في ظروف مختلفة، وخاصة على المستوى المحلي وكذلك في تضامن الحركة العمالية مع حركة المزارعين والطلاب. و لم تتخذ خصائص أكثر صلابة واستدامة على أساس إطار مشترك من المطالب في اتجاه مناهض للرأسمالية وللاحتكارات.
هذا و يتميَّزُ مثال تنسيق النشاطِ المشترك للنقابات العمالية وهيئات الحركة الشعبية الذي تطور في لاريسا، والذي يتميز بطابع أكثر ديمومة ذي نطاق أوسع مع إطار للصراع يعالجه و يعرضه مركز العمل في لاريسا في كل مرحلة. و من دون أي استخفاف هناك حيث يَنضج، باستطاعة منظمات الحزب أن تدرس مبادرات مقابلة لتنسيق دائم للهيئات في مناطق أخرى حيث تتوفرُ المقدمات لذلك. و في هذه المرحلة، فإن ما تم تحقيقه يتعلق بالعمل المشترك على مستوى عواقب السياسة السائدة، على أساس مناهضة سياسة الحكومة. ورغم أن هذه العملية تُثير تساؤلات حول دور الدولة البرجوازية، وسياسة دعم الاحتكارات، ودور الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لا تزال بعيدة كل البعد عما يُوصف بالتوجه المناهض للاحتكارات والرأسمالية.
إن تناسب القوى اﻷكثر سلبية، على سبيل المثال، مقارنة بين حركة العاملين لحسابهم الخاص و حركة المزارعين، و واقعة عدم انفصال حركة العاملين لحسابهم الخاص عن سيطرة الرأسماليين، يجعل من الصراع الأيديولوجي السياسي داخل الحركة أكثر تطلُّبا، كما و الترويج لأطر الصراع في اتجاه مناهض للاحتكار والرأسمالية، لا في اتجاه مهني ضيق. و مطلوبٌ هو الأمر ذاته ضمن المزارعين حيث سُجِّلت خطوات معينة، حتى تُدرك الحاجة بنحو مطرد إلى العمل المشترك مع بقية العمال ضمن الحركة و تغدو مقبولة. و في هذا الاتجاه، ساعد التدخل المدروس خلال جولات تحركات المزارعين الأخيرة، في موضوع الفرق الكبير في السعر "من الحقل إلى الرف"، والذي سلّط الضوء على الاحتكارات والدولة التي تخدمها كعدو مشترك للمزارعين والعمال و باقي الشرائح الشعبية. حيث شكّلت هذه المسألة نقطة تدخل رئيسية لكل من النقابات العمالية التي اصطفت في صالح تحركات المزارعين والقوى النقابية الزراعية المنضوية ضمن اللجنة الوطنية للحواجز. إن الإصرار على استهداف العدو المشترك يُشكل خيطاً إرشادياً، يُمكن أن يُسهم في تعميق الوعي بضرورة العمل بخصائص تنسيق أكثر ديمومة.
و تتميز باعتبارها مطلباً إرشادياً، كيفية اكتساب جميع الحركات و تخللها النشاط الجماعي اليومي، مسائل الصراع من أجل المشاكل الاجتماعية العامة الكبرى، في اتجاه المطالبة بإرضاء جميع الحاجات المعاصرة، والتي يُمكن أن تصوغ موضوعياً أرضيةً للعمل المشترك لقوى اجتماعية محتملة حليفة.
من المطلوب في حركة العاملين لحسابهم الخاص قيامُ محاولة دؤوبة لتوسيع نطاق الصراع، بما يتجاوز القضايا المباشرة كالضرائب والديون، وما إلى ذلك، ولكن بشكل رئيسي للتغلب على المطالب المهنية، التي تُهيمن في مواقع لا نُمثل فيها الأغلبية. لقد منح الوباء تجربة إيجابية مُعينة. كما و أقيمت محاولة إيجابية في مناسبات مثل جريمة "تِمبي"، وفيضانات لاريسا، و مسائل خدمات الصحة، والمزادات.
وقد استفادت حركة المزراعين من المحاولة المبذولة لتوحيد إطار الصراع، الذي يُثرى ويُحدّث على أساس المشاكل الحالية المتفاقمة، ويفتح سلسلة من المسائل التي تتعلق بنحو أشمل بالمعيشة في الريف.
في الفترة الممتدة منذ المؤتمر اﻟ21 لم تُسجَّل أيُّ تحولات جذرية، في تطور الشرائح الوسطى الشعبية، لكي نحدد اليوم وجود اتجاهات جديدة. فقد أسهمت عودة الاقتصاد إلى معدلات نمو منخفضة بعد الوباء - على الرغم من انخفاضها - في تعزيز العمل الحر في قطاعات الإطعام والسياحة والبناء والمحاسبة والخدمات الضريبية، و هي التي ترافقت مع ذلك مع ظروف عمل إضافي. و على العكس من ذلك، استمر انحسارُ العمل الحر في تجارة التجزئة، على الرغم من النمو الإجمالي للقطاع. كما و تعزز اتجاه المركزة من واقع التجارة الالكترونية والمنصات الرقمية.
تتغلغل آليات الدمج و شراء الذمم المتعلقة بالعاملين لحسابهم الخاص في كامل جهاز الدولة البرجوازي (المركزي والمحلي)، بتورط من جميع الأحزاب البرجوازية، و هو عنصر يضمن موضوعياً ربطَ شرائح البرجوازية الصغيرة بسلطة الطبقة البرجوازية.
إن نضال الحزب الأيديولوجي-السياسي المستقل ضمن صفوف العاملين لحسابهم الخاص، والاصطراع الدائر داخل حركتهم، هو أمرٌ مُتطلِّبٌ للغاية، إذ إنه مُوجّهٌ إلى ملاكين أفراد، غالباً ما يستخدمون عملاً مأجوراً و يشعرون بتضرر من مكاسب الطبقة العاملة (التأمين الإلزامي، زيادة الأجور، وساعات العمل، إلخ). و في الوقت نفسه، فإن الاتجاه الموضوعي لتدهور وضع الشرائح الشعبية من العاملين لحسابهم الخاص تصوغ أرضيةً لالتفافهم حول الحزب الشيوعي اليوناني.
هذا و انطبع صعودُ النفوذ السياسي للحزب، المُسجّل في انتخابات تلك الفترة (البرلمانية، البلدية، انتخابات المقاطعات، و الانتخابات الأوروبية)، أيضاً في صفوف العاملين لحسابهم الخاص. ومع ذلك، فإن تدخلنا الأيديولوجي-السياسي المستقل والمتخصص مُتأخرٌ بشكلٍ كبير، ليس من حيث حاجاتهم الحالية، أو الاتجاه الموضوعي لانكماشهم في ظل الرأسمالية، بل من حيث دمجهم إبداعياً في الصراع من أجل الاشتراكية - الشيوعية، أيضاً من خلال فهمهم لموقعهم في إطار الإنتاج الاشتراكي.
و يؤكَّد على أن هناك حاجةً إلى نواة أقوى من أعضاء الحزب وأتباعه ضمن العاملين لحسابهم الخاص في جميع المراكز والقطاعات الحضرية الرئيسية. حيث تُبرز الخطى الثابتة الملحوظة في بعض المدن أنه حيثما يُضمن تحسن نسبي في قدرتنا على إرشادِ تدخلنا في هذه القوى الاجتماعية، فإنه يُؤدي أيضاً إلى تثبيت تدخل الحزب ونتائجه.
وقد أصبح تدخل الحزب لتعزيز خط النضال المناهض للرأسمالية والاحتكار في الحركة النقابية للعاملين لحسابهم الخاص أكثر تعقيداً بسبب التناقض الكبير الذي يُميز مسار العمل الحر، وخاصةً لدى الفئات الأكثر شعبية.
إن الجبهات الرئيسية التي برزت خلال هذه السنوات الأربع هي الصراع من أجل التصدي لعواقب فترة الوباء، ثم ضد قانون الضرائب الجديد والخنق الرقمي للشركات الصغيرة (انظر Mydata)، والتي تصدَّرتها قواتنا. كما و شاركت هذه القوات في التحركات ضد عواقب الكوارث الطبيعية وارتفاع أسعار الطاقة، و التصدي للمزادات، ولكن أيضاً في بعض التحركات الجماهيرية القطاعية، كتحركات سائقي سيارات الأجرة والمحاسبين. هذا و إيجابيةٌ كانت مبادراتهم، كتلك المتعلقة بالحماية من الأمراض والحوادث المهنية، مما أدى إلى قيام التفاف نقابي أوسع.
ومع ذلك، فإن النشاط الكفاحي للعاملين لحسابهم الخاص - باستثناء العلماء العاملين لحسابهم الخاص - مقارنةً بالقوى الاجتماعية الأخرى، لا يزال منخفضاً بشكل عام، على الرغم من انعدام اليقين المتراكم.
لا يزال تناسب القوى سلبيا في حركتهم النقابية، على الرغم من تقلبات نفوذنا من قطاع لآخر. حيث نسجل ارتفاعاً ملحوظاً في الكونفدرالية اليونانية للتجارة و ريادة اﻷعمال و جمعيات التجار، واستقرت مكانة اتحاد نقابة حرفيي محافظة اتيكي، التي لا تزال تعمل كخط نضالي في محافظة أتيكي، ويتحسن الوضع في لاريسا، و بنحو ثانوي في ثِسالونيكي، أو في قطاعات معينة مثل خبراء الضرائب/المحاسبين. في الوقت نفسه، لا تزال هناك تأخيرات في قطاعات جماهيرية كالبناء والنقل وأسواق المزارعين، وهو ما ينعكس أيضاً على نفوذنا النقابي في الكونفدرالية العامة اليونانية لمهنيي الحرف و التجار.
و لا تزال مسألة إنشاء قطب نضالي للاتحادات - جمعيات الحرفيين و التجار - راكدة جوهرياً طالما أننا لا نتخذ خطوات نحو تغيير تناسب القوى في الجمعية الرئيسية والاتحادات القطاعية، المحلية والقطاعية.
حيث هناك عاملان يؤثران بنحو مشترك: العدد الصغير لقوانا لكي نؤثر بنحو حاسم، و سيطرة ممثلي الرأسماليين على الهيئات النقابية لحركتهم، والتي تتجلى سياسياً في هيمنة حزبي الجمهورية الجديدة والباسوك، أيضاً مع تدخل منهجي لآليات (البلديات، والمقاطعات، والنقابات والغرف التجارية) التي تصوغ علاقات اندماج مادي و شراء للذمم.
يُحدَّد مكمن المشكلة الرئيسية في صعوبة الإرشاد المترابط في كل هيكل الحركة النقابية، أو على الأقل في حواملها الأكثر جماهيرية، في محتواها أو في معالجة خطنا والترويج له، و كذلك في التدابير التنظيمية اللازمة و المطلوبة لكل مدينة وقطاع، مع خطة لنشر القوى، وتشكيل لجان مساعدة و مجموعات حزبية، و رقابة مستمرة. إننا بصدد تدخل ضروري لمواجهة العقبات التي تضعها القوى الأخرى، حيث نعمل كأقلية، وكذلك لضمان أداء متطور و مستقر للهيئة، لكيما تؤثر في جمهرة قوى أوسع و بث روح كفاحية حيث نمتلك الأغلبية.
و من المطلوب في هذا الاتجاه:
إننا نركز على المسائل الرئيسية التالية لإرشاد العاملين لحسابهم الخاص في المدن:
مواصلة المحاولة الإيجابية لدراسة التحولات الجارية في صفوف العاملين لحسابهم الخاص الذين لا يؤجرون عمالاً، في قطاعات رئيسية، بالإضافة إلى دراسة الظواهر الجديدة نسبياً، كتوسع التجارة الإلكترونية و سيطرة المنصات الرقمية في التجارة، مع تعمق أبعد في الدراسة. مع دراسة أكثر منهجية لتدخلات الإدارة المحلية والإقليمية، لتقييم مسار البرامج ذات الصلة (كمراكز التسوق المفتوحة) بالتعاون مع اللجنة المشتركة بين اﻷقسام المعنية والمنظمات الحزبية.
لقد أصبحت ظروف معيشة المزارعين أكثر صعوبةً موضوعياً. و من العوامل المؤثرة في هذا التطور هي سياسةُ وتخطيط السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي، التي يجري تفصيلها عبر القرارات الحكومية، و تلف جزءٍ كبيرٍ من الإنتاج بفعل الظواهر الطبيعية، وانخفاضُ أسعار العديد من المنتجات التي لا تغطي تكلفة إنتاجها الباهظة، وما إلى ذلك، أي أنه في جوهر اﻷمر: النظام الرأسمالي نفسه، والقوانين الاقتصادية الناظمة له. ويؤثر تفاقمُ المشاكل بنحو متناقض على وعي المزارعين. فهناك العديد من المزارعين الذين يدركون الوضع، و يقلقون إزاء مستقبلهم كمنتجين زراعيين، وإمكانية حصولهم على دخلٍ مُرضٍ، ويُبدون مزاجاً للنضال. و من ناحيةٍ أخرى، تُسبب صعوبةُ البقاء خيبة أملٍ قد تتجلى في بعض الحالات، في انخفاض المشاركة في التحركات.
تتدخل حكومة حزب الجمهورية الجديدة بخطة مدروسة من أجل دمج كل حامل زراعي يُظهر أدنى نية نضالية: من خلال اجتماعات متواصلة في الوزارة، وتوزيع بعض الأموال عشية التحركات، ومزيد من الوعود و"التعهدات" للحصول على تمويل إضافي يُطلب من الاتحاد الأوروبي، و المحسوبيات، بل وحتى ممارسة الابتزاز أو الترهيب. تدعم الأحزاب البرجوازية المتبقية نضال المزارعين العادل قولاً، لكنها عملياً تلعب دوراً رادعاً للمشاركة في الحواجز، وخاصةً ضد المشاركة في اللجنة الوطنية للحواجز. حيث تقويضيٌ هو دور الإدارة المحلية و إدارة المقاطعات، والتعاونيات، ومجموعات المنتجين، والمنظمات المهنية، التي تعقد وتدعم اجتماعات تتواجد على النقيض من اجتماعات اللجنة الوطنية للحواجز. حيث تسعى إلى مناقشة المشاكل الزراعية دون توجه نحو تطوير النضالات. كما تُمثل بعض الهيئات الزراعية هذا التوجه نحو التشاور مع الحكومة. و تحاول بثّ خيبة الأمل والقدرية لتقويض تحركات المزراعين، لا سيما تلك التي تتخذ شكل الحواجز. و تلجأ هذه القوى باستمرار إلى العداء للشيوعية واستهداف اللجنة الوطنية للحواجز، بهدف إبعاد القوى التي تتقرب منها، وفي بعض الحالات تنجح في ذلك.
هذا و كانت تحركات المزارعين التي اتخذت شكل حواجز في فترة 2022-2025، نتيجة تخطيط الحزب الدؤوب لمعالجة المطالب، وللتفاعلات الجارية في القاعدة عبر تنسيق الهيئات، التي لم تكن هيئات للمزارعين فقط، كما هو الحال في ثِساليِّا و غيرها من أجل عواقب الفيضانات والكوارث الكبرى. كانت نتيجة عمل الحركة المنظمة التي ينشطُ ضمنها أعضاء وكوادر الحزب، مع توجه أفضل للانفتاح على المزارعين، وخاصة أولئك الذين يعتمدون على النشاط الزراعي من أجل بقائهم، على أساس المعايير المترابطة التي حددناها. كما و أسهمت تحركات المزارعين في كبرى بلدان دول الاتحاد الأوروبي التي استهدفت أيضاً السياسة الزراعية المشتركة، في تعاظم تحركات المزارعين في فترة امتدت من كانون الأول\ديسمبر 2023 حتى شباط\ فبراير 2024. حيث أثّر الطابع الجماهيري وأشكال التحركات الزراعية الأوروبية على وعي المزارعين في اليونان، و أسهمَ في تحريك مزارعين جماهيرياً، ممن لم يشاركوا سابقاً على الإطلاق في الحواجز حتى حينها. وتطورت الحواجز والتحركات المتنوعة اﻷشكال في جميع أنحاء اليونان، من إفروس إلى كريت، ومن إبيروس إلى رودس، حيث لعبت محافظة ثِساليِّا دوراً محورياً في تطورها، على الرغم من عدم التمكن من نصب حاجز موحد في نيكيا.
و أنجزت خطواتٌ في العمل مع الإطار المطالبي الموحّد للجنة الوطنية للحواجز والذي كان له تأثيرٌ أوسع على المزارعين وكان الأداة الرئيسية لتدخلنا في جميع تحركات تلك الفترة. و ضمن الاصطراع، تمت و بدرجة ما و بنحو رئيسي من خلال إطار الصراع معالجة المسائل المتعلقة بالانقسامات الموجودة حسب المنطقة أو المنتج، والتي يحرض عليها الخصم فوق قاعدة التمايزات القائمة من حيث الدخل الزراعي وعلاقته بالإعانات المالية. إن اﻷمر الرئيسي هو التغلغل في صفوف قوى شعبية مضللة سياسياً و متلاعب بها، مع الاستفادة من الإمكانيات الجديدة التي انفتحت، لتعزيز التواصل والنقاش الأيديولوجي السياسي مع قوى المزارعين الأوسع.
حيث يُفهمُ الآن بنحو أفضل أن اللجنة الوطنية للحواجز هي صيغة للتنسيق الوطني لجمعيات المزارعين واتحادات جمعيات المزارعين مع إطار نضالي واحد متماسك يتم تحديثه من وقت لآخر. و لدى اللجنة باعتبارها هيئة غير رسمية، أمانتها التي يشارك بها حالياً ممثلون عن جمعيات المزارعين واتحادات لها. وهم شيوعيون نقابيون زراعيون ومن فضاءات سياسية أخرى. تُظهر التطورات الاقتصادية والسياسية والاصطراع الجاري داخل اللجنة الوطنية للحواجز تناقضاً في مسار النقابيين الزراعيين من حيث وعيهم السياسي، مما يؤدي إلى وجود مواكبة أكثر استقراراً ووعياً من جانب البعض، وتذبذب و انتكاس لدى آخرين. إن هذا لا يؤثر إيجاباً فحسب، بل سلباً أيضاً على أداء اللجنة الوطنية للحواجز.
و في كل حال، فإن إعادة بناء الحركة تعني جمهرة جمعيات المزارعين و اتحاداتها وتشكيل جمعيات جديدة في كل قرية أو مجموعة قرى، و اتحادات لها على مستوى المحافظات، وتجذير إطار الصراع مع أداء نشط، و مع تدخل يُسهم في تجاوز صعوبات التأثير في المحيط الأوسع. فلتواجه المشكلة الخطيرة في أداء هياكل الحركة، والتي تُلاحظ في عدة حالات، والتي تتجلى أيضاً عن تأخير كبير وخطير أو تأجيل متكرر لإقامة انتخابات جمعيات المزارعين، و مؤتمرات اتحادات الجمعيات الزراعية. هناك حاجة إلى مزيد من المثابرة والمسؤولية لتجنب تشظي النشاط الوطني الذي تدعو إليه اللجنة الوطنية للحواجز. و يتمثَّلُ شرطٌ لتنشيط الجمعيات في جذب العديد من الشباب للمشاركة في الحواجز و هُم المزارعون الشباب وأبناء المزارعين وما إلى ذلك. حيث لا يسكن الكثير منهم في القرى بل في المدن - البلدات بسبب نقص البنى التحتية وما إلى ذلك في القرى. ولهذا السبب من المهم أن يتوسع نقاش وعمل الجمعيات ليشمل قضايا أكثر عمومية تركز على الحاجات المعاصرة. وقد تبلورت التجربة الآن فيما يتعلق بأشكال الصراع، و تناوب عملية تصعيد النضال أو تخفيض شدته، وأن تظهر أيضاً أشكال جديدة له. ومن المهم أن تنتقل هذه التجربة، وأن تفهمها قوى الحزب بأكملها، بحيث يتم نقلها إلى قوى المزارعين الأقل خبرة للتحول إلى قدرة على الاصطراع داخل الحركة.
و لا تزال الحاجة قائمة لتوسيع نطاق النقاش حول أسباب المشاكل، بنحو يربطها بالنظام الاجتماعي والاقتصادي وبالتالي بالنظام السياسي والرأسمالية، و إبراز ضرورة استمرارية وتوجيه الصراع، وما إلى ذلك. إن الإصرار على الاصطراع في موضوع السياسة الزراعية المشتركة، و دورها و توجهها يفتح لنا مسارات، و هي السياسة التي تزداد سوءاً فقط لأنها تخدم مصالح خصوم المزارعين الذين هم ذاتهم خصومٌ للعمال. وخاصة الآن بعد أن تزايد تفكُُّرُ المزارعين وأصبحت القوى الشعبية الأخرى أكثر وعياً بأن السياسة الزراعية المشتركة هي في الواقع أداة لتركيز الإنتاج والأرض في أيادٍ أقل، مع ازديدا التشكيك بالاتحاد الأوروبي أو حتى قبول بأنه يقفُ بنحو مناهض للمزارعين. وفي الوقت نفسه، هناك حاجة إلى تدخل مستمر ومدروس ومستهدف لإضعاف الموقف السياسي المخادع بشأن تعديل السياسة الزراعية المشتركة لصالح المزارعين المكافحين للبقاء في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. هذا و برزت إمكانيات فتح هذا النقاش على نطاق أوسع بعد الكشف مؤخراً عن الفضيحة الكبرى للمنظومة اليونانية لتوزيع اﻹعانات المالية الأوروبية على المزارعين، و التي لا تزال تهيمن على المناخ السياسي، وتُثبت بنحو مأساوي ما حذّر منه الحزب الشيوعي اليوناني و حركة المزارعين نفسها من خلال التحركات ضد السياسة الزراعية المشتركة و أسلوب منح الدعم المالي. وعلى وجه الخصوص، قد يُصبح مطلب الإنتاج المحلي لأغذية رخيصة وعالية الجودة حلقة للالتفاف و للنشاط المشترك في الفترة المقبلة، و بشدة أكبر، حيث تُقدّر حتى أركان الاتحاد الأوروبي نفسها، أن مشكلة أسعار المواد الغذائية على وشك التفاقم، مُقرّةً بأن تطبيق أهداف السياسة الزراعية المشتركة و"الانفتاح" يؤديان إلى مزيد من الارتفاع في أسعار المواد الغذائية.
و في الفترة المقبلة، ينبغي فتح مسألة الصراع ضد تورط البلاد في الحروب الإمبريالية بنحو أفضل أمام حركة المزارعين من خلال الكشف عن عواقب المشاركة في حلف شمال الأطلسي والخطط الإمبريالية في المنطقة، انطلاقًا من عواقب التناقضات الإمبريالية (كالحظر المفروض على روسيا) على دخل المزارعين، وارتفاع تكاليف الإنتاج (الأسمدة والري والطاقة، إلخ). و ضمن هذه التجربة، ينبغي استثمار ضعف التسامح والانتظار ليس فقط تجاه الحزب الحاكم الحالي، بل تجاه كل حزب برجوازي وجميع حلفائه. حيث تتطلب استعدادات الاتحاد الأوروبي للحرب أموالاً إضافية لميزانيته، في حين تُطرح سلفاً في سياق المناقشات الجارية حول السياسة الزراعية المشتركة بعد عام 2027، إمكانية إعادة توجيه جزء من تمويلها نحو هذه الاستعدادات.
و يتواجدُ "النموذج الجديد" للإنتاج الزراعي ضمن الاصطراع و باستمرار، وهو النموذج الذي تطرحه الحكومة والأحزاب البرجوازية إجمالاً و بصراحة أكبر، مُتبعةً نهج الاتحاد الأوروبي تجاه المزارعين - رواد الأعمال و ما إلى ذلك. حيث يحاولون حصرهم في "منفذ" مختلف لبرامج و تدابير السياسة الزراعية المشتركة، المُصمَّمة خصيصاً وفق مقاييس ربحية التجار والصناعيين والبنوك، من أجل إدخالهم في صدامٍ مع إطار مطالب اللجنة الوطنية للحواجز، كإطار ضمان الأسعار للمنتج، وخفض تكاليف الإنتاج، ومشاريع البنية التحتية، والوقاية من الكوارث، والتي تتواجد على النقيض من التخطيط القائم على المزاحمة الرأسمالية. هناك خبرة واسعة في لدى المزارعين و التي يُمكنها أن تتبلور بتدخلنا الخاص في معرفة مفادها: إن هذا "النموذج الجديد" هو النموذج القديم، الذي هو قائم لسنوات، نموذج السياسة الزراعية المشتركة والرأسمالية، الذي يُغيِّر بنحو دوري تفضيله تجاه مُنتَج أو محصول معين و ما شاكله.
هذا و تتواجدُ اللجنة الوطنية للحواجز و الحركة المنظمة في مِهدافِ جميع القوى السياسية البرجوازية، سواء اعترفت بذلك صراحةً أم سراً. فهي تسعى إلى دعم حركة توظَّفُ كمحاورٍ ومستشارٍ للحكومة والوزارة المعنية. و يُعرضُ باعتبارهِ هدفاً لها خلق حركة مزارعين مستندة إلى "وجوه جديدة" ومطالب و صيغ عمل جديدة، تكنوقراطية "دون أي ولاء"، ستقدم مقترحات للحكومة ضمن حدود السياسة الزراعية المشتركة والنظام. وبهذا، يسعون إلى محاربة حركة المزراعين المناهضة للاحتكارات. و تستهدف هذه القوى أيضاً السكان المزراعين الذي لا يزالون صامدين، مع تسخيرها إدارة المقاطعات والبلديات والتعاونيات، والمنظمات المهنية، وغيرها كأدوات ضغط ضدهم. هناك حاجة إلى إعداد أفضل لقوانا لتفكيك خط "الحركة المعدومة الولاء و المنفصلة عن اﻷحزاب". علينا ألا نتردد في فتح الصراع الضروري في الحركة ككل (في جمعيات المزارعين و اتحاداتها، و لجان الحواجز)، ولكن أيضاً في أمانة اللجنة الوطنية للحواجز. مع خوض المعركة من أجل مشاركة جميع المزارعين الذين يُبدون أدنى مزاجٍ للكفاح، دون النظر إلى تموضعهم السياسي. إننا لا نتخلى عن محاولتنا إكساب هذه الحركة محتوى يستهدف الخصم الفعلي للمزارعين المكافحين للبقاء، أي محتوى مناهض للاحتكارات والسياسة الزراعية المشتركة، مع مطالب وإطار للصراع من أجل بقاء المزارعين المكافحين للبقاء، مع تنسيق وطني من خلال اللجنة الوطنية للحواجز، إلخ. ولا يمكن تحقيق ذلك دون التدخل الطليعي للمزارعين الشيوعيين المشاركين في الجمعيات الزراعية والاتحادات واللجنة الوطنية للحواجز. بدون هذا التدخل المحدد، لن تكون الحركة سوى عكاز إما للحكومات المتعاقبة والاتحاد الأوروبي، أو للسعي إلى قيام تداول حكومي برجوازي، و إلى عكاز للحكومة القادمة، حيث ستكون عرضة لديماغوجية الأحزاب البرجوازية، و ما شاكلها. إن أمر الطابع " الخالي من الولاءات" و "اللاحزبي" للحركة الذي تعرضه باقي القوى البرجوازية والانتهازية هو عبارة عن وصاية كاملة، وتلاعب تمارسه الشركات الرأسمالية، والاحتكارات، والأحزاب البرجوازية، والحكومات وتحالفاتها الدولية.
تتمثلُ أيضاً مسألة للاصطراع في محاولة غرس مناخ خيبة أمل بين المزارعين، واعتبار "النضال بلا جدوى" و ما شاكله. حيث من المطلوب قيامُ إعداد جيد وعمل هادفٍ أكثر، يشمل بالإضافة إلى أمثلة ملموسة تُبرز خبرة ما اكتسبه المزارع بكفاحه، توجه الحركة ومطالبها نحو الحكومات و التجار - الصناعيين والاتحاد الأوروبي، هو عمل يمضي بنحو أعمق و يتعلق بمنظور المزارع ضمن الرأسمالية و بموقعه ضمن الاشتراكية.
علينا أن نُصرّ على أن يُدرك المزارع المُكافح للبقاء واقعة كون الإنتاج الزراعي خاضعاً للصناعة، التي تتحكم بذات القدر في مُدخلاته الضرورية و أيضاً في المواد الأولية التي يُنتجها. إن هذا الواقع ضمن الرأسمالية يَسحق المزارع، الذي يُجبر على شراء المنتجات الصناعية لِحفنة من الاحتكارات بأسعار مرتفعة و على بيع منتجاته بأسعار بخسة لاحتكارات التجارة والتصنيع، نظراً للفجوة الهائلة القائمة بين إنتاجية عمله وإنتاجية الصناعة. إن سلطة العمال هي من سيضمن تحرير المزارع المكافح للبقاء من قيود رأس المال.
يجب ألا يخشى المزارع، ومربي الماشية، والنحال، و صياد السمك، من هدف إسقاط نظام الاستغلال الحالي، والانتقال نحو سلطة العمال و الملكية الاجتماعية والتخطيط المركزي للإنتاج، مع تجارة الدولة، والإنتاج وفق معيار إرضاء الحاجات الاجتماعية المتوسعة.
حيث مطلوبة هي المسؤولية الإرشادية بنحو مستمر ومخطط ومراقب لجميع الهيئات، اعتباراً من اللجنة المركزية حتى اللجان المنطقية و اللجان القطاعية و مكاتب المنظمات القاعدية الحزبية. إن الشرطٌ المسبق لذلك هو التكليف الجوهري لا الشكلي لمسؤولين، مع ضمان الظروف المعرفية والوقتية لانشغالهم، مع إبداء العناية الإرشادية من أمناء الهيئات، وضمان ظروف العمل الجماعي، كالاجتماعات والجلسات وتشكيل اللجان المساعدة على مستوى اللجان المنطقية و القطاعية والمجموعات الحزبية و أدائها الجوهري، مع الإصرار على التخطيط و تفصيل وتسلسل الخطوات والتعديلات بناءاً على الأحداث الجارية. هذا و يتعلق جانب أكثر تحديداً بالتخطيط لترقية نقابيين زراعيين جدد، و بالتجنيد المستهدف للمزارعين والمزارعات، و تفصيل العمل الأيديولوجي بين المزارعين. إن منسوب تدخل الشيوعيين، إلى جانب التدابير المقابلة لتحسين توجيه وتوسيع نطاق مواقفنا بين المزارعين، هي عملية معقدة تنطوي على نجاحات و أيضاً على انتكاسات.
ساهمت توجيهات المؤتمر اﻟ21 بشأن نشاط الشيوعيين في الحركة النسائية الجذرية، من خلال جمعيات ومجموعات اتحاد النساء اليوناني، في توجيه الهيئات الإرشادية نحو تعزيز مشاركة النساء اﻷعضاء في الحزب، بنحو رئيسي بسبب فهم الشيوعيات العميق لطابع الاتحاد النسائي اليوناني. بصفته منظمة جماهيرية، تحشد النساء وفقاً لمعايير طبقية اجتماعية، بمعزل عن تموضعهن السياسي، وتُطوّر نشاطاً مطلبياً كفاحياً في جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمرأة، مع إبرازها في الوقت نفسه للطابع الطبقي لعدم إنصاف النساء، ودور الحكومات والأحزاب البرجوازية، التي تتبع توجيهات الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في تشديد الأشكال الحديثة لعدم إنصاف المرأة.
هذا و سُجِّلت في الفترة السابقة خطواتٌ مُحدّدة في صعود التفاف النساء من ذوات الأصول والانتماءات العمالية الشعبية في جمعيات ومجموعات الاتحاد، وفي تشكيل مجموعات جديدة للاتحاد النسائي اليوناني. في الوقت نفسه، تترقى المتطلبات من أجل زيادة قدرة عضوات الحزب على العمل مع جماهير أوسع من نساء القوى العمالية الشعبية، اللواتي لا يشاركن في نقاباتهن وجمعياتهن. إن المشاركة الجوهرية للنساء الشيوعيات في جميع أنشطة جمعيات ومجموعات النساء المنضوية في الاتحاد النسائي اليوناني - لا مشاركتهن الشكلية في انتخابات مجلس الإدارة – هي شرط مُسبق لجذب قوى نسائية جديدة إلى الحركة.
هذا و تأكد خلال الفترة التي ندرسها، أن المبادرات المركزية للاتحاد النسائي اليوناني على جبهات النضال الحرجة تُساعدُ في استيعاب أفضل لخط الالتفاف حول الحركة النسائية الجذرية، مُغذِّيةً التدخلات المقابلة لجمعيات ومجموعات الاتحاد النسائي اليوناني، كتلك المتعلقة بقضية العنف متعدد الأشكال ضد المرأة. وقد ساهم يوم العمل المركزي للاتحاد النسائي اليوناني، مع مشاركة عشرات النقابات العمالية وغيرها من حوامل الحركة الشعبية، ونشر مواده إلى جانب مقالات "النشرة"، والمبادرات النضالية المركزية، بنحو جوهري في إثراء محتوى وأشكال تدخلات الجمعيات و المجموعات. وتُظهر المناقشات في الجمعيات و المجموعات حول بيان الاتحاد النسائي اليوناني بشأن قانون توسيع نطاق الزواج والرعاية الوالدية المشتركة للأزواج من نفس الجنس، في تفصيل مواقف الحزب وتكييف المواجهة مع الرؤية السائدة.
ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مناقشة أكثر جوهرية في مجالس إدارة الجمعيات و المجموعات للمواقف بشأن إنصاف المرأة وتحررها، بنحو يجعلها قوة للنشاط المطلبي بشأن مشاكل المرأة، والتي تتوجه نحو قوى جديدة و تحشدها مُكسبة إياها طابعا كفاحياً. وبطبيعة الحال، فإن استيعاب مواقف الحزب و الترويج لها لتصبح مواقف وإطار مطالب للاتحاد النسائي اليوناني، يتطلب وقتاً للدراسة الجماعية والمناقشة وتخطيط العمل.
خلال هذه الفترة، تجلَّت لدى عضوات الحزب صعوبة أكبر في العمل في جمعيات ومجموعات الاتحاد النسائي اليوناني بشأن مسألة الحرب الإمبريالية وموقف الحركة العمالية الشعبية، التي تتخلل باستمرار مواد و نشاطات الاتحاد النسائي النضالية كتوجيه. هذا و يؤدي الضعف في استيعاب مواقفنا إما إلى هيمنة الرؤى اللاعنفية، أو إلى وجود صعوبة في الانشغال، أو إلى عدم القدرة على مطابقة أشكال العمل مع المحتوى. و بهذا النحو يُعاق التوجه نحو تطوير مجالس إدارة الجمعيات و المجموعات لمبادرات من شأنها توعية وتحريك نساء الطبقة العاملة - القوى الشعبية على نطاق أوسع، وليس فقط كتعبير عن التضامن مع الشعوب المتواجدة في مهداف العدوانية الإمبريالية، كالشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من الخطوات التي اتُخذت في استيعاب خط الالتفاف على جميع جبهات الصراع، لا ينتفي وجود الفجوات حتى في مواضيع متواجدة على مر الزمن في صميم المبادرات النضالية للجمعيات و المجموعات، كموضوع الصحة، الذي يمكن يُشكل جبهة نضال حاسمة في العمل المشترك للاتحاد النسائي مع نقابات عاملي مجال الصحة، ومع النقابات العمالية الأخرى، و اتحادات العاملين لحسابهم الخاص، وجمعيات المزارعين و الطلاب. وبالمثل، على جبهة التعليم، حيث هناك مجال كبير لإثراء عمل الجمعيات النسائية للاتحاد النسائي اليوناني بمسائل محتوى التعليم. و غير ذلك، فإن تدخل الاتحاد النسائي اليوناني لدى تلاميذ الصفوف الدراسية و المعلمين بمحتوى يتعلقُ بجوانب عدم إنصاف المرأة والتي تتم مناقشتها في المدارس، يواصل فتح سبلٍ للتواصل والاتصال والعمل النضالي.
إن ما سبق يتعلقُ بدعم الهيئات الإرشادية للمجموعات الحزبية للجمعيات النسائية في الاتحاد النسائي اليوناني، لكيما تتجاوب مع ظروف التطور المتناقض لمشاركة المرأة في العمل الاجتماعي، و رفع بعض أوجه اللاإنصاف وفي الوقت نفسه حيث تتشكل أوجه جديدة للاإنصاف أو حتى حاجات خاصة. و فوق هذه اﻷرضية تم إحياء التدخل البرجوازي والانتهازي في الحركة النسوية، وهي واقعة تفرض مواجهة أكثر تطلباً من الحركة النسائية الجذرية.
إن المطلب الذي يجب حيازته هو الأداءُ المنتظم والجوهري لمجالس إدارة جمعيات و مجموعات الاتحاد النسائي، و استقرار و استمرارية تخطيط عملها، مع إسناد المسؤولية إلى نساء أخريات ضمن الجمعيات و المجموعات. و بالتالي، هناك حاجة إلى اجتماعات جمعيات عامة متتالية واجتماعات مواضيعية لضمان مشاركة المزيد والمزيد من النساء الملتفات ضمن الحركة النسائية الجذرية. إن اﻷمر يتطلب روحاً إبداعية من الشيوعيات للتغلب على الصعوبات التي تواجهنها في اجتماعات المجالس، نتيجةً لظروف العمل والمعيشة العصرية للنساء، مع ساعات عمل مطاطية و غير منتظمة، و مع مسؤولية أطفالهن على عاتق الأمهات الشابات. حيث مطلوبة هي الثقة بمقترحات و مبادرات سائر جميع أعضاء مجالس إدارة الجمعيات و المجموعات النسائية مع إيلائهن المسؤوليات.
و ينبغي أن يشجع موقف النساء الشيوعيات في مجالس الجمعيات و المجموعات النسائية، النساء المجتمعات على التعبير عن تساؤلاتهن وأفكارهن وهمومهن ومقترحاتهن، من أجل تطوير الاصطراع ضد الرؤى البرجوازية والبرجوازية الصغيرة المعاصرة بشان مسألة المرأة والحركة النسوية، و إدراك المطالبات و المطالب الجذرية، واتخاذ قرارات بشأن مبادرات نضالية وتدخلات متنوعة من شأنها توسيع الروابط مع نساء القوى الشعبية. و على هذا الأساس، لن تخلصَ الاجتماعات إلى اعتماد جدول أعمال مُملّ لحملات توزيع المنشورات من أجل مسألة يبرزها الاتحاد النسائي أو يتعلق بنحو أشمل، بالحركة العمالية الشعبية (كحملات المنشورات من أجل الإضرابات، و تحركات "بامِه"، والمزادات، إلخ). و لن يجري توزيع "نشرة" الاتحاد النسائي و بياناتها بنحو شكلي، بل سيُستخدم باعتباره أداة إعلام وتنوير. يُمكن للإبداع الثقافي أن يكون مصدر إلهام و توعية اجتماعية، بالإضافة إلى المجموعات الفنية للهواة التي تُشرف عليها مجالس إدارة الجمعيات و المجموعات. وهكذا، يُمكن تجاوز نمط احتفالات الذكريات في نشاط العديد من الجمعيات و المجموعات كالذكرى السنوية لـ 8 آذار\مارس واليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.
إن نشاط الشيوعيات في الحركة النسائية الجذرية لا يتناقض ولا يُغني عن مشاركة المرأة في النقابات العمالية القطاعية أو نقابات عاملي الشركات، أو في نقابة العاملين لحسابهم الخاص، أو في الجمعية التجارية، أو في الجمعية الزراعية. بل على العكس، فهو يُشكّل حوافز لهذه المشاركة، وشروطاً مُسبقة لتخطيط تدخلات متخصصة لهذه النقابات بين النساء، مع مرجعية إلى مطالب من حاجاتهن الخاصة. وعلى هذا الأساس، يُسهم الاتحاد النسائي اليوناني في الترويج للتحالف الاجتماعي دون أن يُمثّل عنصراً اجتماعياً منفصلاً عنه.
و هناك حاجة في أن يصبح العمل المشترك للاتحاد النسائي اليوناني مع حوامل التحالف الاجتماعي للحركة العمالية النقابية، و حركة المزارعين، والعاملين لحسابهم الخاص، والطلاب، وغيرها من الحركات الجانبية، أكثر جوهرية، لكيما تُسهم في تطوير الطابع الجماهيري للتظاهرات وأشكال الصراع، وكذلك من أجل معرفة أفضل للمشاكل المشتركة وأسبابها. و أن يتجاوز ذلك الطابع الشكلي، بمبادرة من الهيئات الإرشادية أو رؤساء الحوامل. لتحقيق تعاون جوهري، من خلال مناقشة الهدف - الخطة - ومحتوى كل نشاط، وإجراءات التصعيد وصياغة المطالب المشتركة، وإطار الصراع، والتحضير لتنفيذ التحركات أو التظاهرات النضالية بمشاركة واسعة من مجالس وأعضاء الحوامل المعنية.
و هناك حاجة للمضي قدماً بنحو أكثر حسماً في تخطيط تدخل الاتحاد النسائي اليوناني- لا سيما على مستوى الجمعيات و المجموعات - في الجامعات لتعريف الطالبات بالحركة النسائية الجذرية. و في هذا الاتجاه، باﻹمكان إسهامُ عضوات الشبيبة الشيوعية اليونانية الطالبات المنتخبات في مجالس جمعيات الطلاب.
إن التجربة تظهرُ أن العمل المشترك المُخطط والمُنظم لجمعيات و مجموعات الاتحاد النسائي مع جمعيات أولياء الأمور، يُمكن أن يُمهد الطريق لتدخل أوسع في الأحياء السكنية (في مواضيع النظام التعليمي، على سبيل المثال، ضد دمج الأقسام والمدارس، ومكافحة الإدمان وثقافة المخدرات، ومحتوى التربية الجنسية، إلخ). وفي الوقت نفسه، تُمهد الطريق للحركة النسائية الجذرية للاستفادة من النساء الناشطات في جمعيات أولياء أمور التلاميذ.
ومن الشروط الضرورية المسبقة لتحقيق كل ما سبق، هو تحسين تخطيط نشر الكوادر والقوى الحزبية بشكل حاسم من جانب الهيئات الإرشادية، وذلك لضمان الوقت اللازم لاكتساب معرفة و خبرة. و ينطبق هذا على المنتخبين في مجالس الجمعيات و المجموعات، وتشكيل المجموعات الحزبية و إرشادها وقبل كل شيء، تكليف المسؤولين في الهيئات الإرشادية.
وهناك حاجة إلى دعم مُماثل في الشبيبة الشيوعية اليونانية، حيث أن نسبة عضوات الشبيبة الشيوعية اليونانية المنتخبات في هيئات الحركة هو أقل بكثير من نسبة عضوية النساء في الشبيبة الشيوعية اليونانية.
منذ انعقاد المؤتمر اﻠ21، سارت الاستراتيجية البرجوازية في مجال التعليم على المحاور الرئيسية التالية:
أ) ترويج القدرات والمهارات الجديدة المطلوبة لدمج العمال في الاقتصاد الرأسمالي، فوق أرضية تطوير وسائل إنتاج جديدة، وكذلك لترسيخ الهيمنة الأيديولوجية البرجوازية.
ب) ربط أوثق للهياكل التعليمية بحاجات رأس المال، وهو ما يتحقق أيضاً من خلال استحضار "استقلاليتها" و تمايزها و تصنيفها ضمن المسار.
ج) تسريع عمليات "التقييم" و المصادقة على جملة العمل التعليمي في ضوء أدائه الأكثر نجاعة من أجل إعادة إنتاج المجتمع الرأسمالي ككل.
و بنحو أكثر تحديداً، خلال هذه الفترة، تَسارعَ العمل الحكومي لحزب الجمهورية الجديدة مع إقرار قوانين رجعية جديدة (قانون إطاري للجامعات، وإنشاء جامعات خاصة، والتعليم والتدريب المهني، والتعليم الخاص)، أيضاً مع التنفيذ الإجمالي للإطار التشريعي الرجعي القائم سلفاً.
حيث تتميز الاختراقات في برامج دراسة الجامعات، وعمليات الدمج وإعادة ترتيب الوحدات التعليمية، أيضاً مع استدعاء "التميز" (للمدارس، و كليات التعليم العالي، والأقسام الجامعية) في ظل التخفيض الشامل في الإنفاق، والذي يُبرز - من هذه الزاوية أيضاً - أولويات وتسلسلات توجيه الإنفاق الحكومي على التعليم من أجل إرضاء تخطيط رأس المال على حساب الحاجات الاجتماعية والتعليمية للأغلبية.
كما و يشتد التدخل السياسي والأيديولوجي للطبقة البرجوازية وآلياتها، متجاوزاًُ المناهج الدراسية الفعلية. في ظروف تعميم الحروب الإمبريالية واصطفاف اليونان بجانب حلف الناتو، حيث تتزايد وتيرةُ تدخلات الناتو ودولة إسرائيل القاتلة والاتحاد الأوروبي والآليات الإمبريالية الأخرى في التعليم. و تُعزز فوق هذه اﻷرضية الإجراءات القمعية والتأديبية ضد حركة التربويين في جميع المجالات من خلال الملاحقات، و إطار العمل الجديد للجامعات، وما إلى ذلك.
وتتدخل قوى الحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية في مجالات التعليم عبر نشاط مركب و طليعي. و تبرز بالحجج الأسباب الطبقية للمشاكل، والحاجات والإمكانيات المعاصرة التي تنشأ من تطور العلم، و تنخرط في اصطراع مع تيارات و بدع فلسفية برجوازية قديمة و معاصرة، و تنظم و تحشد قوى شعبية و شبابية أوسع في اتجاه القطع مع خيارات الحكومات المتعاقبة، من أجل وضع العقبات و انتزاع مكاسب بإمكانها منح الصراع الشعبي – الشبابي ثقة بالنفس.
ومنذ الفترة التي أعقبت المؤتمر اﻠ21، وفي سلسلة من المعارك الانتخابية، برز تناسب قوى إيجابي جديد في حوامل الحركة في مجالات التعليم. و في الواقع، تتشكل إمكانية ترسيخ هذا التناسب وتوسيعه.
و بنحو أكثر تحديداً: ابتداءاً من عام 2022، برزت قائمة "بانسبوذاستيكي" كقوة أولى في انتخابات الطلاب. وفي انتخابات اتحاد معلمي اليونان و اتحاد أساتذة التعليم المتوسط عام 2024 برزت قائمة "التجمع الكفاحي للتربويين" و لأول مرة في المرتبة الأولى والثانية تباعاً. كما و إيجابي أيضاً هو تناسب القوى في الكونفدرالية العليا لأولياء أمور التلاميذ، حيث حصلت قائمة "الوحدة الديمقراطية لأولياء الأمور" - مرة أخرى - على الأغلبية المطلقة من الممثلين، بنسبة تقارب 70%. في المقابل، تتميزُ محاولة قوى تلاميذ الشبيبة الشيوعية اليونانية، التي تلعب إلى جانب تلاميذ مناضلين آخرين، دوراً طليعياً في تنظيم النضالات، في حين تحظى لجنة تنسيق تلاميذ أثينا بمكانة راسخة في وعي التلاميذ على المستوى الوطني. هذا و هامة هي الخطوات المنجزة في تشكيل وتوطيد تناسب القوى الإيجابي في جمعيات الطلاب في مجالات التدريب المهني (المنشآت العامة للتدريب المهني و أكاديمية البحارة وغيرها)، حيث يُشاركُ آلاف الشباب في انتخابات مجلس الإدارة، التي يتصدرها أعضاء الشبيبة الشيوعية اليونانية وغيرهم من الطلاب المناضلين. كما يُسجل مسارٌ إيجابي في الاتحاد الوطني لجمعيات موظفي البحوث و التدريس في الجامعات.
و في الفترة التي تلت المؤتمر اﻠ21، تشكلت جبهات مواجهة جدية مع سياسة الحكومة في مجال التعليم، والتي "حُسمت" بفضل محاولة الحزب وقوى الشبيبة الشيوعية اليونانية لإبراز المعايير الطبقية والحل السياسي للمشاكل.
هذا و لا يزال تطبيق "التقييم" الرجعي متعثراً، حيث سُجِّل تحرك واسع النطاق للتربويين و تحركات كبرى للتلاميذ ضد الحد الأدنى لدخول الطلاب، هي نضالات دعمتها الكونفدرالية العليا لأولياء أمور تلاميذ اليونان، مع تعبير كبير عن التضامن على مستوى المدرسة، مما كسر عملياً محاولة "الأتمتة الاجتماعية" وما إلى ذلك. حيث طُوِّرت تحركات مهيبة ضد قانون الجامعات الخاصة التي - بالتزامن مع التدخل السياسي المستمر للحزب والشبيبة اليونانية - ضربت سردية الحكومة بشأن التقدم المزعوم و أسقطت ضمن المسار الإجماع الاجتماعي المنشود، وخلقت شروطاً للتشكيك في اتجاهات الاتحاد الأوروبي مبرزةً الحاجة الاجتماعية لدراسات عامة مجانية حصرية مرتفعة المستوى.
و تواجد الشيوعيون في قيادة كل هذه النضالات. كاشفين طيات محاولة أيديولوجية سياسية مضنية، لم تَكن مساراً موازياً للعمل بين الجماهير، بل داخل الجماهير، مسلحين بمقترح الحزب الشيوعي اليوناني بشأن التعليم ما قبل المدرسي، و مدرسة اﻠ 12 عاماً، والجامعات والتعليم المهني. مع شروط أفضل بكثير لِفهم أفضل بكثير أن مواقفنا ومقترحاتنا الإستراتيجية تتعلق باليوم، و أنها هي واقعية وضرورية وتشكل سلاحاً لفهم التحولات، و تؤسس لإطار معالج للصراع يمنح منفذاً مخرجاً للحاجات المعاصرة.
إننا نطرح في صميم محاولاتنا تحسين أداء و نشاط حوامل الحركة، و صعود المشاركة في عملياتها، وإنشاء هياكل - حيث لا توجد - من شأنها تسهيل وخدمة مطالب مجمل حاجاتها المعاصرة.
إن ترقية حياة حوامل الحركة بمسؤولية الشيوعيين يشكِّلُ أيضاً من هذه الزاوية رداُ على خطط احتقارها وانحطاطها، بنحو رئيسي في الحركة الطلابية و ليس فقط، و ذلك فوق أرضية انخفاض المشاركة في العمليات ولكن أيضاً من خلال تسخير عمل القوى الأخرى التي تسهل بحكم الواقع خطط الحكومة.
إن هذه العناصر، سواء من ناحية الحاجة إلى تعزيز التنظيم والنقاش والعمل الجماعي والبنى التحتية في الحركة، هي مرتبطة ومغذاة بنحو متبادل مع المحتوى، و مع إبراز الإمكانيات والحاجات الحالية الفعلية. حيث باﻹمكان داخل هياكل الحركة فتح نقاش وتأمل أكثر جوهرية بشأن مسائل المواضيع العلمية والتدريس، وعلوم التربية، وغيرها، كالتاريخ، و ما شاكلها.
أي في مجالات التعليم التي تُؤدي بحكم طبيعتها وطبيعة أدائها، وظيفةً "فكريةً" وأيديولوجيةً مُحددة، و التي لا يُمكننا مناقشة الحياة اليومية للعمل أو الدراسة دون مناقشة محتواها.
إن مجمل التطورات في التعليم يُتيح إمكانية فهم أن عمليات التحديث التي تُحاول الحكومات البرجوازية تنفيذها لا تستطيع ولا تُريد، مُواجهة التحديات الجديدة للمعرفة، وتطور القوى المُنتجة، التي تتطلب مستوى تعليمياً عاماً عالياً، و كذلك، مهارات في استخدام الوسائط التكنولوجية فائقة الحداثة. إنها تسعى إلى تكييف التعليم العام مع الحاجات المعاصرة للرأسمالية، على حساب التعليم الشامل. و ضمن التفكُّر البرجوازي أيضاً في اليونان، تُحدد مُشكلة المستوى التعليمي الأشمل كشرطٍ مُسبق لاستيعاب الثروة الفكرية التي تخلقها البشرية.
و مع ذلك، لا يُمكن حل هذه المشكلة بنحو شامل من خلال التعليم المتكامل اﻷوجه، واكتساب المعرفة والمنهجية المادية الجدلية، لأن الرأسمالية عاجزة عن توفير منفذ لهذه الحاجة وهذه الإمكانية. و في المقابل، تُبرز سلسلة من الظواهر السلوكية داخل المدارس (كالتنمر، و ما شاكلها) "أزمة شرعنة" الرأسمالية و"فشلها" في خلق شروط "مجتمع مدرسي"، وهي مشكلة تُعبّر عن تحولات أعم في الوعي الاجتماعي.
ومن هذا الرأي، يُسهم العمل مع استراتيجية الحزب، والتخصصات البرامجية في كل مجال ومستوى تعليمي، إسهاماً حاسماً في القدرة على معالجة أهداف الصراع ضمن النشاط الحي في الحركة. ويمنح إمكانية مواجهة سياسة الحكومات المتعاقبة في مجال التعليم بنحو طبقي مع محاججة. كما أنه يُحفّز على الانشغال بسلسلة من المسائل الجديدة التي تظهر أو المشكلات التي تبرز بحدة في مجال التعليم، وإن كانت تُعبّر عن مشاكل تطور المجتمع البرجوازي (كالفقر اللغوي، والتنمر، وتأثير الاستغلال الرأسمالي للإنترنت على وعي الشباب، و ما إلى ذلك).
تؤكد التجربة أنه بقدر تركيزنا، داخل الحركة أو بنحو مستقل كحزب، على المسائل"المُلتهبة"، المتعلقة بمحتوى المعرفة المدرسية، وتطوير العلوم في كل مجال، فإن المبادرات تحتضن قوى جديدة. ويتجلى ذلك بوضوح في مشاركة أولياء الأمور في نقاشات مسائل الإدمان، والتنمر، ومشاركة المعلمين بنحو رئيسي في التظاهرات و أيام العمل، والانتشار الواسع لمجلة"المنطاد الأحمر" بمنشوراته المواضيعية الشيقة والمفيدة، ومشاركة الطلاب أيضاً في التظاهرات المتعلقة بالموضوع العلمي ومنظور العمل.
و بهذا المعنى، فإن نتائج نشاطنا هي إيجابية، لأنها ثمرة عمل يُطبّق ويُغذّي الاستنتاجات التي استخلصناها جماعياً في مؤتمر الحزب اﻠ21.
هذا و أنجزت خطوات في الفهم، أولاً وقبل كل شيء "من الأعلى"، أي بنحو إرشادي، بأن المشكلة التعليمية يجب أن تُعالج كمشكلة اجتماعية سياسية، سواء من وجهة نظر التموضع النظري العام، ولكن أيضاً من وجهة نظر صياغة الحجج ووضع أهداف الصراع التي توحد الحركات والحوامل الجانبية على جبهة التعليم.
إن مواقفنا تخلق ظروفاً للتحرر من مختلف وصفات الإدارة الموجودة في التعليم، والتي تروج مع ذلك للاستراتيجية ذاتها، كما يتجلى في الاستمرارية الموجودة بين الحكومات بشأن المسائل الحرجة: في تعميق ريادة اﻷعمال في الجامعات، و في تصنيف الهياكل التعليمية (المدارس والجامعات وما إلى ذلك)، و التدخل المباشر لرأس المال في توجهات سائر المستويات التعليمية، و انقضاض سوق المؤهلات التي تقوض الشهادة الجامعية.
إن المهمة الرئيسية للحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية في الفترة المقبلة، في مواقع التعليم هي تعزيز المحاولة التثقيفية الأيديولوجية، مع التركيز على ترويج مقترح الحزب بشأن التعليم والعمل والصحة، و جملة الحاجات الاجتماعية في الاشتراكية - الشيوعية، وكشف النقاب عن الحجة البرجوازية بشأن "حيادية" العلم، والاصطراع مع المثالية الحديثة و"نزعة الحقوق الفردية"، والتحريفية التاريخية و العداء للشيوعية، من خلال إظهار الإمكانيات الحديثة لقوى الإنتاج - وفي مقدمتها الإنسان - والتي تحد منها الرأسمالية.
فليُفتح النقاش والنشاط على جميع المستويات على أساس وحدة التعليم - الاقتصاد - المجتمع - الأيديولوجيا، أي وفق استراتيجية الحزب.
تُشكّل دراسات الحزب البرامجية حول التعليم ما قبل المدرسي، و بشأن المدرسة والجامعة، بالإضافة إلى سلسلة منشورات دار "سينخروني إبوخي" ومجلة "ثيماتا بِذيّاس"، سلاحاً في الصراع السياسي والأيديولوجي المُعقّد، و باﻹمكان توظيفها لتعزيز تنظيم و زخم حركة التربويين. لذلك، من المطلوب مع اتخاذ التدابير، تشجيع وتنظيم النقاش بناءاً على المنشورات المذكورة أعلاه.
إننا نواصل ونُنظّم ونُوطد هذا التدخل الغنيّ متعدد المواضيع والأوجه، المُركّز على المدرسة والموضوع والأنشطة الأخرى التي تُنفّذ فيها. و نرقي الدعم الإرشادي المتكامل الوجه والتعاون بين أقسام اللجنة المركزية، مع التركيز على التربويين وقوى الشبيبة الشيوعية اليونانية في صفوف التلاميذ.
و نُساهم بنحو أكثر حسماً في بناء التفوق في جميع المنظمات القاعدية الحزبية و الشبيبية في الجامعات، استناداً إلى التثقيف الماركسي، والقدرة على متابعة موضوع الدراسة وتنمية التفكير النقدي. يجب أن يشمل تخطيطنا المتكامل المناهج الدراسية، والتدخل في المجال العلمي، وبناء خلفية معرفية أساسية من أجل تطوير الموقف النقدي، وربط النشاط من أجل الحقوق العمالية والمهنية، و تنمية معايير بشأن دور العالِم.
و بالتوازي، هناك حاجة بحلول المؤتمر اﻠ23 - تحت مسؤولية اللجنة المركزية الجديدة و أقسامها المعنية - لإعداد معالجة بشأن التعليم والتدريب الخاص، مع دراسة التجربة الاشتراكية الغنية. و من المطلوب أيضاً، إنشاء بنية تحتية نظرية من أجل الرد على المسائل الجديدة التي تنشأ من خلال تطوير التعليم البرجوازي، كتطبيق الذكاء الاصطناعي و ما إلى ذلك.
في صميم تدخل الحزب على مدى السنوات الأخيرة، تواجدت مسائل صحة الشعب في ظروف الوباء و ما بعدها.
أظهر وباء كوفيد-19 بنحو مأساوي حدود و مآزق نظام صحي مُسلَّع، مُكيّف مع حاجات الربحية لا مع حاجات وقاية الشعب و رعايته الصحية. ومنذ البداية، تواجد الحزب الشيوعي اليوناني في الصف الأول للنضال من أجل تعزيز نظام الصحة العامة، حيث صاغ مطالب ذات أهمية حيوية لإنقاذ الشعب، كالتوظيف الجماعي لطواقم دائمة، وتثبيت المتعاقدين، و تعبئة القطاع الصحي الخاص دون تعويض، وتطوير الهياكل الصحية الأولية.
ومن خلال تدخلاته المستمرة في البرلمان وخارجه وفي المنظمات الجماهيرية، دعم الحزب نضالات العاملين في مجال الصحة والنقابات والمنظمات الجماهيرية من أجل اتخاذ تدابير جوهرية لحماية الصحة والحياة. وكسر الصمت الذي حاولت الحكومة والأحزاب البرجوازية فرضه. و منذ ذلك الحين وحتى اليوم، و عندما بُذلت محاولات "غسل" المسؤوليات الإجرامية للدولة والحكومات، وقف الحزب الشيوعي اليوناني ضدها، كاشفًا عن استمرار تسليع خدمات الصحة و خصخصتها بنحو أبعد.
و تُصاغُ استراتيجية رأس المال بشأن الصحة على أساس توجيهات الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية و غيرها من المنظمات الإمبريالية، و يجري تفصيلها من قبل حكومة حزب الجمهورية الجديدة بهدف تسليع نظام الصحة العامة بنحو أبعد (توسيع التشاركية بين القطاعين العام والخاص، وتشغيل وحدات الصحة العامة كشركات مساهمة مع "مرضى - زبائن")، وتعزيز القطاع الخاص - التجاري، وزيادة استغلال المجالات الحيوية (الأدوية، والوقاية، والاختبارات التشخيصية، والصحة الرقمية) من قبل مجموعات الأعمال.
في السنوات الأخيرة، عززت السياسة البرجوازية التدابير لصالح تطوير التأمين والرعاية الصحية الخاصة. حيث تشجع سياسة الدولة بذاتها التأمين الخاص. و منذ الوباء و ما بعد تُعزز سردية "المسؤولية الفردية" بوتيرة ملفتة. حيث تسعى الدولة البرجوازية إلى نقل مسؤولية الوقاية والرعاية إلى الفرد المدعو إلى البحث عن الخدمات بمفرده، و دفع كلفتها، وإدارة مخاطر صحته "على أساس كل حالة على حدة"، مما يحرر الدولة من التزام الرعاية الشاملة.
إن استراتيجية رأس المال وإعادة الهيكلة تقودان إلى تحميل أعباء جديدة على عاتق الشعب، وتكثيف التفاوتات الطبقية في مجال الصحة، وتجعل من النفاذ إليها امتيازاً تملكه قلة. أما بالنسبة للكثيرين، سيسري منح توفير الحد الأدنى من الخدمات التي لها تاريخ انتهاء صلاحية.
تصدَّر الحزب الشيوعي اليوناني تحركات العاملين في مجال الصحة، والعاملين في المستشفيات والوحدات الصحية، من خلال تشكيل لجان النضال وتعزيز النقابات، والعمل المشترك مع نقابات قطاعات أخرى. حيث أظهر هذا العمل أن الصراع من أجل جبهة الصحة الكبرى ليس قضية العاملين في مجال الصحة فحسب، بل مسؤولية الحركة العمالية الشعبية إجمالاً.
و نشأت من إضرابات و تحركات اتحاد روابط أطباء مستشفيات اليونان التي استمرت لأيام عديدة و من الأنشطة في المستشفيات، والتدخلات في المراكز الصحية، و من التدخل الكفاحي في كل حي سكني، بؤر للمقاومة والمطالبة. إن التجربة تؤكد أن تغيير تناسب القوى في الحركة يمر عبر النضال من أجل كل مشكلة صغيرة كانت أم كبيرة، إلى جانب المطالبة بتغييرات جذرية بعيداً عن "الرمال المتحركة" للتنمية الرأسمالية، والتي تمر في قطاع الصحة عبر استثمارات جديدة مربحة لاحتكارات القطاع.
خلال هذه الفترة، تعززت القوائم التي يشارك بها الشيوعيون في المستشفيات و في صفوف الأطباء و نقابات الصحة الخاصة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية. حيث تعززت قواتنا في اتحاد روابط أطباء مستشفيات اليونان، وفزنا بالمركز الأول في اتحاد أطباء مستشفيات أثينا و بيرياس، وفي مختلف اتحادات الأطباء و العديد من كبرى مستشفيات البلاد. هذا و نخوض معركة تحسين تناسب القوى ضد قوى التوافق والاندماج والانتهازية، إلى جانب مئات من زملائنا المناضلين وأصدقاء الحزب الذين يقاومون من بين أمور أخرى، ضد نزعة الاندماج المادي والأيديولوجي العميق الذي يُسعى لتحقيقه في مجال الصحة.
يضع الحزب الشيوعي اليوناني في صميم نشاطه قضايا صحة الشعب، كجبهة صراع تُعزز سمات التحالف الاجتماعي بين العاملين في مجال الصحة، والعاملين في المجالات الحيوية للقطاعين العام والخاص، والعاملين لحسابهم الخاص، والشباب و نساء الشرائح الشعبية.
هذا و يبرزُ نشاطنا في:
و يكمن الردَّ من أجل تسخير الإمكانات الحديثة للعلم، لكي يعيش الشعب حياة أطول وأفضل في إسقاط الرأسمالية، وفي الصراع من أجل تنظيم اشتراكي جديد للمجتمع والاقتصاد، حيث يستفيد المنتجون المباشرون للثروة الاجتماعية من نتائج التطور في العلوم والبحوث الطبية.
هذا و باستطاعة العلم والتكنولوجيا اليوم أن يقدما الكثير للإنسان: الوقاية من الأمراض، إطالة العمر، وتحسين نوعية الحياة. حيث لا تُسخَّرُ أي إنجازات علمية محققة لصالح الوقاية والرعاية المجانية وإعادة التأهيل، بل لصالح ربحية القلة، وتعميق استغلال قوة العمل، سعياً لتجاوز الحدود البيولوجية للجسم البشري. يناضل الحزب الشيوعي اليوناني من أجل تنظيم اشتراكي لنظام الصحة حيث:
لذا، لا يقتصر صراع الحزب اليوم من أجل مسائل الصحة على مطالب الإغاثة، بل يرتبط بضرورة الاشتراكية، أي بمجتمع يركز على حاجات الإنسان المعاصرة لا على الربح.
يُمثل تدخلنا في قضايا الإعاقة والأمراض المزمنة جبهة نضال ثابتة للحزب. هي مسائل تُشكل عبئاً إضافياً على حياة أسرة الطبقة العاملة إجمالاً، وليس فقط على المعاق نفسه. و تبدأ من تعليم وتدريب الطفل المعاق في مرحلة ما قبل المدرسة، وترافقه في جميع جوانب حياته، و مستوى العلاج والتأهيل والعمل والاندماج الاجتماعي أو الحماية الاجتماعية. وقد سارت استراتيجية الحكومة في مجال الإعاقة في سياق تنفيذ توجيهات الاتحاد الأوروبي ورأس المال، أي في منطق التخفيضات و تقييد الإعانات الاجتماعية، والتقليص الحاد أو إغلاق هياكل الدولة المعنية باسم "إلغاء المؤسسات" و"إلغاء اللجوء". و من زاوية أخرى، تُخدم ذات الاستراتيجية أيضاً من خلال تسليع الاحتياجات الإضافية للمعوقين والمصابين بأمراض مزمنة على جميع المستويات، من صحة وتعليم ورياضة وثقافة وترفيه.
وبهذا المعنى، ترتبط مسائلُ الإعاقة والأمراض المزمنة والتعليم والتدريب الخاص ارتباطاً أعم بحاجات الأسرة العمالية الشعبية، وتخص قطاعاً كبيراً من الطبقة العاملة. ولذلك، فهي ليست مجرد موضوع ضيق وحصري للتدخل السياسي والجماهيري لمنظمات الحزب في مجال الصحة والرعاية الاجتماعية حيثما وُجدت، بل تخص نطاق أوسع قوى حزبنا على المستوى الوطني.
هذا و استمرت و اشتدت المحاولة خلال الفترة التي تلت المؤتمر اﻠ21 من أجل التدخل في حركة المعوقين عبر التجمعات التي شكلناها (بشكل رئيسي من خلال اللجنة التنسيقية لنضال ذوي الإعاقة و جمعيتهم والرابطة الموحدة لأولياء أمور المعوقين في محافظة أتيكي) بشأن المسائل الحادة التي يواجهها ذوو الإعاقة والمصابون بأمراض مزمنة، كنقص العلاج ونقص نقل الدم، وسوء حالة البنية التحتية للمدارس الخاصة العامة، والتدهور الشديد في أسرّة إعادة التأهيل العامة، وزيادة الإسهام المالي للمشمولين بالضمان في الأدوية والعلاجات.
يجب أن تصبح صياغة المطالب وأطر النضال المتعلقة بالإعاقة مسؤولية كل نقابة ذات توجه طبقي واتحاد ومركز عمل والحركة العمالية إجمالاً، مع محور مركزي مفاده: «الرعاية الاجتماعية هي خير اجتماعي وليست سلعة» و «حظر أي نشاط تجاري علني أو متستر في المجالات الحساسة للإعاقة والأمراض المزمنة». بهذا المحتوى، تخوض قوانا في حركة المعوقين صراعاً ضد نقابيي الحكومة والنزعة الإصلاحية السائدة في قيادات الهيئات النقابية للمعوقين.
و تمثلت إحدى العناصر الجديدة والبارزة في صراعنا ضد مصادرة منازل العائلات التي تضم معوقاً و ضد بيعها بالمزاد العلني. ويُظهر عدد هذه العائلات بنحو مأساوي أن الإعاقة في ظل الرأسمالية يمكن أن تُصبح سبباً للإفقار. حيث بُذلت محاولات على هذه الجبهة لمواكبة ذوي الإعاقة مع مراكز العمل والنقابات ولجنة جبهة النضال العمالي "بامِه" ضد المزادات. وتم التواصل مع عشرات جمعيات المرضى المزمنين، وعقد اجتماعات برلمانية وتدخلات، و واصلنا التحركات النضالية والمتكررة لمنع طرد ذوي الإعاقة وعائلاتهم من منازلهم. وتُعدّ هذه تجربة قيّمة للتضامن العمالي الشعبي، في مواجهة منطق المسؤولية الفردية والقدرية الذي تُزرعه آليات النظام.
تميزت مسألة مداخلة الحزب في الصراع ضد المزادات و إبراز مسألة الإسكان الشعبي الكبرى.
و بذلت محاولة لإبراز تناقض الحق الاجتماعي الأساسي في تأمين السكن مع تسليع الأراضي، وسوق الإسكان الرأسمالي، ودور مجموعات شركات البناء والبنوك، واستراتيجية الاتحاد الأوروبي، وسياسة الحكومة الحالية، بالإضافة إلى سياسة الحكومات السابقة.
هذا و أضاءت تظاهرات الحزب و دراساته وتدخلاته مجموعة من العوامل التي تُفاقم مشكلة السكن، مثل:
بمعنى آخر، سُلط الضوء على العوامل التي تُؤدي إلى انخفاض معدل امتلاك المنازل وزيادة تكاليف السكن، والتي قد تلتهم 40% من الدخل المتاح لربع العائلات في البلاد. إننا بصدد مشكلة خطيرة تشمل الاتحاد الأوروبي إجمالاً، حيث شهد العقد الماضي زيادةً في أسعار المساكن والإيجارات تفوق بكثير الزيادة الفعلية للرواتب.
كما و أبرزَ أيضاً نقص عمليات التفتيش المسبقة للزلازل، وبشكل أعم، غياب الحماية من الزلازل، بالإضافة إلى التخطيط المكاني والحضري وفق بوصلة الحاجات الشعبية.
و بُذلت محاولةٌ لكشف زيف مقترحات الحكومة والأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الاجتماعية التي تتحرك ضمن إطار تسليع السكن، وقبول آلاف المزادات كأمرٍ واقع، وتأمين فرص استثمارية جديدة لاستغلال المباني والأراضي الحكومية من قِبل مجموعات اﻷعمال. ينبغي إبراز سبب كون الرد المتكامل على مشكلة الإسكان في بناء الاشتراكية، والتخطيط المركزي، وتحويل المساكن والأراضي إلى ملكية اجتماعية.
رداً على "تسونامي" المزادات، بُذلت محاولة مُمنهجة للتدخل، بدأتها لجنة "بامه" ضد المزادات، وامتدت إلى العديد من مدن البلاد وأحياء محافظة أتيكي، حيث تدخلت و أنقذت مئات المنازل الأولى لأسرٍ عاملةٍ وشعبية، في عصيان ضد القوانين القمعية والإطار التشريعي الجائر الذي يجتثُّ العائلات الفقيرة من منازلها ويُعزّز تركيز العقارات في أيدي "الغربان" وصناديق الاستثمار المختلفة. أصبحت بعض التحركات، كما في إلِفسينا، وبِترالونا، وزوغرافو، وثيفا، وخالكيذيكي، وغيرها، مرجعاً نضالياً لمدنٍ بأكملها في الصدام مع سياسة الحكومة المُعادية للشعب.
و تجلى هذا التدخل في تعزيز مكانة الحزب و"بامِه"، اللذان يُعترف بهما من قبل شرائح شعبية أوسع كقوتين تُعالجان هذه القضية تحديداً بثبات واتساق. وترددت أصوات كثيرة تقول: "اذهبوا إلى بامِِه لإنقاذ منازلكم". إنها مبادرة نضالية تُمهّد الطريق، وتُسهم في تنسيق النضالات مع شرائح البرجوازية الصغيرة والمتوسطة في المدينة والريف، من أجل قيام خطى في مسألة التحالف الاجتماعي بشأن قضية الإسكان الشعبي الكبرى.
على هذا الصعيد، اكتسبنا خبرة نضالية كبيرة من خلال العمل ضد المزادات، وهي تُشكّل إرثًا لتصعيد النضال من أجل حق الشعب في السكن:
خلال السنوات الأربع التي انقضت منذ المؤتمر السابق، استمر التدخل الثقافي المتنوع اﻷشكال للحزب بنحو أوسع.
من خلال النشاط الغني والرفيع الذي تطور مع الحفلات الموسيقية الكبرى، ومهرجانات الشبيبة الشيوعية اليونانية و مجلتها "أوذيغيتيس"، والمؤتمر العلمي السادس، وتشغيل الموقع الثقافي "يورغيس فارلاموس"، و التظاهرات المهداة لفنانين، والمعارض، ومبادرات نادي المجلس المركزي للشبيبة الشيوعية اليونانية، و تعززت محاولة إبراز العمل الاجتماعي المفيد لمبدعين يونانيين و أجانب بارزين ونشره، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للفنانين الشباب الواعدين لعرض أعمالهم. كما نظمت العديد من المنظمات المنطقية تظاهرات هامة ذات تأثير كبير، مستفيدة من الخبرة المركزية.
هذا و يؤكد عبر الثقافة ومن خلالها على الطابع الانقلابي والمختلف جذرياً لحزبنا عن الأحزاب البرجوازية، التي لا تنمي حتى نشاطاً ثقافياً أساسياً، لأنها ترتضي بالأيديولوجيا والجماليات البرجوازية السائدة.
هذا و توسّع عدد الفنانين والمثقفين وغيرهم من العاملين المختصين في قضايا الفن الذين شاركوا أو ساهموا بفاعلية في النشاط الثقافي للحزب، نتيجةً للاهتمام السياسي للحزب بالفن والفنانين، في ترابط مع عمل قوى الحزب في الحركة الجماهيرية للفنانين والعاملين في الثقافة. ومع ذلك، فإن مساهمة الفنانين هذه في العمل الثقافي للحزب ليست كافية ولا ينبغي اعتبارها أمراً مفروغاً منه. إن التطوير المستمر للتواصل والنقاش على المستوى الفردي هو شرط أساسي و مسبق لا غنى عنه، من أجل بناء روابط سياسية وأيديولوجية متينة، وخاصة مع الفنانين الشباب، الذين نحتاج إلى تعزيز علاقاتنا معهم وتوسيعها.
يبدو أن هناك تراجعاً تدريجياً للرؤية - الذي كانت قد انطبعت صحته في المؤتمر اﻠ20 - بأن الثقافة تشكل عنصراً تجميلياً لِسياستنا. ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن فهم موحد لكيفية مساهمة الثقافة في الترويج لاقتراحنا الاستراتيجي للتغيير الثوري للواقع الاجتماعي. بالطبع، ما من أحد يتوهم أن الفن يمكن أن يغير الواقع، وأن يحل محل الصراع الطبقي. ومع ذلك، يمكن للفن أن يؤثر على أولئك الذين سيغيرون الواقع، للتأثير على وعي الطبقة العاملة والشرائح الشعبية الأخرى، وخاصة الشباب. ولكي يتمكن من فرد طيات قوته التحويلية، فهو يحتاج إلى ربط عضوي مستقر مع الحركة العمالية والعمل السياسي الحزبي.
وفيما يتعلق بالحركة، فإن هذا الربط يشترط مسبقاً و في المقام اﻷول قيام جميع المنظمات النقابية الرئيسية التي نؤثر عليها (المراكز والاتحادات العمالية والنقابات) بإدراج النشاط الثقافي في برامجها على أساس مستقر، مع العناية بأن يتجاوب محتواها مع حاجات الصراع الطبقي المعاصر. وهو ما سيجلب بدوره آثاراً مضاعفة نحو الأسفل، نحو النقابات والجمعيات.
هذا و يفرض استخدام الثقافة في عمل المنظمات الحزبية، أولاً وقبل كل شيء، إنشاء لجان ثقافية دائمة في كل منظمة منطقية ، لا مجرد تكليف مسؤول فقط، و هو الذي لا يُوجد حتى في بعض المنظمات، بينما في منظمات أخرى كان في استبدال مستمر طوال هذا الوقت. إن التثبيت هو ضروريٌّ للغاية، إذ يُمكن بعض الكوادر من التخصص في قطاع ذي متطلبات خاصة، كالثقافة مثلاً، و هو الذي يشترط مسبقا وجود اهتمام ومتابعةً للتطورات في هذا المجال، بالإضافة إلى إلمامٍ بموضوع الفن.
و في مجال الدراسة، استمرّ العمل على معالجة المواضيع القديمة والجديدة في الأدب والفنون والجماليات. وبنحو أكثر تحديداً:
استكمل المؤتمر العلمي حول أدب جبهة التحرير الوطني و اﻷدب البرجوازي لعقدي أربعينات و خمسينات القرن الماضي. و نُشرت دراسة علمية حول النشاط السياسي للكتاب في الثلاثينيات والأربعينيات. تم إصدار منشور حول الأدب والفن في الكومونة، بمناسبة الذكرى السنوية الـ 150 لكومونة باريس، والذي يحتوي أيضاً على ترجمات أصلية لقصائد وأغاني للكتاب الأكثر تمثيلاً الذين شاركوا في الأحداث أو تابعوها عن كثب (بوتييه، كليمان، رِمبو، فيرلين، هوغو، إلخ). تم توسيع الدراسة لتشمل قضايا علم الجمال الماركسي من خلال دراسة تطورها في الاتحاد السوفييتي، وخاصة خلال الفترة التي أعقبت المنعطف الانتهازي للمؤتمر اﻠ20 للحزب الشيوعي السوفييتي حتى سبعينيات القرن الماضي. و أجري بحث أولي في العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والفن تحت ضوء النظرية الماركسية وعلى وجه الخصوص من زاوية النظرية الماركسية لعلم النفس البشري. و تم توسيع نطاق معالجة سابقة بشأن المحتوى الأيديولوجي للسياسة الثقافية للاتحاد الأوروبي، ودُرست سياسات الاتحاد الأوروبي والحكومة، لا سيما في القطاع السمعي البصري، وأُحرز تقدم في معالجة قضايا التراث الثقافي.
على الرغم من أي إنجازات في العمل الثقافي للحزب، لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن نتمكن من اكتساب المعرفة والقدرة على مواجهة النظريات البرجوازية التي تُدرّس في الجامعات حول محتوى الفن (مدرسة فرانكفورت، ما بعد الحداثة، إلخ).
وتكمن المشكلة الأعظم في التأخر الكبير في دراسة واستيعاب ونشر المعالجات التي أنجزت سلفاً، سواءاً الأخيرة أم السابقة، حول دور الفن، والواقعية الاشتراكية، والطليعة الروسية، وما بعد الحداثة، على الرغم من كونها موضوعاً لاصطراع محتدم داخل شبكة الجامعات والمؤسسات والمنظمات الحكومية ومجموعات الأعمال، هو اصطراع يؤثر بشدة على الأجيال الشابة من الفنانين.
هناك ضرورة فورية للمنظمات الجامعية المرتبطة مباشرة بالثقافة (الآداب، دراسات المسرح، دراسات الموسيقى، الفنون الجميلة، الهندسة المعمارية) أن تنقل محتوى هذه المعالجات إلى مواقع الجامعات، وتنظيم فعاليات بموضوعات تتكيف مع حاجات كل قسم (على سبيل المثال، عروض الكتب في المؤتمرات حول الأدب، وفعاليات بشأن أدباء و بشأن ما بعد الحداثة، وما إلى ذلك).
و من العناصر المهمة لتوطيد وتطوير تدخل الحزب في الثقافة هو ترقية جيل جديد من الفنانين والمبدعين والعلماء في مجال الفن والأدب، ممن يمتلكون تخصصاً عالياً وتثقيفاً ماركسياً. لذلك، من الضروري معالجة العزوف الملحوظ عن مواصلة الدراسات على مستوى الدكتوراه في المواد النظرية للأدب والفنون، وهو وضع يؤدي – في غياب حجج قوية - في الظروف الحالية للهجمة الحادة للغاية على الشيوعية إلى تراجع في هذه العلوم. فليُخطط من أجل هذه محاولة الترقية الهادفة مع المنظمات المعنية في الجامعات.
هذا و تميزت السياسة الحكومية لفترة السنوات الأربع بتوسيع نطاق الأداء التجاري وتسليع الثقافة، مع تظاهرات متطرفة في مجال التراث الثقافي (كعروض الأزياء والإعلانات في المواقع الأثرية الرمزية). و بالتوازي، رُوِّج بنحو أوثق لإخضاع الإنتاج الثقافي لسياسة الانفتاح، مع ربط أعمق للثقافة مع السياحة واستغلالها، من أجل عرض حضور البلاد على الساحة الدولية. وقد أحضر تورط البلاد في الحرب والتحضير لها إلى واجهة المشهد الدبلوماسية الثقافية بنحو أكثر نشاطاً، مع مثال حديث تجلَّى في المحاولة المبذولة لغسل صورة دولة إسرائيل القاتلة من خلال الثقافة. ولا يزال ضمان "التماسك الاجتماعي" - أي مصالحة الطبقة العاملة مع رأس المال - هدفاً أيديولوجياً ثابتاً للطبقة البرجوازية في مجال الثقافة، مع مطية أساسية له تتمثل في نظريات ما بعد الحداثة اللاعقلانية، كتلك المتعلقة بالبناء الاجتماعي للغة والجنس وما إلى ذلك، بالإضافة إلى العداء للشيوعية.
و فوق هذه اﻷرضية عبّر الفنانون طوال الفترة السابقة عن مقاومتهم، سواءاً من خلال أعمالهم الفنية أو من خلال نشاطهم الجماهيري. و منذ تفشي الوباء وبعده، تطورت نضالاتٌ كبيرة في مجال الفنانين، وشهدت مشاركتهم في نقابات القطاع ارتفاعاً ملحوظاً. و على الرغم من تراجع الأمزجة الكفاحية، لا يزال اليوم مستوى تنظيمهم النقابي ومشاركتهم في انتخاباته مرتفعاً، كما ازدادت مشاركة طلاب كليات الدراما في جمعيتهم. وبفضل المبادرة الناجزة للقوى الحزبية، تم تأسيس حاملين جديدين في القطاع السمعي البصري الحيوي و السريع التطور، وهما نقابة عمال القطاع السمعي البصري و اتحاد المخرجين والمبدعين.
و على مدى هذه الفترة، اختٌُبرت قوانا ضمن مواجهة شرسة مع نظريات نزعة الحقوق الفردية مع مواجهتها التيار الإصلاحي في ذات الوقت، و هو الذي تجلى في مزيج من قوى الاشتراكية الديمقراطية والانتهازية و فضاء الفوضويين. ولا تزال هذه القوى تقود اتحاد نقابات فناني السمع و البصر، على الرغم من تحسن تناسب القوى في نقابة الممثلين، حيث احتلت قوانا المركز الأول مرة أخرى. إن تحقيق تفوقنا في الصراع مع هذه القوى هو شرطٌ أساسيٌّ لإلغاء انفصال المطالب الاقتصادية للفنانين عن إبراز و تخمير رؤيتنا الفنية والجمالية، التي تتجلى في نشاطنا. و ينبغي أن نعتني في الفترة القادمة باستيعاب قوى الحزب لمواقفنا و معالجاتنا بشأن الفن والثقافة، وأن تتخلل مجمل محتوى عملنا الجماهيري. كخطٍّ جماهيريٍّ في الحركة، يجب إبراز رؤيتنا القائلة أن الثقافة لا يمكن أن تكون سلعةً، و طرح سؤال على جدول اﻷعمال مفاده «كيف، وماذا، ولأي غرض يُبدع الفنان». إن المعرفة النظرية في موضوع الفن في ترابط مع العمل الفني الطليعي والموقف الطليعي في الحركة، هي الظروف اللازمة لتعزيز مكانة وقدرة قوانا على حشد الفنانين والنقابات ضد بربرية الرأسمالية ونزع إنسانية البشر على يد الرأسمالية. وتكتسب هذه الشروط المُسبقة أهميةً أكبر اليوم، مع التسليم بالتأثير الذي يستطيع الفن والفنانون ممارسته على شرائح شعبية أوسع.
تأكدت في الفترة الوسيطة منذ المؤتمر اﻠ21، قدرة الحزب على معالجة مواقف و تدخل مباشر، لا سيما في مسائل الحماية المدنية (الحرائق والفيضانات وغيرها) وحماية البيئة بنحو أشمل.
حيث تحركت الحكومة ضمن هذه الفترة في تطبيقها لتوجيهات الاتحاد الأوروبي بشأن "التحول الأخضر"، فوق المحاور التالية:
أ) ضمان ربحية "الاستثمارات الخضراء" الجديدة، بالإضافة إلى التسليع اﻷبعد لمجالات هامة، من المياه إلى النفايات والغابات.
ب) تقييم وإدارة المخاطر، استناداً إلى مبدأ التكلفة والمردود من أجل رأس المال و دولته، وخاصةً من أجل ضمان الفوائض اﻠ"مُدمَّاة" التي يطلبها الاتحاد الأوروبي. و في هذا الإطار، استمر فصل الوقاية و تخفيض مستواها فيما يتعلق بالتجاوب مع الكوارث الطبيعية، مع نقص هائل في البنية التحتية اللازمة (كمشاريع مكافحة الفيضانات) و غياب التفتيش (المتعلق بالمباني ضد الزلازل)، وكذلك غياب الطواقم اللازمة وضمان دور ووسائط خدمات الدولة (كخدمة الإطفاء، و مصلحة الحراج، والتخطيط الحضري).
ج) إدراج الحماية المدنية في إطار الاقتصاد و الاستعداد الحربيين، من خلال التخطيط لضمان تحمل النظام وخاصة البنى التحتية الحيوية من "التهديدات الخارجية والداخلية".
و من خلال سلسلة من أيام العمل والمنشورات والمداخلات في البرلمان والبرلمان الأوروبي، أبرزنا الأسباب الحقيقية لنشوء وتفاقم المشاكل البيئية والمسؤوليات الإجرامية للسياسة الحكومية.
كشفنا عن طابع الدولة البرجوازية المعادي للشعب، وهي التي لا تريد ولا تستطيع على مر اﻷزمنة تأمين إرضاء الحاجات الشعبية وتحاول التستر على دورها من خلال التذرع بـ "أزمة المناخ". هذا و سلطنا الضوء على العواقب السلبية بالنسبة للشعب من خطط تسليع المياه بذريعة معالجة شحّها، و من الخطط الخطيرة للترويج لحرق النفايات وتسليم الغابات لإدارة القطاع الخاص.
وأثبتنا أن آلية الحماية المدنية هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية ما يُسمى "الأمن الداخلي والخارجي للاتحاد الأوروبي" وحلف شمال الأطلسي.
وركز تدخلنا السياسي على إبراز تفوق الاشتراكية في ضمان توازن العلاقة بين الإنتاج والحياة الاجتماعية والبيئة، على النقيض من النظام الرأسمالي واستراتيجية رأس المال والاتحاد الأوروبي، التي تُتاجر بها و تقلل من شأنها.
هذا و لعبت قوى الحزب الشيوعي اليوناني دوراً في حماية أرواح وممتلكات الشعب من الكوارث في مناطق مأهولة، كما جرى في حريق شمال إيفيا، وفيضان ثِساليِّا، وحرائق محافظات إيليِّا وإيفروس وأتيكي وأخايِّيا، التي وصلت حتى مناطق صناعية.
وفي جميع الحالات، ثبت أن حماية الشعب تتطلب إجراءات حاسمة كفاحية زاخمة و فورية.
و من أجل تصدُّرنا للصراع كان هناك دورٌ حاسم لواقعة دخول قوانا فيه بنكران للذات وبطولة بالإضافة إلى البنى التحتية التي نمتلكها في الحركة، حتى الضعيفة منها، والتي اتجهت نحو أخذ زمام المبادرة لتنظيم التضامن والمطالبة. حيث تُستخلصُ تجربة مفادها وجود حاجة في مثل هذه الحالات، إلى بث إشارة المطالبة الجماعية والتحرك الفوري إلى جانب التضامن، دون انتظار تسجيل الدمار.
كما و ثبتت صوابية المبادرات المطلبية التي اتُخذت بأشكال مختلفة (تظاهرات، وقفات احتجاجية، مراكز للتضامن، وما إلى ذلك). حيث مكّن هذا التوجه من توظيف جماهير واسعة بسرعة، مانحاًُ إياها حافزاً للنشاط و محتوى للتحرك، والتي لولا ذلك لكانت قد بقيت جماهير خاملة، و لكانت محاولة الخصم المنهجية تؤثِّرُ في مثل هذه الحالات، لكي لا يُعرب عن الغضب من خلال التحرك الشعبي، و من أجل إعادة إنتاج مناخ من الترقب لأي تدابير - فتات من الإصلاح – في ترابط مع الترويج لمشاريع استثمارية فوق أرضية الكوارث، وتحويلها إلى "فرصة" للربحية.
على أي حال، هناك عنصر عام، إلزامي، وموحد: هو جاهزية الشيوعي و الشيوعية، وقدرتهم، وإرادتهم، و عملهم المليء بنكران الذات، أينما وجدوا، وفي جميع الظروف.
و من المصيري هو تحقيق خطوات في الاصطراع من أجل القضايا البيئية، وفي إبراز الطابع الطبقي للتنمية، وفي طرح مطالب ترضي حاجات الشعب مع تسليط الضوء على برنامج الحزب الشيوعي اليوناني. إن كل هذه اﻷمور تُشكل معياراً لنجاعة العمل الإرشادي، و لأداء ونشاط المنظمة القاعدية الحزبية.
طُوِّرت على نطاق واسع خاصةً بعد المؤتمر اﻠ21 على مدى الفترة السابقة، مُداخلة متعددة اﻷشكال في مجال التربية البدنية والرياضة، في تعارضٍ مع تداعيات هيمنة تسليعها، التي حوّلت الحاجة إلى الرياضة والتمارين إلى ترف باهظ أو هواية لمن لديه الوقت لذلك. حيث سعينا إلى أن يتعارض هذا النشاط مع استخدام الرياضة الجاري من أجل تعزيز قيم ومعايير الرأسمالية والمنافسة والأيديولوجيا البرجوازية.
و بالتوازي، بُذلت محاولة لإنشاء موارد بشرية في مجال التربية البدنية والرياضة في المنظمات المنطقية، بنحو يمكننا من رصد التطورات و من تدخلنا في كل من الرياضة وهياكلها (الاتحادات - الجمعيات - الأندية)، و في جميع مستويات التعليم. وتبقى الصعوبة الرئيسية:عدم الفهم المتكامل لأهمية تدخل الحزب في جبهة الرياضة ومواءمة التدابير والمبادرات التنظيمية معها.
هذا و تغدو محاولتنا اﻹجمالية أكثر إلحاحاً اليوم، إذا أخذنا في الاعتبار أننا نشير إلى مجال يبلغ فيه عدد الأندية في قطاع المباريات، بالإضافة إلى التعليم الذي يهم المعلمين من جميع المستويات والطلاب وأولياء الأمور، حوالي 6000 نادي. و باختصار، فإننا نتحدث عن مجال منظم لما مجموعه حوالي 500 ألف شخص، من مختلف المواقع (رياضيين ومدربين وأعضاء مجلس إدارة وأولياء أمور)، يتواجدون في تواصل و انشغال منتظم، إن لم نقُل يومياً، في مجال الرياضة. و إجمالاً، فإننا نتعامل مع أعمار منتجة تهمنا من حيث انتمائها الطبقي الاجتماعي. هم أزواج شباب و شباب كانوا قد بدؤوا انشغالهم بالرياضة في سن مبكرة. إن كل هذه هي عناصر تفيد بأن الأسرة العاملة تكافح من أجل إبقاء أطفالها على اتصال بالرياضة، على الرغم من جميع التخفيضات التي تم إجراؤها من حيث تمويل الدولة، أيضاً مع تقدير التدهور الكامل للتربية البدنية والنشاط البدني في المدرسة.
إن كل ما سبق يؤكده التأثير الإيجابي لجميع المبادرات التي نتخذها بالتعاون مع الشبيبة الشيوعية اليونانية، والتي لم تعد تقتصر على الحدود الزمنية للمهرجان، بل تنتشرُ على مدار العام، وتجمع بين العمل الرياضي والمُطالبة. من المهم أن يكون النقاش حول المشاكل والنواقص والمطالب متخصصاً وأن يتحول إلى مطالب تطرح على مستوى البلديات - المقاطعات.
إن هدفنا هو صياغة الشروط المسبقة من أجل التفافٍ واسع في مجال رياضة النوادي، والذي يعبر عن الناس على مستوى الاتحادات والجمعيات والأندية من جميع الرياضات، سعياً لتعزيز إشارة المطالبة في مواجهة تسليع الرياضة.
هامٌ أيضاً هو جانب معاظمة مشاركة الأفراد الذين يشاركون في البطولات التي تنظمها جبهة النضال العمالي "بامِه" و جبهة النضال الطلابي. سيتحقق هذا مع ازدياد وتيرة ونطاق هذه الفعاليات، وانتشارها في مدن أخرى، مع إشراك لجان التلاميذ بأعضائها الخمسة عشر و تنسيقياتهم في أنشطة مماثلة. حيث من الضروري دمج الرياضة كحق ومطالبة على نطاق أوسع في الحركة الشعبية المنظمة، وفي المنظمات الجماهيرية للشباب.
إن المخدرات والإدمان هي نتاجٌ للأسلوب الرأسمالي في تنظيم الاقتصاد والمجتمع. حيث يرتكزان فوق هذا الأساس، و يجدان أرضيةً للانتشار. و من هذا الرأي، سيواجه كِلا إدمان المخدرات و أشكال الإدمان بمقدار ارتباط الصراع ضدهما مع الصراع ضد الاستغلال و بمنظور إلغائه.
إننا نُكافح ضد سياسة الطبقة البرجوازية والاتحاد الأوروبي التي خدمتها جميع حكومات بلادنا بإخلاص حتى اليوم، مما أنتج إغلاق جميع برامج العلاج، و تشويه وتدهور العلاج المتكامل لما يُعرف بـ"برامج العلاج الجاف" باستمرار، مع تعزيز سياسة "الحد من الضرر" (البدائل، ومناطق التعاطي المُراقبة). و نُكافح ضد تخفيض منسوب الوقاية من الإدمان مع تغيير محتواها، حيث تُشجع الطبقة البرجوازية "التعاطي الصحي" و"المدمن الوظيفي" بالتوازي مع إغلاقها لمراكز الوقاية اﻠ75 المتواجدة في بلادنا.
و من المطلوب اليوم قيام حركة موسعة، بمطالب تُكافح الأسباب التي تَلِدُ ظاهرة الإدمان الاجتماعية وتُعيد إنتاجها. يجب على أعضاء الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية اليونانية أن يتصدَّروا هذه الحركة و أن يكسبوها سمة جماهيرية مع توسيع نطاق نشاط المجلس الوطني لمكافحة المخدرات. فليُشدَّد نشاطنا على جبهة مكافحة الإدمان في جمعيات أولياء اﻷمور، وجمعيات التربويين، والنقابات العمالية، والجمعيات الرياضية والثقافية.
هذا و أنجزنا كحزب خطوات في تعزيز الجبهة الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية ضد انتشار المخدرات ونمط الحياة الذي ترمز إليه، معززين بذلك أيضاً رؤيتنا البرامجية. كما و نُحصي خطوات مماثلة في "العلاقة الإشكالية" مع الكحول التي تتفاقم باستمرار في اﻷعمار الشبابية.
و ينبغي تعزيز دراستنا كحزب و صياغة إطار صراع و مطالب، بشان عواقب الإدمان السلوكي (الإنترنت، وسائل التواصل الاجتماعي، المقامرة) وفي تكوين الوعي والنشاط لدى الشباب، ولكن أيضاً في كيفية تشكُّل رؤية تسامح لدى من يستخدمونها أحياناً أو لا يستخدمونها على الإطلاق، وهو أمر له تأثير مضاعف ويؤثر سلباً على التآلُفِ معها.
تتعلق جردة حساب اللجنة المركزية بالمسار الممتد من المؤتمر اﻟ21 حتى المؤتمر اﻟ22. ومع ذلك، نظراً لانقضاء ما يزيد عن 12 عاماً على انعقاد مؤتمرنا اﻟ19 البرنامجي و الذي أقرَّ نظاما داخلياً جديداً، فإننا سنُوسّع نطاق تقييمنا موضوعياً ليشمل فترة زمنية أطول.
سجَّل مسار الحزب و عمل لجنته المركزية تقدماً خلال هذه السنوات. يرتكز هذا التقدم على ما يلي:
و مع أننا لا نقلل من شأن الخطوات الإيجابية، لكننا و في الوقت نفسه مدينون بتقييم أوجه الضعف والقصور، وبقلق خلاق تجاه المسار، على أساس المهام التي طرحناها في قرارات المؤتمر اﻟ21. حيث تُحدد مواضع أوجه الضعف والقصور في:
و في الخلاصة، ينطلقُ تقييم المسار العام للحزب و إسهام أعلى هيئة إرشادية فيه، اللجنة المركزية، مما إذا كان عملنا اﻹرشادي متناسباً مع الطابع الثوري الذي امتلكه الحزب – برنامجياً و في نظامه الداخلي - مسألة يجب تأكيدها باستمرار في كل مؤتمر، مع إثرائها بالتطورات نفسها وتعميم تجربة الصراع الطبقي.
و بدرجة ما تحضر مشكلة في فهم هذا التوجه و المعيار و أكثر من ذلك في استيعابه الإبداعي. حيث لم يُستوعَب بنحو جيد من كوادر الحزب وأعضائه. و لا يعود ذلك في اﻷساس إلى انحرافات وخلافات أيديولوجية إجمالية، بل يتعلق بالأساس بالقدرة الإرشادية والمثابرة و التطلُّب اللازم المتزايد، انطلاقاً من اللجنة المركزية نفسها مع تدرُّجٍ متناسب نحو الهيئات الأدنى. في كثير من الأحيان، يقتصر الروتين اليومي على جملة من الإجراءات، مع ثقل رئيسي على المهام التنظيمية، دون إبداء اهتمام مقابل برفع القدرة الكلية للحزب، اعتباراً من اللجنة المركزية وصولاً إلى المنظمات الحزبية القاعدية، وحتى محيطها ذاته، من أجل ضمان الاستعداد للتجاوب أمام متطلبات و إمكانيات و صعوبات كبيرة. يجب أن تتخلل عملنا اليومي فكرة مفادها أن أكثر الأعمال الصغيرة "كآبة" هو عمل ثوري، يصبح حصوة حرجة في بناء النضال الإجمالي للإطاحة بالبربرية الرأسمالية.
هذا و ينبغي ربط النضالات اليومية من أجل انتزاع نتائج معينة وبعض الانتصارات لصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، بنحو أكثر نجاعة مع المواجهة الطبقية والقطيعة مع الرأسمالية و إسقاطها.
أسهمت اللجنة المركزية في رفع المنسوب الأيديولوجي للكوادر والأعضاء، كمقدمة أساسية لصعود قدرة الحزب في الصراع الطبقي و في نشر سياسته وأيديولوجيته. ومع ذلك في الفترة من آذار\مارس 2023 حتى حزيران\يونيو 2024 تراجعنا بنحو خاص عن مهمة تنفيذ أنظمة التثقيف الحزبي الداخلي، تحت ضغط المواجهات الانتخابية المتتالية (انتخابات برلمانية مزدوجة في أيار\مايو و حزيران\يونيو 2023، وجولتان للانتخابات البلدية والإقليمية في تشرين الأول\أكتوبر 2023، والانتخابات الأوروبية في حزيران\يونيو 2024).
حيث تجاوبت اللجنة المركزية مع المسائل الحرجة التي برزت خلال هذه السنوات الأربع، كالحربين الإمبرياليتين الكبيرتين في المنطقة، والصراع الأيديولوجي والسياسي متعدد الأوجه داخل اليونان، ولكن أيضاً في إطار أوروبا والحركة الشيوعية الأممية. من خلال اجتماعات متتالية للجنة المركزية ومناقشتها داخل الحزب بأكمله والشبيبة الشيوعية اليونانية.
و بالمثل كان انشغال و إرشادُ الحزب بجملته في تطوير الحركة العمالية النقابية، وفي تغيير تناسب القوى في هيئات الدرجتين الأولى و الثانية للحركة النقابية، بذات القدر ضمن العاملين بأجر في كِلا القطاعين الخاص والعام. كما و أسهمت اللجنة المركزية في النضالات الكبرى ضد جريمة تِمبي، و ضد"التحول الأخضر" والطاقة، والتضخم، والغلاء، و مزادات السكن الشعبي، والكوارث الطبيعية وغيرها.
أدارت اللجنة المركزية شؤون الحزب المالية بكفاءة واقتدار، وأخرجت الحزب من دوامة الخيارات الخاطئة والمشاكل المالية والديون الكبيرة التي تراكمت منذ أزمة الحزب بين عامي 1989- 1991، و التي كانت تلاحقنا كأعباء حتى المؤتمر اﻠ19 حين بدأت مرحلة إعادة التنظيم والتصحيح الصعبة والمديدة الأعوام.
واجهت اللجنة المركزية، بكفاءة سياسية، تفاعلات الجارية في النظام السياسي البرجوازي و الدولة البرجوازية، وظهور وتكوين تشكيلات سياسية جديدة. و تجاوبت مع مهام العمل البرلماني المتعددة الجوانب والصعبة في البرلمانين اليوناني والأوروبي، بمداخلات تركت ختمها و بصمتها، حيث سلَّحت آلاف العمال بالحجج، و صاغت - في حدود الإمكانيات و تناسب القوى - مناعةً ضد التضليل والدجل الشعبوي و"العروض" الإعلامية، مبرزة الحزب كمرجع ثابت للخطاب الثابت الواضح والشريف و الموثق بحجج، من أجل الدفاع عن مصالح العمال والشعب.
استخدمت اللجنة المركزية باعتدال وصواب، سائر أشكال الدعاية التقليدية والحديثة المكتوبة والشفوية، والتنوير السياسي الجماهيري، و تفصيل سياساتنا، مانحة إمكانية امتلاك ناصيتها من قبل جماهير شعبية أوسع.
و أقدمت على خطوات نموذجية جديدة في إبراز الثقافة والجماليات والفنون، ليس فقط من خلال تطوير مؤسسات مهرجانات الشبيبة الشيوعية اليونانية "أوذيغيتيس"، بل أيضاً من خلال اتخاذ خطوات مهمة أخرى بمشاركة جميع المنظمات المنطقية و المنظمات القاعدية الحزبية، بينما تصدرت اللجنة المركزية عملية توسيع دائرة التعاون مع فنانين مهمين و شخصيات الثقافة، من خلال فعاليات رئيسية رمزية تُناقش في المجتمع اليوناني وتُؤكد على مشاركة الحزب في الفعاليات الثقافية في البلاد.
التئمت اجتماعات اللجنة المركزية بانتظام، بمعدل وسطي كل 40 يوماً، بينما اجتمع المكتب السياسي والسكرتاريا بانتظام أسبوعياً، وأحيانًا في اجتماعات استثنائية، لفحص المسائل التي طرأت في اجتماعات مشتركة عديدة. و مع أن الوظيفة الجماعية هي مؤمنة، إلا أن عليها أن تكتسب خصائص أسمى، وهي تبادل الآراء الجماعي المباشر عند ظهور مسائل استثنائية بمسؤولية الأمين العام والمكتب السياسي. و ينبغي بالمقابل على اللجنة المركزية، الإسهامُ بمشاركة يومية نشطة لأعضائها، وبمسؤوليتهم الشخصية، في التفكُّر الجماعي للمكتب السياسي و السكرتاريا والحزب ككل، على أساس مسار التطورات، ولكن أيضاً على أساس الدور المكلَّف لكل عضو في مجال عمله وعلى نطاق أوسع.
وفي كل هذا المحاولة، هامٌ كان إسهامُ أقسامِ اللجنة المركزية، في دعم عمل و معالجات المكتب السياسي واللجنة المركزية وعمل المجموعة البرلمانية والمجموعة البرلمانية الأوروبية والمجموعات الحزبية في الإدارة المحلية و إدارة المقاطعات، وفي المداخلات العامة للحزب، وفي المساعدة التي قدمتها لمنظمات الحزب من خلال المشاركة في تظاهرات و أيام عمل و مداخلات في العمليات الانتخابية، وما إلى ذلك.
في الفترة التي تلت المؤتمر اﻠ21، اكتملت معالجة الكتاب الثاني من المجلد الثالث من استقراء تاريخ الحزب الشيوعي اليوناني، الذي يدرس فترة الديكتاتورية العسكرية 1967-1974، في حين وُضعت أسس تحرير المجلد المتعلق بالفترة 1974-1991. و في مناسبات ذكرى أحداث تاريخية، عُرضت على نطاق واسع استنتاجات المعالجات الجماعية، المتعلقة بتاريخ واستراتيجية الحزب والحركة الشيوعية الأممية (منشورات خاصة عن حملة وكارثة آسيا الصغرى، و هبَّة البوليتِخنيِّو، و معرض بشأن أحداث عام 1944 التحريري الثوري، ونشر مواد أرشيفية لمؤتمرات الحلفاء، وفيلم وثائقي عن الحرب العالمية الثانية).
إن هذا النشاط المتعدد اﻷشكال، يظهر أن التواصل مع تاريخ الحزب والحركة الشيوعية الأممية يوفر مَدداً مهماً لحماية العمل الطليعي في ظل تناسب القوى السلبي وفهماً لاستراتيجية الحزب الثورية العصرية. حيث يُسهِّلُ هذا التوجه المحدد التعاون بين أقسام اللجنة المركزية وتعاون اﻷقسام مع المنظمات الحزبية.
كما تبرز الحاجة إلى مواصلة العمل المنهجي لتشغيل وإثراء الأرشيف التاريخي، ومساهمة المنظمات الحزبية في هذا الاتجاه، بالإضافة إلى عمليات البحث المخطط لها في الأرشيفات الأخرى. وقد غذّى هذا العمل ولا يزال، معالجات جماعية ومعارض ودراسات علمية فردية تتناول المحطات الرئيسية في تاريخ الصراع الطبقي المحلي والدولي.
و أجريت منذ المؤتمر اﻠ21 وحتى اليوم سلسلة من الندوات لمعلمي مادة التاريخ في مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي. ونُظّم يوم عمل علمي فتح جبهةً ضد الأساليب غير العلمية لدراسة التاريخ و ضد تيار المراجعة التاريخية البرجوازية، الذي يندرجُ في مقدمة الهجمة المناهضة للشيوعية، و يصِمُ فترات النهضات الثورية النضالية للقوى العمالية الشعبية، مع تشويه تاريخ الحرب العالمية الثانية، والترويج لمعاداة السوفييت و للبدعة الرجعية التي تطابق الفاشية بالشيوعية، وتطابقُ العنف الثوري بالإرهاب.
و أنجزَ تدخل متخصص من أجل التلاميذ من خلال معالجة منشورات تاريخية موجهة للأطفال (ثورة 1821، حملة وكارثة آسيا الصغرى، الحرب العالمية الثانية، تقسيم يوغوسلافيا).
و على الرغم من قيام بعض الخطوات، لا سيما على مستوى الهيئات الإرشادية، إلا أن مشكلة لا تزال متمثلة في واقعة عدم دراسة و استيعاب المعالجات الأساسية للحزب، كمجلدات استقراء التاريخ، من قِبل مجموع قوى الحزب و الشبيبة الشيوعية و لا من قبل كوادر الحزب و حتى من قبل منظمات حزبية، كمنظمة طلاب الجامعات و التربويين و الفنانين و التي تتعرض في الواقع وبحكم موقعها لقصف مستمر من قبل الأيديولوجيا البرجوازية.
و إلى حد ما، تمت مواجهة نقص مسؤولي اﻷقسام أو مجموعات العمل المسؤولة عن الانشغال بمسائل التاريخ في المدن الكبرى مع المؤسسات الجامعية المقابلة، أمر كان قد شُدِّدَ عليه في المؤتمر اﻠ21. في الوقت نفسه، لا يزال قائماً هدفُ الأداء المنتظم والمخطط للأقسام ومجموعات العمل الموجودة، وتخفيف عبء الواجبات المتعددة عن المسؤولين، وسد الثغرات الموجودة.
و بنحو حاسم أسهمت الزيارات إلى مواقع الاستشهاد والنصب التذكارية والمتاحف والمعارض التي أُقيمت في مختلف مناطق البلاد، مع إسهام حاسم و هام من لجنة النصب التذكارية والمتاحف التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، في معرفة و فهم الحقيقة التاريخية واستنتاجاتها، و كذلك في تربية أعضاء الحزب والشبيبة الشيوعية اليونانية، وكذلك أصدقاء الحزب وأتباعه.
و خلال الفترة من المؤتمر اﻠ21 حتى اﻠ22 الثاني والتي تخللت الحزب بأكمله من القمة نحو القاعدة، هيمنت على الصراع الأيديولوجي مسائل الحرب الإمبريالية في أوكرانيا والشرق الأوسط، و مسائل الإدارة البرجوازية، و تمثلت ذروتها في غياب البنية التحتية للحماية المدنية من الظواهر الطبيعية، وسلامة النقل العام، والرعاية الصحية، والتعليم، بالإضافة إلى حماية دخل وظروف عمل العمال والشعب (للمزارعين، و مهنيي المدن، والمتقاعدين) مع إبراز مسائل في الوقت نفسه، كالتنمية من أجل من، و التنمية و الأزمة الاقتصادية الرأسمالية، و"التحول الأخضر والرقمي" وغيرها من مسائل متشابكةً مع المسائل الراهنة لإعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي، و رؤيتنا الاستراتيجية لعدم المشاركة في الحكومات في إطار الرأسمالية، وغيرها. حيث شكَّلت هذه المسائل، المحاور الرئيسية للصراع السياسي الجاري الذي تعلق بجميع المعارك الانتخابية الخمس (جولتان برلمانيتان، وجولتان محليتان – و في المقاطعات، و جولة انتخابات برلمانية أوروبية).
وعلى هذا الأساس، تشكَّل بشكل خاص محور الصراع الأيديولوجي-السياسي بشأن إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي و الاشتراكية الديمقراطية (حزبي: سيريزا و الباسوك بنحو رئيسي)، والتيار الانتهازي، وكذلك برامج الحكومة التحديثية (حزب الجمهورية الجديدة) بشأن "التنمية الرقمية الخضراء" و دولة اﻷركان البرجوازية العصرية.
هذا و اتسع توجُّهُ تدخلاتنا الأيديولوجية والسياسية نحو جبهات جديدة، كالتأثير الاجتماعي للذكاء الاصطناعي، والاستنتاجات التاريخية تجاه مسائل الاستراتيجية الراهنة للصراع، و الاستيلاء على سلطة العمال، مع ذروة استنتاجات بشأن "عام 1944 الثوري".
و تواصلت المحاولة البحثية لدراسة بناء الاشتراكية في القرن اﻠ20، من خلال منشورات و أيام عمل حول الدولة الاشتراكية والدستور السوفييتي.
كما و طُوّرت بنحو خاص جبهات محددة للصراع الأيديولوجي والسياسي، وإن كان ذلك متأخراً بنحو كبير بمسؤولية تعودُ للمكتب السياسي واللجنة المركزية، كتلك المتعلقة بمسألة استدعاء الحقوق الفردية و النظريات البرجوازية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، والنظام الأبوي، وحركات وسياسات "الإدماج" (على سبيل المثال، القائمة على السلوك الجنسي)، والتي عمّمها الصراع الجاري بمناسبة مشروع القانون الشهير لحكومة حزب الجمهورية الجديدة.
ومع ذلك، ومع توجهنا نحو القاعدة الحزبية، فإنّ معالجاتنا المهمة وتعميم تجربتنا العملية الغنية محدودة، لأنها مجزأة إلى عمل وقتي مجزأ وفقا للموضوع.
و فيما يتعلق بشبكة التثقيف الحزبي الداخلي، فقد استندت اﻷخيرة إلى جهاز العمل الأيديولوجي (بنحو رئيسي على اللجان اﻷيديولوجية لهيئات المنظمات المنطقية و القطاعية)، التي دعمت مدارس الهيئات المنطقية، والمدارس الوسيطة، ومدارس الأعضاء التجريبيين. وعلى مدار السنوات الأربع، قُدّم حجم كبير من الدروس في اجتماعات المنظمات الحزبية القاعدية، وحتى مناقشات الهيئات القطاعية.
و دون التقليل من قيمتها، يجب ألا تُخفي عنا هذه الهيئات أوجه ضعف هامة تُشكل "أعباءاً" في عمق زمني، و تعيق فولذة الخصائص الشيوعية المطلوبة ضمن الظروف الراهنة الأكثر تطلباً للغاية.
أين نحدد بعض المشكلات الرئيسية التي تقع مسؤوليتها اﻷولية على اللجنة المركزية:
لا يتم إنجاز تخطيط وتنظيم و رقابة على تنفيذ التدخلات الأيديولوجية والسياسية والجماهيرية اليومية باتساق و استمرارية حاسمين، على أساس العلاقة الجدلية بين النظرية والممارسة الثوريتين.
تتجلى هذه المشكلة في:
أ) ركود بل وحتى تراجع شراء و دراسة و تسخير صحيفة "ريزوسباستيس" و مجلة "كومونيستيكي إبيثيوريسي" و الكتاب الأيديولوجي والسياسي والتاريخي، و مجلة "أوديغيتيس" إلخ.
ب. فترات تأجيل – تجميد بشأن النقاش العام أو الخاص لمواضيع أيديولوجية و نظرية (فترة خمس معارك انتخابية متتالية).
ج) ضعف الإعداد الأيديولوجي للكثير من القوى الجديدة، والذي يتعلق بالحاجة إلى تعزيز قدرة الشبيبة الشيوعية اليونانية على الاستيعاب الشيوعي، و أيضاً على الإعداد الأيديولوجي لمناضلين من صفوف الحركة العمالية والشعبية.
د) ضعف التطوير المتعدد الأوجه للكوادر، بنتيجة التكليف المفرط لبعضهم، ومشاكل في نشر الكوادر، وفي تزويد اللجان المساعدة بالكوادر.
هـ) الضعف النسبي لجزء كبير من أعضائنا و المنظمات القاعدية الحزبية في إنجاز عمل مستقر في مجال مسؤوليتهم مع جوهر برنامج الحزب.
هذا و لا تقتصر اليوم ترقية التدخل البرجوازي الأيديولوجي-السياسي على إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي والدولة البرجوازية (دولة الأركان الرقمية) فقط، ومحاولة إعادة ترميم الاشتراكية الديمقراطية، و اصطفاف الشعب خلف أهداف رأس المال من أجل "زيادة تنافسية البلاد و ترقيتها جيوسياسياً"، والإطباق على الشعب في ثنائية القطبية البرجوازية : القومية - الكوسموبوليتية، باعتبارهما وجهين للأيديولوجيا البرجوازية. بل و تمتد حتى الهجمة البرجوازية الأعمق و تآكل و تقويض تكوين الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة، وخاصةً في الفئات العمرية الإنتاجية الشابة، وبنحو أشمل لدى الشباب، والذي يتجلى أيضاً في الترويج المخطط لرؤى المثالية الذاتية المعاصرة.
بناءاً على الخبرة الغنية التي اكتسبناها على مر السنين المنقضية، تدين اللجنة المركزية في الفترة المقبلة بدمج برنامجنا الثوري بنحو أفضل في المهام الجارية ضمن مسارنا نحو مؤتمرنا اﻠ23.
و دراسة البرنامج باستمرار و الترويج له، و ممارسة الرقابة على المهام المختلفة، بمعيار مفاده إيلاجُ النضال اليومي من وجهة نظرنا في الصراع من أجل إسقاط الرأسمالية، ومن أجل سلطة العمال، وبناء الاشتراكية نحو الشيوعية، وإعداد الحزب المتكامل اﻷوجه لأداء جميع مهامه حين تواجُدِ الثورة على جدول الأعمال.
على أي حال، و في نهاية المطاف يُحكم على النضال اليومي من خلال خط حشد القوى، والدعم الأيديولوجي، وأشكال الصراع، ومدى أدائها التثقيفي على منطق المواجهة الطبقية الشاملة، والصدام، والإطاحة بالرأسمالية.
مستفيدين من خبرتنا المتراكمة الغنية، واستراتيجيتنا الثورية المدروسة، وتطويرنا الجماعي الإبداعي لرؤيتنا العالمية، على قاعدة التطورات الجديدة والمستمرة، وثقتنا بمبادئ عمل الحزب الثوري للطبقة العاملة في بلادنا، الثابت على نهج الأممية البروليتارية، حيث ننظم الحزب الشيوعي ﻠ"السراء و الضراء"، مستعداً لكل شيء، لكي يتجاوب بكفاءة خلال التطورات المعقدة، واضعاً الطبقة العاملة والشعب في مقدمة المشهد هذه المرة من أجل النصر النهائي،، للاشتراكية - الشيوعية ضد بربرية الرأسمالية.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني
9 أيلول\سبتمبر 2025