من المعروف جيدا أن الرأسمال الأوروبي و اتحاده المتمثل بالاتحاد الأوروبي قد امتلكا منذ سنوات عديدة "مرتليهما اليساريين". حيث تبرز في الموقف المذكور مختلف الأحزاب، التي تعلن نفسها ﻜ"تقدمية" و "يسارية"، و أيضا بعض الأحزاب التي تحتفظ بعنوان "الشيوعي" بعد عقود على انغماسها في التيار الانتهازي و الاشتراكي الديمقراطي لما يسمى ﺒ"الشيوعية الأوروبية".حيث استحصلت هذه الأخيرة، كالحزب الشيوعي الفرنسي مثالاً ، منذ سنوات على "طلاق" مع الماركسية اللينينية والأممية البروليتارية، حتى أنها تخلَّت عن الرموز التاريخية للحركة الشيوعية، بإسم "اليسار"، و غدت "ذيلاً" للإشتراكية الديمقراطية و"مغسلة "للنظام الرأسمالي و الاتحادات الامبريالية، كالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. و هي و على الرغم من ذلك، تحتفظ بعنوانها "الشيوعي"، و على هذا النحو و بالإضافة لممارسة دورها التضليلي في بلادها، تشارك في اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية، ساعية للعب دور مماثل. و إذا ما حكمنا على أساس فعاليات مهرجان صحيفة "أومانيتيه" الأخير في فرنسا، نرى إنه ما من نهاية لانحدارها.
و إلا كيف يمكن أن نشير إلى واقعة دعوة وزير عمل حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين، يورغوس كاتروﮔالوس إلى هذا المهرجان و خطابه هناك؟ أي أن جزار الحقوق العمالية و الأجور و المعاشات التقاعدية عبر تنفيذ المذكرة الثالثة لحكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين المبرمة مع المنظمات الإمبريالية، دُعي لمهرجان هذا الحزب "الشيوعي" للحديث عن "السياسات النيوليبرالية" و هو المستدف الآن إلى الحد من حق الإضراب. و هو الرجل الذي صوره مناضلو العمال و المتقاعدون عن العمل ضمن تحركهم الأخير مع جبهة النضال العمالي "بامِه" في صورة "ذو أيدي مقصات" معاصر.
هذا الشخص اختير للدعوة لمهرجان أولئك الذين يُدعون بالإسم فقط ﻜ"شيوعيين" في فرنسا.
و بالتأكيد، لم يكن ذلك من قبيل الصدفة، ما دام المدعو للمساهمة في النقاش مجاور للحديث عن التطورات الدولية و عن "بيتنا الأوروبي المشترك" كان الجنرال Dominique Trinquard ، القائد العسكري لبعثة الامم المتحدة وحلف شمال الأطلسي. أجل، تقرؤون على نحو صحيح: حلف شمال الأطلسي، هذه المنظمة الإمبريالية، التي ذبحت الشعوب و تواصل ذلك. إن كل ما ذكر أعلاه يبدو لا منطقياً لشيوعيي اليونان، و لشيوعيي العديد من بلدان العالم. ولكنه ليس على هذا النحو، بالنسبة لحزب أيد "بكل ما أوتي من وسائل" للتدخلات الإمبريالية لحلف شمال الأطلسي في ليبيا و للاتحاد الأوروبي في جمهورية أفريقيا الوسطى، مؤخراً.
راهنية هي اليوم كلمات لينين، عن أن الصراع ضد الإمبريالية هو صراع لا يتجزأ عن الكفاح ضد الانتهازية.
نُشر بتاريخ 24/9/2016
