من أجل وحدة العمّال ضدّ هجمة رأس المال : الاشتراكيّة العلميّة هي الحلّ

لا شكّ بأنّ كلّ القراءات الموضوعيّة وكلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ الأزمة الرأسماليّة الحاليّة التي بدأت سنة 2007 في عقر دار أكبر دولة إمبريالية وهي الولايات المتحدة الأمريكية وتوسّعت بعد ذلك لتشمل كل بلدان العالم وأوروبا وخاصة اليونان ، هي أزمة لا سابق لها بأسبابها وأحداثها وتمظهراتها. فهذه الأزمة ليست بحال من الأحوال أزمة ظرفيّة وعابرة بل هي أزمة عميقة وحتما طويلة بمقدار إمكانيّة الرأسماليّة نفسها (في عصر العولمة الليبراليّة الشّرسة) على مواجهة تناقضاتها. أمّا ما يجب توضيحه فهو أنّ هذه الأزمة ليست أزمة ماليّة كما يروّج بقدر ما هي أزمة إقتصاديّة ولكنّها أيضا ليست أزمة إقتصاديّة بحتة بقدر ما هي أزمة تشكيلة إجتماعيّة-إقتصاديّة هي الرأسماليّة في حالة إحتضار.

فما يعيشه العالم اليوم دليل على أنّ أزمة النّظام الرأسمالي هي أزمة بنيويّة مرتبطة بسياسات النّظام الرأسمالي وتطوّره التّاريخي. وبالتّالي فهي ليست أزمة ناتجة عن سوء تصرّف مدير هذا البنك أو ذاك أو عن خلل في قوانين التنظيم المصرفي في هذه الدولة أو تلك مثلما يروّج له منظرّوا الرأسماليّة الحاليّون الذين وجدوا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه مثل الكذّاب فرانسيس فوكوياما الذي تفتّحت قريحته منذ سنوات عمّا سمّاه "نهاية التّاريخ والإنسان الأخير" وهو يقصد الإنتصار النّهائي للرأسماليّة وهو ما فنّدته الأحداث.

فالتطوّر التّاريخي للنظام الرأسمالي وصل إلى مرحلة التمركز الأضخم للرأس مال المالي بيد فئة قليلة ، سمّاها لينين معلّم البروليتاريا بالطغمة الماليّة ، التي تمسك بين أيديها بالقرار الإقتصادي العالمي عبر توظيف المؤسسات الماليّة العالميّة (صندوق النقد الدولي ، البنك العالمي والمنظّمة العالميّة للتّجارة) وتتحكّم بالقرار السّياسي والإجتماعي عبر توظيف الدولة البورجوازيّة وتسيطر أيضا على البنوك المركزيّة والبورصات التي بنيت على قياسها لخدمة مصالحها. وقد تجسدت هذه الأزمة في ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وانتشار المجاعة والأمراض والأوبئة وتعمق الاستغلال والنهب وتفشي الأمراض الاجتماعية المختلفة وكثرة الحروب اللصوصية وعودة الاستعمار المباشر (العراق ، أفغانستان ..) مما يستدعي رص صفوفهم من جديد من أجل إنجاز الثورة الاشتراكية في البلدان الرأسمالية والوطنية التحررية ذات الأفق الاشتراكي في المستعمرات وأشباهها.

وبمناسبة خوض الحزب الشيوعي اليوناني للإنتخابات التشريعية يوم 25 جانفي القادم ، في مواجهة الأحزاب الرجعية مثل حزب "الجمهورية الجديدة" أو الأحزاب الإنتهازية مثل حزب "سيريزا" فإنّنا نعلن عن مساندتنا المطلقة لهذا الحزب الذي يخوض نضالا ثوريا بارزا في مقاومة الهجمة الرأسمالية التي يقودها الإتحاد الأوروبي عبر مختلف مؤسساته التي تعمل على تكريس السياسات اللاشعبية واللاديمقراطية والتي تتجسّد خاصّة في تفاقم "الدّين" في اليونان والذي أصبح من المفروض إتخاذ قرار صارم يتمثّل في رفض خلاص الديون التي كانت وراءها الحكومات اليمينية التي تداولت على السلطة ولا إعادة جدولتها. كما أنّنا نعتبر أنّ سعي الحزب لفكّ إرتباط اليونان مع الإتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي يعتبر حلاّ جذريّا يساهم في إخراج اليونان من ازمتها العميقة التي تتخبّط فيها منذ سنوات.

إنّنا نعتبر بأنّ برنامج الحزب الشيوعي اليوناني يمثّل المخرج الوحيد للشعب اليوناني من أزمته الخانقة ويقطع الطريق أمام الأحزاب الرجعية والإنتهازية التي تريد زرع الأوهام لدى الفئات المفقّرة من الشعب اليوناني بطرح برامج شعبوية لا يمكن أن تخدم إلاّ الرأسمالية الوضيعة.

فإلى الأمام يا رفيقاتنا ورفاقنا في الحزب الشيوعي اليوناني نحو بناء سلطة عمالية حقيقية  عبر تشكيل جبهة ثوريّة تجمع الطبقة العاملة مع حلفائها من الفلاحين الفقراء وباقي الشرائح الشعبية المفقّرة.

- عاشت نضالات الحزب الشيوعي اليوناني

- عاشت نضالات الطبقة العاملة وعاش التضامن الأممي

 

الحزب الوطني الاشتراكي الثوري «الوطد«           تونس في 18 جانفي 2015