روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

70 عاماً بعد النصر على الفاشية. عن مواجهة الفاشية والحرب الإمبريالية

مداخلة الحزب الشيوعي اليوناني خلال المؤتمر السياسي النظري الأممي اﻠ37 في براغ:

"التضليل الإعلامي المناهض للشيوعية حول أسباب ومسار ونتائج الحرب العالمية الثانية، ومخاطر الصعود الجديد للفاشية".


عُقد المؤتمر بتنظيم من منظمة براغ المنطقية للحزب الشيوعي في بوهيميا و مورافيا

 

أيها الرفاق،

 

في عداد الملاحم الشعبية الكبرى سيبقى يوم رفع العلم الأحمر، علم أول دولة اشتراكية، علم الاتحاد السوفييتي منتصراً فوق الرايخستاغ، حيث كان الجيش الأحمر قد سحق الجزء الأكبر من جيوش ألمانيا النازية التي زُعِم أنها لا تقهر.

و يقف الحزب الشيوعي اليوناني وقفة إجلال أمام جميع أولئك الذين ضحوا بحياتهم أو أصبحوا معاقين، في ساحات القتال و خلال العمل السري لسحق المسخ الفاشي الذي ولدته الرأسمالية. كما و أمام كل الأحزاب الشيوعية التي قادت نضالات التحرر الوطني في كافة أنحاء الأرض.

 

و جميع أولئك الذين قاتلوا بسلاحهم أو بياناتهم، و حافظوا على موقف بطولي في الزنازين و أمام فرق الإعدام. و إلى موتى الجوع الذين لا يحصون و على رأسهم الأطفال كأكبر عديد من الضحايا. و إلى ملايين أولئك الذين تعرضوا للتعذيب في معسكرات الاعتقال والإبادة الرهيبة، و في كل موقع رعب، حيث بلغ استغلال الإنسان للإنسان الحضيض عبر التحقير المطلق للوجود الإنساني.

 

إننا نكرم العطاء الهائل المقدم من قبل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية و ندافع عنه ضد تشويهه. لقد حمل الاتحاد السوفييتي عِبء الحرب الأساسي وكان له مساهمته الحاسمة ذات التكاليف الباهظة.

و لذا، فإن الإتحاد السوفييتي وشعبه و الجيش الأحمر، و حزب البلاشفة الشيوعي الذي قاد الكفاح الباسل و شباب الكومسومول، يستحقون تقدير و امتنان جميع مُكرِّمي النصر على الفاشية. كحد أدنى لتكريم هذه الملحمة الخالدة، حيث ينبغي على الجميع إدانة المحاولات البائسة المستمرة لتشويهها من قبل مؤسسات و آليات الطبقة البرجوازية والرأسمالية.
لقد تحقق انتصار الاتحاد السوفييتي على ألمانيا النازية وحلفائها، بقيادة يوسف ستالين، بفضل دور السلطة العمالية السوفييتية في إنشاء وتنظيم التحصين الدفاعي للاتحاد السوفييتي. و المزايا التي يتيحها التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج والتخطيط المركزي للاقتصاد. والدور الطليعي للجماهير الشعبية تحت قيادة الطبقة العاملة. و دور الحزب الشيوعي باعتباره طليعة بروليتارية ثورية. و هو عبارة عن درس تاريخ ضخم لحاضر ومستقبل الحركة الثورية.

فلو لم يكن الإتحاد السوفييتي قد قطع مسافة كبيرة في طريق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المخطط لها بوعي خلال البناء الاشتراكي، بالكاد خلال اﻠ20 عاماً بعد الحرب الأهلية التي أعقبت ثورة أكتوبر، لكان إنقاذه مستحيلاً.

إن للملحمة السوفيتية ورثة متمثلون بجميع أولئك المكافحين من أجل إقامة الاشتراكية-الشيوعية. إن هذه الملحمة ليس ملكية حكومات من صنف بوتين، و أركان الإمبريالية الروسية المتاجرين بذكرى اﻠ9 من أيار/مايو ليحصنوا أيديولوجياً إعادة تنصيب الرأسمالية في الاتحاد السوفييتي، ممن وضعوا تضحية الملايين من الشيوعيين والشيوعيات في تجارة تهريب الأفكار متسترين عن هوية و دوافع أولئك الذين خلقوا هذا الانجاز السوفييتي.

 

إن الحزب الشيوعي اليوناني فخور، لكونه كان الملهم والمنظم ومانح الدم الرئيسي لمقاومة جبهة التحرير الوطني العظيمة لشعبنا.

و قد برزت حركة التحرر الوطني في بلادنا، كما و الكفاح المسلح للجيش الشعبي لتحرير اليونان باعتبارهما أحد أكثر مثيلاتها جماهيرية في البلدان المحتلة. حيث كان لكل حركات من التحرر الوطني و لفرق المقاومة الشعبية إسهامها الهام تحت قيادة الأحزاب الشيوعية.

 

إننا نستلهم و نتعلم من التاريخ لكي نواجه عبر مزيد من النضج والاستعداد، مهام الحاضر و المستقبل.

يتوجه الحزب الشيوعي اليوناني نحو الطبقة العاملة و الشرائح الشعبية الفقيرة، وخاصة نحو والشباب و الشابات ويدعوهم إلى البحث عن الحقيقة والحقائق، والأسباب التي أدت إلى نشوب الحروب العالمية والإقليمية، وصعود الفاشية النازية و سيطرتها في بعض البلدان.

 

هذا و تُكِنُّ الإتحادات الدولية و مؤسساتها المعترف بها المتواجدة في خدمة الرأسمالية، حقداً لا يهون تجاه ذكرى أيار/مايو1945، باعتبارها رمزا لنصر الشعوب على الفاشية. و تحاول محوها من الذاكرة و تشويه محتواها، و قلب الحقيقة التاريخية رأساً على عقب. حيث يشكِّل ذلك، أحد عناصر دعايتها المعادية للشيوعية و للاشتراكية، الرامية لإخفاء الإرتباط العضوي للمسخ النازي الفاشي مع الرأسمالية الاحتكارية و إخفاء المسؤوليات الكبيرة للأحزاب البرجوازية و الإشتراكية الديمقراطية تجاه ذلك. حيث يتواجد الاتحاد الأوروبي في مواقع صدارة هذه الحملة القذرة الممنهجة.

 

إن من الواجب إفشال سعيهم. يجب أن تتصدى لهم الطبقة العاملة والشرائح الشعبية، والعلماء والمثقفون وجميع الرافضين لتشويه التاريخ و الشيوعية. و جميع أولئك الذين يعون أن معرفة التاريخ والاستنتاجات العلمية المنبثقة منها، تُشكِّل مدداً جوهرياً لوعي وكفاح الشعوب والشباب المكلل بالظفر ضد النعل الحديدي لديكتاتورية الاحتكارات و ضد أهوال الحروب الامبريالية. لاستئصال الرحم الذي يلدها والتربة التي تغذيها.

و هو ما يفرضه واجب حماية الشعوب والأجيال الجديدة من التهديدات الكبيرة التي تحيق به و هي المتولدة من التناقضات الإمبريالية المتفاقمة و الأزمات الرأسمالية و المآزق الكبيرة للرأسمالية الهرمة المتعفنة.

و يقوم الحزب الشيوعي اليوناني بِحسِّ مسؤولية وشجاعة، بالدفاع عن الحقيقة التاريخية، و إبراز الدروس المستخلصة من النضال البطولي للشعوب والحركة الشيوعية. و يعتبر مهمة البحث و الإستخدام المنهجي للاستنتاجات المستخلصة من كفاح الحركات الثورية في صياغة استراتيجيته، أحد مهامه الأولية.و يُشير بشجاعة إلى الأخطاء ونقاط الضعف، المتواجدة فيه و في الحركة. فكلمة التجميل هي غريبة عن الشيوعيين. كما و هناك هوة تفصل نقدنا ونقدنا الذاتي عن هجمة الافتراء الأيديولوجي الممارسة من قبل أعداء الحزب الشيوعي اليوناني والحركة الثورية، و كما و عن التمجيد و عن كلام الانتهازية عن الأخطاء. حيث تتحرك دوافعنا وتطلعاتنا في اتجاه معاكس تماماً.

و يُشدِّد الحزب الشيوعي اليوناني مع امتلاكه تجربة قرن من النضال والتضحيات من أجل الشعب والاشتراكية، على ضرورة الجبهة الأيديولوجية السياسية الثابتة ضد أي شكل من أشكال ديكتاتورية رأس المال، كما وضد شكلها النازي الفاشي.

إن الفاشية تولد من أحشاء النظام الرأسمالي وليست مجرد نتيجة لأحد صيغ إدارته كالصيغة النيوليبرالية، كما تزعم قوى انتهازية و اشتراكية ديمقراطية في أوروبا. بل هي إحدى أشكال ممارسة سلطة الاحتكارات و تدافع بدورها عن الملكية الرأسمالية لوسائل الإنتاج، و عن استغلال الإنسان للإنسان. و تقوم الطبقة البرجوازية و لا سيما في ظل ظروف الأزمة الرأسمالية والفقر والبطالة وتدهور تأثير الأحزاب البرجوزاية الحاكمة، باستخدام متعدد الأوجه للأحزاب النازية باعتبارها مخافر متقدمة لخدمة مصالحها. و تستغل النشاط القومي المتطرف الذي يرمي شباك "تضامن" مزعوم لدمج قوى شعبية من العاطلين عن العمل و الشرائح البرجوازية الصغيرة المتضررة.
و يُثبت الحزب الشيوعي اليوناني للشعب عبر تقديم القرائن، حقيقة قيام الطبقة البرجوازية والدولة الرأسمالية بشلِّ و إزاحة الديموقراطية البرجوازية كما و البرلمانية والشرعية البرجوازيتين، التي كانت كرَّستها بنفسها. فعندما تتطلب مصلحتها ذلك، و ترى في ذلك ضرورة، فهي تمضي قدما في تنفيذ انقلابات سياسية و عسكرية و في تعليق قوانينها الخاصة من أجل تعزيز عنف الدولة أو سواه من أشكال العنف والقمع و تحجيم كافة الحريات السياسية والنقابية.

 

حول التصدي لعمليات التشهير المعادية للشيوعية

 

إن الإمبريالية تحاول محو عطاء الحركة الشيوعية و إخفاء مكاسب النظام الاشتراكي. إنها تحاول التلاعب بأجيال الشباب عبر الدعاية السوداء لإخضاعها جماهيرياً لجرائمها الحالية.


 و تتستر "المراكز" الإمبريالية على حقيقة انبثاق الحروب الظالمة من قلب و أوردة النظام الرأسمالي، و على أن مسببات الحروب لا تعود لهتلر وموسوليني الذين يقدمان كمجنونين في الكثير من الأحيان. فعلى العكس من ذلك كان الاتحاد السوفييتي بعد أن ألغى استغلال الإنسان للإنسان، قد ألغى الدافع للمشاركة في اقتسام وإعادة اقتسام العالم. ولهذا السبب بالذات، كان الاتحاد السوفييتي هو الدولة الوحيدة التي تخوض حرباً عادلة ضمن باقي الدول المشاركة.
و هي تتسترُ تماما على حقيقة تجديد الحرب العالمية الثانية لآمال القوى المعادية للثورة في الاتحاد السوفييتي، التي رأت في الحرب فرصة كبيرة لإعادة تنصيب الرأسمالية عبر تحالفها مع الألمان.

و تخفي حقيقة عدم انحصار ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فقط في قوى"المحور"، بل و واقعة ارتكابها أيضا من قبل حكومات الدول البرجوازية "الديمقراطية". حيث تمثلت أكثرها بشاعة و ضخامة في تلك المرتكبة دون أي ضرورة عسكرية من قبل الولايات المتحدة عند ألقاء قنابلها الذرية على هيروشيما وناغازاكي (في 6 و 9 آب/أغسطس 1945).

حيث تقوم "المراكز" المناهضة للشيوعية بتصنيع أكاذيب وحشية و لا تتردد في المضي قدماً في ممارسة التزوير و اغتنام تهم و تشهير و استفزازات أركان القوى النازية لينالوا من الاتحاد السوفييتي! حيث مثال نموذجي على ذلك هو ما يسمى ﺑ "مذبحة كاتين" التي يُتهم الاتحاد السوفييتي بارتكابها وفقاً لمزاعم مؤسسات الاتحاد الأوروبي وحكومات بلدانه و غيرها من البلدان، في حين تقول القرائن أن إعدام الضباط البولنديين كان قد جرى خريف عام 1941 في منطقة متواجدة تحت سيطرة النازيين. حيث من المعروف اعتراف دماغ الدعاية النازي غوبلز في مذكراته بارتكاب الألمان لهذه الجريمة، في حين ألمانية كانت الرصاصات التي عثر عليها في الموقع، و كان غوبلز قد قدم حينها توجيهاته بالتغطية على ذلك بغرض متابعة دعاية الافتراء ضد الاتحاد السوفييتي.

 

هذا و كان الإتحاد الاتحاد الأوروبي قد تصدَّر هستيريا العداء للشيوعية عبر تكريسه يوم 9 أيار/ مايو ﻜ"يوم أوروبا" ملغياً بذلك "يوم انتصار الشعوب"! و لم تكن من قبيل المصادفة على الإطلاق هي تسميته لعملية طرد القوات الألمانية من قبل الجيش الأحمر وتحرير أوروبا الشرقية، بالإحتلال! كما و يُعتبر المنشقون من الجيش الألماني لصالح الجيش السوفييتي، في كل من ألمانيا، والنمسا في جوهر الأمر"عاراً وطنياً"!

 

و يساند الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عملية إعادة الإعتبار و التبرئة التاريخية للفاشيين في بلدان البلطيق وأوكرانيا، ممن انضموا إلى النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، مُعمِّدين أياهم ﮐ"مقاتلين من أجل الديمقراطية" لكونهم قاتلوا ضد الجيش الأحمر والسلطة السوفييتية. و ذلك على الرغم من أن جرائم الفاشية المرتكبة من قبل"جحافل الإس إس" و ما يُعرف ﺑ"جيش التحرير الأوكراني"وغيرها من المنظمات المماثلة، هي معروفة للعلن، يجري تقديم أعضائها نحو الجيل الجديد باعتبارهم" وطنيين"و"ديمقراطيين"!!. و قد وصل الأمر بالدعاية الرسمية في بلدان البلطيق، إلى تقديم معسكرات الاعتقال على أنها "مراكز إصلاحية"!!

حيث سافرٌ كان مؤخراً، هو تدخل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في التطورات في أوكرانيا للإطاحة بالحكومة المنتخبة، في سياق مزاحمتهما لروسيا. حيث لم يترددا حتى عن دعم القوى الفاشية لتعزيز و دفع مخططاتهما الجيوسياسية.

 

إسهام الحزب الشيوعي اليوناني في النصر على الفاشية.

 

أعلنت إيطاليا الفاشية الحرب في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1940، وغزت اليونان عبر أراضي ألبانيا حيث كانت ديكتاتورية مِتاكساس- غليكسبورغ تُعبِّر حينها عن سلطة الطبقة البرجوازية بالتعاون مع انكلترا و بموافقة الأحزاب البرجوازية التي أعطت صوت ثقة و تسامح لصالح حكومة مِتاكساس. حيث كانت هبَّة الشعب وبطولته في ميادين المعارك قد أوقفت الغزو مؤقتا في موقع بينذوس.

 

و كان الحزب الشيوعي اليوناني قد أعلن منذ اللحظة الأولى نفير المقاومة لمواجهة الغزاة، و ذلك على الرغم من حقيقة واقع تضرر الحزب البالغ نتيجة ديكتاتورية مِتاكساس، حيث كان آلاف أعضائه متواجدين في السجون والمنفى. حيث دعى الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني نيكوس زاخارياذيس عبر رسالته المفتوحة الأولى التي وجهها من معتقله في مديرية أمن أثينا، التي نشرت بتاريخ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1940، الشعب اليوناني لتقديم كل ما أوتي من قوة في هذا الكفاح، مشدِّداً على : "إن مكافئة هذا الكفاح و احتضانه، ينبغي أن يكون و سيكون، عبر يونانٍ جديدةٍ محرَّرة من أية تبعية إمبريالية أجنبية، مع ثقافة فعلية شعبية جامعة". وأعقب ذلك، رسالتان لنيكوس زاخارياذيس وصَّف خلالهما و عن صواب الحرب كإمبريالية، و دعى عبرهما الشعب و الجيش لإسقاط الحكومة و استلام زمام أمور الدفاع عن الحدود بدعم من الاتحاد السوفييتي. حيث لم تُنشر هاتان الرسالتان للعلن، نظراً لوصولهما لأيدي الأمن عبر مخبرين لم يكن زاخارياذيس على علم بوجودهم.

 

كما و منذ اللحظة الأولى طالب الشيوعيون السجناء، بإطلاق سراحهم ليحاربوا على الجبهة، و مع ذلك رفضت ديكتاتورية مِتاكساس مطالبهم و من ثم جرى تسليمهم إلى المحتلين الألمان.

هذا و دخلت القوات الألمانية أثينا بتاريخ 27 نيسان/أبريل 1941، حيث تواجدت البلاد تحت الاحتلال الثلاثي لإيطاليا وبلغاريا و ألمانيا. حيث اختار قطاع من أركان الطبقة البرجوازية التعاون المفتوح مع المحتلين. و هرب قطاع آخر إضافة للملك و حاشيته نحو الخارج (القاهرة ولندن)، آخذين معهم كميات هائلة من احتياطات الذهب الحكومية. و بقي قطاع ثالث منها في اليونان، مُحجماً عن المشاركة في الكفاح متطلعاً لانتهاز تطورات مستقبلية، في حين تولى قطاع آخر خوض كفاح ضد الاحتلال في تعاون مع المحتلين لضرب جبهة التحرر الوطني و الجيش الشعبي لتحرير اليونان والحزب الشيوعي اليوناني.

 

حيث قدم الحزب الشيوعي اليوناني كل قواه لتنظيم المقاومة ضد المحتل. و باشرت ثلة من الشيوعيين الذين كانوا طليقين وغيرهم ممن هربوا من السجون، الكفاح من أجل تطوير المقاومة في ظل الظروف الصعبة للاحتلال الثلاثي و ظروف انتشار منطق الانهزامية و الإنتظار المغَذى من قبل القوى البرجوازية في صفوف الشعب. حيث شكَّل الحزب الملهِم و المنظم و مانح الدم الأساسي، لكفاح جبهة المقاومة الوطنية. مُقدماً أفضل أبنائه خلال هذا الكفاح. و بمبادرة من الحزب مباشرة بعد قيام الاحتلال، أُسس كل من الجبهة العمالية للتحرير الوطني (ج.ع.ت.و. في 16 تموز/يوليو1941)، وفي 27 أيلول/سبتمبر 1941، جبهة التحرير الوطني التي ضمت في صفوفها الغالبية العظمى من الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

نظمت جبهة التحرير الوطني، خوض المقاومة الشعبية وخلصت الشعب من الجوع، و طوَّر الجيش الشعبي لتحرير اليونان كفاحاً مسلحاً هاماً. حيث نشأت براعم سلطة شعبية في المناطق المحررة (إدارة محلية و محاكم شعبية). حيث غُذيت المقاومة الشعبية الثقافية. و أجريت بتاريخ 10 آذار/مارس 1944 مراسم الإعتراف باللجنة السياسية للتحرير الوطني باعتبارها (الهيئة المركزية الإدارية السياسية للمناطق المحررة).


و نظم إجراء انتخابات في ظروف الاحتلال (23 نيسان/أبريل 1944)، حيث انتخب "مجلس وطني" مقره منطقة كوريساذِس (30 نيسان/أبريل1944). حيث صوت كل من النساء و الشباب من سن اﻠ18، لأول مرة. بمشاركة ما يقارب مليون و 800 ألف ناخب. و يسجَّل مشاركة مليون ناخب في الانتخابات البرلمانية لعام 1936 حيث لم يكن معترفا للنساء بحق التصويت.

وبفضل  نشاط جبهة التحرير الوطني لم يتم إرسال أي عامل يوناني للعمل في المصانع الألمانية، باستثناء أولئك الذين احتجزهم الألمان كرهائن. كما و بفضل نشاطها لم يُرسل أي مقاتل يوناني لمحاربة الاتحاد السوفييتي في حين هزم الجيش الشعبي لتحرير اليونان ما يتراوح بين 8 إلى 12 فرق عسكرية معادية.


وقدم الآلاف من الشيوعيين وغيرهم من مناضلي جبهة التحرير الوطني حياتهم. حيث لم تكن مواقع كِسرياني و كورنوفو و أكرونافبليِّا و آيستراتيس و معسكر "بافلوس مِلاس" سوى بعض أماكن التضحية.

 

و يُعتبر إظهار سيريزا لصعوده نحو السلطة الحكومية على أنه إحقاق لنضالات جبهة التحرير الوطني، استفزازاً و تدنيساً، و ذلك في حين متابعته لسياسة الدفاع عن الطبقة البرجوازية وسلطتها، و سياسة ربط البلاد بالمنظمات و الأحلاف الامبريالية كحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في وقت يعلم الجميع أن جبهة التحرير الوطني و الجيش الشعبي لتحرير اليونان كانا قد اصطدما و بشكل مسلح مع الإمبريالية من أجل الشعب. حيث يستحيل وجود أي ربط بين الكفاح النضال البطولي لجبهة التحرر الوطني و الجيش الشعبي لتحرير اليونان مع الإدارة الحالية "اليسارية" للرأسمالية من قبل سيريزا.


حيث لم يتمكن هذا الكفاح الشعبي الجماهيري من الوصول إلى نصره النهائي.


و على الرغم من عطاء الحزب الشيوعي اليوناني، فهو لم يكن مستعداً استراتيجياً وسياسياً بشكلٍ كافٍ، لطرح قضية الظفر بالسلطة العمالية كنتيجة لكفاح المقاومة و كجائزة للكفاح الشعبي. حيث لم يتمكن الحزب من صياغة الظروف لمسار قادرٍ على الأقل من ناحية العامل الذاتي، أن يقود نحو النصر، و إلى قيام السلطة العمالية. حيث فُصِل الصراع ضد الحرب والفاشية النازية عن ضرورة الصراع من أجل السلطة العمالية.

 

الأسباب الأعمق لنقاط ضعف الحزب الشيوعي اليوناني


نبعت الأسباب الأعمق التي لم تسمح للحزب الشيوعي اليوناني القيام بالخيارات التي من شأنها دفع حركة الكفاح الشعبي المسلح نحو الظفر بالسلطة العمالية، من التناقضات المتواجدة على حد السواء في استراتيجيته الخاصة و في مثيلتها ضمن الأممية الشيوعية. حيث تمظهرت مشاكل في الوحدة الأيديولوجية والاستراتيجية طوال مسار الأممية الشيوعية حول طابع الثورة و طابع الحرب المقبلة بعد صعود الفاشية في ألمانيا و حول الموقف من الإشتراكية الديمقراطية. و على الرغم من مشاكل وحدتها و إمكانية الحفاظ عليها من عدمه، فقد كان تفكيك الأممية الشيوعية (أيار/مايو1943) قد حرم الحركة الشيوعية الأممية من وجود مركز لها وإمكانية القيام بمعالجة منسقة لاستراتيجية ثورية لتحويل النضال ضد الحرب الإمبريالية و الاحتلال الأجنبي إلى صراع من أجل السلطة باعتباره مهمة واحدة متعلقة بكل حزب شيوعي  في ظروف بلده.


حيث كانت الاستراتيجية الإشكالية لفترة 1941-1944 مُستندة على قرار الجلسة اﻠ6الموسعة للجنة المركزية (عام 1934)، و على قرارات الأممية الشيوعية (المؤتمر اﻠ7) كما والمؤتمر اﻠ6 للحزب الشيوعي اليوناني الذي أجري عام 1935. حيث تمظهر هذا الخط الاستراتيجي في المؤتمر الثاني على المستوى الوطني (1942) و في الإعلان البرامجي "حكم الشعب والاشتراكية". و فوق هذا الأساس اتخذت خيارات سياسية خاطئة لاتفاقيات لبنان وكاسيرتا اللتين أبرمتا من قبل قيادة الحزب الشيوعي اليوناني محتويتين على عنصر إضافي للتوافق مع القوى البرجوازية.
و على العموم، لم تَصُغْ الأحزاب الشيوعية في الغرب الرأسمالي، استراتيجية تحويل الحرب الإمبريالية أو كفاح التحرير لصراع من أجل الاستيلاء على السلطة. حيث لم تُقدِّر استراتيجية الحركة الشيوعية حقيقة احتواء النضال المسلح  للتحرير وضد الفاشية على تناقض رأس المال و العمل في عدد من البلدان، من أجل وضع مشكلة السلطة على جدول الأعمال، ما دامت الاشتراكية و المنظور الشيوعي هي الحل الوحيد البديل للهمجية الرأسمالية.
وقد صاغت الحرب ظروف احتدام كبير للتناقضات الطبقية في داخل العديد من البلدان، ومع ذلك، فقد قاد النضال ضد الفاشية إلى الإطاحة بالسلطة البرجوازية فقط في بلدان وسط وشرق أوروبا بفضل الدعم الحاسم الذي تلقته حركاتها الشعبية من قبل الجيش الأحمر.

 

عن إعادة إحياء الفاشية

 

إحياءاً للذكرى اﻠ70 لنصر الشعوب على الفاشية يدعو الحزب الشيوعي اليوناني العمال والمتقاعدين عن العمل  والشباب في اليونان لإدانة و عزل منظمة الفجر الذهبي النازية الإجرامية بحزم. لكونها حاملاً لأيديولوجية رجعية معروفة باسم القومية الإشتراكية، أي لخليط من أفكار وشعارات اشتراكية للبرجوازية الصغيرة الطوباوية مع القومية. و هي تتخذ هتلر قدوة لها، كما و الأنظمة الفاشية التي أراقت دماء الشعوب والإنسانية، وكتائب الأمن المتعاونة مع قوات الاحتلال و حكم المجلس العسكري في أعوام 1967-1974.

و هي تروج عداءاً مبتذلاً للشيوعية و كما و كراهية تجاه الحركة العمالية الشعبية. وتنظم و تشن أعمالاً إجرامية ضدها، و هي مرتبطة مع قطاعات من جهاز الدولة وخاصة مع قوى القمع في تشابك مع شبكات المافيا وشبكات إجرامية أخرى. و تتلقى دعماً مباشراً من قطاع من رأس المال.

 

و كان اغتيال بافلوس فيسَّاس ذي اﻠ34 عاماً في كِراتسيني، والهجوم على أعضاء وكوادر الحزب الشيوعي اليوناني في بيراما الذي كان استمراراً لعشرات الهجمات الإجرامية على المهاجرين و صغار الحرفيين والعمال والشباب، قد كشف عن الوجه الحقيقي الإجرامي لمنظمة الفجر الذهبي.

وقد كان ظهور منظمة الفجر الذهبي وتزايد نفوذها في اليونان، قد جرى في ظل ظروف أزمة اقتصادية رأسمالية عميقة وطويلة، حيث انحسر بشكل حاد تأثير الأحزاب التي شكلت لعقود "ركائز" النظام السياسي البرجوازي و ذلك في وقت لم تكن الحركة قد أعادت تنظيمها ضمن توجه مناهض للرأسمالية و الإحتكارات. وقد استغلت منظمة الفجر الذهبي الخطاب الضبابي"المعادي للمذكرة" الذي استخدمه حزب سيريزا "اليساري" لإخفاء الأسباب الحقيقية للأزمة والهجمة الشرسة على الحقوق الشعبية، ودور الاتحاد الأوروبي و ما إلى ذلك، من أجل إكساب غوغائيتها الفاشية جمهوراً و دعماً. فقد استندت على الشعارات المألوفة حول "حكم اللصوص" و "المرابين"و " السياسيين اللصوص". كما وجدت مساحة و تغطية في مختلف الفعاليات حيث كان المنطق السائد متبنياً للشعار الرجعي والمضلل "اطردوا الأحزاب و النقابات".

 و تتعزز منظمة الفجر الذهبي من عداء الشيوعية والكراهية التي يزرعها النظام تجاه النضالات العمالية الشعبية. كما و استفادت من إبراز نظرية "الطرفين" الرجعية و من ديماغوجية الأحزاب البرجوازية و بدعها العنصرية حول قضية الهجرة التي هي نتاج الحروب والتدخلات الامبريالية والتطور غير المتكافئ للرأسمالية و عولمة السوق الرأسمالية. و هي تتعزز من واقع تفسخ النظام البرجوازي و توجهات الاتحاد الأوروبي التي تساوي بين الفاشية و الشيوعية، التي تطالب باتخاذ تدابير ضد "التطرف" و "الجذرية".

 

و لا ينبغي أن يهدأ الشعب و الحركة بعد اعتقال ومحاكمة الكوادر القيادية و التنفيذية لمنظمة الفجر الذهبي بتهمة هجماتها الإجرامية. و لا ينبغي لأحد أن ينسى الترويج لها و تجميلها بشكل إستفزازي، من قبل شريحة كبيرة من وسائل الإعلام ، كما و محاولة استخدامها في مختلف مخططات إعادة صياغة النظام السياسي. و تقع مسؤوليات كبيرة على حكومة ائتلاف حزبي سيريزا و اليونانيين المستقلين حيث يقوم كوادر كليهما بزراعة التسامح مع منظمة الفجر الذهبي عبر استخدام مختلف الذرائع البرلمانية.

 

إن مواجهة منظمة الفجر الذهبي والنشاط النازي، لا تكون عبر نظريات الطيف "الدستوري"و "البرلماني"، و "الديمقراطي" أو عبر أداءٍ مزعوم أفضل للديمقراطية البرجوازية يقترحونه عبر هذا الأسلوب أو سواه، باقي القوى السياسية مثل حزب سيريزا و الباسوك و النهر، الخ.

 

إن الدولة البرجوازية الرجعية لا تريد و ليست بقادرة على مواجهة النازية بشكل جذري، كما و ما يُعرف ﺑ"الجبهات المناهضة للفاشية" أو تحالف الحركة العمالية الشعبية مع القوى السياسية البرجوازية. إن القادر على مواجهتها حصراً هو التحالف الشعبي، وتطوير الصراع الطبقي، الذي سيستهدف إنهاء سلطة الاحتكارات و النظام الرأسمالي. فوحده النضال الجماهيري وخيار الشعب والشباب هو القادر على نزع شرعية منظمة الفجر الذهبي و اجتثاثها بشكل جماعي و حاسم من صفوف الشعب.

وهنا  نريد توضيح أنه أمر آخر هو إمكانية الإتفاق حول هذه المسألة أو تلك مع القوى البرجوازية والانتهازية حول مواجهة المنظمات الفاشية، و أمر آخر هو التحالف معها. و ذلك لأن هذا التحالف لا يستطيع تجاهل الالتزامات الاستراتيجية لكل قوة اجتماعية و سياسية.

 

و هنا سوف نقدم بعض الأمثلة: قبل الانتخابات الأخيرة قُرر تعليق تمويل الدولة لمنظمة حزب "الفجر الذهبي"  الفاشي حيث اتفقت على هذا القرار جميع الأحزاب السياسية في البلاد، كما و الحزب الشيوعي اليوناني نظرا للأعمال الإجرامية المقترفة من قبل منظمة الفجر الذهبي. حيث لم يتطلب القيام بذلك إنشاء "تحالف مناهض للفاشية" بل إرادة سياسية.

 

و للأسف  لم تتوفر هذه الإرادة عندما سعى الحزب الشيوعي اليوناني و على حد السواء خلال الانتخابات البلدية والإقليمية (2014) و الانتخابات الأوروبية (2014) والانتخابات البرلمانية (2015) لعدم منح وقت تلفزيوني لدعاية منظمة الفجر الذهبي لتسمم بفكرها الإجرامي وعي العمال. حيث من الجدير بالذكر معارضة جميع الأحزاب السياسية الأخرى (يمينية و اشتراكية ديمقراطية و "ايسارية"، بما في ذلك حزب سيريزا) لاقتراح الحزب الشيوعي اليوناني بذريعة "الحفاظ على الديمقراطية".

 

وعلاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى الموقف الخطير لرئيس البرلمان بشكل خاص، التي هي من الكوادر المعروفة لحزب سيريزا التي أقدمت على سلسلة من إجراءات إعادة الإعتبار لمنظمة الفجر الذهبي، معتبرة على سبيل المثال وجود مشكلة في أداء البرلمان في حال عدم منح المدعي العام الإذن لحضور نواب المنظمة الفاشية المحتجزين على ذمة التحقيق، في البرلمان، و هو المتهمون بتهم القتل و شن الهجمات وغيرها من الأنشطة الإجرامية. و ذلك بالتزامن مع رفع حزب سيريزا لراية مزعومة "للنضال ضد الفاشية" حينما يناسبه الأمر.


و اسمحوا لنا بإيجاز أن نتطرق لواقع إحياء الفاشية في أوكرانيا: يعتقد حزبنا أن الصراع الجاري في أوكرانيا متمظهر فوق أرضية الرأسمالية و يعود سببه للتدخل السافر للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الشؤون الداخلية لأوكرانيا، في سياق منافستهم الشرسة مع روسيا حول حصص الأسواق والمواد الأولية وشبكات النقل. و لم يكن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في هذا السياق، أية مشكلة في الإستناد حتى على قوى فاشية في سبيل تعزيز مصالحهما الجيوسياسية.

و هناك نفتح قوسين لنقول بأن هذه الظاهرة ليست بجديدة. فنحن نعرف على سبيل المثال، حقيقة عدم امتلاك بريطانيا العظمى لأية مشكلة في بلادنا اليونان حين تحالفها مع نظام مِتاكساس الفاشي من (1936و حتى1940) لتعزيز مخططاتها الجيوسياسية. حيث لم يحول هذا الأمر بريطانيا لتغدو قوة فاشية حينها. ومن هذا الرأي يبدو مدى ركاكة فكرة "الفاشية المصدَّرة" التي يدعمها بعض الرفاق، معتبرين أن الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي "يُصدِّرون" الفاشية نحو العالم و بما في ذلك إلى أوكرانيا.

وفيما يتعلق منطقة دونباس. فنحن نفهم جيدا المخاطر المحدقة بشعوب المنطقة من انتقام و كراهية قطاع الطبقة البرجوازية الحاكم في كييف، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، و هو الذي يسعى لسحق أي قوة سياسية تضع العقبات و تحول دون الاندماج في الاتحاد الأوروبي و حلف شمال الأطلسي، وحتى بالأقليات القومية واللغوية، وخاصة تلك التي يعتبرها ساعية للتحالف مع روسيا الرأسمالية. إن بنى السلطة التي تشكلت هناك هي برجوازية كما و لا تزال علاقات الإنتاج رأسمالية ضمن ما يُسمَّى "جمهوريات شعبية". وعلاوة على ذلك، فإننا نلاحظ انتقال السلطة في منطقة دونباس من أيدي الطغمة الأوكرانية إلى أيدي الطبقة البرجوازية المحلية التي ترتبط ارتباطا وثيقا مع روسيا. و بهذا الأسلوب، نموذجي هو مثال استمرار الحكومات الجديدة في جمهوريتي دونيتسك و لوغانسك الشعبيتين، في إرسال الفحم المستخرج من مناجم دونباس إلى وسط وغرب أوكرانيا. في حين بقي شعب جمهوريات دونباس دون فحم في فصل الشتاء، و مع ذلك فهي تستمر في تموين الأراضي المحكومة من قبل كييف. كما و لا يزال إيداع الضرائب المجنية من الشركات العاملة في دونباس يجري في كييف. وبالإضافة إلى ذلك، جنى أرباب العمل من العمال في جنوب شرق أوكرانيا ضرائب للحرب– حول ما يسمى بعملية مكافحة الإرهاب!.

 

إن كل هذا يدل و لمرة أخرى على أن السلطة إما أن تكون في يد الطبقة البرجوازية أو في أيدي الطبقة العاملة. حيث ليس هناك وجود لأي سلطة وسيطة "يسارية" أو "وطنية" او "مناهضة للفاشية". إن حزبنا يعرب عن تضامنه مع نضال العمال في دونباس، و معه عموما في أوكرانيا، ويعتقد باستحالة وضع هذا الصراع "تحت راية أجنبية" بل ينبغي رفع رايته الخاصة: راية التملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج و التخطيط المركزي للاقتصاد و السلطة العمالية. راية الاشتراكية.

 

الرفاق الأعزاء،

 

يعلن الحزب الشيوعي اليوناني ضرورة عدم فصل الصراع ضد الفاشية و الدفاع عن حقوق العمال والمكاسب الشعبية، عن الصراع ضد الاحتكارات و ضد الاستغلال الرأسمالي و سلطتهما. و ضرورة عدم الإنزلاق نحو تحالف مع القوى البرجوازية والانتهازية التي تسعى لإنقاذ الصيغة البرلمانية لممارسة الدكتاتورية الرأسمالية. حيث يجب أن يكون الالتزام ثابتاً بهدف السلطة العمالية، و ألا يتغير محتوى و مسار التحالف الشعبي  كتحالف اجتماعي ذي توجه كفاح مناهض للإحتكارات و الرأسمالية للرأسمالية، باعتباره معارضة عمالية شعبية في مواجهة  السلطة البرجوازية. و بهذا الشكل حصراً يمتلك الكفاح الشعبي منظوره.

 

لقد فاقمت الأزمة الاقتصادية الأخيرة المزاحمات و التناقضات القائمة بين الدول الرأسمالية ومختلف التحالفات الإمبريالية التي تغدو باضطراد أكثر عدوانية ضد الشعوب من أجل تعزيز مواقعها الجيوسياسية وتقاسم الأسواق، والسيطرة على مصادر وطرق نقل الطاقة. حيث يرسم  احتدام التناقضات والتدخلات والحروب الامبريالية المتصاعدة، في أوكرانيا و الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والبلقان و غيرها، الخطوط العريضة على نحو أوضح من أي وقت مضى، خطر نشوب حرب معممة و على حد السواء في منطقتنا و العالم.

و في مواجهة نشوب حرب إمبريالية في وضع معقد على سبيل المثال في شرق المتوسط والبلقان والشرق الأوسط، من ناحية التناقضات الداخلية والخارجية، يتمظهر موقف الحزب الشيوعي عبر الموقف التالي الواضح:

 

على الحركة العمالية الشعبية ألا تقع في فخ مساعي الطبقة البرجوازية اليونانية أو تتبع خيارات ممكنة أخرى و تباين قطاعات و أحزاب و مؤسسات تجاه الثنائية القطبية للحرب الإمبريالية و السلام الإمبريالي.

فالنضال من أجل الدفاع عن حدود اليونان و حقوقها السيادية من وجهة نظر الطبقة العاملة والجماهير الشعبية، ليس بمنفصل عن النضال من أجل إسقاط سلطة رأس المال.

وعلاوة على ذلك، نعي جيداً نحن الشيوعيون المستندون في تحليلنا على أساس نظرية الاشتراكية العلمية، أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى و العنيفة منها تحديداً!  حيث تولد الحرب فوق أرضية صدام للمصالح الاقتصادية المختلفة يتخلل النظام الرأسمالي بجملته. و لهذا السبب فعلى الرغم  من أن الحرب في ظروف الرأسمالية هي أمر لا مفر منه، (تماما مثل الأزمة الاقتصادية والبطالة، والفقر، وما إلى ذلك)، ففي الوقت نفسه ليست الحرب بظاهرة طبيعية!  بل هي ظاهرة اجتماعية، لكونها متعلقة بطبيعة المجتمع الذي نعيش فيه. أي بذلك المجتمع الذي يضع ربحية أولئك الممتلكين لوسائل الإنتاج ﻜ"حجر زاوية" له. إن الاحتكارات و سلطتها تلدان الحرب الإمبريالية!  و استنتاجاً من ذلك، فإن كفاحنا من أجل مجتمع حيث ستكون وسائل الإنتاج ملكية شعبية (لا ملكية قلة قليلة)، حيث يعمل الاقتصاد بشكل مخطط مركزيا و محكوم من قبل العمال أنفسهم، بهدف تلبية الحاجات الشعبية (لا لزيادة أرباح الرأسماليين)، هو كفاح مرتبط بشكل وثيق مع النضال ضد الحرب الإمبريالية، و ضد "السلام" الذي تفرضه الامبريالية مع "مسدسها في صدغ الشعوب" وإعدادها لحروب إمبريالية جديدة.

و مع ذلك، فإن استنتاجنا القائل باستمرار الظروف المولدة للحروب بقدر استمرار وجود الرأسمالية، لا يعني القدرية والانهزامية! إطلاقاً! بل على العكس!  إننا نتوجه نحو الطبقة العاملة في البلاد و نحو شعوب منطقتنا، ونحن نؤكد أن مصالحهم متطابقة مع النضال المشترك المناهض للرأسمالية و الاحتكارات و لفك الارتباط من المنظمات الإمبريالية، وإزالة القواعد العسكرية الأجنبية والنووية و عودة القوات العسكرية من البعثات الإمبريالية، و التعبير عن التضامن مع جميع الشعوب التي تكافح وتسعى لرسم طريقها الخاص للتطور. و فك ارتباط بلدنا من مخططات الإمبريالية وحروبها لممارسة شعار: "لا لمنح الأرض ولا المياه لقتلة الشعوب". إن هذا هو كفاح يومي!  هو كفاح ذي أهداف صراع محددة، يخوضه الشيوعيون بشكل موحَّد دون فصله عن الكفاح من أجل السلطة!

و ذلك، نظراً لاستمرار راهنية مواقف لينين التي أشار فيها: "إن شعارات اللاعنفية و نزع السلاح الدولي في ظروف الرأسمالية، و هيئات التحكيم و ما إلى ذلك. ليست مجرد طوباوية رجعية فحسب، بل هي خداع علني للعمال، خداع هادف إلى نزع سلاح البروليتاريا و فصلها عن واجب نزع سلاح المستغلين.

فوحدها الثورة الشيوعية البروليتارية قادرة على إخراج الإنسانية من المأزق الذي خلقته الإمبريالية والحروب الامبريالية. و مهما كانت صعوبات الثورة و نكساتها المؤقتة المحتملة، أو موجات الثورة المضادة ، فإن النصر النهائي سيكون للبروليتاريا، و هو أمر لا مفر منه[1]".



[1] ف.إ.لينين: "برنامج الحزب الشيوعي الروسي (البلشفي)"