روابط المواقع القديمة للحزب
ترقية مصالح الطبقة البرجوازية على حساب المصالح والحاجات الشعبية

يؤكِّدُ كشف صحيفة "ريزوسباستيس" اليومية الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، عملية تنصيب الجيش الأمريكي لمركز خدمات لوجستية في كِراتسيني (بجوار ميناء بيرياس)، على بعد مسافة قصيرة من منشآت شركة COSCO الصينية الاحتكارية، أن بغير إمكان أحد أن ينام مطمئناً تجاه المخاطر المتزايدة المتمثلة في تورط البلاد بنحو أعمق في المخططات والمزاحمات الإمبريالية.
هذا و كان هذا الطريق قد فُتح عِبر الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بين اليونان والولايات المتحدة، والتي تفاوضت على إبرامها حكومة سيريزا "اليسارية" و أقرَّتها حكومة حزب الجمهورية الجديدة اليميني التي تلتها. و تنُصُّ هذه اﻹتفاقية بنحو قاطع على إمكانية استخدام جميع البنى التحتية العسكرية و المدنية - عدا المذكورة في الاتفاقية – من أجل أغراض الناتو وخاصة من أجل حاجات القوات المسلحة الأمريكية.
و بمقدار تكشُّف طيات هذه الخطة تنكشف جوانب أخرى خطيرة لها، على خلفية المواجهة المحتدمة بين المعسكر الأمريكي اﻷطلسي ومنافسيه، وعلى رأسهم الصين وروسيا.
و نذكِّر هنا وجود خطط مماثلة لاستخدام الموانئ والبنى التحتية الأخرى، التي سيتم تضمينها في التخطيط العسكري والطاقوي للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، و وجود خطط لميناء إلفسينا وكذلك من أجل حوض سكارامانغاس حيث "تُلغَّم" كامل الواجهة الساحلية الغربية لمقاطعة أتيكي ضمن شعاع عدة كيلومترات مع "استهدافها" أكبر منطقة صناعية في اليونان و هي المتواجدة في حقل ثرياسيو.
وتقدم الحكومة هذه التطورات على أنها تأكيد على "الدور المُترقِّي" للبلاد ضمن التخطيط الأوروأطلسي، زاعمة أنها تشكِّلُ ضماناً للأمن والاستقرار بالنسبة للشعب.
هذا و تندرج تحت عنوان ..."الانفتاح" عقود حرب أوكرانيا، وإعلانات رئيس الوزراء بأن القوات المسلحة اليونانية ستتواجد قريباً في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبالتأكيد، يندرجُ تحته أيضاً اللقاء الثلاثي المزمع مع قبرص وإسرائيل، والذي يتم تقديمه على أنه "مُسرِّعٌ" للتخطيطات الطاقوية و لغيرها في منطقة شرق المتوسط.
إن صورة "اليونان القوية" التي تروِّج لها الحكومة، هي خطر مميت بالنسبة للمصالح الفعلية للشعب، الذي لديه الآن الخبرة ليرى ويحكم: حيث "حلَّقت" أهمية شمال اليونان في "إمدادات الطاقة" لأوروبا في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الحرب في أوكرانيا. ومع ذلك، فإن أهالي المنطقة المذكورة يغرقون أكثر فأكثر في فقر الطاقة ويتزايد خطر تَحوُّل المنطقة لهدفٍ لضربات انتقامية، بمقدار احتدام المزاحمات الإمبريالية.
إن الشراكة الثلاثية بين اليونان وقبرص وإسرائيل - والتي بوشرت أثناء حكم سيريزا- تُحصي سلفاً 7 سنوات منذ توقيعها. و على الرغم من ذلك، فلم تنتج عن خطط التعاون لاستخراج واستغلال مكامن الغاز الطبيعي في شرق المتوسط أي فائدة للشعب. بل على النقيض من ذلك، فإن الطاقة تغدو و باضطراد سلعة باهظة الثمن بالنسبة للأسر الشعبية، في حين تسجل تطورات خطيرة جديدة في المشكلة القبرصية و في العلاقات اليونانية التركية، حتى أن حفاز هذه التطورات يتمثل في مسائل الطاقة.
إن الشأن الوحيد الذي يترقَّى من خلال سياسة الحكومة - في سياق استمرارية لجميع السياسات السابقة - هو مصالح الطبقة البرجوازية على طول القوس الممتد من البحر الأسود إلى الخليج و الذي يمتد الآن إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تشكِّل مجالاً للمزاحمة الشرسة بين الولايات المتحدة والصين و بين حلفائهما تباعاً. ما هي مصلحة الشعب في مشاركة القوات المسلحة في مهام عسكرية على بعد 8000 كيلومتر من حدود البلاد؟ لا شيء على الإطلاق.
بل على النقيض من ذلك، لدى الشعب كل الأسباب والمصالح ليكافح لكي يتمكن هو بذاته من العيش بكرامة و أن يبني علاقات متبادلة المنفعة مع باقي شعوب المنطقة. و أن يُرقِّي مستوى حياته الخاصة، على أساس الإمكانيات والحاجات المعاصرة، لا على أساس مصالح حفنة من مجموعات الأعمال، التي تجره نحو مخاطر ومغامرات كبيرة خدمة للتخطيط الأميركي اﻷطلسي و لتورط البلاد فيه.
30.08.2023