روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

أهمية عمل الشيوعيين في تغيير تناسب القوى في النقابات والمنظمات الجماهيرية

مقال لقسم العلاقات الأممية للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني

 

تراقِبُ أحزاب شيوعية و منظمات شباب شيوعي و صديقاتٌ و أصدقاء من الخارج، تطورات اليونان ونشاط الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية اليونانية، و يطالبون باﻹعلام بشأن عمل الشيوعيين في الحركة العمالية الشعبية.

أُجريت مؤخراً الانتخابات الطلابية في اليونان، حيث برزت للعام الرابع على التوالي، الكتلة التي تدعمها شبيبة الحزب الشيوعي اليوناني، الشبيبة الشيوعية اليونانية، في المرتبة الأولى، تاركةً شباب الحزب اليميني الحاكم في المركز الثاني. كما و تُسجَّلُ نتائج مهمة في انتخابات إدارات النقابات والاتحادات والمراكز العمالية. حيث يطرح العديد من الأصدقاء والرفاق من الخارج السؤال التالي: ما الذي يعنيه عملياً، بالنسبة لعمال وشباب اليونان، تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني لمواقعه، على سبيل المثال في النقابات العمالية أو في الانتخابات الطلابية الأخيرة؟

إن غرض هذا المقال الذي أعدَّه قسم العلاقات الأممية للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني هو الردُّ على هذا السؤال وغيره من الأسئلة ذات الصلة.

بضع كلمات عن تجربة جذورنا التاريخية

 

دعا المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية اﻷحزاب الشيوعية الفتية آنذاك إلى العمل من أجل تنظيم «... سائر من يتعرضون للاستغلال والاضطهاد و التوحُّش و الترهيب و التفريق و السخرية من جانب الطبقة البرجوازية[1]».  وأكد أن إعداد الديكتاتورية البروليتارية «... يجب أن يبدأ في كل مكان وعلى الفور، عدا كل شيء، بالوسائل التالية: يجب تشكيل مجموعات أو نوى شيوعية لجميع المنظمات دون استثناء في النقابات والإتحادات وما إلى ذلك، أولاً في البروليتارية منها ومن  ثم في غير البروليتارية،  للطبقات العاملة والمعانية (سواء أكانت منظمات سياسية أو مهنية أو عسكرية أو تعاونية أو مدرسية أو رياضية، إلخ.) ويفضل أن تكون علنية، ولكن إذا لزم الأمر، سريِّة (و هو ما يغدو ضرورياً في كل مرة حيث يوجدُ خوف من اعتبار أعضائها خارجين عن القانون وسجنهم)؛ هذه المجموعات المرتبطة ببعضها البعض والمرتبطة بمركز الحزب، تُعرِّفُ بعضها البعض بنتائج تجربتها، و مع انشغالها بالدعاية والتنظيم، تتكيف مع جميع مستويات الحياة الاجتماعية، و مع جميع الأشكال و التقسيمات الفرعية للجماهير العاملة، و بعملها المتعدد اﻷوجه تعتني بإنجاز تثقيفها، و تثقيف الحزب والطبقة العاملة والجماهير. [...] يجب أن نعرف كيف نتقرَّبَ من الجماهير بصبر و حذر، لكي نفهم النفسية الخاصة بكل من تقسيماتها الفرعية، و كل مهنة، و كل مجموعة من هذه الجماهير[2]».

و يذكر لينين، شارحاً العلاقة بين الأحزاب الشيوعية والنقابات العمالية: «لم يحدث تطور البروليتاريا في أي مكان في العالم، وما كان ليحدث إلا عِبر النقابات العمالية، ومن خلال التفاعل المتبادل للنقابات مع حزب الطبقة العاملة[3]». لقد ربط الحزب الشيوعي الصراع الاقتصادي والأيديولوجي - السياسي للطبقة العاملة في مجموعٍ لا يتجزأ.

إن هذا يسري اليوم بنحو أكثر بكثير، حيث مُفرطةٌ في نضوجها هي الظروف المادية للانتقال نحو الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج المركزة. حيث جليّةٌ في الرأسمالية الاحتكارية المعاصرة، هي الفجوة الموجودة بين إمكانيات الإنجازات العلمية والتقنية الحديثة على إرضاء الاحتياجات الاجتماعية و بين عدم إرضائها. و موضوعياً اليوم، يفرضُ التفاقم السريع للتناقض الأساسي للرأسمالية، تعميق الصراع الأيديولوجي والسياسي داخل الحركة النقابية العمالية.

معروفةٌ هي توجيهات لينين في العديد من أعماله و التي يؤِّكدُ فيها على عمل الشيوعيين حيث توجد الجماهير، و حتى ضمن المنظمات ذات القيادة الرجعية، من أجل ممارسة التأثير و الترويج للوعي الثوري. لكي تتمكن الطبقة العاملة، ليس فقط من الكفاح باتساق و نجاعة من أجل مطالبها الاقتصادية، بل - والأهم من ذلك – من أجل تحقيق أغراضها النهائية العظيمة، يجب عليها خوض نضال أيديولوجي وسياسي متكامل، وحدهُ هو الحزب الشيوعي هو القادر على تنظيمه و توجيهه و إدارته. ويتحقق ذلك من خلال النشاط المستقل للحزب، وكذلك من خلال نشاط أعضائه داخل النقابات العمالية والحركة العمالية الشعبية إجمالاً. إن هذا الدور وحيد ولا استعاضة عنه بالنسبة لأعضاء الحزب الشيوعي، بمعزل عن هيكلية  الحركة العمالية الشعبية وتناسب القوى.



[1]    موضوعات اﻷممية الشيوعية و نظامها الداخلي كما أقرَّا في مؤتمرها الثاني (6 – 25 تموز\يوليو 1920)، الصفحة 54 من إصدار دار "سينخروني إبوخي".

[2]    في المصدر أعلاه. الصفحة 54 – 55.

[3]    ف.إ. لينين، اﻷعمال الكاملة، المجلد 41، صفحة 33 – 34 من إصدار دار"سينخروني إبوخي".

 

 

 


بعض المسائل من تجربة الصراع في اليونان

 

مَدينون هم شيوعيو و شيوعيات اليونان على أساس التزامات النظام الداخلي للحزب الشيوعي اليوناني، بالعمل في النقابات والمنظمات الجماهيرية.

و في اليونان، على النقيض من باقي البلدان الأوروبية، لا تُفرزُ النقابات العمالية والجمعيات الطلابية والمنظمات الجماهيرية الأخرى وفقاً لتوجهات سياسية. هذا يعني أن أعضاء ذات النقابة العمالية أو الجمعية الطلابية، يمكن أن يكونوا أعضاء أو أصدقاء أو ناخبين للحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية، وكذلك أعضاء أو أصدقاء أو ناخبين لأحزاب سياسية أخرى. و تُنتخبُ قيادات النقابات، في معظم الأحيان، من خلال قوائم منفصلة تشكلها القوى السياسية والتيارات الأيديولوجية الممثلة داخل النقابات دون أن تكون هذه القوائم متطابقة مع حواملها السياسية. و على هذا النحو، يُشكِّلُ أعضاء الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية قوائم مماثلة تتضمن قوى أوسع لا تتفق مع الشيوعيين على كل شيء، ولكنها تمتلك مستوى معيناً من الاتفاق يتعلق بمحتوى وتوجه الصراع، ضد الحكومات و أرباب العمل، في اتجاه مناهض للرأسمالية و للاحتكارات.

في الوقت نفسه، من أجل إدارة هذه الاتحادات في جمعياتها العامة، داخل صفوف جماهير العمال والطلاب والشرائح الشعبية، يُخاضُ صراع أيديولوجي وسياسي عاتٍ، يتعلق بإطار النشاط والمطالب التي ستُبرزها هذه الاتحادات العمالية والطلابية أو الاتحادات الجماهيرية الأخرى. إن غَرضَ الشيوعيين الذين ينشطون هناك هو تطوير صراع العمال والشباب، لكي يصطدم هذا الصراع مع الاتجاهات السياسية للأحزاب البرجوازية، ورأس المال، والاتحاد الأوروبي، و لردع التدابير المناهضة للشعب، وإذا أمكن من أجل انتزاع بعض المكاسب، ولكن و بنحو رئيسي من أجل اﻹسهام في الإنضاج السياسي لجماهيرها، و إضفاء سمة كفاحية على الجماهير العمالية - الشعبية ضد طبقة الرأسماليين وسلطتها، من أجل الإطاحة بالنظام الاستغلالي الرأسمالي، من أجل بناء الاشتراكية.

و في هذا الاتجاه، قاد الشيوعيون في السنوات الأخيرة نضالات إضرابية كبرى، كما هو الحال في شركة تعدين النيكل "لاركو" وعمال ميناء بيرياس لدى الاحتكار الصيني لشركة COSCO، ومنصة توزيع الأطعمة E-FOOD، وعمال المعادن في حوض بناء وإصلاح السفن في بيرياس، و غيرها. حيث خيضت نضالات عمالية كبرى وإضرابات هامة في الشركات والقطاعات، من أجل توقيع اتفاقيات جماعية، و تسجيل مكاسب ملحوظة، كتلك المحققة لدى عمال البناء والمعادن و صناعات الأغذية والمشروبات والصناعة الكيميائية والقطاع المالي، و غيرها.

وفي الوقت نفسه، دعم الحزب الشيوعي اليوناني و جبهة النضال العمالي "بامِه" تحركات إضرابية كبرى في مناجم خالكيذيكي ومصانع مالاماتينا والبترول والأسمدة في كافالا، حيث نشط الشيوعيون بشروط أقلية منتخبة في إدارات هذه النقابات، وفي بعض الحالات لم يكن هناك شيوعيون منظمون على الإطلاق داخل هذه المواقع. إن تأثير الحزب الشيوعي اليوناني و"بامِه" على محتوى وتوجه النضال، وتنظيم التضامن على المستوى الوطني، والنتائج الإيجابية لهذه النضالات، عزز ثقة قوى عمالية أوسع بالشيوعيين، وساهم في كسر الأحكام المسبقة التي كانت لدى عمال ذوي رؤى محافظة للغاية.

تقديرنا هو أن الحزب الشيوعي، و من خلال تطويره النضالات النقابية، يقوم بالترويج لنشاطه الأيديولوجي السياسي، الذي ينبغي أن يسهم في صياغة وعي مناهض للرأسمالية، وفي التوعية السياسية للقوى العمالية والشعبية، من خلال تجربتها. لكي تعي على سبيل المثال، أن زيادات الأجور، والدفاع المستمر عن الحق في الضمان الاجتماعي والصحة والتعليم، وما إلى ذلك، تنطوي على  الصدام مع رأس المال والاحتكارات و الإتحادت الإمبريالية والأحزاب والحكومات التي تخدمهم بنحو سافر أو متستر.

و من المفهوم أن الأمر يختلف عندما تكون قوى ذات توجه طبقي ممتلكة لأغلبية النقابة، و التي يدعمها الشيوعيون، عن أن تكون قوى الاشتراكية الديمقراطية واليمين ممتلكة للأغلبية، و هي القوى التي تتحرك في اتجاه "السلم العمالي" و"الإجماع" و"الحوار الاجتماعي". و يختلف الأمر عندما تكون قيادة الاتحاد القطاعي أو مركز العمل (أي اتحاد النقابات في محافظة ما) بيد قوى طبقية مدعومة من الشيوعيين، عما إذا كانت متواجدة في أيدي القوى البرجوازية. و إذا ما امتلكتها قوى طبقية، يمكن تحويل هذه الإدارات إلى حصون و أركانٍ للنضال العمالي - الشعبي، أما إذا وقعت في أيدي القوى البرجوازية، فهي و في أحسن الأحوال ستفرض "صمت القبور" على النضالات، وفي أسوأ الأحوال فهي ستتصدَّرُ منهجية معادية للشعب والعمال، بالتعاون مع أرباب العمل والحكومات البرجوازية المتعاقبة، سواء أكانت ليبرالية أم اشتراكية ديمقراطية.

هذا و ليس من قبيل الصدفة أن تسعى القوى السياسية البرجوازية - سواء أكنا بصدد نقابات عمالية أو جمعيات طلابية - إلى السيطرة على إدارات هذه النقابات عن طريق الغش. وليس من باب الصدفة هو  السعي المنهجي لوسائل الإعلام البرجوازية إلى الافتراء على النضالات العمالية والشعبية، بهدف خلق مناخ من النفور بين العمال والشباب من المنظمات الجماهيرية والنضال الجماعي.

من المفهوم أن تدخل الشيوعيين في الحركة العمالية والشعبية لا يقتصر على عرض المشاكل أو إبراز مطالب و مقترحات محددة من أجل مشاكل العمال. بل يجب أن يكشف للعمال آلية الاستغلال، وأن يكافح عمل القوى البرجوازية و أرباب العمل والشراكة الاجتماعية، و"تعاون الطبقات"، و إجمالاً أن يربي الطبقة العاملة على الصراع الذي لا هوادة فيه ضد رأس المال، وأن يصوغَ   مطالبه وفق هذا اﻹتجاه. كما و يحتاج الأمر فتح جبهة شديدة ضد الإدارة البرجوازية بجميع تلاوينها، الليبرالية أو الاشتراكية الديمقراطية، و ضد كامل استراتيجية الطبقة البرجوازية الهادفة زيادة ربحيتها، و ضد المشاركة في المنظمات الإمبريالية كحلف الناتو/الاتحاد الأوروبي، ضد التورط في الحرب الإمبريالية، ضد العنف و القمع الممارس من قبل الدولة، إلخ.

إن تقييمنا هو أن فقط من خلال توجه و نشاطٍ كهذا، باﻹمكان إيقاف هجمة رأس المال وحكوماته اليوم، و التصدي للتدابير المناهضة للعمال، وتحقيق انتصارات جانبية في رفع الأجور، وتوقيع اتفاقيات العمل الجماعية، وإلغاء عمليات التسريح، و ما شاكلها، من أجل إدراك ضرورة الصراع الطبقي لإطاحة بنظام الاستغلال الرأسمالي.

  

 


نشاط الحزب الشيوعي اليوناني من أجل تغيير تناسب القوى و جمهرة الحركة العمالية - الشعبية

 

عِبر مؤتمراته حدد الحزب الشيوعي اليوناني، كمهمة أساسية إعادة تنظيم الحركة العمالية، باعتبارها إعداداً وتطويراً لقدرته على العمل من أجل خوض مواجهة حاسمة و ناجعة ضد الاستراتيجية الموحدة لرأس المال والسلطة الرأسمالية، ضمن تحالف مع القطاعات الشعبية للعاملين لحسابهم الخاص في المدينة والريف.  يُقاس عمله على هذه المهمة بنحو يومي.

أسهم نشاط الحزب الشيوعي اليوناني المذكور في عدم تراجع الحركة النقابية العمالية بنحو شامل، خاصةً بعد الثورة المضادة 1989-1991. حيث كان من الممكن أن يعمّم وضع الحركة العمالية النقابية، الذي كان أسوأ في أوروبا وسائر الدول الرأسمالية، في اليونان، لو لم يُفضِ نشاطُ الحزب الشيوعي اليوناني وأعضائه، إلى جانب مناضلي النقابات العمالية الآخرين إلى تشكيل جبهة النضال العمالي (بامِه). تُشكِّلُ "بامِه" تجمعاً للنقابات العمالية والاتحادات القطاعية ومراكز العمل ولجان النضال و لنقابيين يناضلون بنحو منسق، و يضعون العراقيل في طريق السياسات المناهضة للشعب، ويشكلون ساتراً قوياً في وجه هجوم رأس المال الشامل و انفلاش الحركة العمالية والشعبية، مع معالجة إطار مناسب للنشاط و المطالبة بأهداف للصراع ومطالب وفق معيار حاجات العمال.

على هذا الأساس، يُطوّر الحزب الشيوعي اليوناني نشاطاً طليعياً في النقابات و سواها من الحوامل الجماهيرية، مُستفيداً من خبرته القيّمة التي جمعها، بالإضافة إلى خبرة الحركة الشيوعية الأممية، و من روابطه مع الشعب. هذا و عبر محاولته الدؤوبة و المضنية أسهم الحزب الشيوعي اليوناني بنحو حاسم في إبداء جزء كبير من الطبقة العاملة للمقاومة ضد الاندماج البرجوازي، وحافظ على حيوية قيمة التنظيم الجماعي النضالي، وشكّل قوىً وأعاد تنظيم نقابات و حوامل جماهيرية، و تصدَّر إنشاء نقابات ومنظمات جماهيرية جديدة، وربّى جيلا جديداً من المناضلين على خط مواجهة الرأسماليين والدولة وآلياتها وتحالفاتهم الإمبريالية.

و مع امتلاك الحزب الشيوعي اليوناني اليوم مدداً أكبر من معالجاته وخبرته الجماعية، يدرسُ تطور تناسب القوى في الحركة العمالية و بنحو أشمل في الحركة الشعبية، ويتدخل بحزم من أجل تحسينه لصالح القوى ذات التوجه الطبقي، من أجل هزيمة القوى البرجوازية التي تتدخل في الحركة و هزيمة نقابيي أرباب العمل والحكومة. وقد أثمرت محاولة الحزب الشيوعي اليوناني هذه نتائج واعدة في السنوات الأخيرة. مثال عليها هو:

احتلال القائمة التي يدعمها الحزب الشيوعي اليوناني للمرتبة الثانية في الكونفدرالية العامة لعاملي القطاع الخاص، محققة نسبة 23%، حالها حال القائمة المقابلة لعاملي القطاع العام بنسبة 21.3%. هذا و تمتلكُ القوى ذات التوجه الطبقي التي يدعمها الحزب الشيوعي اليوناني الأغلبية في 14 اتحاد قطاعي (عمال البناء، الصناعات الغذائية والمشروبات، الأدوية، موظفي القطاع الخاص، موظفي التجارة، المعلمين، أطباء المستشفيات العامة، و غيرها)، كما و تحتلُ المرتبة الأولى في 21 مركز عمالي (أثينا، بيرياس، باترا، لاريسا، و غيرها) و في مئات النقابات القطاعية و نقابات الشركات في مجال (الاتصالات - المعلوماتية، السياحة، الإطعام، التجارة، المعادن، و غيرها). في الآونة الأخيرة، كان من الأمثلة المهمة على ذلك سيطرةُ القائمة المدعومة من قبل الحزب الشيوعي اليوناني في اتحاد المعلمين اليوناني، لأول مرة في تاريخ اﻹتحاد الممتد لمائة عام، وكذلك في نقابة أطباء المستشفيات العامة في محافظة أتيكي، إلى جانب الاتحاد اليوناني لأطباء المستشفيات، حيث تمتلكُ القوى ذات التوجه الطبقي نسبة الأغلبية.

هذا و شاركَت في مؤتمر "بامِه" الأخير المنعقد على المستوى الوطني في "شهر تشرين الثاني\ نوفمبر 2024، 663 نقابة و لجنة نضال وأكثر من 1500 نقابي من جميع أنحاء البلاد.

تمكنت الشبيبة الشيوعية اليونانية، التي تعمل بتوجه مقابل في حركة الشباب، من تبوء المرتبة الأولى في الحركة الطلابية على مدى 4 سنوات متتالية، مُسقطة بنشاطها التناسب السلبي للقوى الذي بدا و كأنه راسخ لعقود. و هذا العام، في الانتخابات الطلابية التي أجريت في 14 أيار\مايو 2025، احتلت الشبيبة الشيوعية اليونانية المركز الأول، محصلة نسبة 33.64%، وفازت بالأغلبية في 136 جمعية طلابية في جميع أنحاء البلاد.

و في عشرات الجمعيات الطلابية، برزت قوى الشبيبة الشيوعية اليونانية كقوة أولى، واقعةٌ منحت زخماً جديداً لتحركات طلابية هامة من أجل دراسة عامة مجانية حصرية، ضد تسليع الدراسات و الجامعة - الشركة. ضد عمل الجامعات الخاصة، و في صالح زيادة التمويل الحكومي لتوظيف الأساتذة، وجميع الكوادر التعليمية الدائمة و الثابتة اللازمة، من أجل قاعات دراسية و مختبرات ومعدات مختبرات حديثة، بالإضافة إلى مطالب أخرى ترتبط بالنضال ضد تورط بلدنا في الحروب الإمبريالية وخطط الناتو، إلخ.

تنشطُ قوى الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية اليونانية بنحو مناسب ومتكيف، ضمن مئات المنظمات الجماهيرية و في الأحياء السكنية العمالية - الشعبية، كالجمعيات النسائية، وجمعيات أولياء الأمور في المدارس، والجمعيات الثقافية، والأندية الرياضية، و ما شاكلها.

تجلت أهمية نشاط الحزب الشيوعي اليوناني هذا في النقابات مؤخراً، عبر الإضراب العام الذي أعلنه 22 اتحاد قطاعي و37 مركز عمالي يوم 28\2\2025. حيث أُعرب عن سخط و غضب الغالبية العظمى من العمال والشعب إزاء جريمة تِمبي، التي وقعت عام 2023، نتيجةً لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتحرير السكك الحديدية و لسياسة تعزيز أرباح رأس المال، عندما وُجد قطاران في اتجاه معاكس على سكة واحدة مما أسفر عن مصرع 57 شخصاً، معظمهم من الشباب. وتجسد رد الفعل الكفاحي الشعبي في هذا الإضراب المهيب وفي المظاهرات الإضرابية التي نُظمت في اليونان، بمساهمة حاسمة من القوى ذات التوجه  الطبقي التي يدعمها الحزب الشيوعي اليوناني في الحركة العمالية كما و من نشاط الشيوعيين، مما أحبط محاولات منظمتي نقابات المستوى الثالث في البلاد لكلا القطاعين الخاص و العام الرامية لإجهاض أي إضراب.

إن المواقع التي ظفر بها الحزب الشيوعي اليوناني في الحركة العمالية الشعبية،  تمنح الشعب إمكانية التدخل بنحو حاسم في التطورات. حيث شارك ملايين العمال في التظاهرات الإضرابية تحت شعار "إما أرباحهم أو حياتنا"، و جرى التصدي لمحاولة حكومة حزب الجمهورية الجديدة ترهيب الشعب، كما تم صد محاولة الاشتراكية الديمقراطية والانتهازية لاحتواء الحركة في قنوات غير مؤلمة للنظام.

كما و هامةٌ هي نضالات الحزب الشيوعي اليوناني والحركة ذات التوجه الطبقي ضد دولة إسرائيل القاتلة والمجزرة في فلسطين، من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني البطل. كما و النضالات ضد الحرب الإمبريالية الظالمة في أوكرانيا، حيث يقتتلُ الشعبان من أجل مصالح الاحتكارات، والسيطرة على الأسواق ومصادر الثروة، و هامٌ هو الصدامُ المستمر مع الحكومة والأحزاب البرجوازية الداعمة لتورط اليونان في الحرب و في مخططات الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

وتؤكد تجربة الحزب الشيوعي اليوناني أن كل خطوة في تحسين موازين القوة في الحركة العمالية الشعبية، وكل مقعد يُكتسب في مجالس إدارة النقابات والحوامل الجماهيرية الأخرى، وكل نسب أغلبية تُحقق فيها، تُشكل خطوةً نحو تنظيم قوى عمالية شعبية أوسع و نحو تحفيزها كفاحياً.

و هي تمنح اﻹمكانية لنعمل في ظروف أفضل لتنمية عدم الانضباط تجاه التدابير المناهضة للشعب والقوانين القمعية، و أن نضع عقبات جادة أمام زرع "التوافق الاجتماعي" الذي تسعى الحكومة وأرباب العمل إلى صياغته عبر إصلاحات كبرى مناهضة للعمال (كمثال قانون إلغاء يوم العمل المكون من 8 ساعات وفرض عمل من 10 إلى 13 ساعة يومياً في ظل شروط معينة، وقانون أسبوع عمل لستة أيام وسبعة أيام، وقوانين سيطرة الدولة على الأجور، و ما شاكلها). خلال السنوات الأربع المنصرمة نُظِّمت بمبادرة من "بامِه" 3 إضرابات عمالية شاملة على المستوى الوطني دون قرار من كونفدرالية عمال القطاع الخاص، مما منح استمرارية لِتنظيم عدم الانضباط والصدام مع السياسة السائدة التي تطورت خلال فترة الوباء. حيث كان لكل هذا العمل تأثير كبير على قطاعات أوسع من شعبنا، بنحو أوسع بكثير من النفوذ الانتخابي للحزب الشيوعي اليوناني، وهي واقعةٌ يعترف بها الخصم أيضاً، ولهذا السبب فهو يعزز الإطار التشريعي القمعي المناهض للعمال، وينظم الإفتراء والهجمة على الحزب الشيوعي اليوناني و "بامِه".

و هي تفتح دروباً جديدة للشيوعيين لتطوير التنوير، و لفولذة روابط كفاحية وأيديولوجية - سياسية أوسع مع الشعب. و تمنح إمكانيات جديدة لعمل بناء الحزب و لتنمية منظمات حزبية متينة في مواقع العمل المصيرية وفي الأحياء السكنية العمالية – الشعبية.

هذا و ذو أهمية خاصة هو عمل الحزب الشيوعي اليوناني في حركة صغار المزارعين الملاكين الفقراء في الريف، وكذلك في صفوف العاملين لحسابهم الخاص وصغار الملاكين في المدن، و هم الذين يشكلون الحلفاء "الطبيعيين" للطبقة العاملة في الصراع ضد رأس المال والاحتكارات. إنه عمل معقد ومتطلب في اتجاه تعزيز النشاط المشترك للحركة العمالية مع حركة المزارعين والعاملين لحسابهم الخاص من أجل صياغة التحالف الاجتماعي.

و بالتأكيد، لا يتجاهل الحزب الشيوعي اليوناني المسألة الرئيسية لبقاء منسوب التنظيم النقابي للطبقة العاملة والشعب على نطاق أوسع منخفضاً للغاية. و يتعامل الحزب مع ذلك مع اعتبار رفع درجة التنظيم، و إحياء و جمهرة النقابات والحوامل الجماهيرية الأخرى، مهمة مستقلة خاصة به. و يَعمل من أجل امتلاك النقابات والحوامل الجماهيرية نشاطاً متنوع اﻷشكال يتجاوبُ مع سائر حاجات الأسرة الشعبية، و على كسر ضِيق المنطق النقابي و تنسيق النضال.

إن صعود منسوب تنظيم الطبقة العاملة هو نتيجة لترابط العديد من العوامل، مع أهمية حاسمة لتدخل الحزب. إن نقص التنظيم والغياب عن النضال هو عبارةٌ عن تربة خصبة للانهزامية، في حين تخلق المشاركة في النضال مقدمات لحشد القوى  وللاستفادة من الخبرة الكفاحية والثقة بالنفس. و على الرغم من كل ذلك، فإننا لا نستهينُ بالعوامل الموضوعية التي ساهمت في إبعاد قطاعات من الطبقة العاملة عن التنظيم النقابي و عن العمل في اتجاه طبقي، مثل علاقات العمل المرنة، والتنقل الكبير بين الوظائف للعاملين الشباب، وما إلى ذلك. إننا نكافح ضد مساعي رأس المال لتقويض دور النقابة بنحو أبعد، مع اعتبارها شكلاً من أشكال تنظيم الطبقة العاملة. و هو أحد عناصر تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني لرفع المطالب من أجل اقتدارنا على النشاط،  مواجهين باستمرار الضغط الذي يمارسه تناسب القوى السلبي نحو الاندماج. و في مواجهة الظروف الجديدة الأصعب للصراع الطبقي التي يتعين علينا مواجهتها، نفحص العوامل الموضوعية ولكن أيضاً أوجهَ الضعف الذاتية، و ما إذا كنا نستنفد الهوامش في نشاط الحزب نفسه، وكيف نقوم بذلك.

 

 

اﻹعداد المتكامل الجوانب للعامل الذاتي

 

يُحدِّدُ برنامج الحزب الشيوعي اليوناني أن نشاط الحزب في ظل ظروف غير ثورية يُسهم بنحو حاسم في إعدادِ العامل الذاتي - الحزب والطبقة العاملة وتحالفاتها – من أجل الظروف الثورية، من أجل إنجاز مهامه الاستراتيجية. ويُؤكَّد على أن جذب قطاعات طليعية من الطبقة العاملة و التفاف أغلبيتها حول الحزب الشيوعي اليوناني سيمر بمراحل مختلفة. حيث تُشكل حركة العمال، وحركات العاملين لحسابهم الخاص في المدن والمزارعين و التعبير عن تحالفهم ذي الأهداف المناهضة للرأسمالية والاحتكار، مع النشاط الطليعي لقوى الحزب الشيوعي اليوناني في ظل ظروف غير ثورية،  نموذج صياغة الجبهة العمالية الشعبية في الظروف الثورية.

من الواضح لدى الحزب الشيوعي اليوناني أن المقدمات الذاتية لانتصار الطبقة العاملة وحلفائها في ظروف زعزعة السلطة البرجوازية ومؤسساتها تُصاغُ مسبقاً. هذا و أثبتت التجربة التاريخية أن ظهور الظروف الثورية لا يكفي. و أن  نشاط الحزب الشيوعي قبل ذلك بزمن بعيد في ظل ظروف غير ثورية، هو الذي سيحدد تطور مقدمات جذب الجماهير نحو الاتجاه الثوري.   حيث تتمثل مقدِّمةٌ أساسية لذلك في تنظيم الطبقة العاملة والقوى الشعبية على خط صراع ضد رأس المال والاحتكارات والحكومات وتحالفاتها الإمبريالية.

تخضع سائرُ المحاولة المبذولة لهذه المهمة المصيرية من أجل تحسين تناسب القوى في هيئات الحركة العمالية، من أجل رفع منسوب تنظيم الطبقة العاملة والشرائح الشعبية. و في كل حال، يُؤكَّد على أن من المطلوب في الحزب هو قيامُ عمل أيديولوجي و سياسي و تنظيمي أرقى، مع معالجة مستمرة للصراع الأيديولوجي والسياسي داخل صفوف الحركة، ضد القوى السياسية البرجوازية وأرباب العمل والدولة، إجمالاً ضد استراتيجية رأس المال، ولكن أيضاً ضد الانتهازية. و مع تشديد العمل الأيديولوجي - السياسي وتطوير قدرة الشيوعيين على تفصيل مواقفهم في كل حركة حسب الموقع والقطاع وما إلى ذلك، باﻹمكان  الترويج لتنظيم العمال وحشدهم وتنويرهم مع صعود النفوذ السياسي للحزب الشيوعي اليوناني داخل الطبقة العاملة، وهو عامل حاسم في تجذير الوعي، وصعود النشاط السياسي الطبقي للعمال، الذي سيطرح مسألة الإطاحات الجذرية في مستوى السلطة.