روابط المواقع القديمة للحزب
بحزنٍ وفخرٍ أقيمَ وداعُ قائد الحزب الشيوعي السوري، الرفيق عمار بكداش في أثينا

بحزنٍ وفخرٍ أقيمَ وداعُ قائد الحزب الشيوعي السوري، الرفيق عمار بكداش في أثينا
أقيمت في مقبرة بلدية كِسارياني صباح الأربعاء 23\7 جنازةٌ سياسيةٌ للرفيق عمار بكداش، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري، الذي وُجِد في أثينا مطارداً من قِبل نظام الجهاديين المجرم في سوريا.
حضر الجنازة وفدٌ عديدٌ للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، ووفدٌ للمجلسِ المركزي للشبيبة الشيوعية اليونانية، و كذلك وفدٌ للحزب الشيوعي السوري.
سجَّل الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، ذيميتريس كوتسوباس في كلمة الوداع التي وجهها، ما يلي:
«تودِّعُ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، و نحنُ أعضاء وكوادر وأصدقاء الحزب، بإجلالٍ رفيقنا العزيز عمار بكداش، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري، الابن الوفي للطبقة العاملة والشعب السوري، والقائد الشيوعي والأممي، الذي حافظ الحزب الشيوعي اليوناني معه على روابط رفاقية وأممية متينة على مدى عقود.
لقد ملأتنا وفاة الرفيق عمار المفاجئة و الغير متوقَّعة بحزنٍ لا يُوصف، لا سيما وأن رفيقنا لفظ أنفاسه الأخيرة هنا في أثينا، حيث وجد منذ اللحظة الأولى ضيافة رفاقية حارة و دعماً متكامل الجوانب من الحزب الشيوعي اليوناني، لكي يواصل الرفيق صراعه بعد سيطرة نظام الجهاديين على سوريا.
كان الرفيق عمار واحدا من بين أعدادٍ لا تُحصى من البشر الذين طاردهم هذا النظام الذي فُرض بتدخلٍ إمبرياليٍّ للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا، ولكن أيضاً بدعمٍ من الحكومة اليونانية و باقي أحزاب الطيفِ الأورو-أطلسي في بلدنا التي حيَّت سقوط حكومة الأسد، مُخفيةً بِعنادٍ هويةَ من أطاحوا به ولأيِّ غرض جرى ذلك.
واصل الرفيق عمار في أثينا نضاله بنحو كفاحي إلى جانب رفاقه المناضلين في ظلِّ ظروفٍ قاسيةٍ للعمل السري والاضطهاد الوحشي الذي شنَّه نظام الجهاديين ضد الشيوعيين و ضد معارضيه السياسيين والأقليات العرقية والدينية، وضد الطبقة العاملة وشعب سوريا.
و خلال الأشهر التي عاشها في أثينا، حافظنا على تواصل يومي و كُنَّا نناقشُ معاًَ كل ما يُطرح من قضايا. وتعزَّزت علاقتنا الرفاقية و تقديرنا المتبادل. و مضينا قُدماً في قضية اللجوء السياسي بنحو مخطط وعملنا معاً، وحصل على بطاقة طالب لجوء. أجرى أول مقابلة له، وكُنَّا في طور اﻹستعداد للمقابلة الثانية التي كانت ستُجرى يوم الجمعة 17 تموز\يوليو، أي منذ أيام قليلة، لكن مفارقة القدر حالت دون ذلك، إذ رحل عنا فجأة بنحو غير متوقَّع.
إننا نودع الرفيق عمار، وسنواصل الصراع المشترك الذي يخوضه الحزبان الشيوعيان في اليونان و سوريا، في ظل الظروف الجديدة، مع وقوفنا على الأسس المتينة التي أرسيناها، و هي القائمة على الأممية البروليتارية و نظرتنا الماركسية اللينينية للعالم.
وُلد الرفيق عمار بكداش في دمشق في 16 آب\ أغسطس 1954، وهو نجلُ القائدين الشيوعيين خالد و وصال بكداش.
انضم إلى الحزب الشيوعي السوري عام 1969. درس في موسكو وحصل على ماجستير في التخطيط الاقتصادي من جامعة بليخانوف، وأكمل دراساته العليا في كلية الاقتصاد بجامعة موسكو الحكومية (لومونوسوف) حيث حصل على دكتوراه في العلوم الاقتصادية عام 1983.
في عام 1984، عاد إلى سوريا وطوّر نشاطاً سياسياً غنياً، وتولى مهام حزبية جادة، منها سكرتير اتحاد الشباب الديمقراطي السوري بين عامي 1986 – 1992.
انتخب عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري في مؤتمره السابع عام 1990، وعضواً في المكتب السياسي عام 1992، وعضواً في الأمانة المركزية عام 1993. في عام 2003، انتُخب عضواً في مجلس الشعب السوري، واستمر انتخابه عضوا في المجلس حتى حزيران\يونيو 2024.
انتُخب في المؤتمر الحادي عشر للحزب عام 2010، أميناً عاماً للجنة المركزية، وأُعيد انتخابه أميناً عاماً في المؤتمرين اﻠ12 و اﻠ13 المنعقد في خريف عام 2023.
إننا نتذكر وسنتذكر دائماً، الرفيق عمار بكداش، قائداً مخضرماً، أميناً عاماً للحزب الشيوعي السوري.
و ستتبادر إلى أذهاننا لقاءاتنا الثنائية الكثيرة و العديدة. كما و إيمانه بقوة الصراع العمالي والشعبي، وتحليلاته وتقييماته المدروسة للوضع في سوريا ومنطقتنا، والتزامه بالنضال ضد التدخلات الإمبريالية، و ضد هجمات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي وإسرائيل على وطنه سوريا و على شعبها.
سنتذكر تقديره العالي لصراع الحزب الشيوعي اليوناني ضد التدخلات الإمبريالية، والتزام الحزب بالتضامن الأممي، ومواقفنا المشتركة تجاه الأممية البروليتارية التي تُشكل سلاحاً قوياً ومجرباً في أيدي الشيوعيين.
سنتذكر مشاركته النشطة ومداخلاته في اللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية والعمالية، والأهمية التي أولاها لتبادل الآراء والتعاون مع حزبنا.
سوف نتذكر مواقف الرفيق عمار خلال السنوات الأولى للثورة المضادة وإسقاط الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي وباقي بلدان البناء الاشتراكي، عندما بوشرت اللقاءات الأممية في أثينا، تحت مسؤولية الحزب الشيوعي اليوناني.
هذا و في عام 2002 كان الرفيق عمار - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري آنذاك - قد طرح في سياق اللقاء اﻷممي الرابع للأحزاب الشيوعية و العمالية المنعقد حينها هنا في أثينا، قضايا مهمة في خطابه مُؤكداً:
«يُقدّر الشيوعيون السوريون بنحو خاص كافة الخطوات الرامية نحو مزيد من التنسيق والتضامن بين الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم، و ينبغي أن نقول أن لقاءات أثينا هي من أهم الأحداث في هذا السياق. لقد رأينا جميعاً كيف أن تلك الأحزاب الشيوعية التي حافظت على قيمها و بقيت وفية لمبادئها، احتفظت بمكانتها واحترامها، وكيف أنها تمضي قدماً بنجاح تحت لواء الماركسية اللينينية.
في حين أن الأحزاب الشيوعية التي اتبعت ابتكارات زائفة، و حاولت تطعيم النظرية العلمية للاشتراكية بمفاهيم وعناصر ليبرالية وبرجوازية، لم تفقد مصداقيتها وطبيعتها الثورية فحسب، بل فقدت أيضاً نفوذها و تأثيرها، لأن الجماهير ابتعدت عنها، بغض النظر عن الراية التي حاولت رفعها. إن هذه الأحزاب المُرتدَّة، التي تخلت عن فكرها وتقاليدها الأصيلة، فقدت أيضاً مستقبلها، و تحوَّلت ببساطة إلى فرع للاشتراكيين الديمقراطيين الذين يصوغون كيانات يسارية عاجزة ستنتهي في متاجر التحف البرجوازية».
و في عام 2015 في خضم التدخل الإمبريالي في سوريا، دعا حزبنا في إطار صراعه الأممي الغني وتضامنه مع الحزب الشيوعي السوري والشعب السوري، الرفيق عمار لإلقاء كلمة في تجمع أممي كبير مناهض للإمبريالية أقيم في ملعب سبورتينغ.
لقد تأثرنا بكلماته، التي منحتنا القوة لمواصلة نضالنا. حيث تحدث من القلب عن نشاط الحزب الشيوعي اليوناني باعتباره: «الحزب الثابت على المبادئ، الحزب المجيد الذي يرفع عالياً في سماء اليونان المجيدة الراية الحمراء، راية الماركسية اللينينية، راية المستقبل الاشتراكي المضيء للشعب اليوناني وشعوب العالم بأسرهز...تَرمزُ الراية الحمراء إلى الأممية البروليتارية، والتضامن النضالي للبروليتاريين.
....يرمز العلم الأحمر إلى الأممية البروليتارية، والتضامن الكفاحي للبروليتاريين في جميع أنحاء العالم ضد الاستبداد الرأسمالي. إنَّ الحزب الشيوعي اليوناني المجيد يُثبتُ يوماً بيوم إخلاصه لهذه المُثُل العُليا».
وأشار إلى أن نضال الحزب الشيوعي السوري يُخاض تحت الشعار العظيم: «الدفاع عن الوطن والدفاع عن لقمة الشعب، وفي هذا السياق يُطالب الشيوعيون السوريون بالقطيعة التامة مع الليبرالية الاقتصادية، التي ساهمت في إيجاد أرضية خصبة للمؤامرة الرجعية الإمبريالية التي تُنفَّذ على حساب وطننا».
و قال الرفيق : «وفقاً لرأي حزبنا، فإن المقاومة والصمود في وجه الهجمة الإمبريالية الشرسة يتطلبان تلبية مطالب جماهير الشعب العامل في البلاد، من عمال وفلاحين وأجراء وعاملين لحسابهم الخاص في المدن والأرياف، والذين يشكلون الركيزة الاجتماعية الأساسية للمقاومة الحالية المشرفة».
كان نضاله متواصلاً، ودرس بعناية وشمولية التطورات والمزاحمات الإمبريالية، وناقشنا كثيراً مشروع"الشرق الأوسط الجديد" الإمبريالي الذي تروج له الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، و هو مشروعٌ ذو عواقب إجرامية تتعرض لها الشعوب.
أدنّا معاً دولة إسرائيل القاتلة، وأعربنا عن تضامن أحزابنا الكامل مع الكفاح البطولي للشعب الفلسطيني من أجل التخلص من الاحتلال، ووقف الإبادة الجماعية، و الظفر بوطنه الحر.
كما و ناقشنا التحركات الشعبية الكبيرة في بلادنا، وأطلعناه على التورط العميق لليونان في الحروب الإمبريالية لصالح الطبقة البرجوازية، ودعم المخططات الأوروأطلسية.
و تحدثنا كثيراً عن حرب الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي مع روسيا على أراضي أوكرانيا، وعن تعاون أحزابنا التي وقّعت البيان المشترك لـ 41 حزب شيوعي و28 منظمة شباب شيوعي حول الطابع الإمبريالي لتلك الحرب. كانت اﻷرضية المشتركة في نقاشاتنا، تعزيز النشاط المستقل للقوى العمالية الشعبية من أجل مصالحها، في صدام مع النظام الاستغلالي الرأسمالي الذي يلدُ الحروب والفقر واللجوء.
و بصفته قائداً ومرشداً للحزب الشيوعي السوري، عمل الرفيق بكداش يومياً بجهدٍ على تنظيم الصراع ضد النظام المناهض للشعب في بلاده، و ضد جرائم الجهاديين، وأكد:
«لقد مرّ حزبنا الشيوعي السوري، على مدى تاريخه، بظروف صعبة وقاسية، خرج منها مرفوع الرأس، مؤكدًا صواب طريقه. وهذا ما سيحدث أيضاً في هذه المرحلة. و مهما بلغت الصعوبات، لن تنكَّس راية الماركسية اللينينية في سماء سوريا».
الرفيق عمار بكداش الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري، تُودعك اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني بحزنٍ عميق، ولكن بفخر أيضاً، لأنك شرفتنا بصداقتك، وأنا أشعر بذلك شخصياً.
نودعك بفخر لأننا سرنا معاً على درب النضال الذي يقود إلى سلطة العمال و الملكية اﻹجتماعية لوسائل الإنتاج، إلى مجتمع شيوعي اشتراكي.
هذه هي المنارة التي تُنير مستقبل منتجي الثروة.
تُعرب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني عن أحر التعازي لرفاقنا، ولابنك الحبيب وزوجتك، ولجميع أقاربك و ذويك، إننا تفكيرنا متواجد معهم.
نُعرب عن أحر التعازي إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري، ولأعضاء الحزب وكوادره، ولجميع المناضلين الذين يُكافحون إلى جانبه و للكفاح العادل الذي يخوضه الحزب.
نستعير كلمات من بيان وداع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري، الذي جاء فيه على نحوٍ مميز: «و إذا كانت مراسم تشييع الرفيق الأمين العام في أثينا، فنحنُ في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري نعلنُ لجماهير شعبنا بأن العزاء والتكريم للراحل الكبير الرفيق عمار بكداش سيتم بالشكل اللائق بمكانته المرموقة و خصاله النضالية الفذة هنا في دمشق و سيوارى الثرى في سفح جبل قاسيون الذي أحب، بعد أن تنقشع الغيمة السوداء عن سماء الوطن وتشرق شمس الحرية والكرامة»...
وفي هذه المراسم، أيها الرفاق، نود أن نكون مع المناضلين السوريين لكي نقف وقفة إجلال.
رحلة طيبة أيها الرفيق عمار!».