روابط المواقع القديمة للحزب

إن الصفحات الأممية للحزب الشيوعي اليوناني تنتقل تدريجياً إلى صيغة موقع جديد. بإمكانكم الوصول إلى النسخات السابقة للصفحات المحدثة سلفاً  و محتواها عبر الروابط التاليةَ:

 

ما المنظور الذي ينبغي أن تمتلكه الحركة المناهضة للحرب والإمبريالية؟

تُجادل بعض القوى بإمكانية إيقافِ الحرب أو عدم تصعيدها، وأن إسرائيل - على سبيل المثال -  من المحتمل أن تتراجع تحت ضغط التضامن الأممي أو تحت ضغط أشكالٍ كمقاطعة المنتجات والشركات الإسرائيلية، و ما إلى ذلك.

الحقيقة هي أنه مهما بلغت قوة و جماهيرية الحركة الاحتجاجية ضد الحرب، فهي ليست بقادرة عن منعها. حيث طوباويةٌ هي الفكرة التي تفيدُ أن "باﻹمكان أن يتراجع العتاة تحت الضغط الشعبي"، وأن باﻹمكان على سبيل المثال، إقناعُ الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف مدافعٍ عن فلسطين، و ما شاكل ذلك. إن المنطق المماثل يتجاهلُ الطابع الفعلي للحرب الإمبريالية ويُقلل من شأنه، وهو أننا بصدد حربٍ تقفُ وراءها مصالح ضخمة لشركات رأسمالية و دول برجوازية، و أن الحرب تخفي خلفها صراع حياة أو موت بشأن المواقع داخل النظام الإمبريالي و من أجل اقتسام الأراضي ومناطق النفوذ.

و يُعيدُ هذا المنطق إنتاج الأوهام والتوهمات بشأن إمكانية اكتساب المؤسسات البرجوازية والاتحادات الإمبريالية الدولية طابعاً "سلمياً" تحت... "الضغط الشعبي". إنهُ يُحوّل الحركة المناهضة للحرب إلى "ذيلٍ" لاتفاقيات سلام مؤقتة متنوعة تُبرمُ بتحكيم إمبريالي، لتكون تابعة لِمختلفِ الهدنات المؤقتة و الهشة.

و في حين تتواجدُ الحرب الإمبريالية في أوج تطورها، و بينما يتمظهرُ توجهها نحو التصعيد والتعميم، في حين ينبغي على الحركة العمالية والشعبية التأهُّب تجاه هذا التصعيد، فإن مواقف كالمذكورة أعلاه تُسهم في التطمين، تاركةً صراع الشعب عُرضةً لدعاية ترقُّبِ تسويات مؤقتة ستُبرمُ "بسلاح مُوجّه إلى رأس الشعوب". و في حين قائمةٌ هي إمكانية توسيع نطاق المواجهة و التشكيك في السياسة السائدة، فإن مثل هذا المنطق يُحيّد التجذير جوهرياً، و يُعيد إنتاج طوباوية مفادها أن صقور الحرب يمكن أن يصبحوا حمائم سلام.

إنهم في نهاية المطاف يُخفون حقيقة كون الحرب جزءاً لا يتجزأ من الرأسمالية، وأنها تنبثقُ من ذات حتميات اﻷخيرة. إن ما يُسمى في زمن السلم "تنافسية" و"تحقيقاً للربحية" و"الاستحواذ على أسواق جديدة"، يتخذ في زمن الحرب شكل دمار شامل، وإبادات جماعية و احتلالٍ للأراضي.

و كما هو منطقي فإن هذا المنطق لا يبتعد كثيراً عن المنطق الذي تُخمِّرهُ القوى التي تدّعي أن نتيجة الحركة الشعبية يجب أن تكون حكومة "تقدمية"، و"يسارية"، و"فخورة"، وما إلى ذلك، قادرة على إخراج البلاد من الحرب، وأن تُشكِّل عنصراً لتحوِّلٍ "تقدمي" في تناسبِ القوى داخل الاتحاد الأوروبي، أو أن تُعلن "الحياد".

و في الحاصل فإن السؤال حول ما إذا كانت الحركة المناهضة للحرب قادرة على "الفوز"، وما إذا كانت قادرة على توفير منفذٍ من الحرب الإمبريالية، يجب أن يُجاب عليه من ماهية منظور هذه الحركة. فإذا ما بقيت اﻷخيرةُ حركة احتجاج مناهضة للحرب، أو صوتاً ضد أهوال الحرب، أو رداً شعبياً جماهيرياً يُجيب ببساطة: ﺒ"السلام" على معضلة "الحرب أم السلام"، فمن المؤكد أنها لن تكون قادرة على تمهيد الطريق نحو منفذٍ من الحرب.

و غير ذلك، هناك سابقة تاريخية للخروج من الحرب في ظل صعود الحركات الثورية. هناك سابقة لحركات التشكيك بالسلطة البرجوازية و اﻹطاحة بها. حيث حدث هذا مع ثورة أكتوبر والموجة الثورية التي تلتها و تمظهرت في ألمانيا والمجر وإيطاليا وغيرها. و كما يوجد مثال سلبي على فصلِ النضال من أجل التحرر الوطني ومناهضة الاحتلال والمقاومة، عن الصراع من أجل السلطة في سلسلة من الحالات في بلدان و فترات تاريخية.

إن المسألة الحاسمة إذن، هي أن تكتسب الحركة العمالية والشعبية، التي تتنامى حالياً على أساس التطورات الحالية للحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا ضد التورط اليوناني في كلا الحربين، و التي تتضامن مع شعب فلسطين ونضاله، توجهاً مناهضاً للرأسمالية والاحتكارات، لكي تُشكِّك بالطبقة البرجوازية وسلطتها في البلاد، و بمصالح رأس المال الكبير ومجموعات الأعمال.

لذلك، ينبغي عليها و منذ اليوم استهداف السبب الحقيقي للحرب، و الخصم الفعلي، و الإمبرياليين و مزاحماتهم، و النظام الرأسمالي نفسه. و أن تمتلك خاصةً في هذه المرحلة الحرجة ضمن نواتها ما مفادُهُ: «لا لأية ثقة بالحكومة و الطبقة البرجوازية، ولا بدولتهما ونظامهما السياسي».

و أن تكافح بالضبط ضد مصالح طبقة البلاد البرجوازية، التي تُشارك في الحرب الإمبريالية، بنحو مباشر أو غير مباشر. ومن هذه الزاوية، أن تستهدف الاستعدادات الحربية على المستويين الاقتصادي والسياسي. وفي مواقع العمل من أجل تحقيق إفلاس الخطابات المؤيدة للتورط. و في القطاعات الاستراتيجية (الموانئ والمطارات والاتصالات والبنى التحتية)، لكي لا يكون العمال متواطئين و مُرتكبين ضمن المذبحة الجارية. و كذلك في الجامعات ومراكز الأبحاث، ضد ربطها بأغراضِ الناتو. و في المدن والمحافظات المنضوية ضمن خطط الحرب، ضد القواعد وغيرها من البنى التحتية اﻷطلسية. لكي تَكسُرَ في الممارسة المحاولة الجارية بغرض تحقيق إجماع العمال على التورط في الحرب.

و أن تربط النضالات اﻷشمل للعمال والشعب ضد الاستغلال مع نضالات القوى الشعبية ضد السياسات الداعمة للاحتكارات. و لِتُسهِمَ في تشكيل تحالف اجتماعي بين الطبقة العاملة، والقوى الشعبية الأخرى، من مزارعين و عاملين لحسابهم الخاص، لكي يستهدفَ إجمالاً نظام الاستغلال والحروب الإمبريالية التي تُشنُّ لِحساب الاحتكارات. لذا، فمن الضروري أن تكون الحركة مستندةً إلى منظمات جماهيرية للعمال والقوى الشعبية والطلاب و إلى نقابات و جمعيات.

هي حركةٌ لا تقعُ في "الفخ" المتمثل في دعم حلول حكومة بديلة برجوازية، ولن تصبح "ممسحةً أرجلٍ" من أجل قيام إعادة ترتيب للنظام السياسي البرجوازي، بل ستساهم في تجذير القوى العمالية والشعبية، وتعزيز إيمانها بقوتها، وفي قدرتها على الصدامِ مع النظام الرأسمالي. و لن تزرع أوهاماً جديدة بشأن حكومات انتقالية فوق أرض الرأسمالية ستُمهّد الطريق لإسقاط النظام بإخراج البلاد من الحرب والارتكاز على الكتلة الأوراسية.

هي حركة ستَكشف نفاق قوى، كالاشتراكية الديمقراطية ولن تتسامح معها -  هي القوى التي - بعد أن لطخت أيديها بالدماء، و وطدت تعاونها مع دولة إسرائيل القاتلة، تُعيد اليوم نبش الكوفية الفلسطينية، و تُمثِّلُ أنها تتظاهرُ من أجل "الحرية لِفلسطين" لعلها تغسلُ و تبيِّضُ مسؤولياتها.

هي حركة لن تقوم بالاختيار بين المعسكرين الإمبرياليين، و لن تُزرع أوهاماً و توهمات مفادها أن بمقدور دعمها لتغيير تناسبِ القوى لصالح القوى الإمبريالية "الصاعدة" (الكتلة الأوراسية)، اﻹفضاء نحو منفذٍ صديق بالنسبة للشعب و البلاد. و ستُعرب بلا تحفظ عن تضامنها مع نضال شعب فلسطين وجميع الشعوب المُناضلة ضد الإمبريالية. حركةٌ تناضل من أجل منظور فُكاك البلاد من التحالفات الإمبريالية لحلفي الناتو والاتحاد الأوروبي، مقروناً بالصراع من أجل سلطة الطبقة العاملة.

ضمن الصراع اليومي تُصاغُ مقدمات نضوج هذه الحركة، وفي النضالات و المبادرات المتخذة من أجل تعزيز التوجه المناهض للرأسمالية، و في الاصطراع مع الرؤى البرجوازية والانتهازية. حيث يُحسمُ ذلك من خلال الخصائص التي تصوغها الحركة اليوم، وفقاً لتوصيفها أعلاه.

تُخاض هذه المعركة في كل مكان داخل الحركة العمالية الشعبية من قبل أعضاء وكوادر الحزب الشيوعي اليوناني والشبيبة الشيوعية اليونانية، مع الترويج لسياسة الحزب وبرنامجه، من أجل اﻹضاءة على ضرورة قيامِ هجوم مضاد، وقطيعة مع النظام الحالي. هي ضرورة الإطاحة به و الظفر بالسلطة العمالية -  الشعبية. إن هذا سيكون المنفذ النهائي للشعوب.

 * مقتطفات من مقالٍ نُشر في عدد صحيفة "ريزوسباستيس" الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني، الصادر بتاريخ 2-3\8\2025 تحت عنوان «جوانب الاصطراع ضمن الحركة المناهضة للحرب و الإمبريالية و حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني».